*1*المجلد الثاني
*2*كتاب مواقيت الصلاة
*3* باب مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا حذف التشكيل
وَقَوْلِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا مُوَقَّتًا وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ
الشرح:
(باب مواقيت الصلاة - بسم الله الرحمن الرحيم) كذا للمستملي وبعده البسملة، ولرفيقيه البسملة مقدمة وبعدها " باب مواقيت الصلاة وفضلها " وكذا في نسخة الصغاني، وكذا لكريمة لكن بلا بسملة، وكذا للأصيلي لكن بلا باب.
و " المواقيت " جمع ميقات وهو مفعال من الوقت وهو القدر المحدد للفعل من الزمان أو المكان.
قوله (كتابا موقوتا موقتا وقته عليهم) كذا وقع في أكثر الروايات، وسقط في بعضها لفظ " موقتا " فاستشكل ابن التبن تشديد القاف من وقته.
وقال: المعروف في اللغة التخفيف ا هـ.
والظاهر أن المصنف أراد بقوله " موقتا " بيان أن قوله " موقوتا " من التوقيت، فقد جاء عن مجاهد في معنى قوله موقوتا قال: مفروضا، وعن غيره محدودا.
وقال صاحب المنتهى: كل شيء جعل له حين وغاية فهو موقت، يقال وقته ليوم كذا، أي أجله.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْعِرَاقِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بِهَذَا أُمِرْتُ فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ أو أن جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلَاةِ قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ
الشرح:
قوله (حدثنا عبد الله بن مسلمة) هو القعنبي، وهذا الحديث أول شيء في الموطأ، ورجاله كلهم مدنيون.
قوله (أخر الصلاة يوما) وللمصنف في بدء الخلق من طريق الليث عن ابن شهاب بيان الصلاة المذكورة ولفظه " أخر العصر شيئا " قال ابن عبد البر: ظاهر سياقه أنه فعل ذلك يوما ما، لا أن ذلك كان عادة له وإن كان أهل بيته معروفين بذلك ا ه.
وسيأتي بيان ذلك قريبا في " باب تضييع الصلاة عن وقتها " وكذا في نسخة الصغاني.
وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب " أخر الصلاة مرة " يعني العصر، وللطبراني من طريق أبي بكر بن حزم أن عروة حدث عمر بن عبد العزيز - وهو يومئذ أمير المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك - وكان ذلك زمان يؤخرون فيه الصلاة، يعني بني أمية.
قال ابن عبد البر: المراد أنه أخرها حتى خرج الوقت المستحب، لا أنه أخرها حتى غربت الشمس ا هـ.
ويؤيده سياق رواية الليث المتقدمة.
وأما ما رواه الطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب في هذا الحديث قال " دعا المؤذن لصلاة العصر فأمسى عمر بن عبد العزيز قيل أن يصليها " فمحمول على أنه قارب المساء لا أنه دخل فيه.
وقد رجع عمر بن عبد العزيز عن ذلك، فروى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز - يعني في خلافته - كان يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين تدخل.
قوله (أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما) بين عبد الرزاق في روايته عن ابن جريج عن ابن شهاب أن الصلاة المذكورة العصر أيضا، ولفظه " أمسى المغيرة بن شعبة بصلاة العصر".
قوله (وهو بالعراق) في الموطأ رواية القعنبي وغيره عن مالك " وهو بالكوفة"، وكذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة عن القعنبي.
والكوفة من جملة العراق، فالتعبير بها أخص من التعبير بالعراق، وكان المغيرة إذ ذاك أميرا عليها من قبل معاوية بن أبي سفيان.
قوله (أبو مسعود) أي عقبة بن عمرو البدري.
قوله (ما هذا) أي التأخير.
قوله (أليس) كذا الرواية، وهو استعمال صحيح، لكن الأكثر في الاستعمال في مخاطبة الحاضر " ألست " وفي مخاطبة الغائب " أليس".
قوله (قد علمت) قال عياض يدل ظاهره على علم المغيرة بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل الظن من أبي مسعود لعلمه بصحبة المغيرة.
قلت: ويؤيد الأول رواية شعيب عن ابن شهاب عند المصنف في غزوة بدر بلفظ " فقال لقد علمت " بغير أداة استفهام، ونحوه لعبد الرزاق عن معمر وابن جريج جميعا.
قوله (أن جبريل نزل) بين ابن إسحاق في المغازي أن ذلك كان صبيحة الليلة التي فرضت فيها الصلاة وهي ليلة الإسراء، قال ابن إسحاق " حدثني عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير " وقال عبد الرزاق " عن ابن جريج قال: قال نافع بن جبير وغيره: لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسرى به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سميت " الأولى " أي صلاة الظهر، فأمر فصيح بأصحابه: " الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصلى به جبريل وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس " فذكر الحديث، وفيه رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله (نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال عياض: ظاهره أن صلاته كانت بعد فراغ صلاة جبريل، لكن المنصوص في غيره أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم، فيحمل قوله " صلى فصلى " على أن جبريل كان كلما فعل جزءا من الصلاة تابعه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ا ه.
وبهذا جزم النووي.
وقال غيره: الفاء بمعنى الواو، واعترض بأنه يلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقدم في بعض الأركان على جبريل على ما يقتضيه مطلق الجمع.
وأجيب بمراعاة الحيثية وهي التبيين، فكان لأجل ذلك يتراخى عنه.
وقيل: الفاء للسببية كقوله تعالى (فوكزه موسى فقضى عليه) وفي رواية الليث عند المصنف وغيره " نزل جبريل فأمنى فصليت معه".
وفي رواية عبد الرزاق عن معمر " نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الناس معه " وهذا يؤيد رواية نافع بن جبير المتقدمة، وإنما دعاهم إلى الصلاة بقوله " الصلاة جامعة " لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ، واستدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره، ويجاب عنه بما يجاب به عن قصة أبي بكر في صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة الناس خلفه، فإنه محمول على أنه كان مبلغا فقط كما سيأتي تقريره في أبواب الإمامة.
واستدل به أيضا على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل من جهة أن الملائكة ليسوا مكلفين بمثل ما كلف به الإنس.
قاله ابن العربي وغيره.
وأجاب عياض باحتمال أن لا تكون تلك الصلاة كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ.
وتعقبه بما تقدم من أنها كانت صبيحة ليلة فرض الصلاة، وأجاب باحتمال أن الوجوب عليه كان معلقا بالبيان، فلم يتحقق الوجوب إلا بعد تلك الصلاة.
قال: وأيضا لا نسلم أن جبريل كان متنفلا بل كانت تلك الصلاة واجبة عليه لأنه مكلف بتبليغها، فهي صلاة مفترض خلف مفترض ا ه.
وقال ابن المنير: قد يتعلق به من يجوز صلاة مفترض بفرض خلف مفترض بفرض آخر، كذا قال، وهو مسلم له في صورة المؤداة مثلا خلف المقضية لا في صورة الظهر خلف العصر مثلا.
قوله (بهذا أمرت) بفتح المثناة على المشهور، والمعنى هذا الذي أمرت به أن تصليه كل يوم وليلة، وروى بالضم، أي هذا الذي أمرت بتبليغه لك.
قوله (اعلم) بصيغة الأمر.
قوله (أو إن جبريل) بفتح الهمزة وهي للاستفهام والواو هي العاطفة والعطف على شيء مقدر وبكسر همزة إن ويجوز الفتح.
قوله (وقوت الصلاة) كذا للمستملي بصيغة الجمع، وللباقين " وقت الصلاة " بالإفراد وهو للجنس.
قوله (كذلك كان بشير) هو بفتح الموحدة بعدها معجمة بوزن فعيل.
وهو تابعي جليل ذكر في الصحابة لكونه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه.
قال ابن عبد البر: هذا السياق منقطع عند جماعة من العلماء لأن ابن شهاب لم يقل حضرت مراجعة عروة لعمر، وعروة لم يقل حدثني بشير، لكن الاعتبار عند الجمهور بثبوت اللقاء والمجالسة لا بالصيغ ا ه.
وقال الكرماني: أعلم أن الحديث بهذا الطريق ليس متصل الإسناد إذ لم يقل أبو مسعود: شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: هذا لا يسمى منقطعا اصطلاحا، وإنما هو مرسل صحابي لأنه لم يدرك القصة، فاحتمل أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه عنه بتبليغ من شاهده أو سمعه كصحابي آخر.
على أن رواية الليث عند المصنف تزيل الإشكال كله، ولفظه " فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكر الحديث.
وكذا سياق ابن شهاب، وليس فيه التصريح بسماعه له من عروة، وابن شهاب قد جرب عليه التدليس، لكن وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب قال " كنا مع عمر بن عبد العزيز"؛ فذكره.
وفي رواية شعيب عن الزهري " سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز " الحديث.
قال القرطبي: قول عروة إن جبريل نزل ليس فيه حجة واضحة على عمر بن عبد العزيز إذ لم يعين له الأوقات.
قال: وغاية ما يتوهم عليه أنه نبهه وذكره بما كان يعرفه من تفاصيل الأوقات.
قال: وفيه بعد، لإنكار عمر على عروة حيث قال له " اعلم ما تحدث يا عروة " قال: وظاهر هذا الإنكار أنه لم يكن عنده علم من إمامة جبريل.
قلت: لا يلزم من كونه لم يكن عنده علم منها أن لا يكون عنده علم بتفاصيل الأوقات المذكورة من جهة العمل المستمر، لكن لم يكن يعرف أن أصله بتبيين جبريل بالفعل، فلهذا استثبت فيه، وكأنه كان يرى أن لا مفاضلة بين أجزاء الوقت الواحد، وكذا يحمل عمل المغيرة وغيره من الصحابة، ولم أقف في شيء من الروايات على جواب المغيرة لأبي مسعود، والظاهر أنه رجع إليه والله أعلم.
وأما ما زاده عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري في هذه القصة قال: فلم يزل عمر يعلم الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا، ورواه أبو الشيخ في " كتاب المواقيت " له من طريق الوليد عن الأوزاعي عن الزهري قال " ما زال عمر بن عبد العزيز يتعلم مواقيت الصلاة حتى مات".
ومن طريق إسماعيل بن حكيم " أن عمر بن عبد العزيز جعل ساعات ينقضين مع غروب الشمس " زاد من طريق ابن إسحاق عن الزهري " فما أخرها حتى مات " فكله يدل على أن عمر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط إلا بعد أن حدثه عروة بالحديث المذكور.
(تنبيه) : ورد في هذه القصة من وجه آخر عن الزهري بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح توجيه احتجاج عروة به، فروى أبو داود وغيره، وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق ابن وهب، والطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أسامة بن زيد عن الزهري هذا الحديث بإسناده وزاد في آخره " قال أبو مسعود: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الطهر حين تزول الشمس " فذكر الحديث.
وذكر أبو داود أن أسامة بن زيد تفرد بتفسير الأوقات فيه، وأن أصحاب الزهري لم يذكروا ذلك.
قال: وكذا رواه هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة لم يذكرا تفسيرا ا هـ.
ورواية هشام أخرجها سعيد بن منصور في سننه، ورواية حبيب أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
وقد وجدت ما يعضد رواية أسامة ويزيد عليها أن البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه الباغندي في " مسند عمر بن عبد العزيز " والبيهقي في " السنن الكبرى " من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم أنه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعا، لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة، ووضح أن له أصلا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارا، وبذلك جزم ابن عبد البر، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ.
وفي الحديث من الفوائد: دخول العلماء على الأمراء، وإنكارهم عليهم ما يخالف السنة، واستثبات العالم فيما يستغربه السامع، والرجوع عند التنازع إلى السنة.
وفيه فضيلة عمر بن عبد العزيز.
وفيه فضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل.
وقبول خبر الواحد الثبت.
واستدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له لما أن أرسل الحديث بذكر من حدثه به فرجع إليه، فكأن عمر قال له: تأمل ما تقول، فلعله بلغك عن غير ثبت.
فكأن عروة قال له: بل قد سمعته ممن قد سمع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصاحب قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة كصنيع عروة حين احتج على عمر قال: وإنما راجعه عمر لتثبته فيه لا لكونه لم يرض به مرسلا.
كذا قال، وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطال.
وقال ابن بطال أيضا: في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أم بالنبي صلى الله عليه وسلم في يومين لوقتين مختلفين لكل صلاة، قال: لأنه لو كان صحيحا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجا بصلاة جبريل، مع أن جبريل قد صلى في اليوم الثاني في آخر الوقت وقال " الوقت ما بين هذين " وأجيب باحتمال أن تكون صلاة عمر كانت خرجت عن وقت الاختيار وهو مصير ظل الشيء مثليه، لا عن وقت الجواز وهو مغيب الشمس، فيتجه إنكار عروة، ولا يلزم منه ضعف الحديث.
أو يكون عروة أنكر مخالفة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصلاة في أول الوقت ورأى أن الصلاة بعد ذلك إنما هي لبيان الجواز، فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضا.
وقد روى سعيد بن منصور من طريق طلق بن حبيب مرسلا قال " إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته، ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله " ورواه أيضا عن ابن عمر من قوله، ويؤيد ذلك احتجاج عروة بحديث عائشة في كونه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، وهي الصلاة التي وقع الإنكار بسببها، وبذلك تظهر مناسبة ذكره لحديث عائشة بعد حديث أبي مسعود، لأن حديث عائشة يشعر بمواظبته على صلاة العصر في أول الوقت، وحديث أبي مسعود يشعر بأن أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل.
قوله (قال عروة: ولقد حدثتني عائشة) قال الكرماني: هو إما مقول ابن شهاب أو تعليق من البخاري.
قلت: الاحتمال الثاني - على بعده - مغاير للواقع كما سيظهر في " باب وقت العصر " قريبا.
فقد ذكره مسندا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، فهو مقوله وليس بتعليق، وسنذكر الكلام على فوائده هناك إن شاء الله تعالى.