*3* باب تَخْلِيلِ الشَّعَرِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب تخليل الشعر) أي في غسل الجنابة.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا
الشرح:
قوله: (عبد الله) هو ابن المبارك.
قوله: (إذا اغتسل) أي أراد أن يغتسل.
قوله: (إذا ظن) يحتمل أن يكون على بابه ويكتفي فيه بالغلبة، ويحتمل أن يكون بمعنى علم.
قوله (أروى) هو فعل ماض من الإرواء، يقال أرواه إذا جعله ريانا، والمراد بالبشرة هنا ما تحت الشعر.
قوله: (أفاض عليه) أي على شعره.
قوله: (ثم غسل سائر جسده) أي بقية جسده، وقد تقدم من رواية مالك عن هشام في أول كتاب الغسل هنا " على جلده كله " فيحتمل أن يقال إن سائر هنا بمعنى الجميع جمعا بين الروايتين.
وبقية مباحث الحديث تقدمت هناك.
قوله: (وقالت) أي عائشة " وهو معطوف على الأول فهو متصل بالإسناد المذكور.
قوله: (نغرف) إسكان المعجمة بعدها راء مكسورة، وله في الاعتصام " نشرع فيه جميعا " وقد تقدمت مباحثه في باب: هل يدخل الجنب يده في الطهور.
*3* باب مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى حذف التشكيل
الشرح:
قوله (باب من توضأ في الجنابة) سقط من أواخر الترجمة لفظ " منه " من رواية غير أبي ذر.
الحديث:
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ
الشرح:
قوله: (أخبرنا) ولأبي ذر (حدثنا الفضل) .
قوله: (وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة) كذا للأكثر بالإضافة، ولكريمة " وضوءا " بالتنوين " لجنابة " بلام واحدة، وللكشميهني " جنابة"، ولرفيقيه " وضع " على البناء للمفعول " لرسول الله " بزيادة اللام أي لأجله " وضوء " بالرفع والتنوين.
قوله: (فكفأ) ولغير أبي ذر " فأكفأ " أي قلب.
قوله: (على يساره) كذا للأكثر، وللمستملي وكريمة " على شماله".
قوله: (ضرب يده بالأرض) كذا للأكثر، وللكشميهني " ضرب بيده الأرض".
قوله: (ثم غسل جسده) قال ابن بطال: حديث عائشة الذي في الباب قبله أليق بالترجمة، لأن فيه " ثم غسل سائر جسده " وأما حديث الباب ففيه " ثم غسل جسده " فدخل في عمومه مواضع الوضوء فلا يطابق قوله " ولم يعد غسل مواضع الوضوء " وأجاب ابن المنير بأن قرينة الحال والعرف من سياق الكلام يخص أعضاء الوضوء فإن تقديم غسل أعضاء الوضوء وعرف الناس من مفهوم الجسد إذا أطلق بعده يعطي ذلك ا هـ.
ولا يخفى تكلفه.
وأجاب ابن التين بأن مراد البخاري أن يبين أن المراد بقوله في هذه الرواية " ثم غسل جسده " أي ما بقي من جسده، بدليل الرواية الأخرى.
وهذا فيه نظر لأن هذه القصة غير تلك القصة كما قدمنا في أوائل الغسل.
وقال الكرماني: لفظ " جسده " شامل لجميع أعضاء البدن فيحمل عليه الحديث السابق، أو المراد هنا بسائر جسده أي باقيه بعد الرأس لا أعضاء الوضوء.
قلت: ومن لازم هذا التقرير أن الحديث غير مطابق للترجمة.
والذي يظهر لي أن البخاري حمل قوله " ثم غسل جسده " على المجاز أي ما بقي بعدما تقدم ذكره، ودليل ذلك قوله بعد " فغسل رجليه " إذ لو كان قوله " غسل جسده " محمولا على عمومه لم يحتج لغسل رجليه ثانيا، لأن غسلهما كان يدخل في العموم، وهذا أشبه بتصرفات البخاري، إذ من شأنه الاعتناء بالأخفى أكثر من الأجلى.
واستنبط ابن بطال من كونه لم يعد غسل مواضع الوضوء إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة، وإجزاء الصلاة بالوضوء المجدد لمن تبين أنه كان قبل التجديد محدثا.
والاستنباط المذكور مبني عنده على أن الوضوء الواقع في غسل الجنابة سنة وأجزأ مع ذلك عن غسل تلك الأعضاء بعده.
وهي دعوى مردودة، لأن ذلك يختلف باختلاف النية، فمن نوى غسل الجنابة وقدم أعضاء الوضوء لفضيلته ثم غسله وإلا فلا يصح البناء المذكور.
والله أعلم.
قوله: (ينفض الماء بيده) سقط " الماء " من غير رواية أبي ذر، وللأصيلي " فجعل ينفض بيده.
وباقي مباحث المتن تقدم في أوائل الغسل.
والله المستعان.
*3* باب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب إذا ذكر) أي تذكر الرجل، وهو (في المسجد أنه جنب خرج) .
ولأبي ذر وكريمة " يخرج " (كما هو) أي على حاله.
قوله: (ولا يتيمم) إشارة إلى رد من يوجبه في هذه الصورة، وهو منقول عن الثوري وإسحاق، كذا قال بعض المالكية فيمن نام في المسجد فاحتلم يتيمم قبل أن يخرج.
وورد " ذكر " بمعنى تذكر من الذكر بضم الذال كثيرا، وإن كان المتبادر أنه من الذكر بكسرها.
وقوله "خرج كما هو " قال الكرماني: هذه الكاف كاف المقارنة لا كاف التشبيه، كذا قال، وعلى التنزل فالتشبيه هنا ليس ممتنعا لأن يتعلق بحالته، أي خرج في حالة شبيهة بحالته التي قبل خروجه فيما يتعلق بالمحدث لم يفعل ما يرفعه من غسل أو ما ينوب عنه من التيمم.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ قِيَامًا فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا مَكَانَكُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ تَابَعَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ
الشرح:
قوله: (حدثنا عبد الله بن محمد) هو الجعفي، ويونس هو ابن يزيد.
قوله: (وعدلت) أي سويت، وكان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر حتى تستوي الصفوف.
قوله: (فلما قام في مصلاه ذكر) أي تذكر، لا أنه قال ذلك لفظا، وعلم الراوي بذلك من قرائن الحال أو بإعلامه له بعد ذلك.
وبين المصنف في الصلاة من رواية صالح بن كيسان عن الزهري أن ذلك كان قبل أن يكبر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة.
قوله: (فقال لنا: مكانكم) بالنصب أي: ألزموا مكانكم.
وفيه إطلاق القول على الفعل، فإن في رواية الإسماعيلي " فأشار بيده أن مكانكم " ويحتمل أن يكون جمع بين الكلام والإشارة.
قوله: (ورأسه يقطر) أي من ماء الغسل، وظاهر قوله " فكبر " الاكتفاء بالإقامة السابقة، فيؤخذ منه جواز التخلل الكثير بين الإقامة والدخول في الصلاة، وسيأتي مع بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة قبيل أبواب صلاة الجماعة بعد أبواب الأذان إن شاء الله تعالى.
قوله: (تابعه عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى البصري، وروايته موصولة عند الإمام أحمد عنه، وقد تابع عثمان بن عمر راويه عن يونس عن عبد الله بن وهب عند مسلم، وهذه متابعة تامة.
قوله: (ورواه الأوزاعي) روايته موصولة عند المؤلف في أوائل أبواب الإمامة كما سيأتي، وظن بعضهم أن السبب في التفرقة بين قوله تابعه وبين قوله رواه كون المتابعة وقعت بلفظه والرواية بمعناه، وليس كما ظن بل هو من التفنن في العبارة.