يزيد بن المهلب
يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة الأمير أبو خالد الأزدي
ولي المشرق بعد أبيه ثم ولي البصرة لسليمان بن عبد الملك ثم عزله عمر بن عبد العزيز بعدي بن أرطاة وطلبه عمر وسجنه روى عنه ابنه عبد الرحمن وأبو إسحاق السبيعي مولده زمن معاوية سنة ثلاث وخمسين وكان الحجاج قد عزله وعذبه فسأله أن يخفف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مئة ألف درهم فقصده الأخطل ومدحه فأعطاه مئة ألف فعجب الحجاج من جوده في تلك الحال وعفا عنه واعتقله ثم هرب من حبسه وله أخبار في السخاء والشجاعة وكان الحجاج مزوجا بأخته وكان يدعو اللهم إن كان آل المهلب براء فلا تسلطني عليهم ونجهم وقيل هرب يزيد من الحبس وقصد عبد الملك فمر بعريب في البرية فقال لغلامه استسقنا منهم لبنا فسقوه فقال أعطهم ألفا قال إن هؤلاء لا يعرفونك قال لكني أعرف نفسي وقيل أغرم سليمان بن عبد الملك عمر بن هبيرة الأمير ألف ألف درهم فمشى في جماعة إلى يزيد بن المهلب فأداها عنه وكان سليمان قد ولاه العراق وخراسان قال فودعني عمر بن عبد العزيز وقال يا يزيد اتق الله فإني وضعت الوليد في لحده فإذا هو يرتكض في أكفانه قال خليفة فسار يزيد إلى خراسان ثم رد منها سنة تسع وتسعين فعزله عمر بعدي بن أرطاة فدخل ليسلم على عدي فقبض عليه وجهزه إلى عمر فسجنه حتى مات عمر وحكى المدائني أن يزيد بن المهلب كان يصل نديما له كل يوم بمئة دينار فلما عزم على السفر أعطاه ثلاثة آلاف دينار قلت ملوك دهرنا أكرم فأولئك كانوا للفاضل والشاعر وهؤلاء يعطون من لا يفهم شيئا ولا فيه نجدة أكثر من عطاء المتقدمين قيل أمر يزيد بن المهلب بإنفاذ مئة ألف إلى رجل وكتب إليه لم أذكرها تمننا ولم أدع ذكرها تجبرا وعنه قال من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه قال الكلبي أنشد زياد الأعجم يزيد بن المهلب
وما مات المهلب مذ رأينا * على أعواد منبره يزيدا
له كفان كف ندى وجود * وأخرى تمطر العلق الحديدا
فأمر له بألف دينار وقيل إنه حج فلما حلق رأسه الحلاق أعطاه ألف درهم فدهش بها وقال أمضي أبشر أمي قال أعطوه ألفا أخرى فقال امرأتي طالق إن حلقت رأس أحد بعدك قال أعطوه ألفين آخرين قيل دخل حمزة بن بيض على يزيد في حبسه فأنشده
أصبح في قيدك السماح مع ال * حلم وفن الآداب والخطب
لا بطر إن تتابعت نعم * وصابر في البلاء محتسب
فقال يزيد مالنا ولك يا هذا قال وجدتك رخيصا فأحببت أن أسلفك فقال لخادمه كم معك من النفقة قال نحو عشرة آلاف درهم قال ادفعها إليه. غزا يزيد طبرستان وهزم الإصبهبذ ثم صالحهم على سبع مئة ألف وعلى أربع مئة حمل زعفران ثم نكث أهل جرجان فحاصرهم مدة وافتتحها عنوة فصلب منهم مسافة فرسخين وأسر اثني عشر ألفا ثم ضرب أعناقهم على نهر جرجان حتى دارت الطاحون بدمائهم وكان ذا تيه وكبر رآه مطرف بن الشخير يسحب حلته فقال له إن هذه مشية يبغضها الله قال أوما تعرفني قال بلى أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل العذرة وعنه قال الحياة أحب إلي من الموت وحسن الثناء أحب إلي من الحياة وقيل له ألا تنشىء لك دارا قال لا إن كنت متوليا فدار الإمارة وإن كنت معزولا فالسجن
قلت هكذا هو وإن كان غازيا فالسرج وإن كان حاجا فالكور وإن كان ميتا فالقبر فهل من عامر لدار مقره ثم إن يزيد بن المهلب لما استخلف يزيد بن عبد الملك غلب على البصرة وتسمى بالقحطاني فسار لحربه مسلمة بن عبد الملك فالتقوا فقتل يزيد في صفر سنة اثنتين ومئة وقد استوعب ابن عساكر وابن خلكان أخبار ( يزيد بن ) المهلب بطولها قال شعبة بن الحجاج سمعت الحسن البصري يقول في فتنة يزيد بن المهلب هذا عدو الله يزيد بن المهلب كلما نعق بهم ناعق اتبعوه وعن أبي بكر الهذلي أن يزيد قال أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز فخطب الحسن وقال اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعة تجعله نكالا يا عجبا لفاسق غير برهة من دهره ينتهك المحارم يأكل معهم ما أكلوا ويقتل من قتلوا حتى إذا منع شيئا قال إني غضبان فاغضبوا فنصب قصبا عليها خرق فاتبعه رجرجة ورعاع يقول أطلب بسنة عمر إن من سنة عمر أن توضع رجلاه في القيد ثم يوضع حيث وضعه عمر قلت قتل عن تسع وأربعين سنة ولقد قاتل قتالا عظيما وتفللت جموعه فما زال يحمل بنفسه في الألوف لا لجهاد بل شجاعة وحمية حتى ذاق حمامه نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية
حفصة بنت سيرين
حفصة بنت سيرين أم الهذيل الفقيهة الأنصارية روت عن أم عطية وأم الرائح ومولاها أنس بن مالك وأبي العالية روى عنها أخوها محمد وقتادة وأيوب وخالد الحذاء وابن عون وهشام بن حسان روي عن إياس بن معاوية قال ما أدركت أحدا أفضله عليها وقال قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة وعاشت سبعين سنة فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال أما أنا فما أفضل عليها أحدا وقال مهدي بن ميمون مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة أو قضاء حاجة قلت توفيت بعد المئة
عمرة بنت عبد الرحمن
عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس الأنصارية النجارية المدنية الفقيهة تريبة عائشة وتلميذتها قيل لأبيها صحبة وجدها سعد من قدماء الصحابة وهو أخو النقيب الكبير أسعد بن زرارة
حدثت عن عائشة وأم سلمة ورافع بن خديج وأختها أم هشام بنت حارثة حدث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن وابناه حارثة ومالك وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم وابناه عبد الله ومحمد والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون وكانت عالمة فقيهة حجة كثيرة العلم روى أيوب بن سويد عن يونس عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد أنه قال لي يا غلام أراك تحرص على طلب العلم أفلا أدلك على وعائة قلت بلى قال عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة قال فأتيتها فوجدتها بحرا لا ينزف قلت اختلفوا في وفاتها فقيل توفيت سنة ثمان وتسعين وقيل توفيت في سنة ست ومئة وحديثها كثير في دواوين الإسلام
معاذة بنت عبد الله
معاذة بنت عبد الله السيدة العالمة أم الصهباء العدوية البصرية العابدة زوجة السيد القدوة صلة بن أشيم روت عن علي بن أبي طالب وعائشة وهشام بن عامر حدث عنها أبو قلابة الجرمي ويزيد الرشك وعاصم الأحول وعمر بن ذر وإسحاق بن سويد وأيوب السختياني وآخرون وحديثها محتج به في الصحاح وثقها يحيى بن معين بلغنا أنها كانت تحيي الليل عبادة وتقول عجبت لعين تنام وقد علمت طول الرقاد في ظلم القبور ولما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب اجتمع النساء عندها فقالت مرحبا بكن إن كنتن جئتن للهناء وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن وكانت تقول والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة أرخ أبو الفرج بن الجوزي وفاتها في سنة ثلاث وثمانين فأما زوجها
صلة بن أشيم فسيد كبير لكنه ما روى سوى حديث واحد عن ابن عباس ومات شهيدا قبل ابن عباس كما قدمنا