foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:19 pm

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ لا يمنعكم ‏"‏ بسكون العين بغير تأكيد، قال ابن بطال‏:‏ لم يصح عند البخاري لفظ الترجمة؛ فاستخرج معناه من حديث عائشة‏.‏

وقد روى لفظ الترجمة وكيع من حديث سمرة مرفوعا ‏"‏ لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق‏"‏‏.‏

وقال الترمذي‏:‏ هو حديث حسن ا هـ‏.‏

وحديث سمرة عند مسلم أيضا لكن لم يتعين في مراد البخاري، إنه قد صح أيضا على شرطه حديث ابن مسعود بلفظ ‏"‏ لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم ‏"‏ الحديث، وقد تقدم في أبواب الأذان في ‏"‏ باب الأذان قبل الفجر ‏"‏ وأخرج عنه حديث عبيد الله بن عمر عن شيخيه القاسم ونافع كما أخرجه هنا، فالظاهر أنه مراده بما ذكره في هذه الترجمة، وقد تقدم الكلام على حديث عبيد الله بن عمر هناك‏.‏

وفي حديث سمرة الذي أخرجه مسلم بيان لما أبهم في حديث ابن مسعود، وذلك أن في حديث ابن مسعود ‏"‏ وليس الفجر أن يقول -‏.‏

ورفع بأصابعه إلى فوق وطأطأ إلى أسفل - حتى يقول هكذا ‏"‏ وفي حديث سمرة عند مسلم ‏"‏ لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا ‏"‏ يعني معترضا‏.‏

وفي رواية ‏"‏ ولا هذا البياض حتى يستطير ‏"‏ وقد تقدم لفظ رواية الترمذي، وله من حديث طلق بن علي ‏"‏ كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر ‏"‏ وقوله ‏"‏ يهيدنكم ‏"‏ بكسر الهاء أي يزعجنكم فتمتنعوا به عن السحور فإنه الفجر الكاذب، يقال هدته أهيده إذا أزعجته، وأصل الهيد بالكسر الحركة‏.‏

ولابن أبي شيبة عن ثوبان مرفوعا ‏"‏ الفجر فجران‏:‏ فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه، ولكن المستطير ‏"‏ أي هو الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة، وهذا موافق للآية الماضية في الباب قبله‏.‏

وذهب جماعة من الصحابة - وقال به الأعمش من التابعين وصاحبه أبو بكر بن عياش - إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر، فروى سعيد بن منصور عن أبي الأحوص عن عاصم عن زر عن حذيفة قال ‏"‏ تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والله النهار غير أن الشمس لم تطلع ‏"‏ وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن عاصم نحوه، وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة، وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي أنه صلى الصبح ثم قال‏:‏ الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت، ثم حكى ما تقدم عن أبي بكر وغيره‏.‏

وروي بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي - وله صحبة - أن أبا بكر قال له ‏"‏ أخرج فانظر هل طلع الفجر‏؟‏ قال فنظرت ثم أتيته فقلت‏:‏ قد ابيض وسطع، ثم قال‏:‏ أخرج فانظر هل طلع‏؟‏ فنظرت فقلت‏:‏ قد اعترض‏.‏

قال‏:‏ الآن أبلغني شرابي ‏"‏ وروي من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال ‏"‏ لولا الشهوة لصليت الغداة ثم تسحرت ‏"‏ قال إسحاق‏:‏ هؤلاء رأوا جواز الأكل والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل‏.‏

قال إسحاق‏:‏ وبالقول الأول أقول، لكن لا أطعن على من تأول الرخصة كالقول الثاني ولا أرى له قضاء ولا كفارة‏.‏

قلت‏:‏ وفي هذا تعقب على الموفق وغيره حيث نقلوا الإجماع على خلاف ما ذهب إليه الأعمش، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَالَ الْقَاسِمُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلَّا أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن عمر والقاسم بن محمد‏)‏ بالجر عطفا على نافع لا على ابن عمر، لأن عبيد الله بن عمر رواه عن نافع عن ابن عمر وعن القاسم عن عائشة، وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت‏.‏

*3* باب تَأْخِيرِ السَّحُورِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تعجيل السحور‏)‏ أي الإسراع بالأكل إشارة إلى أن السحور كان يقع قرب طلوع الفجر‏.‏

وروى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه ‏"‏ كنا ننصرف - أي من صلاة الليل - فنستعجل بالطعام مخافة الفجر ‏"‏ قال ابن بطال ولو ترجم له بباب تأخير السحور لكان حسنا، وتعقبه مغلطاي بأنه وجد في نسخة أخرى من البخاري ‏"‏ باب تأخير السحور ‏"‏ ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري التي وقعت لنا‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ التعجيل من الأمور النسبية، فإن نسب إلى أول الوقت كان معناه التقديم وإن نسب إلى آخره كان معناه التأخير، وإنما سماه البخاري تعجيلا إشارة منه إلى أن الصحابي كان يسابق بسحوره الفجر عند خوف طلوعه وخوف فوات الصلاة بمقدار ذهابه إلى المسجد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه أبي حازم‏)‏ أشار الإسماعيلي إلى أن عبد العزيز بن أبي حازم لم يسمعه من أبيه، فأخرج من طريق مصعب الزبيري عن أبي حازم عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي حازم عن سهل، ثم رواه من طريق أخرى عن عبد الله بن عامر عن أبي حازم‏.‏

وعبد الله بن عامر هو الأسلمي فيه ضعف، وأشار الإسماعيلي إلى تعليل الحديث بذلك‏.‏

ومصعب بن عبد الله الزبيري لا يقاوم الحفاظ الذين رووه عن عبد العزيز عن أبيه بغير واسطة فزيادته شاذة، ويحتمل أن يكون عبد العزيز سمع من عبد الله بن عامر فيه عن أبيه زيادة لم تكن فيما سمعه من أبيه فلذلك حدث به تارة عن أبيه بلا واسطة وتارة بالواسطة‏.‏

وقد أخرجه البخاري في المواقيت من وجه آخر عن أبي حازم فبطل التعليل برواية عبد العزيز بن أبي حازم، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم تكون سرعتي‏)‏ في رواية سليمان بن بلال ‏"‏ ثم تكون سرعة بي ‏"‏ وسرعة بالضم على أن كان تامة ولفظ ‏"‏ بي ‏"‏ متعلق بسرعة أو ليست تامة و ‏"‏ بي ‏"‏ الخبر أو قوله ‏"‏ أن أدرك‏"‏، ويجوز النصب على أنها خبر كان والاسم ضمير يرجع إلى ما يدل عليه لفظ السرعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أدرك السحور‏)‏ كذا في رواية الكشميهني، وللنسفي والجمهور ‏"‏ أن أدرك السجود ‏"‏ وهو الصواب، ويؤيده أن في الرواية المتقدمة في المواقيت ‏"‏ أن أدرك صلاة الفجر ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ صلاة الصبح ‏"‏ وفي رواية أخرى ‏"‏ صلاة الغداة‏"‏‏.‏

قال عياض‏:‏ مراد سهل بن سعد أن غاية إسراعه أن سحوره لقربه من طلوع الفجر كان بحيث لا يكاد أن يدرك صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولشدة تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبح‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ المراد أنهم كانوا يزاحمون بالسحور الفجر فيختصرون فيه ويستعجلون خوف الفوات‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قال المزي‏:‏ ذكر خلف أن البخاري أخرج هذا الحديث في الصوم عن محمد بن عبيد الله وقتيبة كلاهما عن عبد العزيز، قال‏:‏ ولم نجده في الصحيح ولا ذكره أبو مسعود‏.‏

قلت‏:‏ ورأيت هنا بخط القطب ومغلطاي ‏"‏ محمد بن عبيد ‏"‏ بغير إضافة، وهو غلط والصواب ‏"‏ محمد بن عبيد الله ‏"‏ وهو أبو ثابت المدني مشهور من كبار شيوخ البخاري‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:19 pm

