*3* باب مَنْ سَمَّى قَوْمًا أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب من سمى قوما أو سلم في الصلاة على غيره وهو لا يعلم) كذا للأكثر، وزاد في رواية كريمة بعد على غيره " مواجهة " وحكى ابن رشيد أن في رواية أبي ذر عن الحموي إسقاط الهاء من غيره وإضافة مواجهة، قال: ويحتمل أن يكون بتنوين غير وفتح الجيم من مواجهة وبالنصب فيوافق المعنى الأول، ويحتمل أن يكون بتاء التأنيث فيكون المعنى لا تبطل الصلاة إذا سلم على غير مواجهة، ومفهومه أنه إذا كان مواجهة تبطل، قال: وكأن مقصود البخاري بهذه الترجمة أن شيئا من ذلك لا يبطل الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالإعادة وإنما علمهم ما يستقبلون، لكن يرد عليه أنه لا يستوي حال الجاهل قبل وجود الحكم مع حاله بعد ثبوته، ويبعد أن يكون الذين صدر منهم الفعل كان من غير علم بل الظاهر أن ذلك كان عندهم شرعا مقررا فورد النسخ عليه فيقع الفرق انتهى.
وليس في الترجمة تصريح بجواز ولا بطلان.
وكأنه ترك ذلك لاشتباه الأمر فيه.
وقد تقدم الكلام على فوائد حديث الباب في أواخر صفة الصلاة.
وقوله في هذا السياق " وسمى ناسا بأعيانهم " يفسره قوله في السياق المتقدم " السلام على جبريل السلام على ميكائيل إلخ " وقوله " يسلم بعضنا على بعض " ظاهر فيما ترجم له والله تعالى أعلم.
*3* باب التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب التصفيق للنساء) تقدم الكلام عليه قبل باب.
وسفيان في الإسناد الأول هو ابن عيينة، وفي الثاني هو الثوري، ويحيي شيخ البخاري هو ابن جعفر، وكأن منع النساء من التسبيح لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقا لما يخشى من الافتتان.
ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء، وعن مالك وغيره في قوله " التصفيق للنساء " أي هو من شأنهن في غير الصلاة وهو على جهة الذم له ولا ينبغي فعله في الصلاة لرجل ولا امرأة، وتعقب برواية حماد بن زيد عن أبي حازم في الأحكام بصيغة الأمر " فليسبح الرجال وليصفق النساء " فهذا نصن يدفع ما تأوله أهل هذه المقالة، قالا القرطبي: القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرا ونظرا.
*3* باب مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صَلَاتِهِ أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ حذف التشكيل
رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (باب من رجع القهقرى في الصلاة أو تقدم بأمر ينزل به، رواه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم) يشير بذلك إلى حديثه الماضي قريبا فقيه " فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ثم رجع القهقري".
وأما قوله " أو تقدم " فهو مأخوذ من الحديث أيضا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في الصف الأول خلف أبي بكر على إرادة الائتمام به فامتنع أبو بكر من ذلك، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم ورجع أبو بكر من موقف الإمام إلى موقف المأموم.
ويحتمل أن يكون المراد بحديث سهل ما تقدم في الجمعة من صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر ونزوله القهقري حتى سجد في أصل المنبر ثم تقدم حتى عاد إلى مقامه، والله أعلم.
واستدل به على جواز العمل في الصلاة إذا كان يسيرا ولم يحصل فيه التوالي.
الحديث:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي بِهِمْ فَفَجِئَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ
الشرح:
قوله: (حدثنا بشر بن محمد) هو المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك، ويونس هو ابن زيد.
قوله: (قال يونس قال الزهري) أي قال قال يونس وهي تحذف خطا في الاصطلاح لا نطقا.
قوله: (ففجأهم) قال ابن التين: كذا وقع في الأصل بالألف وحقه أن يكتب بالياء لأن عينه مكسورة كوطئهم انتهى، وبقية فوائد المتن تقدمت في " باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة " من أبواب الإمامة، ويأتي الكلام عليه مستوفى في أواخر المغازي إن شاء الله تعالى.
*3* باب إِذَا دَعَتْ الْأُمُّ وَلَدَهَا فِي الصَّلَاةِ حذف التشكيل
وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَتْ امْرَأَةٌ ابْنَهَا وَهُوَ فِي صَوْمَعَةٍ قَالَتْ يَا جُرَيْجُ قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي قَالَتْ يَا جُرَيْجُ قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي قَالَتْ يَا جُرَيْجُ قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي قَالَتْ اللَّهُمَّ لَا يَمُوتُ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمَيَامِيسِ وَكَانَتْ تَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ فَوَلَدَتْ فَقِيلَ لَهَا مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ قَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ قَالَ جُرَيْجٌ أَيْنَ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي قَالَ يَا بَابُوسُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ رَاعِي الْغَنَمِ
الشرح:
قوله: (باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة) أي هل يجب إجابتها أم لا؟ إذا وجبت هل تبطل الصلاة أو لا؟ في المسألتين خلاف، ولذلك حذف المصنف جواب الشرط.
قوله: (وقال الليث) وصله الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي أحد شيوخ البخاري عن الليث مطولا، وجعفر هو ابن ربيعة المصري، وجريج بجيمين مصغر.
وقوله في وجه المياميس في رواية أبي ذر " وجوه " بصيغة الجمع والمياميس جمع مومسة بكسر الميم وهي الزانية، قال ابن الجوزي: إثبات الياء فيه غلط والصواب حذفها وخرج على إشباع الكسرة وحكى غيره جوازه، قال ابن بطال: سبب دعاء أم جريج على ولدها أن الكلام في الصلاة كان في شرعهم مباحا، فلما آثر استمراره في صلاته ومناجاته على إجابتها دعت عليه لتأخيره حقها انتهى.
والذي يظهر من ترديده في قوله " أمي، وصلاتي " أن الكلام عنده يقطع الصلاة فلذلك لم يجبها، وقد روى الحسن بن سفيان وغيره من طريق الليث عن يزيد بن حوشب عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لو كان جريج عالما لعلم أن إجابته أمه أولى من عبادة ربه " ويزيد هذا مجهول، وحوشب بمهملة ثم معجمة وزن جعفر، ووهم الدمياطي فزعم أنه ذو ظليم، والصواب أنه غيره لأن ذا ظليم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا وقع التصريح بسماعه، وقوله فيه " يا بابوس " بموحدتين بينهما ألف ساكنة والثانية مضمومة وآخره مهملة قال القزاز: هو الصغير.
وقال ابن بطال: الرضيع، وهو بوزن جاسوس.
واختلف هل هو عربي أو معرب؟ وأغرب الداودي الشارح فقال: هو اسم ذلك الولد بعينه وفيه نظر، وقد قال الشاعر: حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا.
وقال الكرماني: إن صحت الرواية بتنوين السين تكون كنية له ويكون معناه يا أبا الشدة، وسيأتي بقية الكلام عليه في ذكر بني إسرائيل.
*3* باب مَسْحِ الْحَصَا فِي الصَّلَاةِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب مسح الحصى في الصلاة) قال ابن رشيد: ترجم بالحصى والمتن الذي أورده (في التراب) لينبه على إلحاق الحصى بالتراب في الاقتصار على التسوية مرة، وأشار بذلك أيضا إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ " الحصى " كما أخرجه مسلم من طريق وكيع عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بلفظ " المسح في المسجد يعني الحصى " قال ابن رشيد: لما كان في الحديث " يعني " ولا يدري أهي قول الصحابي أو غيره عدل عنها البخاري إلى ذكر الرواية التي فيها التراب.
وقال الكرماني: ترجم بالحصى لأن الغالب أنه يوجد في التراب فيلزم من تسويته مسح الحصى.
قلت: قد أخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام بلفظ " فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة تسوية الحصى " وأخرجه الترمذي من طريق الأوزاعي عن يحيى بلفظ " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة " فلعل البخاري أشار إلى هذه الرواية، أو إلى ما رواه أحمد من حديث حذيفة قال " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى عن مسح الحصى فقال: واحدة أو دع " ورواه أصحاب السنن من حديث أبي ذر بلفظ " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى " وقوله " إذا قام " المراد به الدخول في الصلاة ليوافق حديث الباب فلا يكون منهيا عن المسح قبل الدخول فيها، بل الأولى أن يفعل ذلك حتى لا يشتغل باله وهو في الصلاة به.
(تنبيه) : التقييد بالحصى وبالتراب خرج للغالب لكونه كان الموجود في فرش المساجد إذ ذاك، فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه على غيره مما يصلى عليه من الرمل والقذى وغير ذلك.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قَالَ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً
الشرح:
قوله: (حدثنا شيبان) هو ابن عبد الرحمن، ويحيى هو ابن أبي كثير.
قوله: (عن أبي سلمة) هو ابن عبد الرحمن.
وفي رواية الترمذي من طريق الأوزاعي عن يحيى " حدثني أبو سلمة " ومعيقيب بالمهملة وبالقاف وآخره موحدة مصغر هو ابن أبي فاطمة الدوسي حليف بني عبد شمس، كان من السابقين الأولين، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد.
قوله: (في الرجل) أي حكم الرجل، وذكر للغالب وإلا فالحكم جار في جميع المكلفين.
وحكى النووي اتفاق العلماء على كراهة مسح الحصى وغيره في الصلاة، وفيه نظر فقد حكى الخطابي في " المعالم " عن مالك أنه لم ير به بأسا وكان يفعله فكأنه لم يبلغه الخبر، وأفرط بعض أهل الظاهر فقال: إنه حرام إذا زاد على واحدة لظاهر النهي، ولم يفرق بين ما إذا توالى أو لا، مع أنه لم يقل بوجوب الخشوع، والذي يظهر أن علة كراهيته المحافظة على الخشوع، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة، لكن حديث أبي ذر المتقدم يدل على أن العلة فيه أن يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلا.
وروى ابن أبي شيبة عن أبي صالح السمان قال " إذا سجدت فلا تمسح الحصى، فإن كل حصاة تحب أن يسجد عليها " فهذا تعليل آخر والله أعلم.
قوله: (حيث يسجد) أي مكان السجود، وهل يتناول العضو الساجد؟ لا يبعد ذلك.
وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال " ما أحب أن لي حمر النعم وأني مسحت مكان جبيني من الحصى " وقال عياض: كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف.
قلت: وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة حكاية استدلال الحميدي لذلك بحديث أبي سعيد في رؤيته الماء والطين في جبهة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انصرف من صلاة الصبح.
قوله: (فواحدة) بالنصب على إضمار فعل أي فامسح واحدة، أو على النعت لمصدر محذوف، ويجوز الرفع على إضمار الخبر أي فواحدة تكفي، أو إضمار المبتدأ أي فالمشروع واحدة.
ووقع في رواية الترمذي " إن كنت فاعلا فمرة واحدة".