foughala
قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 829894
ادارة المنتدي قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 103798


foughala
قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 829894
ادارة المنتدي قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 8:50 pm



لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غدت منارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سمرقند، وبُخارَى، وخوارزم، وترمذ، وغيرها. وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها "بلاد ما وراء النهر"، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع وغنية بالثروات الطبيعية، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا.
وكانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر (وسط آسيا والقوقاز) في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث ارتبطت الفتوحات بالقائد العربي المسلم الأحنف بن قيس التميمي، ولكن الفتوحات الحقيقية لها كانت في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك، والذي اشتهر في عهده القائد المظفَّر قتيبة بن مسلم الباهلي.
وقد استطاع العباسيُّون تحقيق نجاحات هائلة، حتى إن الثقافة الإسلاميَّة توطَّدت بين أهل تلك البلاد، وقد بدأ أهلها يتعلَّمون اللغة العربيَّة، وحفظ القرآن الكريم. على أن السامانيين (261- 389هـ/ 874- 999م) كان دورهم أكبر في انتشار الإسلام في هذه البلاد؛ إذ كانت عاصمتهم بُخَارى، لذلك كان من الطبيعي أن يكون اهتمامهم بما وراء النهر أعظم. وفي عهد الأتراك السلاجقة في القرن الخامس الهجري زادت الجهود لنشر الإسلام في مناطق أخرى من بلاد تركستان الغربيَّة وما حولها.
وبدأت روسيا القيصريَّة في التكالب على المسلمين في هذه المناطق؛ لمَّا ضَعُفَت الخلافة العثمانيَّة، وخاضت معهم حروب إبادة جماعيَّة، وحملات التنصير الإجباري. وبعد قيام الثورة البلشفيَّة الشيوعيّة عمل الروس على فرض اللغة الروسيَّة كلغة رسميَّة، ومنع الدراسة الدينيَّة وتدريس اللغة العربيَّة منعًا باتًّا، ونشر الأيديولوجيَّة الإلحاديَّة، وزرع الثقافة الشيوعيَّة، وتشتيت المسلمين وتذبيحهم، وخاصةً في كازاخستان وقيرغيزيا.
وبرغم هذه الحملة الشرسة لأجل انسلاخ المسلمين من دينهم، فإن المسلمين ظلوا يتمسكون بدينهم، وما زال الإسلام يتفجَّر بالقوَّة هناك.
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي استطاعت أكثر دول وسط آسيا وبلاد القوقاز الانفصال عن روسيا، غير أن الشيشان رغم إعلانها الاستقلال عن روسيا إلا أن الروس لجئوا إلى الخيار العسكري والحصار التام للجمهورية الشيشانية، وما زالت الشيشان تحاول الاستقلال عن روسيا الجائرة.
وأخيرًا وبعد استقلال دول وسط آسيا والقوقاز، نجد أن معظم النُّخَبِ الحاكمة في تلك الدول ما زالوا متأثِّرين بالفكر الشيوعيّ في بعض أنظمتهم، ونجد الاتِّجاه السائد هو عدم الرغبة في قيام أحزاب أو تكتُّلات إسلاميَّة، خاصَّةً في دول وسط آسيا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 8:52 pm

التعريف بوسط آسيا وبلاد القوقاز
لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة عظيمة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غَدَتْ مراكز علميَّة طبقت شهرتها الآفاق، ومنارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سَمَرْقَنْد، وَبُخَارَى، وخُوَارِزم، وتِرْمِذ، وفَارَابَ، وبيرُون، وسِجِسْتَان، وغيرها؛ وهي أسماء تدلُّ على أعلام لهم أيضًا مكانتهم في التاريخ الإسلامي، مثل: البُخَاري، والخُوَارِزمي، والتِّرْمِذي، والفَارَابي، و البيرُوني، وابن سينا، والجُرْجَاني، والسِّجِسْتَاني، وغيرهم من العلماء الأعلام الذين رفعوا لواء الإسلام وبَنَوْا للحضارة الإسلاميَّة عزًّا ومجدًا.

بلاد ما وراء النهر
وقد كانت هذه المنطقة تُعرف في الماضي ببلاد تركستان الكبرى، وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها: "بلاد ما وراء النهر"، ومعناها البلاد الواقعة خلف نهر جيحون (أموردريا)، وسيحون (سيردريا)، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا، وقد باتت مقسَّمة إلى تركستان الشرقيَّة وتركستان الغربيَّة، وتخضع منطقة تركستان الشرقيَّة الآن للاحتلال الصيني البغيض، والذي يُمَارِسُ مع سكانها كل أنواع التعذيب والقتل والتنكيل، أما منطقة تركستان الغربيَّة فهي موضوع دراستنا، وتضمُّ دُولاً خمسًا هي: طاجيكستان، وتركمانستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، بالإضافة إلى أذربيجان التي يشملها إقليم القوقاز مع جمهوريات وأقاليم أخرى ذات استقلال ذاتي في جمهوريتي أرمينيا وجورجيا[1].

آسيا الوسطى والقوقاز.. ثروات طائلة
وتمثِّل آسيا الوسطى مع منطقة القوقاز وَحْدَة جغرافيَّة واحدة، بحُكْم تضاريسها وتاريخها وموقعها، كما أنها تمثِّل أهميَّة إستراتيجيَّة كبرى، وتمتلك مصادر وثروات طبيعيَّة هائلة دَعَتْ إلى أن تتكالب عليها قوًى عديدة؛ فقيرغيزستان - على سبيل المثال - ترقد على مناجم هائلة من الذهب، وطاجيكستان تمتلك مناجم كبيرة من اليورانيوم تم اكتشافها في الثلاثينيات، وفي عام 1946م وفي مدينة تابوشا الطاجيكيَّة تمَّ تشييد أوَّل معمل سوفيتي لاستخلاص اليورانيوم الذي استخدم كمادَّة أوَّليَّة في تصنيع بلوتونيوم القنبلة الذرِّيَّة.
أما في القوقاز فنجد أن جمهوريَّة الشيشان تتصدَّر المناطق الواقعة تحت الحكم الروسي في إنتاج النفط خفيف الكثافة، والذي يُعَدُّ من أجود أنواع النفط في العالم، ويقول الخبراء: "إذا استُغِلَ المخزون النفطيُّ في الشيشان فسيصبح الشعب الشيشاني كشعوب منطقة الخليج من حيث القوَّة الاقتصاديَّة". وقد تمَّ اكتشاف النفط هناك عام 1893م، كما أن العاصمة الشيشانيَّة جروزني ظلَّت مركزًا للصناعات البتروكيماويَّة؛ ففيها تمَّ تكرير ستة ملايين ونصف مليون طن من النفط عام 1996م وَحْدَه.
وتخبئ سلاسل الجبال الممتدَّة على مساحات شاسعة؛ والتي تتمتَّع بقمم شاهقة تخبئ ثروات ضخمة من المعادن؛ كما أن سهولها ووديانها خصبة وغنيَّة بالإنتاج الزراعي الوفير، لكن أيًّا ما كان الحديث عن ثروات آسيا الوسطى والقوقاز، فإن الثروات النفطيَّة المخبوءة تحت سطح بحر قزوين تظلُّ في كفَّة وبقيَّة الثروات في كفَّة أخرى، بل إن الحديث عن ثروات هذا البحر يغطي دائما على أي حديث آخر[2].

[1] انظر محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 21/ 224، 225، وسعيد أحمد سلطان: محنة المسلمين في آسيا الوسطى والقوقاز ص 6، 18، ومحمود طه أبو العلا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي "سابقًا" دراسة اجتماعية اقتصادية سياسية ص 8 .

[2] في ثروات المنطقة انظر: آسيا الوسطى أطماع عمرها خمسة قرون، مقال لشعبان عبد الرحمن، على الرابط:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/11/article2-2.shtml
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 8:57 pm

الفتح الإسلامي لآسيا الوسطى والقوقاز

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز IslamicQoqazوحسب ما أشارت إليه المصادر التاريخيَّة؛ فإن تركستان كان يقطنها قبائل من الترك، ولذا تعني كلمة تركستان: "بلاد الترك"؛ حيث إنها مكَوَّنة من مقطعين: (ترك) ويعني القبائل التي تقطن المكان، و(ستان) ويعني أرض القوم؛ فهي موطن الأتراك ومنبتهم[1].
القائد العظيم.. الأحنف بن قيس
وكانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر (وسط آسيا والقوقاز) في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t (13 - 23هـ)؛ حيث ارتبطت الفتوحات بالقائد العربي المسلم الأحنف بن قيس التميمي، الذي طارد الملك الفارسي "يزدجرد" شرقًا حتى نهر جيحون، الحدِّ الغربي لبلاد ما وراء النهر، وقد عاون خاقانُ الترك يزدجردَ، وكوَّنَا حلفًا لمواجهة المسلمين، وتمكَّنت قوات يزدجردَ من استعادة مدينة بَلْخ عاصمة إقليم خراسان، لكن الأحنف بن قيس لم يتأثَّر بذلك وَقَتَل ثلاثة من فرسان الترك، وأثَّر هذا الأمر فيهم فعادوا أدراجهم[2].
وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان t (23 - 35هـ) دارت معركة بين الأحنف بن قيس من جهة وبين الأتراك الذين كانوا بطخارستان على حدود جيحون من ناحية أخرى، وقد انتهت المعركة بانتصار الأحنف وتوقيعه صلحًا مع أهل طخارستان. وقد أعقب ذلك أن أرسل الأحنفُ قائدَه الأقرعَ بن حابس؛ ليتتبَّع الأتراك المتقهقرين إلى جبال الجوزجان، فأنجز الأقرع مهمته بالانتصار عليهم، وتمَّ له فتح الجوزجان، ويبدو أن هذه الانتصارات السريعة حفَّزت الأحنف فوصل بقوَّاته إلى خُوَارِزم إحدى بلاد ما وراء النهر، ثم عاد إلى بلخ قاعدة خراسان[3].
وقد توقَّفت الفتوحات الإسلاميَّة مدَّةً انشغل فيها المسلمون بصراعات داخليَّة، ثم استُأْنِفَت الفتوحات مرَّة أخرى في عهد الخلافة الأُمويَّة.


الفتح الإسلامي في عهد الدولة الأموية
ففي عام 54هـ غزا عبد الله بن زياد خراسان، وقطع نهر جيحون إلى بخارى على الإبل[4]، وفي عام 56هـ وَلِيَ خراسان سعيد بن عثمان بن العاص فغزا سمرقند، وفي عهد يزيد بن معاوية تولَّى مسلم بن زياد ابن أبيه إمارة خراسان؛ فتجدد الصراع مع الأتراك واتَّحدت جيوش بخارى والصُّغْد وقوَّات تركيَّة من التركستان، لكن الجيوش الإسلاميَّة حقَّقت انتصارًا كبيرًا على الأتراك، وغنموا الغنائم الكثيرة[5]، فاضطرت الخاتون صاحبة بخارى أن تدفع أموالاً كثيرة، لتجنّب المسلمين الظافرين من التوغُّل في أراضيها[6].
ويبدو أن هذه المحاولات كانت مجرَّد تمهيد للفتح الإسلامي المنظَّم لهذه البلاد؛ إذ إن الفتوحات الحقيقيَّة لها كانت في عهد الوليد بن عبد الملك (86 – 96هـ)، والذي اشتهر في عهده القائد المظفَّر قتيبةُ بن مسلم الباهلي، وقد تولَّى أمر خراسان في عام 88هـ، وكان قد عَبَر نهر جيحون في المرحلة الأولى من جهاده (83 - 84هـ)، واستعاد منطقة طخارستان، ثم استعاد بخارى في المرحلة الثانية من جهاده ( 87 - 89هـ)، وفي المرحلة الثالثة من جهاده (90 - 93هـ) استطاع أن يرفع راية الإسلام في حوض نهر جيحون، وقد توجَّهت فتوحاته في المرحلة الرابعة من جهاده (94 - 96هـ) إلى ولايات سيحون، ثم دانت له ولايات أوزباكستان وطاجيكستان، وغيرهما من مناطق وسط آسيا، ونجح في نشر الدعوة الإسلاميَّة، وثبَّت دعائم الإسلام هناك، وبنى أوَّل مسجد في بخارى عام 94هـ، وواصل مسيرته حتى فتح مدينة كَاشْغَر، وقارَب حدود الصين[7].
وقد انتهت حياة المجاهد الكبير قتيبة بن مسلم نهاية حزينة؛ حيث قُتِلَ على يَدِ أحد جنوده بعد سلسلة من الفتوحات المهمَّة، ثم تولَّى القيادة مِن بَعْده أخوه صالح بن مسلم، والذي أكمل فتح باقي منطقة فَرْغَانَة[8].
وبعد وفاة الوليد بن عبد الملك عام 96هـ، وتولية سليمان بن عبد الملك الخلافة تقلَّصت عمليَّات الفتح الإسلامي، بل وقامت مجموعة من الثورات ضدَّ الدولة الإسلاميَّة في هذه المناطق، تمثَّلت في طموحات الأمراء الأتراك الذين أبقاهم الأُمويُّون يحكمون بلادهم تحت السيادة الإسلاميَّة، ومن أمثلة ذلك ثورة أمير فَرْغَانَة - بعد وفاة قتيبة بن مسلم – ومحاولته استعادة نفوذه القديم، وأيضًا ثورات بُخَارَى وسَمَرْقَنْد، لكنَّ الخلافة الأمويَّة لم تتهاون في مواجهة تلك الثورات وقمعها، فأذعن كثير من أمراء هذه البلاد للخلافة الأمويَّة، وبدأ كثير منهم يدخلون في دين الله، خاصَّة في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، وبعده بدءوا يتألَّفون مع المسلمين العرب[9]، بل بدءوا يُدافعون عن الإسلام بحماس ضدَّ الأتراك الشرقيين، الذين توالت إغارتهم على بلاد ما وراء النهر، وأخذوا يشكِّلون خطرًا على الخلافة الأمويَّة التي تصدَّت لذلك الخطر بجرأة، وقام الولاة الأمويُّون مثل الجراح بن عبد الله الحَكَمِيِّ، وعبد الله بن معمر الْيَشْكُرِيِّ، الذي تابع الغزو في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد[10].

أخلاق الفاتح المسلم تنشر الإسلام
وظلَّت الخلافة الأمويَّة والأتراك الشرقيون في صراع يتبادلون النصر والهزيمة، حتى تغلَّبت كفَّة الخلافة الأمويَّة على يَدِ أسد بن عبد الله القَسْرِيِّ ( 117-131 هـ)، ونصر بن سيار (121 – 129هـ)[11].
والذي ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن تَعامُل الفاتحين المسلمين مع أهل هذه البلاد كان السبب الرئيسي في دخولهم الإسلام عن قناعة تامَّة، وليس أدلُّ على ذلك من ترحيب أهل بلخ بالقائد المظفَّر قتيبة بن مسلم الباهلي، وأيضًا دخول عدد كبير من أهل بخارى في الإسلام عن إيمان وعقيدة بعد أن انتصر على ملكتهم (خاتون)، وكان قد أشار إليها بعد أن عقد معها الصلح بأن المسلمين لم يأتوا لاحتلال "بُخَارَى"، وإنما أَتَوْا لنشر شريعة الإسلام، وتبليغ دين الله تعالى[12].

الخلافة العباسية والمواجهة مع الصينيين
وبعد سقوط الخلافة الأمويَّة وقيام الخلافة العباسيَّة عام 132هـ، واجه العباسيُّون خطرًا جديدًا، هو الخطر الصيني؛ فقد رتَّب الصينيُّون للسيطرة لا على الأتراك الشرقيين فحسب، وإنما على بلاد ما وراء النهر ذاتها[13].
والتقى الجيشان العباسيُّ والصينيُّ في معركة طالاس عام (134هـ = 752م)، انتصر فيها العباسيُّون، وكان هذا الانتصار من أعظم الانتصارات في وسط آسيا[14].
وكان أثر الهزيمة على الصينيِّين شديدًا، إلى درجة أنهم تقاعسوا عن نصرة أمير أُشْرُوسَنَة[15] عندما استغاث بهم ضدَّ المسلمين، وكان هذا يعني أن العباسيين قد نجحوا في إبعاد الصيين عن المعركة، وبات على الأتراك الشرقيِّين أن يواجهوا المسلمين معتمدين على أنفسهم، وهو ما كان فوق طاقتهم؛ لأن العباسيين أَوْلَوا المنطقة عناية كبيرة، وواصلوا جهودهم إلى أن زال خطر الأتراك الشرقيين، فثبَّتَت الخلافة العباسيَّة سطوتها على هذه المناطق، وبدأ كثير من الأتراك في الدخول في دين الله أفواجًا[16].

الأتراك جند الجهاد
وكما نهج الأُمويون فقد استخدم العباسيُّون الأتراكَ في الإدارة، بل في الجيش نفسه، وهو ما شجَّع الأتراك على اعتناق الإسلام، وكان من ذلك أن أنشأ الفَضْل بن يحيى البرمكي فرقة كبيرة من الأتراك الغربيين بلغ عددها خمسين ألف مقاتل، أرسل إلى بغداد وحدها عشرين ألف مقاتل، أسماهم بالفرقة الخُوَارِزْمِيَّة، وذلك في عهد هارون الرشيد (170-193هـ)، وقد استنَّ الخليفة المأمون (198-218هـ) سُنَّةً جديدة، حيث دعا كثيرًا من زعماء الأتراك إلى الدخول في خدمته في بغداد، ومَنَحَهُم الصلات والعطايا، وألحق كثيرًا من فرسانهم في الحرس الخليفي[17].
وفي عهد الخليفة المعتصم ( 218-227هـ) زاد الإسلام تمكُّنًا في بلاد ما وراء النهر، حتى إن الأتراك الغربيين أنفسهم أصبحوا جند الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الإسلام ونَشْرِه بين الأتراك الشرقيين؛ يقول البَلاذُري: "والمعتصم بالله جُلُّ شهود عسكره من جند أهل ما وراء النهر، من الصُّغْد والفراغنة وأهل الشاش وغيرهم، وحضر ملوكهم ببابه، وغلب الإسلام على ما هناك، وصار أهل تلك البلاد يغزون مَن وراءَهم مِن الترك، ففتح مواضع لم يَصِلْ إليها أحد من قبله"[18].
وهكذا استطاع العباسيُّون تحقيق نجاحات هائلة، حتى إن الثقافة الإسلاميَّة توطَّدت بين أهل تلك البلاد، وقد بدء أهلها يتعلَّمون اللغة العربيَّة، وحفظ القرآن الكريم، وإن كانت المراكز الثقافيَّة لم تبرُز في هذه البلاد، وخاصَّة في بخارى وسمرقند، إلا في عهد الطاهريين (205 – 259هـ = 820 – 873م)، الذين اتَّخذوا نيسابور في خراسان قاعدة لهم، وكان لظهورهم دفعة قويَّة للإسلام في بلاد ما وراء النهر[19].

[1] انظر نصر الله مبشر الطرازي: "الجمهوريات الإسلامية في رابطة الدول المستقلة ماضيها وحاضرها"، مؤتمر: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، جامعة الأزهر 28 – 30 سبتمبر 1993م، المجلد الرابع ص 173، وسعيد أحمد سلطان: محنة المسلمين في آسيا الوسطى والقوقاز ص9، 10 .

[2] الكتبي: عيون التواريخ، مخطوط ورقة رقم 51، نقلاً عن: مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص100.

[3] انظر أحمد توني عبد اللطيف: "الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك"، مؤتمر: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، جامعة الأزهر، 28 – 30 سبتمبر، 1993م، المجلد الثاني ص 57، وانظر المصدر المنقول عنه سابقًا، الصفحة نفسها.

[4] الذهبي: تاريخ الإسلام 1/ 521 (حوادث سنة أربع وخمسين).

[5] ابن كثير: البداية والنهاية 8/ 78، و الذهبي: تاريخ الإسلام 1/ 521 .

[6] زبيدة عطا: بلاد الترك في العصور الوسطى ص28. وانظر: خليل عبد المجيد أبو زيادة: جمهورية طاجيكستان الإسلامية ماضيها وحاضرها، مؤتمر المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، جامعة الأزهر 28-30 سبتمبر 1993، 3/276.

[7] محمد عبد العليم العدوي: العالم الإسلامي بين الماضي والحاضر والأقليات المسلمة ص 164، 165، ومصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 102، 103 .

[8] انظر البلاذري: فتوح البلدان 3/ 517 .

[9] حسن أحمد محمود: الإسلام في آسيا الوسطى ص 150، 151 .

[10] انظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 104، 105 .

[11] انظر عبد الشافي محمد عبد اللطيف: الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك 2/ 9 ، والمصدر السابق ص 105.

[12] انظر نصر الله الطرازي: تعليم اللغة الأوزبكية ص 7، وسعيد أحمد سلطان: محنة المسلمين في آسيا الوسطى والقوقاز ص43، 44.

[13] انظر الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك 2/ 26 .

[14] حسن أحمد محمود: الإسلام في آسيا الوسطى ص 157 .

[15]بلدة من بلدان ما وراء النهر.

[16] مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 108 .

[17] المصدر السابق، الصفحة نفسها، وحسن أحمد محمود: الإسلام في آسيا الوسطى ص 162، 163.

[18] البلاذري: فتوح البلدان 3/ 528، 529، وانظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 109 .

[19] انظر عبد الشافي محمد عبد اللطيف: الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك 2/ 27، ومصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 109.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 8:59 pm

انتشار الإسلام على يد السامانيين والسلاجقة
على أن السامانيين (261 - 389هـ = 874 – 999م) كان دورهم أكبر في انتشار الإسلام في هذه البلاد؛ إذ كانت عاصمتهم بُخَارى، لذلك كان من الطبيعي أن يكون اهتمامهم بما وراء النهر أعظم؛ لأنه مقرُّ حكمهم ومركز دولتهم، ففي عهدهم وضحت ثمار الجهود التي بذلها المسلمون في رفع مكانة الإسلام هناك طيلة قرنين من الزمان تقريبًا، وقد ثبت الإسلام في قلوب الأتراك الغربيين، بل أخذ ينتشر بين الأتراك الشرقيين[1].
وفي عهد الأتراك السلاجقة في القرن الخامس الهجري زادت الجهود لنشر الإسلام في مناطق أخرى من بلاد تركستان الغربيَّة وما حولها، وهم الذين أوقعوا هزيمة فادحة بالروم في معركة ملاذكرد (464هـ = 1071م).

الذهبي حاكم موسكو المسلم
وقد أدَّى ظهور المغول والتتار في البلاد العربيَّة والإسلاميَّة، وقيامهم بتدمير العديد من المعالم والمدن الإسلاميَّة المهمَّة إلى إضعاف الإسلام في مناطق القوقاز، وارتداد كثير من شعوب هذه المناطق إلى النصرانيَّة، بَيْدَ أن التحوُّل الكبير لصالح الإسلام بدأ عندما تولَّى بركة خان بن جوجي ابن أخي جنكيز خان حكم القبيلة الذهبيَّة[2] عام (654 هـ=1256م)، وقد استمرَّ حكمه إلى سنة (675 هـ=1276م) تَحَوَّل في أثنائه معظم أفراد القبيلة الذهبيَّة إلى الإسلام، وقد امتدَّ حكمهم من تركستان حتى موسكو، التي حكموها أيضًا[3].

تيمور لنك.. عهد القوقاز الذهبي
وكان العهد الذهبي للقوقاز من حيث ثبات العقيدة ورسوخها في عهد تيمورلنك (726 - 807هـ)، الذي احتلَّ أَذْرَبِيجَان والداغستان؛ فقد اهتمَّ تيمورلنك بالقضاء على كل ما هو غير إسلامي في أَذْرَبِيجَان وداغستان، حتى لقد أصبح الإسلام هو الدين الوحيد لسكان وسط الداغستان، وهم شعب "اللاك"، الذين أصبحوا بدورهم شعلة قويَّة في نشر الإسلام في المناطق المجاورة لهم، وقد اتخذوا مدينة "غازي – قمق" عاصمة لهم ومركزًا إسلاميًّا رئيسيًّا في داغستان. كما يُذكر لتيمورلنك أنه وجَّه ضربة عنيفة لأكبر قوَّة مسيحيَّة في وسط وشمال القوقاز، وهي مملكة شعب "الآلان" وهم أجداد شعب الأوستين الذين يعيشون اليوم في أوسيتيا الشماليَّة والجنوبيَّة؛ حتى دخلت معظم شعوب المنطقة في الإسلام، وخاصَّة بعد ظهور مجموعة من القوى في منطقة القوقاز وما حولها في القرن العاشر الهجري مثل: تركيا، وخانية القرم، اللَّتان كان لهما أكبر الأثر في تحوُّل الأبخاز[4] وشراكسة الغرب والشرق من المسيحيَّة إلى الإسلام[5].

[1] المصدرين السابقين، الصفحات التاليات.

[2] القبيلة الذهبية: يرجع إلى الخيمة ذات القبة التي كانت موشَّاة بالذهب .

[3] محمود عبد الرحمن: تاريخ القوقاز ص36 .

[4] الأبخاز: قوم سكنوا بلاد القوقاز. على ساحل البحر الأسود، اعتنقوا الإسلام في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي

[5] المصدر السابق، الصفحة نفسها، ومحمود دسوقي كسبه: الشيشان بين المحنة وواجب المسلمين ص 57، 58.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:03 pm

بلاد القوقاز في عهد الدولة العثمانية
ولما استطاعت إمارة آل عثمان (699 – 1342هـ) التوسُّع غربًا في اتِّجاه الأراضي البيزنطيَّة راحت القوى الصليبيَّة تُحَرِّض القوى التركمانيَّة الأخرى على مناوئة النفوذ العثماني في الأناضول، حيث قَادَ هذه الحركات أمير قرمان علاء الدين، لِذَا توجَّه العثمانيون لأوَّل مرَّة تجاه الشرق، وبدءوا في السيطرة على الإمارات هناك تدريجيًّا، حتى خضعت معظمها للسيادة العثمانيَّة، ويمكن أن نقسِّم ممالك آسيا الوسطى والقوقاز من خلال عَلاقتها بالخلافة العثمانيَّة إلى قسمين: الأوَّل: ممالك خضعت للنفوذ العثماني المباشر، وهي مثل مناطق القرم، وقفقاسيا، وغربي القوقاز. والثاني: ممالك لم تخضع للنفوذ السياسي للخلافة العثمانيَّة، وإنما خضعت لنفوذها الديني، وتخوض مع الدولة صراعًا مشتركًا ضدَّ الشيعة في إيران، والأطماع الروسيَّة في الشمال، وهذه المناطق هي: بخارى وخُوَارِزم وطشقند وشرق القوقاز[1].
هذا وقد كان ثَمَّة عداء واضح بين الدولة الصفويَّة والخلافة العثمانيَّة، وهو ما ولَّد مجموعة من المعارك الحربيَّة بين الطرفين، انتصر فيها العثمانيُّون كثيرًا، وبسبب هذه العداوة لم تخضع دول وسط آسيا بالصورة السياسيَّة المفهومة لسلطان العثمانيين؛ لذا استقلَّت كثير من هذه الممالك بذاتها.
وخلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريَّيْن كثَّف الأتراك العثمانيُّون جهودهم لنشر الإسلام في الأجزاء الشماليَّة والغربيَّة والوسطى من القوقاز، وبشكل خاصٍّ بين شراكسة البحر الأسود، وهم الأديجيون، وبين قبائل القرتشاي، والبلكار، والأباظة، والأبخاز، وقام الأتراك عام (1036هـ= 1627م) بغزو الأجزاء الجنوبيَّة الغربيَّة من جورجيا، واعتنق قسم من سكانها الدين الإسلامي، وهم شعب أدجاريا الحالي وعاصمتهم باطومي على ساحل البحر الأسود[2]، وقد وطَّد الإسلام أركانه في هذه البلاد خلال القرن الثالث عشر الهجري، وقد انتشرت المذاهب الصوفيَّة في الفترة، ومنها النقشبنديَّة.
وفي عام (1129هـ = 1717م) فكَّر سلطان الأتراك وخان القرم "دولت كراي" ومِن بَعْدِهِ "خاز كراي" في نشر الإسلام بين أهل هذه المنطقة؛ فجلب العلماء من الأستانة، كما بنى المساجد، وجعل من "أنابا" عاصمة لولايته على ثغر البحر الأسود، ومركزًا رئيسيًّا للإسلام، وقد انتشر الإسلام من "أنابا" في عموم شمالي القوقاز، بما في ذلك الشيشان، وهكذا أصبح الشراكسة عمومًا مسلمِين ومتمسِّكين به أشدَّ التمسُّك في كل مناحي الحياة[3].
هذا وقد أدَّى نشاط حركة الجهاد الإسلامي العثماني في شرق أوروبا - حتى سقوط بيزنطة وضم الخلافة العثمانيَّة للأملاك البيزنطيَّة في البحر الأسود - إلى دخول الإسلام منطقة القرم وقفقاسيا، وخوض صراع طويل على أملاك العائلة الذهبيَّة في قازان واسترخان مع إمارة موسكو، وانتهى الأمر بإلحاق الخلافة العثمانيَّة للقرم تحت حمايتها، وضمِّ موسكو لقازان واسترخان[4].
ولكن لاضطراب السياسة العثمانيَّة على إِثْر وفاة السلطان سليمان القانوني، وظهور إمارة موسكو كقوَّة في منطقة أوكرانيا شمالي البحر الأسود، وسَعْيِ أمير هذه الإمارة للحصول على لقب القيصريَّة من بابا روما، ووراثة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وحرص بابا روما على دفع روسيا القيصريَّة لحمل راية الصليب ضدَّ العالم الإسلامي - كان لكلِّ هذا أثره العظيم في توجيه القيصر الروسيِّ بصرَه صوب الممالك الإسلاميَّة في الجنوب[5].
وفي هذا الصدد تمكَّنت روسيا القيصريَّة من قطع اتِّصالات ممالك آسيا الوسطى ببقيَّة العالم الإسلامي، وبخاصَّة الخلافة العثمانيَّة، إثر احتلالها استرخان، وتعاونت مع الدولة الشيعيَّة في إيران، التي راحت تتعاون مع العالم الصليبي لمواجهة المسلمين من أهل السنة في بلاد ما وراء النهر وفي الممالك العثمانيَّة، كما ورَّطت روسيا القيصريَّة الخلافةَ العثمانيَّة في حروب خارجيَّة بالتنسيق مع إمبراطوريَّة النمسا[6].

[1] عبد العزيز محمد عوض الله: دراسة أنثربولوجية وتاريخية لتركمان آسيا الوسطى الإسلامية في النصف الثاني من القرن التاسع - بحوث المؤتمر، المجلد الثاني ص 200، نقلاً عن: مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص119، 120 .

[2] أحمد عادل موسى: " شهد الإسلام عصره الذهبي في القوقاز على يد الفاتح تيمور لنك " صحيفة الشرق الأوسط 24/10/1995م.

[3] محمود عبد الرحمن: تاريخ القوقاز ص37، ومحمود دسوقي كسبة: الشيشان بين المحنة وواجب المسلمين ص 59 .

[4] مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص120 .

[5] المصدر السابق ص121 .

[6] انظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 121، 122


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:06 pm

آسيا الوسطى والقوقاز تحت الاستعمار الروسي
واعتبارًا من القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي تعرَّض العالم الإسلامي عمومًا بقيادة الخلافة العثمانيَّة، وروسيا، وأوروبا، وإيران، لمتغيِّرات هائلة، كان لها أثرها المباشر على عَلاقات الخلافة العثمانيَّة مع مناطق آسيا الوسطى بعد سقوط القرم وقفقاسيا حتى بحر قزوين في يَدِ الروس، ويأتي على رأس هذه المتغيِّرات ضَعْفُ الخلافة العثمانيَّة، وتقسيم أملاكها إلى مناطق حماية بين الدُّول الاستعماريَّة، وانفتاح الطريق أمام الروس لاحتلال ممالك آسيا الوسطى الإسلاميَّة[1].
فقد بدأت روسيا القيصريَّة في التكالب على المسلمين في هذه المناطق، لمَّا ضَعُفَت الخلافة العثمانيَّة، وخاضت معهم حروب إبادة جماعيَّة، بدءًا من عهد إيفان الثالث (885هـ = 1480م) الذي نكَّل بالمسلمين، وقاد حملة كبيرة أخرج فيها المسلمين التتار من موسكو بعد أن دامت في أيديهم قرابة 240 عامًا، ثم جاء عهد فاسيلي الثالث ابن إيفان الثالث، فطلب منه البابا أن يعجِّل بطَرْد المسلمين إلى سيبريا وتشتيتهم، واعدًا إيَّاه بملكوت السماء بالقسطنطينيَّة التي فتحها محمد الفاتح العثماني عام 857هـ، لكنَّ أخطر هؤلاء القياصرة كان إيفان الرابع أو "الرهيب" كما أَطْلَق عليه المسلمون هذا الاسم؛ وذلك بسبب حرب الإبادة الشاملة التي شنَّها ضدَّهم؛ فقد فرض عليهم أن يتنصروا أو يتركوا أوطانهم ويُهاجروا مثلما فعل الأسبان بمسلمي الأندلس.
كما فعل الروس ذلك مع التتار المسلمين على ضفاف نهر الفولجا ومع البشكير، وقد تحوَّل كثير من البشكير والتتار إلى النصرانيَّة؛ خوفًا على أنفسهم وأولادهم، محافظين على إسلامهم سرًّا مدى ثلاثة قرون، حتى أُتِيحَت الحريَّات الدينيَّة عام (1323هـ=1905م)، فأظهروا إسلامهم[2].

روسيا القيصرية تفرض التنصير
وبعد إيفان الرهيب جاء بطرس العظيم، فكانت سياسته كسلفه، ففرض التنصير على المسلمين بالقوَّة أو الْفِرَار من أراضيهم وأوطانهم، وقد بدأ بطرس العظيم (1092 - 1138هـ = 1682 – 1725م) بالاتِّجاه جنوبًا إلى شمال البحر الأسود في منطقة أزوف واحتلَّها عام (1108هـ - 1696م)، ولكن الخلافة العثمانيَّة استعادتها سنة (1112هـ - 1700م)، ولم يتمكَّن من الاستيلاء على القوقاز سنة (1135هـ - 1722م)؛ بسبب المواجهة الشرسة التي وُاجِهَهَا من مسلميها الأشداء بقيادة رجال الطريقة النقشبنديَّة الصوفيَّة.
وقد سارت الإمبراطورة الروسيَّة "حنا" (1151 – 1169هـ = 1738 – 1755م) على نهج إيفان الرهيب، ففرضت التنصير على المجرى الأوسط لنهر الفولجا، وصادرت الأوقاف، وأغلقت المدارس، وقد أصدرت أمرًا بإعفاء المرتدِّين عن الإسلام إلى النصرانيَّة من الضرائب والخدمة العسكريَّة، ومعاملتهم معاملة حسنة، وقد مُنِعَ المسلمون في عهدها من إقامة شعائرهم الدينيَّة، وأُغْلِقَت جميع مدارسهم ومساجدهم، حتى إن أطفالهم الصغار كانوا يُخطفون ويُوضعون في المدارس التبشيريَّة، حتى يَنْشَئُوا على النصرانيَّة الأرثوذكسيَّة.
وفي عهد كاترين (1176 - 1211هـ = 1762 – 1796م) تمَّت أضخم عمليَّات التوسُّع على حساب أرض المسلمين، ففي فترة حكمها قامت بمصادرة مئات الألوف من أخصب أراضي تتار القرم، رغم السياسة المتسامحة التي أبدتها مع المسلمين، ومنحهم الحرِّيَّة الدينيَّة سنة (1187هـ - 1773م)، ومِن بعدها لم يَسِر القياصرة الروس على نهجها في التسامح مع المسلمين؛ فنجد نيقولا الأوَّل يلجأ إلى سياسة الكبت والضغط على المسلمين، فلا يسمح ببناء المساجد، بل ويُصادر كثيرًا من أراضيهم، وتحتلُّ جيوشه إقليم طشقند عاصمة إقليم الشاش، وسمرقند عاصمة تيمورلنك[3].

الإمام منصور رافع راية الجهاد
والذي يمكن تسجيله هنا هو أن المقاومة الإسلاميَّة لم تُعْدَمْ في أي من عصور القياصرة السابقِينَ ولا غيرهم، وقد ظهرت في أبهى صورها في عهده كاترين، حيث ظهرت شخصيَّة إسلاميَّة قوقازيَّة حملت على عاتقها راية الجهاد، تمثَّلت في الإمام منصور، الذي استطاع أن يُلْحِق الهزائم المتتاليَّة للروس في كُلٍّ من الشيشان والداغستان، لكنَّه هُزِمَ سنة 1785م في معركة "تتارتوب"، ولكنها لم تكن هزيمة كاملة؛ لأن الإمام منصور انسحب من المعركة بعد أن شعر بأنه سيخسر نتيجة التفوُّق العدديِّ الكبير للروس، وعاد لمسقط رأسه في الشيشان.
وعندما بدأت بوادر الحرب الروسيَّة التركيَّة في عام 1787م استنجد الأتراك بالإمام منصور فلبَّى النداء، وبدأ بمهاجمة القوَّات الروسيَّة من الخلف في الذكرى السنويَّة لمعركة "تتارتوب"، فانتصر الإمام منصور، واستطاع بمعاونة ثلاثة أفواج من قوازق الدون في إبادة الروس وهزيمتهم، إلا أن الروس استطاعوا أن ينالوا من الإمام منصور في قلعة "أنابا" على ساحل البحر الأسود، فخرَّ البطل شهيدًا في سبيل الله في عام 1794م بعد جهاد ضدَّ القيصريَّة الروسيَّة دام ما يقرب من عشر سنين[4].

عوامل التوسع الروسي في القوقاز
والحقيقة أنه كانت هناك عدَّة عوامل ساعدت على التوسُّع الروسيِّ في آسيا الوسطى والقوقاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، نلخِّصها في عامِلَيْن[5]:
ا) عامل داخلي: حيث ركَّز القيصر نيقولا الأول (1825 - 1855م) جهوده للسيطرة على منطقة القوقاز، ولتحقيق هذا الغرض تمَّ بناء خطٍّ من الحصون لمحاصرة هذه القبائل والقضاء على مقاومتها، وبانتهاء حرب القرم[6] عام 1856م تمَّ تكثيف الحملات العسكريَّة ضدَّ الشيخ شامل[7]، حتى اضطر للاستسلام في عام 1859م، وكان القضاء على الشيخ شامل وثورته تأمينًا للوضع العسكريِّ في المنطقة، وتمهيدًا للتقدُّم الروسيِّ في خانات آسيا الوسطى التي كانت مجهولة تمامًا بالنسبة للدُّول الأوروبيَّة والعالم الغربي.
ثم إن روسيا أرادت بعد هزيمتها في حرب القرم من قِبَلِ فرنسا وبريطانيا أن تُعِيدَ تحقيق الأمجاد العسكريَّة، والانتصارات الروسيَّة، ولذلك عمل ألكسندر الثاني ( 1855-1881م) على تقوية وتحديث الجيش الروسيِّ، فأصدر في عام 1874م قانون الخدمة العسكريَّة.
وهذا فضلاً عن رغبة الروس في نشر مذهبهم الأرثوذوكسي، ومحاربة الخانات الإسلاميَّة، وزعزعة العقيدة الإسلاميَّة، وتأمين الحدود الجنوبيَّة؛ حيث أدرك قياصرة الروس خطر الإسلام، وأنهم هم الورثة الحقيقيون للدولة البيزنطيَّة، وحُمَاة المذهب الأرثوذكسي ودُعَاتُه!
ب) ظروف دُوليَّة: حيث كانت حرب القرم التي انهزمت فيها روسيا من أهمِّ الأسباب التي قادتها إلى التوسُّع الجغرافيِّ والعقائديِّ في وَسَط آسيا، وذلك أنها قضت على هيبة روسيا دُوَلِيًّا ولفترة طويلة، وقضت لفترة على التوسُّع الروسيِّ غربًا، وبسببها تخلَّت روسيا مؤقَّتًا عن فكرة تقسيم الخلافة العثمانيَّة، ومن ثَمَّ نشطت للتوسُّع في آسيا الوسطى.