*3* باب قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر‏)‏ أي انتهاء السحور وابتداء الصلاة، لأن المراد تقدير الزمان الذي ترك فيه الأكل، والمراد بفعل الصلاة أول الشروع فيها قاله الزين بن المنير‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ سبق في المواقيت من طريق سعيد عن قتادة قال ‏"‏ قلت لأنس‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت كم‏)‏ هو مقول أنس، والمقول له زيد بن ثابت، وقد تقدم بيان ذلك في المواقيت وأن قتادة أيضا سأل أنسا عن ذلك، ورواه أحمد أيضا عن يزيد بن هارون عن همام وفيه أن أنسا قال ‏"‏ قلت لزيد ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏قال قدر خمسين آية‏)‏ أي متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة، وقدر بالرفع على أنه خبر المبتدأ، ويجوز النصب على أنه خبر كان المقدرة في جواب زيد لا في سؤال أنس لئلا تصير كان واسمها من قائل والخبر من آخر‏.‏

قال المهلب وغيره‏:‏ فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر الأوقات بالأعمال كقوله‏:‏ قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، ولو كانوا يقدرون بغير العمل لقال مثلا قدر درجة أو ثلث خمس ساعة‏.‏

وقال ابن أبي جمرة‏:‏ فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة‏.‏

وفيه تأخير السحور لكونه أبلغ في المقصود‏.‏

قال ابن أبي جمرة‏:‏ كان صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر‏.‏

وقال‏:‏ فيه أيضا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان‏.‏

قال‏:‏ وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة، لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله ‏"‏ تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ولم يقل نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يشعر لفظ المعية بالتبعية‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة ‏"‏ هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع ‏"‏ انتهى، والجواب أن لا معارضة بل تحمل على اختلاف الحال، فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة، فتكون قصة حذيفة سابقة، وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بإسناد هذا الحديث في المواقيت وكونه من مسند زيد بن ثابت أو من مسند أنس‏.‏

*3* باب بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ حذف التشكيل

لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرْ السَّحُورُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب بركة السحور من غير إيجاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واصلوا ولم يذكر السحور‏)‏ بضم ‏"‏ يذكر ‏"‏ على البناء للمجهول، وللكشميهني والنسفي ‏"‏ ولم يذكر سحور ‏"‏ قال الزين بن المنير‏:‏ الاستدلال على الحكم إنما يفتقر إليه إذا ثبت الاختلاف أو كان متوقعا، والسحور إنما هو أكل للشهوة وحفظ القوة، لكن لما جاء الأمر به احتاج أن يبين أنه ليس على ظاهره من الإيجاب، وكذا النهي عن الوصال يستلزم الأمر بالأكل قبل طلوع الفجر‏.‏

انتهى‏.‏

وتعقب بأن النهي عن الوصال إنما هو أمر بالفصل بين الصوم والفطر، فهو أعم من الأكل آخر الليل فلا يتعين السحور، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ندبية السحور‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ في هذه الترجمة غفلة من البخاري لأنه قد أخرج بعد هذا حديث أبي سعيد ‏"‏ أيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر ‏"‏ فجعل غاية الوصال السحر وهو وقت السحور، قال‏:‏ والمفسر يقضي على المجمل، انتهى‏.‏

وقد تلقاه جماعة بعده بالتسليم، وتعقبه ابن المنير في الحاشية بأن البخاري لم يترجم على عدم مشروعية السحور وإنما ترجم على عدم إيجابه‏.‏

وأخذ من الوصال أن السحور ليس بواجب، وحيث نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال لم يكن على سبيل تحريم الوصال وإنما هو نهي إرشاد لتعليله إياه بالإشفاق عليهم، وليس في ذلك إيجاب للسحور، ولما ثبت أن النهي عن الوصال للكراهة فضد نهي الكراهة الاستحباب فثبت استحباب السحور، كذا قال‏.‏

ومسألة الوصال مختلف فيها، والراجح عند الشافعية التحريم‏.‏

والذي يظهر لي أن البخاري أراد بقوله ‏"‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واصلوا الخ ‏"‏ الإشارة إلى حديث أبي هريرة الآتي بعد خمسة وعشرين بابا فيه بعد النهي عن الوصال أنه ‏"‏ واصل بهم يوما ثم يوما، ثم رأوا الهلال فقال‏:‏ لو تأخر لزدتكم ‏"‏ فدل ذلك على أن السحور ليس بحتم، إذ لو كان حتما ما واصل بهم فإن الوصال يستلزم ترك السحور سواء قلنا الوصال حرام أو لا، وسيأتي الكلام على اختلاف العلماء في حكم الوصال وعلى حديث ابن عمر أيضا في الباب المشار إليه إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله ‏"‏أظل ‏"‏ بفتح الهمزة والظاء القائمة المعجمة مضارع ظللت إذا عملت بالنهار، وسيأتي هناك بلفظ ‏"‏ أبيت ‏"‏ وهو دال على أن استعمال أظل هنا ليس مقيدا بالنهار‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏تسحروا فإن في السحور بركة‏)‏ هو بفتح السين وبضمها، لأن المراد بالبركة الأجر والثواب فيناسب الضم لأنه مصدر بمعنى التسحر، أو البركة لكونه يقوي على الصوم وينشط له ويخفف المشقة فيه فيناسب الفتح لأنه ما يتسحر به، وقيل البركة ما يتضمن من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة، وهي اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوى به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم‏.‏

قال‏:‏ ومما يعلل به استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب لأنه ممتنع عندهم، وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية‏.‏

وقال أيضا‏:‏ وقع للمتصوفة في مسألة السحور كلام من جهة اعتبار حكم الصوم وهي كسر شهوة البطن والفرج، والسحور قد يباين ذلك‏.‏

قال‏:‏ والصواب أن يقال ما زاد في المقدار حتى تنعدم هذه الحكمة بالكلية فليس بمستحب كالذي صنعه المترفون من التأنق في المآكل وكثرة الاستعداد لها، وما عدا ذلك تختلف مراتبه‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ يحصل السحور بأقل ما يتناوله المرء من مأكول ومشروب‏.‏

وقد أخرج هذا الحديث أحمد من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ ‏"‏ السحور بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ‏"‏ ولسعيد بن منصور من طريق أخرى مرسلة ‏"‏ تسحروا ولو بلقمة‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:21 pm

*3* باب إِذَا نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا حذف التشكيل

وَقَالَتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ فَإِنْ قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا نوى بالنهار صوما‏)‏ أي هل يصح مطلقا أو لا‏؟‏ وللعلماء في ذلك اختلاف، فمنهم من فرق بين القرض والنفل، ومنهم من خص جواز النفل بما قبل الزوال، وسيأتي بيان ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت أم الدرداء كان أبو الدرداء يقول‏:‏ عندكم طعام‏؟‏ فإن قلنا لا قال‏:‏ فإني صائم يومي هذا‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي قلابة عن أم الدرداء قالت ‏"‏ كان أبو الدرداء يغدونا أحيانا ضحى فيسأل الغداء، فربما لم يوافقه عندنا فيقول‏:‏ إذا أنا صائم ‏"‏ وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي إدريس وعن أيوب عن أبي قلابة عن أم الدرداء، وعن معمر عن قتادة ‏"‏ أن أبا الدرداء كان إذا أصبح سأل أهله الغداء، فإن لم يكن قال‏:‏ أنا صائم‏"‏، وعن ابن جريج عن عطاء عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أنه ‏"‏ كان يأتي أهله حين ينتصف النهار ‏"‏ فذكر نحوه، ومن طريق شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أنه ‏"‏ كان ربما دعا بالغداء فلا يجده، فيفرض عليه الصوم ذلك اليوم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة‏)‏ أما أثر أبي طلحة فوصله عبد الرزاق من طريق قتادة وابن أبي شيبة من طريق حميد كلاهما عن أنس، ولفظ قتادة ‏"‏ أن أبا طلحة كان يأتي أهله فيقول‏:‏ هل من غداء‏؟‏ فإن قالوا لا صام يومه ذلك ‏"‏ قال قتادة‏:‏ وكان معاذ بن جبل يفعله، ولفظ حميد نحوه وزاد ‏"‏ وإن كان عندهم أفطر ‏"‏ ولم يذكر قصة معاذ‏.‏

وأما أثر أبي هريرة فوصله البيهقي من طريق ابن أبي ذئب عن حمزة عن يحيى عن سعيد بن المسيب قال ‏"‏ رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق، ثم يأتي أهله فيقول‏:‏ عندكم شيء‏؟‏ فإن قالوا لا قال‏:‏ فأنا صائم ‏"‏ ورواه عبد الرزاق بسند آخر فيه انقطاع أن أبا هريرة وأبا طلحة فذكر معناه‏.‏

وأما أثر ابن عباس فوصله الطحاوي من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه ‏"‏ كان يصبح حتى يظهر ثم يقول‏:‏ والله لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصومن يومي هذا ‏"‏ وأما أثر حذيفة فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي قال‏:‏ قال حذيفة ‏"‏ من بدا له الصيام بعد ما تزول الشمس فليصم ‏"‏ وفي رواية ابن أبي شيبة ‏"‏ أن حذيفة بدا له في الصوم بعدما زالت الشمس فصام ‏"‏ وقد جاء نحو ما ذكرنا عن أبي الدرداء مرفوعا من حديث عائشة أخرجه مسلم وأصحاب السنن من طريق طلحة بن يحيى بن طلحة عن عمته عائشة بنت طلحة‏.‏

وفي رواية له ‏"‏ حدثتني عائشة بتت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت‏:‏ دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال‏:‏ هل عندكم شيء‏؟‏ قلنا لا‏.‏

قال‏:‏ فإني إذا صائم ‏"‏ الحديث‏.‏

ورواه النسائي والطيالسي من طريق سماك عن عكرمة عن عائشة نحوه ولم يسم النسائي عكرمة‏.‏

قال النووي‏:‏ في هذا الحديث دليل للجمهور في أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل زوال الشمس، وتأوله الآخرون على أن سؤاله ‏"‏ هل عندكم شيء ‏"‏ لكونه كأن نوى الصوم من الليل ثم ضعف عنه وأراد الفطر لذلك‏.‏

قال‏:‏ وهو تأويل فاسد وتكلف بعيد‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ اختلفوا فيمن أصبح يريد الإفطار، ثم بدا له أن يصوم تطوعا‏.‏

فقالت طائفة‏:‏ له أن يصوم متى بدا له، فذكر عمن تقدم، وزاد ابن مسعود وأبا أيوب وغيرهما، وساق ذلك بأسانيده إليهم‏.‏

قال‏:‏ وبه قال الشافعي وأحمد، قال‏:‏ وقال ابن عمر ‏"‏ لا يصوم تطوعا حتى يجمع من الليل أو يتسحر ‏"‏ وقال مالك في النافلة ‏"‏ لا يصوم إلا أن يبيت، إلا إن كان يسرد الصوم فلا يحتاج إلى التبييت ‏"‏ وقال أهل الرأي‏:‏ من أصبح مفطرا ثم بدا له أن يصوم قبل منتصف النهار أجزأه، وإن بدا له ذلك بعد الزوال لم يجزه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا هو الأصح عند الشافعية، والذي نقله ابن المنذر عن الشافعي من الجواز مطلقا سواء كان قبل الزوال أو بعده هو أحد القولين للشافعي، والذي نص عليه في معظم كتبه التفرقة، والمعروف عن مالك والليث وابن أبي ذئب أنه لا يصح صيام التطوع إلا بنية من الليل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سلمة بن الأكوع‏)‏ في رواية يحيى وهو القطان ‏"‏ عن يزيد بن أبي عبيد حدثنا سلمة بن الأكوع ‏"‏ كما سيأتي في خبر الواحد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا ينادي في الناس‏)‏ في رواية يحيى ‏"‏ قال لرجل من أسلم أذن في قومك ‏"‏ واسم هذا الرجل هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي له ولأبيه ولعمه هند بن حارثة صحبة، أخرج حديثه أحمد وابن أبي خيثمة من طريق ابن إسحاق ‏"‏ حدثني عبد الله بن أبي بكر عن حبيب ابن هند بن أسماء الأسلمي عن أبيه قال‏:‏ بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم فقال‏:‏ مر قومك أن يصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه فليصم آخره ‏"‏ وروى أحمد أيضا من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند قال‏:‏ وكان هند من أصحاب الحديبية وأخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بالصيام يوم عاشوراء، قال ‏"‏ فحدثني يحيى بن هند عن أسماء ابن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه فقال‏:‏ مر قومك بصيام هذا اليوم‏.‏

قال أرأيت إن وجدتهم قد طعموا‏؟‏ قال‏:‏ فليتموا آخر يومهم ‏"‏ قلت‏:‏ فيحتمل أن يكون كل من أسماء وولده هند أرسلا بذلك، ويحتمل أن يكون أطلق في الرواية الأولى على الجد اسم الأب فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جده أسماء فتتحد الروايتان، والله أعلم‏.‏

واستدل بحديث سلمة هذا على صحة الصيام لمن لم ينوه من الليل سواء كان رمضان أو غيره لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم في أثناء النهار فدل على أن النية لا تشترط من الليل، وأجيب بأن ذلك يتوقف على أن صيام عاشوراء كان واجبا، والذي يترجح من أقوال العلماء أنه لم يكن فرضا، وعلى تقدير أنه كان فرضا فقد نسخ بلا ريب، فنسخ حكمه وشرائطه، بدليل قوله ‏"‏ ومن أكل فليتم ‏"‏ ومن لا يشترط النية من الليل لا يجيز صيام من أكل من النهار، وصرح ابن حبيب من المالكية بأن ترك التبييت لصوم عاشوراء من خصائص عاشوراء، وعلى تقدير أن حكمه باق فالأمر بالإمساك لا يستلزم الإجزاء فيحتمل أن يكون أمر بالإمساك لحرمة الوقت كما يؤمر من قدم من سفر في رمضان نهارا وكما يؤمر من أفطر يوم الشك ثم رأى الهلال، وكل ذلك لا ينافي أمرهم بالقضاء، بل ورد ذلك صريحا في حديث أخرجه أبو داود والنسائي من طريق قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ صمتم يومكم هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فأتموا بقية يومكم واقضوه ‏"‏ وعلى تقدير أن لا يثبت هذا الحديث في الأمر بالقضاء فلا يتعين ترك القضاء، لأن من لم يدرك اليوم بكماله لا يلزمه القضاء كمن بلغ أو أسلم في أثناء النهار‏.‏

واحتج الجمهور لاشتراط النية في الصوم من الليل بما أخرجه أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ‏"‏ لفظ النسائي، ولأبي داود والترمذي ‏"‏ من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ‏"‏ واختلف في رفعه ووقفه، ورجح الترمذي والنسائي الموقوف بعد أن أطنب النسائي في تخريج طرقه، وحكى الترمذي في ‏"‏ العلل ‏"‏ عن البخاري ترجيح وقفه‏.‏

وعمل بظاهر الإسناد جماعة من الأئمة فصححوا الحديث المذكور، منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حزم، وروى له الدار قطني طريقا آخر وقال رجالها ثقات، وأبعد من خصه من الحنفية بصيام القضاء والنذر، وأبعد من ذلك تفرقة الطحاوي بين صوم الفرض إذا كان في يوم بعينه كعاشوراء فتجزئ النية في النهار، أو لا في يوم بعينه كرمضان فلا يجزئ إلا بنية من الليل، وبين صوم التطوع فيجزئ في الليل وفي النهار‏.‏

وقد تعقبه إمام الحرمين بأنه كلام غث لا أصل له‏.‏

وقال ابن قدامة‏:‏ تعتبر النية في رمضان لكل يوم في قول الجمهور، وعن أحمد أنه يجزئه نية واحدة لجميع الشهر؛ وهو كقول مالك وإسحاق‏.‏

وقال زفر يصح صوم رمضان في حق المقيم الصحيح بغير نية وبه قال عطاء ومجاهد، واحتج زفر بأنه لا يصح فيه غير صوم رمضان لتعينه فلا يفتقر إلى نية لأن الزمن معيار له فلا يتصور في يوم واحد إلا صوم واحد‏.‏

وقال أبو بكر الرازي‏:‏ يلزم قائل هذا أن يصحح صوم المغمى عليه في رمضان إذا لم يأكل ولم يشرب لوجود الإمساك بغير نية، قال‏:‏ فإن التزمه كان مستشنعا‏.‏

وقال غيره‏:‏ يلزمه أن من أخر الصلاة حتى لم يبق من وقتها إلا قدرها فصلى حينئذ تطوعا أنه يجزئه عن الفرض‏.‏

واستدل ابن حزم بحديث سلمة على أن من ثبت له هلال رمضان بالنهار جاز له استدراك النية حينئذ ويجزئه وبناه على أن عاشوراء كان فرضا أولا، وقد أمروا أن يمسكوا في أثناء النهار‏.‏

قال‏:‏ وحكم الفرض لا يتغير، ولا يخفى ما يرد عليه مما قدمناه، وألحق بذلك من نسى أن ينوي من الليل لاستواء حكم الجاهل والناسي‏
.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: