المبحث الأول:
دور الجامعة العربية في دعم القضية الجزائرية:
استجاب الحكام العرب لدعوة وزير خارجية بريطانيا ابرن في 21 ماي 1941 التي أعلن فيها الترحيب بالوحدة العربية و بتاريخ 8 فيفري 1945 شكلت لجنة القاهرة ميثاقا لجامعة الدول العربية بدعوة من رئيس الوزراء المصري وقد دخل هذا الميثاق حيز التنفيذ في 11 ماي1945 (1).
وإذا حاولنا تتبع موقف الجامعة العربية تجاه القضية الجزائرية نجد أن بدايتها تعود إلى ما قبل الثورة الجزائرية1945 حيث أصدر ملوك ورؤساء الدول العربية في نهاية ماي 1946 بيانا أوكلوا فيه إلى الجامعة السعي إلي تحقيق رغبات أهل الشام وإفريقيا تونس و المغرب والجزائر(2).
وفي 19 أفريل 1951 أصدر مجلس الجامعة قرار اللجنة السداسية حول قضايا شمال إفريقيا.
و بخصوص الجزائر فقد أوصت اللجنة بإثارة القضية أمام الأمم المتحدة كما كلفت الأمانة بإعداد دراسات وافية لمختلف شؤون الجزائر وان تبدل مساعيها لدى لجنة حقوق الإنسان لبحث هذه القضية لتتمكن من إثارتها أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة(3).وبعد اندلاع الثورة الجزائرية ساند ممثلو الدول العربية في الجامعة العربية الجزائريين متخذين من أساليب السلطات الفرنسية نحو الشعب الجزائري مبررا للرد على أي دعاية فرنسية تهدف إلى عزل الجزائر عن محيطها العربي(4) ولكن سلبية الرأي العام الدولي إزاء القضية الجزائرية لم يمكن بعض الأطراف العربية من تحقيق أي نتائج ملموسة بل أبدت بعض
الإطراف تحفظات بفعل الضغوط كما فعل مندوب العراق فاضل الجمالي الذي رفض فكرة عرض شؤون الجزائر على الجمعية العامة للأمم المتحدة(1).
وفي نهاية ديسمبر 1954قدم وفد المملكة العربية السعودية مذكرة إلى رئيس مجلس الأمن بشان الأوضاع الخطيرة في الجزائر بفعل أساليب القمع و الاضطهاد الفرنسية(2) وقد عملت الجامعة على إبراز القضية على المستوى الدولي ففي 13 جويلية 1955 بعث الأمين العام للجامعة بمذكرة إلى سكرتير الأمم المتحدة يبرز فيها ما تمارسه فرنسا ضد الجزائريين وأيضا إلى وزارات خارجية دول مؤتمر باندونغ وأيضا إلى الدول التي ليس لها تمثيل دبلوماسي بمصر من أجل بذل جهود لوقف الحالة المتدهورة بالجزائر(3).
كما وقفت الجامعة العربية ضد الادعاءات الفرنسية الرامية إلى جعل الجزائر جزءا من فرنسا، فكان اجتماع مجلس الجامعة العربية في 29مارس1956بالقاهرة الذي عبر عن استنكاره لهذه التصريحات وأعلن عن تأيده التام للشعب الجزائري العربي ومشاركته في محنته وما يتعرض له من اضطهاد بسبب مطالبته بالحرية و حق تقرير المصير (1)،ففي 22أكتوبر 1956قامت السلطات الفرنسية بخطف طائرة الزعماء الجزائريين المتوجهين من مراكش إلى تونس ،فدعا مجلس الجامعة في اجتماع طارئ في 23أكتوبر سلطان مراكش و الرئيس التونسي و الأمين العام للأمم المتحدة لاتخاذ كافة التدابير للمحافظة على سلامة الزعماء والسعي لإطلاق سراحهم،كما قامت الجامعة بنشاط دبلوماسي هام من خلال دعوتها وزراء خارجية الدول الأعضاء في 30 مارس 1957 إلى القيام بزيارات إلى الدول الأجنبية خصوصا في أمريكا اللاتينية واسكندنافيا للتعريف بعدالة القضية الجزائرية(2) وفي 19 سبتمبر 1958 توجت الجهود الجزائرية بتأسيس أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية بالقاهرة فعبرت الأمانة العامة للجامعة بترحيبها بهذه الحكومة ومساندتها من خلال كلمة عبد الحميد غالب مندوب الجمهورية العربية المتحدة التي رحب فيها بعضوية الحكومة الجزائرية و المطالبة ببذل المزيد من الدعم و المساندة العربيين لها،(3)والذي تجسد خصوصا في إنشاء صندوق لمعونة الجزائر في 28أفريل 1958بمبلغ قدره مليون جنيه إسترليني، وخلال اجتماع لجنة المندوبين في 20ماي 1958 طالب مندوب الجزائر أحمد توفيق المدني بتخصيص اثني عشر مليون جنيه كمعونات للمجاهدين الجزائريين عن طريق الجامعة العربية وتم إقرار ذلك في جلسة 18أكتوبر1958، وإضافة إلى المساعدات المادية كانت هناك مساعدات عسكرية لتسهيل تطوع الموطنين العرب وفتح مكاتب لذلك .كما طالبت الجامعة العربية خلال دورتها الثالثة و الثلاثين عام 1960بفتح تحقيق دولي لوقف الإبادات الجماعية للسكان ووقف دعم الحلف الأطلسي لفرنسا و مطالبة الدول الأفروآسيوية بالاعتراف بالحكومة الجزائرية،وقد تابعت الجامعة العربية سير المفاوضات الفرنسية الجزائرية من مولان 1960الى مراحل مفاوضات أيفيان سنة 1961م ووقفت على تطوراتها من المسؤولين الجزائريين ومندوب الحكومة المؤقتة لدى الجامعة و يبرز ذلك خصوصا أثناء بدء المفاوضات في 20 ماي 1961م و تعثرها بسبب قضية فصل الصحراء حيث اتفق أعضاء الجامعة مع ممثلي 29 دولة آفروآسيوية في الأمم المتحدة على تقديم مذكرة إلى الأمين العام يطالبون فيها إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها مع رفض مطالب فرنسا بفصل الصحراء و تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات(1) ، و بعد استئناف المفاوضات من جديد والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس 1962م وتوقيع اتفاقيات في 4 جويلية 1962م و الاعتراف باستقلال الجزائر ثمن مجلس الجامعة هذا الانجاز واعتبره نصرا للشعب الجزائري و أوصى بتقديم الدعم المالي السريع للحكومة الجزائرية ومساعدتها علميا و فنيا و إداريا ليتوج كل ذلك بانضمام الجزائر إلى الجامعة العربية في 17 أوت 1962(2)