[1] المصدر السابق ص128، 129 .

[2] محمود محروس قشطة: الاحتلال الروسي للجمهوريات الإسلامية، مؤتمر المسلمون في آسيا والقوقاز، جامعة الأزهر 28-30 سبتمبر 1993، المجلد الثاني ص 125، ومصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 130، 131.

[3] راجع في ذلك مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 131-133.

[4] مصطفى دسوقي كسبة: الشيشان بين المحنة وواجب المسلمين ص78-81، ومحمود عبد الرحمن: تاريخ القوقاز ص 56-60.

[5] انظر إلهام محمد ذهني: التوسع الروسي في خانات آسيا الوسطى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مؤتمر المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، المجلد الثاني ص 144 .

[6] حرب القرم هي حرب قامت بين روسيا والسلطنة العثمانية في 28 مارس عام 1853م، واستمرَّت حتى 1856م. ودخلت بريطانيا وفرنسا الحرب إلى جانب الخلافة العثمانية في 1854، فهُزمت روسيا وعقدت معاهدة باريس في مارس عام 1856م التي أقرَّت روسيا على جزء من أراضيها لدولة مولدافيا، وفرض حياد البحر الأسود، وحرِّيَّة الملاحة في نهر الدانوب.

[7] الإمام المجاهد شامل وُلِدَ في 21/8 /1797، وحمل شعلة الجهاد ضدَّ الروس في منطقة الشيشان والقوقاز في القرن التاسع عشر، لكنه بعد حركة نشطة للجهاد، اضطر للاستسلام عام 1859م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:09 pm

التدخل الروسي في شئون الدولة العثمانية
على أن هذا الاتِّجاه قد قَوِيَ بعد انتهاء الحرب الروسيَّة التركيَّة، والتي كانت قد نشبت بسبب انتهاز روسيا لنشوب ثورة في البوسنة والهرسك ضدَّ الحكم العثمانيِّ، فتدخَّلت لصالح الثوَّار، وعَمِلَتْ على إثارة رُوح العداء بين الطرفين، ثم دَخَلَت الصربُ والجبلُ الأسود في صراع مع الخلافة العثمانيَّة في سنة 1876م، وانتهزت روسيا الفرصة وأعلنت ضرورة تدخُّلها لحماية مسيحي الخلافة العثمانيَّة، وأثارت العواصم الأوروبيَّة لذلك، فوجَّهت الدُّول الأوروبيَّة عام 1877م إنذارًا جماعيًّا إلى الخلافة العثمانيَّة، طالبت فيه بعقد صلح مع الجبل الأسود، وهو ما رفضته، فاشتعلت الحرب بينها وبين روسيا، انتهت بهزيمة الخلافة العثمانيَّة عام 1877م؛ حيث عجزت عن مقاومة الجيوش الروسيَّة، واضطر السلطان عبد الحميد الأول إلى قَبول معاهدة سان ستفانو سنة 1878م[1]، ولكنها قُوبِلَتْ باعتراض الدُّوَلِ الأوروبيَّة، فتمَّ عقد مؤتمر برلين عام 1878م، الذي أبقى النفوذ الروسي في شرقي البلقان، مع وجود نمساوي في غربي البلقان.
وكان معنى تحديد النفوذ الروسي في شرق البلقان أن الطريق أصبح مغلقًا أمام الروس في البلقان لوجود النمسا في غربه، مما ساعد تزايد اتِّجاه روسيا نحو آسيا الوسطى.
ومن المهمِّ هنا ألا نغفُل أن فترة التوسُّع الروسيِّ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر جاءت مواكبة لاتِّساع ونموِّ الاستعمار الأوروبي واتِّجاه الدُّوَلِ الأوروبيَّة إلى التوسُّع في قارَّتَيْ آسيا وأفريقيا، متذرِّعِينَ بالمبادئ الإنسانيَّة في آسيا وأفريقيا، ومتَّخِذِينَ منها ستارًا لإخفاء دوافعهم، وهو ما لجأت إليه روسيا أيضًا؛ حيث أكَّد المسئولون الروس أن هدفهم من التوسُّع في آسيا الوسطى هو إدخال الحضارة المدنيَّة إلى الشعوب الإسلاميَّة!
وما كان من أمر فقد حقَّق الروس أهدافهم من التوسُّع، وتمَّ إضافة مساحات كبيرة من الأراضي ومن الشعوب دخلت في نطاق الإمبراطوريَّة الروسيَّة، وقد أفادت روسيا كثيرًا من الثروات الاقتصاديَّة لهذه المناطق، كما سيطرت على المراكز التِّجاريَّة المهمَّة مثل سمرقند وطشقند، ولجأت إلى محو هُوَيَّة مناطق الخانات، فقسَّمت بعضهم إلى عدد من الوَحَدَات الإداريَّة، وأدمجت البعض الآخر، وأصبحت إدارة وسط آسيا تابعة لوزارة الحرب التي عَيَّنت حاكمًا عامًّا عليها[2].
وما يمكن تسجيله هنا أيضًا هو أن روسيا واجهت مقاومةً إسلاميَّة عنيفة من قِبَلِ حُكَّام الخانات، كانت أقواها وأعنفها مقاومة التركمان في خيوه؛ حيث أَدْرَكَت هذه الخاناتُ خطورة الغزو الروسيِّ، كما أدركت أن هذا التحدِّي ليس تحدِّيًا عسكريًّا فحسب، وإنما هو تحدٍّ أخطر من ذلك بكثير، فهو تحدٍّ حضاريٌّ هدفه القضاء على الحضارة الإسلاميَّة وإحلال الحضارة الروسيَّة محلَّها، ومن ثَمَّ واجه الروس مقاومة عنيفة، لم يَسَعْهم إلا التعبير عنها وعن زعمائها وقادتها بلفظ "البرابرة"[3].
على أن الروس تمكَّنوا بفضل قوَّتهم العسكريَّة من إخضاع المنطقة، وقد لجئوا إلى استخدام القسوة من قتل وإرهاب وغيره، وخصُّوا لحركة التوسُّع أشخاصًا عُرِفُوا بالمقدرة العسكريَّة، أمثال: بيروفسكي، وشوبيليف، ولوماكين، ممَّن يؤمنون بسياسة استخدام القوَّة العسكريَّة لتحقيق أحلام وأطماع روسيا التوسُّعيَّة، وقد سعى هؤلاء الضُّبَّاط لتحقيق أمجاد شخصيَّة لهم، فَسَعَوْا لضمِّ المزيد من الأراضي، وَحَثُّوا حكومَتَهم من خلال تقاريرهم العديدة على الغزو والتوسُّع[4].

السياسات الروسية عقب الاحتلال
هذا وقد انتهجت السياسة الروسيَّة في آسيا الوسطى بعد احتلالها (1890 - 1917م) مجموعة من السياسات الاستعماريَّة، نُجْمِلُهَا فيما يلي[5]:
1) حركة استعمار واستيطان روسيَّة بدأت بنزع الأراضي من أصحابها وإعطائها لأكثر من مليون ونصف المليون من المعدَمِينَ الروس.
2) استيلاء البنوك الروسيَّة على ما تبقَّى من أراضي الفلاَّحين في التركستان، بسبب عدم قدرتهم على سداد ما اقترضوه من البنوك.
3) نَشْر روسيا لثقافتها على الشعوب المحتلَّة؛ وذلك للقضاء على الوجود الإسلاميِّ في دول آسيا الوسطى.
4) إغلاق المدارس الوطنيَّة وفتح المدارس الروسيَّة، وفرض التدريس باللغة الروسيَّة.
5) إصدار بعض الصحف الدعائيَّة التي تشيد بحكمهم، وكان من بينها صحيفة "ولايت تركستان" التي كان يقوم على تحريرها "سترومون"[6].
6) التبشير بالديانة المسيحيَّة الأرثوذكسيَّة على نطاق واسع؛ لتحويل المسلمين عن دينهم[7].

[1] بمقتضى المعاهدة استولت روسيا على فارس وباخوم وأرضروم وأردهان بايزيد في آسيا وفي أوروبا بسارابيا ومصبِّ الدانوب، ووضعت روسيا نظامًا جديدًا لمرور السفن في البسفور والدرنديل، رُوعِيَ فيه تحقيق مصالحها التِّجاريَّة والحربيَّة، وفرضت غرامة كبيرة على الخلافة العثمانيَّة، كذلك أدَّت هذه المعاهدة إلى استقلال الجبل الأسود مع استقلال رومانيا والصرب، ووضع البوسنة والهرسك تحت مراقبة روسيا والنمسا، كما أدَّت هذه المعاهدة إلى ظهور دولة بلغاريَّة أكبر من اللازم، وكانت هذه الدولة مِخْلَب قطِّ لروسيا، فتعاونا معًا على الإجهاز على الخلافة العثمانيَّة؛ لتصبح تحت التوجيه الروسيِّ، فيصبح التوازن الدُّوَلي في المنطقة لصالح روسيا بشكل حادٍّ، وهو ما رفضته دول أوروبا. انظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، هامش ص 141 .

[2] راجع مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 133 – 144 .

[3] المصدر السابق ص 144 .

[4] إلهام محمد ذهني: التوسع الروسي في خانات آسيا الوسطى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مؤتمر المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، المجلد الثاني ص 167، 168 .

[5] انظر كمال السعيد: الإسلام في آسيا الوسطى ورقة تاريخية ص 43، 44 .

[6]تلميذ المستشرق الروسي المعروف "ألمنسكي".

[7] انظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 148، 149 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:12 pm

الثورة البلشفية وسياسات الترويس
هذا وقد دخلت روسيا - وما كانت تسيطر عليه من أراض - عهدًا جديدًا، وذلك في أعقاب قيام الثورة البلشفيَّة[1] عام 1917م بزعامة فلاديمير إيليتش أوليانوف الشهير باسم "لينين"، وإطلاق الثوَّار على أنفسهم "الحزب الشيوعي الروسي".
وقد قام اتِّحاد الجمهوريَّات السوفيتيَّة عام 1922م، فظهرت جمهوريتي أوزباكستان وتركمانستان عام 1924م، وطاجيكستان عام 1929م، وكازاخستان وقيرغيزيا عام 1936م، وفي هذا العام تمَّ تقسيم القوقاز إلى جمهوريَّات مستقلَّة هي: أرمينيا، وأَذْرَبِيجَان، وجورجيا، وأصبحت أبخازيا والإظهار وأوسيت أقاليم ذات حكم ذاتي.
وبعد موت لينين عام 1924م وتولِّي ستالين الحكم تعرَّض المسلمون في فترة حكمه لصنوف القهر والتعذيب والقتل والتهجير، وتقسيم أراضيهم والاقتطاع منها؛ بهدف تغيير التكوين الديموغرافي والعرقي والديني، ففي عام 1943م سُلِّمَتْ بلكار[2]r، فكانت وطأة الترويس[3]، وتشتيت المسلمين، وتذبيحهم على أشدِّ درجاتها في كازاخستان، وقيرغيزيا. إلى جورجيا، وتمَّ حلُّ جمهوريَّة شيشان - أنجوش، وسُلِّمَتْ أجزاء منهما إلى جورجيا، وكان تولِّي المسلمين للمناصب العامَّة أدنى كثيرًا من نسبتهم الحقيقيَّة إلى كل الشعوب السوفيتيَّة، وقد فُرضت عليهم اللغة الروسيَّة كلغة رسميَّة، فانفصل المسلمون عن كتاب الله وسنة رسوله

نشر الإلحاد بين الشعوب المسلمة
وقد ساعد تمكُّن السلطات السوفيتيَّة من السيطرة على بلاد المسلمين في آسيا الوسطى والقوقاز انضمام بعض المسلمين للحزب الشيوعي، وتولِّيهم لمناصب مهمَّة في بُلدانهم، مما مكَّن السوفيت من ضمان ولاء هؤلاء لهم، وكان لتقسيم الأراضي الإسلاميَّة إلى جمهوريَّات وأقاليم ذات حكم ذاتي يُقْصَدُ به قطع كلَّ صِلَةٍ بين هذه الشعوب وبين الأُمَّة الإسلاميَّة من ناحية، وبينها وبين كُلٍّ من تركيا وإيران من ناحية أخرى، وبينها وبين بعضها البعض من جهة ثالثة، في إطار سياسة "فرِّق تسُدْ"[4].
وقد تمثَّلت السياسة الاستعماريَّة الروسيَّة في نشر الأيديولوجيَّة الإلحاديَّة، وزرع الثقافة الشيوعيَّة، وتحطيم نظام الأسرة القويِّ المتماثل لدى المسلمين، وإطالة أوقات عمل المرأة بين زملائها من الرجال، ومنع الدراسة الدينيَّة وتدريس اللغة العربيَّة منعًا باتًّا، ومَنْعِ الكتابة بالحرف العربي، وفُرضت اللغة الروسيَّة كلغة ثانية على الشعوب المسلمة في وسط آسيا والقوقاز، يتابع تنفيذ هذه المخطَّطات سكرتير الحزب الشيوعيِّ في البُلدان الإسلاميَّة المحتلَّة[5].
على أن المسلمين لم يَقِفُوا مكتوفي الأيدي أمام التحرُّكات التنصيريَّة والاستعماريَّة لروسيا الشيوعيَّة، ومن ثَمَّ بدأ التركستانيُّون مقاومتهم الباسلة تحت قيادات عديدة أسمَوْهم الروس (الباصماجية)، وقام العلماء بتشجيع المقاومة ورفض الاستيلاء الروسيِّ الشيوعيِّ على تركستان من خلال مؤتمرات وندوات ومجلاَّت وجرائد، فشكَّلوا جبهة التحرير التركستانيَّة السرِّيَّة للاتِّصال بالعالم، وتوجيه المقاومة التي دامت من عام 1918 إلى عام 1923م، ثم ضَعُفَت بعدها وظلَّت كذلك إلى عام 1932م ضعيفة؛ لأنها لم تكن تتلقَّى أيَّة أسلحة أو عتاد، أو دعم من أيَّة دولة، اللَّهمَّ إلا ما كانت تستولي عليه من السلاح من مخازن الأسلحة الروسيَّة وجنود الروس المنهزمين.

مراحل العدوان الشيوعي على المسلمين
والحقيقة أن الغزو الروسي لتركستان كان غزوًا بشعًا غير إنسانيٍّ، يعتمد على الإبادة والإعدام والنفي والسلب دون رحمة، ومحاربة الدين الإسلامي الحنيف ونشر الإلحاد والشيوعيَّة عَنوة بين أفراد الشعب التركستاني المسلم، وقد كان هناك شبه اتِّفاق بين الصين والروس، لتستولي الصين على التركستان الشرقيَّة، والروس على الغربيَّة[6].
هذا ويمكن بيان مراحل العدوان الروسي على المسلمين في ستِّ مراحل كما يلي[7]:
1) المرحلة الأولى (1918 - 1924م): في هذه الفترة قُتِل عدد كبير من التركستان تحت ستار تمكين الحكم الروسيِّ الجديد؛ ففي عام 1918م أصدر لينين أمرًا بالزحف على البلاد الإسلاميَّة دون إنذار مسبق، فأخذت الدبابات تحصد المدن حصدًا، والطائرات تُمطر البلاد بالقنابل دون تمييز بين عسكريِّين ومدنيِّين، وفي نهاية هذا العام استولى الروس على شمال القوقاز، ثم استولَوْا على جمهوريَّة أَذْرَبِيجَان، وسقطت خِيوَه عام 1920- 1921م، ودار قتال مرير للاستيلاء على جمهوريَّة بخارى.
2) المرحلة الثانية (1924 - 1928م): وكان القتل في هذه المرحلة تحت ستار إقامة الجمهوريَّات السوفيتيَّة؛ حيث قُتل كلُّ من عارض هذا الاتِّجاه، وفي هذه الفترة تمَّ إدماج تركمانستان وأوزباكستان، وفي عام 1926م أُلغيت المحاكم الشرعيَّة، وبُدِئ في استخدام الحروف اللاتينيَّة بدلاً من الحروف العربيَّة، واستتبع ذلك إغلاق آلاف المدارس الابتدائيَّة، و500 مدرسة عالية، ولم يَبْقَ بمنطقة تركستان الإسلاميَّة سوى مدرسة "مير عرب" ومدرسة "مبارك خان".
3) المرحلة الثالثة (1928 - 1936م): وفيها أُلْغِيَ نظام الإقطاع، وأُقيمت المزارع الجماعيَّة، وفي هذه المرحلة قُتل رجال الإقطاع وأعوانهم، وألوف من الشخصيات الدينيَّة التي خِيفَ من دفاعها عن الملكيَّة الخاصَّة.
4) المرحلة الرابعة (1936 - 1938م): وهي أخطر مراحل الإبادة؛ إذ قُتل فيها مَن نُعتوا بأنهم أعداء الشعب، وسَقط في هذه المرحلة ألوف من المسلمين من الطلبة والأساتذة والصحفيِّين، وتمَّ إدماج بقيَّة الجمهوريَّات الإسلاميَّة في الاتحاد السوفيتي.
5) المرحلة الخامسة (1938 - 1945م): وفيها انتشر سلاح الدفاع الداخلي، وتعرَّض للإرهاب والطغيان والإبادة عددٌ كثير من الناس بحُجَّة أنهم جواسيس.
6) المرحلة السادسة: التي جاءت بعد هذه المراحل وكان شعارها الجبهة الأيديولوجيَّة، وهي ترمي إلى القضاء على التاريخ والفكر والأدب التي لا تتناسب مع الماركسيَّة.
وهكذا أخضع الشيوعيُّون المناطق الإسلاميَّة في 16 سنة، بينما استغرق القياصرة 183 سنة ليفعلوا ذلك[8]!

[1] تُعَدُّ الثورة البلشفيَّة أوَّل ثورة شيوعيَّة في القرن العشرين الميلادي، وعلى يَدِ الثوَّار تمَّ التخلُّص من القيصر وجميع الأسرة الملكيَّة وأُعْدِموا جميعًا رميًا بالرصاص، وتمَّ نقلهم إلى مقابر جماعيَّة، وتضمَّنت التصفيَّات الأطفال والنساء، قادها البلاشفة تحت إمرة فلاديمير لينين وليون تروتسكي في 1917م، بناء على أفكار كارل ماركس.

[2] نسبة المسلمين فيها 55%، وهي إحدى دول القوقاز الشمالي.

[3] نشر الثقافة الروسية بكل أبعادها، وبكافَّة الوسائل المشروعة وغير المشروعة على المسلمين.

[4] دائرة المعارف البريطانية ص 1088-1090، ومصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 151 - 154.

[5] مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 155.

[6] نصر الله مبشر الطرازي: الجمهوريات الإسلامية في رابطة الدول المستقلة، ماضيها وحاضرها، مؤتمر المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، المجلد الرابع ص14، والمصدر السابق ص 155، 156.

[7] انظر كمال السعيد: الإسلام في آسيا الوسطى ورقة تاريخية ص 47 – 49 .

[8] مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز ص 158، 159 عن المصدر السابق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:16 pm

هل قضت الشيوعية على الإسلام؟

ولا ريب أن الشيوعيَّة في جوهرها تنادي بالمادِّيَّة الصرفة؛ فهي أقصى ما يَصِلُ إليه الإنسان بمحسوساته الضيِّقة، بَيْدَ أنها غفلت شيئًا مهمًّا وهو القوَّة الرُّوحيَّة لدى الإنسان، تلك القوَّة التي لا يَقْدِر فكرٌ أو أيديولوجيَّة - مَهْمَا وصل واضعها من عبقريَّة وإحاطة - أن تُقارن بالدِّين الذي خرق حاجب الزمان والمكان والنفس، والذي استطاع أن يفيض على النفس البشريَّة بما تحتاجه من نور وبصيرة.
ولذا فقد نشرت مجلة "العلم والدين" الروسيَّة في عددها الصادر أوَّل يناير عام 1964م ما نصُّه: "رغم مرور خمسين عامًا على الاشتراكيَّة في الاتِّحاد السوفيتي، وبرغم الضربات العنيفة التي واجهتها أضخم قوَّة اشتراكيَّة في العالم الإسلامي، فإن الرفاق الذين يُراقِبون حركة الدين في الاتِّحاد السوفيتي صرَّحوا: إننا نواجه في الاتِّحاد السوفيتي تحدِّيات داخليَّة في المناطق الإسلاميَّة - آسيا الوسطى والقوقاز - وكأن مبادئ لينين لم تتشرَّبها دماء المسلمين، وبرغم القوى اليقظة التي تحارب الدين، فإن الإسلام ما يزال يتفجَّر بالقوَّة، بدليل أن ملايين من الجيل الجديد في المناطق الإسلاميَّة يعتنقون الإسلام، ويُجاهرون بتعاليمه، مع أن قادة الحزب، ومفكِّري المذاهب لا يغيب عنهم خطر يقظة الإسلام، والذي أشارت إليه "دائرة معارف الثقافة السوفيتيَّة" ووصفته على حقيقته بأنه أخطر الأديان المرجعيَّة، ويبذل أقصى جهده ليكون في خدمة المستغلِّين، والإقطاعيِّين، والرأسماليِّين، ويُناهض الحركات التحرُّرِيَّة[1].
وقد أدَّى هذا الوضع - وهو ما كان متوقَّعًا - إلى انهيار الاتِّحاد السوفيتي، وكانت في البَدْءِ حين تولَّى الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف السلطة في الاتِّحاد السوفيتي في عام 1985م، وانتهج سياسة مختلفة تمامًا عن سياسة أسلافه، وذلك عندما رفع شعار البيروسترويكا، الذي يقوم على سياسة الجلاسنوست أي إعادة البناء والمصارحة، والتي أحدثت صدى سريعًا في دول أوروبا الشرقيَّة، التي أسقطت شعوبها الأنظمة الشيوعيَّة، وسار معظمها في طريق الانفتاح الاقتصادي على المعسكر الغربي، وتبنَّت سياسة اقتصاديَّات السوق، وتمَّت الوَحدة الألمانيَّة وانهار حلف وارسو.
وعندما بدأت سياسة البيروسترويكا تأتي ثمارها في الاتحاد السوفيتي واتَّجه العديد من الجمهوريات (ليتوانيا – لاتفيا - أستونيا) للاستقلال جاء الانقلاب العسكريُّ الفاشل ضدَّ الرئيس السوفيتي جورباتشوف في أغسطس (1991م)؛ احتجاجًا على هذه السياسة التي أدَّت من وجهة نظر قادة الانقلاب إلى تردِّي الأوضاع الاقتصاديَّة، تلا ذلك اعتراف معظم دول العالم باستقلال الجمهوريَّات الثلاث ليضطر الرئيس جورباتشوف إلى إعلان ذلك بعد أن عارض كثيرًا عمليَّة الانفصال.

انهيار الاتحاد السوفيتي
حاول الرئيس السوفيتي عَقِبَ ذلك إنقاذ الاتحاد السوفيتي من خطر التفكُّك، فدعا رؤساء الجمهوريَّات الاثنتي عشرة لعقد لقاء للتَّوصُّل إلى معاهدة جديدة للاتِّحاد، تُرَاعي الكونفدراليَّة أو الفيدراليَّة لدُول مستقلَّة ذات سيادة، يكون للسلطة المركزيَّة بموسكو دور واضح فيها، وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس جورباتشوف يستعدُّ لهذا اللقاء أعلنت جمهوريَّة أوكرانيا عن إجراء استفتاء شعبي أسفر عن موافقة مواطنيها على الانفصال وتكوين دولة مستقلَّة، رغم نداءات جورباتشوف لهم بالوَحدة، واستغلَّ الرئيس الروسي بوريس يلتسين هذا الوضع كحُجَّة لعدم الموافقة على عقد معاهدة جديدة للاتِّحاد. هكذا جاء الكومنولث الجديد بين روسيا الاتِّحاديَّة، وأوكرانيا، وروسيا البيضاء ليُنْهِيَ عمليًّا وضع الاتِّحاد السوفيتي كدولة، وليَقْضِيَ على المستقبل السياسي للرئيس جورباتشوف.
يَرْجِع السبب في ذلك إلى أن الاتحاد السوفيتي كان يتكوَّن من خمس عشرة جمهوريَّة رئيسيَّة، وبعد انفصال جمهوريَّات البلطيق الثلاث اقتصر الاتحاد السوفيتي على اثنتي عشرة جمهوريَّة فقط هي: روسيا الاتِّحاديَّة – أوكرانيا - روسيا البيضاء – جورجيا – أرمينيا – مولدفيا، منها ست جمهوريَّات إسلاميَّة: كازاخستان – أذربيجان – أوزبكستان – قيرغيزيا - طاجيسكتان – تركمانستان.
وفي ديسمبر 1991م أعلن رؤساء ثلاث جمهوريَّات سوفيتيَّة في خطوة مهمَّة وغير مسبوقة إنشاء كومنولث جديد ونهاية الاتِّحاد السوفيتي كدولة، واختيار مدينة "مينسيك" عاصمة روسيا البيضاء عاصمة للكومنولث الجديد.

الكومنولث الجديد
وجاء إعلان تشكيل الكومنولث الجديد من جانب رؤساء جمهوريات: روسيا الاتِّحادية وروسيا البيضاء، وأوكرانيا، ليضع حدًّا للمحاولات التي كان يقوم بها الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف لإيجاد تجمُّع جديد وصيغة جديدة للاتِّحاد السوفيتي، في محاولة من جانبه للخروج من الأزمات التي يُوَاجِهها الاتِّحاد السوفيتي، خاصَّة الأزمة الاقتصادية التي لم يَشهد لها مثيلاً من قبل، وعقب إعلان الكومنولث الجديد قدَّم الرئيس السوفيتي جورباتشوف استقالته من منصبه مع نهاية عام 1991م، وبذلك انتهى رسميًّا الاتِّحاد السوفيتي كدولة.
وفي هذا الإطار أصدر الرئيس بوريس يلتسين رئيس جمهوريَّة روسيا الاتِّحادية عدَّة قرارات استهدفت الاستيلاء على مبنى الكرملين، والإذاعة والتليفزيون، ووكالة المخابرات السوفيتية (الكي. جي. بي)، وحلَّ وزارة الخارجية السوفيتية، وإنزالَ العلم السوفيتي الأحمر من فوق مبنى البرلمان السوفيتيِّ السابق.
وفي "آلما - آتا" عاصمة جمهورية كازاخستان اجتمع زعماء إحدى عشرة جمهوريَّة، ووقَّعوا على اتِّفاقية جديدة تُعلِن قيام كومنولث جديد يضمُّ الجمهوريَّات الإحدى عشرة، بما فيها الجمهوريَّات الثلاث المؤسِّسة للكومنولث، كما تمَّ الاتِّفاق على إلغاء منصب رئيس الاتِّحاد السوفيتي[2].
وجدير بالذكر أنه بعد انفراط عِقْد الاتِّحاد السوفيتي خرجت دول آسيا الوسطى مثقلة بالتحدِّيات، ويمكن تسمية الفترة التي أعقبت انفراط العقد السوفيتي وانهيار الشيوعيَّة بـ"المرحلة الانتقاليَّة المرتبكة"، ومن إيجابيَّات هذه المرحلة أن الحراك الذي تعيشه دُوَل وسط آسيا المسلمة غيَّر كثيرًا من أجواء الركود الآسن الذي عَانَتْهُ على مدار عقود الشيوعيَّة، ولكن يقلِّل من مزايا هذا الحراك عدم استقرار المشروعات السياسيَّة على هدف مشترك أو مشروع إقليمي واحد نتيجة مسلسل مستمرٍّ من التوتُّر والصراع عَبْرَ السنوات الماضية، وقد ساهمت في حالة الارتباك ستُّ قضايا شائكة هي:
1) الفساد والمخدِّرات في آسيا الوسطى: فقد تحوَّلت هذه الدول بعد سقوط الشيوعيَّة، إلى دول منتهَكَة الحدود، وسيطرة القبائل والعشائر على المناطق المنتجة للمخدِّرات، خاصَّة في أفغانستان، ثم إن نسبة تتراوح من 20إلى 35% من دول آسيا الوسطى تُعاني من البطالة.
2) العَلاقة بين المسلمين والسلطة في آسيا الوسطى: وقد نجحت ثلاث حركات إسلاميَّة في البروز بقوَّة في المشهد السياسي خلال الـ 15 سنة التي تلت الاستقلال وهي: حزب النهضة وقد ظهر في طاجيكستان والذي تلاشى في عام 2000م بسبب الضربات الأمنيَّة، الحركة الإسلاميَّة الأوزبكيَّة وهي أحد الأذرع المنشقَّة عن حزب النهضة، وقد قُمعت هذه الحركة في عام 2001م، ثم غُيِّر اسمها إلى الحركة الإسلاميَّة التركستانيَّة؛ رغبة في توسعة النشاط وزيادة الأتباع، حزب التحرير الإسلامي ذو الأصول العربيَّة، فهذا الحزب رغم سياسته السلميَّة، إلا أن آلافًا من أعضائه منتشرون في سجون المنطقة.
3)الاستبداد والتوريث: والذي كان سببًا من الأسباب الرئيسة في قيام العديد من الثورات، وتجدر الإشارة إلى أن نجاح الثورات السلميَّة في آسيا لم يتحقَّق سوى في قيرغيزستان، التي كانت الأكثر ديمقراطيَّة، بينما تعاني بقيَّة دُول وسط آسيا احتكارًا سياسيًّا من قِبَلِ النُّظُم الحاكمة.
4)ميراث النزاعات العرقيَّة: عاشت آسيا الوسطى على مدى قرون عديدة دون مفهوم الدولة القوميَّة، في وقت كان النظام السائد هو حكم الخانات والإمارات، التي لم تكن تؤلِّفها مجموعة عرقيَّة أو لُغويَّة واحدة، وتَرَك هذا النظام آثارَه على دول آسيا الوسطى بعد الاستقلال، وشكَّل التنوُّع العرقي مصدر نزاع في عدَّة دُوَل، كانت أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان في مقدِّمتها، بينما عاش الروس والكزاخ في تناغم ملحوظ بكزاخستان، ونعمت كذلك تركمانستان بتجانس إثني.
5)أحاديَّة النظام الاقتصادي في دول آسيا الوسطى: لم تتمكَّن دول آسيا الوسطى بعدُ مِن الانتقال من مرحلة الاقتصاد الأحاديِّ الذي ورثته عن الاتِّحاد السوفيتي، الذي كرَّس النشاط الزراعيَّ النقديَّ وإنتاج الخامات المَعْدِنِيَّة الأوَّليَّة أو الصناعات الثانويَّة، وهو ما جعل هذه الدُّول تُصَنَّف ضمن دُول العالم النامي، وإن كان الفارق كبيرًا بين حالة الفقر والتأخُّر في طاجيكستان والتقدُّم النسبيِّ في كازاخستان.
6) فشل التحالف الإقليمي بين دول آسيا الوسطى: ويرجع ذلك بسبب المنهج الذي تتَّبعه روسيا في تعاملها مع دُول آسيا الوسطى الساعي إلى تحقيق مصالحها الإستراتيجية أكثر من سعيه تحقيق تعاون على أرضيَّة متساويَّة، والتدخُّلات الدُّوليَّة المباشرة في دول آسيا الوسطى وبصفة خاصَّة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م، وإقحام القواعد العسكريَّة الأميركيَّة وقوات الناتو في دُول الإقليم، وعدم امتلاك الإرادة السياسيَّة في ظلِّ تأرجح النُّظُمِ الحاكمة بين القوى الدُّوَلِيَّة الساعية للسيطرة على الإقليم مثل: الناتو، روسيا، الولايات المتحدة، الصين[3].
وبالنسبة إلى أفغانستان؛ فَتَحْتَ مسمَّى دعم الحكومة الأفغانيَّة (الشيوعيَّة) الصديقة للاتِّحاد السوفيتي، والتي كانت تُعاني من هجمات المجاهدين المسلمين، أرسل الاتِّحاد السوفيتي قوَّاتَه وأسلحته إلى أفغانستان، وذلك في 25 ديسمبر 1979م؛ ليفرض عليها احتلالاً دام عشر سنوات، وإن لم تستطع القوَّات السوفيتية بسط سلطتها خارج كابول.
وقد أشارت التقارير العسكرية الأوَّليَّة إلى الصعوبات التي واجهت السوفييت أثناء القتال في المناطق الجبلية، وهو الأمر الذي دفعهم إلى استخدام المدفعيَّة الثقيلة بشكل مكثَّف، وكذلك استخدم المروحيَّات مدعومة بقاذفات القنابل، والقوَّات الأرضيَّة والقوَّات الخاصَّة، حتَّى وصل الأمر في بعض المناطق إلى استخدم أسلوب الأرض المحروقة؛ مدمِّرِين القرى، والبيوت، والمحاصيل، والماشية... إلخ، وهو ما أدَّى إلى ارتفاع القتلى المدنيين بصورة ملحوظة جدًّا.
وبحلول أواسط الثمانينيَّات كانت المقاومة الإسلاميَّة قد كبَّدت القوَّات السوفيتيَّة خسائر عسكريَّة فادحة، وهو ما جعل السوفييت يشعرون بالفشل، وأنهم وقعوا في مأزِق كبير؛ الأمر الذي اضطرهم إلى الانسحاب من البلاد، فأعلن الاتِّحاد السوفيتي انسحاب كافَّة قوَّاته بشكل رسميٍّ من أفغانستان في 15 فبراير 1989م[sup][4][/sup].

[1] عبد المنعم النمر: إسلام لا شيوعية ص128.

[2] انظر مصطفى دسوقي كسبة: المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز 2/161 – 164 .

[3] انظر الرابط:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A919F62D-C17B-42F3-A966-006B7E38D807,frameless.htm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hchelahi




عدد المساهمات : 1368
نقاط : 3862
التميز : 52
تاريخ التسجيل : 26/07/2009
العمر : 64
الموقع : بسكرة

قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 10, 2009 9:19 pm

الشيشان تحاول الاستقلال
قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Shishanوبالنسبة إلى محاولة استقلال الشيشان؛ فقد كان ذلك عام 1991م حينما سقط الاتِّحاد السوفيتي السابق، ففي السابع والعشرين من أكتوبر عام 1991م جَرَت الانتخابات الشيشانيَّة، والتي فاز فيها الجنرال جوهر دوداييف بنسبة وصلت إلى 90%، ومع انهيار الاتِّحاد السوفيتي أُجْرِيَ استفتاء شعبي في الجمهوريَّة حول مسألة البقاء في الاتِّحاد الروسيِّ أو الاستقلال عنه، وقد أيَّد غالبيَّة الشعب الشيشاني إعلان الاستقلال، شأنها في ذلك شأن جمهوريَّات البلطيق الثلاث، لكنَّ روسيا لم ترضَ بهذا الحلِّ، وفرضت الحصار التامَّ على الجمهوريَّة الشيشانيَّة، وعلى الرغم من الحصار الجائر، وما ترتب عليه من نتائج مأسويَّة على الصعيدَيْنِ الاقتصادي والإنساني، فقد عَمِل الجنرال جوهر دوداييف على بناء دولته، رغم العوائق التي وضعتها القيادة الروسيَّة.
وبعد مُضِيِّ أكثر من ثلاث سنوات على الحصار المفروض على الشيشان، لجأت روسيا وبشكلٍ سافر إلى الخيار العسكريِّ، وشنَّت في أواخر العام 1994م هجومًا واسعًا على غروزني العاصمة الشيشانيَّة، وساق الروس على ثلاثة محاور 60 ألف جندي مزوَّدِين بحوالي 2250 دبابة، وعشرات الطائرات، وغيرها من الأسلحة الأخرى، واستمرَّت الحرب حتى دخول القوَّات الروسيَّة العاصمة غروزني واستيلائها عليها في عام 1996، بعد اغتيالها للرئيس الشيشاني جوهر دوداييف في غارة جوِّيَّة، لكنَّ المجاهدين الشيشان استطاعوا أن يُعِيدُوا العاصمة غروزني إليهم في أغسطس من عام 1996م، وإرغام روسيا على الاتِّفاق على معاهدة سلام بين الشيشان وروسيا، لكنَّ روسيا كانت قد أعدَّت خُطَّة تَهْدُف لأمرَيْنِ: الأوَّل: إحداث حرب أهليَّة في الشيشان، والثاني: تنفيذ عمليَّات عسكريَّة تتَّهم فيها الشيشان. ورغم فشل روسيا في هدفها الأوَّل إلا أنها نجحت في هدفها الثاني، مما كان ذريعة قويَّة في الحرب الروسيَّة الشيشانيَّة الثانية من عام 1999م وحتى الآن[1].

وسط آسيا والقوقاز.. إلى أين؟
هذا، وبعد استقلال دُول وَسَط آسيا والقوقاز، وبنظرة سريعة، نجد أن معظم النُخَبِ الحاكمة في تلك الدول ما زالوا متأثِّرين بالفكر الشيوعيِّ في بعض أنظمتهم، ونجد الاتِّجاه السائد هو عدم الرغبة في قيام أحزاب أو تكتُّلات إسلاميَّة – خاصَّة في دُول وسط آسيا – وسَيْر هذه الدُّول نحو الاقتصاد الحُرِّ، قد أنشأ فراغًا أيديولوجيًّا في هذه الجمهوريَّات مما دفع الجماعات الإسلاميَّة إلى شغل هذا الفراغ عن طريق تقديم بديل ديني، بَيْدَ أنه اصطدم منذ بَدْئِه مع الفكر العقائدي للنُّخَبِ الحاكمة التي تُؤْمِنُ بالنظام العلماني كنظام ديمقراطي، لذا فإن هذه الدُّوَل – رغم غالبيَّتها الإسلاميَّة – ما زالت تُؤْمِنُ بالمبادئ الشيوعيَّة، أو العلمانيَّة الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة[2].


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة عجيبة لانتشار الإسلام في شرق آسيا
» الإسلام في ألبانيا
» قصة الإسلام في شرق إفريقيا
» قصة الإسلام في غرب إفريقيا
» قصة الإسلام في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: المغرب العربي :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: