foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:24 am

*3*15_ باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ حذف التشكيل

وَقَالَ سَلْمَانُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا‏:‏ نَمْ‏.‏ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ‏:‏ قُمْ‏.‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ صَدَقَ سَلْمَانُ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من نام أول الليل وأحيا آخره‏)‏ تقدم في الذي قبله ذكر مناسبته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سلمان‏)‏ أي الفارسي ‏(‏لأبي الدرداء نم إلخ‏)‏ هو مختصر من حديث طويل أورده المصنف في كتاب الأدب من حديث أبي جحيفة قال ‏"‏ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء ‏"‏ فذكر القصة وفي آخرها فقال ‏"‏ إن لنفسك عليك حقا ‏"‏ الحديث‏.‏

وقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏صدق سلمان ‏"‏ أي في جميع ما ذكر، وفيه منقبة ظاهرة لسلمان‏.‏

الحديث‏:‏

-1146-حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح - و حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، -عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا‏:‏

كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو الوليد‏)‏ في رواية أبي ذر ‏"‏ قال أبو الوليد ‏"‏ وقد وصله الإسماعيلي، عن أبي خليفة، عن أبي الوليد، وتبين من سياقه أن البخاري ساق الحديث على لفظ سليمان، وهو ابن حرب‏.‏

وفي رواية أبي خليفة ‏"‏ فإذا كان من السحر أوتر ‏"‏ وزاد فيه ‏"‏ فإن كانت له حاجة إلى أهله ‏"‏ وقال فيه ‏"‏ فإن كان جنبا أفاض عليه من الماء وإلا توضأ ‏"‏ وبمعناه أخرجه مسلم، من طريق زهير، عن أبي إسحاق‏.‏

قال الإسماعيلي‏:‏ هذا الحديث يغلط في معناه الأسود، والأخبار الجياد فيها ‏"‏ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ لم يرد الإسماعيلي بهذا أن حديث الباب غلط، وإنما أشار إلى أن أبا إسحاق حدث به عن الأسود بلفظ آخر غلط فيه، والذي أنكره الحفاظ على أبي إسحاق في هذا الحديث هو ما رواه الثوري عنه بلفظ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ يرون هذا غلطا من أبي إسحاق، وكذا قال مسلم في التمييز‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ في رواية أبي الحسن بن العبد، عنه‏:‏ ليس بصحيح‏.‏

ثم روي عن يزيد بن هارون، أنه قال‏:‏ هو وهم‏.‏ انتهى‏.‏

وأظن أبا إسحاق اختصره من حديث الباب هذا الذي رواه عنه، شعبة وزهير، لكن لا يلزم من قولها ‏"‏ فإذا كان جنبا أفاض عليه الماء ‏"‏ أن لا يكون توضأ قبل أن ينام كما دلت عليه الأخبار الأخر فمن ثم غلطوه في ذلك، ويستفاد من الحديث أنه كان ربما نام جنبا قبل أن يغتسل والله أعلم‏.‏

وقد تقدم باقي الكلام على حديث عائشة قريبا‏.‏

وقوله فيه ‏"‏ فإن كانت به حاجة اغتسل ‏"‏ يعكر عليه ما في رواية مسلم ‏"‏ أفاض عليه الماء ‏"‏ وما قالت اغتسل، ويجاب بأن بعض الرواة ذكره بالمعنى، وحافظ بعضهم على اللفظ، والله أعلم‏.‏

*3* باب قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره‏)‏ سقط قوله ‏"‏ بالليل ‏"‏ من نسخة الصنعاني‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي

الشرح‏:‏

حديث أبي سلمة أنه سأل عائشة‏:‏ كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وقد تقدمت الإشارة إليه في ‏"‏ باب كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ‏"‏ وفي الحديث دلالة على أن صلاته كانت متساوية في جميع السنة، وفيه كراهة النوم قبل الوتر لاستفهام عائشة عن ذلك كأنه تقرر عندها منع ذلك فأجابها بأنه صلى الله عليه وسلم ليس في ذلك كغيره، وسيأتي هذا الحديث من هذه الطريق في أواخر الصيام أيضا، ونذكر فيه إن شاء الله تعالى ما بقي من فوائده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السُّورَةِ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن هشام‏)‏ هو ابن عروة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا كبر‏)‏ بينت حفصة أن ذلك كان قبل موته بعام، وقد تقدم بيان ذلك مع كثير من فوائده في آخر باب من أبواب التقصير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا بقي عليه من السورة ثلاثين أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع‏)‏ فيه رد على من اشترط على من افتتح النافلة قاعدا أن يركع قاعدا، أو قائما أن يركع قائما، وهو محكي عن أشهب وبعض الحنفية‏.‏

والحجة فيه ما رواه مسلم وغيره من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في سؤاله لها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه ‏"‏ كان إذا قرأ قائما ركع قائما، وإذا قرأ قاعدا ركع قاعدا ‏"‏ وهذا صحيح، ولكن لا يلزم منه منع ما رواه عروة عنها، فيجمع بينهما بأنه كان يفعل كلا من ذلك بحسب النشاط وعدمه‏.‏

والله أعلم‏.‏

وقد أنكر هشام بن عروة على عبد الله بن شقيق هذه الرواية واحتج بما رواه عن أبيه، أخرج ذلك ابن خزيمة في صحيحه ثم قال‏:‏ ولا مخالفة عندي بين الخبرين لأن رواية عبد الله بن شقيق محمولة على ما إذا قرأ جميع القراءة قاعدا أو قائما، ورواية هشام بن عروة محمولة على ما إذا قرأ بعضها جالسا وبعضها قائما‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3* باب فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفَضْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل الطهور بالليل والنهار، وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار‏)‏ كذا ثبت في رواية الكشميهني، ولغيره ‏"‏ بعد الوضوء ‏"‏ واقتصر بعضهم على الشق الثاني من الترجمة وعليه اقتصر الإسماعيلي وأكثر الشراح، والشق الأول ليس بظاهر في حديث الباب إلا إن حمل على أنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كما سنذكره من حديث بريدة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ دَفَّ نَعْلَيْكَ يَعْنِي تَحْرِيكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حيان‏)‏ هو يحيى بن سعيد التيمي وصرح به في رواية مسلم من هذا الوجه‏.‏

وأبو زرعة هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال لبلال‏)‏ أي ابن رباح المؤذن، وقوله ‏"‏عند صلاة الفجر ‏"‏ فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقص ما رآه ويعبر ما رآه أصحابه كما سيأتي في كتاب التعبير بعد صلاة الفجر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بأرجى عمل‏)‏ بلفظ أفعل التفضيل المبني من المفعول، وإضافة العمل إلى الرجاء لأنه السبب الداعي إليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الإسلام‏)‏ زاد مسلم في روايته ‏"‏ منفعة عندك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أني‏)‏ بفتح الهمزة ومن مقدرة قبلها صلة لأفعل التفضيل، وثبتت في رواية مسلم، ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ أن ‏"‏ بنون خفيفة بدل ‏"‏ أني‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإني سمعت‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ الليلة ‏"‏ وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏دف نعليك‏)‏ بفتح المهملة، وضبطها المحب الطبري بالإعجام والفاء مثقلة، وقد فسره المصنف في رواية كريمة بالتحريك‏.‏

وقال الخليل‏:‏ دف الطائر إذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه‏.‏

وقال الحميدي‏:‏ الدف الحركة الخفيفة والسير اللين‏.‏

ووقع في رواية مسلم ‏"‏ خشف ‏"‏ بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء، قال أبو عبيد وغيره‏:‏ الخشف الحركة الخفيفة‏.‏

ويؤيده ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر ‏"‏ سمعت خشفة ‏"‏ ووقع في حديث بريدة عند أحمد والترمذي وغيرهما ‏"‏ خشخشة ‏"‏ بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طهورا‏)‏ زاد مسلم تاما، والذي يظهر أنه لا مفهوم لها، ويحتمل أن يخرج بذلك الوضوء اللغوي، فقد يفعل ذلك لطرد النوم مثلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في ساعة ليل أو نهار‏)‏ بتنوين ساعة وخفض ليل على البدل‏.‏

وفي رواية مسلم ‏"‏ في ساعة من ليل أو نهار‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا صليت‏)‏ زاد الإسماعيلي ‏"‏ لربي ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏ما كتب لي‏)‏ أي قدر، وهو أعم من الفريضة والنافلة‏.‏

قال ابن التين‏:‏ إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر، وبهذا التقرير يندفع إيراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة‏.‏

والذي يظهر أن المراد بالأعمال التي سأله عن إرجائها الأعمال المتطوع بها، وإلا فالمفروضة أفضل قطعا‏.‏

ويستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة، لأن بلالا توصل إلى ما ذكرنا بالاستنباط فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الجوزي‏:‏ فيه الحث على الصلاة عقب الوضوء لئلا يبقى الوضوء خاليا عن مقصوده‏.‏

وقال المهلب‏:‏ فيه أن الله يعظم المجازاة على ما يسره العبد من عمله‏.‏

وفيه سؤال الصالحين عما يهديهم الله له من الأعمال الصالحة ليقتدي بها غيرهم في ذلك وفيه أيضا سؤال الشيخ عن عمل تلميذه ليحضه عليه ويرغبه فيه إن كان حسنا، وإلا فينهاه‏.‏

واستدل به على جواز هذه الصلاة في الأوقات المكروهة لعموم قوله ‏"‏ في كل ساعة ‏"‏ وتعقب بأن الأخذ بعمومه ليس بأولى من الأخذ بعموم النهي وتعقبه ابن التين بأنه ليس فيه ما يقتضي الفورية، فيحمل على تأخير الصلاة قليلا ليخرج وقت الكراهة، أو أنه كان يؤخر الطهور إلى آخر وقت الكراهة لتقع صلاته في غير وقت الكراهة‏.‏

لكن عند الترمذي وابن خزيمة من حديث بريدة في نحو هذه القصة ‏"‏ ما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها ‏"‏ ولأحمد من حديثه ‏"‏ ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين ‏"‏ فدل على أنه كان يعقب الحدث بالوضوء والوضوء بالصلاة في أي وقت كان‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ ظاهر الحديث أن السماع المذكور وقع في النوم، لأن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت‏.‏

ويحتمل أن يكون في اليقظة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج‏.‏

وأما بلال فلا يلزم من هذه القصة أنه دخلها لأن قوله ‏"‏ في الجنة ‏"‏ ظرف للسماع ويكون الدف بين يديه خارجا عنها انتهى‏.‏

ولا يخفى بعد هذا الاحتمال لأن السياق مشعر بإثبات فضيلة بلال لكونه جعل السبب الذي بلغه إلى ذلك ما ذكره من ملازمة التطهر والصلاة، وإنما ثبتت له الفضيلة بأن يكون رؤي داخل الجنة لا خارجا عنها‏.‏

وقد وقع في حديث بريدة المذكور ‏"‏ يا بلال بم سبقتني إلى الجنة ‏"‏ وهذا ظاهر في كونه رآه داخل الجنة‏.‏

ويؤيد كونه وقع في المنام ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر مرفوعا ‏"‏ رأيتني دخلت الجنة فسمعت خشفة فقيل هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية فقيل هذا لعمر ‏"‏ الحديث، وبعده من حديث أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقيل‏:‏ هذا لعمر ‏"‏ الحديث، فعرف أن ذلك وقع في المنام وثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحي، ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك‏.‏

ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته في اليقظة فاتفق مثله في المنام، ولا يلزم من ذلك دخول بلال الجنة قيل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام التابع، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حال حياته واستمراره على قرب منزلته، وفيه منقبة عظيمة لبلال‏.‏

وفي الحديث استحباب إدامة الطهارة ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرا ومن بات طاهرا عرجت روحه فسجدت تحت العرش كما رواه البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، والعرش سقف الجنة كما سيأتي في هذا الكتاب‏.‏

وزاد بريدة في آخر حديثه ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ‏"‏ وظاهره أن هذا الثواب وقع بسبب ذلك العمل، ولا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يدخل أحدكم الجنة عمله ‏"‏ لأن أحد الأجوبة المشهورة بالجمع بينه وبين قوله تعالى ‏(‏ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون‏)‏ أن أصل الدخول إنما يقع برحمة الله، واقتسام الدرجات بحسب الأعمال فيأتي مثله في هذا‏.‏

وفيه أن الجنة موجودة الآن خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قول الكرماني‏:‏ لا يدخل أحد الجنة إلا بعد موته، مع قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج وكان المعراج في اليقظة على الصحيح ظاهرهما التناقض، ويمكن حمل النفي إن كان ثابتا على غير الأنبياء، أو يخص في الدنيا بمن خرج عن عالم الدنيا ودخل في عالم الملكوت، وهو قريب مما أجاب به السهيلي عن استعمال طست الذهب ليلة المعراج‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:25 am

*3* باب مَا يُكْرَهُ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يكره من التشديد في العباد‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ إنما يكره ذلك خشية الملال المفضي إلى ترك العبادة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَبْلُ قَالُوا هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الوارث‏)‏ هو ابن سعيد، والإسناد كله بصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏دخل النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد مسلم في روايته ‏"‏ المسجد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بين الساريتين‏)‏ أي اللتين في جانب المسجد، وكأنهما كانتا معهودتين للمخاطب، لكن في رواية مسلم ‏"‏ بين ساريتين ‏"‏ بالتنكير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا هذا حبل لزينب‏)‏ جزم كثير من الشراح تبعا للخطيب في مبهماته بأنها بنت جحش أم المؤمنين، ولم أر ذلك في شيء من الطرق صريحا‏.‏

ووقع في شرح الشيخ سراج الدين بن الملقن أن ابن أبي شيبة رواه كذلك، لكني لم أر في مسنده ومصنفه زيادة على قوله ‏"‏ قالوا لزينب ‏"‏ أخرجه عن إسماعيل بن علية عن عبد العزيز، وكذا أخرجه مسلم عنه وأبو نعيم في المستخرج من طريقه، وكذلك رواه أحمد في مسنده عن إسماعيل، وأخرجه أبو داود عن شيخين له عن إسماعيل فقال عن أحدهما ‏"‏ زينب ‏"‏ ولم ينسبها‏.‏

وقال عن آخر ‏"‏ حمنة بنت جحش ‏"‏ فهذه قرينة في كون زينب هي بنت جحش‏.‏

وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس أنها حمنة بنت جحش أيضا، فلعل نسبة الحبل إليهما باعتبار أنه ملك لإحداهما والأخرى المتعلقة به، وقد تقدم في كتاب الحيض أن بنات جحش كانت كل واحدة منهن تدعى زينب فيما قيل، فعلى هذا فالحبل لحمنة وأطلق عليها زينب باعتبار اسمها الآخر‏.‏

ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق شعبة عن عبد العزيز ‏"‏ فقالوا لميمونة بنت الحارث ‏"‏ وهي رواية شاذة، وقيل يحتمل تعدد القصة، ووهم من فسرها بجويرية بنت الحارث فإن لتلك قصة أخرى تقدمت في أوائل الكتاب والله أعلم‏.‏

وزاد مسلم ‏"‏ فقالوا لزينب تصلي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا فترت‏)‏ بفتح المثناة أي كسلت عن القيام في الصلاة، ووقع عند مسلم بالشك ‏"‏ فإذا فترت أو كسلت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال صلى الله عليه وسلم لا‏)‏ يحتمل النفي أي لا يكون هذا الحبل أو لا يحمد، ويحتمل النهي أي لا تفعلوه، وسقطت هذه الكلمة في رواية مسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نشاطه‏)‏ بفتح النون أي مدة نشاطه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليقعد‏)‏ يحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن القيام فيستدل به على جواز افتتاح الصلاة قائما والقعود في أثنائها، وقد تقدم نقل الخلاف فيه‏.‏

ويحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن الصلاة أي بترك ما كان عزم عليه من التنفل، ويمكن أن يستدل به على جواز قطع النافلة بعد الدخول فيها، وقد تقدم في ‏"‏ باب الوضوء من النوم ‏"‏ في كتاب الطهارة حديث ‏"‏ إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ ‏"‏ وهو من حديث أنس أيضا، ولعله طرف من هذه القصة‏.‏

وفيه حديث عائشة أيضا ‏"‏ إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم ‏"‏ وفيه ‏"‏ لئلا يستغفر فيسب نفسه وهو لا يشعر ‏"‏ هذا أو معناه، ويجيء من الاحتمال ما تقدم في حديث الباب‏.‏

وفيه الحث على الاقتصاد في العبادة، والنهي عن التعمق فيها، والأمر بالإقبال عليها بنشاط‏.‏

وفيه إزالة المنكر باليد واللسان‏.‏

وجواز تنفل النساء في المسجد‏.‏

واستدل به على كراهة التعلق في الحبل في الصلاة، وسيأتي ما فيه في ‏"‏ باب استعانة اليد في الصلاة ‏"‏ بعد الفراغ من أبواب التطوع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قُلْتُ فُلَانَةُ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ فَذُكِرَ مِنْ صَلَاتِهَا فَقَالَ مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الله بن مسلمة‏)‏ يعني القعنبي كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية الحموي والمستملي ‏"‏ حدثنا عبد الله ‏"‏ وكذا رويناه في الموطأ رواية القعنبي، قال ابن عبد البر‏:‏ تفرد القعنبي بروايته عن مالك في الموطأ دون بقية رواته فإنهم اقتصروا منه على طرف مختصر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تذكر‏)‏ للمستملي بفتح أوله بلفظ المضارع المؤنث، وللحموي بضمه على البناء للمفعول بالتذكير، وللكشميهني ‏"‏ فذكر ‏"‏ بفاء وضم المعجمة وكسر الكاف، ولكل وجه‏.‏

وعلى الأول يكون ذلك قول عروة أو من دونه، وعلى الثاني والثالث يحتمل أن يكون من كلام عائشة، وهو على كل حال تفسير لقولها ‏"‏ لا تنام الليل ‏"‏ ووصفها بذلك خرج مخرج الغالب، وسئل الشافعي عن قيام جميع الليل فقال‏:‏ لا أكرهه إلا لمن خشي أن يضر بصلاة الصبح‏.‏

وفي قوله صلى الله عليه وسلم في جواب ذلك ‏"‏ مه ‏"‏ إشارة إلى كراهة ذلك خشية الفتور والملال على فاعله لئلا ينقطع عن عبادة التزمها فيكون رجوعا عما بذل لربه من نفسه‏.‏

وقوله ‏"‏عليكم ما تطيقون من الأعمال ‏"‏ هو عام في الصلاة وفي غيرها‏.‏

ووقع في الرواية المتقدمة في الإيمان بدون قوله ‏"‏ من الأعمال ‏"‏ فحمله الباجي وغيره على الصلاة خاصة، لأن الحديث ورد فيها، وحمله على جميع العبادات أولى‏.‏

وقد تقدمت بقية فوائد حديث عائشة والكلام على قوله ‏"‏ إن الله لا يمل حتى تملوا ‏"‏ في باب ‏"‏ أحب الدين إلى الله أدومه ‏"‏ من كتاب الإيمان‏.‏

ومما يلحق هنا أني وجدت بعض ما ذكر هناك من تأويل الحديث احتمالا في بعض طرق الحديث وهو قوله ‏"‏ إن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ‏"‏ أخرجه الطبري في تفسير سورة المزمل، وفي بعض طرقه ما يدل على أن ذلك مدرج من قول بعض رواة الحديث والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:26 am

*3* باب مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه‏)‏ أي إذا أشعر ذلك بالإعراض عن العبادة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَقَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ مِثْلَهُ وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عباس بن حسين‏)‏ هو بموحدة ومهملة بغدادي يقال له القنطري أخرجه عنه البخاري هنا وفي الجهاد فقط‏.‏

ومبشر بوزن مؤذن من البشارة، وعبد الله المذكور في الإسناد الثاني هو ابن المبارك، وقد صرح في سياقه بالتحديث في جميع الإسناد فأمن تدليس الأوزاعي وشيخه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثل فلان‏)‏ م أقف على تسميته في شيء من الطرق، وكأن إبهام مثل هذا لقصد السترة عليه كالذي تقدم قريبا في الذي نام حتى أصبح، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد شخصا معينا، وإنما أراد تنفير عبد الله بن عمرو من الصنيع المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من الليل‏)‏ أي بعض الليل وسقط لفظ ‏"‏ من ‏"‏ من رواية الأكثر وهي مرادة‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو كان واجبا لم يكتف لتاركه بهذا القدر بل كان يذمه أبلغ الذم‏.‏

وقال ابن حيان‏:‏ فيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيعه‏.‏

وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط، ويستنبط منه كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة، وما أحسن ما عقب المصنف هذه الترجمة بالتي قبلها لأن الحاصل منهما الترغيب في ملازمة العبادة والطريق الموصل إلى ذلك الاقتصاد فيها، لأن التشديد فيها قد يؤدي إلى تركها وهو مذموم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال هشام‏)‏ هو ابن عمار، وابن أبي العشرين بلفظ العدد وهو عبد الحميد بن حبيب كاتب الأوزاعي، وأراد المصنف بإيراد هذا التعليق التنبيه على أن عمر بن الحكم أي ابن ثوبان بين يحيى وأبي سلمة من المزيد في متصل الأسانيد، لأن يحيى قد صرح بسماعه من أبي سلمة، ولو كان بينهما واسطة لم يصرح بالتحديث، ورواية هشام المذكورة وصلها الإسماعيلي وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بهذا‏)‏ في رواية كريمة والأصيلي مثله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتابعه عمرو بن أبي سلمة‏)‏ أي تابع ابن أبي العشرين على زيادة عمر بن الحكم، ورواية عمر المذكورة وصلها مسلم عن أحمد بن يونس عنه، وظاهر صنيع البخاري ترجيح رواية يحيى عن أبي سلمة بغير واسطة، وظاهر صنيع مسلم يخالفه لأنه اقتصر على الرواية الزائدة، والراجح عند أبي حاتم والدارقطني وغيرهما صنيع البخاري، وقد تابع كلا من الروايتين جماعة من أصحاب الأوزاعي فالاختلاف منه، وكأنه كان يحدث به على الوجهين فيحمل على أن يحيى حمله عن أبي سلمة بواسطة ثم لقيه فحدثه به فكان يرويه عنه على الوجهين والله أعلم‏.‏

*3* باب حذف التشكيل

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ قُلْتُ إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ كذا في الأصل بغير ترجمة، وهو كالفصل من الذي قبله وتعلقه به ظاهر، وكأنه أومأ إلى أن المتن الذي قبله طرف من قصة عبد الله بن عمرو في مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم له في قيام الليل وصيام النهار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو عن أبي العباس‏)‏ في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان ‏"‏ حدثنا عمرو سمعت أبا العباس ‏"‏ وعمرو هو ابن دينار، وأبو العباس هو السائب بن فروخ ويعرف بالشاعر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألم أخبر‏)‏ فيه أن الحكم لا ينبغي إلا بعد التثبت، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكتف بما نقل له عن عبد الله حتى لقيه واستثبته فيه، لاحتمال أن يكون قال ذلك بغير عزم‏.‏

أو عقله بشرط لم يطلع عليه لناقل ونحو ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هجمت عينك‏)‏ بفتح الجيم أي غارت أو ضعفت لكثرة السهر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نفهت‏)‏ بنون ثم فاء مكسورة أي كلت، وحكى الإسماعيلي أن أبا يعلى رواه له ‏"‏ تفهت ‏"‏ بالتاء بدل النون واستضعفه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن لنفسك عليك حقا‏)‏ أي تعطيها ما تحتاج إليه ضرورة البشرية مما أباحه الله للإنسان من الأكل والشرب والراحة التي يقوم بها بدنه ليكون أعون على عبادة ربه، ومن حقوق النفس قطعها عما سوى الله تعالى، لكن ذلك يختص بالتعلقات القلبية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولأهلك عليك حقا‏)‏ أي تنظر لهم فيما لا بد لهم منه من أمور الدنيا والآخرة، والمراد بالأهل الزوجة أو أعم من ذلك ممن تلزمه نفقته‏.‏

وسيأتي بيان سبب ذكر ذلك له في الصيام‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ حقا ‏"‏ في الموضعين للأكثر بالنصب على أنه اسم إن وفي رواية كريمة بالرفع فيهما على أنه الخبر والاسم ضمير الشأن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصم‏)‏ أي فإذا عرفت ذلك فصم تارة ‏(‏وأفطر‏)‏ تارة لتجمع بين المصلحتين‏.‏

وفيه إيماء إلى ما تقدم في أوائل أبواب التهجد أنه ذكر له صوم داود، وقد تقدم الكلام على قوله ‏"‏ قم ونم ‏"‏ وسيأتي في الصيام فيه زيادة من وجه آخر نحو قوله ‏"‏ وإن لعينك عليك حقا ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ فإن لزورك عليك حقا ‏"‏ أي للضيف‏.‏

وفي الحديث جواز تحدث المرء بما عزم عليه من فعل الخير، وتفقد الإمام لأمور رعيته كلياتها وجزئياتها، وتعليمهم ما يصلحهم‏.‏

وفيه تعليل الحكم لمن فيه أهلية ذلك، وأن الأولى في العبادة تقديم الواجبات على المندوبات، وأن من تكلف الزيادة علي ما طبع عليه يقع له الخلل في الغالب‏.‏

وفيه الحض على ملازمة العبادة لأنه صلى الله عليه وسلم مع كراهته له التشديد على نفسه حضه على الاقتصاد كأنه قال له ولا يمنعك اشتغالك بحقوق من ذكر أن تضيع حق العبادة وتترك المندوب جملة، ولكن أجمع بينهما‏.‏

*3* باب فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل من تعار من الليل فصلى‏)‏ عار بمهملة وراء مشددة‏.‏

قال في المحكم‏:‏ تعار الظليم معارة صاح، والتعار أيضا السهر والتمطي والتقلب على الفراش ليلا مع كلام‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ اختلف في تعار فقيل‏:‏ انتبه، وقيل تكلم، وقيل علم، وقيل تمطى وأن انتهى‏.‏

وقال الأكثر‏:‏ التعار اليقظة مع صوت‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ ظاهر الحديث أن معنى تعار استيقظ لأنه قال ‏"‏ من تعار فقال ‏"‏ فعطف القول على التعار انتهى‏.‏

ويحتمل أن تكون الفاء تفسيرية لما صوت به المستيقظ، لأنه قد يصوت بغير ذكر، فخص الفضل المذكور بمن صوت بما ذكر من ذكر الله تعالى، وهذا هو السر في اختيار لفظ تعار دون استيقظ أو انتبه، وإنما يتفق ذلك لمن تعود الذكر واستأنس به وغلب عليه حتى صار حديث نفسه في نومه ويقظته، فأكرم من اتصف بذلك بإجابة دعوته وقبول صلاته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا صدقة‏)‏ هو ابن الفضل المروزي، وجميع الإسناد كله شاميون، وجنادة بضم الجيم وتخفيف النون مختلف في صحبته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الأوزاعي قال حدثنا عمير بن هانئ‏)‏ كذا لمعظم الرواة عن الوليد بن مسلم، وأخرجه الطبراني في الدعاء من رواية صفوان بن صالح عن الوليد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ، وأخرجه الطبراني فيه أيضا عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي - وهو الحافظ الذي يقال له دحيم - عن أبيه عن الوليد مقرونا برواية صفوان بن صالح، وما أظنه إلا وهما فإنه أخرجه في المعجم الكبير عن إبراهيم عن أبيه عن الوليد عن الأوزاعي كالجادة، وكذا أخرجه أبو داود وابن ماجه وجعفر الفريابي في الذكر عن دحيم، وكذا أخرجه ابن حبان عن عبد الله بن سليم عن دحيم، ورواية صفوان شاذة فإن كان حفظها عن الوليد احتمل أن يكون عند الوليد فيه شيخان، ويؤيده ما في آخر الحديث من اختلاف اللفظ حيث جاء في جميع الروايات عن الأوزاعي فإنه قال ‏"‏ اللهم اغفر لي إلخ ‏"‏ ووقع في هذه الرواية ‏"‏ كان من خطاياه كيوم ولدته أمه ‏"‏ ولم يذكر رب اغفر لي ولا دعاء‏.‏

وقال في أوله ‏"‏ ما من عبد يتعارض من الليل ‏"‏ بدل قوله ‏"‏ من تعار ‏"‏ لكن تخالف اللفظ في هذه أخف من التي قبلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏له الملك وله الحمد‏)‏ زاد علي بن المديني عن الوليد ‏"‏ يحيي ويميت ‏"‏ أخرجه أبو نعيم في ترجمة عمير بن هانئ من ‏"‏ الحلية ‏"‏ من وجهين عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الحمد لله وسبحان الله‏)‏ زاد في رواية كريمة ‏"‏ ولا إله إلا الله ‏"‏ وكذا عند الإسماعيلي والنسائي والترمذي وابن ماجه وأبي نعيم في الحلية، ولم تختلف الروايات في البخاري على تقديم الحمد على التسبيح، لكن عند الإسماعيلي بالعكس، والظاهر أنه من تصرف الرواة لأن الواو لا تستلزم الترتيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا حول ولا قوة إلا بالله‏)‏ زاد النسائي وابن ماجه وابن السني ‏"‏ العلي العظيم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال‏:‏ اللهم اغفر لي، أو دعا‏)‏ كذا فيه بالشك ويحتمل أن تكون للتنويع، ويؤيد الأول ما عند الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ ثم قال‏:‏ رب اغفر لي، غفر له‏.‏

أو قال‏:‏ فدعا استجيب له ‏"‏ شك الوليد، وكذا عند أبي داود وابن ماجه بلفظ ‏"‏ غفر له ‏"‏ قال الوليد ‏"‏ أو قال دعا استجيب له ‏"‏ وفي رواية علي بن المديني ‏"‏ ثم قال‏:‏ رب اغفر لي، أو قال‏:‏ ثم دعا ‏"‏ واقتصر في رواية النسائي على الشق الأول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استجيب‏)‏ زاد الأصيلي ‏"‏ له ‏"‏ وكذا في الروايات الأخرى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن توضأ قبلت‏)‏ أي إن صلى‏.‏

وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت ‏"‏ فإن توضأ وصلى ‏"‏ وكذا عند الإسماعيلي وزاد في أوله ‏"‏ فإن هو عزم فقام وتوضأ وصلى ‏"‏ وكذا في رواية علي بن المديني‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ وعد الله على لسان نبيه أن من استيقظ من نومه لهجا لسانه بتوحيد ربه والإذعان له بالملك والاعتراف بنعمة يحمده عليها وينزهه عما لا يليق به تسبيحه والخضوع له بالتكبير والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلى قبلت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قبلت صلاته‏)‏ قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ وجه ترجمة البخاري بفضل الصلاة، وليس في الحديث إلا القبول، وهو من لوازم الصحة سواء كانت فاضلة أم مفضولة لأن القبول في هذا الموطن أرجى منه في غيره، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة، فلأجل قرب الرجاء فيه من اليقين تميز على غيره وثبت له الفضل انتهى‏.‏

والذي يظهر أن المراد بالقبول هنا قدر زائد على الصحة، ومن ثم قال الداودي ما محصله‏:‏ من قبل الله له حسنة لم يعذبه لأنه يعلم عواقب الأمور فلا يقبل شيئا ثم يحبطه، وإذا أمن الإحباط أمن التعذيب، ولهذا قال الحسن‏:‏ وددت أني أعلم أن الله قبل لي سجدة واحدة‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال أبو عبد الله الفربري الراوي عن البخاري‏:‏ أجريت هذا الذكر على لساني عند انتباهي ثم نمت فأتاني آت فقرأ ‏(‏وهدوا إلى الطيب من القول‏)‏ الآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُصُّ فِي قَصَصِهِ وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ يَعْنِي بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنْ الْفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ وَالْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الهيثم‏)‏ بفتح الهاء وسكون التحتانية بعدها مثلثة مفتوحة، وسنان بكسر المهملة ونونين الأولى خفيفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنه سمع أبا هريرة وهو يقص في قصصه‏)‏ أي مواعظه التي كان أبو هريرة يذكر أصحابه بها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخا لكم‏)‏ معناه أن أبا هريرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطرد إلى حكاية ما قيل في وصفه فذكر كلام عبد الله بن رواحة بما وصف به من هذه الأبيات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن أخا لكم‏)‏ هو المسموع للهيثم، والرفث الباطل أو الفحش من القول، والقائل يعني هو الهيثم، ويحتمل أن يكون الزهري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا انشق‏)‏ كذا للأكثر وفي رواية أبي الوقت ‏"‏ كما انشق ‏"‏ والمعنى مختلف وكلاهما واضح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ بيان للمعروف الساطع، يقال الساطع إذا ارتفع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏العمى‏)‏ أي الضلالة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يجافي جنبه‏)‏ أي يرفعه عن الفراش، وهو كناية عن صلاته بالليل، وفي هذا البيت الأخير معنى الترجمة لأن التعار هو السهر والتقلب على الفراش كما تقدم، وكأن الشاعر أشار إلى قوله تعالى في صفة المؤمنين ‏(‏تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا‏)‏ الآية‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ وقعت لعبد الله بن رواحة في هذه الأبيات قصة أخرجها الدارقطني من طريق سلمة بن وهران عن عكرمة قال‏:‏ كان عبد الله بن رواحة في مضطجعا إلى جنب امرأته، فقام إلى جاريته فذكر القصة في رؤيتها إياه على الجارية وجحده ذلك والتماسها منه القراءة لأن الجنب لا يقرأ، فقال هذه الأبيات، فقالت‏:‏ آمنت بالله وكذبت بصري، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ إن قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن أخا لكم لا يقول الرفث ‏"‏ فيه أن حسن الشعر محمود كحسن الكلام انتهى‏.‏

وليس في سياق الحديث ما يفصح بأن ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم، بل هو ظاهر في أنه من كلام أبي هريرة، وبيان ذلك سيأتي في سياق رواية الزبيدي المعلقة‏.‏

وسيأتي بقية ما يتعلق بالشعر في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عقيل‏)‏ أي عن ابن شهاب، فالضمير ليونس، ورواية عقيل هذه أخرجها الطبراني في الكبير من طريق سلامة بن روح عن عمه عقيل بن خالد عن ابن شهاب فذكر مثل رواية يونس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الزبيدي إلخ‏)‏ فيه إشارة إلى أنه اختلف عن الزهري في هذا الإسناد، فاتفق يونس وعقيل على أن شيخه فيه الهيثم، وخالفهما الزبيدي فأبدله بسعيد أي ابن المسيب والأعرج أي عبد الرحمن بن هرمز، ولا يبعد أن يكون الطريقان صحيحين فإنهم حفاظ أثبات، والزهري صاحب حديث مكثر، ولكن ظاهر صنيع البخاري ترجيح رواية يونس لمتابعة عقيل له، بخلاف الزبيدي ورواية الزبيدي هذه المعلقة وصلها البخاري في التاريخ الصغير والطبراني في الكبير أيضا من طريق عبد الله بن سالم الحمصي عنه ولفظه ‏"‏ أن أبا هريرة كان يقول في قصصه ‏"‏‏:‏ إن أخا لكم كان يقول شعرا ليس بالرفث ‏"‏ وهو عبد الله بن رواحة فذكر الأبيات، وهو يبين أن قوله في الرواية الأولى من كلام أبي هريرة موقوفا بخلاف ما جزم به ابن بطال والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ فَكَأَنِّي لَا أُرِيدُ مَكَانًا مِنْ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى رُؤْيَايَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو النعمان‏)‏ هو السدوسي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا طارت إليه‏)‏ سيأتي في التعبير بلفظ إلا طارت بي إليه ويأتي بقية فوائده هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد تقدم في أوائل أبواب التهجد من وجه آخر عن ابن عمر دون القصة الأولى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان عبد الله‏)‏ أي ابن عمر ‏(‏يصلي من الليل‏)‏ هو كلام نافع، وقد تقدم نحوه عن سالم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكانوا‏)‏ أي الصحابة‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏أنها‏)‏ أي ليلة القدر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليتحرها في العشر الأواخر‏)‏ كذا للكشميهني، ولغيره ‏"‏ من العشر الأواخر ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه مستوفى في أواخر الصيام‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أغفل المزي في الأطراف هذا الحديث المتعلق بليلة القدر فلم يذكره في ترجمة أيوب عن نافع عن ابن عمر، وهو وارد عليه‏.‏

وبالله التوفيق‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 18, 2010 2:27 am

*3* باب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب المداومة على ركعتي الفجر‏)‏ أي سفرا وحضرا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ يَدَعْهُمَا أَبَدًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن يزيد‏)‏ هو المقري قوله‏:‏ ‏(‏عن عراك بن مالك عن أبي سلمة‏)‏ خالفه الليث عن يزيد بن أبي حبيب فرواه عن جعفر بن ربيعة عن أبي سلمة لم يذكر بينهما أحدا‏.‏

أخرجه أحمد والنسائي، وكأن جعفرا أخذه عن أبي سلمة بواسطة ثم حمله عنه‏.‏

وليزيد فيه إسناد آخر رواه عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة أخرجه مسلم، وكأن لعراك فيه شيخين، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصلى‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ثم صلى ‏"‏ وليس فيه ذكر الوتر، وهو في رواية الليث ولفظه ‏"‏ كان يصلي بثلاث عشرة ركعة تسعا قائما وركعتين وهو جالس‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وركعتين بين النداءين‏)‏ أي بين الأذان والإقامة‏.‏

وفي رواية الليث ‏"‏ ثم يمهل حتى يؤذن بالأولى من الصبح فيركع ركعتين‏"‏، ولمسلم من رواية يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة ‏"‏ يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يكن يدعهما أبدا‏)‏ استدل به لمن قال بالوجوب، وهو منقول عن الحسن البصري أخرجه ابن أبي شيبة عنه بلفظ ‏"‏ كان الحسن يرى الركعتين قبل الفجر واجبتين ‏"‏ والمراد بالفجر هنا صلاة الصبح‏.‏

ونقل المرغيناني مثله عن أبي حنيفة‏.‏

وفي جامع المحبوبي عن الحسن ابن زياد عن أبي حنيفة ‏"‏ لو صلاهما قاعدا من غير عذر لم يجز ‏"‏ واستدل به بعض الشافعية للقديم في أن ركعتي الفجر أفضل التطوعات‏.‏

وقال الشافعي في الجديد‏:‏ أفضلها الوتر‏.‏

وقال بعض أصحابه‏:‏ أفضلها صلاة الليل لما تقدم ذكره في أول أبواب التهجد من حديث أبي هريرة عند مسلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ أبدا ‏"‏ تقرر في كتب العربية أنها تستعمل للمستقبل‏.‏

وأما الماضي فيؤكد بقط‏.‏

ويجاب عن الحديث المذكور بأنها ذكرت على سبيل المبالغة إجراء للماضي مجرى المستقبل كأن ذلك دأبه لا يتركه‏.‏

*3* باب الضِّجْعَةِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الضجعة‏)‏ بكسر الضاد المعجمة لأن المراد الهيئة، وبفتحها على إرادة المرة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبو الأسود‏)‏ هو النوفلي يتيم عروة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على شقه الأيمن‏)‏ قيل الحكمة فيه أن القلب في جهة اليسار فلو اضطجع عليه لاستغرق نوما لكونه أبلغ في الراحة، بخلاف اليمين فيكون القلب معلقا فلا يستغرق‏.‏

وفيه أن الاضطجاع إنما يتم إذا كان على الشق الأيمن، وأما إنكار ابن مسعود الاضطجاع، وقول إبراهيم النخعي هي ضجعة الشيطان كما أخرجهما ابن أبي شيبة، فهو محمول على أنه لم يبلغهما الأمر بفعله، وكلام ابن مسعود يدل على أنه إنما أنكر تحتمه فإنه قال في آخر كلامه‏:‏ إذا سلم فقد فصل، وكذا ما حكى عن ابن عمر أنه بدعة فإنه شذ بذلك حتى روي عنه أنه أمر بحصب من اضطجع كما تقدم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع، وأرجح الأقوال مشروعيته للفصل لكن لا بعينه كما تقدم‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3* باب مَنْ تَحَدَّثَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَضْطَجِعْ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع‏)‏ أشار بهذه الترجمة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها، وبذلك احتج الأئمة على عدم الوجوب، وحملوا الأمر الوارد بذلك في حديث أبي هريرة عند أبي داود وغيره على الاستحباب، وفائدة ذلك الراحة والنشاط لصلاة الصبح، وعلى هذا فلا يستحب ذلك إلا للتهجد وبه جزم ابن العربي، ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق أن عائشة كانت تقول ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنة، ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح ‏"‏ في إسناده راو لم يسم‏.‏

وقيل إن فائدتها الفصل بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، وعلى هذا فلا اختصاص، ومن ثم قال الشافعي‏:‏ تتأدى السنة بكل ما يحصل به الفصل من مشي وكلام وغيره حكاه البيهقي‏.‏

وقال النووي‏:‏ المختار أنه سنة لظاهر حديث أبي هريرة، وقد قال أبو هريرة راوي الحديث‏:‏ إن الفصل بالمشي إلى المسجد لا يكفي، وأفرط ابن حزم فقال يحب عن كل أحد، وجعله شرطا لصحة صلاة الصبح، ورده عليه العلماء بعده حتى طعن ابن تيمية ومن تبعه في صحة الحديث لتفرد عبد الواحد ابن زياد به وفي حفظه مقال، والحق أنه تقوم به الحجة‏.‏

ومن ذهب إلى أن المراد به الفصل لا يتقيد بالأيمن، ومن أطلق قال‏:‏ يختص ذلك‏:‏ بالقادر، وأما غيره فهل يسقط الطلب أو يومئ بالاضطجاع أو يضطجع على الأيسر‏؟‏ لم أقف فيه على نقل، إلا أن ابن حزم قال‏:‏ يومي ولا يضطجع على الأيسر أصلا، ويحمل الأمر به على الندب كما سيأتي في الباب الذي بعده‏.‏

وذهب بعض السلف إلى استحبابها في البيت دون المسجد وهو محكي عن ابن عمر، وقواه بعض شيوخنا بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد أخرجه ابن أبي شيبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلَاةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان إذا صلى ركعتين الفجر‏)‏ وسنذكر مستند ذلك في الباب الذي بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني وإلا اضطجع‏)‏ ظاهره أنه كان يضطجع إذا لم يحدثها، وإذا حدثها لم يضطجع، وإلى هذا جنح المصنف في الترجمة، وكذا ترجم له ابن خزيمة ‏"‏ الرخصة في ترك الاضطجاع بعد ركعتي الفجر ‏"‏ ويعكر على ذلك ما وقع عند أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي النضر في هذا الحديث ‏"‏ كان يصلي من الليل، فإذا فرغ من صلاته اضطجع، فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة نام حتى يأتيه المؤذن ‏"‏ فقد يقال إنه كان يضطجع على كل حال، فإما أن يحدثها وإما أن ينام، لكن المراد بقولها نام أي اضطجع، وبينه ما أخرجه المصنف قبل أبواب التهجد من رواية مالك عن أبي النضر وعبد الله بن يزيد جميعا عن أبي سلمة بلفظ ‏"‏ فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يؤذن‏)‏ بضم أوله وفتح المعجمة الثقيلة‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ حتى نودي ‏"‏ واستدل به على عدم استحباب الضجعة، ورد بأنه لا يلزم من كونه ربما تركها عدم الاستحباب، بل يدل تركه لها أحيانا على عدم الوجوب كما تقدم أول الباب‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ تقدم في أول أبواب الوتر في حديث ابن عباس أن اضطجاعه صلى الله عليه وسلم وقع بعد الوتر قبل صلاة الفجر، ولا يعارض ذلك حديث عائشة لأن المراد به نومه صلى الله عليه وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر، وغايته أنه تلك الليلة لم يضطجع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح فيستفاد منه عدم الوجوب أيضا، وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم اضطجع بعد الوتر فقد خالفه أصحاب الزهري عن عروة فذكروا الاضطجاع بعد الفجر وهو المحفوظ، ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3* باب الْحَدِيثِ يَعْنِي بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الحديث بعد ركعتي الفجر‏)‏ أعاد فيه الحديث المذكور ولفظه ‏"‏ كان يصلي ركعتين ‏"‏ وفي آخره‏:‏ قلت لسفيان فإن بعضهم يرويه ‏"‏ ركعتي الفجر ‏"‏ قال سفيان‏:‏ هو ذاك‏.‏

والقائل ‏"‏ قلت لسفيان ‏"‏ هو علي بن المديني شيخ البخاري فيه، ومراده بقوله ‏"‏ بعضهم ‏"‏ مالك كذا أخرجه الدارقطني من طريق بشر بن عمر عن مالك أنه سأله عن الرجل يتكلم بعد طلوع الفجر فحدثني عن سالم فذكره، وقد أخرجه ابن خزيمة عن سعيد بن عبد الرحمن المحزومي عن ابن عيينة بلفظ ‏"‏ كان يصلي ركعتي الفجر ‏"‏ واستدل به على جواز الكلام بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح خلافا لمن كره ذلك، وقد نقله ابن أبي شيبة عن ابن مسعود ولا يثبت عنه وأخرجه صحيحا عن إبراهيم وأبي الشعثاء وغيرهما‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع هنا في بعض النسخ عن سفيان ‏"‏ قال سالم أبو النضر حدثني أبي ‏"‏ وقوله ‏"‏ أبي ‏"‏ زيادة لا أصل لها‏:‏ بل هي غلط محض حمل عليها تقديم الاسم على الصفة فظن بعض من لا خبرة له أن فاعل حدثني راو غير سالم فزاد في السند لفظ أبي، وقد تقدم الحديث بهذا السند قريبا عن بشر بن الحكم عن سفيان عن أبي النضر عن أبي سلمة ليس بينهما أحد، وكذا في الذي قبله من رواية مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة، وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان حدثنا أبو النضر عن أبي سلمة، وليس لوالد أبي النضر مع ذلك رواية أصلا لا في الصحيح ولا في غيره فمن زادها فقد أخطأ‏.‏

وبالله التوفيق‏.‏

*3* باب تَعَاهُدِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَمَنْ سَمَّاهُمَا تَطَوُّعًا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما‏)‏ في رواية الحموي والمستملي ‏"‏ ومن سماها ‏"‏ أي سنة الفجر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تطوعا‏)‏ أورد في الباب بلفظ النوافل، وأشار بلفظ التطوع إلى ما ورد في بعض طرقه، ففي رواية أبي عاصم عن ابن جريج عند البيهقي ‏"‏ قلت لعطاء أواجبة ركعتا الفجر أو هي من التطوع‏؟‏ فقال‏:‏ حدثني عبيد بن عمير ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏

وجاء عن عائشة أيضا تسميتها تطوعا من وجه آخر، فعند مسلم من طريق عبد الله بن شقيق ‏"‏ سألت عائشة عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكر الحديث وفيه ‏"‏ وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بيان‏)‏ بفتح الموحدة والتحتانية الخفيفة‏.‏

ويحيى بن سعيد هو القطان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عطاء‏)‏ في رواية مسلم عن زهير بن حرب عن يحيي عن ابن جريج ‏"‏ حدثني عطاء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد بن عمير‏)‏ في رواية ابن خزيمة عن يحيي بن حكيم عن يحيي بن سعيد بسنده ‏"‏ أخبرني عبيد بن عمير‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أشد تعاهدا‏)‏ في رواية ابن خزيمة ‏"‏ أشد معاهدة ‏"‏ ولمسلم من طريق حفص عن ابن جريج ‏"‏ ما رأيته إلى شيء من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر ‏"‏ زاد ابن خزيمة من هذا الوجه ‏"‏ ولا إلى غنيمة‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتاب التَّهَجُّدِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: