</A>
كتبهاوفي الجزائر ، في 29 نوفمبر 2007 الساعة: 11:47 ص <BLOCKQUOTE>
شهدت الجزائر على عهد الحاج الباشاغا محمد المقراني انعكاسات خطيرة بانهيار الحكم العسكري عام 1870 الذي اعتمد إلى حد كبير على المكاتب العربية التي حاولت تقريب قضايا الأهالي المسلمين إلى الإدارة الإستعمارية في نوع من التحدي للكولون المعمرين الذين سخطوا على هذه السياسية لأنها لا تخدم مصالحهم كاملة بل تحافظ على مصالح الأهالي ولو في جزء يسيرمنها.
وعلى هذا الأساس جاءت الإدارة المدنية ,التي أوكل لها المستوطنون مهمة تحويل الجزائر إلى وطن للمعمرين الإستيلاء على أملاكهم و طردهم إلى مناطق لا تصلح إلا للإقامة هذا إلى جانب الأوضاع المعيشية المزرية التي كان يعاني منهاالجزائريون, إلى جانب سلب الأراضي فإن المجاعات و الأوبئة والقحط أتت على ما تبقى من الشعب الجزائري الذي أنهكته الظروف السياسيةالمطبقة من طرف الإدارة الإستعمارية و الموجهة من طرف المستوطنين .
</BLOCKQUOTE>
- أسباب مقاومة المقراني <BLOCKQUOTE>
كان لإنقلاب النظام الحاكم في فرنسا بعد سقوط الإمبراطورية وظهور الجمهورية و بعد انهزام نابليون الثالث أمام بسمارك ، أثره المباشر على الأوضاع داخل الجزائر و المتمثل في بروز قوة المستوطنين في التأ ثير على حكومة باريس و استئثارهم بالسلطة في الجزائر ,و هذا ما لم يرض به حاكم مجانةالباشاغامحمد
المقراني.
كما أن محمد
المقراني تلقى من جهة أخرى توبيخا عام 1864 من الجنرال ديفو بسبب تقديمه مساعدة لأحد أصدقاء أبيه و هو
الشيخ بوعكاز بن عاشور ، و قد اعتبرها
المقراني إهانة له و لعائلته و لسكان منطقته.
ومن الأسباب كذلك عدم ارتياح السلطات الإستعمارية لشخص
المقراني حيث قامت بإنشاء بلدية مختلطة في برج بوعريج عينت على رأسها الضابط أوليفي و قد رأى
الشيخ المقراني في هذا الإجراء تقليصا لنفوذه السياسي على المنطقة ، و بذلك أصبح في المجلس البلدي لمدينة برج بوعريرج عبارة عن عضو بسيط فقط لا رأي له و لاوزن لكلامه مع قوة المستوطنين في التمثيل النيابي.
و عمدت سلطات الإحتلال على تحطيم كبرياء الحاج محمد
المقراني كزعيم سياسي لذلك بادر بتقديم إستقالته من منصبه كباشاغا لكنها رفضت في 09 مارس 1871 على أساس أنها غير مرفقة بتعهد منه يجعله مسؤولا عن كل الأحداث التي ستقع بعد ذلك في المناطق الواقعة تحت نفوذه ,و كانت هذه السياسة سببا آخر لاندلاع ال
ثورة لأنها مساس بكرامته.
كذلك المجاعة الكبيرة التي تعرضت لها المنطقة و التي وقعت ما بين 1867 و 1868 وراح ضحيتها ألاف الجزائريين الذين حصدهم الموت أمام مرأى و مسمع من الإدارة الإستعمارية التي لم تسارع إلى نجدة الأهالي و هذا ما أكد للمقراني مرة أخرى أن هذه الإدارة لا يهمها في الجزائر إلا مصالحها.
ومن الأسباب الموضوعية كذلك السبب الديني حيث استغلت الكنيسة الأوضاع الإجتماعية المزرية و راحت تحمل الإنجيل في يد والمساعدات في اليد الأخرى مما اضطر الأهالي إلى ترك أبنائهم في يد الأباء البيض للتنصير خوفا عليهم من الموت.
كذلك من الأسباب السياسية الآنفة الذكر النظام المدني الذي خلف النظام العسكري و قد رأى فيه البشاغا
المقراني تكريسا لهيمنة المعمرين الأوروبيين على الجزائريين و إذلالهم ، و هذا ما نص عليه مرسوم 24 أكتوبر 1870 الذي زاد من تأكد
المقراني أنه سيزيد من معاناة الشعب الجزائري تحت ظل المستوطنين و اليهود المتجنسين بموجب قانون التجنيس الذي أصدره كريميو اليهودي ، و عليه قال قائد
ثورة 1871
الشيخ محمد
المقراني قولته الشهيرة التي جاء فيها ما يلي : " أريد أن أكون تحت السيف ليقطع رأسي ، و لا تحت رحمة يهودي أبدا " إثرها قرر أن يحتكم إلى السيف, مع هذه الإدارة المدنية الجديدة, يضاف إلى كل ذلك قضية اقتراض
المقراني للديون من بنك الجزائر و من اليهودي مسرين بسبب المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة و بالتالي كان القرض لمساعدة المحتاجين و المتضررين جراء هذه ا لمجاعة, غير أن ذهاب الحاكم العام العسكري
ماك ماهون و استلام النظام المدني حكم الجزائر الذي رفضت إدارته الوفاء بتعهد
المقراني مما أوقعه في أزمة مالية خانقة ، فاضطر من أجل سكان منطقته رهن أملاكه ليكون ضحية ابتزاز المستوطنين و اليهود.
وما عجل بإندلاع ال
ثورة كذلك سياسة العنصرية التي طبقتها الإدارة الجديدة مع الجزائريين العاملين في مد الطرق بين الجزائر و قسنطينة حيث كانت تفرق بينهم و بين بعض العمال الأوربيين الذين كانت أجورهم عالية و لايقومون بالأعمال المتعبة في حين كانت أجور الجزائريين منخفضة جدا و هم الذين ينجزون الأعمال الشاقة علما أن هؤلاء العمال أوصلوا معاناتهم إلى الباشاغا
المقراني لكونهم من مدينة البرج حتى يدفع عنهم المعاناة فقام بدفع نصيب من ماله الخاص للتخفيف من معاناتهم .
</BLOCKQUOTE>
- مراحل مقاومة المقراني ودور الشيخ الحداد <BLOCKQUOTE>
1- مرحلة الإنطلاق :
بعد قيام سكان أولاد عيدون في الميلية بمحاصرة القوات الفرنسية في برج المدينة خلال شهر فيفري 1871، و كذلك الثورة التي اندلعت في سوق أهراس بزعامة محمد الكبلوتي و الصبايحية وأيضا مقاومة بن ناصر بن شهرة بالأغواط و
الشريف بوشوشة كلها أحداث بارزة مهدت لبداية المرحلة الأولى ل
ثورة المقراني في 16 مارس 1871 بعد أن كان قد قدم استقالته من منصبه كباشاغا للمرة الثانية في 27 فبراير 1871 , و ما ميز مرحلة الإنطلاقة الفعلية هو إعادته شارة الباشاغوية آنذاك إلى وزارة الحربية و المتمثلة في البرنوس الخاص بها ، و بداية عقد إجتماعاته مع رجالاته و كبار قادته و كان آخرها الإجتماع ذو الطابع الحربي الموسع المنعقد في 14 مارس 1871 , و في 16مارس بدأ زحفه على مدينة برج بوعريج على رأس قوة قدرت بسبعة ألاف فارس قصد محاصرتها و الضغط على الإدارة الإستعمارية الجديدة.
مرحلة شمولية ال
ثورة و بروز
الشيخ الحداد و الإخوان الرحمانيين
بعد محاصرة مدينة البرج انتشرت ال
ثورة عبر العديد من مناطق الشرق الجزائري, حيث وصلت إلى مليانة و شرشال ,و إلى جيجل و القل, و كذلك الحضنة و المسيلة و بوسعادة, يضاف إليها كل من توقرت و بسكرة و باتنة و عين صالح.وفي هذه الظروف برزت بعض الخلافات بين زوايا منطقة القبائل ,منها زاوية الرحمانيين بصدوق و زاويتي شلاطة وإيلولة كما انتقلت هذه الخلافات كذلك حتى داخل أسرة
المقراني التي كانت مقسمة إلى فرعين وهما فرع الباشاغا محمد
المقراني و مقرها مجانة و هو حليف لباشاغا شلاطة ابن علي الشريف ، و فرع الباشاغا محمدبن عبد السلام
المقراني قائد عين تاغزوت شرق برج بوعريرج وهو صديق
الشيخ عزيز قائد عموشة و عائلة
الشيخ الحداد ، و أمام هذا الوضع الذي لا يخدم معركة
المقراني التي أعلنها ضد الإدارة الإستعمارية عمد إلى استمالة
الشيخ الحداد والإخوان الرحمانيين, وبواسطته بدأت تعبئة السكان للجهاد و قد لعب ابن
الشيخ محمد امزيان بن علي الحداد دورا بارزا إلى جانب
المقراني, و استطاع إقناع والده بإعلان الجهاد في 08 أفريل 1871 وهو ما سمح لبعض الأتباع من الإخوان الرحمانيين بالإنضمام إلى صفوف ال
ثورة و أصبحوا قوتها الضاربة حيث خاضوا مع الباشاغا محمد
المقراني عدة معارك انتصروا فيها على جيوش العدو الفرنسي ، وتعتبر معارك
المقراني ، و أخوه بومرزاق و
الشيخ عزيز بالإضافة إلى الإخوان الرحمانيين من المعارك التي أثبتت لقادة الإستعمار توسع رقعة هذه ال
ثورة التي لم تكن محصورة في مجانة أو البرج بل وصلت إلى دلس وتيزي وزو و صور الغزلان و ذراع الميزان و البويرة و وصلت إلى مشارف العاصمة .
كان للإخوان الرحمانيين من أتباع
الشيخ الحداد دور بارز في انتصارات
</BLOCKQUOTE>