*3* باب فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب فضل التهجير إلى الظهر) كذا للأكثر وعليه شرح ابن التين وغيره، وفي بعضها " إلى الصلاة " وعليه شرح ابن بطال.
وقد تقدم الكلام عليه في " باب الاستهام في الأذان".
الحديث:
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا
الشرح:
قوله: (بينما رجل) في هذا المتن ثلاثة أحاديث: قصة الذي نحي غصن الشوك، والشهداء، والترغيب في النداء وغيره مما ذكر.
والمقصود منه ذكر التهجير، وقد تقدم الحديث الثالث مفردا في " باب الاستهام " عن عبد الله بن يوسف عن مالك، ويأتي الثاني في الجهاد عنه أيضا، والأول في المظالم كذلك وتكلمنا على شرحه هناك، وكان قتيبة حدث به عن مالك هكذا مجموعا فلم يتصرف فيه المصنف كعادته في الاختصار، وتكلف الزين بن المنير إبداء مناسبة للأول من جهة أنه دال على أن الطاعة وإن قلت فلا ينبغي أن تترك، واعترف بعدم مناسبة الثاني.
قوله: (فأخذه) في رواية الكشميهني " فأخره".
قوله: (فشكر الله له) أي رضى بفعله وقبل منه، وفيه فضل إماطة الأذى عن الطريق، وقد تقدم في كتاب الإيمان أنها أدنى شعب الإيمان.
قوله: (الشهداء خمس) كذا لأبي ذر عن الحموي، وللباقين " خمسة " وهو الأصل في المذكر، وجاز الأول لأن المميز غير مذكور، وسيأتي الكلام على مباحثه في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى.
*3* باب احْتِسَابِ الْآثَارِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب احتساب الآثار) أي إلى الصلاة، وكأنه لم يقيدها لتشمل كل مشي إلى كل طاعة.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرُوا الْمَدِينَةَ فَقَالَ أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ أَنْ يُمْشَى فِي الْأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ
الشرح:
قوله: (حدثنا عبد الوهاب) هو الثقفي.
قوله: (يا بني سلمة) بكسر اللام وهم بطن كبير من الأنصار ثم من الخزرج، وقد غفل القزاز وتبعه الجوهري حيث قال: ليس في العرب سلمة بكسر اللام غير هذا القبيل، فإن الأئمة الذين صنفوا في المؤتلف والمختلف ذكروا عددا من الأسماء كذلك، لكن يحتمل أن يكون أراد بقيد القبيلة أو البطن فله بعض اتجاه.
قوله: (ألا تحتسبون) كذا في النسخ التي وقفنا عليها بإثبات النون، وشرحه الكرماني بحذفها، ووجهه بأن النحاة أجازوا ذلك - يعني تخفيفا - قال: والمعنى ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجد؟ فإن لكل خطوة ثوابا ا ه.
والاحتساب وإن كان أصله العد لكنه يستعمل غالبا في معنى طلب تحصيل الثواب بنية خالصة.
قوله: (وحدثنا ابن أبي مريم) كذا لأبي ذر وحده.
وفي رواية الباقين " وقال ابن أبي مريم " وذكره صاحب الأطراف بلفظ " وزاد ابن أبي مريم " وقال أبو نعيم في المستخرج ذكره البخاري بلا رواية يعني معلقا، وهذا هو الصواب، وله نظائر في الكتاب في رواية يحيى بن أيوب لأنه ليس على شرطه في الأصول.
قوله: (عن أنس) كذا لأبي ذر وحده أيضا وللباقين " حدثنا أنس " وكذا ذكره أبو نعيم أيضا، وكذا سمعناه في الأول من فوائد المخلص من طريق أحمد بن منصور عن ابن أبي مريم ولفظه " سمعت أنسا"، وهذا هو السر في إيراد طريق يحيى بن أيوب عقب طريق عبد الوهاب ليبين الأمن من تدليس حميد، وقد تقدم نظيره في " باب وقت العشاء " وقد أخرجه في الحج من طريق مروان القزارى عن حميد وساق المتن كاملا.
قوله: (فينزلوا قريبا) يعني لأن ديارهم كانت بعيدة من المسجد، وقد صرح بذلك في رواية مسلم من طريق أبي الزبير قال " سمعت جابر رسول الله يقول: كانت ديارنا بعيدة من المسجد، فأردنا أن نبتاع بيوتا فنقرب من المسجد، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن لكم بكل خطوة درجة " وللسراج من طريق أبي نضرة عن جابر: أرادوا أن يقربوا من أحل الصلاة.
ولابن مردويه من طريق أخرى عن أبي نضرة عنه قال " كانت منازلنا بسلع " ولا يعارض هذا ما سيأتي في الاستسقاء من حديث أنس " وما بيننا وبين سلع من دار " لاحتمال أن تكون ديارهم كانت من وراء سلع، وبين سلع والمسجد قدر ميل.
*3* باب فَضْلِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب فضل صلاة العشاء في الجماعة) أورد فيه الحديث الدال على فضل العشاء والفجر، فيحتمل أن يكون مراد الترجمة إثبات فضل العشاء في الجملة أو إثبات أفضليتها على غيرها، والظاهر الثاني، ووجهه أن صلاة الفجر ثبتت أفضليتها كما تقدم، وسوى في هذا بينها وبين العشاء، ومساوى الأفضل يكون أفضل جزما.
الحديث:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ
الشرح:
قوله: (ليس أثقل) كذا للأكثر بحذف الاسم، وبينه الكشميهني في رواية أبي ذر وكريمة عنه فقال " ليس صلاة أثقل " ودل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين، ومنه قوله تعالى (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما لقوة الداعي إلى تركهما، لأن العشاء وقت السكون والراحة والصبح وقت لذة النوم.
وقيل وجهه كون المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما من الفضل لقيامهم بحقهما دون المنافقين.
قوله: (ولو يعلمون ما فيهما) أي من مزيد الفضل (لأتوهما) أي الصلاتين، والمراد لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد.
قوله: (ولو حبوا) أي يزحفون إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير، ولابن أبي شيبة من حديث أبي الدرداء " ولو حبوا على المرافق والركب " وقد تقدم الكلام على باقي الحديث في " باب وجوب صلاة الجماعة".
قوله في آخره (على من لا يخرج إلى الصلاة بعد) كذا للأكثر بلفظ " بعد " ضد قبل، وهي مبنية على الضم، ومعناه بعد أن يسمع النداء إليها أو بعد أن يبلغه التهديد المذكور، وللكشميهني بدلها " يقدر " أي لا يخرج وهو يقدر على المجيء، ويؤيده ما قدمناه من رواية لأبي داود " وليست بهم علة " ووقع عند الداودي للشارح هنا " لا لعذر " وهي أوضح من غيرها لكن لم نقف عليها في شيء من الروايات عند غيره.