foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 9:24 pm

*1*المجلد السادس

*2*كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كتاب الجهاد‏)‏ كذا لابن شبويه، وكذا للنسفي لكن قدم البسملة، وسقط ‏"‏ كتاب ‏"‏ للباقين واقتصروا على ‏"‏ باب فضل الجهاد ‏"‏ لكن عند القابسي ‏"‏ كتاب فضل الجهاد ‏"‏ ولم يذكر باب، ثم قال بعد أبواب كثيرة ‏"‏ كتاب الجهاد‏.‏

باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ‏"‏ وسيأتي‏.‏

والجهاد بكسر الجيم أصله لغة المشقة، يقال‏:‏ جهدت جهادا بلغت المشقة‏.‏

وشرعا بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق‏.‏

فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم على تعليمها، وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات، وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما مجاهدة الفساق فباليد ثم اللسان ثم القلب، وقد روى النسائي من حديث سبرة - بفتح المهملة وسكون الموحدة - ابن الفاكه - بالفاء وكسر الكاف بعدها هاء - في أثناء حديث طويل قال‏:‏ ‏"‏ فيقول - أي الشيطان - يخاطب الإنسان‏:‏ تجاهد فهو جهد النفس والمال ‏"‏ واختلف في جهاد الكفار هل كان أولا فرض عين أو كفاية‏.‏

وسيأتي البحث فيه في ‏"‏ باب وجوب النفير‏"‏‏.‏

*3* باب فَضْلِ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحُدُودُ الطَّاعَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل الجهاد والسير‏)‏ بكسر المهملة وفتح التحتانية جمع سيرة، وأطلق ذلك على أبواب الجهاد لأنها متلقاة من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‏)‏ الآيتين إلى قوله‏:‏ ‏(‏وبشر المؤمنين‏)‏ كذا للنسفي وابن شبويه، وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآيتين جميعا، وعند أبي ذر إلى قوله‏:‏ ‏(‏وعدا عليه حقا‏)‏ ثم قال‏:‏ إلى قوله‏:‏ ‏(‏والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين‏)‏ والمراد بالمبايعة في الآية ما وقع في ليلة العقبة من الأنصار أو أعم من ذلك، وقد ورد ما يدل على الاحتمال الأول عند أحمد عن جابر، وعند الحاكم في ‏"‏ الإكليل ‏"‏ عن كعب بن مالك، وفي مرسل محمد بن كعب ‏"‏ قال عبد الله بن رواحة‏:‏ يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال‏:‏ أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم‏.‏

قالوا‏:‏ فما لنا إذا فعلنا ذلك‏؟‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏

قالوا‏:‏ ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل ‏"‏ فنزل ‏(‏إن الله اشترى‏)‏ الآية‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس الحدود الطاعة‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله‏:‏ ‏(‏وتلك حدود الله‏)‏ يعني طاعة الله، وكأنه تفسير باللازم، لأن من أطاع وقف عند امتثال أمره واجتناب نهيه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ ذَكَرَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود ‏"‏ أي العمل أفضل ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت، وأغرب الداودي فقال في شرح هذا الحديث‏:‏ إن أوقع الصلاة في ميقاتها كان الجهاد مقدما على بر الوالدين، وإن أخرها كان البر مقدما على الجهاد‏.‏

ولا أعرف له في ذلك مستندا، فالذي يظهر أن تقديم الصلاة على الجهاد والبر لكونها لازمة للمكلف في كل أحيانه، وتقديم البر على الجهاد لتوقفه على إذن الأبوين‏.‏

وقال الطبري‏:‏ إنما خص صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات، فإن من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها فهو لما سواها أضيع، ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا، ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عدواتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك، فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس ‏"‏ لا هجرة بعد الفتح ‏"‏ وسيأتي شرحه بعد أبواب في ‏"‏ باب وجوب النفير‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ جهادكن الحج‏"‏، وقد تقدم شرحه في كتاب الحج، ووجه دخوله في هذا الباب من تقريره صلى الله عليه وسلم لقولها‏:‏ ‏"‏ نرى الجهاد أفضل الأعمال‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَصِينٍ أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ كذا للأكثر غير منسوب، وللأصيلي وابن عساكر ‏"‏ حدثنا إسحاق بن منصور ‏"‏ وأما أبو علي الجياني فقال‏:‏ لم أره منسوبا لأحد، وهو إما ابن راهويه أو ابن منصور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء رجل‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال لا أجده‏)‏ هو جواب النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ قال هل تستطيع ‏"‏ كلام مستأنف‏.‏

ولمسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه بلفظ ‏"‏ قيل‏:‏ ما يعدل الجهاد‏؟‏ قال‏:‏ لا تستطيعونه‏:‏ فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثة كل ذلك يقول‏:‏ لا تستطيعونه‏.‏

وقال في الثالثة‏:‏ مثل الجهاد في سبيل الله ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرج الطبراني نحو هذا الحديث من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه وقال في آخره ‏"‏ لم يبلغ العشر من عمله ‏"‏ وسيأتي بقية الكلام عليه في الباب الذي يليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ومن يستطيع ذلك‏)‏ في رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان ‏"‏ قال لا أستطيع ذلك ‏"‏ وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد في سبيل الله تقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال، وأما ما تقدم في كتاب العيدين من حديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ ما العمل في أيام أفضل منه في هذه - يعني أيام العشر - قالوا‏:‏ ولا الجهاد في سبيل الله‏؟‏ قال‏:‏ ولا الجهاد ‏"‏ فيحتمل أن يكون عموم حديث الباب خص بما دل عليه حديث ابن عباس، ويحتمل أن يكون الفضل الذي في حديث الباب مخصوصا بمن خرج قاصدا المخاطرة بنفسه وماله فأصيب كما في بقية حديث ابن عباس ‏"‏ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ‏"‏ فمفهومه أن من رجع بذلك لا ينال الفضيلة المذكورة‏.‏

لكن يشكل عليه ما وقع في آخر حديث الباب ‏"‏ وتوكل الله للمجاهد إلخ ‏"‏ ويمكن أن يجاب بأن الفضل المذكور أولا خاص بمن لم يرجع، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون لمن يرجع أجر في الجملة كما سيأتي البحث فيه في الذي بعده‏.‏

وأشد مما تقدم في الإشكال ما أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد وصححه الحاكم من حديث أبي الدرداء مرفوعا ‏"‏ ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم‏؟‏ قالوا بلى‏.‏

قال‏:‏ ذكر الله ‏"‏ فإنه ظاهر في أن الذكر بمجرده أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي‏.‏

قال عياض‏:‏ اشتمل حديث الباب على تعظيم أمر الجهاد، لأن الصيام وغيره مما ذكر من فضائل الأعمال قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة معادلة لأجر المواظب على الصلاة وغيرها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لا تستطيع ذلك ‏"‏ وفيه أن الفضائل لا تدرك بالقياس وإنما هي إحسان من الله تعالى لمن شاء، واستدل به على أن الجهاد أفضل الأعمال مطلقا لما تقدم تقريره‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ القياس يقتضي أن يكون الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه، ففضيلته بحسب فضيلة ذلك والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو هريرة إن فرس المجاهد ليستن‏)‏ أي يمرح بنشاط‏.‏

وقال الجوهري هو أن يرفع يديه ويطرحهما معا‏.‏

وقال غيره أن يلج في عدوه مقبلا أو مدبرا‏.‏

وفي المثل ‏"‏ استنت الفصال حتى القرعي ‏"‏ يضرب لمن يتشبه بمن هو فوقه، وقوله ‏"‏في طوله ‏"‏ بكسر المهملة وفتح الواو وهو الحبل الذي يشد به الدابة ويمسك طرفه ويرسل في المرعى، وقوله ‏"‏فيكتب له حسنات ‏"‏ بالنصب على أنه مفعول ثان أي يكتب له الاستنان حسنات، وهذا القدر ذكره أبو حصين عن أبي صالح هكذا موقوفا، وسيأتي بعد بضعة وأربعين بابا في ‏"‏ باب الخيل ثلاثا ‏"‏ من طريق زيد بن أسلم عن أبي صالح مرفوعا ‏"‏ ويأتي بقية الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ    )1 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 9:25 pm

*3* باب أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حذف التشكيل

وَقَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أفضل الناس مؤمن مجاهد‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يجاهد ‏"‏ بلفظ المضارع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقوله يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة‏)‏ أي تفسير هاتين الآيتين، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير ‏"‏ أن هذه الآية لما نزلت قال المسلمون‏:‏ لو علمنا هذه التجارة لأعطينا فيها الأموال والأهلين، فنزلت‏:‏ ‏(‏تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون‏)‏ الآية ‏"‏ هكذا ذكره مرسلا، وروى هو والطبري من طريق قتادة قال ‏"‏ لولا أن الله بينها ودل عليها لتلهف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها حتى يطلبونها‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ قَالُوا ثُمَّ مَنْ قَالَ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قيل يا رسول الله‏)‏ لم أقف على اسمه، وقد تقدم أن أبا ذر سأله عن نحو ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي الناس أفضل‏)‏ في رواية مالك من طريق عطاء بن يسار مرسلا، ووصله الترمذي والنسائي وابن حبان من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن عطاء بن يسار عن ابن عباس ‏"‏ خير الناس منزلا ‏"‏ وفي رواية للحاكم ‏"‏ أي الناس أكمل إيمانا ‏"‏ وكأن المراد بالمؤمن من قام بما تعين عليه القيام به ثم حصل هذه الفضيلة، وليس المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الواجبات العينية، وحينئذ فيظهر فضل المجاهد لما فيه من بذل نفسه وماله لله تعالى، ولما فيه من النفع المتعدي، وإنما كان المؤمن المعتزل يتلوه في الفضيلة لأن الذي يخالط الناس لا يسلم من ارتكاب الآثام فقد لا يفي هذا بهذا، وهو مقيد بوقوع الفتن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مؤمن في شعب‏)‏ في رواية مسلم من طريق معمر عن الزهري ‏"‏ رجل معتزل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يتقي الله‏)‏ في رواية مسلم من طريق الزبيدي عن الزهري ‏"‏ يعبد الله ‏"‏ وفي حديث ابن عباس ‏"‏ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس ‏"‏ وللترمذي وحسنه والحاكم وصححه من طريق ابن أبي ذئاب عن أبي هريرة ‏"‏ أن رجلا مر بشعب فيه عين عذبة، فأعجبه فقال‏:‏ لو اعتزلت، ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لا تفعل، فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ‏"‏ وفي الحديث فضل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو ونحو ذلك، وأما اعتزال الناس أصلا فقال الجمهور‏:‏ محل ذلك عند وقوع الفتن كما سيأتي بسطه في كتاب الفتن، ويؤيد ذلك رواية بعجة ابن عبد الله عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ يأتي على الناس زمان يكون خير الناس فيه منزلة من أخذ بعنان فرسه في سبيل الله يطلب الموت في مظانه، ورجل في شعب من هذه الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس إلا من خير ‏"‏ أخرجه مسلم وابن حبان من طريق أسامة بن زيد الليثي عن بعجة، وهو بموحدة وجيم مفتوحتين بينهما مهملة ساكنة، قال ابن عبد البر‏:‏ إنما أوردت هذه الأحاديث بذكر الشعب والجبل لأن ذلك في الأغلب يكون خاليا من الناس، فكل موضع يبعد على الناس فهو بداخل في هذا المعنى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله‏)‏ فيه إشارة إلى اعتبار الإخلاص، وسيأتي بيانه في حديث أبي موسى بعد اثني عشر بابا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كمثل الصائم القائم‏)‏ ، ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة ‏"‏ كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام، زاد النسائي من هذا الوجه ‏"‏ الخاشع الراكع الساجد ‏"‏ وفي الموطأ وابن حبان ‏"‏ كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع، ولأحمد والبزار من حديث النعمان بن بشير مرفوعا ‏"‏ مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله ‏"‏ وشبه حال الصائم القائم بحال المجاهد في سبيل الله في نيل الثواب في كل حركة وسكون لأن المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعة عن العبادة فأجره مستمر، وكذلك المجاهد لا تضيع ساعة من ساعاته بغير ثواب لما تقدم من حديث ‏"‏ أن المجاهد لتستن فرسه فيكتب له حسنات ‏"‏ وأصرح منه قوله تعالى ‏(‏ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب‏)‏ الآيتين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتوكل الله إلخ‏)‏ تقدم معناه مفردا في كتاب الإيمان من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة وسياقه أتم، ولفظه ‏"‏ انتدب الله‏"‏، ولمسلم من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي ‏"‏ وفيه التفات وإن فيه انتقالا من ضمير الحضور إلى ضمير الغيبة‏.‏

وقال ابن مالك‏:‏ فيه حذف القول والاكتفاء بالمقول، وهو سائغ شائع سواء كان حالا أو غير حال، فمن الحال قوله تعالى ‏(‏ويستغفرون للذين آمنوا، ربنا وسعت‏)‏ أي قائلين ربنا، وهذا مثله أي قائلا لا يخرجه إلخ، وقد اختلفت الطرق عن أبي هريرة في سياقه، فرواه مسلم من طريق الأعرج عنه بلفظ ‏"‏ تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته ‏"‏ وسيأتي كذلك من طريق أبي الزناد في كتاب الخمس، وكذلك أخرجه مالك في الموطأ عن أبي الزناد في كتاب الخمس، وأخرجه الدارمي من وجه آخر عن أبي الزناد بلفظ ‏"‏ لا يخرجه إلا الجهاد في سبيل الله وتصديق كلماته‏"‏، نعم أخرجه أحمد والنسائي من حديث ابن عمر، فوقع في روايته التصريح بأنه من الأحاديث الإلهية، ولفظه ‏"‏ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه قال‏:‏ أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن رجعته أن أرجعه بما أصاب من أجر أو غنيمة ‏"‏ الحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي من حديث عبادة بلفظ ‏"‏ يقول الله عز وجل‏:‏ المجاهد في سبيلي هو علي ضامن إن رجعته رجعته بأجر أو غنيمة ‏"‏ الحديث وصححه الترمذي، وقوله ‏"‏تضمن الله وتكفل الله وانتدب الله ‏"‏ بمعنى واحد، ومحصله تحقيق الوعد المذكور في قوله تعالى ‏(‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‏)‏ وذلك التحقيق على وجه الفضل منه سبحانه وتعالى، وقد عبر صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه وتعالى بتفضيله بالثواب بلفظ الضمان ونحوه مما جرت به عادة المخاطبين فيما تطمئن به نفوسهم، وقوله ‏"‏لا يخرجه إلا الجهاد ‏"‏ نص على اشتراط خلوص النية في الجهاد، وسيأتي بسط القول فيه بعد أحد عشر بابا، وقوله ‏"‏فهو علي ضامن ‏"‏ أي مضمون، أو معناه أنه ذو ضمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بأن يتوفاه أن يدخله الجنة‏)‏ أي بأن يدخله الجنة إن توفاه، في رواية أبي زرعة الدمشقي عن أبي اليمان ‏"‏ أن توفاه ‏"‏ بالشرطية والفعل الماضي أخرجه الطبراني وهو أوضح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن يدخله الجنة‏)‏ أي بغير حساب ولا عذاب، أو المراد أن يدخله الجنة ساعة موته، كما ورد ‏"‏ أن أرواح الشهداء تسرح في الجنة ‏"‏ وبهذا التقرير يندفع إيراد من قال‏:‏ ظاهر الحديث التسوية بين الشهيد والراجع سالما لأن حصول الأجر يستلزم دخول الجنة، ومحصل الجواب أن المراد بدخول الجنة دخول خاص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو يرجعه‏)‏ بفتح أوله، وهو منصوب بالعطف على يتوفاه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مع أجر أو غنيمة‏)‏ أي مع أجر خالص إن لم يغنم شيئا أو مع غنيمة خالصة معها أجر، وكأنه سكت عن الأجر الثاني الذي مع الغنيمة لنقصه بالنسبة إلى الأجر الذي بلا غنيمة، والحامل على هذا التأويل أن ظاهر الحديث أنه إذا غنم لا يحصل له أجر، وليس ذلك مرادا بل المراد أو غنيمة معها أجر أنقص من أجر من لم يغنم، لأن القواعد تقتضي أنه عند عدم الغنيمة أفضل منه وأتم أجرا عند وجودها، فالحديث صريح في نفي الحرمان وليس صريحا في نفي الجمع‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ معنى الحديث أن المجاهد إما يستشهد أو لا، والثاني لا ينفك من أجر أو غنيمة ثم إمكان اجتماعهما، فهي قضية مانعة الخلو لا الجمع، وقد قيل في الجواب عن هذا الإشكال‏:‏ إن أو بمعنى الواو، وبه جزم ابن عبد البر والقرطبي ورجحها التوربشتي، والتقدير بأجر وغنيمة‏.‏

وقد وقع كذلك في رواية لمسلم من طريق الأعرج عن أبي هريرة رواه كذلك عن يحيى بن يحيى عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد، وقد رواه جعفر الفريابي وجماعة عن يحيى بن يحيى فقالوا‏:‏ أجر أو غنيمة بصيغة أو، وقد رواه مالك في الموطأ بلفظ ‏"‏ أو غنيمة ‏"‏ ولم يختلف عليه إلا في رواية يحيى بن بكير عنه فوقع فيه بلفظ ‏"‏ وغنيمة ‏"‏ ورواية يحيى بن بكير عن مالك فيها مقال‏.‏

ووقع عند النسائي من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بالواو أيضا وكذا من طريق عطاء بن ميناء عن أبي هريرة وكذلك أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة بلفظ‏:‏ ‏"‏ بما نال من أجر وغنيمة ‏"‏ فإن كانت هذه الروايات محفوظة تعين القول بأن ‏"‏ أو ‏"‏ في هذا الحديث بمعنى الواو كما هو مذهب نحاة الكوفيين، لكن فيه إشكال صعب لأنه يقتضي من حيث المعنى أن يكون الضمان وقع بمجموع الأمرين لكل من رجع، وقد لا يتفق ذلك فإن كثيرا من الغزاة يرجع بغير غنيمة، فما فر منه الذي ادعى أن ‏"‏ أو ‏"‏ بمعنى الواو وقع في نظيره لأنه يلزم على ظاهرها أن من رجع بغنيمة بغير أجر، كما يلزم على أنها بمعنى الواو أن كل غاز يجمع له بين الأجر والغنيمة معا، وقد روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا ‏"‏ ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم ‏"‏ وهذا يؤيد التأويل الأول وأن الذي يغنم يرجع بأجر لكنه أنقص من أجر من لم يغنم، فتكون الغنيمة في مقابلة جزء من أجر الغزو، فإذا قوبل أجر الغانم بما حصل له من الدنيا وتمتعه بأجر من لم يغنم مع اشتراكهما في التعب والمشقة كان أجر من غنم دون أجر من لم يغنم، وهذا موافق لقول خباب في الحديث الصحيح الآتي ‏"‏ فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئا ‏"‏ الحديث‏.‏

واستشكل بعضهم نقص ثواب المجاهد بأخذه الغنيمة، وهو مخالف لما يدل عليه أكثر الأحاديث، وقد اشتهر تمدح النبي صلى الله عليه وسلم بحل الغنيمة وجعلها من فضائل أمته، فلو كانت تنقص الأجر ما وقع التمدح بها‏.‏

وأيضا فإن ذلك يستلزم أن يكون أجر أهل بدر أنقص من أجر أهل أحد مثلا مع أن أهل بدر أفضل بالاتفاق‏.‏

وسبق إلى هذا الإشكال ابن عبد البر، وحكاه عياض وذكر أن بعضهم أجاب عنه بأنه ضعف حديث عبد الله بن عمرو لأنه من رواية حميد بن هانئ وليس بمشهور، وهذا مردود لأنه ثقة يحتج به عند مسلم، وقد وثقه النسائي وابن يونس وغيرهما ولا يعرف فيه تجريح لأحد‏.‏

ومنهم من حمل نقص الأجر على غنيمة أخذت على غير وجهها، وظهور فساد هذا الوجه يغني عن الإطناب في رده، إذ لو كان الأمر كذلك لم يبق لهم ثلث الأجر ولا أقل منه، ومنهم من حمل نقص الأجر عل من قصد الغنيمة في ابتداء جهاده وحمل تمامه على من قصد الجهاد محضا، وفيه نظر لأن صدر الحديث مصرح بأن المقسم راجع إلى من أخلص لقوله في أوله ‏"‏ لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي‏"‏‏.‏

وقال عياض‏:‏ الوجه عندي إجراء الحديثين على ظاهرهما واستعمالهما على وجههما‏.‏

ولم يجب عن الإشكال المتعلق بأهل بدر‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ لا تعارض بين الحديثين، بل الحكم فيهما جار على القياس لأن الأجور تتفاوت بحسب زيادة المشقة فيما كان أجره بحسب مشقته، إذ للمشقة دخول في الأجر، وإنما المشكل العمل المتصل بأخذ الغنائم، يعني فلو كانت تنقص الأجر لما كان السلف الصالح يثابرون عليها، فيمكن أن يجاب بأن أخذها من جهة تقديم بعض المصالح الجزئية على بعض لأن أخذ الغنائم أول ما شرع كان عونا على الدين وقوة لضعفاء المسلمين، وهي مصلحة عظمى يغتفر لها بعض النقص في الأجر من حيث هو‏.‏

وأما الجواب عمن استشكل ذلك بحال أهل بدر فالذي ينبغي أن يكون التقابل بين كمال الأجر ونقصانه لمن يغزو بنفسه إذا لم يغنم أو يغزو فيغنم، فغايته أن حال أهل بدر مثلا عند عدم الغنيمة أفضل منه عند وجودها ولا ينفي ذلك أن يكون حالهم أفضل من حال غيرهم من جهة أخرى، ولم يرد فيهم نص أنهم لو لم يغنموا كان أجرهم بحاله من غير زيادة، ولا يلزم من كونه مغفورا لهم وأنهم أفضل المجاهدين أن لا يكون وراءهم مرتبة أخرى‏.‏

وأما الاعتراض بحل الغنائم فغير وارد، إذ لا يلزم من الحل ثبوت وفاء الأجر لكل غاز، والمباح في الأصل لا يستلزم الثواب بنفسه، لكن ثبت أن أخذ الغنيمة واستيلاءها من الكفار يحصل الثواب، ومع ذلك فمع صحة ثبوت الفضل في أخذ الغنيمة وصحة التمدح بأخذها لا يلزم من ذلك أن كل غاز يحصل له من أجر غزاته نظير من لم يغنم شيئا البتة قلت‏:‏ والذي مثل بأهل بدر أراد التهويل، وإلا فالأمر على ما تقرر آخرا بأنه لا يلزم من كونهم مع أخذ الغنيمة أنقص أجرا مما لو لم يحصل لهم أجر الغنيمة أن يكونوا في حال أخذهم الغنيمة مفضولين بالنسبة إلى من بعدهم كمن شهد أحدا لكونهم لم يغنموا شيئا بل أجر البدري في الأصل أضعاف أجر من بعده، مثال ذلك أن يكون لو فرض أن أجر البدري بغير غنيمة ستمائة وأجر الأحدي مثلا بغير غنيمة مائة فإذا نسبنا ذلك باعتبار حديث عبد الله بن عمرو كان للبدري لكونه أخذ الغنيمة مائتان وهي ثلث الستمائة فيكون أكثر أجرا من الأحدي، وإنما امتاز أهل بدر بذلك لكونها أول غزوة شهدها النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الكفار وكان مبدأ اشتهار الإسلام وقوة أهله، فكان لمن شهدها مثل أجر من شهد المغازي التي بعدها جميعا، فصارت لا يوازيها شيء في الفضل والله أعلم‏.‏

واختار ابن عبد البر أن المراد بنقص أجر من غنم أن الذي لا يغنم يزداد أجره لحزنه على ما فاته من الغنيمة، كما يؤجر من أصيب بما له فكان الأجر لما نقص عن المضاعفة بسبب الغنيمة عند ذلك كالنقص من أصل الأجر، ولا يخفى مباينة هذا التأويل لسياق حديث عبد الله بن عمرو الذي تقدم ذكره‏.‏

وذكر بعض المتأخرين للتعبير بثلثي الأجر في حديث عبد الله ابن عمرو حكمة لطيفة بالغة وذلك أن الله أعد للمجاهدين ثلاث كرامات‏:‏ دنيويتان وأخروية، فالدنيويتان السلامة والغنيمة والأخروية دخول الجنة، فإذا رجع سالما غانما فقد حصل له ثلثا ما أعد الله له وبقي له عند الله الثلث، وإن رجع بغير غنيمة عوضه الله عن ذلك ثوابا في مقابلة ما فاته، وكأن معنى الحديث أنه يقال للمجاهد‏:‏ إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوضتك عنه ثوابا‏.‏

وأما الثواب المختص بالجهاد فهو حاصل للفريقين معا، قال‏:‏ وغاية ما فيه عد ما يتعلق بالنعمتين الدنيويتين أجرا بطريق المجاز والله أعلم‏.‏

وفي الحديث أن الفضائل لا تدرك دائما بالقياس، بل هي بفضل الله‏.‏

وفيه استعمال التمثيل في الأحكام، وأن الأعمال الصالحة لا تستلزم الثواب لأعيانها، وإنما تحصل بالنية الخالصة إجمالا وتفصيلا، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )13
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )12
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: