foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 9:28 pm

*3* باب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التعاون في بناء المسجد، ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله‏)‏ كذا في رواية أبي ذر‏.‏

وزاد غيره قبل قوله ما كان ‏"‏ وقول الله عز وجل ‏"‏ وفي آخره ‏"‏ إلى قوله المهتدين ‏"‏ وذكره لهذه الآية مصير منه إلى ترجيح أحد الاحتمالين من أحد الاحتمالين في الآية، وذلك أن قوله تعالى ‏(‏مساجد الله‏)‏ يحتمل أن يراد بها مواضع السجود، ويحتمل أن يراد بها الأماكن المتخذة لإقامة الصلاة، وعلى الثاني يحتمل أن يراد بعمارتها بنيانها، ويحتمل أن يراد بها الإقامة لذكر الله فيها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد‏)‏ هذا الإسناد كله بصري، لأن ابن عباس أقام على البصرة أميرا مدة ومعه مولاه عكرمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏انطلقا إلى أبي سعيد‏)‏ أي الخدري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هو‏)‏ زاد المصنف في الجهاد ‏"‏ فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يصلحه‏)‏ قال في الجهاد ‏"‏ يسقيانه ‏"‏ والحائط البستان، وهذا الأخ زعم بعض الشراح أنه قتادة بن النعمان وهو أخو أبي سعيد لأمه، ولا يصح أن يكون هو، فإن علي بن عبد الله بن عباس ولد في أواخر خلافة علي ومات قتادة بن النعمان قبل ذلك في أواخر خلافة عمر بن الخطاب، وليس لأبي سعيد أخ شقيق ولا أخ من أبيه ولا من أمه إلا قتادة، فيحتمل أن يكون المذكور أخاه من الرضاعة ولم أقف إلى الآن على اسمه‏.‏

وفي الحديث إشارة إلى أن العلم لا يحوى جميعه أحد، لأن ابن عباس مع سعة علمه أمر ابنه بالأخذ عن أبي سعيد، فيحتمل أن يكون علم أن عنده ما ليس عنده، ويحتمل أن يكون إرساله إليه لطلب علو الإسناد، لأن أبا سعيد أقدم صحبة وأكثر سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عباس، وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وإكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ رداءه فاحتبى‏)‏ فيه التأهب لإلقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى أتى على ذكر بناء المسجد‏)‏ أي النبوي‏.‏

وفي رواية كريمة ‏"‏ حتى إذا أتى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعمار لبنتين‏)‏ زاد معمر في جامعه ‏"‏ لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر، وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح، وفضل بنيان المساجد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فبنفض‏)‏ فيه التعبير بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهد‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فجعل ينفض‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التراب عنه‏)‏ زاد في الجهاد ‏"‏ عن رأسه ‏"‏ وكذا لمسلم، وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقول‏)‏ أي في تلك الحال ‏(‏ويح عمار‏)‏ هي كلمة رحمة، وهي بفتح الحاء إذا أضيفت، فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يدعوهم‏)‏ أعاد الضمير على غير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر ‏"‏ تقتله الفئة الباغية يدعوهم الخ ‏"‏ وسيأتي التنبيه عليه‏.‏

فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار‏؟‏ فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم‏.‏

وقال ابن بطال تبعا للمهلب‏:‏ إنما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارا يدعوهم إلى الجماعة، ولا يصح في أحد من الصحابة‏.‏

وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح‏.‏

وفيه نظر من أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ أن الخوارج إنما خرجوا على علي بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم لذلك، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا، فكيف يبعثه إليهم علي بعد موته‏.‏

ثانيها‏:‏ أن الذين بعث إليهم علي عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك‏.‏

ثالثها‏:‏ أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة، ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح، لكن وقع في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بأن الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ‏"‏ ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم ‏"‏ الحديث، واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال‏:‏ إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود‏.‏

قال الحميدي‏:‏ ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدا‏.‏

قال‏:‏ وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث‏.‏

قلت‏:‏ ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد ‏"‏ فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية ‏"‏ ا هـ‏.‏

وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه‏.‏

وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال ‏"‏ حدثني من هو خير مني أبو قتادة، فذكره ‏"‏ فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث‏.‏

وفي هذا الحديث زيادة أيضا لم تقع في رواية البخاري، وهي عند الإسماعيلي وأبي نعيم في المستخرج من طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء وهي‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك‏؟‏ قال‏:‏ إني أريد من الله الأجر ‏"‏ وقد تقدمت زيادة معمر فيه أيضا‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى حديث ‏"‏ تقتل عمارا الفئة الباغية ‏"‏ جماعة من الصحابة‏:‏ منهم قتادة بن النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان ابن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه‏.‏

قوله في آخر الحديث ‏(‏يقول عمار أعوذ بالله من الفتن‏)‏ فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن، ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق، لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه‏.‏

قال ابن بطال وفيه رد للحديث الشائع‏:‏ لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين‏.‏

قلت‏:‏ وقد سئل ابن وهب قديما عنه فقال‏:‏ إنه باطل، وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من أحكامها وما ينبغي من العمل عند وقوعها‏.‏

أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 9:28 pm

*3* باب الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد‏)‏ الصناع بضم المهملة جمع صانع، وذكره بعد النجار من العام بعد الخاص، أو في الترجمة لف ونشر فقوله في أعواد المنبر ليتعلق بالنجار وقوله والمسجد يتعلق بالصناع، أي والاستعانة بالصناع في المسجد أي في بناء المسجد‏.‏

وحديث الباب من رواية سهل وجابر جميعا يتعلق بالنجار فقط، ومنه تؤخذ مشروعية الاستعانة بغيره من الصناع لعدم الفرق، وكأنه أشار بذلك إلى حديث طلق بن علي قال ‏"‏ بنيت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول‏:‏ قربوا اليمامي من الطين، فإنه أحسنكم له مسا وأشدكم له سبكا ‏"‏ رواه أحمد‏.‏

وفي لفظ له ‏"‏ فأخذت المسحاة فخلطت الطين فكأنه أعجبه فقال‏:‏ دعوا الحنفي والطين، فإنه أضبطكم للطين ‏"‏ ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه ‏"‏ فقلت يا رسول الله أأنقل كما ينقلون‏؟‏ فقال‏:‏ لا ولكن اخلط لهم الطين فأنت أعلم به‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد العزيز‏)‏ هو ابن أبي حازم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلى امرأة‏)‏ تقدم ذكرها في باب الصلاة على المنبر والسطوح، والتنبيه على غلط من سماها علاثة، وكذا التنبيه على اسم غلامها‏.‏

وساق المتن هنا مختصرا، وساقه بتمامه في البيوع بهذا الإسناد‏.‏

وسنذكر فوائده في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا خَلَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا قَالَ إِنْ شِئْتِ فَعَمِلَتْ الْمِنْبَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خلاد‏)‏ هو ابن يحيى، وأيمن بوزن أفعل وهو الحبشي مولى بني مخزوم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن امرأة‏)‏ هي التي ذكرت في حديث سهل، فإن قيل ظاهر سياق حديث جابر مخالف لسياق حديث سهل لأن في هذا أنها ابتدأت بالعرض، وفي حديث سهل أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل إليها يطلب ذلك، أجاب ابن بطال باحتمال أن تكون المراة ابتدأت بالسؤال متبرعة بذلك، فلما حصل لها القبول أمكن أن يبطئ الغلام بعمله فأرسل يستنجزها إتمامه لعلمه بطيب نفسها بما بذلته‏.‏

قال‏:‏ ويمكن إرساله إليها ليعرفها بصفة ما يصنعه الغلام من الأعواد وأن يكون ذلك منبرا‏.‏

قلت‏:‏ قد أخرجه المصنف في علامات النبوة من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ ألا أجعل لك منيرا ‏"‏ فلعل التعريف وقع بصفة للمنبر مخصوصة‏.‏

أو يحتمل أنه لما فوض إليها الأمر بقوله لها ‏"‏ إن شئت ‏"‏ كان ذلك سبب البطء، لا أن الغلام كان شرع وأبطأ، ولا أنه جهل الصفة، وهذا أوجه الأوجه في نظري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألا أجعل لك‏)‏ أضافت الجعل إلى نفسها مجازا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن لي غلاما نجارا‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فإني لي غلام نجار ‏"‏ وقد اختصر المؤلف هذا المتن أيضا، ويأتي بتمامه في علامات النبوة‏.‏

وفي الحديث قبول البذل إذا كان بغير سؤال، واستنجاز الوعد ممن يعلم منه الإجابة، والتقرب إلى أهل الفضل بعمل الخير، وسيأتي بقية فوائده في علامات النبوة إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مَنْ بَنَى مَسْجِدًا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من بنى مسجدا‏)‏ أي ما له من الفضل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني عمرو‏)‏ هو ابن الحارث، وبكير بالتصغير هو ابن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله هو ابن الأسود‏.‏

وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق‏:‏ بكير وعاصم وعبيد الله، وثلاثة من أوله مصريون، وثلاثة من آخره مدنيون، وفي وسطه مدني سكن مصر وهو بكير، فانقسم الإسناد إلى مصري ومدني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عند قول الناس فيه‏)‏ وقع بيان ذلك عند مسلم حيث أخرجه من طريق محمود بن لبيد الأنصاري - وهو من صغار الصحابة - قال ‏"‏ لما أراد عثمان بناء المسجد كره الناس ذلك وأحبوا أن يدعوه على هيئته ‏"‏ أي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وظهر بهذا أن قوله في حديث الباب ‏"‏ حين بنى ‏"‏ أي حين أراد أن يبني‏.‏

وقال البغوي في شرح السنة‏:‏ لعل الذي كره الصحابة من عثمان بناؤه بالحجارة المنقوشة لا مجرد توسيعه‏.‏

انتهى‏.‏

ولم يبن عثمان المسجد إنشاء، وإنما وسعه وشيده كما تقدم في باب بنيان المسجد، فيؤخذ منه إطلاق البناء في حق من جدد كما يطلق في حق من أنشأ‏.‏

أو المراد بالمسجد هنا بعض المسجد من إطلاق الكل على البعض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مسجد الرسول‏)‏ كذا للأكثر، وللحموي والكشميهني ‏"‏ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏إنكم أكثرتم‏)‏ حذف المفعول للعلم به، والمراد الكلام بالإنكار ونحوه‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور، وقيل في آخر سنة من خلافته‏.‏

ففي كتاب السير عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب أخبرني مالك أن كعب الأحبار كان يقول عند بنيان عثمان المسجد‏:‏ لوددت أن هذا المسجد لا ينجز، فإنه إذا فرغ من بنيانه قتل عثمان‏.‏

قال مالك‏:‏ فكان كذلك‏.‏

قلت‏:‏ ويمكن الجمع بين القولين بأن الأول كان تاريخ ابتدائه والثاني تاريخ انتهائه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من بنى مسجدا‏)‏ التنكير فيه للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير، ووقع في رواية أنس عند الترمذي صغيرا أو كبيرا، وزاد ابن أبي شيبة في حديث الباب من وجه آخر عن عثمان ‏"‏ ولو كمفحص قطاة ‏"‏ وهذه الزيادة أيضا عند ابن حبان والبزار من حديث أبي ذر‏.‏

وعند أبي مسلم الكجي من حديث ابن عباس، وعند الطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر، وعند أبي نعيم في الحلية من حديث أبي بكر الصديق، ورواه ابن خزيمة من حديث جابر بلفظ ‏"‏ كمفحص قطاة أو أصغر‏"‏، وحمل أكثر العلماء ذلك على المبالغة لأن المكان الذي تفحص القطاة عنه لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة فيه‏.‏

ويؤيده رواية جابر هذه‏.‏

وقيل بل هو على ظاهره، والمعنى أن يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر، وهذا كله بناء على أن المراد بالمسجد ما يتبادر إلى الذهن، وهو المكان الذي يتخذ للصلاة فيه، فإن كان المراد بالمسجد موضع السجود وهو ما يسع الجبهة فلا يحتاج إلى شيء مما ذكر، لكن قوله ‏"‏ بنى ‏"‏ يشعر بوجود بناء على الحقيقة‏.‏

ويؤيده قوله في رواية أم حبيبة ‏"‏ من بنى لله بيتا ‏"‏ أخرجه سمويه في فوائده بإسناد حسن، وقوله في رواية عمر ‏"‏ من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله ‏"‏ أخرجه ابن ماجه وابن حبان‏.‏

وأخرج النسائي نحوه من حديث عمرو بن عبسة، فكل ذلك مشعر بأن المراد بالمسجد المكان المتخذ لا موضع السجود فقط، لكن لا يمتنع إرادة الآخر مجازا، إذ بناء كل شيء بحسبه، وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر، وبعضها لا تكون أكثر من قدر موضع السجود‏.‏

وروى البيهقي في الشعب من حديث عائشة نحو حديث عثمان وزاد‏:‏ قلت وهذه المساجد التي في الطرق‏؟‏ قال نعم‏.‏

وللطبراني نحوه من حديث أبي قرصافة وإسنادهما حسن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال بكير حسبت أنه‏)‏ أي شيخه عاصما بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يبتغي به وجه الله‏)‏ أي يطلب به رضا الله، والمعنى بذلك الإخلاص‏.‏

وهذه الجملة لم يجزم بها بكير في الحديث، ولم أرها إلا من طريقه هكذا، وكأنها ليست في الحديث بلفظها، فإن كل من روى حديث عثمان من جميع الطرق إليه لفظهم ‏"‏ من بنى لله مسجدا ‏"‏ فكأن بكيرا نسيها فذكرها بالمعنى مترددا في اللفظ الذي ظنه، فإن قوله ‏"‏ لله ‏"‏ بمعنى قوله يبتغي به وجه الله، لاشتراكهما في المعنى المراد وهو الإخلاص‏.‏

فائدة‏:‏ قال ابن الجوزي من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من الإخلاص‏.‏

انتهى‏.‏

ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة‏.‏

وروى أصحاب السنن وابن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر مرفوعا ‏"‏ إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة‏:‏ صانعه المحتسب في صنعته، والرامي به، والممد به ‏"‏ فقوله ‏"‏ المحتسب في صنعته ‏"‏ أي من يقصد بذلك إعانة المجاهد، وهو أعم من أن يكون متطوعا بذلك أو بأجرة، لكن الإخلاص لا يحصل إلا من المتطوع، وهل يحصل الثواب المذكور لمن جعل بقعة من الأرض مسجدا بأن يكتفي بتحويطها من غير بناء، وكذا من عمد إلى بناء كان يملكه فوقفه مسجدا‏؟‏ إن وقفنا مع ظاهر اللفظ فلا، وإن نظرنا إلى المعنى فنعم وهو المتجه، وكذا قوله ‏"‏ بنى ‏"‏ حقيقة في المباشر بشرطها، لكن المعنى يقتضي دخول الآمر بذلك أيضا، وهو المنطبق على استدلال عثمان رضي الله عنه، لأنه استدل بهذا الحديث على ما وقع منه، ومن المعلوم أنه لم يباشر ذلك بنفسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بنى الله‏)‏ إسناد البناء إلى الله مجاز، وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه، أو لئلا تتنافر الضمائر، أو يتوهم عوده على باني المسجد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثله‏)‏ صفة لمصدر محذوف أي بنى بناء مثله، ولفظ ‏"‏ المثل ‏"‏ له استعمالان‏:‏ أحدهما الإفراد مطلقا كقوله تعالى ‏(‏فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا‏)‏ والآخر المطابقة كقوله تعالى ‏(‏أمم أمثالكم‏)‏ فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة، فيحصل جواب من استشكل التقييد بقوله ‏"‏ مثله ‏"‏ مع أن الحسنة بعشرة أمثالها، لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله، والأصل أن ثواب الحسنة الواحدة واحد بحكم العدل، والزيادة عليه بحكم الفضل‏.‏

وأما من أجاب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل نزول قوله تعالى ‏(‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏)‏ ففيه بعد، وكذا من أجاب بأن التقييد بالواحد لا ينفي الزيادة عليه‏.‏

ومن الأجوبة المرضية أيضا أن المثلية هنا بحسب الكمية، والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من عشرة بل من مائة‏.‏

أو أن المقصود من المثلية أن جزاء هذه الحسنة من جنس البناء لا من غيره مع قطع النظر عن غير ذلك، مع أن التفاوت حاصل قطعا بالنسبة إلى ضيق الدنيا وسعة الجنة، إذ موضع شبر فيها خير من الدنيا وما فيها كما ثبت في الصحيح، وقد روى أحمد من حديث واثلة بلفظ ‏"‏ بنى الله له في الجنة أفضل منه ‏"‏ وللطبراني من حديث أبي أمامة بلفظ ‏"‏ أوسع منه ‏"‏ وهذا يشعر بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه‏.‏

وقال النووي‏:‏ يحتمل أن يكون المراد أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الجنة‏)‏ يتعلق ببنى، أو هو حال من قوله ‏"‏ مثله‏"‏، وفيه إشارة إلى دخول فاعل ذلك الجنة، إذ المقصود بالبناء له أن يسكنه، وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول‏.‏

والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 11:30 pm

*3* باب يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب يأخذ‏)‏ أي الشخص ‏(‏بنصول‏)‏ جمع نصل، ويجمع أيضا على نصال كما سيأتي في حديث الباب الذي بعده‏.‏

‏(‏والنبل‏)‏ بفتح النون وسكون الموحدة وبعدها لام‏:‏ السهام العربية، وهي مؤنثة ولا واحد لها من لفظها‏.‏

وجواب الشرط في قوله‏:‏ ‏(‏إذا مر‏)‏ محذوف ويفسره قوله‏:‏ ‏(‏يأخذ‏)‏ ، أو التقدير يستحب لمن معه نبل أنه يأخذ إلخ‏.‏

وسفيان المذكور في الإسناد هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار‏.‏

ولم يذكر قتيبة في هذا السياق جواب عمرو عن استفهام سفيان، كذا في أكثر الروايات، وحكي عن رواية الأصيلي أنه ذكره في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ ولم أره فيها‏.‏

وقد ذكره غير قتيبة أخرجه المصنف في الفتن عن علي بن عبد الله عن سفيان مثله وقال في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ ورواه مسلم من وجه آخر عن سفيان عن عمرو بغير سؤال ولا جواب، لكن سياق المصنف يفيد تحقق الاتصال فيه، وقد أخرجه الشيخان من غير طريق سفيان أيضا أخرجاه من طريق حماد بن زيد عن عمرو ولفظه ‏"‏ أن رجلا مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها، فأمر أن يأخذ بنصولها كي لا تخدش مسلما ‏"‏ وليس في سياق المصنف ‏"‏ كي‏"‏‏.‏

وأفادت رواية سفيان تعيين الآمر المبهم في رواية حماد، وأفادت رواية حماد بيان علة الأمر بذلك‏.‏

ولمسلم أيضا من طريق أبي الزبير عن جابر أن المار المذكور كان يتصدق بالنبل في المسجد، ولم أقف على اسمه إلى الآن‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال ابن بطال‏:‏ حديث جابر لا يظهر فيه الإسناد لأن سفيان لم يقل إن عمرا قال له نعم‏.‏

قال‏:‏ ولكن ذكره البخاري في غير كتاب الصلاة وزاد في آخره ‏"‏ فقال نعم ‏"‏ فبان بقوله نعم إسناد الحديث‏.‏

قلت‏:‏ هذا مبني على المذهب المرجوح في اشتراط قول الشيخ ‏"‏ نعم ‏"‏ إذا قال له القارئ مثلا‏:‏ أحدثك فلان‏؟‏ والمذهب الراجح الذي عليه أكثر المحققين - ومنهم البخاري - أن ذلك لا يشترط، بل يكتفى بسكوت الشيخ إذا كان متيقظا، وعلى هذا فالإسناد في حديث جابر ظاهر والله أعلم‏.‏

وفي الحديث إشارة إلى تعظيم قليل الدم كثيرة، وتأكيد حرمة المسلم، وجواز إدخال السلاح المسجد‏.‏

وفي الأوسط للطبراني من حديث أبي سعيد قال ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقليب السلاح في المسجد ‏"‏ والمعنى فيه ما تقدم‏.‏

*3* باب الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب المرور في المسجد‏)‏ أي جوازه، وهو مستنبط من حديث الباب من جهة الأولوية، فإن قيل‏:‏ ما وجه تخصيص حديث أبي موسى بترجمة المرور، وحديث جابر بترجمة الأخذ بالنصال، مع أن كلا من الحديثين يدل على كل من الترجمتين‏؟‏ أجيب باحتمال أن يكون ذلك بالنظر إلى لفظ المتن، فإن حديث جابر ليس فيه ذكر المرور من لفظ الشارع، بخلاف حديث أبي موسى فإن فيه لفظ المرور مقصودا حيث جعل شرطا ورتب عليه الحكم، وهذا بالنظر إلى اللفظ الذي وقع للمصنف على شرطه وإلا فقد رواه النسائي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ ‏"‏ إذا مر أحدكم ‏"‏ الحديث‏.‏

وعبد الواحد المذكور في الإسناد هو ابن زياد، وأبو بردة بن عبد الله اسمه بريد، وشيخه هو جده أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وقد أخرجه المصنف في الفتن من طريق أبي أسامة عن بريد نحوه، وكذا أخرجه مسلم من طريقه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو أسواقنا‏)‏ هو تنويع من الشارع وليس شكا من الراوي، والباء في قوله ‏"‏ بنبل ‏"‏ للمصاحبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على نصالها‏)‏ ضمن الأخذ معنى الاستعلاء للمبالغة، أو ‏"‏ على ‏"‏ بمعنى الباء كما تقدم في طريق حماد عن عمرو، وسيأتي من طريق ثابت عن أبي بردة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يعقر‏)‏ أي لا يجرح، وهو مجزوم نظرا إلى أنه جواب الأمر، ويجوز الرفع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بكفه‏)‏ متعلق بقوله ‏"‏ فليأخذ ‏"‏ وكذا رواية الأصيلي ‏"‏ لا يعقر مسلما بكفه ‏"‏ ليس قوله بكفه متعلقا بيعقر، والتقدير‏:‏ فليأخذ بكفه على نصالها لا يعقر مسلما‏.‏

ويؤيده رواية أبي أسامة ‏"‏ فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين ‏"‏ لفظ مسلم، وله من طريق ثابت عن أبي بردة ‏"‏ فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها‏"‏‏.‏

*3* باب الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الشعر في المسجد‏)‏ أي ما حكمه‏؟‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة‏)‏ كذا رواه شعيب، وتابعه إسحاق بن راشد عن الزهري أخرجه النسائي، ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري فقال ‏"‏ عن سعيد بن المسيب ‏"‏ بدل أبي سلمة، أخرجه المؤلف في بدء الخلق، وتابعه معمر عند مسلم وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن أمية عند النسائي، وهذا من الاختلاف الذي لا يضر، لأن الزهري من أصحاب الحديث‏.‏

فالراجح أنه عنده عنهما معا فكان يحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وهذا من جنس الأحاديث التي يتعقبها الدارقطني على الشيخين لكنه لم يذكره فليستدرك عليه‏.‏

وفي الإسناد نظر من وجه آخر، وهو على شرط التتبع أيضا، وذلك أن لفظ رواية سعيد بن المسيب ‏"‏ مر عمر في المسجد وحسان ينشد فقال‏:‏ كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك‏.‏

ثم التفت إلى أبي هريرة فقال‏:‏ أنشدك الله ‏"‏ الحديث‏.‏

ورواية سعيد لهذه القصة عندهم مرسلة، لأنه لم يدرك زمن المرور، ولكن يحمل على أن سعيدا سمع ذلك من أبي هريرة بعد أو من حسان، أو وقع لحسان استشهاد أبي هريرة مرة أخرى فحضر ذلك سعيد، ويقويه سياق حديث الباب فإن فيه أن أبا سلمة سمع حسان يستشهد أبا هريرة، وأبو سلمة لم يدرك زمن مرور عمر أيضا فإنه أصغر من سعيد، فدل على تعدد الاستشهاد، ويجوز أن يكون التفات حسان إلى أبي هريرة واستشهاده به إنما وقع متأخرا لأن ‏"‏ ثم ‏"‏ لا تدل على الفورية، والأصل عدم التعدد، وغايته أن يكون سعيد أرسل قصة المرور ثم سمع بعد ذلك استشهاد حسان لأبي هريرة وهو المقصود لأنه المرفوع، وهو موصولا بلا تردد‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يستشهد‏)‏ أي يطلب الشهادة، والمراد الإخبار بالحكم الشرعي وأطلق عليه الشهادة مبالغة في تقوية الخبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنشدك‏)‏ بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة، أي سألتك الله، والنشد بفتح النون وسكون المعجمة التذكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أجب عن رسول الله‏)‏ في رواية سعيد ‏"‏ أجب عني ‏"‏ فيحتمل أن يكون الذي هنا بالمعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أيده‏)‏ أي قوه، وروح القدس المراد هنا جبريل، بدليل حديث البراء عند المصنف أيضا بلفظ ‏"‏ وجبريل معك ‏"‏ والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي الترمذي من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة قالت ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار، وذكر المزي في ‏"‏ الأطراف ‏"‏ أن البخاري أخرجه تعليقا نحوه، وأتم منه، لكني لم أره فيه، قال ابن بطال‏:‏ ليس في حديث الباب أن حسان أنشد شعرا في المسجد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن رواية البخاري في بدء الخلق من طريق سعيد تدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم لحسان ‏"‏ أجب عني ‏"‏ كان في المسجد، وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين‏.‏

وقال غيره‏:‏ يحتمل أن البخاري أراد أن الشعر المشتمل على الحق حق، بدليل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لحسان على شعره، وإذا كان حقا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق، ولا يمنع منه كما يمنع من غيره من الكلام الخبيث واللغو الساقط‏.‏

قلت‏:‏ والأول أليق بتصرف البخاري، وبذلك جزم المازري وقال‏:‏ إنما اختصر البخاري القصة لاشتهارها ولكونه ذكرها في موضع آخر‏.‏

انتهى‏.‏

وأما ما رواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد ‏"‏ وإسناده صحيح إلى عمرو - فمن يصحح نسخته يصححه - وفي المعنى عدة أحاديث لكن في أسانيدها مقال، فالجمع بينها وبين حديث الباب أن يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون فيه ما سلم من ذلك‏.‏

وقيل‏:‏ المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه‏.‏

وأبعد أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي وادعى النسخ في حديث الإذن ولم يوافق على ذلك حكاه ابن التين عنه، وذكر أيضا أنه طرد هذه الدعوى فيما سيأتي من دخول أصحاب الحراب المسجد وكذا دخول المشرك‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 11:31 pm

3* باب أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أصحاب الحراب في المسجد‏)‏ الحراب بكسر المهملة جمع حربة، والمراد جواز دخولهم فيه ونصال حرابهم مشهورة، وأظن المصنف أشار إلى تخصيص الحديث السابق في النهي عن المرور في المسجد بالنصل غير مغمود، والفرق بينهما أن التحفظ في هذه الصورة وهي صورة اللعب بالحراب سهل، بخلاف مجرد المرور فإنه قد يقع بغتة فلا يتحفظ منه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله في الإسناد ‏(‏عن صالح‏)‏ هو ابن كيسان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد‏)‏ فيه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة‏:‏ أما القرآن فقوله تعالى ‏(‏في بيوت أذن الله أن ترفع‏)‏ وأما السنة فحديث ‏"‏ جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم‏"‏‏.‏

وتعقب بأن الحديث ضعيف، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ‏.‏

وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث، وفي بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ دعهم‏"‏‏.‏

واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو‏.‏

وقال المهلب‏:‏ المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه‏.‏

وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح، وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله، وكرم معاشرته، وفضل عائشة وعظيم محلها عنده‏.‏

وسيأتي بقية الكلام على فوائده في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في باب حجرتي‏)‏ عند الأصيلي وكريمة على باب حجرتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يسترني بردائه‏)‏ يدل على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، ويدل على جواز نظر المرأة إلى الرجل‏.‏

وأجاب بعض من منع بأن عائشة كانت إذ ذاك صغيرة، وفيه نظر لما ذكرنا‏.‏

وادعى بعضهم النسخ بحديث ‏"‏ أفعمياوان أنتما‏؟‏ ‏"‏ وهو حديث مختلف في صحته‏.‏

وسيأتي للمسألة مزيد بسط في موضعه إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وزاد إبراهيم المنذر‏)‏ يريد أن إبراهيم رواه من رواية يونس - وهو ابن يزيد - عن ابن شهاب كرواية صالح، لكن عين أن لعبهم كان بحرابهم وهو المطابق للترجمة، وفي ذلك إشارة إلى أن البخاري يقصد بالترجمة أصل الحديث لا خصوص السياق الذي يورده، ولم أقف على طريق يونس من رواية إبراهيم بن المنذر موصولة، نعم وصلها مسلم عن أبي طاهر بن السرح عن ابن وهب، ووصلها الإسماعيلي أيضا من طريق عثمان بن عمر عن يونس وفيه الزيادة‏.‏

*3* باب ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد‏)‏ مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب من قوله ‏"‏ ما بال أقوام يشترطون ‏"‏ فإن فيه إشارة إلى القصة المذكورة، وقد اشتملت على بيع وشراء وعتق وولاء‏.‏

ووهم بعض من تكلم على هذا الكتاب فقال‏:‏ ليس فيه أن البيع والشراء وقعا في المسجد، ظنا منه أن الترجمة معقودة لبيان جواز ذلك، وليس كما ظن، للفرق بين جريان ذكر الشيء والإخبار عن حكمه فإن ذلك حق وخير، وبين مباشرة العقد فإن ذلك يفضي إلى اللغط المنهي عنه، قال المازري‏:‏ واختلفوا في جواز ذلك في المسجد مع اتفاقهم على صحة العقد لو وقع‏.‏

ووقع لابن المنير في تراجمه وهم آخر، فإنه زعم أن حديث هذه الترجمة هو حديث أبي هريرة في قصة ثمامة بن أثال، وشرع يتكلف لمطابقته لترجمة البيع والشراء في المسجد، وإنما الذي في النسخ كلها في ترجمة البيع والشراء حديث عائشة، وأما حديث أبي هريرة المذكور فسيأتي بعد أربعة أبواب بترجمة أخرى، وكأنه انتقل بصره من موضع لموضع، أو تصفح ورقة فانقلبت ثنتان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي وَقَالَ أَهْلُهَا إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ قَالَ عَلِيٌّ قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ نَحْوَهُ وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن سعيد‏.‏

وللحميدي في مسنده ‏"‏ عن سفيان حدثنا يحيى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالت أتتها‏)‏ فيه التفات إن كان فاعل قالت عائشة، ويحتمل أن يكون الفاعل عمرة فلا التفات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تسألها في كتابتها‏)‏ ضمن ‏"‏ تسأل ‏"‏ معنى تستعين، وثبت كذلك في رواية أخرى، والمراد بقولها ‏"‏ أهلك ‏"‏ مواليك، وحذف مفعول ‏"‏ أعطيت ‏"‏ الثاني لدلالة الكلام عليه، والمراد بقية ما عليها، وسيأتي تعيينه في كتاب العتق إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سفيان مرة‏)‏ أي أن سفيان حدث به على وجهين، وهو موصول غير معلق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذكرته ذلك‏)‏ كذا وقع هنا بتشديد الكاف، فقيل‏:‏ الصواب ما وقع في رواية مالك وغيره بلفظ ‏"‏ ذكرت له ذلك ‏"‏ لأن التذكير يستدعي سبق علم بذلك، ولا يتجه تخطئة هذه الرواية لاحتمال السبق أولا على وجه الإجمال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يشترطون شروطا ليس في كتاب الله‏)‏ كأنه ذكر باعتبار جنس الشرط ولفظ ‏"‏ مائة ‏"‏ للمبالغة فلا مفهوم له‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في كتاب الله‏)‏ قال الخطابي‏:‏ ليس المراد أن ما لم ينص عليه في كتاب الله فهو باطل، فإن لفظ ‏"‏ الولاء لمن أعتق ‏"‏ من قوله صلى الله عليه وسلم، لكن الأمر بطاعته في كتاب الله فجاز إضافة ذلك إلى الكتاب‏.‏

وتعقب بأن ذلك لو جاز لجازت إضافة ما اقتضاه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، والجواب عنه أن تلك الإضافة إنما هي بطريق العموم لا بخصوص المسألة المعينة، وهذا مصير من الخطابي إلى أن المراد بكتاب الله هنا القرآن، ونظير ما جنح إليه ما قاله ابن مسعود لأم يعقوب في قصة الواشمة‏:‏ مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله‏.‏

ثم استدل على كونه في كتاب الله بقوله تعالى ‏(‏وما آتاكم الرسول فخذوه‏)‏ ‏.‏

ويحتمل أن يكون المراد بقوله هنا ‏"‏ في كتاب الله ‏"‏ أي في حكم الله، سواء ذكر في القرآن أم في السنة‏.‏

أو المراد بالكتاب المكتوب أي في اللوح المحفوظ‏.‏

وحديث عائشة هذا في قصة بريرة قد أخرجه البخاري في مواضع أخرى من البيوع والعتق وغيرهما، واعتنى به جماعة من الأئمة فأفردوه بالتصنيف‏.‏

وسنذكر فوائده ملخصة مجموعة في كتاب العتق إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورواه مالك‏)‏ وصله في باب المكاتب عن عبد الله بن يوسف عنه، وصورة سياقه الإرسال، وسيأتي الكلام عليه هناك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال علي‏)‏ يعني ابن عبد الله المذكور أول الباب، ويحيى هو ابن سعيد القطان، وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي‏.‏

والحاصل أن علي بن عبد الله حدث البخاري عن أربعة أنفس حدثه كل منهم به عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما أفرد رواية سفيان لمطابقتها الترجمة بذكر المنير فيها، ويؤيد ذلك أن التعليق عن مالك متأخر في رواية كريمة عن طريق جعفر بن عون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرة نحوه‏)‏ يعني نحو رواية مالك، وقد وصله الإسماعيلي من طريق محمد بن بشار عن يحيى القطان وعبد الوهاب كلاهما عن يحيى بن سعيد قال ‏"‏ أخبرتني عمرة أن بريرة ‏"‏ فذكره، وليس فيه ذكر المنبر أيضا، وصورته أيضا الإرسال، لكن قال في آخره ‏"‏ فزعمت عائشة أنها ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكر الحديث، فظهر بذلك اتصاله‏.‏

وأفادت رواية جعفر بن عون التصريح بسماع يحيى من عمرة وبسماع عمرة من عائشة فأمن بذلك ما يخشى فيه من الإرسال المذكور وغيره‏.‏

وقد وصله النسائي والإسماعيلي أيضا من رواية جعفر بن عون وفيه عن عائشة قالت ‏"‏ أتتني بريرة ‏"‏ فذكر الحديث وليس فيه ذكر المنبر أيضا‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 11:32 pm

*3* باب التَّقَاضِي وَالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التقاضي‏)‏ أي مطالبة الغريم قضاء الدين‏.‏

‏(‏والملازمة‏)‏ أي ملازمة الغريم، و ‏(‏في المسجد‏)‏ يتعلق بالأمرين‏.‏

فإن قيل‏:‏ التقاضي ظاهر من حديث الباب دون الملازمة، أجاب بعض المتأخرين فقال‏:‏ كأنه أخذه من كون ابن أبي حدرد لزمه خصمه في وقت التقاضي، وكأنهما كانا ينتظران النبي صلى الله عليه وسلم ليفصل بينهما‏.‏

قال‏:‏ فإذا جازت الملازمة في حال الخصومة فجوازها بعد ثبوت الحق عند الحاكم أولى‏.‏

انتهى‏.‏

قلت‏:‏ والذي يظهر لي من عادة تصرف البخاري أنه أشار بالملازمة إلى ما ثبت في بعض طرقه، وهو ما أخرجه هو في باب الصلح وغيره من طريق الأعرج عن عبد الله بن كعب عن أبيه أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي مال، فلقيه فلزمه، فتكلما حتى ارتفعت أصواتهما‏.‏

ويستفاد من هذه الرواية أيضا تسمية ابن أبي حدرد وذكر نسبته‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال الجوهري وغيره‏:‏ لم يأت من الأسماء على ‏"‏ فعلع ‏"‏ بتكرير العين غير حدرد، وهو بفتح المهملة بعدها دال مهملة ساكنة ثم راء مفتوحة ثم دال مهملة أيضا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُمْ فَاقْضِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن كعب‏)‏ هو ابن مالك، أبوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏دينا‏)‏ وقع في رواية زمعة بن صالح عن الزهري أنه كان أوقيتين أخرجه الطبراني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في المسجد‏)‏ متعلق بتقاضي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فخرج إليهما‏)‏ في رواية الأعرج ‏"‏ فمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فظاهر الروايتين التخالف، وجمع بعضهم بينهما باحتمال أن يكون مر بهما أو لا ثم إن كعبا أشخص خصمه للمحاكمة فسمعهما النبي صلى الله عليه وسلم أيضا وهو في بيته‏.‏

قلت‏:‏ وفيه بعد، لأن في الطريقين أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى كعب بالوضيعة وأمر غريمه بالقضاء، فلو كان أمره صلى الله عليه وسلم بذلك تقدم لهما لما احتاج إلى الإعادة‏.‏

والأولى فيما يظهر لي أن يحمل المرور على أمر معنوي لا حسي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سجف‏)‏ بكسر المهملة وسكون الجيم وحكى فتح أوله وهو الستر، وقيل أحد طرفي الستر المفرج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي الشطر‏)‏ بالنصب أي ضع الشطر، لأنه تفسير لقوله ‏"‏ هذا ‏"‏ والمراد بالشطر النصف وصرح به في رواية الأعرج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لقد فعلت‏)‏ مبالغة في امتثال الأمر‏.‏

وقوله ‏"‏قم ‏"‏ خطاب لابن أبي حدرد، وفيه إشارة إلى أنه لا يجتمع الوضيعة والتأجيل‏.‏

وفي الحديث جواز رفع الصوت في المسجد، وهو كذلك ما لم يتفاحش، وقد أفرد له المصنف بابا يأتي قريبا، والمنقول عن مالك منعه في المسجد مطلقا، وعنه التفرقة بين رفع الصوت بالعلم والخير وما لا بد منه فيجوز، وبين رفعه باللغط ونحوه فلا‏.‏

قال المهلب‏:‏ لو كان رفع الصوت في المسجد لا يجوز لما تركهما النبي صلى الله عليه وسلم ولبين لهما ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ولمن منع أن يقول‏:‏ لعله تقدم نهيه عن ذلك فاكتفى به، واقتصر على التوصل بالطريق المؤدية إلى ترك ذلك بالصلح المقتضى لترك المخاصمة الموجبة لرفع الصوت‏.‏

وفيه الاعتماد على الإشارة إذا فهمت، والشفاعة إلى صاحب الحق، وإشارة الحاكم بالصلح وقبول الشفاعة، وجواز إرخاء الستر على الباب‏.‏

*3* باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان‏)‏ أي منه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي رافع‏)‏ هو الصائغ تابعي كبير، ووهم بعض الشراح فقال‏:‏ إنه أبو رافع الصحابي‏.‏

وقال‏:‏ هو من رواية صحابي عن صحابي‏.‏

وليس كما قال فإن ثابتا البناني لم يدرك أبا رافع الصحابي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلا أسود أو امرأة سوداء‏)‏ الشك فيه من ثابت لأنه رواه عنه جماعة هكذا، أو من أبي رافع‏.‏

وسيأتي بعد باب من وجه آخر عن حماد بهذا الإسناد قال‏:‏ ولا أراه إلا امرأة ورواه ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فقال امرأة سوداء ولم يشك‏.‏

ورواه البيهقي بإسناد حسن من حديث ابن بريدة عن أبيه فسماها ‏"‏ أم محجن ‏"‏ وأفاد أن الذي أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق‏.‏

وذكر ابن منده في الصحابة ‏"‏ خرقاء امرأة سوداء كانت تقم المسجد ‏"‏ ووقع ذكرها في حديث حماد بن زيد عن ثابت عن أنس، وذكرها ابن حبان في الصحابة بذلك بدون ذكر السند، فإن كان محفوظا فهذا اسمها وكنيتها ‏"‏ أم محجن‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان يقم المسجد‏)‏ بقاف مضمومة أي يجمع القمامة وهي الكناسة‏.‏

فإن قيل‏:‏ دل الحديث على كنس المسجد فمن أين يؤخذ التقاط الخرق وما معه‏؟‏ أجاب بعض المتأخرين بأنه يؤخذ بالقياس عليه، والجامع التنظيف‏.‏

قلت‏:‏ والذي يظهر لي من تصرف البخاري أنه أشار بكل ذلك إلى ما ورد في بعض طرقه صريحا، ففي طريق العلاء المتقدمة ‏"‏ كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ‏"‏ وفي حديث بريدة المتقدم ‏"‏ كانت مولعة بلقط القذى من المسجد ‏"‏ والقذى بالقاف والذال المعجمة مقصور‏:‏ جمع قذاة، وجمع الجمع أقذية قال أهل اللغة القذى في العين والشراب ما يسقط فيه، ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان يسيرا‏.‏

وتكلف من لم يطلع على ذلك فزعم أن حكم الترجمة يؤخذ من إتيان النبي صلى الله عليه وسلم القبر حتى صلى عليه، قال‏:‏ فيؤخذ من ذلك الترغيب في تنظيف المسجد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عنه‏)‏ أي عن حاله، ومفعوله محذوف أي الناس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏آذنتموني‏)‏ بالمد أي أعلمتموني، زاد المصنف في الجنائز ‏"‏ قال فحقروا شأنه ‏"‏ وزاد ابن خزيمة في طريق العلاء ‏"‏ قالوا مات من الليل فكرهنا أن نوقظك ‏"‏ وكذا في حديث بريدة، زاد مسلم عن أبي كامل الجحدري عن حماد بهذا الإسناد في آخره ثم قال ‏"‏ إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ‏"‏ وإنما لم يخرج البخاري هذه الزيادة لأنها مدرجة في هذا الإسناد، وهي من مراسيل ثابت، بين ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد، وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب ‏"‏ بيان المدرج‏"‏، قال البيهقي‏:‏ يغلب على الظن أن هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد بن عبدة، أو من رواية ثابت عن أنس يعني كما رواه ابن منده‏.‏

ووقع في مسند أبي داود الطيالسي عن حماد بن زيد وأبي عامر الخزاز كلاهما عن ثابت بهذه الزيادة، وزاد بعدها ‏"‏ فقال رجل من الأنصار‏:‏ إن أبي - أو أخي - مات أو دفن فصل عليه‏.‏

قال فانطلق معه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وفي الحديث فضل تنظيف المسجد، والسؤال عن الخادم والصديق إذا غاب‏.‏

وفيه المكافأة بالدعاء، والترغيب في شهود جنائز أهل الخير، وندب الصلاة على الميت الحاضر عند قبره لمن لم يصل عليه، والإعلام بالموت‏.‏

*3* باب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَسْجِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تحريم تجارة الخمر في المسجد‏)‏ أي جواز ذكر ذلك وتبيين أحكامه، وليس مراده ما يقتضيه مفهومه من أن تحريمها مختص بالمسجد، وإنما هو على حذف مضاف، أي باب ذكر تحريم، كما تقدم نظيره في ‏"‏ باب ذكر البيع والشراء‏"‏‏.‏

وموقع الترجمة أن المسجد منزه عن الفواحش فعلا وقولا، لكن يجوز ذكرها فيه للتحذير مها ونحو ذلك لها دل عليه هذا الحديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتْ الْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حمزة‏)‏ هو السكري، ومسلم هو ابن صبيح أبو الضحى‏.‏

وسيأتي الكلام على حديث الباب في تفسير سورة البقرة إن شاء الله تعالى‏.‏

قال القاضي عياض‏:‏ كان تحريم الخمر قبل نزول آية الربا بمدة طويلة، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بتحريمها مرة بعد أخرى تأكيدا‏.‏

قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون تحريم التجارة فيها تأخر عن وقت تحريم عينها‏.‏

والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الصَّلَاةِ )7

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: