foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 9:36 pm

*3* باب الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حذف التشكيل

وَقَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء‏)‏ قال ابن المنير وغيره‏:‏ وجه دخول هذه الترجمة في الفقه أن الظاهر من الدعاء بالشهادة يستلزم طلب نصر الكافر على المسلم وإعانة من يعصي الله على من يطيعه، لكن القصد الأصلي إنما هو حصول الدرجة العليا المترتبة على حصول الشهادة، وليس ما ذكره مقصودا لذاته وإنما يقع من ضرورة الوجود، فاغتفر حصول المصلحة العظمى من دفع الكفار وإذلالهم وقهرهم بقصد قتلهم بحصول ما يقع في ضمن ذلك من قتل بعض المسلمين، وجاز تمني الشهادة لما يدل عليه من صدق من وقعت له من إعلاء كلمة الله حتى بذل نفسه في تحصيل ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر إلخ‏)‏ تقدم في أواخر الحج بأتم من هذا السياق، وتقدم هناك شرحه وبيان من وصله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ شَكَّ إِسْحَاقُ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة أم حرام، والمراد منه قول أم حرام‏:‏ ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، وسيأتي الكلام على استيفاء شرحه في كتاب الاستئذان إن شاء الله تعالى، وهو ظاهر فيما ترجم له في حق النساء، ويؤخذ منه حكم الرجال بطريق الأولى وأغرب ابن التين فقال‏:‏ ليس في الحديث تمني الشهادة وإنما فيه تمني الغزو، ويجاب بأن الشهادة هي الثمرة العظمى المطلوبة في الغزو، وأم حرام بفتح المهملتين هي خالة أنس، ولم يختلف على مالك في إسناده، لكن رواه بشر بن عمر عنه فقال ‏"‏ عن أنس عن أم حرام ‏"‏ وهو موافق رواية محمد بن يحيى بن حبان عن أنس التي ستأتي‏.‏

*3* باب دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِي وَهَذَا سَبِيلِي حذف التشكيل

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ غُزًّا وَاحِدُهَا غَازٍ هُمْ دَرَجَاتٌ لَهُمْ دَرَجَاتٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب درجات المجاهدين في سبيل الله‏)‏ أي بيانها، وقوله ‏"‏يقال هذه سبيلي ‏"‏ أي أن السبيل يذكر ويؤنث وبذلك جزم الفراء فقال في قوله تعالى ‏(‏ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا‏)‏ الضمير يعود على آيات القرآن وإن شئت جعلته للسبيل لأنها قد تؤنث قال الله تعالى ‏(‏قل هذه سبيلي‏)‏ وفي قراءة أبي بن كعب ‏(‏وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوها سبيلا‏)‏ انتهى‏.‏

ويحتمل أن يكون قوله تعالى ‏(‏هذه‏)‏ إشارة إلى الطريقة أي هذه الطريقة المذكورة هي سبيلي فلا يكون فيه دليل على تأنيث السبيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏غزا‏)‏ بضم المعجمة وتشديد الزاي مع التنوين ‏(‏واحدها غاز‏)‏ وقع هذا في رواية المستملي وحده وهو من كلام أبي عبيدة قال‏:‏ وهو مثل قول وقائل انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هم درجات لهم درجات‏)‏ هو من كلام أبي عبيدة أيضا قال‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏هم درجات‏)‏ أي منازل ومعناه لهم درجات‏.‏

وقال غيره‏:‏ التقدير هم ذوو درجات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن هلال بن علي‏)‏ في رواية محمد بن فليح عن أبيه ‏"‏ حدثني هلال‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عطاء بن يسار‏)‏ كذا لأكثر الرواة عن فليح‏.‏

وقال أبو عامر العقدي ‏"‏ عن فليح عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ‏"‏ بدل عطاء بن يسار أخرجه أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه، وهو وهم من فليح في حال تحديثه لأبي عامر، وعند فليح بهذا الإسناد حديث غير هذا سيأتي في الباب الذي بعد هذا لعله انتقل ذهنه من حديث إلى حديث، وقد نبه يونس بن محمد في روايته عن فليح على أنه كان ربما شك فيه، فأخرج أحمد عن يونس عن فليح عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعطاء بن يسار عن أبي هريرة فذكر هذا الحديث، قال فليح‏:‏ ولا أعلمه إلا ابن أبي عمرة، قال يونس‏:‏ ثم حدثنا به فليح فقال عطاء ابن يسار ولم يشك انتهى‏.‏

وكأنه رجع إلى الصواب فيه‏.‏

ولم يقف ابن حبان على هذه العلة فأخرجه من طريق أبي عامر، والله الهادي إلى الصواب‏.‏

وقد وافق فليحا على روايته إياه عن هلال عن عطاء عن أبي هريرة محمد بن جحادة عن عطاء أخرجه الترمذي من روايته مختصرا، ورواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار فاختلف عليه‏:‏ فقال هشام بن سعد وحفص بن ميسرة والدراوردي عنه عن عطاء عن معاذ بن جبل أخرجه الترمذي وابن ماجه‏.‏

وقال همام عن زيد عن عطاء عن عبادة بن الصامت أخرجه الترمذي والحاكم ورجح رواية الدراوردي ومن تابعه على رواية همام، ولم يتعرض لرواية هلال مع أن بين عطاء بن يسار ومعاذ انقطاعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصام رمضان إلخ‏)‏ قال ابن بطال لم يذكر الزكاة والحج لكونه لم يكن فرض‏.‏

قلت‏:‏ بل سقط ذكره على أحد الرواة، فقد ثبت الحج في الترمذي في حديث معاذ بن جبل وقال فيه ‏"‏ لا أدري أذكر الزكاة أم لا‏"‏، وأيضا فإن الحديث لم يذكر لبيان الأركان فكان الاقتصار على ما ذكر إن كان محفوظا لأنه هو المتكرر غالبا، وأما الزكاة فلا تجب إلا على من له مال بشرطه، والحج فلا يجب إلا مرة على التراخي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو جلس في بيته‏)‏ فيه تأنيس لمن حرم الجهاد وأنه ليس محروما من الأجر، بل له من الإيمان والتزام الفرائض ما يوصله إلى الجنة وإن قصر عن درجة المجاهدين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالوا يا رسول الله‏)‏ الذي خاطبه بذلك هو معاذ بن جبل كما في رواية الترمذي، أو أبو الدرداء كما وقع عند الطبراني، وأصله في النسائي لكن قال فيه ‏"‏ فقلنا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن في الجنة مائة درجة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ هذا الجواب من أسلوب الحكيم، أي بشرهم بدخولهم الجنة بما ذكر من الأعمال ولا تكتف بذلك بل بشرهم بالدرجات، ولا تقتنع بذلك بل بشرهم بالفردوس الذي هو أعلاها‏.‏

قلت‏:‏ لو لم يرد الحديث إلا كما وقع هنا لكان ما قال متجها، لكن وردت في الحديث زيادة دلت على أن قوله ‏"‏ في الجنة مائة درجة ‏"‏ تعليل لترك البشارة المذكورة، فعند الترمذي من رواية معاذ المذكورة ‏"‏ قلت يا رسول الله ألا أخبر الناس‏؟‏ قال ذر الناس يعلمون، فإن في الجنة مائة درجة ‏"‏ فظهر أن المراد لا تبشر الناس بما ذكرته من دخول الجنة لمن آمن وعمل الأعمال المفروضة عليه فيقفوا عند ذلك ولا يتجاوزوه إلى ما هو أفضل منه من الدرجات التي تحصل بالجهاد، وهذه هي النكتة في قوله ‏"‏ أعدها الله للمجاهدين ‏"‏ وإذا تقرر هذا كان فيه تعقب أيضا على قول بعض شراح المصابيح‏:‏ سوى النبي صلى الله عليه وسلم بين الجهاد في سبيل الله وبين عدمه وهو الجلوس في الأرض التي ولد المرء فيها، ووجه التعقب أن التسوية ليست كل عمومها وإنما هي في أصل دخول الجنة لا في تفاوت الدرجات كما قررته، والله أعلم‏.‏

وليس في هذا السياق ما ينفي أن يكون في الجنة درجات أخرى أعدت لغير المجاهدين دون درجة المجاهدين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كما بين السماء والأرض‏)‏ في رواية محمد بن جحادة عند الترمذي ‏"‏ ما بين كل درجتين مائة عام ‏"‏ وللطبراني من هذا الوجه ‏"‏ خمسمائة عام ‏"‏ فإن كانتا محفوظتين كان اختلاف العدد بالنسبة إلى اختلاف السير، زاد الترمذي من حديث أبي سعيد ‏"‏ لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أوسط الجنة وأعلى الجنة‏)‏ المراد بالأوسط هنا الأعدل والأفضل كقوله تعالى ‏(‏وكذلك جعلناكم أمة وسطا‏)‏ فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ المراد بأحدها العلو الحسي وبالآخر العلو المعنوي‏.‏

وقال ابن حبان‏:‏ المراد بالأوسط السعة، وبالأعلى الفوقية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أراه‏)‏ بضم الهمزة، وهو شك من يحيى بن صالح شيخ البخاري فيه، وقد رواه غيره عن فليح فلم يشك منهم يونس بن محمد عند الإسماعيلي وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومنه تفجر أنهار الجنة‏)‏ أي من الفردوس، ووهم من زعم أن الضمير للعرش، فقد وقع في حديث عبادة بن الصامت عند الترمذي ‏"‏ والفردوس أعلاها درجة ومنها - أي من الدرجة التي فيها الفردوس - تفجر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون عرش الرحمن ‏"‏ وروى إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق شيبان عن قتادة عنه قال ‏"‏ الفردوس أوسط الجنة وأفضلها ‏"‏ وهو يؤيد التفسير الأول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال محمد بن فليح عن أبيه وفوقه عرش الرحمن‏)‏ يعني أن محمدا روى هذا الحديث عن أبيه بإسناده هذا فلم يشك كما شك يحيى بن صالح بل جزم عنه بقوله ‏"‏ وفوقه عرش الرحمن ‏"‏ قال أبو علي الجياني‏:‏ وقع في رواية أبي الحسن القابسي ‏"‏ حدثنا محمد بن فليح ‏"‏ وهو وهم لأن البخاري لم يدركه‏.‏

قلت‏:‏ وقد أخرج البخاري رواية محمد بن فليح لهذا الحديث في كتاب التوحيد عن إبراهيم بن المنذر عنه بتمامه، ويأتي بقية شرحه هناك ورجال إسناده كلهم مدنيون‏.‏

والفردوس هو البستان الذي يجمع كل شيء، وقيل هو الذي فيه العنب، وقيل هو بالرومية وقيل بالقبطية وقيل بالسريانية وبه جزم أبو إسحاق الزجاج، وفي الحديث فضيلة ظاهرة للمجاهدين، وفيه عظم الجنة وعظم الفردوس منها، وفيه إشارة إلى أن درجة المجاهد قد ينالها غير المجاهد إما بالنية الخالصة أو بما يوازيه من الأعمال الصالحة لأنه صلى الله عليه وسلم أمر الجميع بالدعاء بالفردوس بعد أن أعلمهم أنه أعد للمجاهدين، وقيل فيه جواز الدعاء بما لا يحصل للداعي لما ذكرته، والأول أولى والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالَا أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل وجرير هو ابن حازم، وحديث سمرة تقدم بطوله في الجنائز، وهذه القطعة شاهدة لحديث أبي هريرة المذكور قبله ومفسرة، لأن المراد بالأوسط الأفضل لوصفه دار الشهداء في حديث سمرة بأنها أحسن وأفضل‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 9:39 pm

*3* باب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الغدوة والروحة في سبيل الله‏)‏ أي فضلها، والغدوة بالفتح المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه، والروحة المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في سبيل الله‏)‏ أي الجهاد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقاب قوس أحدكم‏)‏ أي قدره، والقاب بتخفيف القاف وآخره موحدة معناه القدر، وكذلك القيد بكسر القاف بعدها تحتانية ساكنة ثم دال وبالموحدة بدل الدال، وقيل القاب ما بين مقبض القوس وسيته، وقيل ما بين الوتر والقوس، وقيل المراد بالقوس هنا الذراع الذي يقاس به، وكأن المعنى بيان فضل قدر الذراع من الجنة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ في رواية أبي إسحاق عن حميد ‏"‏ سمعت أنس بن مالك ‏"‏ وهو في الباب الذي يليه، والإسناد كله بصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لغدوة‏)‏ في رواية الكشميهني الغدوة بزيادة ألف في أوله بصيغة التعريف والأول أشهر واللام للقسم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير من الدنيا وما فيها‏)‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ يحتمل وجهين أحدهما أن يكون من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس تحقيقا له في النفس لكون الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع فلذلك وقعت المفاضلة بها، وإلا فمن المعلوم أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة‏.‏

والثاني أن المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيد هذا الثاني ما رواه ابن المبارك في كتاب الجهاد من مرسل الحسن قال ‏"‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم عبد الله بن رواحة، فتأخر ليشهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ والذي نفسي بيده لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم ‏"‏ والحاصل أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد، وأن من حصل له من الجنة قدر سوط يصير كأنه حصل له أمر أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف بمن حصل منها أعلى الدرجات، والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا فنبه هذا المتأخر أن هذا القدر اليسير من الجنة أفضل من جميع ما في الدنيا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ وَقَالَ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الرحمن بن أبي عمرة‏)‏ هو الأنصاري، والإسناد كله مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لقاب قوس في الجنة‏)‏ في حديث أنس في الباب الذي يليه ‏"‏ لقاب قوس أحدكم ‏"‏ وهو المطابق لترجمة هذا الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب‏)‏ هو المراد بقوله في الذي قبله ‏"‏ خير من الدنيا وما فيها‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حازم‏)‏ هو ابن دينار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل‏)‏ في رواية مسلم من طريق وكيع عن سفيان ‏"‏ غدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا ‏"‏ والمعنى واحد، وفي الطبراني من طريق أبي غسان عن أبي حازم ‏"‏ لروحة ‏"‏ بزيادة لام القسم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 9:51 pm

*3* باب الْحُورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ حذف التشكيل

يُحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ أَنْكَحْنَاهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الحور العين وصفتهن‏)‏ كذا لأبي ذر بغير باب وثبت لغيره، ووقع عند ابن بطال ‏"‏ باب نزول الحور العين إلخ ‏"‏ ولم أره لغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يحار فيها الطرف‏)‏ أي يتحير، قال ابن التين‏:‏ هذا يشعر بأنه رأى أن اشتقاق الحور عن الحيرة، وليس كذلك، فإن الحور بالواو والحيرة بالياء، وأما قول الشاعر ‏"‏ حوراء عيناء من العين الحير ‏"‏ فهو للاتباع‏.‏

قلت‏:‏ لعل البخاري لم يرد الاشتقاق الأصغر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شديدة سواد العين شديدة بياض العين‏)‏ كأنه يريد تفسير العين، والعين بالكسر جمع عيناء وهي الواسعة العين الشديدة السواد والبياض قاله أبو عبيدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وزوجناهم بحور‏:‏ أنكحناهم‏)‏ هو تفسير أبي عبيدة ولفظه‏:‏ زوجناهم أي جعلناهم أزواجا أي اثنين اثنين كما تقول زوجت النعل بالنعل‏.‏

وقال في موضع آخر‏:‏ أي جعلنا ذكران أهل الجنة أزواجا بحور من النساء‏.‏

وتعقب بأن زوج لا يتعدى بالباء قاله الإسماعيلي وغيره، وفيه نظر لأن صاحب المحكم حكاه لكن قال‏:‏ أنه قليل، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، ومعاوية بن عمرو هو الأزدي، وهو من شيوخ البخاري يروى عنه تارة بواسطة كما هنا وتارة بلا واسطة كما في كتاب الجمعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو إسحاق‏)‏ هو الفزاري إبراهيم بن محمد‏.‏

الحديث‏:‏

قَالَ وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِي سَوْطَهُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

الشرح‏:‏

اشتمل هذا السياق على أربعة أحاديث‏:‏ الأول يأتي شرحه بعد ثلاثة عشر بابا، الثاني تقدم شرحه في الذي قبله، الثالث والرابع يأتي شرحهما في صفة الجنة من كتاب الرقاق‏.‏

وقوله في الباب ‏"‏ ولقاب قوس أحدكم ‏"‏ تقدم شرح، ‏"‏ القاب ‏"‏ في الذي قبله، وقوله هنا ‏"‏ أو موضع قيد يعني سوطه ‏"‏ شك من الراوي هل قال قاب أو قيد، وقد تقدم أنهما بمعنى وهو المقدار‏.‏

وقوله ‏"‏يعني سوطه ‏"‏ تفسير للقيد غير معروف، ولهذا جزم بعضهم بأنه تصحيف وأن الصواب ‏"‏ قد ‏"‏ بكسر القاف وتشديد الدال وهو السوط المتخذ من الجلد‏.‏

قلت‏:‏ ودعوى الوهم في التفسير أسهل من دعوى التصحيف في الأصل ولا سيما والقيد بمعنى القاب كما بينته، والمقصود من ذلك لهذه الترجمة الأخير، وقوله فيه، ‏"‏ ولنصيفها ‏"‏ بفتح النون وكسر الصاد المهملة بعدها تحتانية ساكنة ثم فاء هو الخمار بكسر المعجمة وتخفيف الميم، قال المهلب‏:‏ إنما أورد حديث أنس هذا ليبين المعنى الذي من أجله يتمنى الشهيد أن يرجع إلى الدنيا ليقتل مرة أخرى في سبيل الله، لكونه يرى من الكرامة بالشهادة فوق ما في نفسه، إذ كل واحدة يعطاها من الحور العين لو اطلعت على الدنيا لأضاءت كلها انتهى‏.‏

وروى ابن ماجه من طريق شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال ‏"‏ ذكر الشهيد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجاته من الحور العين وفي يد كل واحدة منها حلة خير من الدنيا وما فيها ‏"‏ ولأحمد والطبراني من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا ‏"‏ أن للشهيد عند الله سبع خصال ‏"‏ فذكر الحديث وفيه ‏"‏ ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ‏"‏ إسناده حسن، وأخرجه الترمذي من حديث المقدام بن معد يكرب وصححه‏.‏

*3* باب تَمَنِّي الشَّهَادَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تمني الشهادة‏)‏ تقدم توجيهه في أول كتاب الجهاد وأن تمنيها والقصد لها مرغب فيه مطلوب‏.‏

وفي الباب أحاديث صريحة في ذلك منها عن أنس مرفوعا ‏"‏ من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم يصبها أي أعطي ثوابها ولو لم يقتل ‏"‏ أخرجه مسلم، وأصرح منه في المراد ما أخرجه الحاكم بلفظ ‏"‏ من سأل القتل في سبيل الله صادقا ثم مات أعطاه الله أجر شهيد ‏"‏ وللنسائي من حديث معاذ مثله، وللحاكم من حديث سهل ابن حنيف مرفوعا ‏"‏ من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أبا هريرة‏)‏ هذا الحديث رواه عن أبي هريرة جماعة من التابعين منهم سعيد بن المسيب هنا وأبو زرعة بن عمرو في ‏"‏ باب الجهاد من الإيمان ‏"‏ من كتاب الإيمان، وأبو صالح وهو في ‏"‏ باب الجعائل والحملان ‏"‏ في أثناء كتاب الجهاد، والأعرج وهو في كتاب التمني، وهمام وهو عند مسلم وسأذكر ما في رواية كل واحد منهم من زيادة فائدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم‏)‏ في رواية أبي زرعة وأبي صالح ‏"‏ لولا أن أشق على أمتي ‏"‏ ورواية الباب تفسر المراد بالمشقة المذكورة وهي أن نفوسهم لا تطيب بالتخلف ولا يقدرون على التأهب لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره وتعذر وجوده عند النبي صلى الله عليه وسلم، وصرح بذلك في رواية همام ولفظه ‏"‏ لكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي ‏"‏ وفي رواية أبي زرعة عند مسلم نحوه، ورواه الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري وفيه ‏"‏ ولو خرجت ما بقي أحد فيه خير إلا انطلق معي، وذلك يشق علي وعليهم‏)‏ ، ووقع في رواية أبي صالح من الزيادة ‏"‏ ويشق على أن يتخلفوا عني‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لوددت‏)‏ وقع في رواية أبي زرعة المذكورة بلفظ ‏"‏ ولوددت أني أقتل ‏"‏ بحذف القسم، وهو مقدر لما بينته هذه الرواية، فظهر أن اللام لام القسم وليست بجواب لولا، وفهم بعض الشراح أن قوله ‏"‏ لوددت ‏"‏ معطوف على قوله ‏"‏ ما قعدت ‏"‏ فقال‏:‏ يجوز حذف اللام وإثباتها من جواب لولا، وجعل الودادة ممتنعة خشية وجود المشقة لو وجدت، وتقدير الكلام عنده‏:‏ لولا أن أشق على أمتي لوددت أني أقتل في سبيل الله‏.‏

ثم شرع يتكلف استشكال ذلك والجواب عنه، وقد بينت رواية الباب أنها جملة مستأنفة وأن اللام جواب القسم‏.‏

ثم النكتة في إيراد هذه الجملة عقب ثلث إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته لهم، وكأنه قال‏:‏ الوجه الذي يسيرون له فيه من الفضل ما أتمنى لأجله أني أقتل مرات، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد، فراعى خواطر الجميع‏.‏

وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المغازي وتخلف عنه المشار إليهم، وكان ذلك حيث رجحت مصلحة خروجه على مراعاة حالهم، وسيأتي بيان ذلك في ‏"‏ باب من حبسه العذر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أقتل في سبيل الله‏)‏ استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل، وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى ‏(‏والله يعصمك من الناس‏)‏ وهو متعقب فإن نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة، وهذا الحديث صرح أبو هريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة، والذي يظهر في الجواب أن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وددت لو أن موسى صبر ‏"‏ كما سيأتي في مكانه، وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه، قال ابن التين‏:‏ وهذا أشبه‏.‏

وحكى شيخنا ابن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله ‏"‏ ولوددت ‏"‏ مدرج من كلام أبي هريرة قال‏:‏ وهو بعيد، قال النووي‏:‏ في هذا الحديث الحض على حسن النية، وبيان شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واستحباب طلب القتل في سبيل الله، وجواز قول وددت حصول كذا من الخير وإن علم أنه لا يحصل‏.‏

وفيه ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح أو لدفع مفسدة، وفيه جواز تمني ما يمتنع في العادة، والسعي في إزالة المكروه عن المسلمين‏.‏

وفيه أن الجهاد على الكفاية إذ لو كان على الأعيان ما تخلف عنه أحد قلت‏:‏ وفيه نظر، لأن الخطاب إنما يتوجه للقادر، وأما العاجز فمعذور، وقد قال سبحانه ‏(‏غير أولي الضرر‏)‏ وأدلة كون الجهاد فرض كفاية تؤخذ من غير هذا، وسيأتي البحث في ‏"‏ باب وجوب النفير ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ وَقَالَ مَا يَسُرُّنَا أَنَّهُمْ عِنْدَنَا قَالَ أَيُّوبُ أَوْ قَالَ مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار‏)‏ بالمهملة وتشديد الفاء، كوفي ثقة يكنى أبا يعقوب، لم يخرج عنه البخاري سوى هذا الحديث، ورجال الإسناد من شيخه إسماعيل بن علية فصاعدا بصريون، وسيأتي شرح المتن في غزوة مؤتة من كتاب المغازي، ووجه دخوله في هذه الترجمة من قوله ‏"‏ ما يسرهم أنهم عندنا ‏"‏ أي لما رأوا من الكرامة بالشهادة فلا يعجبهم أن يعودوا إلى الدنيا كما كانوا من غير أن يستشهدوا مرة أخرى، وبهذا التقرير يحصل الجمع بين حديثي الباب، ودليل ما ذكرته من الاستثناء ما سيأتي بعد أبواب من حديث أنس أيضا مرفوعا ‏"‏ ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد ‏"‏ الحديث‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 10:04 pm

*3* باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَقَعَ وَجَبَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم‏)‏ أي من المجاهدين، ومن موصولة، وكأنه ضمنها معنى الشرط فعطف عليها بالفاء وعطف الفعل الماضي على المستقبل وهو قليل، وكان نسق الكلام أن يقول‏:‏ من صرع فمات، أو من يصرع فيموت، وقد سقط لفظ فمات من رواية النسفي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله عز وجل ‏(‏ومن يخرج من بيته مهاجرا‏)‏ الآية، أي يحصل الثواب بقصد الجهاد إذا خلصت النية فحال بين القاصد وبين الفعل مانع، فإن قوله ‏(‏ثم يدركه الموت‏)‏ أعم من أن يكون بقتل أو وقوع من دابته وغير ذلك فتناسب الآية الترجمة، وقد روى الطبري من طريق سعيد بن جبير والسدي وغيرهما أن الآية نزلت في رجل كان مسلما مقيما بمكة، فلما سمع قوله تعالى ‏(‏ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها‏)‏ قال لأهله وهو مريض أخرجوني إلى جهة المدينة فأخرجوه فمات في الطريق، فنزلت، واسمه ضمرة على الصحيح، وقد أوضحت ذلك في كتابي في الصحابة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقع‏:‏ وجب‏)‏ ليس هذا في رواية المستملي وثبت لغيره، وهو تفسير أبي عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ قال‏:‏ قوله فقد وقع أجره على الله أي وجب ثوابه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فَقُلْتُ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا فَقَالَتْ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ

الشرح‏:‏

حديث أم حرام وقد تقدم قريبا أن شرحه يأتي في كتاب الاستئذان‏:‏ والشاهد منه قوله فيه ‏"‏ فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت‏"‏، مع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها أن تكون من الأولين وأنهم كالملوك على الأسرة في الجنة، وقوله في الرواية الماضية ‏"‏ فصرعت عن دابتها ‏"‏ لا يعارض قوله في هذه الرواية ‏"‏ فقربت لتركبها فصرعتها ‏"‏ لأن التقدير فقربت إليها دابة لتركبها فركبتها فصرعتها‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ وروى ابن وهب من حديث عقبة بن عامر مرفوعا ‏"‏ من صرع عن دابته في سبيل الله فمات فهو شهيد ‏"‏ فكأنه لما لم يكن على شرط البخاري أشار إليه في الترجمة‏.‏

قلت‏:‏ هو عند الطبراني وإسناده حسن قال‏:‏ وفي حديث أم حرام أن حكم الراجع من الغزو حكم الذاهب إليه في الثواب‏.‏

ويحيى المذكور في هذا الإسناد هو ابن سعيد الأنصاري، وفي الإسناد تابعيان هو وشيخه وصحابيان أنس وخالته، وقوله فيه ‏"‏ أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ‏"‏ كان ذلك في سنة ثمان وعشرين في خلافة عثمان‏.‏

*3* باب مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من ينكب‏)‏ بضم أوله وسكون النون وفتح الكاف بعدها موحدة، والنكبة أن يصيب العضو شيء فيدميه، والمراد بيان فضل من وقع له ذلك في سبيل الله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرُ الْحَوْضِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ قَالَ هَمَّامٌ فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ فَكُنَّا نَقْرَأُ أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة قتل خاله وهو حرام بن ملحان وسيأتي شرحه في كتاب المغازي في غزوة بئر معونة، وقوله فيه ‏"‏ عن إسحاق ‏"‏ هو ابن عبد الله بن أبي طلحة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواما من بني سليم إلى بني عامر‏)‏ قال الدمياطي‏:‏ هو وهم، فإن بني سليم مبعوث إليهم، والمبعوث هم القراء وهم من الأنصار‏.‏

قلت‏:‏ التحقيق أن المبعوث إليهم بنو عامر، وأما بنو سليم فغدروا بالقراء المذكورين، والوهم في هذا السياق من حفص بن عمر شيخ البخاري، فقد أخرجه هو في المغازي عن موسى بن إسماعيل عن همام فقال ‏"‏ بعث أخا لأم سليم في سبعين راكبا، وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل ‏"‏ الحديث، ويأتي شرحه مستوفى هناك، فلعل الأصل ‏"‏ بعث أقواما معهم أخو أم سليم إلى بني عامر ‏"‏ فصارت من بني سليم، وقد تكلف لتأويله بعض الشراح فقال‏:‏ يحمل على أن أقواما منصوب بنزع الخافض أي بعث إلى أقوام من بني سليم منضمين إلى بني عامر وحذف مفعول بعث اكتفاء بصفة المفعول عنه، أو ‏"‏ في ‏"‏ زائدة ويكون ‏"‏ سبعين ‏"‏ مفعول بعث، ويحتمل أن تكون ‏"‏ من ‏"‏ لبست بيانية بل ابتدائية، أي بعث أقواما ولم يصفهم من بني سليم أو من جهة بني سليم انتهى‏.‏

وهذا أقرب من التوجيه الأول ولا يخفى ما فيهما من التكلف‏.‏

وقوله في آخر الحديث ‏"‏ على رعل ‏"‏ بكسر الراء وسكون المهملة بعدها لام هم بطن من بني سليم، وكذا بعض من ذكر معهم؛ وسيأتي الحديث في أواخر الجهاد أنه دعا على أحياء من بني سليم حيث قتلوا القراء، وهو أصرح في المقصود‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فَقَالَ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

الشرح‏:‏

حديث جندب، وسيأتي الكلام عليه في ‏"‏ باب ما يجوز من الشعر ‏"‏ من كتاب الأدب، ووقع فيه بلفظ ‏"‏ نكبت إصبعه ‏"‏ وهو الموافق للترجمة، وكأنه أشار فيها إلى حديث معاذ الذي أشير إليه في الباب الذي يليه، وفي الباب ما أخرجه أبو داود والحاكم والطبراني من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا ‏"‏ من وقصه فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء الله فهو شهيد‏"‏‏.‏

*3* باب مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من يجرح في سبيل الله‏)‏ أي فضله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يكلم‏)‏ بضم أوله وسكون الكاف وفتح اللام أي يجرح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحد‏)‏ قيده في رواية همام عن أبي هريرة بالمسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والله أعلم بمن يكلم في سبيله‏)‏ جملة معترضة قصد بها التنبيه على شرطية الإخلاص في نيل هذا الثواب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم‏)‏ في رواية همام عن أبي هريرة الماضية في كتاب الطهارة ‏"‏ تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والريح ريح المسك‏)‏ في رواية همام ‏"‏ والعرف ‏"‏ بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء وهو الرائحة، ولأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث معاذ بن جبل ‏"‏ من جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها الزعفران وريحها المسك ‏"‏ وعرف بهذه الزيادة أن الصفة المذكورة لا تختص بالشهيد بل هي حاصلة لكل من جرح، ويحتمل أن يكون المراد بهذا الجرح هو ما يموت صاحبه بسببه قبل اندماله لا ما يندمل في الدنيا فإن أثر الجراحة وسيلان الدم يزول، ولا ينفي ذلك أن يكون له فضل في الجملة، لكن الظاهر أن الذي ‏"‏ يجيء يوم القيامة وجرحه يثعب دما ‏"‏ من فارق الدنيا وجرحه كذلك، ويؤيده ما وقع عند ابن حبان في حديث معاذ المذكور ‏"‏ عليه طابع الشهداء ‏"‏ وقوله ‏"‏ كأغزر ما كانت ‏"‏ لا ينافي قوله ‏"‏ كهيئتها ‏"‏ لأن المراد لا ينقص شيئا بطول العهد، قال العلماء‏:‏ الحكمة في بعثه كذلك أن يكون معه شاهد بفضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى‏.‏

واستدل بهذا الحديث على أن الشهيد يدفن بدمائه وثيابه ولا يزال عنه الدم بغسل ولا غيره، ليجيء يوم القيامة كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفيه نظر لأنه لا يلزم من غسل الدم في الدنيا أن لا يبعث كذلك، ويغني عن الاستدلال لترك غسل الشهيد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد ‏"‏ زملوهم بدمائهم ‏"‏ كما سيأتي بسطه في مكانه إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )13
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )12
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: