foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 8:56 pm

*2*كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ رَافِعِي الْمُقْنِعُ وَالْمُقْمِحُ وَاحِدٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب المظالم‏.‏

في المظالم والغصب‏)‏ كذا للمستملي، وسقط ‏"‏ كتاب ‏"‏ لغيره، وللنسفي ‏"‏ كتاب الغصب باب في المظالم‏"‏‏.‏

والمظالم جمع مظلمة مصدر ظلم يظلم واسم لما أخذ بغير حق، والظلم وضع الشيء في غير موضعه الشرعي، والغصب أخذ حق الغير بغير حق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله عز وجل‏:‏ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون - إلى - عزيز ذو انتقام‏)‏ كذا لأبي ذر‏.‏

وساق غيره الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مقنعي رءوسهم‏:‏ رافعي رءوسهم، المقنع والمقمح واحد‏)‏ سقط للمستملي والكشميهني قوله‏:‏ ‏"‏ رافعي رءوسهم ‏"‏ وهو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي من طريقه وهو قول أكثر أهل اللغة والتفسير وكذا قاله أبو عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ واستشهد بقول الراجز‏:‏ أنهض نحـوي رأسـه وأقنعـا كأنما أبصـر شيئا أطمعا وحكى ثعلب أنه مشترك، يقال أقنع إذا رفع رأسه، وأقنع إذا طأطأه، ويحتمل أن يراد الوجهان‏:‏ أن يرفع رأسه ينظر، ثم يطأطئه ذلا وخضوعا قاله ابن التين، وأما قوله‏:‏ ‏"‏ المقنع والمقمح واحد ‏"‏ فذكره أبو عبيدة أيضا في ‏"‏ المجاز ‏"‏ في تفسير سورة يس وزاد‏:‏ معناه أن يجذب الذقن حتى تصير في الصدر ثم يرفع رأسه، وهذا يساعد قول ابن التين لكنه بغير ترتيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ مهطعين مديمي النظر‏.‏

وقال غيره‏:‏ مسرعين‏)‏ ثبت هذا هنا لغير أبي ذر ووقع له هو في ترجمة الباب الذي بعده، وتفسير مجاهد وصله الفريابي أيضا، وأما تفسير غيره فالمراد به أبو عبيدة أيضا فكذا قاله واستشهد عليه، وهو قول قتادة والمعروف في اللغة، ويحتمل أن يكون المراد كلا من الأمرين‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع لا يقطع بصره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأفئدتهم هواء يعني جوفا لا عقول لهم‏)‏ وهو تفسير أبي عبيدة أيضا في ‏"‏ المجاز ‏"‏ واستشهد بقول حسان‏:‏ ألا أبلغ أبـا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء والهواء الخلاء الذي لم تشغله الأجرام، أي لا قوة في قلوبهم ولا جراءة‏.‏

وقال ابن عرفة‏:‏ معناه نزعت أفئدتهم من أجوافهم‏.‏

*3* باب قِصَاصِ الْمَظَالِمِ حذف التشكيل

وَقَالَ مُجَاهِدٌ مُهْطِعِينَ مُدِيمِي النَّظَرِ وَيُقَالُ مُسْرِعِينَ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ وَأَنْذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ فَلَا تَحْسِبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قصاص المظالم‏)‏ يعني يوم القيامة، ذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري، وقد ترجم عليه في كتاب الرقاق ‏"‏ باب القصاص يوم القيامة ‏"‏ ويأتي الكلام عليه هناك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ

الشرح‏:‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ بقنطرة ‏"‏ الذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنة، ويحتمل أن تكون من غيره بين الصراط والجنة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فيتقاصون ‏"‏ بتشديد المهملة يتفاعلون من القصاص، والمراد به تتبع ما بينهم من المظالم وإسقاط بعضها ببعض‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ حتى إذا نقوا ‏"‏ بضم النون بعدها قاف من التنقية، ووقع للمستملي هنا ‏"‏ تقصوا ‏"‏ بفتح المثناة والقاف وتشديد المهملة أي أكملوا التقاص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهذبوا‏)‏ أي خلصوا من الآثام بمقاصصة بعضها ببعض، ويشهد لهذا الحديث قوله في حديث جابر الآتي ذكره في التوحيد ‏"‏ لا يحل لأحد من أهل الجنة أن يدخل الحنة ولأحد قبله مظلمة ‏"‏ والمراد بالمؤمنين هنا بعضهم، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال يونس بن محمد الخ‏)‏ وصله ابن منده في كتاب الإيمان، وأراد البخاري به تصريح قتادة عن أبي المتوكل بالتحديث، واسم أبي المتوكل علي بن دؤاد بضم الدال بعدها همزة‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏ألا لعنة الله على الظالمين‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عمر ‏"‏ يدني الله المؤمن فيضع عليه كنفه ‏"‏ الحديث وسيأتي الكلام عليه مستوفى في التوحيد، وفي كتاب الرقاق الإشارة إليه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ

الشرح‏:‏

قوله في هذه الرواية ‏"‏ كنفه ‏"‏ بفتح النون والفاء عند الجميع، ووقع لأبي ذر عن الكشميهني بكسر المثناة وهو تصحيف قبيح قاله عياض‏.‏

ووجه دخوله في أبواب الغصب الإشارة إلى أن عموم قوله هنا ‏"‏ أغفرها لك ‏"‏ مخصوص بحديث أبي سعيد الماضي في الباب قبله‏.‏

*3* باب لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه‏)‏ بضم أوله يقال‏:‏ أسلم فلان فلانا إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه، وهو عام في كل من أسلم لغيره، لكن غلب في الإلقاء إلى الهلكة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏المسلم أخو المسلم‏)‏ هذه أخوة الإسلام، فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الأخوة، ويشترك في ذلك الحر والعبد والبالغ والمميز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يظلمه‏)‏ هو خبر بمعنى الأمر، فإن ظلم المسلم للمسلم حرام، وقوله‏:‏ ‏"‏ ولا يسلمه ‏"‏ أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال، وزاد الطبراني من طريق أخرى عن سالم ‏"‏ ولا يسلمه في مصيبة نزلت به ‏"‏ ولمسلم في حديث أبي هريرة ‏"‏ ولا يحقره ‏"‏ وهو بالمهملة والقاف، وفيه ‏"‏ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن كان في حاجة أخيه‏)‏ في حديث أبي هريرة عند مسلم ‏"‏ والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن فرج عن مسلم كربة‏)‏ أي غمة، والكرب هو الغم الذي يأخذ النفس، وكربات بضم الراء جمع كربة ويجوز فتح راء كربات وسكونها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن ستر مسلما‏)‏ أي رآه على قبيح فلم يظهره أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه، ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه فلم ينته عن قبيح فعله ثم جاهر به، كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء، فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك، والذي يطهر أن الستر محله في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب الإنكار عليه وإلا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة، وفيه إشارة إلى ترك الغيبة لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ستره الله يوم القيامة‏)‏ في حديث أبي هريرة عند الترمذي ‏"‏ ستره الله في الدنيا والآخرة ‏"‏ وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة، وفيه أن المجازاة تقع من جنس الطاعات، وأن من حلف أن فلانا أخوه وأراد أخوة الإسلام لم يحنث‏.‏

وفيه حديث عن سويد بن حنظلة في أبي داود في قصة له مع وائل بن حجر‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 8:57 pm

*3* باب أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما‏)‏ ترجم بلفظ الإعانة، وأورد الحديث بلفظ النصر، فأشار إلى ما ورد في بعض طرقه، وذلك فيما رواه خديج بن معاوية - وهو بالمهملة وآخره جيم مصغر - عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ‏"‏ أعن أخاك ظالما أو مظلوما ‏"‏ الحديث أخرجه ابن عدي، وأخرجه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من الوجه الذي أخرجه منه البخاري بهذا اللفظ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏انصر أخاك ظالما أو مظلوما‏)‏ كذا أورده مختصرا عن عثمان، وأخرجه الإسماعيلي من طرق عنه كذلك، وسيأتي في الإكراه من طريق أخرى عن هشيم عن عبيد الله وحده وفيه من الزيادة ‏"‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره‏؟‏ قال‏:‏ تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره ‏"‏ وهكذا أخرجه أحمد عن هشيم عن عبيد الله وحده، وأخرجه الإسماعيلي من طرق أخرى عن هشيم عنهما نحوه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏قال يا رسول الله‏)‏ في رواية أبي الوقت في البخاري ‏"‏ قالوا ‏"‏ وفي الرواية التي في الإكراه ‏"‏ فقال رجل ‏"‏ ولم أقف على تسميته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال تأخذ فوق يديه‏)‏ كنى به عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكف بالقول، وعبر بالفوقية إشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة‏.‏

وفي رواية معاذ عن حميد عند الإسماعيلي ‏"‏ فقال يكفه عن الظلم، فذاك نصره إياه ‏"‏ ولمسلم في حديث جابر نحو الحديث وفيه ‏"‏ إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصرة ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ النصر عند العرب الإعانة، وتفسيره لنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يؤول إليه، وهو من وجيز البلاغة، قال البيهقي‏:‏ معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى، فلو رأى إنسانا يريد أن يجب نفسه لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلا منعه من ذلك وكان ذلك نصرا له، واتحد في هذه الصورة الظالم والمظلوم‏.‏

وقال ابن المنير‏:‏ فيه إشارة إلى أن الترك كالفعل في باب الضمان وتحته فروع كثيرة‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ذكر مسلم في روايته من طريق أبي الزبير عن جابر سببا لحديث الباب يستفاد منه زمن وقوعه، وسيأتي ذكره في تفسير المنافقين إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏لطيفة‏)‏ ‏:‏ ذكر المفضل الضبي في كتابه ‏"‏ الفاخر ‏"‏ أن أول من قال‏:‏ ‏"‏ انصر أخاك ظالما أو مظلوما ‏"‏ جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم، وأراد بذلك ظاهره وهو ما اعتادوه من حمية الجاهلية، لا على ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول شاعرهم‏:‏ إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم على القوم لم أنصر أخي حين يظلم

*3* باب نَصْرِ الْمَظْلُومِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب نصر المظلوم‏)‏ هو فرض كفاية، وهو عام في المظلومين، وكذلك في الناصرين بناء على أن فرض الكفاية مخاطب به الجميع وهو الراجح، ويتعين أحيانا على من له القدرة عليه وحده إذا لم يترتب على إنكاره مفسدة أشد من مفسدة المنكر، فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور، فلو تساوت المفسدتان تخير، وشرط الناصر أن يكون عالما بكون الفعل ظلما‏.‏

ويقع النصر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة، وقد يقع قبل وقوعه كمن أنفذ إنسانا من يد إنسان طالبه بمال ظلما وهدده إن لم يبذله، وقد يقع بعد وهو كثير ثم أورد المصنف فيه حديثين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَرَدَّ السَّلَامِ وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةَ الدَّاعِي وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ

الشرح‏:‏

حديث البراء في الأمر بسبع والنهي عن سبع فذكره مختصرا وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في كتاب الأدب واللباس إن شاء الله تعالى، والمقصود منه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ ونصر المظلوم‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى ‏"‏ المؤمن للمؤمن كالبنيان ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في الأدب إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ يشـد بعضه ‏"‏ في رواية الكشميهني يشد بعضهم بصيغة الجمع‏.‏

*3* باب الِانْتِصَارِ مِنْ الظَّالِمِ حذف التشكيل

لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الانتصار من الظالم، لقوله جل ذكره‏:‏ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم‏.‏

والذين‏)‏ يعني وقوله والذين ‏(‏إذا أصابهم البغي هم ينتصرون‏)‏ أما الآية الأولى فروى الطبري من طريق السدي قال في قوله‏:‏ ‏"‏ إلا من ظلم ‏"‏ أي فانتصر بمثل ما ظلم به فليس عليه ملام، وعن مجاهد ‏"‏ إلا من ظلم ‏"‏ فانتصر فإن له أن يجهر بالسوء، وعنه نزلت في رجل نزل بقوم فلم يضيفوه فرخص له أن يقول فيهم‏.‏

قلت‏:‏ ونزولها في واقعة عين لا يمنع حملها على عمومها‏.‏

وعن ابن عباس المراد بالجهر من القول الدعاء فرخص للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، وأما الآية الثانية فروى الطبري من طريق السدي أيضا في قوله‏:‏ ‏{‏والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون‏}‏ قال‏:‏ يعني ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا‏.‏

وفي الباب حديث أخرجه النسائي وابن ماجة بإسناد حسن من طريق التيمي عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ دخلت على زينب بنت جحش فسبتني، فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت ‏"‏ فقال لي سبيها‏.‏

فسببتها حتى جف ريقها في فمها فرأيت وجهه يتهلل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إبراهيم‏)‏ أي النخعي ‏(‏كانوا‏)‏ أي السلف ‏(‏يكرهون أن يستذلوا‏)‏ بالذال المعجمة من الذل وهو بضم أوله وفتح المثناة، وهذا الأثر وصله عبد بن حميد وابن عيينة في تفسيرهما في تفسير الآية المذكورة‏.‏

*3* باب عَفْوِ الْمَظْلُومِ حذف التشكيل

لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ باب عفو المظلوم لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن تبدو خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا‏)‏ ‏(‏وجزاء سيئة سيئة‏)‏ أي وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها إلخ‏}‏ وكأنه يشير إلى ما أخرجه الطبري عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏أو تعفوا عن سوء‏}‏ أي عن ظلم، وروى ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏ قال‏:‏ إذا شتمك شتمته بمثلها من غير أن تعتدي ‏{‏فمن عفا وأصلح فأجره على الله‏}‏ وعن الحسن رخص له إذا سبه أحد أن يسبه‏.‏

وفي الباب حديث أخرجه أحمد وأبو داود من طريق عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر‏:‏ ما من عبد ظلم مظلمة فعفا عنها إلا أعز الله بها نصره‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 8:58 pm

*3* باب الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الظلم ظلمات يوم القيامة‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر بهذا اللفظ من غير مزيد، وقد رواه أحمد من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر وزاد في أوله ‏"‏ يا أيها الناس اتقوا الظلم ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ إياكم والظلم ‏"‏ وأخرجه البيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ من هذا الوجه وزاد فيه‏:‏ قال محارب أظلم الناس من ظلم لغيره‏.‏

وأخرجه مسلم من حديث جابر في أول حديث بلفظ ‏"‏ اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح ‏"‏ الحديث، مال ابن الجوزي‏:‏ الظلم يشتمل على معصيتين‏:‏ أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الظلم ظلمات يوم القيامة‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر بهذا اللفظ من غير مزيد، وقد رواه أحمد من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر وزاد في أوله ‏"‏ يا أيها الناس اتقوا الظلم ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ إياكم والظلم ‏"‏ وأخرجه البيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ من هذا الوجه وزاد فيه‏:‏ قال محارب أظلم الناس من ظلم لغيره‏.‏

وأخرجه مسلم من حديث جابر في أول حديث بلفظ ‏"‏ اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح ‏"‏ الحديث، مال ابن الجوزي‏:‏ الظلم يشتمل على معصيتين‏:‏ أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا‏.‏

*3* بَاب الِاتِّقَاءِ وَالْحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ حذف التشكيل

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن مختصرا مقتصرا منه على المراد هنا، وقد مقدم الكلام عليه مستوفى في أواخر الزكاة‏.‏

*3* باب مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له هل يبين مظلمته‏)‏ ‏؟‏ المظلمة بكسر اللام على المشهور، وحكى ابن قتيبة وابن التين والجوهري فتحها وأنكره ابن القوطية، ورأيت بخط مغلطاي أن القزاز حكى الضم أيضا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ هل يبين ‏"‏ فيه إشارة إلى الخلاف في صحة الإبراء من المجهول، وإطلاق الحديث يقوي قول من ذهب إلى صحته، وقد ترجم بعد باب ‏"‏ إذا حلله ولم يبين كم هو ‏"‏ وفيه إشارة إلى الإبراء من المجمل أيضا، وزعم ابن بطال أن في حديث الباب حجة لاشتراط التعيين، لأن قوله‏:‏ ‏"‏ مظلمة ‏"‏ يقتضي أن تكون معلومة القدر مشارا إليها ا هـ‏.‏

ولا يخفى ما فيه‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ إنما وقع في الحديث التقدير حيث يقتص المظلوم من الظالم حتى يأخذ منه بقدر حقه، وهذا متفق عليه، والخلاف إنما هو فيما إذا أسقط المظلوم حقه في الدنيا هل يشترط أن يعرف قدره أم لا‏؟‏ وقد أطلق ذلك في الحديث‏.‏

نعم قام الإجماع على صحة التحليل من المعين المعلوم، فإن كانت العين موجودة صحت هبتها دون الإبراء منها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَقْبُرِيَّ لِأَنَّهُ كَانَ نَزَلَ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ هُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏من كانت له مظلمة لأخيه‏)‏ اللام في قوله‏:‏ ‏"‏ له ‏"‏ بمعنى على، أي من كانت عليه مظلمة لأخيه، وسيأتي في الرقاق من رواية مالك عن المقبري بلفظ ‏"‏ من كانت عنده مظلمة لأخيه‏"‏، والترمذي من طريق زيد بن أبي أنيسة عن المقبري ‏"‏ رحم الله عبدا كانت له عند أخيه مظلمة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من عرضه أو شيء‏)‏ أي من الأشياء، وهو من عطف العام على الخاص فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها‏.‏

وفي رواية الترمذي ‏"‏ من عرض أو مال‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قبل أن لا يكون دينار ولا درهم‏)‏ أي يوم القيامة، وثبت ذلك في رواية علي بن الجعد عن ابن أبي ذئب عند الإسماعيلي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخذ من سيئات صاحبه‏)‏ أي صاحب المظلمة ‏(‏فحمل عليه‏)‏ أي على الظالم‏.‏

وفي رواية مالك ‏"‏ فطرحت عليه‏"‏، وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه ‏"‏ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار ‏"‏ ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته، فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال إسماعيل بن أبي أويس‏:‏ إنما سمي المقبري إلخ‏)‏ ثبت هذا في رواية الكشميهني وحده، وإسماعيل المذكور من شيوخ البخاري‏.‏

*3* باب إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه‏)‏ أي معلوما عند من يشترطه أو مجهولا عند من يجيزه، وهو فيما مضى باتفاق، وأما فيما سيأتي ففيه الخلاف‏.‏

ثم أورد المصنف حديث عائشة في قصة التي تختلع من زوجها وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة النساء، ومحمد شيخه هو ابن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك‏.‏

ومطابقته للترجمة من جهة إن الخلع عقد لازم فلا يصح الرجوع فيه، ويلتحق به كل عقد لازم كذلك، كذا قال الكرماني فوهم، ومورد الحديث والآية إنما هو في حق من تسقط حقها من القسمة، وليس من الخلع في شيء، فمن ثم وقع الإشكال فقال الداودي‏:‏ ليست الترجمة بمطابقة للحديث، ووجهه ابن المنير بأن الترجمة تتناول إسقاط الحق من المظلمة الفائتة والآية مضمونها إسقاط الحق المستقبل حتى لا يكون عدم الوفاء به مظلمة لسقوطه، قال ابن المنير‏:‏ لكن البخاري تلطف في الاستدلال فكأنه يقول إذا نفذ الإسقاط في الحق المتوقع فلأن ينفذ في الحق المحقق أولى‏.‏

قلت‏:‏ وسيأتي الكلام على هبة المرأة يومها في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أذن له‏)‏ أي في استيفاء حقه ‏(‏أو أحله‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أو أحل له‏"‏‏.‏

‏(‏ولم يبين كم هو‏)‏ أورد فيه حديث سهل بن سعد في استئذان الغلام في الشرب، وقد تقدم في أول كتاب الشرب، ويأتي الكلام عليه في الأشربة، ومطابقته - وقد خفيت على ابن التين فأنكرها - من جهة أن الغلام لو أذن في شرب الأشياخ قبله لجاز لأن ذلك هو فائدة استئذانه، فلو أذن لكان قد تبرع بحقه وهو لا يعلم قدر ما يشربون ولا قدر ما كان هو يشربه، وسيأتي في كتاب الهبة مزيد لذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْغُلَامُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أذن له‏)‏ أي في استيفاء حقه ‏(‏أو أحله‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أو أحل له‏"‏‏.‏

‏(‏ولم يبين كم هو‏)‏ أورد فيه حديث سهل بن سعد في استئذان الغلام في الشرب، وقد تقدم في أول كتاب الشرب، ويأتي الكلام عليه في الأشربة، ومطابقته - وقد خفيت على ابن التين فأنكرها - من جهة أن الغلام لو أذن في شرب الأشياخ قبله لجاز لأن ذلك هو فائدة استئذانه، فلو أذن لكان قد تبرع بحقه وهو لا يعلم قدر ما يشربون ولا قدر ما كان هو يشربه، وسيأتي في كتاب الهبة مزيد لذلك‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 8:59 pm

*3* باب إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم من ظلم شيئا من الأرض‏)‏ كأنه يشير إلى توجيه تصوير غصب الأرض، خلافا لمن قال لا يمكن ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني طلحة بن عبد الله‏)‏ أي ابن عوف، وكذا هو عند أحمد عن أبي اليمان، زاد الحميدي في مسنده من وجه آخر في هذا الحديث ‏"‏ وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد الرحمن بن عمرو بن سهل‏)‏ هو المدني، وقد ينسب إلى جده، وقد نسبه المزي أنصاريا ولم أر ذلك في شيء من طرق حديثه، بل في رواية ابن إسحاق التي سأذكرها ما يدل على أنه قرشي، وقد ذكر الواقدي فيمن قتل بالحرة عبد الملك بن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر العامري القرشي وأظنه ولد هذا، وكانت الحرة بعد هذه القصة بنحو من عشر سنين، وليس لعبد الرحمن هذا في صحيح البخاري سوى هذا الحديث الواحد‏.‏

وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق وقد أسقط بعض أصحاب الزهري - في روايتهم عنه هذا الحديث - عبد الرحمن بن عمرو بن سهل وجعلوه من رواية طلحة عن سعيد بن زيد نفسه، وفي مسند أحمد وأبي يعلى وصحيح ابن خزيمة من طريق ابن إسحاق ‏"‏ حدثني الزهري عن طلحة بن عبد الله قال‏:‏ أتتني أروى بنت أويس في نفر من قريش فيهم عبد الرحمن بن سهل فقالت‏:‏ إن سعيدا انقص من أرضي إلى أرضه ما ليس له، وقد أحببت أن تأتوه فتكلموه‏.‏

قال فركبنا إليه وهو بأرضه بالعقيق ‏"‏ فذكر الحديث، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون طلحة سمع هذا الحديث من سعيد بن زيد وثبته فبه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، فلذلك كان ربما أدخله في السند وربما حذفه والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من ظلم‏)‏ قد تقدم من رواية ابن إسحاق قصة لسعيد في هذا الحديث وسيأتي في بدء الخلق من طريق عروة عن سعيد أنه ‏"‏ خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها إلى مروان ‏"‏ ولمسلم من هذا الوجه ‏"‏ ادعت أروى بنت أويس على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم ‏"‏ وله من طريق محمد بن زيد عن سعيد ‏"‏ أن أروى خاصمته في بعض داره، فقال دعوها وإياها ‏"‏ وللزبير في ‏"‏ كتاب النسب ‏"‏ من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، والحسن بن سفيان من طريق أبي بكر بن محمد بن حزم ‏"‏ استعدت أروى بنت أويس مروان بن الحكم وهو والي المدينة على سعيد بن زيد في أرضه بالشجرة وقالت‏:‏ إنه أخذ حقي، وأدخل ضفيرتي في أرضه ‏"‏ فذكره‏.‏

وفي رواية العلاء ‏"‏ فترك سعيد ما ادعت ‏"‏ ولابن حبان والحاكم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن في هذه القصة وزاد ‏"‏ فقال لنا مروان أصلحوا بينهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من الأرض شيئا‏)‏ في رواية عروة في بدء الخلق ‏"‏ من أخذ شبرا من الأرض ظلما ‏"‏ وفي حديث عائشة ثاني أحاديث الباب ‏"‏ قيد شبر ‏"‏ وهو بكسر القاف وسكون التحتانية أي قدره، وكأنه ذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير في الوعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طوقه‏)‏ بضم أوله على البناء للمجهول‏.‏

وفي رواية عروة ‏"‏ فإنه يطوقه ‏"‏ ولأبي عوانة والجوزقي في حديث أبي هريرة ‏"‏ جاء به مقلده‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من سبع أرضين‏)‏ بفتح الراء ويجوز إسكانها، وزاد مسلم من طريق عروة، ومن طريق محمد بن زيد ‏"‏ أن سعيدا قال اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها ‏"‏ وفي رواية العلاء وأبي بكر نحوه وزاد ‏"‏ قال وجاء سيل فأبدى عن ضفيرتها فإذا حقها خارجا عن حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان فركب معه والناس حتى نظروا إليها وذكروا كلهم أنها عميت وأنها سقطت في بئرها فماتت ‏"‏ قال الخطابي قوله‏:‏ ‏"‏ طوقه ‏"‏ له وجهان‏:‏ أحدهما أن معناه أنه يكلف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه، لا أنه طوق حقيقة‏.‏

الثاني معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه انتهى‏.‏

وهذا يؤيده حديث ابن عمر ثالث أحاديث الباب بلفظ ‏"‏ خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ‏"‏ وقيل معناه كالأول، لكن بعد أن ينقل جميعه يجعل كله في عنقه طوقا ويعظم قدر عنقه حتى يسع ذلك كما ورد في غلظ جلد الكافر ونحو ذلك، وقد روى الطبري وابن حبان من حديث يعلى بن مرة مرفوعا ‏"‏ أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي بين الناس ‏"‏ ولأبي يعلى بإسناد حسن عن الحكم بن الحارث السلمي مرفوعا ‏"‏ من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين ‏"‏ ونظير ذلك ما تقدم في الزكاة في حديث أبي هريرة في حق من غل بعيرا جاء يوم القيامة يحمله، ويحتمل - وهو الوجه الرابع - أن يكون المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ يطوقه ‏"‏ يكلف أن يجعله له طوقا ولا يستطيع ذلك فيعذب بذلك، كما جاء في حق من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة، ويحتمل - وهو الوجه الخامس - أن يكون التطويق تطويق الإثم، والمراد به أن الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الإثم، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألزمناه طائره في عنقه‏}‏ وبالوجه الأول جزم أبو الفتح القشيري وصححه البغوي، ويحتمل أن تتنوع هذه الصفات لصاحب هذه الجناية أو تنقسم أصحاب هذه الجناية فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا بحسب قوة المفسدة وضعفها، وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد حسن من حديث أبي مالك الأشعري ‏"‏ أعظم الغلول عند الله يوم القيامة ذراع أرض يسرقه رجل فيطوقه من سبع أرضين ‏"‏ وفي الحديث تحريم الظلم والغصب وتغليظ عقوبته، وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر قاله القرطبي، وكأنه فرعه على أن الكبيرة ما ورد فيه وعيد شديد، وأن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض، وله أن يمنع من حفر تحتها سربا أو بئرا بغير رضاه‏.‏

وفيه أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة ثابتة وأبنية ومعادن وغير ذلك، وأن له أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره‏.‏

وفيه أن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها من بعض لأنها لو فتقت لاكتفى في حق هذا الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها أشار إلى ذلك الداودي‏.‏

وفيه أن الأرضين السبع طباق كالسموات، وهو ظاهر قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن الأرض مثلهن‏}‏ خلافا لمن قال إن المراد بقوله سبع أرضين سبعة أقاليم لأنه لو كان كذلك لم يطوق الغاصب شبرا من إقليم آخر قاله ابن التين‏.‏

وهو والذي قبله مبني على أن العقوبة متعلقة بما كان بسببها، وإلا مع قطع النظر عن ذلك لا تلازم بين ما ذكروه‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أروى بفتح الهمزة وسكون الراء والقصر باسم الحيوان الوحشي المشهور، وفي المثل ‏"‏ يقولون إذا دعوا‏:‏ كعمى الأروى ‏"‏ مال الزبير في روايته‏.‏

كان أهل المدينة إذا دعوا قالوا‏:‏ أعماه الله كعمى أروى، يريدون هذه القصة‏.‏

قال‏:‏ ثم طال العهد فصار أهل الجهل يقولون كعمى الأروى، يريدون الوحش الذي بالجبل ويظنونه أعمى شديد العمى وليس كذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبْ الْأَرْضَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حسين‏)‏ هو المعلم، ومحمد بن إبراهيم هو التيمي، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن، وفي هذا الإسناد ما يشعر بقلة تدليس يحيى بن أبي كثير لأنه سمع الكثير من أبي سلمة، وحدث عنه هنا بواسطة محمد بن إبراهيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبين أناس خصومة‏)‏ لما أقف على أسمائهم، ووقع لمسلم من طريق حرب بن شداد عن يحيى بلفظ ‏"‏ وكان بينه وبين قومه خصومة في أرض، ففيه نوع تعيين للخصوم وتعيين المتخاصم فيه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فذكر لعائشة‏)‏ حذفه المفعول، وسيأتي في بدء الخلق من وجه آخر بلفظ ‏"‏ فدخل على عائشة فذكر لها ذلك‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سالم‏)‏ هو ابن عبد الله بن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال الفربري‏:‏ قال أبو جعفر‏)‏ هو محمد بن أبي حاتم البخاري وراق البخاري، وقد ذكر عنه الفربري في هذا الكتاب فوائد كثيرة عن البخاري وغيره، وثبتت هذه الفائدة في رواية أبي ذر عن مشايخه الثلاثة وسقطت لغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليس بخراسان في كتب ابن المبارك‏)‏ يعني أن ابن المبارك صنف كتبه بخراسان وحدث بها هناك وحملها عنه أهلها وحدث في أسفاره بأحاديث من حفظه زائدة على ما في كتبه هذا منها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أملى عليهم بالبصرة‏)‏ كذا للمستملي والسرخسي بحذف المفعول، وأثبته الكشميهني فقال‏:‏ أملاه عليهم‏.‏

واعلم أنه لا يلزم من كونه ليس في كتبه التي حدث بها بخراسان أن لا يكون حدث به بخراسان، فإن نعيم بن حماد المروزي ممن حمل عنه بخراسان، وقد حدث بهذا الحديث، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريقه‏.‏

ويحتمل أن يكون نعيم أيضا إنما سمعه من ابن المبارك بالبصرة وهو من غرائب الصحيح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:01 pm

3* باب إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لِآخَرَ شَيْئًا جَازَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز‏)‏ قال ابن التين‏:‏ نصب ‏"‏ شيئا ‏"‏ على نزع الخافض، والتقدير في شيء كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واختار موسى قومه سبعين رجلا‏)‏ وأورد المصنف فيه حديثين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَصَابَنَا سَنَةٌ فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْإِقْرَانِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر في النهي عن القران، والمراد به أن لا يقرن تمرة بتمرة عند الأكل لئلا يجحف برفقته، فإن أذنوا له في ذلك جاز لأنه حقهم فلهم أن يسقطوه، وهذا يقوي مذهب من يصحح هبة المجهول، وسيأتي الكلام على الحديث مستوفى في كتاب الأطعمة مع بيان حال قوله‏:‏ ‏"‏ إلا أن يستأذن ‏"‏ ومن قال إنه مدرج إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ اصْنَعْ لِي طَعَامَ خَمْسَةٍ لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ وَأَبْصَرَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا قَدْ اتَّبَعَنَا أَتَأْذَنُ لَهُ قَالَ نَعَمْ

الشرح‏:‏

حديث أبي مسعود في قصة الجزار الذي عمل الطعام والرجل الذي تبعهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أتأذن له ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في الأطعمة أيضا، وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ وأبصر في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ هي جملة حالية أي أنه قال لغلامه ‏"‏ اصنع لي ‏"‏ في حال رؤيته تلك، وقوله‏:‏ ‏"‏ فتبعهم رجل فقال إن هذا اتبعنا ‏"‏ بتشديد التاء، قال ابن التين‏:‏ هو افتعل من تبع وهو بمعناه، وخبط الداودي هنا لظنه أنها همزة قطع فقال‏:‏ معنى اتبعنا سار معنا، وتبعهم أي لحقهم، وأطال ابن التين في تعقب كلامه‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ وهو ألد الخصام‏)‏ الألد الشديد اللدد أي الجدال، مشتق من اللديدين وهما صفحتا العنق، والمعنى أنه من أي جانب أخذ من الخصومة قوي، وقيل غير ذلك في معناه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ أن أبغض الرجال الألد الخصم ‏"‏ بفتح المعجمة وكسر المهملة أي الشديد الخصومة، وسيأتي مستوفى في تفسير سورة البقرة إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه‏)‏ أورد فيه حديث أم سلمة ‏"‏ فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ‏"‏ وفيه ‏"‏ فإنما هي قطعة من النار ‏"‏ وهو ظاهر فيما ترجم به، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه‏)‏ أورد فيه حديث أم سلمة ‏"‏ فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ‏"‏ وفيه ‏"‏ فإنما هي قطعة من النار ‏"‏ وهو ظاهر فيما ترجم به، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا خاصم فجر‏)‏ أي ذم من إذا خاصم فجر أو إثمه، أورد فيه حديث عبد الله بن عمرو في صفة المنافقين، وفيه ‏"‏ وإذا خاصم فجر ‏"‏ وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا خاصم فجر‏)‏ أي ذم من إذا خاصم فجر أو إثمه، أورد فيه حديث عبد الله بن عمرو في صفة المنافقين، وفيه ‏"‏ وإذا خاصم فجر ‏"‏ وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان‏.‏

*3* باب قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ حذف التشكيل

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ يُقَاصُّهُ وَقَرَأَ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه‏)‏ أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم‏؟‏ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن سيرين يقاصه‏)‏ هو بالتشديد، وأصله يقاصصه ‏(‏وقرأ‏)‏ أي ابن سيرين ‏{‏وإن عاقبتم فعاقبوا‏}‏ الآية، وهذا وصله عبد بن حميد في تفسيره من طريق خالد الحذاء عنه بلفظ ‏"‏ أن أخذ أحد منك شيئا فخذ مثله ‏"‏ ثم أورد فيه المصنف حديثين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا فَقَالَ لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في قصة هند بنت عتبة وفيه ‏"‏ أذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بالأخذ من مال زوجها بقدر حاجتها ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى، قال ابن بطال‏:‏ حديث هند دال على جواز أخذ صاحب الحق من مال من لم يوفه أو جحده قدر حقه‏.‏

قوله فيه ‏(‏رجل مسيك‏)‏ بكسر الميم والتشديد للأكثر قاله عياض، قال وفي رواية كثير من أهل الإتقان بالفتح والتخفيف، وقيده بعضهم بالوجهين‏.‏

وقال ابن الأثير‏:‏ المشهور في كتب اللغة الفتح والتخفيف، والمشهور عند المحدثين الكسر والتشديد والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَا فَمَا تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَنَا إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني يزيد‏)‏ هو ابن أبي حبيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي الخير‏)‏ بالمعجمة والتحتانية ضد الشر واسمه مرثد بالمثلثة، والإسناد كله مصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يقروننا‏)‏ بفتح أوله وسكون القاف، ووقع في رواية الأصيلي وكريمة ‏"‏ لا يقرونا ‏"‏ بنون واحدة ومنهم من شددها، وللترمذي ‏"‏ فلا هم يضيفوننا ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن أبوا فخذوا منهم حق الضيف‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فخذوا منه ‏"‏ أي من مالهم، وظاهر هذا الحديث أن قرى الضيف واجب، وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه قهرا‏.‏

وقال به الليث مطلقا، وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى‏.‏

وقال الجمهور‏:‏ الضيافة سنة مؤكدة، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة أحدها حمله على المضطرين، ثم اختلفوا هل يلزم المضطر العوض أم لا‏؟‏ وقد تقدم بيانه في أواخر أبواب اللقطة‏.‏

وأشار الترمذي إلى أنه محمول على من طلب الشراء محتاجا فامتنع صاحب الطعام فله أن يأخذه منه كرها‏.‏

قال وروي نحو ذلك في بعض الحديث مفسرا‏.‏

ثانيها أن ذلك كان في أول الإسلام وكانت المواساة واجبة، فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك، ويدل على نسخه قوله في حديث أبي شريح عند مسلم في حق الضيف ‏"‏ وجائزته يوم وليلة، والجائزة تفضل لا واجبة ‏"‏ وهذا ضعيف لاحتمال أن يراد بالتفضل تمام اليوم والليلة لا أصل الضيافة، وفي حديث المقدام بن معد يكرب مرفوعا ‏"‏ أيما رجل ضاف قوما فأصبح الضيف محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله ‏"‏ أخرجه أبو داود، وهو محمول على ما إذا لم يظفر منه بشيء‏.‏

ثالثها أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام، فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولونه لأنه لا قيام لهم إلا بذلك حكاه الخطابي، قال‏:‏ وكان هذا في ذلك الزمان إذ لم يكن للمسلمين بيت مال، فأما اليوم فأرزاق العمال من بيت المال، قال وإلى نحو هذا ذهب أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران خاصة‏.‏

وقال ويدل له قوله‏:‏ ‏"‏ إنك بعثتنا ‏"‏ وتعقب بأن في رواية الترمذي ‏"‏ إنا نمر بقوم‏"‏‏.‏

رابعها أنه خاص بأهل الذمة، وقد شرط عمر حين ضرب الجزية على نصارى الشام ضيافة من نزل بهم، وتعقب بأنه تخصيص يحتاج إلى دليل خاص، ولا حجة لذلك فيما صنعه عمر لأنه متأخر عن زمان سؤال عقبة، أشار إلى ذلك النووي‏.‏

خامسها تأويل المأخوذ، فحكى المازري عن الشيخ أبي الحسن من المالكية أن المراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس عيبهم‏.‏

وتعقبه المازري بأن الأخذ من العرض وذكر العيب ندب في الشرع إلى تركه لا إلى فعله‏.‏

وأقوى الأجوبة الأول، واستدل به على مسألة الظفر وبها قال الشافعي، فحزم بجواز الأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحق بالقاضي كأن يكون غريمه منكرا ولا بينة له عند وجود الجنس فيجوز عنده أخذه إن ظفر به وأخذ غيره بقدره إن لم يجده ويجتهد في التقويم ولا يحيف، فإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي فالأصح عند أكثر الشافعية الجواز أيضا، وعند المالكية الخلاف، وجوزه الحنفية في المثلي دون المتقوم لما يخشى فيه من الحيف، واتفقوا على أن محل الجواز في الأموال لا في العقوبات البدنية لكثرة الغوائل في ذلك، ومحل الجواز في الأموال أيضا ما إذا أمن الغائلة كنسبته إلى السرقة ونحو ذلك‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري  (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ     )1 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:02 pm

3* باب مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ حذف التشكيل

وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في السقائف‏)‏ جمع سقيفة وهي المكان المظلل كالساباط أو الحانوت بجانب الدار، وكأنه أشار إلى أن الجلوس في الأمكنة العامة جائز، وأن اتخاذ صاحب الدار ساباطا أو مستظلا جائز إذا لم يضر المارة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وجلس النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة‏)‏ هو طرف من حديث لسهيل بن سعد أسنده المؤلف في الأشربة في أثناء حديث، وخفي ذلك على الإسماعيلي فقال‏:‏ ليس في الحديث - يعني حديث عمر - أنه صلى الله عليه وسلم جلس في السقيفة انتهى‏.‏

والسبب في غفلته عن ذلك أنه حذف الحديث المعلق الذي أشرت إليه واقتصر على الحديث المرفوع عن عمر الموصول، مع أن البخاري لم يترجم بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترجم بما جاء في السقائف، ثم ذكر الحديث المصرح بجلوس النبي صلى الله عليه وسلم وأورده معلقا، ثم بالحديث الذي فيه أن الصحابة جلسوا فيها وأورده موصولا، فكأن الإسماعيلي ظن أن قوله‏:‏ ‏"‏ وجلس ‏"‏ من كلام البخاري لا أنه حديث معلق، وسقيفة بني ساعدة كانوا يجتمعون فيها؛ وكانت مشتركة بينهم، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيها عندهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني مالك وأخبرني يونس‏)‏ أي ابن يزيد عن ابن شهاب، يعني أن كلا منهما رواه لابن وهب عن ابن شهاب، وكان ابن وهب حريصا على التفرقة بين التحديث والإخبار مراعاة للاصطلاح، ويقال إنه أول من اصطلح على ذلك بمصر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة‏)‏ هو مختصر من قصة بيعة أبي بكر الصديق، وسيأتي في الهجرة وفي كتاب الحدود بطوله ونستوفي شرحه هناك إن شاء الله تعالى، والغرض منه أن الصحابة استمروا على الجلوس في السقيفة المذكورة‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ مطابقة الحديث للترجمة أن الجلوس في السقيفة العامة ليس ظلما‏.‏

*3* باب لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره‏)‏ كذا لأبي ذر بالتنوين على إفراد الخشبة، ولغير بصيغة الجمع وهو الذي في حديث الباب، قال ابن عبد البر‏.‏

روي اللفظان في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ والمعنى واحد لأن المراد بالواحد الجنس انتهى‏.‏

وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين، وإلا فالمعنى قد يختلف باعتبار أن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير، وروى الطحاوي عن جماعة من المشايخ أنهم رووه بالإفراد، وأنكر ذلك عبد الغني بن سعيد فقال‏:‏ الناس كلهم يقولونه بالجمع إلا الطحاوي، وما ذكرته من اختلافه الرواة في الصحيح يرد على عبد الغني بن سعيد إلا إن أراد خاصا من الناس كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن شهاب‏)‏ كذا في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ وقال خالد بن مخلد عن مالك ‏"‏ عن أبي الزناد ‏"‏ بدل الزهري‏.‏

وقال بشر بن عمرو عن مالك ‏"‏ عن الزهري عن أبي سلمة ‏"‏ بدل الأعرج، ووافقه هشام بن يوسف عن مالك ومعمر عن الزهري، ورواه الدار قطني في ‏"‏ الغرائب ‏"‏ وقال‏:‏ المحفوظ عن مالك الأول‏.‏

وقال في ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ رواه هشام الدستوائي عن معمر ‏"‏ عن الزهري عن سعيد بن المسيب ‏"‏ بدل الأعرج، وكذا قال عقيل عن الزهري‏.‏

وقال ابن أبي حفصة ‏"‏ عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن ‏"‏ بدل الأعرج والمحفوظ عن الزهري عن الأعرج وبذلك جزم ابن عبد البر أيضا، ثم أشار إلى أنه يحتمل أن يكون عند الزهري عن الجميع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يمنع‏)‏ بالجزم على أن ‏"‏ لا ‏"‏ ناهية، ولأبي ذر بالرفع على أنه خبر بمعني النهي، ولأحمد ‏"‏ لا يمنعن ‏"‏ بزيادة نون التوكيد وهي تؤيد رواية الجزم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جار جاره إلخ‏)‏ استدل به على أن الجدار إذا كان لواحد وله جار فأراد أن يضع جذعه عليه جاز سواء أذن المالك أم لا، فإن امتنع أجبر وبه قال أحمد وإسحاق وغيرهما من أهل الحديث وابن حبيب من المالكية والشافعي في القديم، وعنه في الجديد قولان أشهرهما اشتراط إذن المالك فإن امتنع لم يجبر وهو قول الحنفية، وحملوا الأمر في الحديث على الندب والنهي على التنزيه جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال المسلم إلا برضاه وفيه نطر كما سيأتي، وجزم الترمذي وأبي عبد البر عن الشافعي بالقول القديم وهو نصه في البويطي، قال البيهقي‏:‏ لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا يستنكر أن نخصها، وقد حمله الراوي على ظاهره، وهو أعلم بالمراد بما حدث به، يشير إلى قول أبي هريرة ‏"‏ ما لي أراكم عنها معرضين‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يقول أبو هريرة‏)‏ في رواية ابن عيينة عند أبي داود ‏"‏ فنكسوا رءوسهم ‏"‏ ولأحمد ‏"‏ فلما حدثهم أبو هريرة بذلك طأطؤوا رءوسهم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عنها‏)‏ أي عن هذه السنة أو عن هذه المقالة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لأرمينها‏)‏ في رواية أبي داود ‏"‏ لألقينها ‏"‏ أي لأشيعن هذه المقالة فيكم ولأقرعنكم بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بين أكتافكم‏)‏ قال ابن عبد البر‏:‏ رويناه في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ بالمثناة وبالنون‏.‏

والأكناف بالنون جمع كنف بفتحها وهو الجانب، قال الخطابي‏:‏ معناه إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلنها أي الخشبة على رقابكم كارهين، قال وأراد بذلك المبالغة، وبهذا التأويل جزم إمام الحرمين تبعا لغيره وقال‏:‏ إن ذلك وقع من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة، وقد وقع عند ابن عبد البر من وجه آخر ‏"‏ لأرمين بها بين أعينكم وإن كرهتم ‏"‏ وهذا يرجح التأويل المتقدم، واستدل المهلب من المالكية بقول أبي هريرة ‏"‏ ما لي أراكم عنها معرضين ‏"‏ بأن العمل كان في ذلك العصر على خلاف ما ذهب إليه أبو هريرة، قال‏:‏ لأنه لو كان على الوجوب لما جهل الصحابة تأويله ولا أعرضوا عن أبي هريرة حين حدثهم به، فلولا أن الحكم قد تقرر عندهم بخلافه لما جاز عليهم جهل هذه الفريضة فدل على أنهم حملوا الأمر في ذلك علي الاستحباب انتهى‏.‏

وما أدري من أين له أن المعرضين كانوا صحابة وأنهم كانوا عددا لا يجهل مثلهم الحكم، ولم لا يجوز أن يكون الذين خاطبهم أبو هريرة بذلك كانوا غير فقهاء، بل ذلك هو المتعين، وإلا فلو كانوا صحابة أو فقهاء ما واجههم بذلك‏.‏

وقد قوى الشافعي في القديم القول بالوجوب بأن عمر قضى به ولم يخالفه أحد من أهل عصره فكان اتفاقا منهم على ذلك انتهى‏.‏

ودعوى الاتفاق هنا أولى من دعوى المهلب، لأن أكثر أهل عصر عمر كانوا صحابة، وغالب أحكامه منتشرة لطول ولايته، وأبو هريرة إنما كان يلي إمرة المدينة نيابة عن مروان في بعض الأحيان، وأشار الشافعي إلى ما أخرجه مالك ورواه هو عنه بسند صحيح أن الضحاك بن خليفة سأل محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا له فيمر به في أرض محمد بن مسلمة، فكلمه عمر في ذلك فأبى، فقال‏:‏ والله ليمرن به ولو على بطنك، فحمل عمر الأمر على ظاهره وعداه إلى كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من دار جاره وأرضه‏.‏

وفي دعوى العمل على خلافه نظر، فقد روى ابن ماجة والبيهقي من طريق عكرمة بن سلمة أن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما إن غرز أحد في جداره خشبا، فأقبل مجمع بن جارية ورجال كثير من الأنصار فقالوا‏:‏ شهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏.‏

الحديث، فقال الآخر‏:‏ يا أخي قد علمت أنك مقضي لك علي وقد حلفت، فاجعل أسطوانا دون جداري فاجعل عليه خشبك‏.‏

وروى ابن إسحاق في مسنده والبيهقي من طريقه عن يحيى بن جعدة أحد التابعين قال‏:‏ أراد رجل أن يضع خشبة على جدار صاحبه بغير إذنه فمنعه، فإذا من شئت من الأنصار يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهاه أن يمنعه، فجبر على ذلك‏.‏

وقيد بعضهم الوجوب بما إذا تقدم استئذان الجار في ذلك مستندا إلى ذكر الأذن في بعض طرقه، وهو في رواية ابن عيينة عند أبي داود وعقيل أيضا وأحمد عند عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ‏"‏ من سأله جاره ‏"‏ وكذا لابن حبان من طريق الليث عن مالك، وكذا لأبي عوانة من طريق زياد بن سعد عن الزهري، وأخرجه البزار من طريق عكرمة عن أبي هريرة، ومنهم من حمل الضمير في جداره على صاحب الجذع أي لا يمنعه أن يضع جذعه على جدار نفسه ولو تضرر به من جهة منع الضوء مثلا ولا يخفى بعده، وقد تعقبه ابن التين بأنه إحداث قول ثالث في معنى الخبر، وقد رده أكثر أهل الأصول، وفيما قال نظر لأن لهذا القائل أن يقول‏:‏ هذا مما يستفاد من عموم النهي لا أنه المراد فقط والله أعلم‏.‏

ومحل الوجوب عند من قال به أن يحتاج إليه الجار ولا يضع عليه ما يتضرر به المالك ولا يقدم على حاجة المالك، ولا فرق بين أن يحتاج في وضع الجذع إلى نقب الجدار أو لا، لأن رأس الجذع يسد المنفتح ويقوي الجدار‏.‏

*3* باب صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صب الخمر في الطريق‏)‏ أي المشتركة، إذا تعين ذلك طريقا لإزالة مفسدة تكون أقوى من المفسدة الحاصلة بصبها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبد الرحيم‏)‏ هو المعروف بصاعقة، وشيخه عفان من كبار شيوخ البخاري وأكثر ما يحدث عنه في الصحيح بواسطة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنت ساقي القوم‏)‏ سيأتي تسمية من عرف منهم في كتاب الأشربة مع الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجرت في سكك المدينة‏)‏ أي طرقها، وفي السياق حذف تقديره حرمت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها فأريقت فجرت، وسيأتي مزيد بيان لذلك في تفسير المائدة‏.‏

قال المهلب‏:‏ إنما صبت الخمر في الطريق للإعلان برفضها وليشهر تركها، وذلك أرجح في المصلحة من التأذي بصبها في الطريق‏.‏

*3* باب أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ حذف التشكيل

وَقَالَتْ عَائِشَةُ فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات‏)‏ أما الأفنية فهي جمع فناء بكسر الفاء والمد وقد تقصر، وهو المكان المتسع أمام الدور، والترجمة معقودة لجواز تحجيره بالبناء، وعليه جرى العمل في بناء المساطب في أبواب الدور، والجواز مقيد بعدم الضرر للجار والمار، والصعدات بضمتين جمع صعد بضمتين أيضا وقد يفتح أوله، وهو جمع صعيد كطريق وطرقات وزنا ومعنى، والمراد به ما يراد من الفناء‏.‏

وزعم ثعلب أن المراد بالصعدات وجه الأرض، ويلتحق بما ذكر ما في معناه من الجلوس في الحوانيت وفي الشبابيك المشرفة على المار حيث تكون في غير العلو‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة‏:‏ فابتنى أبو بكر مسجدا‏.‏

الحديث‏)‏ هو طرف من حديث طويل وصله المؤلف في الهجرة بطوله، ومضى في أبواب المساجد، وترجم له ‏"‏ المسجد يكون بالطريق من غير ضرر بالناس‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إياكم والجلوس‏)‏ بالنصب على التحذير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الطرقات‏)‏ ترجم بالصعدات ولفظ المتن ‏"‏ الطرقات ‏"‏ إشارة إلى تساويهما في المعنى، وقد ورد بلفظ ‏"‏ الصعدات ‏"‏ من حديث أبي هريرة عند ابن حبان، وهو عند أبي داود بلفظ ‏"‏ الطرقات‏"‏، وزاد في المتن ‏"‏ وإرشاد السبيل وتشميت العاطس إذا حمد‏"‏، ومن حديث عمر عند الطبري وزاد في المتن ‏"‏ وإغاثة الملهوف‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا ما لنا من مجالسنا بد‏)‏ القائل ذلك هو أبو طلحة، وهو بين من روايته عند مسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا أتيتم إلى المجالس‏)‏ كذا للأكثر بالمثناة وبإلى التي للغاية‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فإذا أبيتم ‏"‏ بالموحدة وقال‏:‏ ‏"‏ ألا ‏"‏ بالتشديد، وهكذا وقع في كتاب الاستئذان بالموحدة، ‏"‏ وإلا ‏"‏ التي هي حرف استثناء وهو الصواب، والمجالس فيها استعمال المجالس بمعنى الجلوس، وقد تبين من سياق الحديث أن النهي عن ذلك للتنزيه لئلا يضعف الجالس عن أداء الحق الذي عليه، وأشار بغض البصر إلى السلامة من التعرض للفتنة بمن يمر من النساء وغيرهن، وبكف الأذى إلى السلامة من الاحتقار والغيبة ونحوها، وبرد السلام إلى إكرام المار، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى استعمال جميع ما يشرع وترك جميع ما لا يشرع، وفيه حجة لمن يقول بأن سد الذرائع بطريق الأولى لا على الحتم لأنه نهى أولا عن الجلوس حسما للمادة، فلما قالوا‏:‏ ‏"‏ ما لنا منها بد ‏"‏ ذكر لهم المقاصد الأصلية للمنع‏.‏

فعرف أن النهي الأول للإرشاد إلى الأصلح، ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة، لندبه أولا إلى ترك الجلوس مع ما فيه من الأجر لمن عمل بحق الطريق، ودلك أن الاحتياط لطلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الاستئذان مع الإشارة إلى بقية الخصال التي ورد ذكرها في غير هذا الحديث إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب الْآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الآبار‏)‏ بمدة وتخفيف الموحدة، ويجوز بغير مد وتسكين الموحدة بعدها همزه وهو الأصل في هذا الجمع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التي على الطريق إذا لم يتأذ بها‏)‏ بضم أول ‏"‏ يتأذ ‏"‏ على البناء للمجهول، أي إن حفرها جائز في طرق المسلمين لعموم النفع بها إذا لم يحصل بها تأذ لأحد منهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَا خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في الذي وجد بئرا في الطريق فنزل فيها فشرب ثم سقى الكلب، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الشرب، وقوله في هذه الرواية ‏"‏ يلهث يأكل الثرى ‏"‏ يجوز أن يكون خبرا ثانيا وأن يكون حالا، وقوله‏:‏ ‏"‏ في كل ذات كبد ‏"‏ أي في إرواء كل ذات كبد‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْعِلْمِ )2
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )16
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )7

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: