3*6 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ حذف التشكيل
الحديث:
-7- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ
فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا.
فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ.
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ.
ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟
قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.
قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟
قُلْتُ: لَا. (1/32)
قالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟
فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.
قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟
قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ.
قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟
قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا.
قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟
قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ.
قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟
قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ. وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ.
فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ؟
فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟
فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.
وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟
فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ.
وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟
فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ.
وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟
فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ.
وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟
فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ.
وَسَأَلْتُكَ: بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟
فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ.
وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ.
سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ (وَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (1/33)
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا.
فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ.
فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ.
وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ -صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ -سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ.
قَالَ ابْنُ النَّاطورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟
قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَائنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟
فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ. فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ.
ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ.
وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَأَنَّهُ نَبِيٌّ. فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟
فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ.
وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ.
رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
الشرح:
قوله: (قال حدثنا أبو اليمان) في رواية الأصيلي وكريمة: حدثنا الحكم بن نافع، وهو هو، أخبرنا شعيب: هو ابن أبي حمزة دينار الحمصي، وهو من أثبات أصحاب الزهري.
قوله: (أن أبا سفيان) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
قوله: (هرقل) هو ملك الروم، وهرقل: اسمه، وهو بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف، ولقبه قيصر، كما يلقب ملك الفرس: كسرى ونحوه.
قوله: (في ركب) جمع راكب كصحب وصاحب، وهم: أولو الإبل، العشرة فما فوقها.
والمعنى: أرسل إلى أبي سفيان حال كونه في جملة الركب، وذاك لأنه كان كبيرهم فلهذا خصه، وكان عدد الركب ثلاثين رجلا، رواه الحاكم في الإكليل.
ولابن السكن: نحو من عشرين، وسمي منهم المغيرة بن شعبة في مصنف ابن أبي شيبة بسند مرسل، وفيه نظر، لأنه كان إذ ذاك مسلما.
ويحتمل أن يكون رجع حينئذ إلى قيصر ثم قدم المدينة مسلما.
وقد وقع ذكره أيضا في أثر آخر في كتاب السير لأبي إسحاق الفزاري، وكتاب الأموال لأبي عبيد من طريق سعيد بن المسيب قال: كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إلى كسرى وقيصر.. الحديث
وفيه: فلما قرأ قيصر الكتاب قال: هذا كتاب لم أسمع بمثله.
ودعا أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة وكانا تاجرين هناك، فسأل عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قوله: (وكانوا تجارا) بضم التاء وتشديد الجيم، أو كسرها والتخفيف، جمع تاجر. (1/34)
قوله: (في المدة) يعني مدة الصلح بالحديبية، وسيأتي شرحها في المغازي، وكانت في سنة ست، وكانت مدتها عشر سنين كما في السيرة، وأخرجه أبو داود من حديث ابن عمر، ولأبي نعيم في مسند عبد الله ابن دينار: كانت أربع سنين، وكذا أخرجه الحاكم في البيوع من المستدرك، والأول أشهر.
لكنهم نقضوا، فغزاهم سنة ثمان وفتح مكة.
وكفار قريش بالنصب مفعول معه.
قوله: (فأتوه) تقديره: أرسل إليهم في طلب إتيان الركب، فجاء الرسول يطلب إتيانهم فأتوه، كقوله تعالى: (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت) أي: فضرب فانفجرت.
ووقع عند المؤلف في الجهاد أن الرسول وجدهم ببعض الشام.
وفي رواية لأبي نعيم في الدلائل تعيين الموضع وهو غزة.
قال: وكانت وجه متجرهم.
وكذا رواه ابن إسحاق في المغازي عن الزهري، وزاد في أوله عن أبي سفيان قال: كنا قوما تجارا، وكانت الحرب قد حصبتنا، فلما كانت الهدنة خرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش، فوالله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلا وقد حملني بضاعة.
فذكره.
وفيه: فقال هرقل لصاحب شرطته: قلب الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه.
فوالله إني وأصحابي بغزة، إذ هجم علينا فساقنا جميعا.
قوله: (بإيلياء) بهمزة مكسورة بعدها ياء أخيرة ساكنة، ثم لام مكسورة ثم ياء أخيرة ثم ألف مهموزة، وحكى البكري فيها القصر، ويقال لها أيضا إليا بحذف الياء الأولى وسكون اللام حكاه البكري، وحكى النووي مثله لكن بتقديم الياء على اللام واستغربه، قيل: معناه بيت الله.
وفي الجهاد عند المؤلف: أن هرقل لما كشف الله عنه جنود فارس، مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله.
زاد ابن إسحاق عن الزهري: أنه كان تبسط له البسط وتوضع عليها الرياحين فيمشي عليها، ونحوه لأحمد من حديث ابن أخي الزهري عن عمه.
وكان سبب ذلك ما رواه الطبري وابن عبد الحكم من طرق متعاضدة ملخصها: أن كسرى أغزى جيشه بلاد هرقل، فخربوا كثيرا من بلاده، ثم استبطأ كسرى أميره فأراد قتله وتولية غيره، فاطلع أميره على ذلك فباطن هرقل، واصطلح معه على كسرى وانهزم عنه بجنود فارس، فمشى هرقل إلى بيت المقدس شكرا لله تعالى على ذلك.
واسم الأمير المذكور: شهر براز، واسم الغير الذي أراد كسرى تأميره فرحان.
قوله: (فدعاهم في مجلسه) أي: في حال كونه في مجلسه، وللمصنف في الجهاد " فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج".
قوله: (وحوله) بالنصب لأنه ظرف مكان.
قوله: (عظماء) جمع عظيم.
ولابن السكن: فأدخلنا عليه وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان والروم من ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم -عليهما السلام -على الصحيح، ودخل فيهم طوائف من العرب من تنوخ وبهراء وسليح وغيرهم من غسان كانوا سكانا بالشام، فلما أجلاهم المسلمون عنها دخلوا بلاد الروم، فاستوطنوها فاختلطت أنسابهم.
قوله: (ثم دعاهم ودعا ترجمانه) وللمستملي " بالترجمان " مقتضاه: أنه أمر بإحضارهم، فلما حضروا استدناهم لأنه ذكر أنه دعاهم ثم دعاهم فينزل على هذا، ولم يقع تكرار ذلك إلا في هذه الرواية.
والترجمان بفتح التاء المثناة وضم الجيم ورجحه النووي في شرح مسلم، ويجوز ضم التاء اتباعا، ويجوز فتح الجيم مع فتح أوله حكاه الجوهري، ولم يصرحوا بالرابعة وهي ضم أوله وفتح الجيم.
وفي رواية الأصيلي وغيره " بترجمانه " يعني: أرسل إليه رسولا أحضره صحبته، والترجمان المعبر عن لغة بلغة، وهو معرب وقيل: عربي.
قوله: (فقال: أيكم أقرب نسبا) أي قال الترجمان على لسان هرقل.
قوله: (بهذا الرجل) زاد ابن السكن: الذي خرج بأرض العرب يزعم أنه نبي.
قوله: (قلت أنا أقربهم نسبا) في رواية ابن السكن: فقالوا هذا أقربنا به نسبا، هو ابن عمه أخي أبيه.
وإنما كان أبو سفيان أقرب لأنه من بني عبد مناف، وقد أوضح ذلك المصنف في الجهاد بقوله: قال ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي.
قال أبو سفيان: ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري ا هـ