[size=21]إثبات فاعلية هذه الأدوية والمعالجات
إنه وإن قلنا في أحاديث هذا النوع الثاني وأمثالها: إنها ليست حجة في الأمور الطبية، فإنه لا ينبغي مع ذلك اطراحها بالكلية، بل ينبغي أن تثير احتمالا بالصحة، كسائر الأقوال الطبية المأثورة عن أهل التجارب والمعرفة من غير أهل الاختصاص، بل هي أولى منها، للشبهة في أنها قد تكون مبنية على الوحي، ولو كانت شبهة ضعيفة، ولا يخفى ماذا حدث في الطاعون المتقدم ذكره من الحكمة البالغة التي يؤيدها الطب الحديث كل التأييد.
ولذا أرى أن تخضع للتحليل وللتجارب على الأسس المتعارفة عند أهل الاختصاص. فإن وجدت صالحة أدخلت حيز العمل، ويكون التحليل والتجريب هو الحجة في صلاحيتها، دون كونها مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن الكثير منها لا يثبت من حيث الرواية بطريق القطع أو شبهه على الوجه الذي تقدم بيانه.
تناول الأدوية المأثورة على أساس الاعتقاد الإيماني
ذكر ابن خلدون رحمه الله بعد كلامه الذي نقلناه سابقا حول كون الطب المنقول في الشرعيات عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يحمل على أنه مشروع، قال: "إلا إذا استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني، فيكون له أثر عظيم في النفع، وليس ذلك في الطب المزاجي، وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية". وقال ابن حجر: "استعمال كل ما وردت به السنة بصدق ينتفع به من يستعمله، ويدفع الله عنه الضرر بنيته، والعكس بالعكس".
الأمور الطبية الصرفة هي من صميم الأمور الدنيوية، لا يكفي فيها مجرد الإيمان.
الأمور الطبية الصرفة هي من صميم الأمور الدنيوية، لا يكفي فيها مجرد الإيمان. |
|
والذي اختاره د. محمد الأشقر أنه لا شك أن من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوز التبرك بآثاره، والاستشفاء بها، لكن هل يكون ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من المعالجات الطبية هو من جنس آثاره وملابسه ونحو ذلك، حتى يستشفى بها ويتبرك بها؟ يبدو أن في هذا نظرًا [أي ضعفًا]، فإنه لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه على أن ما يصدر عنه في مثل ذلك هو مجرد رأي يراه، وأنه بشر يخطئ ويصيب، وأن ما حدث به من قبل نفسه فهم أعلم بدنياهم، فكيف يتساوى ما نبه على عدم نفعه من الشؤون التي قالها من عند نفسه، مع ما أذن فيه من التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم؟!.
ثم إن الصحابة الذين تركوا تأبير النخل إنما تركوه تصديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيمانا به، وعملا بقوله، ومع ذلك خرج ثمره ذلك العام شيصا، أي تالفا غير صالح، ولم يأت إيمانهم وتصديقهم كافيا ليصلح به الثمر؛ لأنه ليس في الحقيقة سببا لذلك. فكذلك هذه الأمور الطبية الصرفة، هي من صميم الأمور الدنيوية، لا يكفي فيها مجرد الإيمان - التصديق - مع كونها ليست أسبابا في حقيقة الأمر.
وأما القياس على الشفاء القرآني بالمواعظ فهو قياس فاسد، فإن مواعظ القرآن من لم يصدق بها لا يستمع إليها، وإن استمع إليها فإنه لا يقبلها ولا يعمل بها، فكيف تنفعه؟ كالدواء المادي إذا لم يتناوله المريض لا ينفعه. أما إن تناوله فإن تأثيره في الأجسام لا يختلف بالتصديق وعدمه.
اقرأ نص البحث كاملا:
طالع أوراق الملف:
[/size]