foughala
أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 829894
ادارة المنتدي أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 103798


foughala
أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 829894
ادارة المنتدي أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 63
الموقع : بسكرة

أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم   أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 15, 2009 3:36 pm



بسم الله الرحمن الرحيم

]الحمد لله الذي أنزل القرآن هداية للعباد ، واختار لوحيه سيد من نطق بالضاد وجعله بلسان قومه ليعقلوه وأمره أن يبينـه لهم ليفقهوه ، والصلاة والسلام على أفصح العرب لساناً وأبلغهم بياناً ، وعلى آله وصحبه معلمي الأمة ، ومبلغي رسالته إلى كل أمة .
وبعد فإن الله تعالى جعل لغة العرب طريقاً إلى تعقل القرآن وفهمه ، فقال سبحانه :

" إنـــا جعلنـاه قرآنـاً عربيـــاً لعلكم تعقلـون " / 3 الزخرف / ، فمن سلك هذا الطريق بلغ من كتاب الله المراد ، ومن أعرض عنه أو تهاون فيه أضاع سبيل الرشاد ، وتفرقت به سبل الفساد ، وقال في القرآن برأيه وتبوأ مقعده من النار بسعيه .
فمن أجل فهم كتاب الله وفقهه اجتهد أئمة الإسلام من أهل فطرة اللسان العربي في تعليم هذه اللغة الشريفة لتلاميذهم ، وبذل غير العرب منهم كل ما يطيقون في سبيلها ، وجدّوا في تدوينها وضبطها واستقصاء قواعدها وشواهدها ، وفصلوا علومها حتى فاقت كل لغات أهل الأرض وغدا كل علم منها معيناً رويّاً بل بحراً لجيّاً .

فمن علومها ما يختص بالكلمة المفردة من حيث مادتها أي : حروفها الأصلية فيبين معناها كما يقال : إن ( غفر واستغفر وغافر ) ترجع إلى مادة ( الغفر ) ومعناها الستر ، ويتبعه علم فقه اللغة وهو يختص ببيان الفروق بين الكلمات ونحو ذلك فيقال : إن ( عفا وتعافى ومعافى ) ترجع إلى مادة ( العفو ) ومعناها المحو وإزالة الأثر ، والفرق بينهما هو الفرق بين الستر والإزالة .
ومن علومها ما يختص بالكلمة المفردة أيضاً لكن لا من حيث المادة ومعناها ، بل من حيث وزنها ومعناه . فوزن ( غفر ) يدل على وقوع المغفرة في الزمن الماضي و ( استغفر ) يدل على وقوع طلب المغفرة في الزمن الماضي و ( غافر ) يدل على فاعل المغفرة بغض النظر عن زمانها وبغض النظر عن حصول ذلك مرة أو أكثر ، و( غفار ) يدل على فاعل المغفرة وتكرارها مرة بعد مرة وهذا هو علم الصرف .

ومن علومها ما يختص بتركيب الجملة والمعاني التي تنشأ من التركيب وهذا هو علم النحو ، فليس المقصود الأصلي من هذا العلم هو ضبط أواخر الكلمات بالحركة أو السكون بل ضبط أواخر الكلمات بالحركة والسكون ليتوصل بهذا الضبط إلى المعاني التي تتكون من تركيب المفردات ومواقع جزئياته فقوله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم َ ربُّه " دلت الفتحة آخر لفظ ( إبراهيمَ ) والضمة آخر لفظ ( الرب ) على أن الله هو الذي اختبر إبراهيم عليه السلام وليس العكس كما يتوهم من لم يعرف هذا العلم ، وتقديم اسم الجلالة المنصوب بالفتحة في قوله تعالى : " قل اللهَ أعبدُ " دل على تخصيص العبادة بالله سبحان بخلاف ما لو قلنا ( قل : أعبد الله ) فإنه يدل على وقوع العبادة لله بدون التنبيه على تخصيص العبادة به سبحانه لأن اسم الجلالة لم يتقدم .
أما علم البلاغة فيهتم بمعنى المادة في الكلمة المفردة ، وبمعنى صيغتها ، وبالمعاني التي تنشأ مـن حركات تركيب الكلمات ومواقع الكلمات في الجمل ، وبالمعاني التي تتأثر دلالة ألفاظها بالسياق ، وبكيفية دلالتها من حقيقة ومجاز وكناية وتعريض وتنظيم للكلام على ما يقتضيه العقل ، وبأثر أصوات الحروف في نفس السامع ، وبالجملة فعلم البلاغة يهتم بكل ما يُبْلِغ به المتكلم قلب السامع بالمعنى المراد إقناعاً وتأثراً بحيث يوافق ما تقتضيه حال المخاطب ، ولذلك عرف بأنه ( مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال ) والمراد أن حال الشخص الذي تخاطبه تتطلب أن يصاغ له الكلام صياغة تناسبه وتبلغ المعنى إلى قلبه فإذا جاء المتكلم بما يطابق هذا المطلوب كان كلامه بليغاً وتفصيلات هذا تفوق الحصر والإحصاء وفهم المعاني بناءً عليها يكشف عن أدق المعاني ومناسبتها للمخاطب .
ولأن مقصود هذه المحاضرة هو بيان أثر هذا العلم في فهم القرآن سيكون التركيز إن شاء الله تعالى على الأمثلة القرآنية لتوضيح أثر الأساليب البلاغية على بيان المعاني القرآنية منذ البداية .
فعلى سبيل المثال نجد في علم البلاغة أن الخبر إذا خوطب به خالي الذهن منه بحيث لا يتطلع إليه ولا يرفضه كان غير محتاج إلى التأكيد فإن كان يتساءل عنه احتاج إلى شيء من التأكيد وإن كان يستبعده أو يرى أنه لا يكون احتاج إلى زيادة التأكيد وتكراره فنقول لمن يلقى شخصاً ولا يعرف أنه قريبه ( هذا قريبك ) فإن تساءل حين رآه أهذا قريبي قلنا له : ( إن هذا قريبك ) فإن كان يستبعد أن يكون قريبه أو يعتقد أنه ليس قريبه قلنا له : ( والله إن هذا قريبك ) أكدنا له الخبر بإن والقسم ، وقد لا يكون كذلك لكن حاله حال من يستبعد ذلك كما لو انه لقيه دون اهتمام به فنقول له أيضاً : ( والله إن هذا قريبك ) ، فلننظـر إلـى هـذه الآيـة فـي ضـوء هـذه القاعـدة : " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر ما أخبره به ربه ولا يستبعد ولكنه في فترة تأخر( 1) الوحي خاف أن يكون ربه تركه وأبغضه وحزن لذلك فنزلت الآيات بهذا القسم المكرر زيادة في التأكيد لجبر قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم ، أي لم يكن يرى أنه لن يكون ولكن لشدة خوفه أشبه من هو كذلك ومن قواعد البلاغة أن الخبر قد يراد به الطلب كما لو قال إنسان حديث الإسلام لمن دعاه إلى الصلاة ( أنا لا أعرف كيف أصلي ) وهو يعني علمني الصلاة .
وفي كتاب الله عز وجل أن سيدنا نوحاً عليه السلام حين رأى ابنه الكافر يغمره الموج " قال رب إن ابني من أهلي إن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم " فقوله سبحانه " فلا تسألن " يدل على أن كلام نوح عليه السلام استرحام لربه كأنه قال رب إنك وعدتني بنجاة أهلي وإن ابني من أهلي ووعدك حـق فأنجز لي ما وعدتني ففي ضمن هذا الكلام طلب وسـؤال ، ولذلك جاء الجواب " فلا تسألنِ ما ليس لك به علم " ومعه عتاب أيضاً " إني أعظك أن تكون من الجاهلين " ومن لم ينتبه إلى هذه القاعدة استغرب أن يقول له ربه " فلا تسألنِ ما ليس لك به علم " .
ومن قواعد البلاغة المشهورة أن العطف بين كلمة وأخرى أو بين جملة وأخرى يقتضي أن يكون بينهما تناسب حتى عابوا على من جمع بين شيئين متباعدين في حكم واحد دون مبرر كمـن قــال : ( إن الشمس والأرنب مخلوقان ) ، هذه القاعدة نرى لها أثراً كبيراً في موقف عظيم هو موقف سيدنا أبي بكر رضي الله عنه حين أراد قتال مانعي الزكاة فقيل له : كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم "( 2) فقال رضي الله عنه : ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ) ، وفي رواية الطبري : ( والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه )( 3) .يعني أن الله تعالى جمع بين الصلاة والزكاة في القرآن الكريم فقال سبحانه وتعالى " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " في مواطن كثيرة وهذا يدل على شدة تقاربهما في الأهمية من دين الله تعالى ، فإذا قاتلنا تاركي الصلاة وجب أن نقاتل مانعي الزكاة .
وكذلك قال المفسرون إن الله عظّم شأن بر الوالدين حين قرنه بتوحيده فقال سبحانه وتعالى : "وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحساناً " ( 4) وعلى العكس من ذلك جاء قول سيدنا عمر رضي الله عنه حين سمع الآية : " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " قال رضي الله عنه يخاطب الخمر وكان قبل ذلك يحب شربها : ( ضيعة لك قرنت بالميسر ) ( 5)
وبناءً على ذلك لاحظ علماء العربية وفقهاء الإسلام أن المتكلم إذا ذكر أشياء متناسبة معطوفاً بعضها على بعض وذكر بينها شيئاً يختلف عنها فذلك مقصود به أن تكون مرتبة على الوجه الذي ذكرت فيه ولو لم يقصد الترتيب لذكر المختلف عنها بعدها أو قبلها كما ذكر الماوري الشافعي فـي كتابـه الحـاوي ( 6 ) في قوله تعالى : " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " .
ومن عادة العرب البلغاء أنهم إذا ذكروا شيئين أو أكثر في كلام واحد أن يبدؤوا بأهمها ثم يذكروا ما يليه وإن كان العطف بينها بالواو التي لا تقتضي الترتيب قال سيبويه : ( يقدمون الذي بيانه أهم وهم به أعنى ) ولذلك فال النبي صلى الله عليه وسلم للذين سألوه في الحج عن قوله تعالى : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " أنبدأ بالصفا أم المروة قال صلى الله عليه وسلم : " ابدأ بما بدأ الله به " (7 ).
ومن عادة العرب في كلامهم أن يذكروا بعض الجمل يريدون بها المبالغة أي أن الشيء الموصوف قد بلغت الصفة فيه أقصى الغايات فمن ذلك قوله تعالى : يصف خوف بعض المسلمين حين رأوا كثرة العدو وإحاطته بالمدينة المنورة " وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر " يعني : أن شدة الخوف جعلت حبـال القلب التـي تحملـه تتقلص حتى يبلغ القلب الحناجر ، والحقيقة أن القلب لا يبلغ الحنجرة في الواقع إنما المراد أنه ارتفع من شدة الخوف أقصى ما يمكنه الارتفاع وذلك دليل شدة الخوف .
وحتى الأرقام والأعداد بعضها يجيء في كلام العرب مقصوداً به المبالغة لا التحديد فمن ذلك قوله تعالى : " إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " / براءة 80 / قال ذلك ربنا سبحانه لرسوله في حق المنافقين ولما كان الأصل في العدد أنه يراد به مقداره وجد النبي صلى الله عليه وسلم فرصته تعطيه مجالاً للاستغفار لهم فقال سأزيد على السبعيـن ، وفهم منها سيدنا عمر المبالغة بمعنى أن الاستغفار لن ينفعهم أبداً مهما بلغ عدده وهو كان يميل إلى أن يعاملهم به النبي صلى الله عليه وسلم بما هم أهله من الشدة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( ألم ينهك ربك عن الاستغفار لهم ) وقد فهم سيدنا عمر ذلك من التسوية بين الاستغفار وعدمه من قوله سبحانه وتعالى : " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم " / براءة 80 / ولكن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الكلام بوضعه الأصلي وهو أن " أو " تدل على التخيير فقال : ( إني خيرت فاخترت ) .
ثم جاء من الله تعالى إيضاح ذلك على وجه لا يقبل الاحتمالات فقال سبحانه وتعالى : " ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله وماتوا وهم فاسقون " /84 براءة / (8 ).
ومن الأساليب البلاغة عند العرب أن الإنسان يقول كلمة يبنيها على أساس فيجيبه من يرد عليه يتسلم الأساس لكن على وجه يوجب نقيض ما أراد من كلامه فيكون قد أسس الرد على قاعدة يسلمها الخصم وذلك كما جاء في سورة المنافقين /الآية 8 / قولهم : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " فأجابهم الله تعالى بقوله : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمـون "/ 8 المنافقون / .
أي ما ذكرتموه من أن الأعز يخرج الأذل هو كلام صحيح بل هو من طبيعة الواقع ؛ لأن الأعز هو الأقدر على فعل ما يريد ، ولكن العزة ليست لكم إنما هي ـ لو عقلتم ـ لله ولرسوله وللمؤمنين ؛ فهم الذين يقدرون على إخراجكم وأنتم لا تقدرون ، فالإخراج إذا وقع سوف ينالكم ولا ينال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه .
أعود إلى شيء مما سبق ذكره في مقدمة هذا البحث وهو أن علم البلاغة يكشف لنا عن أن الكلمة قد يتغير معناها الذي وضعت له في أصل اللغة بسبب السياق الذي ركبت فيه مع غيرها كالعلاقة بين الفعل وفاعله ، ومثال ذلك أن كلمة " عسى " وضعت في اللغة العربية لتدل على الرجاء كما هو معلوم ، وإذا ترجى أحدنا أمراً فقد يقع ما ترجاه وقد لا يقع ولذلك فإن هذا الفعل إذا أسند إلى الله تعالى الذي لا بد من وقوع ما يريده تحول معناه فصار دالاً على الوقوع الذي لا يمكن أن يتخلف كما جاء عن الإمام الشافعي رضي الله عنه ، ( 9 ) واستعمال الكلمة في غير ما وضعت له هو ما سماه العلماء مجازاً .
ومن هذه القاعدة أيضاً فعل المجيء فإذا قلت " جاء زيد " فمعناه الحقيقي الذي وضع له في أصل اللغة : انتقل من مكان إلى مكان وإذا قلت " جاء رمضان " فمعناه : حان وقته ، وإذا كنت تلاقي شدة في عمل من الأعمال ثم تيسر لك وسهل عليك قلت : جاء التيسير أي : ظهر وتبين وهذا من المجاز .
ومن ذلك ما رواه ابن قيم الجوزية عن أبي يعلى الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في محنته مع القائلين بخلق القرآن أنه رضي الله عنه قال ( 10) :
( احتجوا علي يومئذٍ " تجيء البقرة يوم القيامة " ويجيء تبارك وتعالى قلت لهم : هذا الثواب قال الله تعالى : " وجاء ربك والملك صفاً صفاً ) إنما يأتي قدرته ، وإنما القرآن أمثال ومواعظ وزجر ) قال : وذكر أحمد أيضاً فيما خرجه في الحبس : ( كلام الله لا يجيء ولا يتغير من حال إلى حال ) .
وكذلك قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف " /231البقرة / : ( إذا قاربن بلوغ أجلهن ) (11 )، وإنما قال ذلك رضي الله عنه لأنها إذا تم أجل عدتها وانقضت فليس من حق الزوج أن يمسكها أصلاً فدل قول الله تعالـى " فأمسكوهـن " علـى أن المراد بقوله تعالى " فبلغن " المقاربة لا حقيقة بلوغ الأجل والله تعالى أعلم .
ومن هذا القبيل أيضاً أن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بين أن كلمة " الدخان " في قوله تعالى " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم " /10 ـ 11سورة الدخان / إلى أن قال سبحانه : ( إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون ) / 15 سورة الدخان /
ليس المراد بها الدخان المعروف الذي يكون من النار وإنما هو شيء كهيئة الدخان أي يسمى ما يشبه الدخان دخاناً على طريقة الاستعارة . كانوا يرونه أمامهم بين السماء والأرض من شدة الجوع لأنهم أصابتهم بسبب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم سنة قحط لم تبق لهم طعاماً ( 12) .
ومن المعلوم في البلاغة وأصول الفقه أن الصفة إذا ذكرت في حكم أفادت تخصيص الحكم بصاحب هذه الصفة وقد نبهنا الله تعالى على ذلك في قوله سبحانه : " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله " / 95 سـورة النساء / حيث نزلت أولاً دون كلمـة " غير أولي الضرر " فجاء عبد الله بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه فقال : يا رسول الله إني ضرير ولو أستطيع الجهاد لجاهدت ، فنزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم بزيادتها في الآية فأعفى الله تعالى أولي الضرر من الجهاد (13 ) وهذا أمر قريب غير مستبعد .
ولكن الغريب أنه قد تكون الصفة محذوفة ومعناها مراد إثباته لدلالة ما قبلها أو ما بعدها عليها ، كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : " وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً " أي : كل سفينة صالحة ( 14)، والذي دل على ذلك قوله " فأردت أن أعيبها " فإذا أصبحت معيبة لم يأخذها ذلك الملك فتقدير الكلام : يأخذ كل سفينة صالحة غصباً .
ومن الغرائب أن ينفي المتكلم الشيء الثابت وجوده والمراد نفي كماله في معناه الذي هو له وذلك مثل ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس المسكين الذي تغنيه التمرة والتمرتان إنما المسكين من لا يجد عنىً يغنيه ، ولا ينتبه الناس إليه فيتصدق عليه " ( 15)
ونحو قوله تعالى : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " والمعنى أن أثر هذا الرمي وهو زلزلة قلوب المشركين ليس من فعلك ولكنه فعل الله تعالى .
وهناك أساليب في منتهى اللطافة لا يتنبه إلى معناها إلا من أوتى فضيلة في فهم أساليب البلاغة العربية كأساليب الكناية والتعريض كما قال المفسرون في قوله تعالى : " ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام " / المائدة 75 / .
قال ابن عطية : ( هذا تنبيه على نقص البشرية وعلى حال من الاحتياج تنتفي معه الألوهية ، وذكر مكي والمهدوي وغيرهما أنها عبارة عن الاحتياج إلى الغائط ... وإنما هي عبارة عن الاحتياج إلى التغذي ولا محالة أن الناظر إذا تأمل بذهنه لواحق التغذي وجد ذلك وغيره ) (16 )
وألطف من هذا ما جاء في تفسير سورة النصر من صحيح البخاري (17 ) من التعريض الذي خفي على جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وذلك أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقرب أهل العلم ويخصهم بشوراه وكان يدخل بينهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو حديث السن بالنسبة إلى غيره من الصحابة فقالوا في أنفسهم : إن لنا أبناءً مثله يعني : إما أن يأذن لابن عباس ولأبنائهم وإما أن لا يأذن للجميع ، فبلغ ذلك سيدنا عمر رضي الله عنه فأراد أن يبين لهم فقال ذات يوم لأولئك النفر : ما تقولون في معنى قوله تعالى : " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً " قالوا : أمرنا إذا فتح الله علينا وكثر الداخلون في دينه أن نسبحه ونستغفره . فقال عمر لابن عباس : أكذا تقول يا ابن عباس قال : لا إنما هذا نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ربه : إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فقد قرب أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً . قال عمر رضي الله عنه : ما أعلم منها إلا ما تقول .
وبعد فإن هذا الذي تقدم كله عبارة عن شذرات من أثر علم البلاغة في فهم القرآن الكريم تدعو إلى معرفة المزيد من أمثالها وإلى الاهتمام بهذا العلم علم البلاغة عند دراسة القرآن الكريم لفهمه على وجهه الحق وكشف أسرار البيان فيه ومن فوت ذلك العلم على نفسه فقد تباعد عن فهم القرآن والصواب فيه .
والله سبحانه هو ولي التوفيق له الحمد أولاً وآخراً وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

د . محمود أحمد الزين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أثر علم البلاغة في تفسير القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» برنامج حصن المسلم + القرآن الكريم + تفسير القرآن الكريم بصيغة جافا jar
» القصة في القرآن الكريم
» من قصص القرآن الكريم(قصة بقرة بنى لإسرائيل)
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كتاب تفسير القرآن )15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كتاب تفسير القرآن )16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: علوم وثقافة :: لغة الضاد-
انتقل الى: