foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:05 pm

*3* باب إِمَاطَةِ الْأَذَى حذف التشكيل

وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إماطة الأذى‏)‏ أي إزالته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال همام إلخ‏)‏ هو طرف من حديث وصله المصنف في الجهاد في باب من أخذ بالركاب بلفظ ‏"‏ وتميط الأذى عن الطريق صدقة ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

ووقع في حديث أبي صالح عن أبي هريرة في ذكر شعب الإيمان ‏"‏ أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ‏"‏ ومعنى كون الإماطة صدقة أنه تسبب إلى سلامة من يمر به من الأذى، فكأنه تصدق عليه بذلك فحصل له أجر الصدقة‏.‏

وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإمساك عن الشر صدقة على النفس‏.‏

*3* باب الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الغرفة‏)‏ بضم المعجمة وسكون الراء أي المكان المرتفع في البيت ‏(‏والعلية‏)‏ بضم أوله وتكسر وبتشديد اللام المكسورة وتشديد التحتانية ‏(‏المشرفة‏)‏ بالمعجمة والفاء وتخفيف الراء ‏(‏وغير المشرفة في السطوح وغيرها‏)‏ ويجتمع بالتقسيم مما ذكره أربعة أشياء‏:‏ بالنسبة إلى الإشراف، وعدمه، وبالنسبة إلى كونها في السطوح، وفي غيرها‏.‏

وحكم المشرفة الجواز إذا أمن من الإشراف على عورات المنازل، فإن لم يؤمن لم يجبر على سده بل يؤمر بعدم الإشراف، ولمن هو أسفل منه أن يتحفظ‏.‏

ثم ساق المصنف في الباب ثلاثة أحاديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّي أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ

الشرح‏:‏

‏"‏ أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم ‏"‏ وهو بضمتين وتقدم في أواخر الحج، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فَحَجَجْتُ مَعَه فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا

فَقَالَ وَا عَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَأَفْزَعَنِي فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ

ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَهْلِكِينَ لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكَ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ

وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَنَائِمٌ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَا أَدْرِي هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ

فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ فَقَالَ لَا ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَكَانَ مُتَّكِئًا

فَقَالَ أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ وَكَانَ قَدْ قَالَ مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ فَقَالَ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِلَى قَوْلِهِ عَظِيمًا قُلْتُ أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس عن عمر في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا، أورده مطولا، وقد مضى في العلم مختصرا، ويأتي الكلام على شرحه مستوفى في النكاح إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله في السند ‏"‏ عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ‏"‏ وهو تابعي ثقة، ذكر الدمياطي عن الخطيب أنه لم يرو عن غير ابن عباس ولا حدث عنه إلا الزهري ولم يتعقبه، وقد أخرج أبو داود وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبي الزبير عنه عن ابن عباس حديثا فما سلم له الشق الثاني‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ كنت وجار لي ‏"‏ بالرفع للأكثر، ويجوز النصب‏.‏

وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ تنعل النعال ‏"‏ أي تضربها وتسويها، أو هو معتمد إلى مفعولين فحذف أحدهما والأصل تنعل الدواب النعال، وروي البغال بالموحدة والمعجمة، وسيأتي في النكاح بلفظ ‏"‏ تنعل الخيل ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ فأفزعني ‏"‏ أي القول، وللكشميهني ‏"‏ فأفزعنني ‏"‏ بصيغة جمع المؤنث‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ خابت من فعلت منهن ‏"‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ جاءت من فعلت منهن بعظيم ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ على رمال ‏"‏ بكسر الراء ويجوز ضمها يقال رمل الحصير إذا نسجه، والمراد ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب المنسوج، وكأنه لم يكن فوق الحصير فراش ولا غيره أو كان بحيث لا يمنع تأثير الحصير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت وأنا قائم أستأنس‏)‏ أي أقول قولا استكشف به هل ينبسط لي أم لا ويكون أول كلامه ‏"‏ يا رسول الله لو رأيتني ‏"‏ ويحتمل أن يكون استفهاما محذوف الأداة أي أأستأنس يا رسول الله‏؟‏ ويكون أول الكلام الثاني ‏"‏ لو رأيتني ‏"‏ ويكون جواب الاستفهام محذوفا واكتفى فيما أراد بقرينة الحال‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ أهبة ‏"‏ بفتح الهمزة والهاء ويجوز ضمها، وقوله‏:‏ ‏"‏ أنا أصبحنا بتسع ‏"‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لتسع‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَكَانَتْ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ

الشرح‏:‏

حديث أنس قال‏:‏ ‏"‏ آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا ‏"‏ الحديث، وسيأتي الكلام عليه في النكاح أيضا، وكأنه أوره لقوله‏:‏ ‏"‏ فجلس في علية له فجاء عمر فقال أطلقت نساءك ‏"‏ فإن في حديث عمر الذي قبله ‏"‏ فدخل مشربة له فاعتزل فيها ‏"‏ وفيه ‏"‏ فجئت المشربة التي هو فيها فقلت لغلام أسود استأذن لعمر ‏"‏ الحديث، والمراد بالمشربة الغرفة العالية، فأراد بإيراد حديث أنس أنها كانت عالية، وإذا جاز اتخاذ الغرفة العالية جاز اتخاذ غير العالية من باب الأولى، وأما المشرفة فحكمها مستفاد من حديث أسامة الذي صدر به الباب والله أعلم‏.‏

وأظن البخاري تأسى بعمر حيث ساق الحديث كله، وكان يكفيه في جواب سؤال ابن عباس أن يكتفي بقول عائشة وحفصة، كما كان يكفي البخاري أن يكتفي بقوله مثلا‏:‏ ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مشربة له فاعتزل فيها كما جرت به عادته والله أعلم‏.‏

وقوله في حديث عمر‏:‏ ‏"‏ واعجبا ‏"‏ بالتنوين، وأصله ‏"‏ وا ‏"‏ التي للندبة وجاء بعده ‏"‏ عجبا ‏"‏ للتأكيد‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ واعجبي‏"‏، قال ابن مالك فيه شاهد على استعمال ‏"‏ وا ‏"‏ في غير الندبة وهو رأي المبرد، قيل إن عمر تعجب من ابن عباس كيفه خفي عليه هذا مع اشتهاره عنده بمعرفة التفسير، أو عجب من حرصه على تحصيل التفسير بجميع طرقه حتى في تسمية من أبهم فيه، وهو حجة ظاهرة في السؤال عن تسمية من أبهم أو أهمل‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:06 pm

*3* باب مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلَاطِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من عقل بعيره على البلاط‏)‏ بفتح الموحدة وهي حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد، وقوله‏:‏ ‏"‏ أو باب المسجد ‏"‏ هو بالاستنباط من ذلك، وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه، وأورد فيه طرفا من حديث جابر في قصة جمله الذي باعه النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الشروط، وغرضه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ فعقلت الجمل في ناحية البلاط ‏"‏ فإنه يستفاد منه جواز ذلك إذا لم يحصل به ضرر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ فَقُلْتُ هَذَا جَمَلُكَ فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ قَالَ الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من عقل بعيره على البلاط‏)‏ بفتح الموحدة وهي حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد، وقوله‏:‏ ‏"‏ أو باب المسجد ‏"‏ هو بالاستنباط من ذلك، وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه، وأورد فيه طرفا من حديث جابر في قصة جمله الذي باعه النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الشروط، وغرضه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ فعقلت الجمل في ناحية البلاط ‏"‏ فإنه يستفاد منه جواز ذلك إذا لم يحصل به ضرر‏.‏

*3* باب الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الوقوف والبول عند سباطة قوم‏)‏ أورد فيه حديث حذيفة في ذلك، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة، وجاز البول في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لإلقاء النجاسات والمستقذرات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الوقوف والبول عند سباطة قوم‏)‏ أورد فيه حديث حذيفة في ذلك، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة، وجاز البول في السباطة وإن كانت لقوم بأعيانهم لأنها أعدت لإلقاء النجاسات والمستقذرات‏.‏

*3* باب مَنْ أَخَذَ الْغُصْنَ وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ فَرَمَى بِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من أخر ‏"‏ بتشديد المعجمة بعدها راء، وأورد فيه حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ ‏"‏ غصن شوك ‏"‏ وفي حديث أنس عند أحمد ‏"‏ أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها ‏"‏ وقد تقدم في أواخر أبواب الأذان مع الكلام عليه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ ‏"‏ غصن شوك ‏"‏ وفي حديث أنس عند أحمد ‏"‏ أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها ‏"‏ وقد تقدم في أواخر أبواب الأذان مع الكلام عليه، وقوله‏:‏ ‏"‏ فغفر له ‏"‏ وقع في حديث أنس المذكور ‏"‏ ولقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة ‏"‏ وينظر في هذه الترجمة وفي التي قبلها بثلاثة أبواب وهي إماطة الأذى‏.‏

وكأن تلك أعم من هذه لعدم تقييدها بالطريق وإن تساويا في فضل عموم المزال، وفيه أن قليل الخير يحصل به كثير الأجر، قال ابن المنير‏:‏ إنما ترجم به لئلا يتخيل أن الرمي بالغصن وغيره مما يؤدي تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيمتنع، فأراد أن يبين أن ذلك لا يمتنع لما فيه من الندب إليه، وقد روى مسلم من حديث أبي برزة قال‏:‏ ‏"‏ قلت يا رسول الله دلني على عمل أنتفع به، قال‏:‏ اعزل الأذى عن طريق المسلمين‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أبو عقيل بفتح المهملة بعدها قاف اسمه بشير بفتح أوله وبالمعجمة ابن عقبة، وسيأتي في الشركة قريبا زهرة بن معبد وكنيته أبو عقيل أيضا وهو غير هذا‏.‏

*3* باب إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ وَهِيَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ فَتُرِكَ مِنْهَا الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء‏)‏ بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها مثناة ومد بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة، قال أبو عمرو الشيباني‏:‏ الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها‏.‏

وقال غيره‏:‏ هي الطريق الواسعة وقيل العامرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهي الرحبة تكون بين الطريقين ثم يريد أهلها البنيان إلخ‏)‏ وهو مصير منه إلى اختصاص هذا الحكم بالصورة التي ذكرها، وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال‏:‏ لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يبتدئها في قدرها كبلد يفتحها المسلمون ولبس فيها طريق مسلوك، وكموات يعطيه الإمام لمن يحييها إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة ونحو ذلك‏.‏

وقال غيره‏:‏ مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضوا على شيء كان لهم ذلك، وإن اختلفوا جعل سبعة أذرع، وكذلك الأرض التي يزرع مثلا إذا جعل أصحابها فيها طريقا كان باختيارهم، وكذلك الطريق التي لا تسلك إلا في النادر يرجع في أفنيتها إلى ما يتراضى عليه الجيران‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الزبير بن خريت‏)‏ بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتانية ساكنه ثم مثناة، بصري ما له في البخاري سوى هذا الحديث وحديثين في التفسير وآخر في الدعوات، وقد أورد ابن عدي هذا الحديث في أفراد جرير بن حازم راويه عن الزبير هذا، فهو من غرائب الصحيح، ولكن شاهده في مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن ابن عباس، وعند الإسماعيلي من طريق وهب بن جرير عن أبيه سمعت الزبير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا تشاجروا‏)‏ تفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا، وللإسماعيلي ‏"‏ إذا اختلف الناس في الطريق ‏"‏ ولمسلم من طريق عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة ‏"‏ إذا اختلفتم ‏"‏ وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجة من طريق بشير بن كعب وهو بالتصغير والمعجمة عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع ‏"‏ ومثله لابن ماجة من حديث ابن عباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الطريق‏)‏ زاد المستملي في روايته ‏"‏ الميتاء ‏"‏ ولم يتابع عليه وليست بمحفوظة في حديث أبي هريرة، وإنما ذكرها المؤلف في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع ‏"‏ وروى عبد الله بن أحمد في ‏"‏ زيادات المسند ‏"‏ والطبري من حديث عبادة بن الصامت قال‏:‏ ‏"‏ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء ‏"‏ فذكره في أثناء حديث طويل، ولابن عدي من حديث أنس ‏"‏ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء التي تؤتى من كل مكان ‏"‏ فذكره، وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بسبعة أذرع‏)‏ الذي يظهر أن المراد بالذراع ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل، وقيل المراد بالذراع ذراع البنيان المتعارف، قال الطبري‏:‏ معناه أن يجعل قدر الطريق المشتركة سبعة أذرع ثم يبقى بعد ذلك لكل واحد من الشركاء في الأرض قدر ما ينتفع به ولا يضر غيره، والحكمة في جعلها سبعة أذرع لتسلكها الأحمال والأثقال دخولا وخروجا ويسع ما لا بد لهم من طرحه عند الأبواب، ويلتحق بأهل البنيان من قعد للبيع في حافة الطريق، فإن كان الطريق أزيد من سبعة أذرع لم يمنع من القعود في الزائد، وإن كان أقل منع لئلا يضيق الطريق على غيره‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:07 pm

3* باب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ حذف التشكيل

وَقَالَ عُبَادَةُ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَنْتَهِبَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب النهبى بغير إذن صاحبه‏)‏ أي صاحب الشيء المنهوب، والنهبى بضم النون فعلى من النهب، وهو أخذ المرء ما لبس له جهارا، ونهب مال الغير غير حائز، ومفهوم الترجمة أنه إذا أذن جاز، ومحله في المنهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه، وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره، وكره مالك وجماعة النهب في نثار العرس، لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها، وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد، ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه‏.‏

وسيأتي لذلك مزيد بيان في أول كتاب الشركة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبادة‏:‏ بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب‏)‏ هذا طرف من حديث وصله المؤلف في ‏"‏ وفود الأنصار ‏"‏ وقد تقدمت الإشارة إليه في أوائل كتاب الإيمان، وكان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات، فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت عبد الله بن يزيد‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني وحده ‏"‏ ابن زيد ‏"‏ وهو تصحيف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو‏)‏ يعني عبد الله ‏(‏جده‏)‏ أي جد عدي لأمه، واسم أمه فاطمة وتكنى أم عدي، وعبد الله بن يزيد هو الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء، وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري غير هذا الحديث، وله فيه عن الصحابة غير هذا‏.‏

وقد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وروى هذا الحديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة فقال فيه ‏"‏ عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري ‏"‏ أشار إليه الإسماعيلي، وأخرجه الطبراني، والمحفوظ عن شعبة ليس فيه أبو أيوب‏.‏

وفيه اختلاف آخر على عدي بن ثابت كما سيأتي في كتاب الذبائح‏.‏

وفي النهي عن النهبة حديث جابر عند أبي داود بلفظ ‏"‏ من انتهب فليس منا ‏"‏ وحديث أنس عند الترمذي مثله، وحديث عمران عند ابن حبان مثله‏.‏

وحديث ثعلبة بن الحكم بلفظ ‏"‏ إن النهبة لا تحل ‏"‏ عند ابن ماجة، وحديث زيد بن خالد عند أحمد ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن النهبى والمثلة‏)‏ بضم الميم وسكون المثلثة، ويجوز فتح الميم وضم المثلثة، وسيأتي شرحها في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى‏.‏

ثم أورد المصنف حديث ‏"‏ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ‏"‏ الحديث، وفيه‏:‏ ‏"‏ ولا ينتهب نهبة ترفع الناس إليه فيها أبصارهم ‏"‏ ومنه يستفاد التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا النُّهْبَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن سعيد‏)‏ يعني ابن المسيب ‏(‏وأبي سلمة‏)‏ يعني ابن عبد الرحمن ‏(‏عن أبي هريرة مثله إلا النهبة‏)‏ يعني أن الزهري روى الحديث عن هؤلاء الثلاثة عن أبي هريرة فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادة ذكر النهبة فيه، وظاهره أن الحديث عند عقيل عن الزهري عن الثلاثة على هذا الوجه، وقد أخرجه في الحدود فقال فيه‏:‏ ‏"‏ عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة مثله إلا النهبة ‏"‏ ورواه مسلم من طريق الأوزاعي عن الزهري عن الثلاثة بتمامه، وكأن الأوزاعي حمل رواية سعيد وأبي سلمة على رواية أبي بكر، والذي فصلها أحفظ منه فهو المحفوظ، وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال الفربري‏:‏ وجدت بخط أبي جعفر‏)‏ هو ابن أبي حاتم وراق البخاري، ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف ‏(‏تفسيره‏)‏ أي تفسير النفي في قوله‏:‏ ‏"‏ لا يزني وهو مؤمن ‏"‏ ‏(‏أن ينزع منه، يريد الإيمان‏)‏ وهذا التفسير تلقاه البخاري من ابن عباس، فسيأتي في أول الحدود ‏"‏ وقال ابن عباس‏:‏ ينزع منه نور الإيمان ‏"‏ وسنذكر هناك من وصله ومن وافقه على هذا التأويل ومن خالفه إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كسر الصليب وقتل الخنزير‏)‏ أورد فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ ينزل ابن مريم ‏"‏ وسيأتي شرحه في أحاديث الأنبياء، وقد تقدم من وجه آخر في ‏"‏ باب من قتل الخنزير ‏"‏ في أواخر البيوع‏.‏

وفي إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرا أو كسر صليبا لا يضمن لأنه فعل مأمورا به، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله، وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى‏.‏

ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين، أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه، فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لأنهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية، وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية، وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لإخباره بذلك وتقريره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كسر الصليب وقتل الخنزير‏)‏ أورد فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ ينزل ابن مريم ‏"‏ وسيأتي شرحه في أحاديث الأنبياء، وقد تقدم من وجه آخر في ‏"‏ باب من قتل الخنزير ‏"‏ في أواخر البيوع‏.‏

وفي إيراده هنا إشارة إلى أن من قتل خنزيرا أو كسر صليبا لا يضمن لأنه فعل مأمورا به، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن عيسى عليه السلام سيفعله، وهو إذا نزل كان مقررا لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى‏.‏

ولا يخفى أن محل جواز كسر الصليب إذا كان مع المحاربين، أو الذمي إذا جاوز به الحد الذي عوهد عليه، فإذا لم يتجاوز وكسره مسلم كان متعديا لأنهم على تقريرهم على ذلك يؤدون الجزية، وهذا هو السر في تعميم عيسى كسر كل صليب لأنه لا يقبل الجزية، وليس ذلك منه نسخا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل الناسخ هو شرعنا على لسان نبينا لإخباره بذلك وتقريره‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 23, 2010 12:08 pm

*3* باب هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ حذف التشكيل

فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الزقاق‏)‏ لم يبين الحكم، لأن المعتمد فيه التفصيل‏:‏ فإن كانت الأوعية بحيث يراق ما فيها وإذا غسلت طهرت وانتفع بها لم يحز إتلافها وإلا جاز، وكأنه أشار بكسر الدنان إلى ما أخرجه الترمذي عن أبي طلحة قال‏:‏ ‏"‏ يا نبي الله اشتريت خمرا لأيتام في حجري‏.‏

قال‏:‏ أهرق الخمر وكسر الدنان ‏"‏ وأشار بتخريق الزقاق إلى ما أخرجه أحمد عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شفرة وخرج إلى السوق وبها زقاق خمر جلبت من الشام فشق بها ما كان من تلك الزقاق ‏"‏ فأشار المصنف إلى أن الحديثين إن ثبتا فإنما أمر بكسر الدنان وشق الزقاق عقوبة لأصحابها، وإلا فالانتفاع بها بعد تطهيرها ممكن كما دل عليه حديث سلمة أول أحاديث الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن كسر صنما أو صليبا أو طنبورا أو ما لا ينتفع بخشبه‏)‏ أي هل يضمن أم لا‏؟‏ أما الصنم والصليب فمعروفان يتخذان من خشب ومن حديد ومن نحاس وغير ذلك، وأما الطنبور فهو بضم الطاء والموحدة بينهما نون سكنة آلة من آلات الملاهي معروفة وقد تفتح طاؤه، وأما ما لا ينتفع بخشبه فبينه وبين ما تقدم خصوص وعموم وقال الكرماني‏:‏ المعنى أو كسر شيئا لا يجوز الانتفاع بخشبة قبل الكسر كآلة الملاهي، يعني فيكون من العام بعد الخاص، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون ‏"‏ أو ‏"‏ بمعنى حتى، أي كسر ما ذكر إلى حد لا ينتفع بخشبه، أو هو عطف على محذوف تقديره كسر كسرا لا ينتفع بخشبه ولا ينتفع به بعد الكسر‏.‏

قلت‏:‏ ولا يخفى تكلف هذا الأخير وبعد الذي قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأتي شريح في طنبور كسر فلم يقض فيه بشيء‏)‏ أي لم يضمن صاحبه، وقد وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي حصين بفتح أوله بلفظ ‏"‏ أن رجلا كسر طنبورا لرجل فرفعه إلى شريح فلم يضمنه شيئا ‏"‏ ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ قَالُوا عَلَى الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ قَالَ اكْسِرُوهَا وَأَهْرِقُوهَا قَالُوا أَلَا نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ اغْسِلُوا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ الْحُمُرِ الْأَنْسِيَّةِ بِنَصْبِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ

الشرح‏:‏

حديث سلمة بن الأكوع في غسل القدور التي طبخت فيها الخمر، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى‏.‏

وهو يساعد ما أشرت إليه في الترجمة من التفصيل‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ أراد التغليظ عليهم في طبخهم ما نهي عن أكله، فلما رأى إذعانهم اقتصر على غسل الأواني، وفيه رد على من زعم أن دنان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها لما يداخلها من الخمر، فإن الذي داخل القدور من الماء الذي طبخت به الخمر يطهره، وقد أذن صلى الله عليه وسلم في غسلها فدل على إمكان تطهيرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف ‏(‏كان ابن أبي أويس‏)‏ يعني شيخه إسماعيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأنسية بنصب الألف والنون‏)‏ يعني أنها نسبت إلى الأنس بالفتح ضد الوحشة تقول أنسته أنسة وأنسا بإسكان النون وفتحها، والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الإنس أي بني آدم تألفهم وهي ضد الوحشية‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ثبت هذا التفسير لأبي ذر وحده، وتعبيره عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب جائز عند المتقدمين، وإن كان الاصطلاح أخيرا قد استقر على خلافه فلا يبادر إلى إنكاره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود في طعن الأصنام، وسيأتي الكلام عليه في غزوة الفتح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يطعنها‏)‏ بفتح العين وبضمها، قال الطبري‏:‏ في حديث ابن مسعود جواز كسر الآت الباطل وما لا يصلح إلا في المعصية حتى تزول هيئتها وينتفع برضاضها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا

الشرح‏:‏

حديث عائشة في هتك الستر الذي فيه التماثيل، وسيأتي الكلام عليه في اللباس ونذكر فيه وجه الجمع بين قولها هنا ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ عليها ‏"‏ وبين قولها في الطريق الأخرى ‏"‏ ما بال هذه النمرقة‏؟‏ قلت‏:‏ اشتريتها لتوسدها‏.‏

قال‏:‏ إن البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة‏"‏‏.‏

والسهوة بفتح المهملة وسكون الهاء صفة وقيل خزانة وقيل رف وقيل طاق يوضع فيه الشيء‏.‏

قال ابن التين‏:‏ قولها‏:‏ ‏"‏ فهتكه ‏"‏ أي شقه، كذا قال، والذي يظهر أنه نزعه، ثم هي بعد ذلك قطعته كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من قاتل دون ماله‏)‏ أي ما حكمه‏؟‏ قال القرطبي‏:‏ ‏"‏ دون ‏"‏ في أصلها ظرف مكان بمعنى تحت، وتستعمل للسببية على المجاز، ووجهه أن الذي يقاتل عن ماله غالبا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن يزيد‏)‏ هو المقرئ وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، ووقع منسوبا هكذا عند الإسماعيلي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عكرمة‏)‏ في رواية الطبري عن أبي الأسود ‏"‏ أن عكرمة أخبره ‏"‏ وليس لعكرمة عن عبد الله بن عمرو وهو ابن العاص في صحيح البخاري غير هذا الحديث الواحد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من قتل دون ماله فهو شهيد‏)‏ قال الإسماعيلي وكذا أخرجه البخاري‏.‏

وكأنه كتبه من حفظه أو حدث به المقرئ من حفظه فجاء به على اللفظ المشهور، وإلا فقد رواه الجماعة عن المقرئ بلفظ ‏"‏ من قتل دون ماله مظلوما فله الجنة ‏"‏ قال‏:‏ ومن أتى به على غير اللفظ الذي اعتيد فهو أولى بالحفظ ولا سيما وفيهم مثل دحيم، وكذلك ما زادوه من قوله‏:‏ ‏"‏ مظلوما ‏"‏ فإنه لا بد من هذا القيد‏.‏

وساقه من طريق دحيم وابن أبي عمر وعبد العزيز بن سلام، قلت‏:‏ وكذلك أخرجه النسائي عن عبيد الله بن فضالة عن المقرئ، وكذلك رواه حيوة بن شريح عن أبي الأسود بهذا اللفظ أخرجه الطبري‏.‏

نعم للحديث طريق أخرى عن عكرمة أخرجها النسائي باللفظ المشهور، وأخرجه مسلم كذلك من طريق ثابت بن عياض عن عبد الله بن عمرو، وفي روايته قصة قال‏:‏ ‏"‏ لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان - يشير للقتال - فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو فوعظه، فقال عبد الله بن عمرو‏:‏ أما علمت‏.‏

‏"‏ فذكر الحديث، وأشار بقوله‏:‏ ‏"‏ ما كان ‏"‏ إلى ما بينه حيوة في روايته المشار إليها فإن أولها ‏"‏ أن عاملا لمعاوية أجرى عينا من ماء ليسقي بها أرضا، فدنا من حائط لآل عمرو بن العاص فأراد أن يخرجه ليجري العين منه إلى الأرض، فأقبل عبد الله بن عمرو ومواليه بالسلاح وقالوا‏:‏ والله لا تخرقون حائطنا حتى لا يبقى منا أحد ‏"‏ فذكر الحديث، والعامل المذكور هو عنبسة بن أبي سفيان كما ظهر من رواية مسلم، وكان عاملا لأخيه على مكة والطائف، والأرض المذكورة كانت بالطائف، وامتناع عبد الله بن عمرو من ذلك لما يدخل عليه من الضرر فلا حجة فيه لمن عارض به حديث أبي هريرة فيمن أراد أن يضع جذعه على جدار جاره والله أعلم‏.‏

وأخرجه النسائي من وجهين آخرين، وأبو داود والترمذي من وجه آخر كلهم عن عبيد الله بن عمرو باللفظ المشهور‏.‏

وفي رواية لأبي داود والترمذي ‏"‏ من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ‏"‏ ولابن ماجة من حديث ابن عمر نحوه، وكأن البخاري أشار إلى ذلك في الترجمة لتعبيره بلفظ ‏"‏ قاتل ‏"‏ وروى الترمذي وبقية أصحاب السنن من حديث سعيد بن زيد نحوه وفيه ذكر الأهل والدم والدين، وفي حديث أبي هريرة عند ابن ماجة ‏"‏ من أريد ماله ظلما فقتل فهو شهيد ‏"‏ قال النووي‏:‏ فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلا أو كثيرا وهو قول الجمهور، وشذ من أوجبه‏.‏

وقال بعض المالكية‏:‏ لا يجوز إذا طلب الشيء الخفيف‏.‏

قال القرطبي‏:‏ سبب الخلاف عندنا هل الإذن في ذلك من باب تغيير المنكر فلا يفترق الحال بين القليل والكثير، أو من باب دفع الضرر فيختلف الحال‏؟‏ وحكى ابن المنذر عن الشافعي قال‏:‏ من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله الاختيار أن يكلمه أو يستغيث، فإن منع أو امتنع لم يكن له قتاله وإلا فله أن يدفعه عن ذلك ولو أتى على نفسه، وليس عليه عقل ولا دية ولا كفارة، لكن ليس له عمد قتله‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلما بغير تفصيل، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث المجمعين على استثناء السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه‏.‏

وفرق الأوزاعي بين الحال التي للناس فيها جماعة وإمام فحمل الحديث عليها، وأما في حبال الاختلاف والفرقة فليستسلم ولا يقاتل أحدا‏.‏

ويرد عليه ما وقع في حديث أبي هريرة عند مسلم بلفظ ‏"‏ أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي‏؟‏ قال‏:‏ فلا تعطه‏.‏

قال‏:‏ أرأيت أن قاتلني‏؟‏ قال‏:‏ فاقتله‏.‏

قال‏:‏ أرأيت أن قتلني‏؟‏ قال‏:‏ فأنت شهيد‏.‏

قال أرأيت أن قتلته‏؟‏ قال‏:‏ فهو في النار ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ إنما أدخل البخاري هذه الترجمة في هذه الأبواب ليبين أن للإنسان أن يدفع عن نفسه وماله ولا شيء عليه، فإنه إذا كان شهيدا إذا قتل في ذلك فلا قود عليه ولا دية إذا كان هو القاتل‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 23, 2010 12:09 pm

3* باب إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره‏)‏ أي هل يضمن المثل أو القيمة‏؟‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتْ الْقَصْعَةَ فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَقَالَ كُلُوا وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه‏)‏ في رواية الترمذي من طريق سفيان الثوري عن حميد عن أنس ‏"‏ أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها ‏"‏ الحديث وأخرجه أحمد عن ابن أبي عدي ويزيد بن هارون عن حميد به وقال‏:‏ أظنها عائشة‏.‏

قال الطيبي‏:‏ إنما أبهمت عائشة تفخيما لشأنها، وإنه مما لا يخفى ولا يلتبس أنها هي، لأن الهدايا إنما كانت تهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم‏)‏ لم أقف على اسم الخادم، وأما المرسلة فهي زينب بنت جحش ذكره ابن حزم في ‏"‏ المحلى ‏"‏ من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد ‏"‏ سمعت أنس بن مالك أن زينب بنت جحش أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس ‏"‏ الحديث، واستفدنا منه معرفة الطعام المذكور‏.‏

ووقع قريب من ذلك لعائشة مع أم سلمة، فروى النسائي من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي المتوكل ‏"‏ عن أم سلمة أنها أتت بطعام في صحفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة ‏"‏ الحديث، وقد اختلف في هذا الحديث على ثابت فقيل‏:‏ عنه عن أنس، ورجح أبو زرعة الرازي فيما حكاه ابن أبي حاتم في ‏"‏ العلل ‏"‏ عنه رواية حماد بن سلمة وقال‏:‏ إن غيرها خطأ، ففي الأوسط للطبراني من طريق عبيد الله العمري ‏"‏ عن ثابت عن أنس أنهم كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة إذ أتى بصحفة خبز ولحم من بيت أم سلمة، قال‏:‏ فوضعنا أيدينا وعائشة تصنع طعاما عجلة، فلما فرغنا جاءت به ورفعت صحفة أم سلمة فكسرتها ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرجه الدار قطني من طريق عمران بن خالد عن ثابت عن أنس قال‏:‏ ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة معه بعض أصحابه ينتظرون طعاما فسبقتها - قال عمران أكثر ظني أنها حفصة - بصحفة فيها ثريد فوضعتها فخرجت عائشة - وذلك قبل أن يحتجبن - فضربت بها فانكسرت ‏"‏ الحديث‏.‏

ولم يصب عمران في ظنه أنها حفصة بل هي أم سلمة كما تقدم، نعم وقعت القصة لحفصة أيضا، وذلك فيما رواه ابن أبي شيبة وابن ماجة من طريق رجل من بني سواءة غير مسمى عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فصنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما فسبقتني، فقلت للجارية انطلقي فأكفئي قصعتها فأكفأتها فانكسرت وانتشر الطعام، فجمعه على النطع فأكلوا، ثم بعث بقصعتي إلى حفصة فقال‏:‏ خذوا ظرفا مكان ظرفكم ‏"‏ وبقية رجاله ثقات، وهي قصة أخرى بلا ريب، لأن في هذه القصة أن الجارية هي التي كسرت الصحفة وفي الذي تقدم أن عائشة نفسها هي التي كسرتها‏.‏

وروى أبو داود والنسائي من طريق جسرة بفتح الجيم وسكون المهملة عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ ما رأيت صانعة طعاما مثل صفية، أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت‏:‏ يا رسول الله ما كفارته‏؟‏ قال‏:‏ إناء كإناء وطعام كطعام ‏"‏ إسناده حسن‏:‏ ولأحمد وأبي داود عنها ‏"‏ فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة ‏"‏ فهذه قصة أخرى أيضا، وتحرر من ذلك أن المراد بمن أبهم في حديث الباب هي زينب لمجيء الحديث من مخرجه وهو حميد عن أنس، وما عدا ذلك فقصص أخرى لا يليق بمن يحقق أن يقول في مثل هذا‏:‏ قيل المرسلة فلانة وقيل فلانة إلخ من غير تحرير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بقصعة‏)‏ بفتح القاف‏:‏ إناء من خشب‏.‏

وفي رواية ابن علية في النكاح عند المصنف ‏"‏ بصحفة ‏"‏ وهي قصعة مبسوطة وتكون من غير الخشب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فضربت بيدها فكسرت القصعة‏)‏ زاد أحمد ‏"‏ نصفين ‏"‏ وفي رواية أم سلمة عند النسائي ‏"‏ فجاءت عائشة ومعها فهر ففلقت به الصحفة ‏"‏ وفي رواية ابن علية ‏"‏ فضربت التي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت ‏"‏ والفلق بالسكون الشق، ودلت الرواية الأخرى على أنها انشقت ثم انفصلت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فضمها‏)‏ في رواية ابن علية ‏"‏ فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول‏:‏ غارت أمكم ‏"‏ ولأحمد ‏"‏ فأخذ الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام ‏"‏ ولأبي داود والنسائي من طريق خالد بن الحارث عن حميد نحوه وزاد ‏"‏ كلوا فأكلوا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وحبس الرسول‏)‏ زاد ابن علية ‏"‏ حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فدفع القصعة الصحيحة‏)‏ زاد ابن علية ‏"‏ إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت ‏"‏ زاد الثوري ‏"‏ وقال‏:‏ إناء كإناء وطعام كطعام ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ احتج به الشافعي والكوفيون فيمن استهلك عروضا أو حيوانا فعليه مثل ما استهلك، قالوا‏:‏ ولا يقضى بالقيمة إلا عند عدم المثل‏.‏

وذهب مالك إلى القيمة مطلقا‏.‏

وعنه في رواية كالأول‏.‏

وعنه ما صنعه الآدمي فالمثل‏.‏

وأما الحيوان فالقيمة‏.‏

وعنه ما كان مكيلا أو موزونا فالقيمة وإلا فالمثل وهو المشهور عندهم‏.‏

وما أطلقه عن الشافعي فيه نظر، وإنما يحكم في الشيء بمثله إذا كان متشابه الأجزاء، وأما القصعة فهي من المتقومات لاختلاف أجزائها‏.‏

والجواب ما حكاه البيهقي بأن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيتي زوجتيه فعاقب الكاسرة بجعل القصعة المكسورة في بيتها وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها ولم يكن هناك تضمين، ويحتمل على تقدير أن تكون القصعتان لهما أنه رأى ذلك سدادا بينهما فرضيتا بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك في الزمان الذي كانت العقوبة فيه بالمال كما تقدم قريبا، فعاقب الكاسرة بإعطاء قصعتها للأخرى‏.‏

قلت‏:‏ ويبعد هذا التصريح بقوله‏:‏ ‏"‏ إناء كإناء ‏"‏ وأما التوجيه الأول فيعكر عليه قوله في الرواية التي ذكرها ابن أبي حاتم ‏"‏ من كسر شيئا فهو له وعليه مثله ‏"‏ زاد في رواية الدار قطني ‏"‏ فصارت قضية ‏"‏ وذلك يقتضي أن يكون حكما عاما لكل من وقع له مثل ذلك، ويبقى دعوى من اعتذر عن القول به بأنها واقعة عين لا عموم فيها، لكن محل ذلك ما إذا أفسد المكسور، فأما إذا كان الكسر خفيفا يمكن إصلاحه فعلى الجاني أرشه، والله أعلم‏.‏

وأما مسألة الطعام فهي محتملة لأن يكون ذلك من باب المعونة والإصلاح دون بت الحكم بوجوب المثل فيه لأنه ليس له مثل معلوم، وفي طرق الحديث ما يدل على ذلك وأن الطعامين كانا مختلفين والله أعلم‏.‏

واحتج به الحنفية لقولهم إذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وعظم منافعها زال ملك المغصوب عنها وملكها الغاصب وضمنها، وفي الاستدلال لذلك بهذا الحديث نظر لا يخفى، قال الطيبي‏:‏ وإنما وصفت المرسلة بأنها أم المؤمنين إيذانا بسبب الغيرة التي صدرت من عائشة وإشارة إلى غيرة الأخرى حيث أهدت إلى بيت ضرتها، وقوله‏:‏ ‏"‏ غارت أمكم ‏"‏ اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لئلا يحمل صنيعها على ما يذم، بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها، وسيأتي مزيد لما يتعلق بالغيرة في كتاب النكاح حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى‏.‏

وفي الحديث حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وإنصافه وحلمه، قال ابن العربي‏:‏ وكأنه إنما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام لما وقع منها من التعدي لما فهم من أن التي أهدت أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها والمظاهرة عليها فاقتصر على تغريمها للقصعة، قال‏:‏ وإنما لم يغرمها الطعام لأنه كان مهدي فإتلافهم له قبول أو في حكم القبول، وغفل رحمه الله عما ورد في الطرق الأخرى والله المستعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن أبي مريم‏)‏ هو سعيد شيخ البخاري، وأراد بذلك بيان التصريح بتحديث أنس لحميد، وقد وقع تصريحه بالسماع منه لهذا الحديث في رواية جرير بن حازم المذكورة أولا من عند ابن حزم‏.‏

*3* باب إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا هدم حائطا فليبن مثله‏)‏ أي خلافا لمن قال تلزمه القيمة من المالكية وغيرهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ

الشرح‏:‏

أورد المصنف حديث أبي هريرة في قصة جريج الراهب مختصرا، وساقه في أحاديث الأنبياء من هذا الوجه مطولا، ويأتي الكلام عليه هناك مستوفى إن شاء الله تعالى‏.‏

وموضع الحاجة منه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ فقالوا نبني صومعتك من ذهب، قال‏:‏ لا إلا من طين ‏"‏ وقال قبل ذلك ‏"‏ فكسروا صومعته ‏"‏ وتوجيه الاحتجاج به أن شرع من قبلنا شرع لنا، وهو كذلك إذا لم يأت شرعنا بخلافه كما تقدم غير مرة، لكن في الاستدلال بقصة جريج فيما ترجم به نظر، قال ابن المنير‏:‏ الاستدلال بذلك غير ظاهر فيما ترجم له؛ لأنهم عرضوا عليه مالا يلزمهم اتفاقا وهو بناؤها من ذهب، وما أجابهم جريج إلا بقوله‏:‏ ‏"‏ من طين ‏"‏ وأشار بذلك إلى الصفة التي كانت عليها قال‏:‏ ولا خلاف أن الهادم لو التزم الإعادة ورضي صاحبه في جواز ذلك‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل على أصل مالك أن لا يجوز، لأنه فسخ لما وجب ناجزا وهو القيمة إلا ما يتأخر وهو البنيان‏.‏

قال ابن مالك‏:‏ في قوله‏:‏ ‏"‏ لا إلا من طين ‏"‏ شاهد على حذف المجزوم بلا، فإن التقدير لا تبنوها إلا من طين‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ حذف التشكيل ‏:‏ اشتمل كتاب المظالم من الأحاديث المرفوعة على ثمانية وأربعين حديثا‏.‏

المعلق منها ستة، المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية وعشرون حديثا، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي سعيد ‏"‏ إذا خلص المؤمنون ‏"‏ وحديث أنس ‏"‏ انصر أخاك ‏"‏ وحديث أبي هريرة ‏"‏ من كانت له مظلمة ‏"‏ وحديث ابن عمر ‏"‏ من أخذ شيئا من الأرض ‏"‏ وحديث عبد الله بن يزيد في النهي عن النهبى والمثلة، وحديث أنس في القصعة المكسورة‏.‏

وفيه من الآثار سبعة آثار‏.‏

والله سبحانه وتعالى أعلم
‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْإِيمَانِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب التَّيَمُّمِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )25

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: