[size=16]مقدمة
بعد أن تجمع أربعة الآلاف من أنحاء الجزيرة العربية، وجَّهَهُم عمر بن الخطاب t إلى فارس، وأمَّر على كل طائفة رئيسًا منها، وكانت أكبر هذه الطوائف قبيلة "بجيلة" وعلى رأسها الصحابي الجليل جرير بن عبد الله t.
وفي هذه الأثناء كان المثنى بن حارثة -وبعد الهزيمة الساحقة للمسلمين في موقعة الجسر- قد انسحب بقواته كلها على حدود الصحراء قرب الحفير، ولو ظل في مكانه لكان بإمكان الجيش الفارسي أن يبيده تمامًا، وظل في مكان بعيد في الصحراء حتى إذا هجم الفرس يستطيع أن ينسحب بعيدًا في الصحراء ويقاتلهم فيها، ولم يكن الفرس يعرفون مهارة الحرب في الصحراء كما يعرفها العرب المسلمون في الجزيرة العربية، وكان هذا تصرفًا في غاية الحكمة من المثنى t.
وظل المثنى t منتظرًا المدد الإسلامي القادم من المدينة، وفي هذه الأثناء علم أن الفرس يعدون جيشًا ضخمًا للقضاء على البقية الباقية من المسلمين، وذلك بعد أن علم الفرس ببقاء المسلمين في هذه المنطقة على غير ما توقعوا من فناء الجيش الإسلامي، واعتقادهم بأنه لا يقوى على أي مواجهة بعد الهزيمة التي مُنِي بها في موقعة الجسر.
كان الفيرزان -وهو أحد قادة الفرس، لكنه أقل درجة من رستم- قد قام بتمرد على رستم، وكانت له قواته الخاصة، وبعد تمرده قام الأساورة -وهم رجال الدين في فارس- بالصلح بينهما، وقالوا لهما: إن الخلاف بينكما هو الذي جرَّأ العرب علينا، وتسبب فيما تعانيه فارس من انقسام ومحن.
واستجاب الاثنان -رستم والفيرزان- وذهبا إلى "بوران بنت كسرى"، وطلبا منها توجيه جيش موحَّد من جنود رستم والفيرزان لكي يقضوا على المسلمين في معركة فاصلة، ووافقت "بوران" على هذا الأمر، وخرج الجيشان من فارس، وكان تعداد المقاتلين ما بين الستين والسبعين ألف مقاتل وكلهم من الفرسان، ومعهم ثلاثة أفيال وعلى رأس الجيش قائد يُسمَّى مهران بن باذان، وكان أحد قادة رستم، وكان يعرف العربية جيدًا ويعرفه العرب جيدًا؛ فقد تربى فترة من حياته في اليمن عندما كانت مقاطعة فارسية.[/size]