foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:16 pm

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نكتب ولا نحسب‏)‏ بالنون فيهما، والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم أو المراد نفسه صلى الله عليه وسلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأسود بن قيس‏)‏ هو الكوفي تابعي صغير، وشيخه سعيد بن عمرو أي ابن سعيد بن العاص، مدني سكن دمشق ثم الكوفة تابعي شهير، سمع عائشة وأبا هريرة وجماعة من الصحابة، ففي الإسناد تابعي عن تابعي كالذي قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنا‏)‏ أي العرب، وقيل أراد نفسه‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏أمية‏)‏ بلفظ النسب إلى الأم فقيل أراد أمة العرب لأنها لا تكتب، أو منسوب إلى الأمهات أي أنهم على أصل ولادة أمهم، أو منسوب إلى الأم لأن المرأة هذه صفتها غالبا، وقيل منسوبون إلى أم القرى، و قوله‏:‏ ‏(‏لا نكتب ولا نحسب‏)‏ تفسير لكونهم كذلك، وقيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة‏.‏

قال الله تعالى ‏(‏هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم‏)‏ ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث الماضي ‏"‏ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ‏"‏ ولم يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم، وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض، ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم‏.‏

قال الباجي‏:‏ وإجماع السلف الصالح حجة عليهم‏.‏

وقال ابن بزيزة‏:‏ وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين‏)‏ هكذا ذكره آدم شيخ البخاري مختصرا، وفيه اختصار عما رواه غندر عن شعبة، أخرجه مسلم عن ابن المثنى وغيره عنه بلفظ ‏"‏ الشهر هكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين ‏"‏ أي أشار أولا بأصابع يديه العشر جميعا مرتين وقبض الإبهام في المرة الثالثة وهذا المعبر عنه بقوله تسع وعشرون، وأشار مرة أخرى بهما ثلاث مرات وهو المعبر عنه بقوله ثلاثون‏.‏

وفي رواية جبلة بن سحيم عن ابن عمر في الباب الماضي ‏"‏ الشهر هكذا وهكذا وخنس الإبهام في الثالثة‏"‏‏.‏

ووقع من هذا الوجه عند مسلم بلفظ ‏"‏ الشهر هكذا وهكذا وصفق بيديه مرتين بكل أصابعه وقبض في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى أو اليسرى‏"‏، وروى أحمد وابن أبي شيبة واللفظ له من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابن عمر رفعه ‏"‏ الشهر تسع وعشرون ثم طبق بين كفيه مرتين وطبق الثالثة فقبض الإبهام‏.‏

قال فقالت عائشة‏:‏ يغفر الله لأبي عبد الرحمن، إنما هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا فنزل لتسع وعشرين، فقيل له فقال‏:‏ إن الشهر يكون تسعا وعشرين وشهر ثلاثون‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ في الحديث رفع لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعول رؤية الأهلة وقد نهينا عن التكلف‏.‏

ولا شك أن في مراعاة ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون غاية التكلف‏.‏

وفي الحديث مستند لمن رأى الحكم بالإشارة، قلت وسيأتي في كتاب الطلاق‏.‏

*3* باب لَا يَتَقَدَّمُ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يتقدم‏)‏ بضم أوله وفتح ثانيه ويجوز فتحهما، أي المكلف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين‏)‏ أي لا يتقدم رمضان بصوم يوم يعد منه بقصد الاحتياط له فإن صومه مرتبط بالرؤية فلا حاجة إلى التكلف، واكتفى في الترجمة عن ذلك لتصريح الخبر به‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏هشام‏)‏ هو الدستوائي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سلمة عن أبي هريرة‏)‏ في رواية خالد بن الحارث عن هشام عند الإسماعيلي ‏"‏ حدثني أبو سلمة حدثني أبو هريرة‏"‏، ونحوه لأبي عوانة من طريق معاوية بن سلام عن يحيى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم‏)‏ في رواية أبي داود عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه ‏"‏ لا تقدموا صوم رمضان بصوم ‏"‏ وفي رواية خالد بن الحارث المذكورة ‏"‏ لا تقدموا بين يدي رمضان بصوم ‏"‏ ولأحمد عن روح عن هشام ‏"‏ لا تقدموا قبل رمضان بصوم ‏"‏ وللترمذي من طريق علي بن المبارك عن يحيى لا تقدموا شهر رمضان بصيام قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا أن يكون رجل‏)‏ كان تامة، أي إلا أن يوجد رجل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يصوم صوما‏)‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ صومه فليصم ذلك اليوم ‏"‏ وفي رواية معمر عن يحيى عند أحمد إلا رجل كان يصوم صياما فيأتي على صيامه ‏"‏ ونحوه لأبي عوانة من طريق أيوب عن يحيى‏.‏

وفي رواية أحمد عن روح ‏"‏ إلا رجل كان يصوم صياما فليصله به ‏"‏ وللترمذي وأحمد من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ‏"‏ إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم ‏"‏ قال العلماء‏:‏ معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان‏.‏

قال الترمذي لما أخرجه‏:‏ العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان ا هـ‏.‏

والحكمة فيه التقوى بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط، وهذا فيه نظر لأن مقتضى الحديث أنه لو تقدمه بصيام ثلاثة أيام أو أربعة جاز، وسنذكر ما فيه قريبا، وقيل الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض، وفيه نظر أيضا لأنه يجوز لمن له عادة كما في الحديث، وقيل لأن الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم وهذا هو المعتمد، ومعنى الاستثناء أن من كان له ورد فقد أذن له فيه لأنه اعتاده وألفه وترك المألوف شديد وليس ذلك من استقبال رمضان في شيء، ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوبهما قال بعض العلماء‏:‏ يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظن، وفي الحديث رد على من يرى تقديم الصوم على الرؤية كالرافضة، ورد على من قال بجواز صوم النفل المطلق، وأبعد من قال‏:‏ المراد بالنهي التقدم بنية رمضان، واستدل بلفظ التقدم لأن التقدم على الشيء بالشيء إنما يتحقق إذا كان من جنسه، فعلى هذا يجوز الصيام بنية النفل المطلق، لكن السياق يأبى هذا التأويل ويدفعه‏.‏

وفيه بيان لمعنى قوله في الحديث الماضي ‏"‏ صوموا لرؤيته ‏"‏ فإن اللام فيه للتأقيت لا للتعليل‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ ومع كونها محمولة على التأقيت فلا بد من ارتكاب مجاز لأن وقت الرؤية - وهو الليل - لا يكون محل الصوم‏.‏

وتعقبه الفاكهي بأن المراد بقوله ‏"‏ صوموا ‏"‏ انووا الصيام، والليل كله ظرف للنية‏.‏

قلت‏:‏ فوقع في المجاز الذي فر منه، لأن الناوي ليس صائما حقيقة بدليل أنه يجوز له الأكل والشرب بعد النية إلى أن يطلع الفجر، وفيه منع إنشاء الصوم قبل رمضان إذا كان لأجل الاحتياط، فإن زاد على ذلك فمفهومه الجواز، وقيل يمتد المنع لما قبل ذلك وبه قطع كثير من الشافعية، وأجابوا عن الحديث بأن المراد منه التقديم بالصوم فحيث وجد منع، وإنما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب ممن يقصد ذلك‏.‏

وقالوا أمد المنع من أول السادس عشر من شعبان لحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ‏"‏ أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره‏.‏

وقال الروياني من الشافعية‏:‏ يحرم التقدم بيوم أو يومين لحديث الباب‏.‏

ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر‏.‏

وقال جمهور العلماء‏:‏ يجوز الصوم تطوعا بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه‏.‏

وقال أحمد وابن معين إنه منكر، وقد استدل البيهقي بحديث الباب على ضعفه فقال‏:‏ الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء، وكذا صنع قبله الطحاوي‏.‏

واستظهر بحديث ثابت عن أنس مرفوعا ‏"‏ أفضل الصيام بعد رمضان شعبان ‏"‏ لكن إسناده ضعيف، واستظهر أيضا بحديث عمران بن حصين ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل‏:‏ هل صمت من سرر شعبان شيئا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين ‏"‏ ثم جمع بين الحديثين بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم، وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان، وهو جمع حسن، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:17 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ‏:‏ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ حذف التشكيل

عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل‏:‏ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - ما كتب الله لكم‏)‏ كذا في رواية أبي ذر، وساق غيره الآية كلها، والمراد بهذه الترجمة بيان ما كان الحال عليه قبل نزول هذه الآية‏.‏

ولما كانت هذه الآية منزلة على أسباب تتعلق بالصيام عجل بها المصنف‏.‏

وقد تعرض لها في التفسير أيضا كما سيأتي‏.‏

ويؤخذ من حاصل ما استقر عليه الحال من سبب نزولها ابتداء مشروعية السحور وهو المقصود في هذا المكان لأنه جعل هذه الترجمة مقدمة لأبواب السحور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا وَنَزَلَتْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ هو السبيعي، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق المذكور، وقد رواه الإسماعيلي من طريق يوسف بن موسى وغيره عن عبيد الله بن موسى شيخ البخاري فيه عن إسرائيل وزهير هو ابن معاوية كلاهما عن أبي إسحاق عن البراء زاد فيه ذكر زهير وساقه على لفظ إسرائيل، وقد رواه الدارمي وعبيد بن حميد في مسنديهما عن عبيد الله بن موسى فلم يذكرا زهيرا، وقد أخرجه النسائي من وجه آخر عن زهير به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي في أول افتراض الصيام، وبين ذلك ابن جرير في روايته من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنام قبل أن يفطر الخ‏)‏ في رواية زهير ‏"‏ كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئا ولا يشرب ليله ويومه حتى تغرب الشمس ‏"‏ ولأبي الشيخ من طريق زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق ‏"‏ كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئا من ذلك إلى مثلها ‏"‏ فاتفقت الروايات في حديث البراء على أن المنع من ذلك كان مقيدا بالنوم، وهذا هو المشهور في حديث غيره، وقيد المنع من ذلك في حديث ابن عباس بصلاة العتمة، أخرجه أبو داود بلفظ ‏"‏ كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة ‏"‏ ونحوه في حديث أبي هريرة كما سأذكره قريبا، وهذا أخص من حديث البراء من وجه آخر، ويحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنة النوم غالبا، والتقييد في الحقيقة إنما هو بالنوم كما في سائر الأحاديث، وبين السدي وغيره أن ذلك الحكم كان على وفق ما كتب على أهل الكتاب كما أخرجه ابن جرير من طريق السدي ولفظه ‏"‏ كتب على النصارى الصيام، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا بعد النوم، وكتب على المسلمين أولا مثل ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار ‏"‏ فذكر القصة‏.‏

ومن طريق إبراهيم التيمي ‏"‏ كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب‏:‏ إذا نام أحدهم لم يطعم حتى القابلة ‏"‏ ويؤيد هذا ما أخرجه مسلم من حديث عمرو بن العاص مرفوعا ‏"‏ فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن قيس بن صرمة‏)‏ بكسر الصاد المهملة وسكون الراء هكذا سمي في هذه الرواية، ولم يختلف على إسرائيل فيه إلا في رواية أبي أحمد الزبيري عنه فإنه قال ‏"‏ صرمة بن قيس ‏"‏ أخرجه أبو داود، ولأبي نعيم في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله، قال وكذا رواه أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس، ووقع عند أحمد والنسائي من طريق زهير عن أبي إسحاق أنه ‏"‏ أبو قيس ابن عمرو ‏"‏ وفي حديث السدي المذكور ‏"‏ حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة ‏"‏ ولابن حرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان بفتح المهملة وبالموحدة الثقيلة مرسلا ‏"‏ صرمة بن أبي أنس ‏"‏ ولغير ابن جرير من هذا الوجه ‏"‏ صرمة بن قيس ‏"‏ كما قال أبو أحمد الزبيري، وللذهلي في ‏"‏ الزهريات ‏"‏ من مرسل القاسم بن محمد ‏"‏ صرمة بن أنس ‏"‏ ولابن جرير من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏"‏ صرمة بن مالك ‏"‏ والجمع بين هذه الروايات أنه أبو قيس صرمة بن أبي أنس قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، كذا نسبه ابن عبد البر وغيره، فمن قال قيس بن صرمة قلبه كما جزم الداودي والسهيلي وغيرهما بأنه وقع مقلوبا في رواية حديث الباب، ومن قال صرمة بن مالك نسبه إلى جده، ومن قال صرمة بن أنس حذف أداة الكنية من أبيه، ومن قال أبو قيس بن عمرو أصاب كنيته وأخطأ في اسم أبيه، وكذا من قال أبو قيس بن صرمة، وكأنه أراد أن يقول أبو قيس صرمة فزاد فيه ابن، وقد صحفه بعضهم فرويناه في ‏"‏ جزء إبراهيم بن أبي ثابت ‏"‏ من طريق عطاء عن أبي هريرة قال ‏"‏ كان المسلمون إذا صلوا العشاء حرم عليهم الطعام والشراب والنساء، وأن ضمرة بن أنس الأنصاري غلبته عينه ‏"‏ الحديث‏.‏

وقد استدرك ابن الأثير في الصحابة ضمرة بن أنس في حرف الضاد المعجمة على من تقدمه، وهو تصحيف وتحريف ولم يتنبه له والصواب صرمة بن أبي أنس كما تقدم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏

وصرمة بن أبي أنس مشهور في الصحابة يكنى أبا قيس‏.‏

قال ابن إسحاق فيما أخرجه السراج في تاريخه من طريقه بإسناده إلى عويم بن ساعدة قال‏:‏ قال صرمة بن أبي أنس وهو يذكر النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مؤاتيا الأبيات‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ وصرمة هذا هو الذي نزل فيه ‏(‏كلوا واشربوا‏)‏ الآية‏.‏

قال‏:‏ وحدثني محمد ابن جعفر بن الزبير قال‏:‏ كان أبو قيس ممن فارق الأوثان في الجاهلية، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم وهو شيخ كبير، وهو القائل‏:‏ يقول أبو قيس وأصبح غاديا ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا الأبيات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال لها أعندك‏)‏ بكسر الكاف ‏(‏طعام‏؟‏ قالت لا، ولكن أنطلق أطلب لك‏)‏ ظاهره أنه لم يجئ معه بشيء، لكن في مرسل السدي أنه أتاها بتمر فقال‏:‏ استبدلي به طحينا واجعليه سخينا، فإن التمر أحرق جوفي‏.‏

وفيه‏:‏ لعلي آكله سخنا، وأنها استبدلته له وصنعته‏.‏

وفي مرسل ابن أبي ليلى‏:‏ فقال لأهله أطعموني‏.‏

فقالت‏:‏ حتى أجعل لك شيئا سخينا‏.‏

ووصله أبو داود من طريق ابن أبي ليلى فقال ‏"‏ حدثنا أصحاب محمد ‏"‏ فذكره مختصرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان يومه‏)‏ بالنصب ‏(‏يعمل‏)‏ أي في أرضه، وصرح بها أبو داود في روايته‏.‏

وفي مرسل السدي ‏"‏ كان يعمل في حيطان المدينة بالأجرة ‏"‏ فعلى هذا فقوله ‏"‏ في أرضه ‏"‏ إضافة اختصاص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فغلبته عيناه‏)‏ أي نام، وللكشميهني ‏"‏ عينه ‏"‏ بالإفراد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالت خيبة لك‏)‏ بالنصب وهو مفعول مطلق محذوف العامل، وقيل إذا كان بغير لام يجب نصبه وإلا جاز‏.‏

والخيبة الحرمان يقال خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما انتصف النهار غشي عليه‏)‏ في رواية أحمد ‏"‏ فأصبح صائما، فلما انتصف النهار ‏"‏ وفي رواية أبي داود ‏"‏ فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه ‏"‏ فيحمل الأول على أن الغشي وقع في آخر النصف الأول من النهار‏.‏

وفي رواية زهير عن أبي إسحاق ‏"‏ فلم يطعم شيئا وبات حتى أصبح صائما حتى انتصف النهار فغشي عليه ‏"‏ وفي مرسل السدي ‏"‏ فأيقظته، فكره أن يعصي الله وأبى أن يأكل ‏"‏ وفي مرسل محمد بن يحيى ‏"‏ فقالت له كل، فقال إني قد نمت‏.‏

فقالت لم تنم‏.‏

فأبى فأصبح جائعا مجهودا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد في رواية زكريا عند أبي الشيخ ‏"‏ وأتى عمر امرأته وقد نامت فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنزلت هذه الآية ‏(‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم‏)‏ ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت ‏(‏وكلوا واشربوا‏)‏ كذا في هذه الرواية وشرح الكرماني على ظاهرها فقال‏:‏ لما صار الرفث وهو الجماع هنا حلالا بعد أن كان حراما كان الأكل والشرب بطريق الأولى، فلذلك فرحوا بنزولها وفهموا منها الرخصة، هذا وجه مطابقة ذلك لقصة أبي قيس، قال‏:‏ ثم لما كان حلهما بطريق المفهوم نزل بعد ذلك ‏(‏وكلوا واشربوا‏)‏ ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحا، ثم قال‏:‏ أو المراد من الآية هي بتمامها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا هو المعتمد، وبه جزم السهيلي وقال‏:‏ إن الآية بتمامها نزلت في الأمرين معا وقدم ما يتعلق بعمر لفضله‏.‏

قلت‏:‏ وقد وقع في رواية أبي داود فنزلت ‏(‏أحل لكم ليلة الصيام‏)‏ إلى قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ فهذا يبين أن محل قوله ‏"‏ ففرحوا بها ‏"‏ بعد قوله‏:‏ ‏(‏الخيط الأسود‏)‏ ووقع ذلك صريحا في رواية زكريا بن أبي زائدة ولفظه ‏"‏ فنزلت ‏(‏أحل لكم - إلى قوله - من الفجر‏)‏ ففرح المسلمون بذلك ‏"‏ وسيأتي بيان قصة عمر في تفسير سورة البقرة مع بقية تفسير الآية المذكورة إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:18 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ حذف التشكيل

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ فِيهِ الْبَرَاءُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل‏:‏ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم‏)‏ ساق إلى قوله‏:‏ ‏(‏إلى الليل‏)‏ وهذه الترجمة سيقت لبيان انتهاء وقت الأكل وغيره الذي أبيح بعد أن كان ممنوعا، واستفيد من حديث سهل الذي في هذا الباب أن ذكر نزول الآية في حديث البراء أريد به معظمها وهو أن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ تأخر نزوله عن بقية الآية مع أنه ليس في حديث البراء التصريح بأن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ نزل أولا فإن رواية حديث الباب فيها إلى قوله‏:‏ ‏(‏الخيط الأسود‏)‏ ورواية أبي داود وأبي الشيخ فيها إلى قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ فيحمل الثاني على أن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ لم يدخل في الغاية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيه البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يريد الحديث الذي مضى قبله وهو موصول كما تقدم‏.‏

ثم أورد المصنف في الباب حديثين‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني حصين‏)‏ ، روى الطحاوي من طريق إسماعيل بن سالم عن هشيم أنبأنا حصين ومجالد، وكذا أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع عن هشيم إلا أنه فرقهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عدي بن حاتم‏)‏ في رواية الترمذي ‏"‏ أخبرني عدي بن حاتم ‏"‏ وكذا أخرجه ابن خزيمة عن أحمد بن منيع، وهكذا أورده أبو عوانة من طريق أبي عبيد عن هشيم عن حصين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما نزلت‏:‏ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏.‏

عمدت الخ‏)‏ ظاهره أن عديا كان حاضرا لما نزلت هذه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه، وليس كذلك لأن نزول فرض الصوم كان متقدما في أوائل الهجرة، وإسلام عدي كان في التاسعة أو العاشرة كما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، فإما أن يقال إن الآية التي في حديث الباب تأخر نزولها عن نزول فرض الصوم وهو بعيد جدا، وإما أن يؤول قول عدي هذا على أن المراد بقوله ‏"‏ لما نزلت ‏"‏ أي لما تليت علي عند إسلامي، أو لما بلغني نزول الآية أو في السياق حذف تقديره لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت وتعلمت الشرائع عمدت، وقد روى أحمد حديثه من طريق مجالد بلفظ ‏"‏ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام فقال‏:‏ صل كذا وصم كذا، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏.‏

قال‏:‏ فأخذت خيطين ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلى عقال‏)‏ بكسر المهملة أي حبل وفي رواية مجالد ‏"‏ فأخذت خيطين من شعر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي‏)‏ في رواية مجالد ‏"‏ فلا أستبين الأبيض من الأسود‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال إنما ذلك‏)‏ زاد أبو عبيد ‏"‏ إن وسادك إذا لعريض ‏"‏ وكذا لأحمد عن هشيم، وللإسماعيلي عن يوسف القاضي عن محمد بن الصباح عن هشيم ‏"‏ قال فضحك وقال‏:‏ إن كان وسادك إذا لعريضا ‏"‏ وهذه الزيادة أوردها المصنف في تفسير البقرة من طريق أبي عوانة عن حصين وزاد ‏"‏ إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادتك ‏"‏ وفي رواية أبي إدريس عن حصين عند مسلم ‏"‏ إن وسادك لعريض طويل ‏"‏ وللمصنف في التفسير من طريق جرير عن مطرف عن الشعبي ‏"‏ إنك لعريض القفا ‏"‏ ولأبي عوانة من طريق إبراهيم بن طهمان عن مطرف ‏"‏ فضحك وقال‏:‏ لا يا عريض القفا ‏"‏ قال الخطابي في ‏"‏ المعالم ‏"‏ في قوله ‏"‏ إن وسادك لعريض ‏"‏ قولان‏:‏ أحدهما يريد أن نومك لكثير، وكنى بالوسادة عن النوم لأن النائم يتوسد، أو أراد أن ليلك لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل حتى يتبين لك العقال، والقول الآخر أنه كنى بالوسادة عن الموضع الذي يضعه من رأسه وعنقه على الوسادة إذا نام، والعرب تقول فلان عريض القفا إذا كان فيه غباوة وغفلة، وقد روي في هذا الحديث من طريق أخرى ‏"‏ إنك عريض القفا ‏"‏ وجزم الزمخشري بالتأويل الثاني فقال‏:‏ إنما عرض النبي صلى الله عليه وسلم قفا عدي لأنه غفل عن البيان، وعرض القفا مما يستدل به على قلة الفطنة، وأنشد في ذلك شعرا، وقد أنكر ذلك كثير منهم القرطبي فقال‏:‏ حمله بعض الناس على الذم له على ذلك الفهم وكأنهم فهموا أنه نسبه إلى الجهل والجفاء وعدم الفقه، وعضدوا ذلك بقوله ‏"‏ إنك عريض القفا ‏"‏ وليس الأمر على ما قالوه لأن من حمل اللفظ على حقيقته اللسانية التي هي الأصل إن لم يتبين له دليل التجوز لم يستحق ذما ولا ينسب إلى جهل، وإنما عنى والله أعلم أن وسادك إن كان يغطي الخيطين اللذين أراد الله فهو إذا عريض واسع، ولهذا قال في أثر ذلك‏:‏ إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار، فكأنه قال‏:‏ فكيف يدخلان تحت وسادتك‏؟‏ وقوله ‏"‏ إنك لعريض القفا ‏"‏ أي إن الوساد الذي يغطي الليل والنهار لا يرقد عليه إلا قفا عريض للمناسبة‏.‏

قلت‏:‏ وترجم عليه ابن حبان ‏"‏ ذكر البيان بأن العرب تتفاوت لغاتها ‏"‏ وأشار بذلك إلى أن عديا لم يكن يعرف في لغته أن سواد الليل وبياض النهار يعبر عنهما بالخيط الأسود والخيط الأبيض‏.‏

وساق هذا الحديث‏.‏

قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ في حديث عدي جواز التوبيخ بالكلام النادر الذي يسير فيصير مثلا بشرط صحة القصد ووجود الشرط عند أمن الغلو في ذلك فإنه مزلة القدم إلا لمن عصمه الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ح حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُنْزِلَتْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْ الْفَجْرِ فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ مِنْ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه، وحدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان حدثني أبو حازم‏)‏ كذا أخرجه البخاري عن سعيد عن شيخين له، وأعاده في التفسير عن سعيد عن أبي غسان وحده، وظهر من سياقه أن اللفظ هنا لأبي غسان‏.‏

وقد أخرجه ابن خزيمة عن الذهلي عن سعيد عن شيخيه وبين أبو نعيم في المستخرج أن لفظهما واحد‏.‏

وقد أخرجه مسلم وابن أبي حاتم وأبو عوانة والطحاوي في آخرين من طريق سعيد عن أبي غسان وحده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان رجال‏)‏ لم أقف على تسمية أحد منهم، ولا يحسن أن يفسر بعضهم بعدي بن حاتم لأن قصة عدي متأخرة عن ذلك كما سبق ويأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ربط أحدهم في رجليه‏)‏ في رواية فضيل بن سليمان عن أبي حازم عند مسلم ‏"‏ لما نزلت هذه الآية جعل الرجل يأخذ خيطا أبيض وخيطا أسود فيضعهما تحت وسادته فينظر متى يستبينهما ‏"‏ ولا منافاة بينهما لاحتمال أن يكون بعضهم فعل هذا وبعضهم فعل هذا، أو يكونوا يجعلونهما تحت الوسادة إلى السحر فيربطونهما حينئذ في أرجلهم ليشاهدوهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يتبين‏)‏ كذا للأكثر بالتشديد، وللكشميهني ‏"‏ حتى يستبين ‏"‏ بفتح أوله وسكون المهملة والتخفيف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رؤيتهما‏)‏ كذا لأبي ذر‏.‏

وفي رواية النسفي ‏"‏ رئيهما ‏"‏ بكسر أوله وسكون الهمزة وضم التحتانية، ولمسلم من هذا الوجه ‏"‏ زيهما ‏"‏ بكسر الزاي وتشديد التحتانية، قال صاحب ‏"‏ المطالع ‏"‏ ضبطت هذه اللفظة على ثلاثة أوجه ثالثها بفتح الراء وقد تكسر بعدها همزة ثم تحتانية مشددة‏.‏

قال عياض‏:‏ ولا وجه له إلا بضرب من التأويل، وكأنه رئي بمعنى مرئي، والمعروف أن الرئي التابع من الجن فيحتمل أن يكون من هذا الأصل لترائيه لمن معه من الإنس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأنزل الله بعد‏:‏ من الفجر‏)‏ قال القرطبي‏:‏ حديث عدي يقتضي أن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ زل متصلا بقوله‏:‏ ‏(‏من الخيط الأسود‏)‏ بخلاف حديث سهل فإنه ظاهر في أن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ نزل بعد ذلك لرفع ما وقع لهم من الإشكال‏.‏

قال‏:‏ وقد قيل إنه كان بين نزولهما عام كامل، قال‏:‏ فأما عدي فحمل الخيط على حقيقته وفهم من قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ من أجل الفجر ففعل ما فعل‏.‏

قال‏:‏ والجمع بينهما أن حديث عدي متأخر عن حديث سهل، فكأن عديا لم يبلغه ما جرى في حديث سهل، وإنما سمع الآية مجردة ففهمها على ما وقع له فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بقوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ أن ينفصل أحد الخيطين عن الآخر، وأن قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ متعلق بقوله ‏"‏ يتبين ‏"‏ قال‏:‏ ويحتمل أن تكون القصتان في حالة واحدة وأن بعض الرواة - يعني في قصة عدي - تلا الآية تامة كما ثبت في القرآن وإن كان حال النزول إنما نزلت مفرقة كما ثبت في حديث سهل‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الثاني ضعيف لأن قصة عدي متأخرة لتأخر إسلامه كما قدمته، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أبي أسامة عن مجالد في حديث عدي ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أخبره بما صنع‏:‏ يا ابن حاتم ألم أقل لك من الفجر ‏"‏ وللطبراني من وجه آخر عن مجالد وغيره ‏"‏ فقال عدي‏:‏ يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظته غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إني بت البارحة معي خيطان أنظر إلى هذا وإلى هذا، قال‏:‏ إنما هو الذي في السماء ‏"‏ فتبين أن قصة عدي مغايرة لقصة سهل، فأما من ذكر في حديث سهل فحملوا الخيط على ظاهره، فلما نزل ‏"‏ من الفجر ‏"‏ علموا المراد فلذلك قال سهل في حديثه ‏"‏ فعلموا أنما يعني الليل والنهار ‏"‏ وأما عدي فكأنه لم يكن في لغة قومه استعارة الخيط للصبح، وحمل قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ على السببية فظن أن الغاية تنتهي إلى أن يظهر تمييز أحد الخيطين من الآخر بضياء الفجر، أو نسي قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ حتى ذكره بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الاستعارة معروفة عند بعض العرب، قال الشاعر‏:‏ ولما تبدت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا قوله‏:‏ ‏(‏فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فعلموا أنه يعني ‏"‏ وقد وقع في حديث عدي ‏"‏ سواد الليل وبياض النهار ‏"‏ ومعنى الآية حتى يظهر بياض النهار من سواد الليل، وهذا البيان يحصل بطلوع الفجر الصادق ففيه دلالة على أن ما بعد الفجر من النهار‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ المراد بالخيط الأسود الليل وبالخيط الأبيض الفجر الصادق، والخيط اللون، وقيل المراد بالأبيض أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود، وبالأسود ما يمتد معه من غبش الليل شبيها بالخيط، قاله الزمخشري‏.‏

قال‏:‏ وقوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ بيان للخيط الأبيض، واكتفى به عن بيان الخيط الأسود لأن بيان أحدهما بيان للآخر‏.‏

قال‏:‏ ويجوز أن تكون ‏"‏ من ‏"‏ للتبعيض لأنه بعض الفجر، وقد أخرجه قوله‏:‏ ‏(‏من الفجر‏)‏ من الاستعارة إلى التشبيه، كما أن قولهم رأيت أسدا مجاز فإذا زدت فيه من فلان رجع تشبيها‏.‏

ثم قال‏:‏ كيف جاز تأخير البيان وهو يشبه العبث لأنه قبل نزول ‏(‏من الفجر‏)‏ لا يفهم منه إلا الحقيقة وهي غير مرادة، ثم أجاب بأن من لا يجوزه - وهم أكثر الفقهاء والمتكلمين - لم يصح عندهم حديث سهل، وأما من يجوزه فيقول ليس بعبث لأن المخاطب يستفيد منه وجوب الخطاب ويعزم على فعله إذا استوضح المراد به‏.‏

انتهى‏.‏

ونقله في التجويز عن الأكثر فيه نظر كما سيأتي، وجوابه عنهم بعدم صحة الحديث مردود ولم يقل به أحد من الفريقين لأنه مما اتفق الشيخان على صحته وتلقته الأمة بالقبول، ومسألة تأخير البيان مشهورة في كتب الأصول، وفيها خلاف بين العلماء من المتكلمين وغيرهم، وقد حكى ابن السمعاني في أصل المسألة عن الشافعية أربعة أوجه‏:‏ الجواز مطلقا عن ابن سريج والأصطخري وابن أبي هريرة وابن خيران، والمنع مطلقا عن أبي إسحاق المروزي والقاضي أبي حامد والصيرفي، ثالثها جواز تأخير بيان المجمل دون العام‏.‏

رابعها عكسه وكلاهما عن بعض الشافعية‏.‏

وقال ابن الحاجب‏:‏ تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع إلا عند مجوز تكليف ما لا يطاق، يعني وهم الأشاعرة فيجوزونه وأكثرهم يقولون لم يقع‏.‏

قال شارحه‏:‏ والخطاب المحتاج إلى البيان ضربان‏:‏ أحدهما ماله ظاهر وقد استعمل في خلافه، والثاني ما لا ظاهر له فقال طائفة من الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية‏:‏ يجوز تأخيره عن وقت الخطاب، واختاره الفخر الرازي وابن الحاجب وغيرهم، ومال بعض الحنفية والحنابلة كلهم إلى امتناعه‏.‏

وقال الكرخي يمتنع في غير المجمل، وإذا تقرر ذلك فقد قال النووي تبعا لعياض‏:‏ وإنما حمل الخيط الأبيض والأسود على ظاهرهما بعض من لا فقه عنده من الأعراب كالرجال الذين حكي عنهم سهل وبعض من لم يكن في لغته استعمال الخيط في الصبح كعدي، وادعى الطحاوي والداودي أنه من باب النسخ وأن الحكم كان أولا على ظاهره المفهوم من الخيطين، واستدل على ذلك بما نقل عن حذيفة وغيره من جواز الأكل إلى الإسفار، قال‏:‏ ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى ‏(‏من الفجر‏)‏ ‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيد ما قاله ما رواه عبد الرزاق بإسناد رجاله ثقات ‏"‏ أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال‏:‏ الصلاة يا رسول الله، قد والله أصبحت‏.‏

فقال‏:‏ يرحم الله بلالا، لولا بلال لرجونا أن يرخص لنا حتى تطلع الشمس ‏"‏ ويستفاد من هذا الحديث - كما قال عياض - وجوب التوقف عن الألفاظ المشتركة وطلب بيان المراد منها وأنها لا تحمل على أظهر وجوهها وأكثر استعمالاتها إلا عند عدم البيان‏.‏

وقال ابن بزيزة في ‏"‏ شرح الأحكام ‏"‏‏:‏ ليس هذا من باب تأخير بيان المجملات، لأن الصحابة عملوا أولا على ما سبق إلى أفهامهم بمقتضى اللسان فعلى هذا فهو من باب تأخير ما له ظاهر أريد به خلاف ظاهره‏.‏

قلت‏:‏ وكلامه يقتضي أن جميع الصحابة فعلوا ما نقله سهل ابن سعد، وفيه نظر، واستدل بالآية والحديث على أن غاية الأكل والشرب طلوع الفجر فلو طلع الفجر وهو يأكل أو يشرب فنزع تم صومه، وفيه اختلاف بين العلماء‏.‏

ولو أكل ظانا أن الفجر لم يطلع لم يفسد صومه عند الجمهور لأن الآية دلت على الإباحة إلى أن يحصل التبيين، وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال ‏"‏ أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت ‏"‏ ولابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر نحوه، وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحى قال ‏"‏ سأل رجل ابن عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه‏:‏ كل حتى لا تشك، فقال ابن عباس‏:‏ إن هذا لا يقول شيئا كل ما شككت حتى لا تشك ‏"‏ قال ابن المنذر‏:‏ وإلى هذا القول صار أكثر العلماء‏.‏

وقال مالك يقضي‏.‏

وقال ابن بزيزة في ‏"‏ شرح الأحكام ‏"‏‏:‏ اختلفوا هل يحرم الأكل بطلوع الفجر أو بتبينه عند الناظر تمسكا بظاهر الآية، واختلفوا هل يجب إمساك جزء قبل طلوع الفجر أم لا بناء على الاختلاف المشهور في مقدمة الواجب، وسنذكر بقية هذا البحث في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: