foughala
قصة الإسلام في الهند 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة الإسلام في الهند 829894
ادارة المنتدي قصة الإسلام في الهند 103798


foughala
قصة الإسلام في الهند 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة الإسلام في الهند 829894
ادارة المنتدي قصة الإسلام في الهند 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 قصة الإسلام في الهند

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:26 am

شملت الهند قديمًا: الهند، وباكستان، وبنجلاديش، وسريلانكا، والمالديف، وانتشرت فيها الهندوسية والبوذية، وقليل منهم اعتنق النصرانية أو اليهودية. وكان للعرب صلات تِجاريَّة معها، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك "ماليبار" يدعوه إلى الإسلام. ويُرْوَى أن ملك "كدنغلور" زار النبي صلى الله عليه وسلم، كما وصل الدعاة إليها. وفي عهد الراشدين وصلت قوات إلى شمال بومباي، وفي خلافة معاوية أرسل جيشًا إلى السند، فأُرْسِل في خلافة عبد الملك بن مروان محمد بن قاسم لغزوها، فبدأ في فتحها، وكان ذلك بداية انتشار الإسلام فيها، وكاتَبَ عمرُ بن عبد العزيز ملوكَ السند فأسلم بعضهم، وفي عهد هشام بن عبد الملك تم القضاء على الفتن، وفي الخلافة العباسية ظهرت الاضطرابات؛ ففي خلافة هارون الرشيد ولَّى العديد من الولاة على السند حتى وصل عمر الهَبَّاري إلى حكمها فأطاعه الناس، ولما ضعفت الخلافة خضعت للسامانيِّين، ثم جاء محمود الغزنوي ونشر الإسلام حتى أسلم ملك كشمير على يديه، وبعده تناحر الغزنويُّون فتَمَكَّن منهم السلاجقة، ثم التركمان، ثم الْغُوريُّون، ثم المماليك, فحفظوا الهند من هجمات المغول، ثم بدأ حُكْم الخَلْجِيِّين، وجاء في أواخر الدعوة لإعادة الهندوسيَّة، ثم تفكَّكَت الهند إلى ستِّ دُول؛ حتى جاءت أسرة اللوديين فاستعادت سلطنة دِهْلَى مكانتها، ثم ضعف اللوديون، فبدأ حكم المغول وهو يُعْتَبَر الحكم الأخير للمسلمين في الهند, فقرَّب جلال الدين أقوى ملوك المغول إلى جانبه زعماء الهنادكة، فأصبحت مملكته تشمل الهندَ كلَّها، عدا الطرف الجنوبي فكانت تحكمه ممالك بيجابور وكولكنده الإسلاميَّتين، وفيجايانكر الهندوسية، فأراد إنشاء عقيدة تجمع كل الأديان فوقف في وجهه العلماء. وبدأت أطماع البرتغاليين فتمركزوا على ساحل الهند الغربي، ونشط الهولنديُّون، وتحرَّك الفرنسيُّون، ولَحِقَ بهم الإنجليز، فأصدروا مرسومًا مَلَكِيًّا بتكوين شركة تِجاريَّة إنجليزية في الهند، فبدأت بأكشاك صغيرة، ثم جعلوا لها حرسًا من الإنجليز، فتكون الجيش، وبدأ القضاء على الدولة المغولية، فتمَّ الاعتراف بحكم الشركة على البنغال وأوريسة وبهار، وتم بناء مستعْمَرَة تِجاريٍّة في كلكتا، فوقف حاكم (ميسور) في وجههم، فتحالفوا مع المرهتا، إلا أنه استطاع هزيمتهم، فعاهد الفرنسيين، واتَّفق معهم على الدفاع المشتَرَك، فتوفي فجمع الحاكم العامّ للشركة جيوش الشركة والحلفاء، فانتقل الحكم إلى التاج البريطاني.
فبدأت حركات الجهاد الإسلامية، وعَمِل الإنجليز على إثارة النزعات الطائفيَّة، فأُنْشِئ حزب المؤتمر الهندي فأخذ يُنادِي بتخليص الهند من الغرباء، على أن المسلمين هم الغرباء، فظهر "حزب الرابطة الإسلامية"، وأنشئت الصحف المدافعة عن الإسلام، وفي الحرب العالمية الأولى وُعدوا بالاستقلال، فنُكِثَ الوعد، فقامت المذابح للتجمُّعات (السلمية)، وبدأت الاضطرابات، فظهرت الدعوة إلى الديانة "الهندوكية"، وطالب حزب الرابطة باستقلال المسلمين في دولة مستقلَّة في باكستان، بينما رأى آخرون ضرورة المحافظة على الْوَحدة الوطنية من خلال حزب المؤتمر، فظهرت الجماعة الإسلامية وجماعة التبليغ. وفي الحرب العالمية الثانية وُعِدوا بالاستقلال بشروط فرفضها الهنود، ثم أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال الهند، فتكوَّنت الهند وباكستان، وأجبرت الهند حيدر آباد، وجوناغاد، وكشمير- التي قرَّر حكامها المسلمون أن ينضمَّوا إلى باكستان أو الاستقلال- على الانضمام إليها، في حين استقلَّت سيلان ونيبال بوتان، وكوَّنت دُولاً مستقلَّة.
أما كشمير فبدأ النزاع بين الهند وباكستان عليها، وقد استمر الحكم الإسلامي بها قرابة خمسة قرون حكمها السلاطين المستقلون, ثم المغول، ثم الأفغان، ثم حكمها السيخ حيث انتشر الظلم، ثم باع البريطانيون ولاية جامو وكشمير إلى عائلة الدوغرا. ومن ثَمَّ نشأت ثلاث حروب بين الهند وباكستان، فظهرت جماعات الجهاد الكشميري، وبسبب التقسيم قامت المذابح، ورغم ذلك ظلَّ في الهند ما يقرب من 150 مليون مسلم يتحمَّلون الاعتداءات، ويعانون من مشاكل الفقر والتخلُّف التعليمي، وما زالت هناك طائفة تعمل على عودة هذا النور إلى هذه المنطقة من جديد، رغم ما تعانيه من مشاكل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:28 am

الهند قبل الإسلام
قصة الإسلام في الهند حضارتنا الإسلامية أنارت بقاع الأرض جميعًا، وامتد ضياؤها إلى كل شبر أشرق فيه نور الإسلام, ومن القصص الرائعة لجلال رسالة الإسلام وعظمة بنائه للحضارة, قصة الإسلام في الهند، تلك البقعة التي ساد فيها الإسلام قرونًا من الزمن، فعاش الناس في أمن وأمان، وعدل وإحسان.
ونبدأ قصتنا بالوقوف على الحدود الجغرافية للهند قديمًا، والتي تمثِّل اليوم عدَّة دُول؛ هي: الهند، وباكستان، وبنجلاديش، وسريلانكا، والمالديف، بذلك فإننا نعني بقصة الهند تلك البلاد الشاسعة التي يحدُّها من الشمال سلسلة جبال الهملايا، ومن الغرب جبال هندكوش وسليمان حيث تقع أفغانستان وإيران، ثم تمتدُّ الهند إلى الجنوب في شبه جزيرة يقع بحر العرب في غربها، وخليج البنغال في شرقها، وسيلان في طرفها الجنوبي، ويتَّجه الإقليم الشمالي منها إلى الشرق حتى جبال آسام[1]وعند استعراضنا لأحوال الهند قبل الإسلام نجد أن الانحطاط الخُلُقي والاجتماعيَّ والعَقَدِيَّ كان السِّمة الظاهرة، وقد ظهر هذا الانحطاط جليًّا من مستهلِّ القرن السادس من الميلاد.
ومن مظاهر هذا الانحطاط كثرة المعبودات والآلهة كثرةً فاحشة، والشهوة الجنسية الجامحة، والتفاوت الطبقي المجحِف، والامتياز الاجتماعي الجائر[[2]
فقد وُجِدَتْ في الهند قبل الإسلام مجموعة من الديانات منها الهندوسية أقدم هذه الديانات في الهند، تليها البوذية التي انتشرت قبل الإسلام بنحو خمسمائة سنة، وأعداد قليلة ممن يعتنقون المسيحية واليهودية[3].
ولا يمكننا التحديد الدقيق للاحتكاك الأوَّل بين الهند والعرب، إلاَّ أنَّ الثابت تاريخيًّا أن العرب كانوا على صلة تِجاريَّة بالهند قبل الإسلام؛ حيث وصلت سفنهم على أغلب المدن الهندية؛ بل وذهبوا إلى خليج البنغال، وبلاد الملايو، وجزر إندونيسيا، حتى كوَّنوا لهم جالياتٍ عربية في بعض هذه البلاد[4].

[1] عبد المنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند ص2.

[2] أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص68 بتصرف.

[3] عبد المنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند ص24.

[4] عبد المنعم النمر: تاريخ الإسلام في الهند ص60 بتصرف.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:38 am

كيف دخل الإسلام الهند؟
وعندما ظهر الإسلام أرسل النبي r إلى ملك "ماليبار" في عام (7هـ = 628م) رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام, ويُرْوَى أن "تشيرمان برمال" ملك "كدنغلور" قد زار النبي r، كما وصلت إلى بلاد "ماليبار" جماعة من الدُّعاة المسلمين العرب، على رأسهم مالك بن دينار وشرف بن مالك، ونزلوا في مدينة "كدنغلور"، ثم جابوا جميع أنحاء كيرالا داعِينَ إلى الإسلام وبنوا العديد من المساجد[1].
ومع ازدياد الحركة التِّجاريَّة بين شبه الجزيرة العربية وشبه الجزيرة الهندية في صدر الإسلام كان للتجار المسلمين الفضل في نشر الإسلام من خلال معاملاتهم بأمانة وصدق مع أهل هذه البلاد, حيث وَجَدَ الإسلام في الهند أرضًا خصبة سهلة، فأصبح في كل ميناء أو مدينة اتَّصل بها المسلمون جماعة اعتنقوا الإسلام، وأقاموا المساجد، وباشروا شعائرهم في حُرِّيَّة تامَّة لمَّا كان للمسلمين والعرب في ذلك الوقت من منزلة عند الحُكَّام باعتبارهم أكبر العوامل في رواج التجارة الهندية التي كانت تدرُّ على هؤلاء الحكام الدخل الوفير[2].

محاولات لفتح الهند في عهد الراشدين
وفي عهد عمر بن الخطاب t بدأ التفكير في فتح هذه البلاد ونشر الإسلام بين ربوعها، فيقول البلاذري: "ولَّى عمر بن الخطاب t عثمانَ بن أبي العاص الثقفي البحرين وعمان سنة 15هـ، فوجَّه أخاه الحكم بن أبي العاص إلى البحرين، ومضى إلى عمان، فأقطع جيشًا إلى " تانه "[3]، فلمَّا رجع الجيش كتب إلى عمر يُعْلِمُه ذلك، فكتب إليه عمر: يا أخا ثقيف، حملت دودًا على عود، وإني أحلف بالله أن لو أُصِيبُوا لأخذتُ من قومِكَ مثلهم. ووجَّه الحكمَ أيضًا إلى " بروص "[4] ووجَّه أخاه المغيرة بن أبي العاص إلى خَوْرِ الدَّيْبُل فظَفِر به[5]، ويبدو من كتاب عمر لعثمان بن أبي العاص أنه كان يخشى على المسلمين من ركوب المجازفة بركوب البحر, رغم حرصه الشديد على نشر الإسلام في كل بقاع الأرض.،
وعندما تولَّى عثمان بن عفان t الخلافة, وولَّى عبدَ الله بن عامر بن كُرَيْزٍ على العراق كتب إليه يأمره أن يوجِّه إلى ثغر الهند مَن يَعْلَمُ عِلْمَهُ، وينصرف إليه بخبره، فوجَّه حُكَيْمَ بن جبلة الْعَبْدِيَّ، فلما رجع أوفده إلى عثمان، فسأله عن حال البلاد، فقال: يا أمير المؤمنين، قد عرفتها وخبرتها. فقال: فصِفْهَا لي قال: ماؤها وَشَلٌ[6]، وثمرها دَقَلٌ[7]، ولصُّها بطل، إن قلَّ الجيش فيها ضاعوا، وإن كثروا جاعوا. فقال له عثمان: أخابر أم ساجع؟ قال: بل خابر. فلم يَغْزُها أَحَدٌ.
وفي خلافة علي بن أبي طالب t توجَّه إلى ذلك الثغر الحارثُ بن مُرَّة العَبْدِيُّ متطوِّعًا بإذن عليٍّ، فظَفِر وأصاب مغنمًا وسبيًا، وقسم في يوم واحد ألف رأس[8].
أما في الخلافة الأموية فقد أرسل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما المهلَّب بن أبي صُفْرَة على رأس جيش عام 44هـ، فغزا منطقة السند, وقاتل قتالاً شديدًا[9].
وكانت كلُّ هذه المحاولات محاولات غير منتظمة، ذلك يرجع إلى انشغال الخلفاء الراشدين بمواجهة أقوى دولتين- في ذلك الوقت- وهما الدولة الفارسية والدولة البيزنطية.

محمد بن القاسم.. فاتح السند
وبدأت المحاولات الفعلية لفتح الهند في خلافة عبد الملك بن مروان (65 - 86هـ)، بعدما ولَّى الحجاجَ بن يوسف الثقفي أمْرَ المشرق، فأرسل إلى السند "مُجَّاعَة بن سِعْرٍ التميمي" عاملاً على ثغر السند فاستطاع فتح بعض المناطق، ووافاه الأجل قبل مرور عام، وفي هذه الأثناء اختَطَف القراصنة الهنودُ بعضَ النساء المسلمات، فطلب الحجاج من ملك السند "داهر" تسليم هذه النساء، ولم يقدر " داهر" ملكُ الهند على استردادهن، وقد استغاثت إحداهن بالحجاج، فلبَّاها.
إلاَّ أن بعضًا من كتب التاريخ تتحدث عن سبب آخر؛ وهو أن جماعة من بني هاشم فرُّوا من ظلم الحجاج متَّجهين للسند، فأرسل إلى ملكها ليردَّهم، لكنه لم يظْفَر بما يريد، وأيًّا كان السبب فقد أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي بعض قوَّاده لهذه البلاد، لكنه فشل في مهمته، فوجَّه ابنَ أخيه محمد بن قاسم الثقفي سنة 92هـ، وقد أظهر مهارة فائقة في مواجهة العدُوِّ، فنزل بالدَّيْبُل[10]، وكان بها صنمًا كبيرًا فهدمه، وهزم عامل "داهر" ثم بنى بها مسجدًا، ثم تابع سيره فأخضع كلَّ البلاد التي تقع تحت سيطرة داهر، ثم خرج داهر لمواجهة الجيش المسلم، وانتهت المعركة بقتله، وبعدها اتَّجه محمد بجيشه نحو الشمال يريد "الرور"، فقاتله أهلها، لكنهم انهزموا في النهاية، فكانت هذه إيذانًا بانتشار الإسلام في الهند[11].
وانتهى دَوْرُ محمد بن القاسم في الهند حين تولَّى سليمان بن عبد الملك الخلافة سنة 96هـ عندما عزله واستدعاه.

الأمويون يواصلون الفتوحات
وفي خلافة عمر بن عبد العزيز (99 - 101هـ) انتهج نهجًا مغايِرًا في فتح الهند؛ فقد كتب لملوك السند يدعوهم إلى الإسلام على أن يُمَلِّكهم بلادهم، ولهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وقد كانت سيرته بَلَغَتْهُم، فأسلم "جيشيه بن داهر"، وقد تَسَمَّى ملوك الهند المسلمين بأسماء العرب، وأُبْقِيَ ملوك السند المسلمين على بلادهم أيام عمر ويزيد بن عبد الملك[12].
ونشطت حركة الجهاد في عهد هشام بن عبد الملك (105 - 125هـ)، ومن ثَمَّ كان لها أثرها الإيجابي في توطيد الأوضاع في بلاد السند؛ فقد أرسل هشام بن عبد الملك، الجُنَيْد بن عبد الرحمن المري فقام بإخضاع إقليم السند والكَجَرَات بالطمأنينة والأمن وكان ذلك عام 107هـ، ثم عُيِّن خالد بن عبد الله القسري واليًا على بلاد الهند، فأحيا الجهاد في الهند، وقضى على الفتن، واستقرَّت الأوضاع بفضل سيرته الحسنة، وفي عام 122هـ تولَّى ولاية السند عمرو بن محمد بن القاسم، فكان من أعماله بِناء مدينة المنصورة لتكون حصنًا للمسلمين عند أي هجوم من الأعداء، وكانت لعمرو بن محمد بن القاسم أعمال حميدة، وتمتَّع بمحبة أهل السند لشهرة أبيه فاتح السند[13].

العباسيون يكملون مشوار الفتوحات
وفي بداية الخلافة العباسية تحمَّس الخلفاء لمواصلة الفتح الإسلامي للهند؛ إلا أنَّ هذا الاهتمام كان متفاوتًا من خليفة لآخر تَبَعًا لسيطرته على الدولة.
حيث أرسل السفاح (132 - 136هـ) إلى السند منصور بن جَهْوَر فملكها، ثم ثار فيها عليه، فبعث له موسى بن كعب[14] عام 134هـ، فأخذها منه وفرَّ منصور، واتَّجه إلى الصحراء فمات عطشًا، وبقي موسى بن كعب واليًا على السند حتى تُوُفِّيَ[15].
وعندما جاء المنصور (136 - 158هـ) إلى سُدَّة الحُكْمِ، اهتمَّ بالهند اهتمام أخيه السفاح، إلا أن عُيَيْنَة بن موسى بن كعب قد خلع الطاعة، فأرسل له أبو جعفر المنصور قوَّة بإمرة عمرو بن حفص بن أبي صُفْرَة، فتَمَكَّن عمرو من قهر عُيَيْنة، وتسلَّم ولاية السند والهند، حتى وُلِّي مكانه عام 157هـ هشام بن عمرو التغلبي[16] وتابع عمرو بن جمل الفتوح زمن الخليفة المنصور؛ فقد كان عمرو قائد الجيش الذي فتح "كشمير"، و"المُلْتَان"[17]، وأصبح عمرو بن جمل والي منطقة "نارند"، وكان المسلمون يهدمون الأصنام، ويبنون المساجد، ويُحْسِنون إلى الناس، وقد أحسَّ الناس بفضل الله عليهم مع قيام حكم المسلمين، ولقد استمرَّ حكم المسلمين للسند مدَّة واستقر أمرهم فيها.
وفي عام 174هـ بعث هارون الرشيد (170 - 193هـ) إسحاق بن سليمان الهاشمي فمات، فولَّى مكانه ابنه يوسف بن إسحاق، ثم عزله، وولى طيفور بن عبد الله بن المنصور الحميري، ثم جابر بن الأشعث الطائي، ثم ولَّى الرشيدُ على ثغر السند عام 184هـ بعد أن فشل الذين تولَّوْا هذه المهمَّة داود بن يزيد بن حاتم المهلبي فاستقام الأمر، وبقي حتى تُوُفِّيَ عام 205هـ، وفي عام 240هـ في عهد الخليفة المتوكَّل وثب على حكم السند عمر بن عبد العزيز الهَبَّاري، وأطاعه الناس فرَضِيَ عنه المتوكِّل، وأقرَّه[18].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:43 am

الدولة الغزنويَّة.. وبداية الدول المستقلة
كانت الهند كغيرها من الولايات الإسلامية التابعة لسلطان الدولة العباسية، ولما كانت الدولة العباسية في أَوْج عصرها الذهبي (132- 232هـ)، كان نفوذها ممتدًّا على كل الأقاليم والولايات الإسلامية من شرقها لغربها، بما في ذلك ولاية الهند، فكان عمال الدولة خاضعين لسلطان الخليفة العباسي في بغداد، فلما ضعفت شوكة الخلافة العباسية، بدأت الكثير من الدويلات الإسلامية في الظهور، والاستقلال بالحكم- خاصَّة في المناطق المترامية - حيث خضعت الأجزاء المفتوحة من الهند وقتئذٍ لسلطان السامانيِّين من عام 261هـ حتى بَدْء الغزوات الغَزْنَوِيَّة على الهند عام 392هـ. فتَكَوَّنت هناك عدَّة دُول إسلامية.
ومن هذه الدول الدولة الغزنوية (392-582هـ) التي أسسها ناصر الدين سبكتكين في مدينة غزنة[1], حيث امتدَّت فتوحاتها إلى شبه القارة الهندية بَدْءًا من مملكة "جيبال" التي استسلمت خلال حروبها مع "سبكتكين", وتعهَّدت بدفع الجزية له, ثم نَقَضَت العهد، فسار إليها، وألحق بها هزيمة أخرى[2].
وعلى الرغم من حروب سبكتكين في شبه القارة الهندية إلا أنها لا تَعْدُو إلا غزوات مهَّدَت الطريق لابنه محمود الغزنوي، وقد الذي بدأ غزواته للهند عام 392هـ، فالتقى بملكها جيبال، وانتصر عليها انتصارًا ساحقًا، ووقع ملكهم في الأَسْر، ودخلت المملكة تحت راية الإسلام عام 397هـ، واستولى محمود على بيشاور، ثم استسلمت بهندا وذلك في عام 393هـ، وفي عام 395هـ رجع محمود الغزنوي ليغزو الهند فغزا كلاًّ من بهاطية ومُلْتَان، وفي عام 396هـ سار إلى قلعة كواكير، وكان بها ستمائة صنم، فافتتحها وحرَّق أصنامها، وفي عام 402هـ توجَّه محمود لغزو "تهانسير" لما سمع أن الهندوس يتَّخذون فيها صنمًا يعتقدون قِدَمَ وجوده، ويحيطونه بضروب التعظيم والهيبة، وفي عام 406هـ توجَّه محمود الغزنوي إلى كشمير التي أسلم مَلِكُها على يديه.
وفي عام 407 هـ خرج محمود الغزنوي بنفسه وأخضع كل ملوك الشرق حتى وصوله لقنوج، فقد أخذ محمود في زحفه وانتصاراته حتى وصوله واستيلائه على قلعة ميرت، ومترا، وكلجندا، التي كانت تابعة لسلطان دِهْلَى، وفي عام 410هـ أرسل محمود للخليفة العباسي يُبَشِّره بما تمَّ على يديه من فتوحات وإنجازات، فابتهج الخليفة لذلك، وأنعم عليه بالألقاب والخِلَعِ[3].
وبعد وفاة محمود الغزنوي تناحر الغزنويُّون على السلطة، فتمرَّدت البلاد التي فتحوها عليهم، وطمع فيهم من حولهم.
واعتماد السلاطين الغزنويين على قوَّة السيف وحده في المحافظة على ملكهم - دون النظر في الغالب إلى إقامةِ الحكومةِ الإدارةَ على أساس صالح ونظام سليم - قد أدَّى إلى تداعي بناء الدولة كله حين تراخت الأيدي التي كانت تقبض على هذا السيف، هذا إلى جانب تهالك أغلب الحكام ورجال الدولة أنفسهم على حياة البذخ والترف؛ بسبب ما أصابوه من ثروات الهند وكنوزها الطائلة، حتى تَمَكَّن منهم السلاجقة ثم التركمان، وأخيرًا الْغُوريُّون الذين ورثوهم[4].
ولما ضعفت الدولة الغزنوية جاء الغُوريُّون[5] (582-602 هـ) إلى شمال شبه القارة الهندية بعدما استولَوْا على غَزْنَة عام 566هـ، ليحافظوا على أملاك المسلمين فيها، فعَبَرَ محمد الغُورِيُّ شمال شبه القارة الهندية غازِيًا من البنجاب إلى البنغال في فتوحات متعاقبة استمرَّت ثلاثين عامًا، بدأها بغزو المُلْتَان، والاستيلاء عليها من أيدي القرامطة عام 570 هـ، ولكن الهندوس قد جمعوا حشودهم لمواجهة محمد الغوري، فواجهوه عند ترين عام 581هـ، حيث ألحقوا به هزيمة منكرة كاد أن يُقْتَل فيها.
وفي سنة 588هـ كوَّن محمد الغُورِيُّ جيشًا عظيمًا سار به إلى الهند، حيث تقابل الجيشان في نفس الموقع الذي هُزم فيه من قبلُ، وقد كتب له ملك أجمير يُهدِّده ويُنذره بالمصير الذي لَقِيَه من قبلُ، فخادعه، وانتصر عليه انتصارًا ساحقًا.
ثم عَيَّن محمد الغُورِيُّ "قطب الدين أيبك" نائبًا له، ففتح قلعة ميرت وقلعة كول، ودخل دِهْلَى، وضمَّها للبلاد الإسلامية عام 589هـ، وقد توجَّه في نفس العام إلى قنوج فاستولى عليها، وقد دخلت كثير من بلاد الهند الشمالية تحت حكمه في حدود عام 590هـ[6].

دولة المماليك ( 602-815 هـ)
وفي عام 602هـ[7] سقطت الدولة الغورية بموت محمد الغوري، والذي لم يترك له وريثًا للعرش من بعده، إذ يُذْكَر عنه أنه كان يقول: إن الله قد عوضه عن الأبناء بمواليه المخلصين من الأتراك، يحافظون على ملكه، ويُجْرُون الخطبة بذِكْرِه، وقد نصَّب نائبُه قطبُ الدين أيبك نفسَه سلطانًا على الهند من بعده عام 602هـ[8].
فبدأ بذلك عهد دولة المماليك ( 602-815 هـ) التي اجتهد سلطانها قطب الدين أيبك في توطيد سلطان المسلمين في شمال شبه القارة الهندية، فأقطع البنغال وبهار للْخَلْجِيِّين، وأسند السند والمُلْتَان للقائد ناصر الدين قباجة، وأَكْرَمَ كلَّ قادة المماليك، وقد تُوُفِّيَ قطب الدين أيبك على أَثَر سقوطه من على جواده عام 607هـ[9].
وبعد وفاته اجتمع رجال الدولة واختاروا "شمس الدين التمش" خَلَفًا له, ومن أعظم أعماله أنه حفظ الهند من هجمات المغول, وأكمل فتح الهند الشمالية, وكان مشهورًا بعدله وإنصافه للمظلومين.
كما يُعَدُّ غياث الدين بلبن من خيرة سلاطين المماليك، فقد بذل جهدًا عظيمًا في تعمير البلاد وتحسينها وسَدِّ الثغور، كما كان محافظًا على صيام النافلة، لا يُدَاهِن في العدل والقضاء، ولا يُسامح أحدًا، ولو كان من أهل قرابته وخاصَّته[10].
وفي نهاية حكمه مَرِضَ مرضًا شديدًا , فقام خلافٌ على الحُكْم بين الأتراك والأفغان, فالأتراك يُرِيدون أن يستمرَّ الحُكْم في أسرة بلبن، والأفغان يريدون الاستيلاءَ على الحكم منهم، وجَعْلَ جلال الدين فيروز شاه سلطانًا، وانتصر الأفغان في نهاية المطاف.

أسرة الخَلْجِيِّين
ثم بدأ حُكْم أسرة الخَلْجِيِّين بعهد السلطان جلال الدين فيروز شاه (689-695هـ)، الذي امتاز بحسن سياسته، وعدله ومودَّته؛ فألَّف القلوب حوله، وأقرَّ مُلْكَ الخَلْجِيِّين في العاصمة دِهْلَى[11].
ثم جاء السلطان علاء الدين الخَلْجِي الذي يُعَدُّ من أقوى السلاطين الخَلْجِيِّين،حيث أكمل فتح شبه القارة الهندية، فانتقل إلى وسط القارة الهندية، فغزا مملكة "الكَجَرَات" و "تشيتوا"، وأجبر مَلِكَها على أن يَدْخُل في طاعته، وقد وجَّه أحدَ قوَّادَه "كافور" إلى الدكن، وعندما امتنع راجا[12] مملكة المهرات عن دفع الجزية؛ أغار على بلاده, كما غزا مملكة تلينفاتا، ودخل عاصمتها فارنغال، وفي عام 711هـ غزا علاء الدين مملكة هاليبيد، وعند عودته إلى دِهْلَى قتل راجا المهرات الذي عاد إلى عصيانه، وقد لُقِّبَ بالإسكندر الثاني؛ لأنه وُفِّق في فتح جنوب شبه القارة الهندية، مع أن كلاًّ من الإسكندر المقدوني ومحمود الغزنوي ومحمد الغُورِي لم يُوَفَّقُوا إلى فتح جنوب شبه القارة الهندية[13]، كما أقام في البلاد العديد من المنشآت المعمارية النافعة، كما اهتمَّ بنشر الثقافة، وأسبغ رعايتَه على علماء زمانه وشعرائهم؛ كالشيخ نظام الدين أوليا، والعالم الفقيه ركن الدين، والشاعر خسرو الدِّهْلَوِيِّ، وقد مات السلطان علاء الدين الخَلْجِيُّ في عام 715هـ[14].
ولقد تَرَكَ من خلفه كافور الذي كان وصيًّا على العرش، فما لَبِث أن اتَّبع سياسة البطش والتجبُّر، والزجِّ بكُلِّ مَن يقفُ في طريقه، إلا أنه قُتل في نهاية الأمر على يَدِ مجموعة من المماليك، وقد جاء في نهاية هذه الدولة الأمير خسرو الهندوسي عام 720هـ، فأراد أن يُعِيد الديانة الهندوسيَّة إلى سابق سلطانها، فاستغاث بقيَّة الأمراء المماليك بالقائد "غياث الدين طغلق" حاكم دِهْلَى، فقضى على خسرو عام 721هـ، وبذلك انتهى عهد السلاطين الخَلْجِيِّين في الهند[15].


أسرة آل طغلق ونهاية حكم المماليك
وبدأ عهد آل طغلق فارتقى غازي (غياث الدين طغلق) عرش دِهْلَى عام 720هـ، وهو تركي الأصل، وقد لمع نجمه في عهد السلطان علاء الدين الخَلْجِيِّ حين ساهم بجهود بارزة في دفع المغول عن الحدود الغربيَّة، وقد جهد طغلق في تدعيم مُلْكِه واستعادة سلطنة دِهْلَى، وردِّه للأمراء والأعيان ما اغْتُصِبَ من أملاكهم وامتيازاتهم، كما أحاط بالإكرام والعناية كُلَّ مَنْ بالبلاد مِن الأمراء الخَلْجِيِّين، فأقام دولة في الهند استمرَّت من 721- 817هـ[16].
ويُعَدُّ فيروز شاه الطغلقي من أشهر وأفضل السلاطين الطغلقيين في الهند حيث تولَّى الحكم عام 752هـ، فكان محبًّا للعدل، فبدأ تصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه محمد طغلق، فأخذ يُوَاسِي المظلومين، ويرفع عنهم المظالم التي أَلَمَّت بهم، واتَّجه إلى الشعب الذي أرهقته الضرائب، فأعفى المزارعين من الدُّيُون التي كانت عليهم، وأحرق صكوكها، وقد ألغى نظام الإقطاع الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، وأكثر مِن حَفْرِ التُّرَعِ، والقنوات، والأنهار، والآبار، وبناء المساجد والمدارس، والحمامات والمستشفيات، وأنشأ مدينة جديدة قرب دِهْلَى عام 755هـ، أسماها فيروز آباد، وقد تسامح مع الهندوس، وعاملهم معاملة حسنة، وقد كانت سياسته بعيدةً كلَّ البُعْدِ عن إراقة الدماء، وإزهاق الأرواح، فقد كان محبًّا للعفو والصفح مع من تجرَّءوا عليه وخرجوا على طاعته، كما فعل مع حاكم البنغال عام 756هـ، وكان السلطان فيروز شاه – رغم انشغاله بأمور الحكم وشئون الرعية - مشتغلاً بالتأليف، فألَّف كتابًا في الرياسة والسياسة، ألَّفه على ثمانية أبواب، كما اخترع السلطان ساعة عجيبة يَخْرُج كُلَّ ساعة منها صوتٌ عجيب يَتَرَنَّم ببيتٍ من الشعر، وكانت تُسْتَخْرَج منها أوقات الليل والنهار، ووقت إفطار الصائم، وكيفيَّة الإظلال، وزيادة اليوم ونقصانه باعتبار الفصول[17].
ضعف المُلْكُ بعد فيروز شاه الذي تُوُفِّيَ عام 790هـ، واشتدَّ الخلاف بين أركان الدولة، وكثُرت القلاقل في عهد ملوكٍ ضعفاءَ، وكثُرت الثورات والخلافات، وأخذ الهندوس يقومون ضدَّ سلطان دِهْلَى، وكذلك بعض أمراء المسلمين، وفي هذا الوقت هجم تيمورلنك على الهند عام 801هـ، فاستولى على دِهْلَى، ونهبها كما نهب السند والبنجاب، وفرَّ سلطانها محمود بن محمد بن فيروز شاه إلى الكَجَرَات، ثم إلى حاكم مالوا، ولقد ظلَّ محمود بن محمد بن فيروز شاه حاكمًا من الناحية الاسميَّة طيلة عشرين عامًا، مُلِئَتْ بالفتن والثورات، وقد تُوُفِّيَ عام 815هـ، وبموته انتهى حكم سلطان المماليك في الهند[18].
أسرة اللوديين
ثم بدأت فترة حاسمة في تاريخ الإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية؛ حيث تفكَّكَت إلى ستِّ دُول ذات سيادة مستقلَّة؛ منها دولة السادات التي أسَّسها خضر خان حاكم لاهور- وهو أحد السادات[19]- حيث جلست على عرش دِهْلَى نحو سبعة وثلاثين عامًا، كانت كلُّها سنوات فِتَن واضطراب، واستقلَّت بعض أطراف الدولة، فاستقلت جنبور في الشرق، ومالوا في الجنوب، وفَقَدَتْ دِهْلَى كثيرًا من سلطانها، وقد حكم بعد خضر خان ثلاثة ملوك، لم يَتَعَدَّ سلطانُهم دِهْلَى، حتى جاءت أسرة اللوديين[20].
فأعاد بهلول لودي أوَّل ملوك هذه الأسرة (855-932هـ) - وهو من أسرة أفغانيَّة كانت تحكم لاهور، ومكث بهلول في الحكم نحو سبعة وثلاثين عامًا - الرُّوح لعرش دِهْلَى، فجعل لاهور والولايات التابعة التي كان يحكمها تابعة له، وقد حارب السلطان حسين شاه الشرقي ملك جونبور، الذي هجم على دِهْلَى مرَّات بقصد الاستيلاء عليها، فكان نصيبه الفشل، وقد وسَّع بهلول مُلْكَه من ناحية الجنوب في وسط الهند، وبذلك استعادت سلطنة دِهْلَى مكانتها، وقد كان بهلول مَلِكًا صالحًا؛ يُجالس العلماء ويُذَاكرهم في أمور الشريعة، ويبذل جهده في متابعة النبي r، وقد تُوُفِّيَ بهلول اللودي عام 894هـ، فجاء بعده مجموعة من الأمراء، لعلَّ أفضلهم سيرة إسكندر شاه اللودي ( عادل نظام الدين ) فقد كان من خِيرة السلاطين، تقيًّا، وَرِعًا، مجتهدًا في تطبيق العدالة بين رعاياه، ثم جاء بعده ابنه السلطان إبراهيم اللودي، فلم يُحْسِن تدبير شئون الدولة وسياستها، وقد قامت حرب بينه وبين أخيه جلال الدين، إلا أنها انتهت بانتصاره وقَتْلِ أخيه، وفي أثناء هذه الثورات من أبناء الأسرة الواحدة، كانت قوَّة المغول في الازدياد والقوَّة، فقد كانت تحكم كَابُل وما حولها، فما أن تهيَّأتْ لبابر ملك المغول الفرصةُ حتى اقتنصها، فقد دخل دِهْلَى عام 932هـ، بعد هزيمته لإبراهيم اللودي في معركة "باني بت" عام 932هـ فبدأ حكم دولة إسلامية جديدة للهند وهي دولة المغول[21].


الدولة المغولية
وتُعْتَبَر الدولة المغولية التي أسسها ظهير الدين محمد بابر ( 932-1274هـ) المملكة الأخيرة للمسلمين في الهند، والتي وصلت بالحكم الإسلامي إلى أرقى صوره وأقوى نُفُوذٍ له, ويُعْتَبَر ظهير الدين بابير من أعظم سلاطينها، فمنذ وَلِي العرش في العام 899هـ، وحتى عام 933هـ لم يَقْضِ شهر رمضان عامين متتاليين بمكان واحد[22]؛ لكثرة أسفاره وفتوحاته التي اخْتَتَمَها في نهاية أمره بدخوله العاصمة الإسلامية دِهْلَى في عام 932هـ، بعد جهاد حافل طويل.
وحينما بدأت الأمور تستقرُّ لبابر بعدما هزم التجمُّعَ الهندوسي المتعاهد مع محمود اللودي، بدأ بابر يتَّجه للإصلاحات الداخلية، فمهَّد الطريق للمسافرين، وأكثر مِن حَفْر التُّرَعِ، والأنهار، والقنوات، وغرس الأشجار، وقد مهَّد الهندَ ووطَّأها في فترة وجيزة لم تتعدَّ خمس سنوات حتى عام 937هـ، وهو العام الذي تُوُفِّيَ فيه، وقد أوصى لابنه "همايون بن بابر" مِن بَعْدِه[23].
وبعد همايون جاء ابنه جلال الدين أكبر (جلال الدين محمد بن همايون بن بابر )، وكان من أقوى ملوك المغول إدارة وحُكْمًا[24].
حيث أخضع جلال الدين أكبر الكثيرَ من الإمارات الهندية تحت سطوته في الشمال والجنوب، ففي عام 970هـ انفرد جلال الدين أكبر بحُكْم شبه القارة الهندية؛ ليبدأ عهدًا جديدًا، وكان عظيمَ الدهاء والحيلة؛ فقرَّب إلى جانبه زعماء الهنادكة، وعهد إليهم بأعلى المناصب في الدولة، خشية وقوع الفتن الطائفيَّة، فكان لا يُفَرِّق في المعاملة بين المسلمين والهنادكة، إلى حدٍّ زاد فيه من عدد الأمراء الهنادكة في بلاطه من الأمراء المسلِمِينَ، وكان من نتائج هذه السياسة أن انضمَّ إليه الهندوس، وتفانَوْا في خدمته، وامتدَّت هذه السياسة إلى تزويجه ابنه سليم (نور الدين محمد جهانكير) من امرأتين هندوكيتين، وسمح بأن يتزوج المسلمون بالهندوكيَّات[25].
فبهذه السياسة السابقة في التقريب بين المسلمين والهندوس أصبحت مملكة "أكبر" من الاتِّساع بحيث شملت الهندَ كلَّها، ما عدا الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة الذي كانت تحكمه ممالك بيجابور وكولكنده الإسلاميَّتين، وفيجايانكر الهندوسية، التي كانت تقع في نهاية الجنوب، وكان رجوات الهند الذين يحكمون وسطها في راجيوتانا وكواليار قد سلَّموا نهائيًّا لأكبر، بل كان الهندوس – كما ذكر آنفًا - مِن أكثر المتحمِّسين لسياسات أكبر في المنطقة الهندية كلها، وبهذا تألَّفت مملكة "أكبر" مِن هذه الولايات: كابُل، وقندهار، والسند، ومُلْتَان، ولاهور، وكشمير، ودِهْلَى، وأكره، وأجمير، وإله أباد، وأوده، وبهار، وبنغال، وأوريسه على ساحل خليج البنغال، ومالوا، وكَجَرَات، وخنديس، وبرار، وأحمد نكر[26].
هذه السياسة المنفتحة من جلال الدين أكبر جعلت الأطماع الغربية - والمتمثِّلة في حركات البرتغاليين والهولنديين وكذلك الإنجليز - تبدأ في الظهور؛ ففي عهده تألَّفت شركة الهند الإنجليزية عام (1009هـ=1600م)، وبدأ عملاؤها يتَّصلون بأكبر، وينالون منه بعض الامتيازات التِّجاريَّة، كما أنه استقبل أوَّل سفير للملك جيمس الأول في بلاطه وهو السير توماس رو[27].
أما ما يتعلق بالناحية الدينية عند جلال الدين أكبر، فقد كانت أسرته ذات ثقافة إسلامية سُنِّيَّة عريقة، وقد كان في بادئ أمره يذهب للعلماء والمشايخ ليتعلم على أيديهم، بل كان يذهب إلى كهف قريب من قصره يتعبَّد فيه برموز صوفية معروفة، يرى في ذلك أنه شكر لله تعالى على ما منَّ به من نعمة المُلْكِ والسلطان، لكنه أراد أن يجعل الشعب الهندي في شبه القارة الهندية مواليًا له ولسياسته، فأنشأ عقيدة جديدة سمَّاها التوحيد الإلهي؛ وهي دين جديد يجمع بين الأديان والمذاهب كلها، فجمع بين التعاليم الإسلامية، واليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والوثنية[28].
وأكره جلالُ الدين الناسَ على اعتناق الدين الجديد، فقام في وجهه رجل عظيم الإيمان هو الشيخ أحمد السرهندي، فاتَّصل بالناس والقوَّاد والحاشية، ووجَّه الرسائل، وألهب الحماسة الدينية، حتى يعود الناس لدينهم الحقّ[29].

أورانك زيب أعظم ملوك المغول
وبعدما تُوُفِّيَ جلال الدين أكبر عام 1014هـ بعد حكم استمرَّ خمسين عامًا، تولَّى الحكم ابنه شاهنجهان (قائد الدنيا)، فتعهَّد الشيخ أحمد السرهندي أحدَ أبنائه بالتربية منذ طفولته، وهو (أورانك زيب) الذي يُعَدُّ من أعظم ملوك المغول المسلمين في الهند بمواقفه المشهورة المدافِعَة عن الإسلام.
فقد حكم (أورانك زيب) اثنين وخمسين عامًا، لم تَخْلُ من المتاعب والحروب، بل كانت سلسلة متتابعة من الحروب هنا وهناك، وكثيرًا ما كان الملك على رأس جيشه، يباشِر تأديب أعدائه بنفسه، ويضمُّ ممالكَ جديدةً إلى رُقعة مملكته، حتى إنه لم يَعرِف طعم الراحة والإقامة الهنيئة في عاصمة مُلْكِه[30].
وامتدَّت الدولة في عهده من سفوح الهمالايا في الشمال إلى شواطئ البحر في الجنوب، ولكن حدثت في عهده مجموعة من الثورات والحروب، مثل ثورة الراجبوت فقد نقضوا فيها عهدهم، وامتنعوا عن دفع الجزية، فأرسل لهم الملك (أورانك زيب) ابنه محمد أكبر، فقضى على ثورتهم عام 1090هـ، كما تمرَّد المراهتا على (أورانك زيب)، وهم قوم لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصَّة، حيث يسكنون شمالاً من بومباي، وقد قضى عليهم, لأنَّ أميرهم "سيفاجي" كان يتحيَّن فُرَصَ ضعف الدولة المغولية أو انشغالها بحربها مع الدُّول أو الثورات الأخرى، ليُعْلِنَ العصيان على الدولة، فصَكَّ النقود باسمه، بل ويهاجم قوافل الحجاج في مدينة "سورت"، وكان الحُجَّاج يُبحِرُون منها للحجاز قبل ميناء بومباي، وظلَّ ثائرًا محارِبًا للمغول حتى طلب العفو والصفح، فعفا عنه محمد أكبر، وأقطعه بعض الأراضي في برار, وظلَّ (أورنك زيب) معنيًّا بالمراهتا في جسم الدولة حتى انتهى من أمرهم تمامًا عام 1116هـ[31].
ومع انشغاله بهذه الفتوحات العظيمة كان يَنْظُر في شئون الرعيَّة، فأزال كلَّ آثار الزندقة التي أقرَّها "جلال الدين أكبر"، وعدَّل الضرائب ليُخَفِّفَ عن الضعفاء، ومدَّ الطرق العظيمة، كما بنى المساجد في إنحاء الهند، وجعل لها أئمة ومدرِّسين، وأسَّس دُورًا للعجزة، ومارستانات (مستشفيات) للمعتوهين والمرضى، وأقام العدل في الأُمَّة, وطبَّق القانون على جميع الناس, كما دوَّنَ الأحكام الشرعيَّة والفتاوى في كتاب واحد سمَّاه الفتاوى الهندية[32].
وتوفي السلطان (أورانك زيب) عام 1118هـ في ميدان القتال عن عمر يناهز التسعين عامًا[33].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:46 am

شركة الهند الإنجليزية وبدايات الاحتلال
وفي نهاية عهد (أورانك زيب) وفي عهد من جاء بعده زادت الأطماع الأوروبية في خيرات الهند، وخاصَّة بعدما اكتشف البرتغاليُّون رأسَ الرجاء الصالح عام (903هـ=1498م)، حيث تابع البرتغاليُّون تقدُّمهم حتى وصلوا الهند بعد سنة، واستولَوْا على "غوا" على ساحل الهند الغربي، وأصبحت منذ عام 937هـ عاصمة للهند البرتغالية، ونشط الهولنديُّون كما نشط البرتغاليُّون مِن قَبْلُ، حتى استطاعوا القضاء على نفوذ البرتغاليين عند الساحل الغربي، عند مَلِيبَار، واتَّبعوا سياسة احتكاريَّة عدوانيَّة ارتكبوا معها أخسَّ الأساليب وأبشع الجرائم، وتحرَّك الفرنسيُّون إلى الهند، ولَحِقَ بهم الإنجليز حين استولَوْا على مضيق هُرْمُز في الخليج عام ( 1032هـ=1623م )، وكان أهمَّ مراكز البرتغاليِّين[1].
ورأت إنجلترا ما وصلت إليه كلٌّ من البرتغال وإسبانيا وهولندا، من الثراء والغنى وخيرات الشرق، فسال لعاب الإنجليز، الذين أسرعوا بدورهم باستصدار مرسوم مَلَكِيٍّ عام (1009هـ= 1600م) يقضي بتكوين شركة تِجاريَّة إنجليزية في بلاد الهند، وهذا المرسوم الملكي كان وراءه دافعان: الأول سياسي، وهو العمل على كسر شوكة إسبانيا، وثانيها تِجاري، وهو حرمان الأسبان من احتكار التجارة الهندية عظيمة الأرباح[2].
اعتمدت إنجلترا على سياسة التودُّد والحيلة، والتقرُّب بالهدايا للأمراء والملوك المغول في الهند، وكانت سياسةُ "جلال الدين أكبر" - المفرطةُ في التسامح، والانخراط مع الهنادكة في توليتهم المناصب العليا، وحتى المصاهرة معهم لأغراض سياسية - سببًا من الأسباب الرئيسيَّة في تَجَرُّؤ الإنجليز في التقدُّم لمَلِكِ المغول بموافقته على عمل الشركة الإنجليزية في الهند.
فبدأت الشركة ضعيفة في أوَّل أمرها، وقد كان حكامُ الهند متضايقين من نفوذ البرتغاليين المتزايد، وسلوكهم الخشن في معاملة الأمراء، فتَقَبَّل ملوك الهند الإنجليز بقَبُولٍ حَسَنٍ، فلَمْ يُعْطِهم الحكام أية عناية من الناحية السياسية، حيث كانت مراكزهم التِّجاريَّة في أوَّل أمرها مجموعةً من قِطَعِ الأراضي الصغيرة، يُقَام فيها بعض الأكشاك للموظَّفين الذين يعملون فيها، وكان يقوم بحراسة هذه الأراضي حُرَّاس هنود، ثم تدرَّجوا فجعلوا الحراس من أبناء جنسهم، وأخذوا يُسَلِّحونهم بحُجَّة الحراسة، ومِن هنا نَبَتَ الجيش الإنجليزيُّ، المُكَوَّن من أبناء جنسهم، وممَّن انخرطوا معهم من الخونة[3].
وفي عام (1097هـ = 1686م) أقدمت شركة الهند الشرقية الإنجليزية على بِنَاء أكبر مستعْمَرَة ومركز تِجاريٍّ في مدينة عُرِفَت فيما بعدُ بمدينة كلكتا بالبنغال، وذلك بعد طلبهم الصلح من (أورانك زيب)، بعد هزيمته لهم، والتي انطلقت منها الجيوش الإنجليزية لاحتلال شبه القارة الهندية، وقد بدأ مخطَّطهم برغبتهم في القضاء على ما تبقى من نفوذ الدولة المغولية، والتي تمثِّل رمز السيادة الإسلامية في شبه القارة الهندية، ومن أجل ذلك خاضوا غِمَار معاركَ طاحنةٍ ضدَّ "سراج الدين"، الحاكم القويُّ لإقليم البنغال، واستطاعوا غدرًا الاستيلاء على هذا الإقليم عام 1169هـ، ثم عيَّنوا جعفر علي خان - أحد الموالين لهم - حاكمًا اسميًّا على البنغال، ولم يقف الملك "جلال الدين محمد شاه عالم الثاني" - سلطان دِلْهَى - مكتوف الأيدي، وقد اتَّخذ من "إله آباد" مقرًّا لحكومته، فقد واجه المستعْمِرَ في معركتين؛ عُرِفَتِ الأولى بحرب بلاسي عام (1174هـ=1760م)، والثانية بحرب بكسر عام (1178هـ=1764م)، غير أنه مُنِيَ في المعركتين بهزيمتين حاسمتين، ترتَّب عليهما استسلامه، وإجباره على عقد اتِّفاقية مع المستَعْمِر عُرِفَت باسم اتفاقية "إله آباد"، اعْتَرَف فيها بحكم شركة الهند الشرقية الإنجليزية على البنغال وأوريسة وبهار، كما أَجْبَرُوا ملك "أوده" بدفع ضريبة سنويَّة قدرها خمسة ملايين روبية، وتعيين قادة من الإنجليز في مملكته[4].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
double kanon

double kanon


عدد المساهمات : 592
نقاط : 1663
التميز : 21
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 30
الموقع : الجزائر . بسكرة .فوغالة

قصة الإسلام في الهند Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في الهند   قصة الإسلام في الهند Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:51 am

مقاومة الاحتلال الإنجليزي
واستمر مسلمو الهند في مقاومة المدِّ الإنجليزي فوقف السلطان حيدر علي "حاكم ميسور[1]" بكُلِّ بسالة في وجه الغزو الاستبدادي الإنجليزي، وكان الإنجليز يَعْرِفُون مكانته الحربية والعسكرية، فلم يكونوا ليَجْرُءُوا على التقدُّم والنيل منه وحدهم، فتحالفوا مع المرهتا[2]، واجتمعت جيوشهم في مدينة مَدارس تحت قيادة القائد الإنجليزي أيركوت، ومنها انطلقوا للهجوم على ميسور، إلا أن السلطان حيدر علي استطاع هزيمتهم مجتمعين، ثم طلبوا منه الهدنة فَقَبِلَ، كما عاهد حيدر علي الفرنسيين، واتَّفق معهم على اتِّفاقية دفاع مشتَرَك.
فأمَدُّوه بالسلاح والضبَّاط المدرَّبين لجنده، فهاجم حيدر علي مدينة مَدارس، وأوقع بالإنجليز هزيمة ساحقة، واستنجد الإنجليز بقوَّات أيركوت، فدارت رَحَى حربٍ برِّيَّة وبَحْرِيَّة بين الجانبي عام (1195هـ = 1781م)، واشترك في هذه الحرب الأمير "فتح علي خان" الشهير بتيبو، وقد أحرزت قوَّات حيدر علي عدَّة انتصارات على قوَّات الإنجليز، إلا أن المَنِيَّة لَحِقَت بحيدر علِيٍّ عام (1160هـ= 1782م)، فاضطرَّ "تيبو" للرجوع لمدينة سرنجابتم العاصمة[3].
وأعاد السلطان "تيبو" تنظيم جيشه، وبناء أسطوله بمعاونة من الْفَرنسيِّين، حتى عاد إلى سابق قوَّته، وأصبح قوَّة كبرى تهدِّد الكيان الإنجليزي ومعاونيه، فجمع القائد ولزلي - الذي تولَّى منصب الحاكم العامِّ لشركة الهند الشرقية الإنجليزية - كُلَّ إمكانات الإنجليز وأسلحتهم الحديثة من الولايات التي بحوزتهم، وقاد جيوش الشركة والحلفاء في معركة شرسة عند كورج في عام (1213هـ= 1799م) فهُزم جيش تيبو، واتَّجهوا نحو سرنجابتم وحاصروا تيبو، إلا أنه دافع عن قلعته دفاع الأبطال، لكن الخيانة هي التي أوقعت به في نهاية الأمر بواسطة رئيس وزراء مملكته ويُدْعَى مير صادق، ففتح لهم القلعة، ودخلت جحافل الإنجليز واستولَوْا عليها، وسقط السلطان المجاهد شهيدًا في عام (1213هـ=1799م)، وهو في السادسة والأربعين من عمره[4].
وأصبح لشركة الهند الشرقية الإنجليزية الكلمة الكبرى بعد مقتل السلطان تيبو، وكانت الطامَّة الكبرى انتقال حكم الهند عام (1270هـ=1854م) من شركة الهند الشرقية الإنجليزية إلى التاج البريطاني[5].
كانت الأحداث في الهند في اطراد مستمرٍّ، والإنجليز في غرورهم وفظاظتهم تِجاه المسلمين وغير المسلمين، فقد كان السبب الرئيسي في اندلاع الثورة الهندية الكبرى في عام (1273هـ= 1857م) أن الانجليز قد جلبوا خراطيش كانوا يَدْهِنُونَها بشحم البقر والخِنْزِير، وكان يتعيَّن على الجنود قطع هذا الشحم المتجمِّد قبل استعمال هذه الخراطيش، ولتَعَنُّت الإنجليز واستهتارهم بمشاعر الجنود أمروهم بقطع الشحم بأسنانهم، ومن المعلوم أن البقر مُحَرَّم عند الهندوس، وكذلك الخِنْزِير عند المسلمين، فعصَوا الأوامر الصادرة لهم في هذا الشأن استجابة لعقائدهم الدينيَّة، فأمعنوا في إذلال الجنود وأنزلوا بهم أقصى أنواع العقوبة، حيث حكموا على 85 منهم بالسجن عشر سنوات، وتفنَّنوا بإذلالهم وتجريحهم وتعذيبهم أمام زملائهم.
وعلى الرغم من استغاثة زملائهم لهم إلا أنه لم يَسمع لرجائهم في رفع العذاب والألم عن زملائهم أحدٌ، فصارت قلعة ميرت[6] - القلعة التي حدثت بها الواقعة - بركانًا يغلي بالغضب على الإنجليز، ولمَّا كانت المحاكمة في 9 مايو عام (1273هـ= 1857م) بهذا السوء والفحش في المعاملة، لم يأتِ اليوم الثاني إلا والجنود واثبون على قادتهم من الضباط يقتلونهم، ويدمِّرون حصونهم، ومنها بَدَءُوا زحفهم إلى العاصمة دِهْلَى، وبدءوا في تقتيل الإنجليز وكل ما يتعلق بهم.
لكنَّ الثورة فشلت؛ لعدم وجود القيادة الراشدة التي تأخذ بزمامها نحو استقلال البلاد؛ فقد كان السلطان بهادرشاه الثاني آخر سلاطين المغول رجلاً مسنًّا غير قادر على أعباء هذه الثورة، فعندما ظهرت بوادر الفشل ترك المُلْكَ - وأولاده وأهله في قلعتهم - والتجأ إلى مقبرة همايون خارج البلد، بعيدًا عن مركز الخطر، فكان لهذه الخطوة أثرها السيِّئ في نفوس الثوَّار، حيث بعث في قلوبهم الرعب والذعر، فلم يلبث الإنجليز أن سيطروا على الموقف في دِهْلَى، بعد أن استمرَّت الثورة أربعة أشهر، فتمَّ القضاء عليها نهائيًّا في سبتمبر من عام (1274هـ= 1857م)[7].
حركة جهاد العلماء
وبعد هذه الفاجعة الكبيرة التي أَلَمَّت بالمسلمين في الهند، بدأت حركة الجهاد الإسلامية، فكانت شوكة قويَّة تُؤَرِّق مَضْجَع المستعمر البريطاني، وقد كانت المدارسُ الدينية - التي أنشأها العلماء بعد فشل الثورة - مراكزَ قويةً تثير حميَّة الجهاد في نفوس المسلمين.
ولكن الإنجليز عَمِلوا على إثارة النزعات الطائفيَّة، كما أثاروا ا
لنَّعَرَات القوميَّة، ودَعَوْا إلى القوميَّة الهنديَّة، ليَلْتَقِي تحت رَايَتِها الهندوس والمسلمون بعيدِينَ عن الدِّينِ، وخاصَّة الدِّين الإسلامي، فأُنْشِئ حزب المؤتمر الهندي سنة (1303هـ= 1884م)، واندمجت فيه بعض المنظمات الإسلامية مثل: "جمعية العلماء"، و"مؤتمر المؤمنين الهنود"، و"مؤتمر الشيعة"، ويبدو أن هذا الحزب - حزب المؤتمر الهندي - كان يلقى دعم بريطانيا، ومع الأيام أخذ هذا الحزب يُنادِي بتخليص الهند من الغرباء، وإلغاء القوانين التي تَحْتَرِم شعائر المسلمين، مُعتبِرِينَ أن المسلمين هم الغرباء كالإنجليز، ونادى الغُلاَة منهم بقتل كلِّ مَن يُظْهِر مَيْلاً أو عطفًا على المسلمين، وهكذا فقد تحوَّل حزب المؤتمر من الأهداف الوطنية التي تجمع مختلف الفئات إلى الأهداف الحقيقية التي كان يخفيها، وهي محاربة الإسلام والمسلمين، وبثِّ الفتنة في صفوفهم وتفريقهم، ثم أعلن الهندوك بعد ذلك عَدَاءَهم الصريح للمسلمين، ووضعوا أُسُسًا ومبادئَ في هذا الاتجاه[8].

حزب الرابطة الإسلامية
لذلك نشأ "حزب الرابطة الإسلامية" كردِّ فعل لنشاط حزب المؤتمر وانحراف سياسته، وكان رئيس حزب الرابطة "النواب فخار الملك"، وظَهَرَ "محمد علي جناح" ليُحاول التوفيق بين حزب الرابطة وحزب المؤتمر، ودعا إلى اجتماع في لكهنؤ عام ( 1335هـ= 1917م)، والذي كان يخشاه الهندوس - وهم الأكثر عددًا - ويخشاه الإنجليز من المسلمين هو عودة الرُّوح الجهاديَّة إليهم، واتحادهم، وغضبة العالم الإسلامي، ولذلك أخذت جهود الهندوس والإنجليز تتركَّز على ضرب مصادر القوَّة الحقيقية للمسلمين في الهند.
وممَّا أفزع الهندوس والإنجليز شُيُوعُ رُوحِ الجهاد بين مسلمي الهند، فقام "أحمد باريللي" ليحارب السيخ، وظلَّ في جهاده حتى استُشْهِدَ سنة (1247هـ=1831م)، وتجاوب المسلمون في الهند، وقامت مظاهرات عظيمة في الهند سنة (1330هـ=1912م ) ضدَّ احتلال إيطاليا لليبيا، وقامت مظاهرات عظيمة تأييدًا لحقِّ المسلمين في فلسطين وشجبًا لغدر بريطانيا بالعرب والمسلمين، وقامت موجة سَخَط عنيفة في الرأي العام ضدَّ الحكومات الأوروبية على أثر نشوب حرب البلقان سنة (1330هـ= 1912م)[9].
واحتجَّ "محمد علي جناح" باسم حزب الرابطة على معاملة هولندا الوحشية لسكان إندونيسيا المسلمين، ولكن أكبر غضبة قام بها المسلمون في الهند كانت ضدَّ الاعتداء على الخلافة الإسلاميَّة ومحاولة تمزيقها والقضاء عليها[10].

أساليب جديدة في مقاومة المحتل
وبدأ المسلمون في الهند باتباع أسلوب جديد في محاربة العدوِّ الإنجليزي؛ حيث كان هذا الأسلوب أسلوبًا فكريًّا، فقد أنشأ بعض المثقَّفين المسلمين بعض الصحف التي تُدَافِع عن الإسلام والمسلمين، وتُحَارِب الاحتلال الإنجليزي للهند، ومن هؤلاء "أبو الكلام أزاد"[11](1332هـ= 1914م)، وصُودرت الثانية وعُطِّلت سنة (1334هـ= 1916م)، وسجنته إنجلترا نظرًا لموقفه أربع سنوات، فلمَّا خرج احتلَّ مكانه بين زعماء المؤتمر الوطني، وجاء زعيم آخر هو مولانا محمد علي الذي أنشأ صحيفة الصديق عام (1330هـ= 1912م)، وقد كان مولانا محمد علي ملتزمًا بسياسة الهدوء وعدم معاداة الإنجليز، فلما تخلَّت إنجلترا عن إلغاء تقسيم البنغال شكَّ في نواياها، فطفق يُنَاصر الأتراك في حربهم ضدَّ إنجلترا، ويُدَافِع عن التاريخ الإسلامي، فاعتقلته وصادرت جريدته هو وأخوه شوكت علي، وظلاَّ في محبسهما حتى انتهاء الحرب عام (1337هـ= 1919م) فقد أنشأ صحيفتي الهلال والبلاغ، وقد صُودِرَت الأولى سنة[12].
وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى (1332-1336هـ = 1914 - 1918م) قاتل الشعب الهندي إلى جانب البريطانيين حينما وُعدوا بالاستقلال، إلاَّ أن البريطانيِّين نكثوا عهودهم بعد انتهاء الحرب بانتصار الحلفاء، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالمذابح البشعة قَمْعًا للتجمُّعات الهندية (السلمية) الباحثة عن التحرُّر.
ورغم ما قامت به إنجلترا من محاولات عديدة لفصل الهند عن العالم الإسلامي إلا أن الشعب الهندي المسلم ثار احتجاجًا على إسقاط الخلافة الإسلامية عام (1342هـ= 1924م) بعد الحرب العالمية الثانية، على يَدِ مجموعة من الدُّول أبرزها إنجلترا، وقد أدَّى سقوط الخلافة والتهاون بالأماكن الإسلامية المقدسة إلى زيادة كراهية المسلمين الهنود للإنجليز، وقد رأى كثير من المسلِمِينَ أن العصبة الإسلامية لم تَعُدْ قادرة على الدفاع عن القضية الإسلامية في الهند، فبدأت حركة العصيان الثانية عام (1349هـ= 1930م)، وكان مِن بين أولئك الذين سُجِنُوا لعَلاقتهم بهذه الحركة ما لا يقلُّ عن عشرة آلاف مسلم.
وظلَّت وجهات نظر المسلمين في الهند حول القضايا العامَّة مُتَّحِدَة، ولكنَّ الخلاف بدأ يظهر حول مستقبل المسلمين في الهند، ولقد ساعدت بريطانيا على تغذية هذه الخلافات ونَشْرِ بذورها، فقد أقنع الحاكمُ البريطاني العامُّ ورجال الحكومة أحدَ زعماء الهندوس بضرورة الدعوة إلى الديانة "الهندوكية" وإرجاع مَن دخل في الإسلام إليها، وتنظيمِ أنفسهم تنظيمًا حربيًّا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة الإسلام في الهند
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الإسلام في شرق إفريقيا
» قصة الإسلام في غرب إفريقيا
» شيء عجيب ضهر على احدى شواطئ في الهند
» ظهير الدين بابر.. وقيام الدولة المغولية في الهند
» قصة الإسلام في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: المغرب العربي :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: