*3* باب حذف التشكيل
الحديث:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خَشَاشِ الْأَرْضِ
الشرح:
قوله: (باب) كذا في رواية الأصيلي وكريمة بلا ترجمة، وكذا قال الإسماعيلي " باب " بلا ترجمة، وسقط من رواية أبي ذر وأبي الوقت، وكذا لم يذكره أبو نعيم.
وعلى هذا فمناسبة الحديث غير ظاهرة للترجمة، وعلى تقدير ثبوت لفظ باب فهو كالفصل من الباب الذي قبله كما قررناه غير مرة فله به تعلق أيضا.
قال الكرماني: وجه المناسبة أن دعاء الافتتاح مستلزم لتطويل القيام، وحديث الكسوف فيه تطويل القيام فتناسبا.
وأحسن منه ما قال ابن رشيد: يحتمل أن تكون المناسبة في قوله " حتى قلت أي رب أو أنا معهم " لأنه وإن لم يكن فيه دعاء ففيه مناجاة واستعطاف، فيجمعه مع الذي قبله جواز دعاء الله ومناجاته بكل ما فيه خضوع، ولا يختص بما ورد في القرآن خلافا لبعض الحنفية.
قوله: (أو أنا معهم) كذا للأكثر بهمزة الاستفهام بعدها واو عاطفة وهي على مقدر.
وفي رواية كريمة بحذف الهمزة وهي مقدرة.
قوله: (حسبت أنه قال تخدشها) قائل ذلك هو نافع بن عمر راوي الحديث، بينه الإسماعيلي، فالضمير في " أنه " لابن أبي مليكة.
قوله: (لا هي أطعمتها) سقط لفظ " هي " من رواية الكشميهني والحموي.
قوله: (تأكل من خشيش - أو خشاش - الأرض) كذا في هذه الرواية على الشك، وكل من اللفظين بمعجمات مفتوح الأول والمراد حشرات الأرض، وأنكر الخطابي رواية خشيش، وضبطها بعضهم بضم أوله على التصغير من لفظ خشاش، فعلى هذا لا إنكار، ورواها بعضهم بحاء مهملة.
وقال عياض هو تصحيف.
وسيأتي الكلام على بقية فوائده في كتاب الكسوف، وعلى قصة المرأة صاحبة الهرة في كتاب بدء الخلق إن شاء الله تعالى.
*3* باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ حذف التشكيل
وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ
الشرح:
قوله: (باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة) قال الزين بن المنير: نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام، فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات كان ذلك من إصلاح صلاته.
وقال ابن بطال: فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة.
وقال الشافعي والكوفيون: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب للخشوع، وورد في ذلك حديث أخرجه سعيد بن منصور من مرسل محمد بن سيرين ورجاله ثقات، وأخرجه البيهقي موصولا وقال: المرسل هو المحفوظ.
وفيه أن ذلك سبب نزول قوله تعالى (الذين هم في صلاتهم خاشعون) .
ويمكن أن يفرق بين الإمام والمأموم فيستحب للإمام النظر إلى موضع السجود، وكذا للمأموم.
إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام، والله أعلم.
قوله: (وقالت عائشة الخ) هذا طرف من حديث وصله المؤلف في " باب إذا انفلتت الدابة " وهو في أواخر الصلاة، وموضع الترجمة منه قوله " حين رأيتموني".
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ
الشرح:
قوله: (حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل، وعبد الواحد هو ابن زياد.
قوله: (عن عمارة) في رواية حفص بن غياث عن الأعمش " حدثنا عمارة " وسيأتي بعد أربعة أبواب، ويأتي الكلام على المتن قريبا، وموضع الترجمة منه قوله " باضطراب لحيته".
الحديث:
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ
الشرح:
قوله: (حدثنا حجاج) هو ابن منهال، ولم يسمع البخاري من حجاج بن محمد.
وقد تقدم الكلام على حديث البراء في " باب متى يسجد من خلف الإمام " ووقع فيه هنا في رواية كريمة وأبي الوقت وغيرهما " حتى يرونه قد سجد " بإثبات النون.
وفي رواية أبي ذر والأصيلي بحذفها وهو أوجه، وجاز الأول على إرادة الحال.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ قَالَ إِنِّي أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا
الشرح:
حديث ابن عباس يأتي في الكسوف، وهو ظاهر المناسبة.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمْ الصَّلَاةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ثَلَاثًا
الشرح:
حديث أنس يأتي في الرقاق وفيه التصريح بسماع هلال له من أنس.
واعترض الإسماعيلي على إيراده له هنا فقال: ليس فيه نظر المأمومين إلى الإمام.
وأجيب بأن فيه أن الإمام يرفع بصره إلى ما أمامه، وإذا ساغ ذلك للإمام ساغ للمأموم.
والذي يظهر لي أن حديث أنس مختصر من حديث ابن عباس، وأن القصة فيهما واحدة، فسيأتي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال " رأيت الجنة والنار " كما قال في حديث أنس، وقد قالوا له في حديث ابن عباس " رأيناك تكعكعت " فهذا موضع الترجمة، ويحتمل أن يكون مأخوذا من قوله " فأشار بيده قبل قبلة المسجد " فإن رؤيتهم الإشارة تقتضي أنهم كانوا يراقبون أفعاله.
قلت: لكن يطرق هنا احتمال أن يكون سبب رفع بصرهم إليه وقوع الإشارة منه، لا أن الرفع كان مستمرا.
ويحتمل أن يكون المراد بالترجمة أن الأصل نظر المأموم إلى موضع سجوده لأنه المطلوب في الخشوع إلا إذا احتاج إلى رؤية ما يفعله الإمام ليقتدي به مثلا، والله أعلم.
*3* باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة) قال ابن بطال: أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة، واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء، فكرهه شريح وطائفة، وأجازه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة.
قال عياض: رفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة، وخروج عن هيئة الصلاة.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ
الشرح:
قوله: (حدثنا قتادة) فيه دفع لتعليل ما أخرجه ابن عدي في الكامل فأدخل بين سعيد بن أبي عروبة وقتادة رجلا، وقد أخرجه ابن ماجه من رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد - وهو من أثبت أصحابه - وزاد في أوله بيان سبب هذا الحديث ولفظه " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بأصحابه، فلما قضى الصلاة أقبل عليهم بوجهه " فذكره، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلا لم يذكر نسا، وهي علة غير قادحة لأن سعيدا أعلم بحديث قتادة من معمر، وقد تابعه همام على وصله عن قتادة أخرجه السراج.
قوله: (في صلاتهم) زاد مسلم من حديث أبي هريرة " عند الدعاء " فإن حمل المطلق على هذا المقيد اقتضى اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة.
وقد أخرجه ابن ماجه وابن حبان من حديث ابن عمر بغير تقييد ولفظه (لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء) يعني في الصلاة، وأخرجه بغير تقييد أيضا مسلم من حديث جابر بن سمرة والطبراني من حديث أبي سعيد الخدري وكعب بن مالك.
وأخرج ابن أبي شيبة من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين " كانوا يلتفتون في صلاتهم حتى نزلت (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) فأقبلوا على صلاتهم ونظروا أمامهم، وكانوا يستحبون أن لا يجاوز بصر أحدهم موضع سجوده".
ووصله الحاكم بذكر أبي هريرة فيه، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال في آخره " فطأطأ رأسه".
قوله: (لينتهين) كذا للمستملي والحموي بضم الياء وسكون النون وفتح المثناة والهاء والياء وتشديد النون على البناء للمفعول والنون للتأكيد، وللباقين " لينتهن " بفتح أوله وضم الهاء على البناء للفاعل.
قوله: (أو لتخطفن أبصارهم) ولمسلم من حديث جابر بن سمرة " أو لا ترجع إليهم " يعني أبصارهم.
واختلف في المراد بذلك: فقيل هو وعيد، وعلى هذا فالفعل المذكور حرام، وأفرط ابن حزم فقال: يبطل الصلاة.
وقيل المعنى أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلين كما في حديث أسيد بن حضير الآتي في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى، أشار إلى ذلك الداودي، ونحوه في جامع حماد بن سلمة عن أبي مجلز أحد التابعين.
و " أو " هنا للتخيير نظير قوله تعالى (تقاتلونهم أو يسلمون) أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة وإما الإسلام، وهو خبر في معنى الأمر.
صلى في خميصة لها أعلام فقال: شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية".