*3*15_ باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ حذف التشكيل
وَقَالَ سَلْمَانُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: قُمْ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ سَلْمَانُ.
الشرح:
قوله: (باب من نام أول الليل وأحيا آخره) تقدم في الذي قبله ذكر مناسبته.
قوله: (وقال سلمان) أي الفارسي (لأبي الدرداء نم إلخ) هو مختصر من حديث طويل أورده المصنف في كتاب الأدب من حديث أبي جحيفة قال " آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء " فذكر القصة وفي آخرها فقال " إن لنفسك عليك حقا " الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم "صدق سلمان " أي في جميع ما ذكر، وفيه منقبة ظاهرة لسلمان.
الحديث:
-1146-حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح - و حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، -عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ.
الشرح:
قوله: (حدثنا أبو الوليد) في رواية أبي ذر " قال أبو الوليد " وقد وصله الإسماعيلي، عن أبي خليفة، عن أبي الوليد، وتبين من سياقه أن البخاري ساق الحديث على لفظ سليمان، وهو ابن حرب.
وفي رواية أبي خليفة " فإذا كان من السحر أوتر " وزاد فيه " فإن كانت له حاجة إلى أهله " وقال فيه " فإن كان جنبا أفاض عليه من الماء وإلا توضأ " وبمعناه أخرجه مسلم، من طريق زهير، عن أبي إسحاق.
قال الإسماعيلي: هذا الحديث يغلط في معناه الأسود، والأخبار الجياد فيها " كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ".
قلت: لم يرد الإسماعيلي بهذا أن حديث الباب غلط، وإنما أشار إلى أن أبا إسحاق حدث به عن الأسود بلفظ آخر غلط فيه، والذي أنكره الحفاظ على أبي إسحاق في هذا الحديث هو ما رواه الثوري عنه بلفظ " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء " قال الترمذي: يرون هذا غلطا من أبي إسحاق، وكذا قال مسلم في التمييز.
وقال أبو داود: في رواية أبي الحسن بن العبد، عنه: ليس بصحيح.
ثم روي عن يزيد بن هارون، أنه قال: هو وهم. انتهى.
وأظن أبا إسحاق اختصره من حديث الباب هذا الذي رواه عنه، شعبة وزهير، لكن لا يلزم من قولها " فإذا كان جنبا أفاض عليه الماء " أن لا يكون توضأ قبل أن ينام كما دلت عليه الأخبار الأخر فمن ثم غلطوه في ذلك، ويستفاد من الحديث أنه كان ربما نام جنبا قبل أن يغتسل والله أعلم.
وقد تقدم باقي الكلام على حديث عائشة قريبا.
وقوله فيه " فإن كانت به حاجة اغتسل " يعكر عليه ما في رواية مسلم " أفاض عليه الماء " وما قالت اغتسل، ويجاب بأن بعض الرواة ذكره بالمعنى، وحافظ بعضهم على اللفظ، والله أعلم.
*3* باب قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره) سقط قوله " بالليل " من نسخة الصنعاني.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي
الشرح:
حديث أبي سلمة أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد تقدمت الإشارة إليه في " باب كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل " وفي الحديث دلالة على أن صلاته كانت متساوية في جميع السنة، وفيه كراهة النوم قبل الوتر لاستفهام عائشة عن ذلك كأنه تقرر عندها منع ذلك فأجابها بأنه صلى الله عليه وسلم ليس في ذلك كغيره، وسيأتي هذا الحديث من هذه الطريق في أواخر الصيام أيضا، ونذكر فيه إن شاء الله تعالى ما بقي من فوائده.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السُّورَةِ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ
الشرح:
قوله: (عن هشام) هو ابن عروة.
قوله: (حتى إذا كبر) بينت حفصة أن ذلك كان قبل موته بعام، وقد تقدم بيان ذلك مع كثير من فوائده في آخر باب من أبواب التقصير.
قوله: (فإذا بقي عليه من السورة ثلاثين أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع) فيه رد على من اشترط على من افتتح النافلة قاعدا أن يركع قاعدا، أو قائما أن يركع قائما، وهو محكي عن أشهب وبعض الحنفية.
والحجة فيه ما رواه مسلم وغيره من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في سؤاله لها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه " كان إذا قرأ قائما ركع قائما، وإذا قرأ قاعدا ركع قاعدا " وهذا صحيح، ولكن لا يلزم منه منع ما رواه عروة عنها، فيجمع بينهما بأنه كان يفعل كلا من ذلك بحسب النشاط وعدمه.
والله أعلم.
وقد أنكر هشام بن عروة على عبد الله بن شقيق هذه الرواية واحتج بما رواه عن أبيه، أخرج ذلك ابن خزيمة في صحيحه ثم قال: ولا مخالفة عندي بين الخبرين لأن رواية عبد الله بن شقيق محمولة على ما إذا قرأ جميع القراءة قاعدا أو قائما، ورواية هشام بن عروة محمولة على ما إذا قرأ بعضها جالسا وبعضها قائما.
والله أعلم.
*3* باب فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفَضْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب فضل الطهور بالليل والنهار، وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار) كذا ثبت في رواية الكشميهني، ولغيره " بعد الوضوء " واقتصر بعضهم على الشق الثاني من الترجمة وعليه اقتصر الإسماعيلي وأكثر الشراح، والشق الأول ليس بظاهر في حديث الباب إلا إن حمل على أنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كما سنذكره من حديث بريدة.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ دَفَّ نَعْلَيْكَ يَعْنِي تَحْرِيكَ
الشرح:
قوله: (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد التيمي وصرح به في رواية مسلم من هذا الوجه.
وأبو زرعة هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي.
قوله: (قال لبلال) أي ابن رباح المؤذن، وقوله "عند صلاة الفجر " فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقص ما رآه ويعبر ما رآه أصحابه كما سيأتي في كتاب التعبير بعد صلاة الفجر.
قوله: (بأرجى عمل) بلفظ أفعل التفضيل المبني من المفعول، وإضافة العمل إلى الرجاء لأنه السبب الداعي إليه.
قوله: (في الإسلام) زاد مسلم في روايته " منفعة عندك".
قوله: (أني) بفتح الهمزة ومن مقدرة قبلها صلة لأفعل التفضيل، وثبتت في رواية مسلم، ووقع في رواية الكشميهني " أن " بنون خفيفة بدل " أني".
قوله: (فإني سمعت) زاد مسلم " الليلة " وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام.
قوله: (دف نعليك) بفتح المهملة، وضبطها المحب الطبري بالإعجام والفاء مثقلة، وقد فسره المصنف في رواية كريمة بالتحريك.
وقال الخليل: دف الطائر إذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه.
وقال الحميدي: الدف الحركة الخفيفة والسير اللين.
ووقع في رواية مسلم " خشف " بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء، قال أبو عبيد وغيره: الخشف الحركة الخفيفة.
ويؤيده ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر " سمعت خشفة " ووقع في حديث بريدة عند أحمد والترمذي وغيرهما " خشخشة " بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضا.
قوله: (طهورا) زاد مسلم تاما، والذي يظهر أنه لا مفهوم لها، ويحتمل أن يخرج بذلك الوضوء اللغوي، فقد يفعل ذلك لطرد النوم مثلا.
قوله: (في ساعة ليل أو نهار) بتنوين ساعة وخفض ليل على البدل.
وفي رواية مسلم " في ساعة من ليل أو نهار".
قوله: (إلا صليت) زاد الإسماعيلي " لربي " قوله: (ما كتب لي) أي قدر، وهو أعم من الفريضة والنافلة.
قال ابن التين: إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر، وبهذا التقرير يندفع إيراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة.
والذي يظهر أن المراد بالأعمال التي سأله عن إرجائها الأعمال المتطوع بها، وإلا فالمفروضة أفضل قطعا.
ويستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة، لأن بلالا توصل إلى ما ذكرنا بالاستنباط فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الجوزي: فيه الحث على الصلاة عقب الوضوء لئلا يبقى الوضوء خاليا عن مقصوده.
وقال المهلب: فيه أن الله يعظم المجازاة على ما يسره العبد من عمله.
وفيه سؤال الصالحين عما يهديهم الله له من الأعمال الصالحة ليقتدي بها غيرهم في ذلك وفيه أيضا سؤال الشيخ عن عمل تلميذه ليحضه عليه ويرغبه فيه إن كان حسنا، وإلا فينهاه.
واستدل به على جواز هذه الصلاة في الأوقات المكروهة لعموم قوله " في كل ساعة " وتعقب بأن الأخذ بعمومه ليس بأولى من الأخذ بعموم النهي وتعقبه ابن التين بأنه ليس فيه ما يقتضي الفورية، فيحمل على تأخير الصلاة قليلا ليخرج وقت الكراهة، أو أنه كان يؤخر الطهور إلى آخر وقت الكراهة لتقع صلاته في غير وقت الكراهة.
لكن عند الترمذي وابن خزيمة من حديث بريدة في نحو هذه القصة " ما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها " ولأحمد من حديثه " ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين " فدل على أنه كان يعقب الحدث بالوضوء والوضوء بالصلاة في أي وقت كان.
وقال الكرماني: ظاهر الحديث أن السماع المذكور وقع في النوم، لأن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت.
ويحتمل أن يكون في اليقظة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج.
وأما بلال فلا يلزم من هذه القصة أنه دخلها لأن قوله " في الجنة " ظرف للسماع ويكون الدف بين يديه خارجا عنها انتهى.
ولا يخفى بعد هذا الاحتمال لأن السياق مشعر بإثبات فضيلة بلال لكونه جعل السبب الذي بلغه إلى ذلك ما ذكره من ملازمة التطهر والصلاة، وإنما ثبتت له الفضيلة بأن يكون رؤي داخل الجنة لا خارجا عنها.
وقد وقع في حديث بريدة المذكور " يا بلال بم سبقتني إلى الجنة " وهذا ظاهر في كونه رآه داخل الجنة.
ويؤيد كونه وقع في المنام ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر مرفوعا " رأيتني دخلت الجنة فسمعت خشفة فقيل هذا بلال، ورأيت قصرا بفنائه جارية فقيل هذا لعمر " الحديث، وبعده من حديث أبي هريرة مرفوعا " بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقيل: هذا لعمر " الحديث، فعرف أن ذلك وقع في المنام وثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحي، ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك.
ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته في اليقظة فاتفق مثله في المنام، ولا يلزم من ذلك دخول بلال الجنة قيل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام التابع، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حال حياته واستمراره على قرب منزلته، وفيه منقبة عظيمة لبلال.
وفي الحديث استحباب إدامة الطهارة ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرا ومن بات طاهرا عرجت روحه فسجدت تحت العرش كما رواه البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، والعرش سقف الجنة كما سيأتي في هذا الكتاب.
وزاد بريدة في آخر حديثه " فقال النبي صلى الله عليه وسلم بهذا " وظاهره أن هذا الثواب وقع بسبب ذلك العمل، ولا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل أحدكم الجنة عمله " لأن أحد الأجوبة المشهورة بالجمع بينه وبين قوله تعالى (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) أن أصل الدخول إنما يقع برحمة الله، واقتسام الدرجات بحسب الأعمال فيأتي مثله في هذا.
وفيه أن الجنة موجودة الآن خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة.
(تنبيه) : قول الكرماني: لا يدخل أحد الجنة إلا بعد موته، مع قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج وكان المعراج في اليقظة على الصحيح ظاهرهما التناقض، ويمكن حمل النفي إن كان ثابتا على غير الأنبياء، أو يخص في الدنيا بمن خرج عن عالم الدنيا ودخل في عالم الملكوت، وهو قريب مما أجاب به السهيلي عن استعمال طست الذهب ليلة المعراج.