*3* باب يُفْكِرُ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ حذف التشكيل
وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ
الشرح:
قوله: (باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة) الشيء بالنصب على المفعولية.
والتقييد بالرجل لا مفهوم له لأن بقية المكلفين في حكم ذلك سواء، قال المهلب: التفكر أمر غالب لا يمكن الاحتراز منه في الصلاة ولا في غيرها لما جعل الله للشيطان من السبيل على الإنسان، ولكن يفترق الحال في ذلك، فإن كان في أمر الآخرة والدين كان أخف مما يكون في أمر الدنيا.
قوله: (وقال عمر: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة) وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي عنه بهذا سواء، قال ابن التين: إنما هذا فيما يقل فيه التفكر كأن يقول: أجهز فلانا، أقدم فلانا، أخرج من العدد كذا وكذا، فيأتي على ما يريد في أقل شيء من الفكرة.
فأما أن يتابع التفكر ويكثر حتى لا يدري كم صلى بهذا اللاهي في صلاته فيجب عليه الإعادة انتهى.
وليس هذا الإطلاق على وجهه، وقد جاء عن عمر ما يأباه، فروى ابن أبي شيبة من طريق عروة بن الزبير قال: قال عمر " إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة " وروى صالح بن أحمد بن حنبل في " كتاب المسائل " عن أبيه من طريق همام بن الحارث أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ، فلما انصرف قالوا: يا أمير المؤمنين إنك لم تقرأ، فقال: إني حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعير جهزتها من المدينة حتى دخلت الشام، ثم أعاد وأعاد القراءة.
ومن طريق عياض الأشعري قال " صلى عمر المغرب فلم يقرأ، فقال له أبو موسى: إنك لم تقرأ، فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال: صدق، فأعاد.
فلما فرغ قال: لا صلاة ليست فيها قراءة، إنما شغلني عير جهزتها إلى الشام فجعلت أتفكر فيها".
وهذا يدل على أنه إنما أعاد لترك القراءة لا لكونه كان مستغرقا في الفكرة.
ويؤيده ما روى الطحاوي من طريق ضمضم بن جوس عن عبد الرحمن بن حنظلة بن الراهب " إن عمر صلى المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى فلما كانت الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين فلما فرغ وسلم سجد سجدتي السهو " ورجال هذه الآثار ثقات، وهي محمولة على أحوال مختلفة، والأخير كأنه مذهب لعمر.
ولهذه المسألة التفات إلى مسألة الخشوع في الصلاة، وقد تقدم البحث فيه في مكانه.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ فَقَالَ ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ تِبْرًا عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِيَ أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ
الشرح:
قوله: (حدثنا روح) هو ابن عبادة، وعمر بن سعيد هو ابن أبي حسين المكي، وقد تقدم هذا الحديث وشيء من فوائده في أواخر صفة الصلاة، وهو ظاهر فيما ترجم له لأنه صلى الله عليه وسلم تفكر في أمر التبر المذكور ثم لم يعد الصلاة.
الحديث:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ فَلَا يَزَالُ بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح:
قوله: (عن جعفر) هو ابن ربيعة المصري، وقد تقدم الكلام على المتن في أوائل أبواب الأذان مستوفى، وشاهد الترجمة قوله " حتى لا يدري كم صلى " فإنه يدل على أن التفكر لا يقدح في صحة الصلاة ما لم يترك شيئا من أركانها.
قوله: (قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد، وسمعه أبو سلمة من أبي هريرة) هذا التعليق طرف من الحديث الذي قبله في رواية أبي سلمة كما سيأتي في خامس ترجمة من أبواب السهو، لكنه من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، وربما تبادر إلى الذهن من سياق المصنف أن هذه الزيادة من رواية جعفر بن ربيعة عن أبي سلمة، وليس كذلك، وسيأتي في سادس ترجمة أيضا من طريق الزهري عن أبي سلمة لكن باختصار ذكر الأذان وهو من طريق هذين عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بخلاف ما يوهمه سياقه هنا، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى هناك.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَلَقِيتُ رَجُلًا فَقُلْتُ بِمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقُلْتُ لَمْ تَشْهَدْهَا قَالَ بَلَى قُلْتُ لَكِنْ أَنَا أَدْرِي قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا
الشرح:
قوله: (قال قال أبو هريرة) في رواية الإسماعيلي " عن أبي هريرة " قوله: (يقول الناس أكثر أبو هريرة) أخرجه البيهقي في المدخل من طريق أبي مصعب عن محمد بن إبراهيم بن دينار عن ابن أبي ذئب بلفظ " إن الناس قالوا قد أكثر أبو هريرة من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني كنت ألزمه لشبع بطني، فلقيت رجلا فقلت له: بأي سورة " فذكر الحديث وقال في آخره: أخرجه البخاري عن أبي مصعب انتهى.
ولم أر هذه الطريق في صحيح البخاري، وكأن البيهقي تبع أطراف خلف فإنه ذكرها، وقد قال ابن عساكر: لم أجدها ولا ذكرها أبو مسعود انتهى.
ثم وجدت في مناقب جعفر صدر هذا الحديث، لكن قال بعد قوله " لشبع بطني " حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحرير؛ فذكر قصة جعفر بن أبي طالب، فلعل البيهقي أراد هذا، وكأن المقبري وغيره من رواته كان يحدث به تاما تارة ومختصرا أخرى.
وقد وقع عند الإسماعيلي من طريق بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب في أول هذا الحديث " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءين " الحديث وفيه " إن الناس قالوا: أكثر أبو هريرة " فذكره، وقوله "حفظت إلخ " تقدم في العلم مع الكلام عليه، وتقدم في العلم أيضا من طريق الأعرج عن أبي هريرة " إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة، والله لولا آيتان في كتاب الله تعالى ما حدثت " الحديث وسيأتي في أوائل البيوع من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال " إنكم تقولون إن أبا هريرة أكثر " الحديث وفيه الإشارة إلى سبب إكثاره وأن المهاجرين والأنصار كانوا يشغلهم المعاش، وهذا يدل على أنه كان يقول هذه المقالة أمام ما يريد أن يحدث به مما يدل على صحة إكثاره وعلى السبب في ذلك وعلى سبب استمراره على التحديث.
قوله: (فلقيت رجلا) لم أقف على تسميته ولا على تسمية السورة، وقوله "بم " بكسر الموحدة بغير ألف لأبي ذر وهو المعروف، وللأكثر بإثبات الألف وهو قليل، أي بأي شيء.
قوله: (البارحة) أي أقرب ليلة مضت.
وفي هذه القصة إشارة إلى سبب إكثار أبي هريرة وشدة إتقانه وضبطه، بخلاف غيره.
وشاهد الترجمة دلالة الحديث على عدم ضبط ذلك الرجل كأنه اشتغل بغير أمر الصلاة حتى نسي السورة التي قرئت، أو دلالته على ضبط أبي هريرة كأنه شغل فكره بأفعال الصلاة حتى ضبطها وأتقنها، كذا ذكر الكرماني هذين الاحتمالين، وبالأول جزم غيره والله أعلم.
(خاتمة) اشتملت أبواب العمل في الصلاة من الأحاديث المرفوعة على اثنين وثلاثين حديثا، المعلق من ذلك ستة والبقية موصولة.
المكرر منها فيها وفيما مضى ثلاثة وعشرون حديثا والبقية خالصة، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي برزة في قصة انفلات دابته، وحديث عبد الله بن عمرو المعلق في النفخ في السجود، وحديث أبي هريرة في التخصر، وحديثه في القراءة في العتمة.
وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم ستة آثار.
والله أعلم.
*3* بَاب مَا جَاءَ فِي السَّهْوِ إِذَا قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَرِيضَةِ حذف التشكيل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الشرح:
قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم - باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة) وللكشميهني والأصيلي وأبي الوقت " ركعتي الفرض " وسقط لفظ " باب " من رواية أبي ذر.
والسهو الغفلة عن الشيء وذهاب القلب إلى غيره، وفرق بعضهم بين السهو والنسيان، وليس بشيء.
واختلف في حكمه فقال الشافعية: مسنون كله، وعن المالكية السجود للنقص واجب دون الزيادة، وعن الحنابلة التفصيل بين الواجبات غير الأركان فيجب لتركها سهوا، وبين السنن القولية فلا يجب، وكذا يجب إذا سها بزيادة فعل أو قول يبطلها عمده.
وعن الحنفية واجب كله وحجتهم قوله في حديث ابن مسعود الماضي في أبواب القبلة " ثم ليسجد سجدتين " ومثله لمسلم من حديث أبي سعيد والأمر للوجوب.
وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم، وأفعاله في الصلاة محمولة على البيان وبيان الواجب واجب ولا سيما مع قوله " صلوا كما رأيتموني أصلي".
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ سَلَّمَ
الشرح:
قوله: (عن عبد الرحمن الأعرج) كذا في رواية كريمة، ولم يسم في رواية الباقين.
قوله: (عن عبد الله ابن بحينة) تقدم في التشهد أن بحينة اسم أمه أو أم أبيه، وعلى هذا فينبغي أن يكتب ابن بحينة بألف.
قوله: (صلى لنا) أي بنا أو لأجلنا، وقد تقدم في أبواب التشهد من رواية شعيب عن ابن شهاب بلفظ " صلى بهم " ويأتي في الأيمان والنذور من رواية ابن أبي ذئب عن ابن شهاب بلفظ " صلى بنا".
قوله: (من بعض الصلوات) بين في الرواية التي تليها أنها الظهر.
قوله: (ثم قام) زاد الضحاك بن عثمان عن الأعرج " فسبحوا به فمضى حتى فرغ من صلاته " أخرجه ابن خزيمة.
وفي حديث معاوية عند النسائي وعقبة بن عامر عند الحاكم جميعا نحو هذه القصة بهذه الزيادة.
قوله: (فلما قضى صلاته) أي فرغ منها كذا رواه مالك عن شيخه، وقد استدل به لمن زعم أن السلام ليس من الصلاة حتى لو أحدث بعد أن جلس وقبل أن يسلم تمت صلاته وهو قول بعض الصحابة والتابعين وبه قال أبو حنيفة، وتعقب بأن السلام لما كان للتحليل من الصلاة كان المصلي إذا انتهى إليه كمن فرغ من صلاته ويدل على ذلك قوله في رواية ابن ماجه من طريق جماعة من الثقات عن يحيى بن سعيد عن الأعرج " حتى إذا فرغ من الصلاة إلا أن يسلم " فدل على أن بعض الرواة حذف الاستثناء لوضوحه، والزيادة من الحافظ مقبولة.
قوله: (ونظرنا تسليمه) : أي انتظرنا، وتقدم في رواية شعيب بلفظ " وانتظر الناس تسليمه " وفي هذه الجملة رد على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم سجد في قصة ابن بحينة قبل السلام سهوا، أو أن المراد بالسجدتين سجدتا الصلاة، أو المراد بالتسليم التسليمة الثانية، ولا يخفى ضعف ذلك وبعده.
قوله: (كبر قبل التسليم فسجد سجدتين) فيه مشروعية سجود السهو وأنه سجدتان فلو اقتصر على سجدة واحدة ساهيا لم يلزمه شيء أو عامدا بطلت صلاته لأنه تعمد الإتيان بسجدة زائدة ليست مشروعة، وأنه يكبر لهما كما يكبر في غيرهما من السجود.
وفي رواية الليث عن ابن شهاب كما سيأتي بعد ثلاثة أبواب " يكبر في كل سجدة " وفي رواية الأوزاعي " فكبر ثم سجد ثم كبر فرفع رأسه ثم كبر فسجد ثم كبر فرفع رأسه ثم سلم " أخرجه ابن ماجه، ونحوه في رواية ابن جريج كما سيأتي بيانه عقب حديث الليث.
واستدل به على مشروعية التكبير فيهما والجهر به كما في الصلاة وأن بينهما جلسة فاصلة، واستدل به بعض الشافعية على الاكتفاء بالسجدتين للسهو في الصلاة، ولو تكرر من جهة أن الذي فات في هذه القصة الجلوس والتشهد فيه وكل منهما لو سها المصلي عنه على انفراده سجد لأجله ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم سجد في هذه الحالة غير سجدتين، وتعقب بأنه ينبني على ثبوت مشروعية السجود لترك ما ذكر، ولم يستدلوا على مشروعية ذلك بغير هذا الحديث فيستلزم إثبات الشيء بنفسه وفيه ما فيه، وقد صرح في بقية الحديث بأن السجود مكان ما نسي من الجلوس كما سيأتي من رواية الليث، نعم حديث ذي اليدين دال لذلك كما سيأتي.
قوله: (وهو جالس) جملة حالية متعلقة بقوله " سجد " أي أنشأ السجود جالسا.
قوله: (ثم سلم) زاد في رواية يحيى بن سعيد ثم سلم بعد ذلك وزاد في رواية الليث الآتية " وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس " واستدل به على أن سجود السهو قبل السلام ولا حجة فيه في كون جميعه كذلك، نعم يرد على من زعم أن جميعه بعد السلام كالحنفية وسيأتي ذكر مستندهم في الباب الذي بعده، واستدل بزيادة الليث المذكورة على أن السجود خاص بالسهو فلو تعمد ترك شيء مما يجبر بسجود السهو لا يسجد وهو قول الجمهور، ورجحه الغزالي وناس من الشافعية، واستدل به أيضا على أن المأموم يسجد مع الإمام إذا سها الإمام وإن لم يسه المأموم، ونقل ابن حزم فيه الإجماع، لكن استثنى غيره ما إذا ظن الإمام أنه سها فسجد وتحقق المأموم أن الإمام لم يسه فيما سجد له وفي تصويرها عسر، وما إذا تبين أن الإمام محدث، ونقل أبو الطيب الطبري أن ابن سيرين استثنى المسبوق أيضا، وفي هذا الحديث أن سجود السهو لا تشهد بعده إذا كان قبل السلام وقد ترجم له المصنف قريبا وأن التشهد الأول غير واجب وقد تقدم في أواخر صفة الصلاة، وأن من سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الركعة ثم ذكر لا يرجع فقد سبحوا به صلى الله عليه وسلم فلم يرجع، فلو تعمد المصلي الرجوع بعد تلبسه بالركن بطلت صلاته عند الشافعي خلافا للجمهور، وأن السهو والنسيان جائزان على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما طريقه التشريع، وأن محل سجود السهو آخر الصلاة فلو سجد للسهو قبل أن يتشهد ساهيا أعاد عند من يوجب التشهد الأخير وهم الجمهور.