foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:19 am

3*8_ باب مَنْ تَسَحَّرَ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي والمستملي ‏"‏ من تسحر ثم قام إلى الصلاة‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

-1134-حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏:‏

أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسَحَّرَا‏.‏ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى‏.‏ فَقُلْنَا لِأَنَسٍ‏:‏ كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلَاةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏)‏ هو‏:‏ الدورقي، وروح هو‏:‏ ابن عبادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما فرغا من سحورهما قام إلى الصلاة فصلى‏)‏ هو ظاهر لما ترجم له‏.‏

والمراد بالصلاة‏:‏ صلاة الصبح، وقبلها صلاة الفجر، وقد تقدم توجيهه، ويأتي الكلام على بقية فوائد الحديث في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*9_ باب طُولِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب طول القيام في صلاة الليل‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي والمستملي ‏"‏ طول الصلاة في قيام الليل ‏"‏ وحديث الباب موافق لهذا لأنه دال على طول الصلاة لا على طول القيام بخصوصه، إلا أن طول الصلاة يستلزم طول القيام لأن غير القيام كالركوع مثلا لا يكون أطول من القيام كما عرف بالاستقراء من صنيعه صلى الله عليه وسلم، ففي حديث الكسوف ‏"‏ فركع نحواً من قيامه ‏"‏ وفي حديث حذيفة الذي سأذكره نحوه، ومضى حديث عائشة قريباً أن السجدة تكون قريباً من خمسين آية، ومن المعلوم في غير هذه الرواية أنه كان يقرأ بما يزيد على ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

-1135-حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏

صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ‏.‏ قُلْنَا‏:‏ وَمَا هَمَمْتَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ هو‏:‏ ابن مسعود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بأمر سوء‏)‏ بإضافة أمر إلى سوء‏.‏

وفي الحديث‏:‏ دليل على اختيار النبي صلى الله عليه وسلم تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده‏.‏

وأخرج مسلم، من حديث جابر، ‏"‏ أفضل الصلاة طول القنوت ‏"‏ فاستدل به على ذلك‏.‏

ويحتمل أن يراد بالقنوت في حديث جابر‏:‏ الخشوع، وذهب كثير من الصحابة وغيرهم إلى أن كثرة الركوع والسجود أفضل، ولمسلم، من حديث ثوبان، ‏"‏ أفضل الأعمال كثرة السجود ‏"‏ والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أن مخالفة الإمام في أفعاله معدودة في العمل السيء‏.‏

وفيه‏:‏ تنبيه على فائدة معرفة ما بينهم من الأحوال وغيرها، لأن أصحاب ابن مسعود ما عرفوا مراده من قوله ‏"‏ هممت بأمر سوء ‏"‏ حتى استفهموه عنه، ولم ينكر عليهم استفهامهم عن ذلك‏.‏

وروى مسلم، من حديث حذيفة، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ البقرة وآل عمران والنساء في ركعة، وكان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح أو سؤال سأل أو تعوذ تعوذ، ثم ركع نحواً مما قام، ثم قام نحواً مما ركع، ثم سجد نحواً مما قام‏.‏

وهذا إنما يتأتى في نحو من ساعتين، فلعله صلى الله عليه وسلم أحيا تلك الليلة كلها‏.‏

وأما ما يقتضيه حاله في غير هذه الليلة فإن في أخبار عائشة أنه كان يقوم قدر ثلث الليل، وفيها أنه كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، فيقتضي ذلك تطويل الصلاة والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ذكر الدارقطني أن سليمان بن حرب تفرد برواية هذا الحديث، عن شعبة حكاه عنه البرقاني، وهو من الأفراد المقيدة، فإن مسلماً، أخرج هذا الحديث من طريق أخرى عن الأعمش‏.‏

الحديث‏:‏

-1136-حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏:‏

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن خالد بن عبد الله‏)‏ هو‏:‏ الواسطي، وحصين هو‏:‏ ابن عبد الرحمن الواسطي أيضاً، وقد تقدم حديث حذيفة في الطهارة‏.‏

واستشكل ابن بطال دخوله في هذا الباب فقال‏:‏ لا مدخل له هنا لأن التسوك في صلاة الليل لا يدل على طول الصلاة‏.‏

قال‏:‏ ويمكن أن يكون ذلك من غلط الناسخ فكتبه في غير موضعه، أو أن البخاري أعجلته المنية قبل تهذيب كتابه، فإن فيه مواضع مثل هذا تدل على ذلك‏.‏

وقال ابن المنير‏:‏ يحتمل أن يكون أشار إلى أن استعمال السواك يدل على ما يناسبه من إكمال الهيئة والتأهب، وهو دليل طول القيام إذ التخفيف لا يتهيأ له هذا التهيؤ الكامل‏.‏‏(‏3/20‏)‏

وقد قال ابن رشيد‏:‏ الذي عندي أن البخاري إنما أدخله لقوله ‏"‏ إذا قام للتهجد ‏"‏ أي إذا قام لعادته، وقد تبينت عادته في الحديث الآخر، ولفظ التهجد مع ذلك مشعر بالسهر، ولا شك أن في التسوك عونا على دفع النوم فهو مشعر بالاستعداد للإطالة‏.‏

وقال البدر بن جماعة‏:‏ يظهر لي أن البخاري أراد بهذا الحديث استحضار حديث حذيفة الذي أخرجه مسلم، يعني المشار إليه قريبا، قال‏:‏ وإنما لم يخرجه لكونه على غير شرطه، فأما أن يكون أشار إلى أن الليلة واحدة، أو نبه بأحد حديثي حذيفة على الآخر‏.‏

وأقر بها توجيه ابن رشيد‏.‏

ويحتمل أن يكون بيض الترجمة لحديث حذيفة فضم الكاتب الحديث إلى الحديث الذي قبله وحذف البياض‏.‏

*3*10_ باب كيف صلاة النبي صلى الله عليه و سلم، وكم كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل‏؟‏ حذف التشكيل

قوله‏:‏‏(‏باب كيف صلاة الليل، وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل‏؟‏‏)‏ أورد فيه أربعة أحاديث‏:‏

الحديث‏:‏

-1137-حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ‏:‏

إِنَّ رَجُلًا قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ‏.‏

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر ‏"‏ صلاة الليل مثنى مثنى ‏"‏ الحديث، وقد تقدم الكلام عليه في أول أبواب الوتر، وأنه الأفضل في حق الأمة لكونه أجاب به السائل، وأنه صلى الله عليه وسلم صح عنه فعل الفصل والوصل‏.‏

الحديث‏:‏

-1138-حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ‏:‏

كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً‏.‏ يَعْنِي بِاللَّيْلِ‏.‏

الشرح‏:‏

حديث أبي جمرة، عن ابن عباس، ‏"‏ كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة‏"‏‏.‏ يعني بالليل‏.‏

وأخرجه مسلم والترمذي، بلفظ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أول أبواب الوتر أيضاً، وتقدم أيضا بيان الجمع بين مختلف الروايات في ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

-1139-حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ‏:‏

سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتِي الْفَجْرِ‏.‏

الشرح‏:‏

حديث عائشة، من رواية مسروق، قال‏:‏ ‏"‏ سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت‏:‏ سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

-1140-حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ‏:‏

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ‏.‏

الشرح‏:‏

حديثها من طريق القاسم، عنها ‏"‏ كان يصلي من الليل ثلاث عشرة منها الوتر وركعتا الفجر ‏"‏ وفي رواية مسلم، من هذا الوجه ‏"‏ كانت صلاته عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ‏"‏ فأما ما أجابت به مسروقا فمرادها أن ذلك وقع منه في أوقات مختلفة، فتارة كان يصلي سبعاً وتارة تسعاً وتارة إحدى عشرة‏.‏

وأما حديث القاسم، عنها، فمحمول على أن ذلك كان غالب حاله، وسيأتي بعد خمسة أبواب من رواية أبي سلمة عنها أن ذلك كان أكثر ما يصليه في الليل، ولفظه ‏"‏ ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ‏"‏ الحديث‏.‏

وفيه‏:‏ ما يدل على أن ركعتي الفجر من غيرها فهو مطابق لرواية القاسم‏.‏‏(‏3/21‏)‏

وأما ما رواه الزهري، عن عروة، عنها كما سيأتي في ‏"‏ باب ما يقرأ في ركعتي الفجر ‏"‏ بلفظ ‏"‏ كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين ‏"‏ فظاهره يخالف ما تقدم، فيحتمل أن تكون أضافت إلى صلاة الليل سنة العشاء لكونه كان يصليها في بيته، أو ما كان يفتتح به صلاة الليل فقد ثبت عند مسلم، من طريق سعد بن هشام، عنها، أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين، وهذا أرجح في نظري لأن رواية أبي سلمة التي دلت على الحصر في إحدى عشرة جاء في صفتها عند المصنف وغيره ‏"‏ يصلي أربعاً ثم أربعاً ثم ثلاثاً ‏"‏ فدل على أنها لم تتعرض للركعتين الخفيفتين وتعرضت لهما في رواية الزهري، والزيادة من الحافظ مقبولة، وبهذا يجمع بين الروايات‏.‏

وينبغي أن يستحضر هنا ما تقدم في أبواب الوتر من ذكر الركعتين بعد الوتر والاختلاف هل هما الركعتان بعد الفجر أو صلاة مفردة بعد الوتر، ويؤيده ما وقع عند أحمد وأبي داود، من رواية عبد الله بن أبي قيس، عن عائشة، بلفظ ‏"‏ كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة ولا أنقص من سبع ‏"‏ وهذا أصح ما وقفت عليه من ذلك، وبه يجمع بين ما اختلف عن عائشة من ذلك والله أعلم‏.‏

قال القرطبي‏:‏ أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحداً أو أخبرت عن وقت واحد‏:‏ والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز والله أعلم‏.‏


وظهر لي أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد والوتر مختص بصلاة الليل، وفرائض النهار - الظهر وهي أربع والعصر وهي أربع والمغرب وهي ثلاث وتر النهار - فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلا‏.‏

وأما مناسبة ثلاث عشرة فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ إسحاق المذكور في أول حديثي عائشة هو‏:‏ ابن راهويه كما جزم أبو نعيم في المستخرج، وعبيد الله المذكور في ثاني حديثيها هو‏:‏ ابن موسى، وقد روى البخاري عنه في هذين الحديثين المتواليين بواسطة وبغير واسطة وهو من كبار شيوخه، وكأن أولهما لم يقع له سماعه منه، والله أعلم‏.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:20 am

*3*11_ باب قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ مِنْ نَوْمِهِ وَمَا نُسِخَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ حذف التشكيل

وَقَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا‏.‏ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً وَأَقْوَمُ قِيلًا‏.‏ إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ، عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا‏.‏ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا‏:‏ نَشَأَ‏:‏ قَامَ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏ وِطَاءً قَالَ‏:‏ مُوَاطَأَةَ الْقُرْآنِ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ‏.‏ لِيُوَاطِئُوا‏:‏ لِيُوَافِقُوا‏.‏ ‏(‏3/22‏)‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل من نومه، وما نسخ من قيام الليل، وقوله تعالى‏:‏ يا أيها المزمل قم الليل‏)‏ كأنه يشير إلى ما أخرجه مسلم، من طريق سعد بن هشام، عن عائشة، قالت‏:‏ ‏"‏ إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة - يعني‏:‏ يا أيها المزمل - فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعاً بعد فرضيته ‏"‏ واستغنى البخاري عن إيراد هذا الحديث - لكونه على غير شرطه - بما أخرجه عن أنس، فإن فيه ‏"‏ ولا تشاء أن تراه من الليل نائما إلا رأيته ‏"‏ فإنه يدل على أنه كان ربما نام كل الليل وهذا سبيل التطوع، فلو استمر الوجوب لما أخل بالقيام وبهذا تظهر مطابقة الحديث للترجمة‏.‏

وقد روى محمد بن نصر، في قيام الليل من طريق سماك الحنفي، عن ابن عباس، شاهدا لحديث عائشة، في أن الإيجاب والنسخ سنة، وكذا أخرجه عن أبي عبد الرحمن السلمي والحسن وعكرمة وقتادة بأسانيد صحيحة عنهم، ومقتضى ذلك أن النسخ وقع بمكة لأن الإيجاب متقدم على فرض الخمس ليلة الإسراء وكانت قبل الهجرة بأكثر من سنة على الصحيح، وحكى الشافعي عن بعض أهل العلم أن آخر السورة نسخ افتراض قيام الليل إلا ما تيسر منه لقوله‏:‏ ‏(‏فاقرءوا ما تيسر منه‏)‏ ثم نسخ فرض ذلك بالصلوات الخمس‏.‏

واستشكل محمد بن نصر ذلك كما تقدم ذكره والتعقب عليه في أول كتاب الصلاة، وتضمن كلامه أن الآية التي نسخت الوجوب مدنية، وهو مخالف لما عليه الأكثر من أن السورة كلها مكية‏.‏

نعم ذكر أبو جعفر النحاس أنها مكية إلا الآية الأخيرة، وقوى محمد بن نصر هذا القول بما أخرجه من حديث جابر أن نسخ قيام الليل وقع لما توجهوا مع أبي عبيدة في جيش الخبط، وكان ذلك بعد الهجرة‏.‏

لكن في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وأما ما رواه الطبري، من طريق محمد بن طحلاء، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت‏:‏ ‏"‏ احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيراً ‏"‏ فذكر الحديث الذي تقدمت الإشارة إليه قبل خمسة أبواب وفيه‏:‏ ‏"‏ اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن خير العمل أدومه وإن قل ‏"‏ ونزلت عليه ‏(‏يا أيها المزمل‏)‏ فكتب عليهم قيام الليل وأنزلت منزلة الفريضة حتى إن كان بعضهم ليربط الحبل فيتعلق به، فلما رأى الله تكلفهم ابتغاء رضاه وضع ذلك عنهم فردهم إلى الفريضة ووضع عنهم قيام الليل إلا ما تطوعوا به، فإنه يقتضي أن السورة كلها مدنية، لكن فيه موسى بن عبيدة وهو شديد الضعف فلا حجة فيما تفرد به، ولو صح ما رواه لاقتضى ذلك وقوع ما خشي منه صلى الله عليه وسلم حيث ترك قيام الليل بهم خشية أن يفرض عليهم، والأحاديث الصحيحة دالة على أن ذلك لم يقع، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا أيها المزمل‏)‏ أي‏:‏ المتلفف في ثيابه، وروى ابن أبي حاتم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال‏:‏ ‏"‏ يا أيها المزمل؛ أي يا محمد قد زملت القرآن ‏"‏ فكأن الأصل يا أيها المتزمل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قم الليل إلا قليلاً‏)‏ أي‏:‏ منه‏.‏‏(‏3/23‏)‏

وروى ابن أبي حاتم، من طريق وهب بن منبه، قال‏:‏ القليل ما دون المعشار والسدس، وفيه نظر لما سيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نصفه‏)‏ يحتمل أن يكون بدلا من ‏"‏ قليلا ‏"‏ فكأن في الآية تخييرا بين قيام النصف بتمامه أو قيام أنقص منه أو أزيد، ويحتمل أن يكون قوله ‏"‏ نصفه ‏"‏ بدلا من الليل و ‏"‏ إلا قليلا ‏"‏ استثناء من النصف حكاه الزمخشري، وبالأول جزم الطبري، وأسند ابن أبي حاتم، معناه عن عطاء الخراساني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورتل القرآن ترتيلا‏)‏ أي اقرأه مترسلا بتبيين الحروف وإشباع الحركات وروى مسلم، من حديث حفصة، ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قولا ثقيلا‏)‏ أي‏:‏ القرآن‏.‏

وعن الحسن ‏"‏ العمل به ‏"‏ أخرجه ابن أبي حاتم‏.‏

وأخرج أيضا من طريق أخرى عنه قال ‏"‏ ثقيلا في الميزان يوم القيامة ‏"‏ وتأوله غيره على ثقل الوحي حين ينزل كما تقدم في بدء الوحي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن ناشئة الليل‏.‏قال ابن عباس‏:‏ نشأ‏:‏ قام بالحبشية‏)‏ يعني‏:‏ فيكون معنى قوله تعالى ‏"‏ ناشئة الليل ‏"‏ أي‏:‏ قيام الليل، وهذا التعليق وصله عبد بن حميد، بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير، عنه قال‏:‏ إن ناشئة الليل هو كلام الحبشة، نشأ قام‏.‏

وأخرج عن أبي ميسرة وأبي مالك نحوه، ووصله ابن أبي حاتم، من طريق أبي ميسرة، عن ابن مسعود، أيضا‏.‏

وذهب الجمهور إلى أنه ليس في القرآن شيء بغير العربية وقالوا‏:‏ ما ورد من ذلك فهو من توافق اللغتين، وعلى هذا فناشئة الليل مصدر بوزن فاعلة من نشأ إذا قام، أو اسم فاعل أي‏:‏ النفس الناشئة بالليل أي‏:‏ التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة أي‏:‏ تنهض، وحكى أبو عبيد في ‏"‏ الغريبين ‏"‏ أن كل ما حدث بالليل وبدأ فهو ناشئ وقد نشأ‏.‏

وفي ‏"‏ المجاز ‏"‏ لأبي عبيدة‏:‏ ناشئة الليل آناء الليل ناشئة بعد ناشئة، قال ابن التين‏:‏ والمعنى‏:‏ أن الساعات الناشئة من الليل - أي‏:‏ المقبلة بعضها في أثر بعض - هي أشد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وطاء قال‏:‏ مواطأة للقرآن، اشد موافقة لسمعه وبصره وقلبه‏)‏ وهذا وصله عبد بن حميد، من طريق مجاهد، قال أشد وطاء أي‏:‏ يوافق سمعك وبصرك وقلبك بعضه بعضا، قال الطبري‏:‏ هذه القراءة على أنه مصدر من قولك واطأ اللسان القلب مواطأة ووطاء، قال‏:‏ وقرأ الأكثر وطئا بفتح الواو وسكون الطاء، ثم حكي عن العرب وطئنا الليل وطئا أي‏:‏ سرنا فيه، وروي من طريق قتادة، ‏(‏أشد وطئا‏)‏ أثبت في الخير ‏(‏وأقوم قيلا‏)‏ أبلغ في الحفظ‏.‏

وقال الأخفش‏:‏ ‏"‏ أشد وطئا أي قياما ‏"‏ وأصل الوطء في اللغة الثقل كما في الحديث ‏"‏ اشدد وطأتك على مضر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليواطئوا ليوافقوا‏)‏ هذه الكلمة من تفسير براءة وإنما أوردها هنا تأييدا للتفسير الأول، وقد وصله الطبري، عن ابن عباس لكن بلفظ ‏"‏ ليشابهوا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سبحا طويلا‏)‏ أي‏:‏ فراغا، وصله ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، وأبي العالية، ومجاهد، وغيرهم، وعن السدي، سبحا طويلا أي‏:‏ تطوعا كثيرا كأنه جعله من السبحة وهي‏:‏ النافلة‏.‏

الحديث‏:‏

-1141-حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا‏.‏ وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنْ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ‏.‏

تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني محمد بن جعفر‏)‏ أي‏:‏ ابن أبي كثير المدني، وحميد‏:‏ هو الطويل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن لا يصوم منه‏)‏ زاد أبو ذر والأصيلي ‏"‏ شيئا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلخ‏)‏ أي‏:‏ إن صلاته ونومه كان يختلف بالليل ولا يرتب وقتا معينا بل بحسب ما تيسر له القيام‏.‏

ولا يعارضه قول عائشة ‏"‏ كان إذا سمع الصارخ قام ‏"‏ فإن عائشة تخبر عما لها عليه اطلاع، وذلك أن صلاة الليل كانت تقع منه غالبا في البيت، فخبر أنس محمول على ما وراء ذلك‏.‏

وقد مضى في حديثها في أبواب الوتر ‏"‏ من كل الليل قد أوتر ‏"‏ فدل على أنه لم يكن يخص الوتر بوقت بعينه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه سليمان وأبو خالد الأحمر عن حميد‏)‏ كذا ثبتت الواو في جميع الروايات التي اتصلت لنا، فعلى هذا يحتمل أن يكون سليمان هو‏:‏ ابن بلال كما جزم به خلف، ويحتمل أن تكون الواو زائدة من الناسخ فإن أبا خالد الأحمر اسمه‏:‏ سليمان، وحديثه في هذا سيأتي موصولا في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى‏.‏‏(‏3/24‏)‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:21 am

*3*12_ باب عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل‏)‏ قال ابن التين وغيره‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏ إذا لم يصل ‏"‏ مخالف لظاهر حديث الباب، لأنه دال على أنه يعقد على رأس من صلى ومن لم يصل، لكن من صلى بعد ذلك تنحل عقده بخلاف من لم يصل‏.‏

وأجاب ابن رشيد‏:‏ بأن مراد البخاري باب بقاء عقد الشيطان إلخ وعلى هذا فيجوز أن يقرأ قوله عقد بلفظ الفعل وبلفظ الجمع، ثم رأيت الإيراد بعينه للمازري ثم قال‏:‏ وقد يعتذر عنه بأنه إنما قصد من يستدام العقد على رأسه بترك الصلاة، وكأنه قدر من انحلت عقده كأن لم تعقد عليه انتهى‏.‏

ويحتمل أن تكون الصلاة المنفية في الترجمة صلاة العشاء فيكون التقدير إذا لم يصل العشاء، فكأنه يرى أن الشيطان إنما يفعل ذلك بمن نام قبل صلاة العشاء، بخلاف من صلاها ولا سيما في الجماعة، وكأن هذا هو السر في إيراده لحديث سمرة عقب هذا الحديث لأنه قال فيه ‏"‏ وينام عن الصلاة المكتوبة ‏"‏ ولا يعكر على هذا كونه أورد هذه الترجمة في تضاعيف صلاة الليل لأنه يمكن أن يجاب عنه بأنه أراد دفع توهم من يحمل الحديثين على صلاة الليل، لأنه ورد في بعض طرق حديث سمرة مطلقا غير مقيد بالمكتوبة، والوعيد علامة الوجوب، وكأنه أشار إلى خطأ من احتج به على وجوب صلاة الليل حملا للمطلق على المقيد‏.‏

ثم وجدت معنى هذا الاحتمال للشيخ ولي الدين الملوي وقواه بما ذكرته من حديث سمرة، فحمدت الله على التوفيق لذلك‏.‏

ويقويه ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أن من صلى العشاء في جماعة كان كمن قام نصف ليلة ‏"‏ لأن مسمى قيام الليل يحصل للمؤمن بقيام بعضه، فحينئذ يصدق على من صلى العشاء في جماعة أنه قام الليل، والعقد المذكورة تنحل بقيام الليل فصار من صلى العشاء في جماعة كمن قام الليل في حل عقد الشيطان‏.‏

وخفيت المناسبة على الإسماعيلي فقال‏:‏ ورفض القرآن ليس هو ترك الصلاة بالليل‏.‏

ويتعجب من إغفاله آخر الحديث حيث قال فيه ‏"‏ وينام عن الصلاة المكتوبة ‏"‏ والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

-1142-حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ‏:‏ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ‏.‏ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الشيطان‏)‏ كأن المراد به‏:‏ الجنس، وفاعل ذلك هو‏:‏ القرين أو غيره، ويحتمل أن يراد به‏:‏ رأس الشياطين وهو‏:‏ إبليس، وتجوز نسبة ذلك إليه لكونه الآمر به الداعي إليه، ولذلك أورده المصنف في ‏"‏ باب صفة إبليس ‏"‏ من بدء الخلق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قافية رأس أحدكم‏)‏ أي‏:‏ مؤخر عنقه‏.‏

وقافية كل شيء‏:‏ مؤخره ومنه قافية القصيدة، وفي النهاية‏:‏ القافية القفا، وقيل‏:‏ مؤخر الرأس، وقيل‏:‏ وسطه‏.‏‏(‏3/25‏)‏

وظاهر قوله ‏"‏ أحدكم ‏"‏ التعميم في المخاطبين ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من تقدم ذكره، ومن ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان كالأنبياء، ومن تناوله قوله‏:‏ ‏(‏إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‏)‏ وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح، وفيه بحث سأذكره في آخر شرح هذا الحديث إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا هو نام‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي والمستملي ‏"‏ إذا هو نائم ‏"‏ بوزن فاعل، والأول أصوب وهو الذي في الموطأ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يضرب على مكان كل عقدة‏)‏ كـذا للمستملي، ولبعضهم بحذف ‏"‏ على ‏"‏ وللكشميهني بلفظ ‏"‏ عند مكان‏"‏‏.‏

وقوله ‏"‏يضرب ‏"‏ أي‏:‏ بيده على العقدة تأكيدا وإحكاما لها قائلا ذلك، وقيل‏:‏ معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ، ومنه قوله تعالى ‏(‏فضربنا على آذانهم‏)‏ أي‏:‏ حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا، وفي حديث أبي سعيد ‏"‏ ما أحد ينام إلا ضرب على سماخه بجرير معقود ‏"‏ أخرجه المخلص في فوائده، والسماخ بكسر المهملة وآخره معجمة ويقال‏:‏ بالصاد المهملة بدل السين، وعند سعيد بن منصور، بسند جيد عن ابن عمر، ‏"‏ ما أصبح رجل على غير وتر إلا أصبح على رأسه جرير قدر سبعين ذراعا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عليك ليل طويل‏)‏ كذا في جميع الطرق، عن البخاري بالرفع، ووقع في رواية أبي مصعب، في الموطأ عن مالك، ‏"‏ عليك ليلا طويلا ‏"‏ وهي رواية ابن عيينة، عن أبي الزناد، عند مسلم، قال عياض‏:‏ رواية الأكثر عن مسلم، بالنصب على الإغراء، ومن رفع فعلى الابتداء، أي باق عليك، أو بإضمار فعل أي بقي‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ الرفع أولى من جهة المعنى لأنه الأمكن في الغرور من حيث أنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله ‏"‏ فارقد ‏"‏ وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد وحينئذ يكون قوله ‏"‏ فارقد ‏"‏ ضائعا، ومقصود الشيطان بذلك‏:‏ تسويفه بالقيام والإلباس عليه‏.‏

وقد اختلف في هذه العقد فقيل‏:‏ هو‏:‏ على الحقيقة وأنه كما يعقد الساحر من يسحره، وأكثر من يفعله النساء تأخذ إحداهن الخيط فتعقد منه عقدة وتتكلم عليه بالسحر فيتأثر المسحور عند ذلك، ومنه قوله تعالى ‏(‏ومن شر النفاثات في العقد‏)‏ وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية الرأس نفسها، وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره‏؟‏ الأقرب الثاني إذ ليس لكل أحد شعر، ويؤيده ما ورد في بعض طرقه أن على رأس كل آدمي حبلا، ففي رواية ابن ماجه، ومحمد بن نصر، من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا ‏"‏ على قافية رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد‏"‏، ولأحمد، من طريق الحسن، عن أبي هريرة، بلفظ ‏"‏ إذا نام أحدكم عقد على رأسه بجرير ‏"‏ ولابن خزيمة، وابن حبان، من حديث جابر، مرفوعا ‏"‏ ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جرير معقود حين يرقد ‏"‏ الحديث، وفي الثواب لآدم بن أبي إياس، من مرسل الحسن، نحوه‏.‏

والجرير بفتح الجيم هو‏:‏ الحبل، وفهم بعضهم من هذا أن العقد لازمة، ويرده التصريح بأنها تنحل بالصلاة فيلزم إعادة عقدها فأبهم فاعله في حديث جابر، وفسر في حديث غيره‏.‏

وقيل هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم‏.‏

وقيل المراد به‏:‏ عقد القلب وتصميمه على الشيء كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة فيتأخر عن القيام‏.‏

وانحلال العقد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به‏.‏

وقيل‏:‏ العقد كناية عن تثبيط الشيطان للنائم بالقول المذكور، ومنه عقدت فلانا عن امرأته أي منعته عنها، أو عن تثقيله عليه النوم كأنه قد شد عليه شداداً‏.‏

وقال بعضهم‏:‏المراد بالعقد الثلاث‏:‏ الأكل والشرب والنوم، لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه‏.‏واستبعده المحب الطبري لأن الحديث يقتضي أن العقد تقع عند النوم فهي غيره‏.‏ ‏(‏3/26‏)‏

قال القرطبي‏:‏ الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السحر فإن اتفق له أن يرجع إلى النوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة إلا وقد ذهب الليل‏.‏

وقال البيضاوي‏:‏ التقييد بالثلاث إما للتأكيد، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء‏:‏ الذكر والوضوء والصلاة، فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه وكأن تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته‏.‏

وفي كلام الشيخ الملوي‏:‏ أن العقد يقع على خزانة الإلهيات من الحافظة وهي‏:‏ الكنز المحصل من القوى، ومنها يتناول القلب ما يريد التذكر به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏انحل عقده‏)‏ بلفظ الجمع بغير اختلاف في البخاري، ووقع لبعض رواة الموطأ بالإفراد، ويؤيده رواية أحمد المشار إليها قيل فإن فيها ‏"‏ فإن ذكر الله انحلت عقدة واحدة، وإن قام فتوضأ أطلقت الثانية، فإن صلى أطلقت الثالثة ‏"‏ وكأنه محمول على الغالب وهو‏:‏ من ينام مضطجعا فيحتاج إلى الوضوء إذا انتبه فيكون لكل فعل عقدة يحلها، ويؤيد الأول ما سيأتي في بدء الخلق من وجه آخر بلفظ ‏"‏ عقده كلها ‏"‏ ولمسلم، من رواية ابن عيينة، عن أبي الزناد، ‏"‏ انحلت العقد ‏"‏ وظاهره أن العقد تنحل كلها بالصلاة خاصة، وهو كذلك في حق من لم يحتج إلى الطهارة كمن نام متمكنا مثلا ًثم انتبه فصلى من قبل أن يذكر أو يتطهر، فإن الصلاة تجزئة في حل العقد كلها لأنها تستلزم الطهارة وتتضمن الذكر، وعلى هذا فيكون معنى قوله ‏"‏ فإذا صلى انحلت عقده كلها ‏"‏ إن كان المراد به من لا يحتاج إلى الوضوء فظاهر على ما قررناه، وإن كان من يحتاج إليه فالمعنى انحلت بكل عقدة أو انحلت عقده كلها بانحلال الأخيرة التي بها يتم انحلال العقد‏.‏

وفي رواية أحمد المذكورة قبل ‏"‏ فإن قام فذكر الله انحلت واحدة، فإن قام فتوضأ أطلقت الثانية، فإن صلى أطلقت الثالثة ‏"‏ وهذا محمول على الغالب وهو‏:‏ من ينام مضطجعا فيحتاج إلى تجديد الطهارة عند استيقاظه فيكون لكل فعل عقدة يحلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طيب النفس‏)‏ أي لسروره بما وفقه الله له من الطاعة، وبما وعده من الثواب، وبما زال عنه من عقد الشيطان‏.‏

كذا قيل، والذي يظهر أن في صلاة الليل سرا في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلي شيئا مما ذكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ‏(‏إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا‏)‏ وقد استنبط بعضهم منه أن‏:‏ من فعل ذلك مرة ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثانيا، واسـتثنى بعضهم - ممن يقوم ويذكر ويتوضأ ويصلي - من لم ينهه ذلك عن الفحشاء بل يفعل ذلك من غير أن يقلع، والذي يظهر فيه التفصيل بين من يفعل ذلك مع الندم والتوبة والعزم على الإقلاع وبين المصر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإلا أصبح خبيث النفس‏)‏ أي‏:‏ بتركه ما كان اعتاده أو أراده من فعل الخير، كذا قيل، وقد تقدم ما فيه‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏كسلان‏)‏ غير مصروف للوصف ولزيادة الألف والنون، ومقتضى قوله ‏"‏ وإلا أصبح ‏"‏ أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثا كسلان، وإن أتى ببعضها وهو كذلك، لكن يختلف ذلك بالقوة والخفة، فمن ذكر الله مثلا كان في ذلك أخف ممن لم يذكر أصلا‏.‏

وروينا في الجزء الثالث من الأول من حديث المخلص في حديث أبي سعيد الذي تقدمت الإشارة إليه ‏"‏ فإن قام فصلى انحلت العقد كلهن، وإن استيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبحت العقد كلها كهيئتها ‏"‏ وقال ابن عبد البر‏:‏ هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة‏.‏‏(‏3/27‏)‏

وقال أيضا‏:‏ زعم قوم أن هذا الحديث يعارض قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ‏"‏ وليس كذلك لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهة لتلك الكلمة، وهذا الحديث وقع ذما لفعله، ولكل من الحديثين وجه‏.‏

وقال الباجي‏:‏ ليس بين الحديثين اختلاف، لأنه نهى عن إضافة ذلك إلى النفس - لكون الخبث بمعنى فساد الدين - ووصف بعض الأفعال بذلك تحذيرا منها وتنفيرا‏.‏

قلت‏:‏ تقرير الإشكال أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضافة ذلك إلى النفس فكل ما نهى المؤمن أن يضيفه إلى نفسه نهى أن يضيفه إلى أخيه المؤمن، وقد وصف صلى الله عليه وسلم هذا المرء بهذه الصفة فيلزم جواز وصفنا له بذلك لمحل التأسي، ويحصل الانفصال فيما يظهر بأن النهي محمول على ما إذا لم يكن هناك حامل على الوصف بذلك كالتنفير والتحذير‏.‏

‏(‏تنبيهات‏)‏ ‏:‏

الأول‏:‏ ذكر الليل في قوله ‏"‏ عليك ليل ‏"‏ ظاهره اختصاص ذلك بنوم الليل، وهو كذلك، لكن لا يبعد أن يجيء مثله في نوم النهار كالنوم حالة الإبراد مثلا ولا سيما على تفسير البخاري من أن المراد بالحديث الصلاة المفروضة‏.‏

ثانيها‏:‏ ادعى ابن العربي أن البخاري أومأ هنا إلى وجوب صلاة الليل لقوله ‏"‏ يعقد الشيطان ‏"‏ وفيه نظر، فقد صرح البخاري في خامس ترجمة من أبواب التهجد بخلافه حيث قال ‏"‏ من غير إيجاب ‏"‏ وأيضا فما تقدم تقريره من أنه حمل الصلاة هنا على المكتوبة يدفع ما قاله ابن العربي أيضا، ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه، ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين، والذي وجدناه عن الحسن، ما أخرجه محمد بن نصر، وغيره عنه أنه قيل له‏:‏ ما تقول في رجل استظهر القرآن كله لا يقوم به إنما يصلي المكتوبة‏؟‏ فقال‏:‏ أمن الله هذا، إنما يتوسد القرآن‏.‏

فقيل له‏:‏ قال الله تعالى ‏(‏فاقرءوا ما تيسر منه‏)‏ قال‏:‏ نعم، ولو قدر خمسين آية‏.‏

وكان هذا هو مستند من نقل عن الحسن الوجوب‏.‏

ونقل الترمذي، عن إسحاق بن راهويه، أنه قال‏:‏ إنما قيام الليل على أصحاب القرآن، وهذا يخصص ما نقل عن الحسن، وهو أقرب، وليس فيه تصريح بالوجوب أيضا‏.‏

ثالثها‏:‏ وقد يظن أن بين هذا الحديث والحديث الآتي في الوكالة من حديث أبي هريرة الذي فيه ‏"‏ أن قارئ آية الكرسي عند نومه لا يقربه الشيطان ‏"‏ معارضة، وليس كذلك، لأن العقد إنما حمل على الأمر المعنوي والقرب على الأمر الحسي وكذا العكس فلا إشكال، إذ لا يلزم من سحره إياه مثلا أن يماسه، كما لا يلزم من مماسته أن يقربه بسرقة أو أذى في جسده ونحو ذلك‏.‏

وإن حملا على المعنويين أو العكس فيجاب بإدعاء الخصوص في عموم أحدهما‏.‏

والأقرب أن المخصوص حديث الباب كما تقدم تخصيصه عن ابن عبد البر بمن لم ينو القيام، فكذا يمكن أن يقال يختص بمن لم يقرأ آية الكرسي لطرد الشيطان والله أعلم‏.‏

رابعها‏:‏ ذكر شيخنا الحافظ‏:‏ أبو الفضل بن الحسين في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين‏:‏ المبادرة إلى حل عقد الشيطان، وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة، وهو واضح، لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها، وكذا الوضوء‏.‏ وكأن الشروع في حل العقد يحصل بالشروع في العبادة وينتهي بانتهائها‏.‏وقد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من حديث عائشة، وهو منزه عن عقد الشيطان، حتى ولو لم يرد الأمر بذلك لأمكن أن يقال‏:‏ يحمل فعله ذلك على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان‏.‏

وقد وقع عند ابن خزيمة، من وجه آخر عن أبي هريرة، في آخر الحديث ‏"‏ فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين‏"‏‏.‏ ‏(‏3/28‏)‏

خامسها‏:‏ إنما خص الوضوء بالذكر لأنه الغالب، وإلا فالجنب لا يحل عقدته إلا الاغتسال، وهل يقوم التيمم مقام الوضوء أو الغسل لمن ساغ له ذلك‏؟‏ محل بحث‏.‏والذي يظهر إجزاؤه، ولا شك أن في معاناة الوضوء عونا كبيرا على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم‏.‏

سادسها‏:‏ لا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزئ غيره، بل كل ما صدق عليه ذكر الله أجزأ، ويدخل في تلاوة القرآن وقراءة الحديث النبوي والاشتغال بالعلم الشرعي، وأولى ما يذكر به ما سيأتي بعد ثمانية أبواب في ‏"‏ باب فضل من تعار من الليل ‏"‏ ويؤيده ما عند ابن خزيمة، من الطريق المذكورة ‏"‏ فإن تعار من الليل فذكر الله‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

-1143-حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الرُّؤْيَا قَالَ‏:‏

أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عوف‏)‏ هو‏:‏ الأعرابي ‏(‏وأبو رجاء‏)‏ هو‏:‏ العطاردي، والإسناد كله بصريون، وسيأتي حديث سمرة مطولا في أواخر كتاب الجنائز‏.‏

وقوله هنا ‏(‏عن الصلاة المكتوبة‏)‏ الظاهر أن المراد بها العشاء الآخرة وهو اللائق بما تقدم من مناسبة الحديث الذي قبله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏يثلغ‏)‏ مثلثة ساكنة ولام مفتوحة بعدها معجمة أي‏:‏ يشق أو يخدش‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏فيرفضه‏)‏ بكسر الفاء وضمها‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:22 am

*3*13_ باب إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه‏)‏ هذه الترجمة للمستملي وحده‏.‏

وللباقين ‏"‏ باب ‏"‏ فقط، وهو بمنزلة الفصل من الباب، وتعلقه بالذي قبله ظاهر لما سنوضحه‏.‏

الحديث‏:‏

-1144-حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏

ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقِيلَ‏:‏ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ‏:‏ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل‏)‏ لم أقف على اسمه، لكن أخرج سعيد بن منصور، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود، ما يؤخذ منه أنه هو، ولفظه بعد سياق الحديث بنحوه ‏"‏ وأيم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة ‏"‏ يعني نفسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقيل ما زال نائماً حتى أصبح‏)‏ في رواية جرير، عن منصور، في بدء الخلق ‏"‏ رجل نام ليلة حتى أصبح‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما قام إلى الصلاة‏)‏ المراد الجنس، ويحتمل العهد، ويراد به صلاة الليل أو المكتوبة‏.‏

ويؤيده رواية سفيان هذا عندنا ‏"‏ نام عن الفريضة ‏"‏ أخرجه ابن حبان في صحيحه‏.‏

وبهذا يتبين مناسبة الحديث لما قبله‏.‏

وفي حديث أبي سعيد الذي قدمت ذكره من فوائد المخلص ‏"‏ أصبحت العقد كلها كهيئتها وبال الشيطان في أذنه ‏"‏ فيستفاد منه وقت بول الشيطان، ومناسبة هذا الحديث للذي قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في أذنه‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ في أذنيه ‏"‏ بالتثنية‏.‏

واختلف في بول الشيطان، فقيل‏:‏ هو على حقيقته‏.‏

قال القرطبي وغيره‏:‏ لا مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن يبول‏.‏

وقيل‏:‏ هو كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر‏.‏

وقيل‏:‏ معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجب سمعه عن الذكر‏.‏

وقيل‏:‏ هو كناية عن ازدراء الشيطان به‏.‏

وقيل‏:‏ معناه أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول، إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه‏.‏

وقيل‏:‏ هو مثل مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم كمن وقع البول في أذنه فثقل أذنه وأفسد حسه، والعرب تكني عن الفساد بالبول قال الراجز‏:‏ بال سهيل في الفضيخ ففسد‏.‏

وكنى بذلك عن طلوعه لأنه وقت إفساد الفضيخ فعبر عنه بالبول‏.‏

ووقع في رواية الحسن، عن أبي هريرة، في هذا الحديث عند أحمد، ‏"‏ قال الحسن إن بوله والله لثقيل ‏"‏ وروى محمد بن نصر، من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود، ‏"‏ حسب الرجل من الخيبة والشر أن ينام حتى يصبح وقد بال الشيطان في أذنه ‏"‏ وهو موقوف صحيح الإسناد‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ خص الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه‏.‏

وخص البول لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء‏.‏

*3*14_ باب الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ حذف التشكيل

وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏(‏كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ‏)‏ أَيْ‏:‏ مَا يَنَامُونَ، ‏(‏وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ‏)‏‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الدعاء والصلاة من آخر الليل‏)‏ في رواية أبي ذر ‏"‏ الدعاء في الصلاة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الله عز وجل‏)‏ في رواية الأصيلي ‏"‏ وقول الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما يهجعون‏)‏ زاد الأصيلي ‏"‏ أي ينامون ‏"‏ وقد ذكر الطبري وغيره الخلاف عن أهل التفسير في ذلك، فنقل ذلك عن، الحسن والأحنف وإبراهيم النخعي وغيرهم، ونقل عن قتادة ومجاهد وغيرهما، أن معناه كانوا لا ينامون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون‏.‏

ومن طريق المنهال، عن سعيد، عن ابن عباس، قال‏:‏ معناه لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا‏.‏

ثم ذكر أقوالا أخر ورجح الأول لأن الله تعالى وصفهم بذلك مادحا لهم بكثرة العمل‏.‏

قال ابن التين‏:‏ وعلى هذا تكون ‏"‏ ما ‏"‏ زائدة أو مصدرية، وهو أبين الأقوال وأقعدها بكلام أهل اللغة، وعلى الآخر تكون ‏"‏ ما ‏"‏ نافية‏.‏

وقال الخليل‏:‏ هجع يهجع هجوعا وهو النوم بالليل دون النهار‏.‏

ثم أورد المصنف حديث أبي هريرة، في النزول من طريق الأغر أبي عبد الله، وأبي سلمة، جميعا عن أبي هريرة‏.‏

وقد اختلف فيه على الزهري، فرواه عنه مالك، وحفاظ أصحابه كما هنا، واقتصر بعضهم عنه على أحد الرجلين‏.‏

وقال بعض أصحاب مالك عنه‏:‏ عن، سعيد بن المسيب، بدلهما‏.‏

ورواه أبو داود الطيالسي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، فقال الأعرج بدل الأغر فصحفه‏.‏

وقيل‏:‏ عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، بدل أبي سلمة، قال الدارقطني‏:‏ وهو وهم، والأغر المذكور لقب واسمه‏:‏ سلمان ويكنى أبا عبد الله وهو مدني، ولهم راو آخر يقال له الأغر أيضا لكنه اسمه وكنيته أبو مسلم، وهو كوفي‏.‏

وقد جاء هذا الحديث من طريقه أيضا أخرجه مسلم، من رواية أبي إسحاق السبيعي، عنه، عن أبي هريرة وأبي سعيد، جميعا مرفوعا، وغلط من جعلهما واحدا‏.‏

ورواه عن أبي هريرة، أيضا سعيد بن مرجانة وأبو صالح، عند مسلم وسعيد المقبري وعطاء مولى أم صبية بالمهملة مصغرا وأبو جعفر المدني ونافع بن جبير بن مطعم كلهم، عند النسائي‏.‏

وفي الباب عن علي وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص وعمرو بن عبسة، عند أحمد، وعن جبير بن مطعم ورفاعة الجهني، عند النسائي، وعن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت وأبي الخطاب غير منسوب، عند الطبراني، وعن عقبة بن عامر وجابر وجد عبد الحميد بن سلمة، عند الدارقطني في ‏"‏ كتاب السنة‏"‏، وسأذكر ما في رواياتهم من فائدة زائدة‏.‏‏(‏3/30‏)‏

الحديث‏:‏

-1145-حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏

يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ‏:‏ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة‏)‏ في رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، ‏"‏ أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو عبد الله الأغر صاحب أبي هريرة، أن أبا هريرة أخبرهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ينزل ربنا إلى السماء الدنيا‏)‏ استدل به من أثبت الجهة وقال‏:‏ هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك‏.‏

وقد اختلف في معنى النزول على أقوال‏:‏ فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم‏.‏

ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك وأنكروا ما في الحديث إما جهلا وإما عنادا‏.‏

ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي، وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم‏.‏

ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب‏.‏

ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب وبين ما يكون بعيدا مهجورا فأول في بعض وفوض في بعض، وهو منقول عن مالك وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد‏.‏

قال البيهقي‏:‏ وأسلمها الإيمان بلا كيف والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه، ومن الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب فحينئذ التفويض أسلم‏.‏

وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها وبه أقول‏.‏

فأما قوله ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي قتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة انتهى‏.‏

والحاصل أنه تأوله بوجهين‏:‏ إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه‏.‏

وقد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه النسائي، من طريق الأغر، عن أبي هريرة وأبي سعيد، بلفظ ‏"‏ إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول‏:‏ هل من داع فيستجاب له ‏"‏ الحديث‏.‏

وفي حديث عثمان بن أبي العاص ‏"‏ ينادي مناد هل من داع يستجاب له ‏"‏ الحديث‏.‏

قال القرطبي‏:‏ وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني ‏"‏ ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول‏:‏ لا يسأل عن عبادي غيري ‏"‏ لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور‏.‏‏(‏3/31‏)‏

وقال البيضاوي‏:‏ ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين يبقى ثلث الليل الآخر‏)‏ برفع الآخر لأنه صفة الثلث، ولم تختلف الروايات عن الزهري في تعيين الوقت، واختلفت الروايات عن أبي هريرة وغيره، قال الترمذي‏:‏ رواية أبي هريرة أصح الروايات في ذلك، ويقوي ذلك أن الروايات المخالفة اختلف فيها على رواتها، وسلك بعضهم طريق الجمع وذلك أن الروايات انحصرت في ستة أشياء‏:‏

أولها‏:‏ هذه‏.‏

ثانيها‏:‏ إذا مضى الثلث الأول‏.‏

ثالثها‏:‏ الثلث الأول أو النصف‏.‏

رابعها‏:‏ النصف‏.‏

خامسها‏:‏ النصف أو الثلث الأخير‏.‏

سادسها‏:‏ الإطلاق‏.‏

فأما الروايات المطلقة فهي محمولة على المقيدة، وأما التي بأو فإن كانت أو للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه، وإن كانت للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ يحتمل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول والقول يقع في النصف وفي الثلث الثاني‏.‏

وقيل‏:‏ يحمل على أن ذلك يقع في جميع الأوقات التي وردت بها الأخبار، ويحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمور في وقت فأخبر به، ثم أعلم به في وقت آخر فأخبر به، فنقل الصحابة ذلك عنه والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من يدعوني إلخ‏)‏ لم تختلف الروايات على الزهري في الاقتصار على الثلاثة المذكورة وهي الدعاء والسؤال والاستغفار، والفرق بين الثلاثة أن المطلوب إما لدفع المضار أو جلب المسار، وذلك إما ديني وإما دنيوي، ففي الاستغفار إشارة إلى الأول، والسؤال إشارة إلى الثاني، وفي الدعاء إشارة إلى الثالث‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يقال الدعاء ما لا طلب فيه نحو يا الله، والسؤال الطلب، وأن يقال المقصود واحد وإن اختلف اللفظ انتهى‏.‏

وزاد سعيد، عن أبي هريرة ‏"‏ هل من تائب فأتوب عليه ‏"‏ وزاد أبو جعفر، عنه، ‏"‏ من ذا الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر فأكشف عنه ‏"‏ وزاد عطاء مولى أم صبية، عنه ‏"‏ ألا سقيم يستشفي فيشفى ‏"‏ ومعانيها داخلة فيما تقدم‏.‏

وزاد سعيد بن مرجانة، عنه، ‏"‏ من يقرض غير عديم ولا ظلوم ‏"‏ وفيه تحريض على عمل الطاعة، وإشارة إلى جزيل الثواب عليها‏.‏

وزاد حجاج بن أبي منيع، عن جده، عن الزهري، عند الدارقطني، في آخر الحديث ‏"‏ حتى الفجر ‏"‏ وفي رواية يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عند مسلم، ‏"‏ حتى ينفجر الفجر ‏"‏ وفي رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة‏"‏، ، حتى يطلع الفجر ‏"‏ وكذا اتفق معظم الرواة على ذلك، إلا أن في رواية نافع بن جبير، عن أبي هريرة، عند النسائي، ‏"‏ حتى ترجل الشمس ‏"‏ وهي شاذة‏.‏

وزاد يونس، في روايته عن الزهري، في آخره أيضا ‏"‏ ولذلك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على أوله ‏"‏ أخرجها الدارقطني أيضا‏.‏

وله من رواية ابن سمعان، عن الزهري، ما يشير إلى أن قائل ذلك هو الزهري‏.‏

وبهذه الزيادة تظهر مناسبة ذكر الصلاة في الترجمة ومناسبة الترجمة التي بعد هذه لهذه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأستجيب‏)‏ بالنصب على جواب الاستفهام وبالرفع على الاستئناف، وكذا قوله ‏(‏فأعطيه، واغفر له‏)‏ وقد قرئ بهما في قوله تعالى ‏(‏من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له‏)‏ الآية‏.‏

وليست السين في قوله تعالى ‏"‏ فأستجيب ‏"‏ للطلب بل أستجيب بمعنى أجيب، وفي حديث الباب من الفوائد‏:‏

تفضيل صلاة آخر الليل على أوله‏.‏

وتفضيل تأخير الوتر لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه‏.‏ ‏(‏3/32‏)‏

وأن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار، ويشهد له قوله تعالى ‏(‏والمستغفرين بالأسحار‏)‏ ‏.‏

وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس أو لاستعجال الداعي أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: