أبو سفيان بن الحارث
رضي الله
عنه
"ألا إنّ الله
ورسولَهُ قد رَضيا عن أبي سفيان -بن الحارث- فارْضَوا عنه " حديث شريف
من
هو؟
أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ، قيل اسمه كنيته وقيل
اسمه المغيرة
ابن عم رسول الله -صلى اللـه عليه وسلم- وأخو الرسول من الرضاعة
اذ أرضعته حليمـة السعديـة مرضعة الرسول بضعة أيام ، تأخّر إسلامه
وكان ممن
آذى النبي -صلى الله عليه وسلم-000
اسلامه
وأنار الله بصيرة أبي سفيان وقلبه للايمان ،
وخرج مع ولده جعفر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تائباً لله رب العالمين ،
وأتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وابنه مُعْتَمّين ، فلما انتهيا إليه قالا (
السلام عليك يا رسول الله )000فقال رسول الله ( أسْفِروا تَعَرّفوا )000فانتسبا له
وكشفا عن وجوهِهما وقالا ( نشهد أن لا اله الا الله ، وأنك رسول الله )000
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( أيَّ مَطْرَدٍ طردتني يا أبا سفيان
، أو متى طردتني يا أبا سفيان )000قال أبو سفيان بن الحارث ( لا تثريبَ يا رسول
الله )000قال رسول الله ( لا تثريبَ يا أبا سفيان )000وقال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب ( بصِّرْ ابن عمّك الوضوء والسنة ورُحْ به
إليّ)000فراح به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلّى معه ، فأمر رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب فنادى في الناس ( ألا إنّ الله ورسولَهُ قد
رَضيا عن أبي سفيان -بن الحارث- فارْضَوا عنه )000
جهاده
ومن أولى لحظات اسلامه ،
راح يعوض ما فاته من حلاوة الايمان والعبادة ، فكان عابدا ساجدا ، خرج مع الرسول
-صلى الله عليه وسلم-فيما تلا فتح مكة من غزوات ، ويوم حنين حيث نصب المشركون
للمسلمين كمينا خطيرا ، وثبت الرسول مكانه ينادي ( الي أيها الناس ، أنا النبي لا
كذب ، أنا ابن عبد المطلب )000في تلك اللحظات الرهيبة قلة لم تذهب بصوابها المفاجأة
، وكان منهم أبوسفيان وولده جعفر ، لقد كان أبوسفيان يأخذ بلجام فرس الرسول بيسراه
، يرسل السيف في نحور المشركين بيمناه ، وعاد المسلمون الى مكان المعركة حول نبيهم
، وكتب الله لهم النصر المبين ، ولما انجلى غبارها ، التفت الرسول -صلى الله عليه
وسلم- لمن يتشبت بمقود فرسه وتأمله وقال ( من هذا ؟000 أخي أبو سفيان بن الحارث
؟)000و ما كاد يسمع أبوسفيان كلمة أخي حتى طار فؤاده من الفرح ، فأكب على قدمي رسول
الله يقبلهما000
فضله
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ( أبو سفيان أخي
وخير أهلي ، وقد أعقبني الله من حمزة أبا سفيان بن الحارث )000فكان يُقال لأبي
سفيان بعد ذلك أسد الله وأسد رسوله000
كان أبو سفيان بن الحارث شاعراً ومن
شعره بسبب شبهه بالنبي -صلى الله عليه وسلم-000
هداني هادٍ غير نفسي ودلّني ***
على اللهِ مَن طَرّدتُ كلَّ مطرّدِ
أفِرُّ وأنأى جاهِداً عن محمّدٍ *** وأُدْعى
وإنْ لم أنتسِبْ بمحمّـدِ
ومن شعره يوم حُنين000
لقد عَلِمَتْ أفْناءُ
كعـبٍ وعامرٍ *** غَداةَ حُنينٍ حينَ عمَّ التَّضَعْضُعُ
بأنّي أخو الهَيْجاء
أركَبُ حدَّها *** أمامَ رسـول اللـه لا أتَتَعتَعُ
رجاءَ ثوابِ اللـه واللـه
واسِعٌ *** إليه تعالى كلُّ أمـرٍ سَيَرْجِـعُ
وفاته
ذات يوم في سنة ( 20 هـ )
شاهده الناس في البقيع يحفر لحداً ، ويسويه ويهيئه ، فلما أبدوا دهشهم مما يصنع ،
قال لهم ( إني أعدُّ قبري )000وبعد ثلاثة أيام لاغير ، كان راقدا في بيته ، وأهله
من حوله يبكون ، فقال لهم ( لا تبكوا علي ، فاني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت
)000وقبل أن يحني رأسه على صدره لوَّح به الى أعلى ، ملقياً على الدنيا تحية الوداع
، دفن -رضي الله عنه- في البقيع وصلّى عليه عمر بن الخطاب والمؤمنون000