*3* باب الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ حذف التشكيل
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا الْمَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا وَقَالَ مَعْمَرٌ رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ وَصَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ
الشرح:
قوله (باب الصلاة في الجبة الشامية) هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها، وإنما عبر بالشامية مراعاة للفظ الحديث، وكانت الشام إذ ذاك دار كفر، وقد تقدم في باب المسح على الخفين أن في بعض طرق حديث المغيرة أن الجبة كانت صوفا وكانت من ثياب الروم.
ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لبسها ولم يستفصل وروى عن أبي حنيفة كراهية الصلاة فيها إلا بعد الغسل، وعن مالك إن فعل يعيد في الوقت.
قوله: (وقال الحسن) أي البصري، و " ينسجها " بكسر السين المهملة وضمها وبضم الجيم.
قوله: (المجوسي) كذا للحموي والكشميهني بلفظ المفرد، والمراد الجنس.
وللباقين " المجوس " بصيغة الجمع.
قوله: (لم ير) أي الحسن، وهو من باب التجريد، أو هو مقول الراوي، وهذا الأثر وصله أبو نعيم بن حماد في نسخته المشهورة عن معتمر عن هشام عنه ولفظه " لا بأس بالصلاة في الثوب الذي ينسجه المجوسي قبل أن يغسل " ولأبي نعيم في كتاب الصلاة عن الربيع عن الحسن " لا بأس بالصلاة في رداء اليهودي والنصراني، وكره ذلك ابن سيرين " رواه ابن أبي شيبة: قوله: (وقال معمر) وصله عبد الرزاق في مصنفه عنه.
وقوله "بالبول " إن كان للجنس فمحمول على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان للعهد فالمراد بول ما يؤكل لحمه لأنه كان يقول بطهارته.
قوله: (وصلى علي في ثوب غير مقصور) أي خام، والمراد أنه كان جديدا لم يغسل، روى ابن سعد من طريق عطاء بن محمد قال: رأيت عليا صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسول.
الحديث:
حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى
الشرح:
قوله: (حدثنا يحيى) هو ابن موسى البلخي، قال أبو علي الجياني: روى البخاري في " باب الجبة الشامية " وفي الجنائز وفي تفسير الدخان عن يحيى - غير منسوب - عن أبي معاوية فنسب ابن السكن الذي في الجنائز يحيى بن موسى قال: ولم أجد الآخرين منسوبين لأحد.
قلت: فينبغي حمل ما أهمل على ما بين، قد جزم أبو نعيم بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن جعفر البيكندي، وذكر الكرماني أنه رأى في بعض النسخ هنا مثله.
قلت: والأول أرجح لأن أبا علي بن شبوية وافق ابن السكن عن الفربري على ذلك في الجنائز وهنا أيضا، ورأيت بخط بعض المتأخرين: يحيى هو ابن بكير، وأبو معاوية هو شيبان النحوي.
وليس كما قال فليس ليحيى بن بكير عن شيبان رواية.
وبعد أن ردد الكرماني يحيى بين ابن موسى أو ابن جعفر أو ابن معين قال: وأبو معاوية يحتمل أن يكون شيبان النحوي.
وهو عجيب فإن كلا من الثلاثة لم يسمع من شيبان المذكور، وجزم أبو مسعود وكذا خلف في الأطراف وتبعهما المزي بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن يحيى، وما قدمناه عن ابن السكن يرد عليهم وهو المعتمد، ولا سيما وقد وافقه ابن شبوية، ولم يختلفوا في أن أبا معاوية هنا هو الضرير.
قوله: (عن مسلم) هو أبو الضحى.
وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة في " باب المسح على الخفين".
*3* باب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب كراهية التعري في الصلاة) زاد الكشميهني والحموي " وغيرها".
الحديث:
حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (حدثنا روح) هو ابن عبادة.
قوله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم) أي مع قريش لما بنوا الكعبة، وكان ذلك قبل البعثة، فرواية جابر لذلك من مراسيل الصحابة، فأما أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو من بعض من حضر ذلك من الصحابة.
والذي يظهر أنه العباس، وقد حدث به عن العباس أيضا ابنه عبد الله وسياقه أتم أخرجه الطبراني وفيه " فقام فأخذ إزاره وقال نهيت أن أمشي عريانا " وسيأتي ذكره في كتاب الحج مع بقية فوائده في باب بنيان الكعبة إن شاء الله تعالى.
قوله: (فجعلت) أي الإزار، وللكشميهني " فجعلته " وجواب لو محذوف إن كانت شرطية وتقديره: لكان أسهل عليك، وإن كانت للتمني فلا حذف.
قوله: (قال فحله) يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه به.
قوله: (فما رؤى) بضم الراء بعدها همزة مكسورة، ويجوز كسر الراء بعدها مدة ثم همزة مفتوحة.
وفي رواية الإسماعيلي " فلم يتعر بعد ذلك " ومطابقة للحديث للترجمة من هذه الجملة الأخيرة لأنها تتناول ما بعد النبوة فيتم بذلك الاستدلال.
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها.
وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس، وسيأتي ما يتعلق بالخلوة بعد قليل.
وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أنه صلى الله عليه وسلم تعرى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرى.
وهذا إن ثبت حمل على نفي التعري بغير ضرورة عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية، والنفي فيها على الإطلاق، أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الأهل أحيانا.