التَّرجُل :
تسريح الشعر ( أي تمشيطه بمشطٍ وغيره) قال الأصمعي: ومعنى رجَّل أي سرح بمشط مع ماء وغيره.. النووي شرح مسلم (1/409)
الدِّهن :
ا يُدهن به من زيتٍ ونحوه. ( انظر مختصر الشمائل المحمدية – الألباني ص37)
كان من هديه (صلى الله عليه وسلم) إكرام الشعر وترجيله وتطويله ، وفعله ذلك بنفسه.. إلخ إنما لأن اتخاذ الشعر وتطويله هو الأفضل من سُنته بحيث أن المحافظة على ذلك تتطلب الإكرام، والترجيل، والدهن وفي ذلك كما هو معلوم بعض المئونة والمشقة ، وفي الحث على تحمل ذلك ما يستحق من الثواب ، ونيل الفضيلة ، والإتباع لما هو الأفضل، والأخذ بسُنة المُصطفى قولاً وعملاً في كل وجهٍ شرعٌ ؛ مشروعٌ لا يُمارى فيه هُنا أو يتكاسل عن الإقتداء به فيما هاهنا إلاّ متساهلٌ بحق السُنة الشريفة، ومُعرض عن قبول ما لا يريده منها، وإن كان حقاً ثابتاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإلا لما يقول في اتخاذ الشَعر وإكرامه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويحثُ على ذلك، ويفعله هو؟ إذاً فماذا بقي غير امتثال قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم)!!؟ والإقتداء بفعله وسنته مما صلح وثبت، ومن ذلك ما يلي:-
1. عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: من كان له شَعَرٌ فليُكرمه.
رواه أبو داود. صحيح أبي داود 2 برقم 3509 الألباني
وهذا الحديث فيه دلالة على استحباب إكرام الشعر بالدهن والتسريح وإعفائه من الحلق؛ لأنه يخالف الإكرام إلا أن يطول.
2. عن وائل بن حجر قال : أتيتُ النبي (صلى الله عليه وسلم) ولي شعرٌ طويلٌ فلما رآني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ذبابٌ ، قال : فرجعت فجززته ، ثم أتيته من الغد فقال: إني لم أعْنك، وهذا أحسن ) رواه أبو داود والنسائي. أنظر صحيح أبي داود 2 برقم 3530 الألباني
3. عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنَّ لي جمة ضخمة أفأُرَجِّلُها؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (نعم، وأكرمها) فكان أبو قتادة رُبما دهنها في اليوم مرتين لمَّا قال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نعم، وأكرمها. (النسائي ومالك) الحديث ضعيف أنظر تمام المنة برقم 29 الألباني .
قال المناوي في "فتح القدير": (وهو محمول على أنه كان مُحتاجاً لذلك لغزارة شعره، أو لبيان الجواز).
4. عن عطاء بن يسار قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسجد، فدخل رجلٌ ثائر الرأس (أي شعث الرأس) واللحية، فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده أن اخرج كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟) أي في قبح المنظر (مالك في الموطأ). الحديث ضعيف أنظر غاية المرام برقم 73 الألباني .
وفي الأحاديث التأكيد الظاهر على العناية بالشعر، وإكرامه، وترجيله، والمداومة على ذلك حتى يبقى الشعر في المظهر المقبول. كما أن فيها ما يدل على كراهة تركه مشوشاً ثائراً، ووصف من تهاون في العناية بشعره، ثم قال في الحديث: (كأنه شيطان). ولذا أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا قتادة الأنصاري بترجيل جُمته، وإكرامها كل يوم، لكونها كبيرة تحتاج إلى مثل ذلك، أو لبيان جواز إصلاح الشعر كلما تشوش، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُداوم على الاعتناء بشعره.
5. ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي (أن رجلاً اطلع من جُحرٍ في دار النبي (صلى الله عليه وسلم)، والنبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يحكُ رأسه بالمدْرى.. ) الحديث.
والمِدْرى: عودٌ تدخله المرأة في رأسها لتضم بعض شعرها إلى بعض.
وفيه دلالة على اعتناء النبي (صلى الله عليه وسلم) بشعره إلى ما هو أبعد من الاكتفاء بالمشْطِ والترجيل، وذلك بالمدرى.
ومن شدة محافظته وملازمته على إكرام شعره وترجيله أنه كان يستعين عليه بزوجته عائشة - رضي الله عنها- وهي في زمان الحيض ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسجد في أيام اعتكافه للعبادة والخلوة.
6. كما روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أرجِّل رأس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا حائضٌ). أنظر صحيح ابن ماجة 1 برقم 516 الألباني
ولم يقتصر الاهتمام بإكرام الشعر وترجيله على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل شمل ذلك أصحابه - بتوجيه لهم- رضوان الله عليهم.
7. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((إذا كان يومُ صوم أحدكم فليُصبح دهيناً مُترجلاً. رواه البخاري.كتاب الصوم-باب اغتسال الصائم (4/181) الفتح
ملاحظة مهمة :
لمزيد من الفائدة يراجع كتاب ( أحكام تربية شعر رأس وتهذيبه. د/ سالم بن علي الثقفي من ص55-61. )
والله الموفق والمعين