foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2010 8:15 pm

*3* باب صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحِمَارِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صلاة التطوع على الحمار‏)‏ قال ابن رشيد مقصوده أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، بل الباب في المركوبات واحد بشرط أن لا يماس النجاسة‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ يؤخذ من هذا الحديث طهارة عرق الحمار، لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ اسْتَقْبَلْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّأْمِ فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ يَعْنِي عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ فَقُلْتُ رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَمْ أَفْعَلْهُ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حبان‏)‏ بفتح المهملة وبالموحدة هو ابن هلال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استقبلنا أنس بن مالك‏)‏ بسكون اللام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين قدم من الشام‏)‏ كان أنس قد توجه إلى الشام يشكو من الحجاج، وقد ذكرت طرفا من ذلك في أوائل كتاب الصلاة، ووقع في رواية مسلم ‏"‏ حين قدم الشام ‏"‏ وغلطوه لأن أنس بن سيرين إنما تلقاه لما رجع من الشام فخرج ابن سيرين من البصرة ليتلقاه، ويمكن توجيهه بأن يكون المراد بقوله حين قدم الشام مجرد ذكر الوقت الذي وقع له فيه ذلك كما تقول فعلت كذا لما حججت، قال النووي‏:‏ رواية مسلم صحيحة ومعناه تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلقيناه بعين التمر‏)‏ هو موضع بطريق العراق مما يلي الشام وكانت به وقعة شهيرة في آخر خلافة أبي بكر بين خالد بن الوليد والأعاجم، ووجد بها غلمانا من العرب كانوا رهنا تحت يد كسرى منهم جد الكلبي المفسر وحمران مولى عثمان وسيرين مولى أنس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأيتك تصلي لغير القبلة‏)‏ فيه إشعار بأنه لم ينكر الصلاة على الحمار ولا غير ذلك من هيئة أنس في ذلك، وإنما أنكر عدم استقبال القبلة فقط، وفي قول أنس ‏"‏ لولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ‏"‏ يعني ترك استقبال القبلة للمتنفل على الدابة، وهل يؤخذ منه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمار‏؟‏ فيه احتمال، وقد نازع في ذلك الإسماعيلي فقال‏:‏ خبر أنس إنما هو في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راكبا تطوعا لغير القبلة، فإفراد الترجمة في الحمار من جهة السنة لا وجه له عندي ا ه‏.‏

وقد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر إسناده حسن، وله شاهد عند مسلم من طريق عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر ‏"‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر ‏"‏ فهذا يرجح الاحتمال الذي أشار إليه البخاري‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ لم يبين في هذه الرواية كيفية صلاة أنس، وذكره في الموطأ عن يحيى بن سعيد قال ‏"‏ رأيت أنسا وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع جبهته على شيء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورواه إبراهيم بن طهمان عن حجاج‏)‏ يعني ابن حجاج الباهلي، ولم يسق المصنف المتن ولا وقفنا عليه موصولا من طريق إبراهيم، نعم وقع عند السراج من طريق عمرو بن عامر عن الحجاج ابن الحجاج بلفظ ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على ناقته حيث توجهت به ‏"‏ فعلى هذا كأن أنسا قاس الصلاة على الراحلة بالصلاة على الحمار، وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما مضى أن من صلى على موضع فيه نجاسة لا يباشرها بشيء منه أن صلاته صحيحة، لأن الدابة لا تخلو من نجاسة ولو على منفذها وفيه الرجوع إلى أفعاله كالرجوع إلى أقواله من غير عرضة للاعتراض عليه‏.‏

وفيه تلقى المسافر، وسؤال التلميذ شيخه عن مستند فعله والجواب بالدليل، وفيه التلطف في السؤال، والعمل بالإشارة لقوله ‏"‏ من ذا الجانب‏"‏‏.‏

*3* باب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ دُبُرَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة‏)‏ زاد الحموي في روايته ‏"‏ وقبلها ‏"‏ والأرجح رواية الأكثر لما سيأتي في الباب الذي بعده، وقد تقدم شيء من مباحث هذا الباب في أبواب الوتر، والمقصود هنا بيان أن مطلق قول ابن عمر ‏"‏ صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر ‏"‏ أي يتنفل الرواتب التي قبل الفريضة وبعدها، وذلك مستفاد من قوله في الرواية الثانية ‏"‏ وكان لا يزيد في السفر على ركعتين ‏"‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ وهذا اللفظ يحتمل أن يريد أن لا يزيد في عدد ركعات الفرض فيكون كناية عن نفي الإتمام، والمراد به الإخبار عن المداومة على القصر، ويحتمل أن يريد لا يزيد نفلا، ويمكن أن يريد ما هو أعم من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ويدل على هذا الثاني رواية مسلم من الوجه الثاني الذي أخرجه المصنف ولفظه‏:‏ ‏"‏ صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة فرأى ناسا قياما فقال‏:‏ ما يصنع هؤلاء‏؟‏ قلت‏:‏ يسبحون‏.‏

قال‏:‏ لو كنت مسبحا لأتممت ‏"‏ فذكر المرفوع كما ساقه المصنف قال النووي‏:‏ أجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خيرة المصلي، فطريق الرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها ا ه‏.‏

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله ‏"‏ لو كنت مسبحا لأتممت ‏"‏ يعني أنه لو كان مخيرا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذلك كان لا يصلي الراتبة ولا يتم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ سَافَرَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ فِي السَّفَرِ وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عمر بن محمد‏)‏ هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر، وحفص هو ابن عاصم أي ابن عمر ابن الخطاب، ويحيى شيخ مسدد هو القطان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأبا بكر‏)‏ معطوف على قوله ‏"‏ صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعمر وعثمان‏)‏ أي أنه ‏(‏كذلك‏)‏ صحبهم، وكانوا لا يزيدون في السفر على ركعتين، وفي ذكر عثمان إشكال لأنه كان في آخر أمره يتم الصلاة كما تقدم تقريبا، فيحمل على الغالب‏.‏

أو المراد به أنه كان لا يتنفل في أول أمره ولا في آخره، وأنه إنما كان يتم إذا كان نازلا، وأما إذا كان سائرا فيقصر، فلذلك قيده في هذه الرواية بالسفر، وهذا أولى لما تقدم تقريره في الكلام على تأويل عثمان‏.‏

*3* باب مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا حذف التشكيل

وَرَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلاة‏)‏ هذا مشعر بأن نفي التطوع في السفر محمول على ما بعد الصلاة خاصة فلا يتناول ما قبلها ولا ما لا تعلق له بها من النوافل المطلقة كالتهجد والوتر والضحى وغير ذلك، والفرق بين ما قبلها وما بعدها أن التطوع قبلها لا يظن أنه منها لأنه ينفصل عنها بالإقامة وانتظار الإمام غالبا ونحو ذلك، بخلاف ما بعدها فإنه في الغالب يتصل بها فقد يظن أنه منها‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ نقل النووي تبعا لغيره أن العلماء اختلفوا في التنفل في السفر على ثلاثة أقوال‏:‏ المنع مطلقا، والجواز مطلقا، والفرق بين الرواتب والمطلقة، وهو مذهب ابن عمر كما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن مجاهد قال ‏"‏ صحبت ابن عمر من المدينة إلى مكة، وكان يصلي تطوعا على دابته حيثما توجهت به، فإذا كانت الفريضة نزل فصلى‏"‏‏.‏

وأغفلوا قولا رابعا وهو الفرق بين الليل والنهار في المطلقة، وخامسا وهو ما فرغنا من تقريره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وركع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتي الفجر‏)‏ قلت‏:‏ ورد ذلك في حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة النوم عن صلاة الصبح ففيه ‏"‏ ثم صلى ركعتين قبل الصبح ثم صلى الصبح كما كان يصلي ‏"‏ وله من حديث أبي هريرة في هذه القصة أيضا ‏"‏ ثم دعا بماء فتوضأ ثم صلى سجدتين - أي ركعتين - ثم أقيمت الصلاة فصلى صلاة الغداة ‏"‏ الحديث‏.‏

ولابن خزيمة والدار قطني من طريق سعيد بن المسيب عن بلال في هذه القصة ‏"‏ فأمر بلالا فأذن، ثم توضأ فصلوا ركعتين، ثم صلوا الغداة ‏"‏ ونحوه للدار قطني من طريق الحسن عن عمران بن حصين، قال صاحب الهدى‏:‏ لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها في السفر، إلا ما كان من سنة الفجر‏.‏

قلت‏:‏ ويرد على إطلاقه ما رواه أبو داود والترمذي من حديث البراء بن عازب قال ‏"‏ سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا فلم أره ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر ‏"‏ وكأنه لم يثبت عنده، لكن الترمذي استغربه ونقل عن البخاري أنه رآه حسنا، وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير أم هانئ‏)‏ هذا لا يدل على نفي الوقوع، لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى إنما نفى ذلك عن نفسه، وأما قول ابن بطال‏:‏ لا حجة في قول ابن أبي ليلى، وترد عليه الأحاديث الواردة في أنه صلى الضحى وأمر بها، ثم ذكر منها جملة، فلا يرد على ابن أبي ليلى شيء منها، وسيأتي الكلام على صلاة الضحى في باب مفرد في أبواب التطوع، والمقصود هنا أنه صلى الله عليه وسلم صلاها يوم فتح مكة، وقد تقدم في حديث ابن عباس أنه كان حينئذ يقصر الصلاة المكتوبة، وكان حكمه حكم المسافر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الليث حدثني يونس‏)‏ قد تقدم قبل ببابين موصولا من رواية الليث عن عقيل، ولكن لفظ الروايتين مختلف، ورواية يونس هذه وصلها الذهلي في الزهريات عن أبي صالح عنه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏يومئ برأسه‏)‏ هو تفسير لقوله ‏"‏ يسبح ‏"‏ أي يصلي إيماء، وقد تقدم في ‏"‏ باب الإيماء على الدابة ‏"‏ من وجه آخر عن ابن عمر، لكن هناك ذكره موقوفا ثم عقبه بالمرفوع، وهذا ذكر مرفوعا ثم عقبه بالموقوف، وفائدة ذلك مع أن الحجة قائمة بالمرفوع أن يبين أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض ولا راجح، وقد اشتملت أحاديث الباب على أنواع ما يتطوع به سوى الراتبة التي بعد المكتوبة، فالأول لما قبل المكتوبة، والثاني لما له وقت مخصوص من النوافل كالضحى، والثالث لصلاة الليل، والرابع لمطلق النوافل‏.‏

وقد جمع ابن بطال بين ما اختلف عن ابن عمر في ذلك بأنه كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة‏.‏

وقال النووي تبعا لغيره‏:‏ لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز ا ه‏.‏

وما جمعنا به تبعا للبخاري فيما يظهر أظهر، والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2010 8:16 pm

3* باب الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء‏)‏ أورد فيه ثلاثة أحاديث‏:‏ حديث ابن عمر وهو مقيد بما إذا جد السير، وحديث ابن عباس وهو مقيد بما إذا كان سائرا، وحديث أنس وهو مطلق‏.‏

واستعمل المصنف الترجمة مطلقة إشارة إلى العمل بالمطلق لأن المقيد فرد من أفراده، وكأنه رأى جواز الجمع بالسفر سواء كان سائرا أم لا، وسواء كان سيره مجدا أم لا، وهذا مما وقع فيه الاختلاف بين أهل العلم، فقال بالإطلاق كثير من الصحابة والتابعين ومن الفقهاء الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب‏.‏

وقال قوم‏:‏ لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه، ووقع عند النووي أن الصاحبين خالفه شيخهما، ورد عليه السروجي في شرح الهداية وهو أعرف بمذهبه، وسيأتي الكلام على الجمع بعرفة في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

وأجابوا عما ورد من الأخبار في ذلك بأن الذي وقع جمع صوري، وهو أنه أخر المغرب مثلا إلى آخر وقتها وعجل العشاء في أول وقتها‏.‏

وتعقبه الخطابي وغيره بأن الجمع رخصة، فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة‏.‏

ومن الدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس ‏"‏ أراد أن لا يحرج أمته ‏"‏ أخرجه مسلم، وأيضا فإن الأخبار جاءت صريحة بالجمع في وقت إحدى الصلاتين كما سيأتي في الباب الذي يليه، وذلك هو المتبادر إلى الفهم من لفظ الجمع، ومما يرد الحمل على الجمع الصوري جمع التقديم الآتي ذكره بعد باب، وقيل يختص الجمع بمن يجد في السير‏.‏

قاله الليث، وهو القول المشهور عن مالك، وقيل يختص بالمسافر دون النازل وهو قول ابن حبيب، وقيل يختص بمن له عذر حكى عن الأوزاعي، وقيل يجوز جمع التأخير دون التقديم وهو مروي عن مالك وأحمد واختاره ابن حزم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أورد المصنف في أبواب التقصير أبواب الجمع لأنه تقصير بالنسبة إلى الزمان، ثم أبواب صلاة المعذور قاعدا لأنه تقصير بالنسبة إلى بعض صور الأفعال، ويجمع الجميع الرخصة للمعذور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَنْ حُسَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ وَتَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَنَسٍ جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله في حديث ابن عمر ‏(‏جد به السير‏)‏ أي اشتد‏.‏

قاله صاحب المحكم‏.‏

وقال عياض‏:‏ جد به السير أسرع، كذا قال‏:‏ وكأنه نسب الإسراع إلى السير توسعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إبراهيم بن طهمان‏)‏ وصله البيهقي من طريق محمد بن عبدوس عن أحمد بن حفص النيسابوري عن أبيه عن إبراهيم المذكور بسنده المذكور ابن عباس بلفظه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على ظهر سير‏)‏ كذا للأكثر بالإضافة‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ على ظهر ‏"‏ بالتنوين ‏"‏ يسير ‏"‏ بلفظ المضارع بتحتانية مفتوحة في أوله، قال الطيبي‏:‏ الظهر في قوله ‏"‏ ظهر سير ‏"‏ للتأكيد كقوله الصدقة عن ظهر غنى، ولفظ الظهر يقع في مثل هذا اتساعا للكلام كأن السير كان مستندا إلى ظهر قوي من المطى مثلا‏.‏

وقال غيره‏:‏ حصل للسير ظهر لأن الراكب ما دام سائرا فكأنه راكب ظهر‏.‏

قلت‏:‏ وفيه جناس التحريف بين الظهر والظهر، واستدل به على جواز جمع التأخير، وأما جمع التقديم فسيأتي الكلام عليه بعد باب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن حسين‏)‏ هو معطوف على الذي قبله والتقدير‏:‏ وقال إبراهيم ابن طهمان عن حسين عن يحيى عن حفص، وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج، ويحتمل أن يكون علقه عن حسين لا بقيد من رواية إبراهيم بن طهمان عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه على بن المبارك وحرب‏)‏ أي ابن شداد ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن أبي كثير ‏(‏عن حفص‏)‏ أي تابعا حسينا فأما متابعة علي بن المبارك فوصلها أبو نعيم في المستخرج من طريق عثمان بن عمر بن فارس عنه، وأما متابعة حرب فوصلها المصنف في آخر الباب الذي بعده، وقد تابعهم معمر عند أحمد وأبان بن يزيد عند الطحاوي كلاهما عن يحيى بن أبي كثير‏.‏

*3* باب هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء‏)‏ ‏؟‏ قال ابن رشيد‏:‏ ليس في حديثي الباب تنصيص على الأذان، لكن في حديث ابن عمر منهما ‏"‏ يقيم المغرب فيصليها ‏"‏ ولم يرد بالإقامة نفس الأذان وإنما أراد يقيم للمغرب، فعلى هذا فكأن مراده بالترجمة‏:‏ هل يؤذن أو يقتصر على الإقامة، وجعل حديث أنس مفسرا بحديث ابن عمر، لأن في حديث ابن عمر حكما زائدا ا ه‏.‏

ولعل المصنف أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق حديث ابن عمر، ففي الدار قطني من طريق عمر بن محمد بن زيد عن نافع عن ابن عمر في قصة جمعه المغرب والعشاء ‏"‏ فنزل فأقام الصلاة، وكان لا ينادي بشيء من الصلاة في السفر، فقام فجمع بين المغرب والعشاء ثم رفع ‏"‏ الحديث‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ لعل الزاوي لما أطلق لفظ الصلاة استفيد منه أن المراد بها التامة بأركانها وشرائطها وسننها ومن جملتها الأذان والإقامة، وسبقه ابن بطال إلى نحو ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ وَيُقِيمُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا بِرَكْعَةٍ وَلَا بَعْدَ الْعِشَاءِ بِسَجْدَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏يؤخر صلاة المغرب‏)‏ لم يعين غاية التأخير، وبينه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بأنه بعد أن يغيب الشفق‏.‏

وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب وموسى بن عقبة عن نافع ‏"‏ فأخر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل ‏"‏ وللمصنف في الجهاد من طريق أسلم مولى عمر عن ابن عمر في هذه القصة ‏"‏ حتى كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب والعشاء جمعا بينهما ‏"‏ ولأبي داود من طريق ربيعة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر في هذه القصة ‏"‏ فصار حتى غاب الشفق وتصوبت النجوم نزل فصلى الصلاتين جمعا ‏"‏ وجاءت عن ابن عمر روايات أخرى ‏"‏ أنه صلى المغرب في آخر الشفق، ثم أقام الصلاة وقد توارى الشفق، فصلى العشاء ‏"‏ أخرجه أبو داود من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن نافع، ولا تعارض بينه وبين ما سبق لأنه كان في واقعة أخرى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء‏)‏ فيه إثبات للبث قليل، وذلك نحو ما وقع في الجمع بمزدلفة من إناخة الرواحل، ويدل عليه ما تقدم من الطرق التي فيها جمع بينهما وصلاهما جميعا، وفيه حجة على من حمل أحاديث الجمع على الجمع الصوري، قال إمام الحرمين‏:‏ ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل، ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة، فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم، وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك، إلى أن قال‏:‏ ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر، فإن القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه، ورفق الجمع واضح لمشقة النزول على المسافر، واحتج به من قال باختصاص الجمع لمن جد به السير، وسيأتي ذلك في الباب الذي بعده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج، ومال أبو علي الجياني إلى أنه إسحاق بن منصور، وقد تقدم الكلام على حديث أنس في الباب الذي قبله‏.‏

*3* باب يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى الْعَصْرِ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ حذف التشكيل

فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس‏)‏ في هذا إشارة إلى أن جمع التأخير عند المصنف يختص بمن ارتحل قبل أن يدخل وقت الظهر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يشير إلى حديثه الماضي قبل باب، فإنه قيد الجمع فيه بما إذا كان على ظهر السير، ولا قائل بأنه يصليهما وهو راكب فتعين أن المراد به جمع التأخير، ويؤيده رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده من طريق مقسم عن ابن عباس ففيها التصريح بذلك وإن كان في إسناده مقال، لكنه يصلح للمتابعة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَسَّانُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حسان الواسطي‏)‏ هو ابن عبد الله بن سهل الكندي المصري، كان أبوه واسطيا فقدم مصر فولد بها حسان المذكور واستمر بها إلى أن مات‏.‏قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا المفضل بن فضالة‏)‏ بفتح الفاء بعدها معجمة خفيفة، من ثقات المصريين‏.‏

وفي الرواة حسان الواسطي آخر لكنه حسان بن حسان يروي عن شعبة وغيره ضعفه الدار قطني، ووهم بعض الناس فزعم أنه شيخ البخاري هنا وليس كذلك فإنه ليست له رواية عن المصريين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تزيغ‏)‏ بزاي ومعجمة أي تميل، وزاغت مالت، وذلك إذا قام الفيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يجمع بينهما‏)‏ أي في وقت العصر‏.‏

وفي رواية قتيبة عن المفضل في الباب الذي بعده ‏"‏ ثم نزل فجمع بينهما ‏"‏ ولمسلم من رواية جابر بن إسماعيل عن عقيل ‏"‏ يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق‏"‏، وله من رواية شبابة عن عقيل‏:‏ ‏"‏ حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا زاغت‏)‏ أي قبل أن يرتحل كما سيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده‏.‏

*3* باب إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ مَا زَاغَتْ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا ارتحل بعدما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب‏)‏ أورد فيه حديث أنس المذكور قبله وفيه ‏"‏ فإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب ‏"‏ كذا فيه الظهر فقط، وهو المحفوظ عن عقيل في الكتب المشهورة، ومقتضاه أنه كان لا يجمع ين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما، وبه احتج من أبي جمع التقديم كما تقدم، ولكن روى إسحاق بن راهويه هذا الحديث عن شبابة فقال ‏"‏ كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل ‏"‏ أخرجه الإسماعيلي، وأعل بتفرد إسحاق بذلك عن شبابة ثم تفرد جعفر الفريابي به عن إسحاق، وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان‏.‏

وقد وقع نظيره في ‏"‏ الأربعين ‏"‏ للحاكم قال ‏"‏ حدثنا محمد بن يعقوب هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني هو أحد شيوخ مسلم قال حدثنا محمد بن عبد الله الواسطي ‏"‏ فذكر الحديث وفيه ‏"‏ فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب ‏"‏ قال الحافظ صلاح الدين العلائي‏:‏ هكذا وجدته بعد التتبع في نسخ كثيرة من الأربعين بزيادة العصر، وسند هذه الزيادة جيد‏.‏

انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وهي متابعة قوية لرواية إسحاق بن راهويه إن كانت ثابتة، لكن في ثبوتها نظر، لأن البيهقي أخرج هذا الحديث عن الحاكم بهذا الإسناد مقرونا برواية أبي داود عن قتيبة وقال‏:‏ إن لفظهما سواء، إلا أن في رواية قتيبة ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي رواية حسان ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ والمشهور في جمع التقديم ما أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وابن حبان من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطويل عن من معاذ بن جبل، وقد أعله جماعة من أئمة الحديث بتفرد قتيبة عن الليث، وأشار البخاري إلى أن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة، حكاه الحاكم في ‏"‏ علوم الحديث‏"‏، وله طريق أخرى عن معاذ بن جبل أخرجها أبو داود من رواية هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل، وهشام مختلف فيه وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك والثوري وقرة بن خالد وغيرهم فلم يذكروا في روايتهم جمع التقدم، وورد في جمع التقديم حديث آخر عن ابن عباس أخرجه أحمد وذكره أبو داود تعليقا والترمذي في بعض الروايات عنه وفي إسناده حسين بن عبد الله الهاشمي وهو ضعيف، لكن له شواهد من طريق حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس لا أعلمه إلا مرفوعا ‏"‏ أنه كان إذا نزل منزلا في السفر فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر ثم يرتحل، فإذا لم يتهيأ له المنزل مد في السير فسار حتى ينزل فيجمع بين الظهر والعصر ‏"‏ أخرجه البيهقي ورجاله ثقات، إلا أنه مشكوك في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف‏.‏

وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر مجزوما بوقفه على ابن عباس ولفظه ‏"‏ إذا كنتم سائرين ‏"‏ فذكر نحوه‏.‏

وفي حديث أنس استحباب التفرقة في حال الجمع بين ما إذا كان سائرا أو نازلا، وقد استدل به على اختصاص الجمع بمن جد به السير، لكن وقع التصريح في حديث معاذ بن جبل في الموطأ ولفظه ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة في غزوة تبوك، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جمعا‏"‏‏.‏

قال الشافعي في ‏"‏ الأم‏"‏‏.‏

قوله ‏"‏دخل ثم خرج ‏"‏ لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلا ومسافرا‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ في هذا أوضح دليل على الرد على من قال لا يجمع إلا من جد به السير، وهو قاطع للالتباس‏.‏

انتهى‏.‏

وحكى عياض أن بعضهم أول قوله ‏"‏ ثم دخل ‏"‏ أي في الطريق مسافرا ‏"‏ ثم خرج ‏"‏ أي عن الطريق للصلاة، ثم استبعده، ولا شك في بعده، وكأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دل عليه حديث أنس والله أعلم‏.‏

ومن ثم قال الشافعية‏:‏ ترك الجمع أفضل وعن مالك رواية أنه مكروه، وفي هذه الأحاديث تخصيص لحديث الأوقات التي بينها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وبينها النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي حيث قال في آخرها ‏"‏ الوقت ما بين هذين ‏"‏ وقد تقدمت الإشارة إليه في المواقيت ‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ تقدم الكلام على الجمع بين الصلاتين بعذر المطر أو المرض أو الحاجة في الحضر في المواقيت في ‏"‏ باب وقت الظهر ‏"‏ وفي ‏"‏ باب وقت المغرب‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2010 8:17 pm

*3* باب صَلَاةِ الْقَاعِدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صلاة القاعد‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ أطلق الترجمة، فيحتمل أن يريد صلاة القاعد العذر إماما كان أو مأموما أو منفردا‏.‏

ويؤيده أن أحادث الباب دالة على التقييد بالعذر ويحتمل أن يريد مطلقا لعذر ولغير عذر ليبين أن ذلك جائز، إلا ما دل الإجماع على منعه وهو صلاة الفريضة للصحيح قاعدا ا ه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو شاك‏)‏ بالتنوين مخففا من الشكاية، وقد تقدم الكلام عليه موضحا في أبواب الإمامة، وكذا على حديث أنس، وفيه بيان سبب الشكاية وهما في صلاة الفرض بلا خلاف، وأما حديث عمران ففيه احتمال سنذكره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَكَانَ مَبْسُورًا قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا حسين‏)‏ هو المعلم كما صرح به في الباب الذي بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمران بن حصين‏)‏ في رواية عفان عن عبد الوارث حدثنا عمران أخرجه الإسماعيلي، وفيه غنية عن تكلف ابن حبان إقامة الدليل على أن ابن بريدة عاصر عمران‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأخبرنا إسحاق‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ وزاد إسحاق ‏"‏ والمراد به على الحالين إسحاق بن منصور شيخه في الإسناد الذي قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت أبي‏)‏ هو عبد الوارث سعيد التنوري، وهذه الطريق أنزل من التي قبلها، وكذا من التي بعدها بدرجة، لكن استفيد منها تصريح ابن بريدة بقوله حدثني عمران‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان مبسورا‏)‏ بسكون الموحدة بعدها مهملة أي كانت به بواسير كما صرح به بعد باب، والبواسير جمع باسور يقال بالموحدة وبالنون، أو الذي بالموحدة ورم في باطن المقعدة والذي بالنون قرحة فاسدة لا تقبل البرء ما دام فيها ذلك الفساد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن صلاة الرجل قاعدا‏)‏ قال الخطابي‏:‏ كنت تأولت هذا الحديث على أن المراد به صلاة التطوع - يعني للقادر - لكن قوله ‏"‏ من صلى نائما ‏"‏ يفسده، لأن المضطجع لا يصلي التطوع كما يفعل القاعد، لأني لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في ذلك، قال‏:‏ فإن صحت هذه اللفظة ولم يكن بعض الرواة أدرجها قياسا منه للمضطجع على القاعد كما يتطوع المسافر على راحلته فالتطوع للقادر على القعود مضطجعا جائز بهذا الحديث‏.‏

قال‏:‏ وفي القياس المتقدم نظر، لأن القعود شكل من أشكال الصلاة بخلاف الاضطجاع‏.‏

قال‏:‏ وقد رأيت الآن أن المراد بحديث عمران المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبا له في القيام جواز قعوده‏.‏

انتهى‏.‏

وهو حمل متجه، ويؤيده صنيع البخاري حيث أدخل في الباب حديث عائشة وأنس وهما صلاة المفترض قطعا، وكأنه أراد أن تكون الترجمة شاملة لأحكام المصلي قاعدا، ويتلقى ذلك من الأحاديث التي أوردها في الباب، فمن صلى فرضا قاعدا وكان يشق عليه القيام أجزأه وكان هو ومن صلى قائما سواء كما دل عليه حديث أنس وعائشة، فلو تحامل هذا المعذور وتكلف القيام ولو شق عليه كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام، فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة، فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم، ومن صلى النفل قاعدا مع القدرة على القيام أجزأه وكان أجره على النصف من أجر القائم بغير إشكال‏.‏

وأما قول الباجي إن الحديث في المفترض والمتنفل معا فإن أراد بالمفترض ما قررناه فذاك، وإلا فقد أبى ذلك أكثر العلماء‏.‏

وحكى ابن التين وغيره عن أبي عبيد وابن الماجشون وإسماعيل القاضي وابن شعبان والإسماعيلي والداودي وغيرهم أنهم حملوا حديث عمران على المتنفل، وكذا نقله الترمذي عن الثوري قال‏:‏ وأما المعذور إذا صلى جالسا فله مثل أجر القائم‏.‏

ثم قال‏:‏ وفي هذا الحديث ما يشهد له، يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه ‏"‏ إذا مرض العبد أو سافر كتب له صالح ما كان يعمل صلى الله عليه وسلم وهو صحيح مقيم‏"‏، ولهذا الحديث شواهد كثيرة سيأتي ذكرها في الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏

ويؤيد ذلك قاعدة تغليب فضل الله تعالى وقبول عذر من له عذر، والله أعلم‏.‏

ولا يلزم من اقتصار العلماء المذكورين في حمل الحديث المذكور على صلاة النافلة أن لا ترد الصورة التي ذكرها الخطابي، وقد ورد في الحديث ما يشهد لها، فعند أحمد من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن أنس قال ‏"‏ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي محمة، فحمى الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون من قعود فقال‏:‏ صلاة القاعد نصف صلاة القائم ‏"‏ رجاله ثقات‏.‏

وعند النسائي متابع له من وجه آخر وهو وارد في المعذور فيحمل على من تكلف القيام مع مشقته عليه كما بحثه الخطابي‏.‏

وأما نفي الخطابي جواز التنفل مضطجعا فقد تبعه ابن بطال على ذلك وزاد‏:‏ لكن الخلاف ثابت، فقد نقله الترمذي بإسناده إلى الحسن البصري قال‏:‏ إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائما وجالسا ومضطجعا‏.‏

وقال به جماعة من أهل العلم، وأحد الوجهين للشافعية، وصححه المتأخرون، وحكاه عياض وجها عند المالكية أيضا، وهو اختيار الأبهري منهم واحتج بهذا الحديث‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ سؤال عمران عن الرجل خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، بل الرجل والمرأة في ذلك سواء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن صلى قاعدا‏)‏ يستثنى من عمومه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صلاته قاعدا لا ينقص أجرها عن صلاته قائما، لحديث عبد الله بن عمرو قال ‏"‏ بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صلاة الرجل قاعد على نصف الصلاة، فأتيته فوجدته يصلي جالسا فوضع يدي على رأسي، فقال‏:‏ مالك يا عبد الله‏؟‏ فأخبرته‏.‏

فقال‏:‏ أجل، ولكني لست كأحد منكم ‏"‏ أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي‏.‏

وهذا ينبني على أن المتكلم داخل في عموم خطابه وهو الصحيح، وقد عد الشافعية في خصائصه صلى الله عليه وسلم هذه المسألة‏.‏

وقال عياض في الكلام على تنفله صلى الله عليه وسلم قاعدا‏:‏ قد علله في حديث عبد الله بن عمرو بقوله ‏"‏ لست كأحد منكم ‏"‏ فيكون هذا مما خص به‏.‏

قال‏:‏ ولعله أشار بذلك إلى من لا عذر له، فكأنه قال‏:‏ إني ذو عذر‏.‏

وقد رد النووي هذا الاحتمال قال‏:‏ وهو ضعيف أو باطل‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ لم يبين كيفية القعود، فيؤخذ من إطلاقه جوازه على أي صفة شاء المصلي، وهو قضية كلام الشافعي في البويطي، وقد اختلف في الأفضل فعن الأئمة الثلاثة يصلي متربعا، وقيل يجلس مفترشا وهو موافق لقول الشافعي في مختصر المزني وصححه الرافعي ومن تبعه، وقيل متوركا وفي كل منها أحاديث، وسيأتي الكلام على قوله ‏"‏ نائما ‏"‏ في الباب الذي يليه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2010 8:18 pm

*3* باب صَلَاةِ الْقَاعِدِ بِالْإِيمَاءِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صلاة القاعد بالإيماء‏)‏ أورد فيه حديث عمران بن حصين أيضا، وليس فيه ذكر الإيماء، وإنما فيه مثل ما في الذي قبله ‏"‏ ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ‏"‏ قال ابن رشيد‏:‏ مطابقة الحديث للترجمة من جهة أن من صلى على جنب فقد احتاج إلى الإيماء‏.‏

انتهى‏.‏

وليس ذلك بلازم‏.‏

نعم يمكن أن يكون البخاري يختار جواز ذلك، ومستنده ترك التفصيل فيه من الشارع، وهو أحد الوجهين للشافعية وعليه شرح الكرماني‏.‏

والأصح عند المتأخرين أنه لا يجوز للقادر الإيماء للركوع والسجود، وإن جاز التنفل مضطجعا، بل لا بد من الإتيان بالركوع والسجود حقيقة وقد اعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ ترجم بالإيماء ولم يقع في الحديث إلا ذكر النوم فكأنه صحف قوله ‏"‏ نائما ‏"‏ يعني بنون على اسم الفاعل من النوم فظنه بإيماء يعني بموحدة مصدر أومأ، فلهذا ترجم بذلك‏.‏

انتهى‏.‏

ولم يصب في ظنه أن البخاري صحفه، فقد وقع في رواية كريمة وغيرها عقب حديث الباب‏:‏ قال أبو عبد الله - يعني البخاري - قوله ‏"‏ نائما ‏"‏ عندي أي مضطجعا، فكأن البخاري كوشف بذلك‏.‏

وهذا التفسير قد وقع مثله في رواية عفان عن عب الوارث في هذا الحديث، قال عبد الوارث‏:‏ النائم المضطجع، أخرجه الإسماعيلي، قال الإسماعيلي‏:‏ معنى قوله نائما أي على جنب ا ه‏.‏

وقد وقع في رواية الأصيلي على التصحيف أيضا حكاه ابن رشيد، ووجهه بأن معناه من صلى قاعدا أومأ بالركوع والسجود، وهذا موافق للمشهور عند المالكية أنه يجوز له الإيماء إذا صلى نفلا قاعدا مع القدرة على الركوع والسجود، وهو الذي يتبين من اختيار البخاري‏.‏

وعلى رواية الأصيلي شرح ابن بطال وأنكر على النسائي ترجمته على هذا الحديث فضل صلاة القاعد على النائم، وادعى أن النسائي صحفه قال‏:‏ وغلطه فيه ظاهر لأنه ثبت الأمر للمصلي إذا وقع عليه النوم أن يقطع الصلاة، وعلل ذلك بأنه لعله يستغفر فيسب نفسه، قال‏:‏ فكيف يأمره بقطع الصلاة ثم يثبت أن له عليها نصف أجر القاعد ا ه‏.‏

وما تقدم من التعقب على الإسماعيلي يرد عليه قال شيخنا في شرح الترمذي بعد أن حكى كلام ابن بطال‏:‏ لعله هو الذي صحف، وإنما ألجأه إلى ذلك حمل قوله ‏"‏ نائما ‏"‏ على النوم الحقيقي الذي أمر المصلي إذا وجده بقطع الصلاة، وليس ذلك المراد هنا إنما المراد الاضطجاع كما تقدم تقريره، وقد ترجم النسائي ‏"‏ فضل صلاة القاعد على النائم ‏"‏ والصواب من الرواية نائما بالنون على اسم الفاعل من النوم والمراد به الاضطجاع كما تقدم، ومن قال غير ذلك فهو الذي صحف، والذي غرهم ترجمة البخاري وعسر توجيهها عليهم، ولله الحمد على ما وهب‏.‏

*3* باب إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ حذف التشكيل

وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يطق‏)‏ أي الإنسان الصلاة في حال القعود صلى على جنبه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عطاء إذا لم يقدر‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ إن لم يقدر الخ ‏"‏ وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء بمعناه، ومطابقته للترجمة من جهة أن الجامع بينهما أن العاجز عن أداء فرض ينتقل إلى فرض دونه ولا يترك، وهو حجة على من زعم أن العاجز عن القعود في الصلاة تسقط عنه الصلاة، وقد حكاه الغزالي عن أبي حنيفة، وتعقب بأنه لا يوجد في كتب الحنفية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك، وسقط ذكره من رواية أبي زيد المروزي ولا بد منه فإن عبدان لم يسمع من إبراهيم بن طهمان، والحسين المكتب هو ابن ذكوان المعلم الذي سبق في الباب قبله، قال الترمذي‏:‏ لا نعلم أحدا روى هذا عن حسين إلا إبراهيم، وروى أبو أسامة وعيسى بن يونس وغيرهما عن حسين على اللفظ السابق، ا ه‏.‏

ولا يؤخذ من ذلك تضعيف رواية إبراهيم كما فهمه ابن العربي تبعا لابن بطال ورد على الترمذي بأن رواية إبراهيم توافق الأصول ورواية غيرهما تخالفها فتكون رواية إبراهيم أرجح، لأن ذلك راجع إلى الترجيح من حيث المعنى لا من حيث الإسناد، وإلا فاتفاق الأكثر على شيء يقتضي أن رواية من خالفهم تكون شاذة، والحق أن الروايتين صحيحتان كما صنع البخاري، وكل منهما مشتملة على حكم غير الحكم الذي اشتملت عليه الأخرى والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الصلاة‏)‏ المراد عن صلاة المريض، بدليل قوله في أوله ‏"‏ كانت بي بواسير ‏"‏ وفي رواية وكيع عن إبراهيم بن طهمان ‏"‏ سألت عن صلاة المريض ‏"‏ أخرجه الترمذي وغيره‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قال الخطابي لعل هذا الكلام كان جواب فتيا استفتاها عمران، وإلا فليست علة البواسير بمانعة من القيام في الصلاة على ما فيها من الأذى ا ه‏.‏

ولا مانع من أن يسأل عن حكم ما لم يعلمه لاحتمال أن يحتاج إليه فيما بعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن لم تستطع‏)‏ استدل به من قال لا ينتقل المريض إلى القعود إلا بعد عدم القدرة على القيام، وقد حكاه عياض عن الشافعي، وعن مالك وأحمد وإسحاق لا يشترط العدم بل وجود المشقة، والمعروف عند الشافعية أن المراد بنفي الاستطاعة وجود المشقة الشديدة بالقيام، أو خوف زيارة المرض، أو الهلاك، ولا يكتفى بأدنى مشقة‏.‏

ومن المشقة الشديدة دوران الرأس في حق راكب السفينة وخوف الغرق لو صلى قائما فيها، وهل يعد في عدم الاستطاعة من كان كامنا في الجهاد ولو صلى قائما لرآه العدو فتجوز له الصلاة قاعدا أو لا‏؟‏ فيه وجهان للشافعية الأصح الجواز، لكن يقضى صلى الله عليه وسلم لكونه عذرا نادرا‏.‏

واستدل به على تساوي عدم الاستطاعة في القيام والقعود في الانتقال خلافا لمن فرق بينهما كإمام الحرمين، ويدل للجمهور أيضا حديث ابن عباس عند الطبراني بلفظ ‏"‏ يصلي قائما، فإن نالته مشقة فجالسا، فإن نالته مشقة صلى نائما ‏"‏ الحديث، فاعتبر في الحالين وجود المشقة ولم يفرق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فعلى جنب‏)‏ في حديث علي عند الدار قطني على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه ‏"‏ وهو حجة للجمهور في الانتقال من القعود إلى الصلاة على الجنب، وعن الحنفية وبعض الشافعية يستلقي على ظهره ويجعل رجليه إلى القبلة‏.‏

ووقع في حديث علي صلى الله عليه وسلم أن حالة الاستلقاء تكون عند العجز عن حالة الاضطجاع، واستدل به من قال لا ينتقل المريض بعد عجزه عن الاستلقاء إلى حالة أخرى كالإشارة بالرأس ثم الإيماء بالطرف ثم إجراء القرآن والذكر على اللسان ثم على القلب لكون جميع ذلك لم يذكر في الحديث، وهو قول الحنفية والمالكية وبعض الشافعية‏.‏

وقال بعض الشافعية بالترتيب المذكور وجعلوا مناط الصلاة حصول العقل فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عند التكليف بها فيأتي بما يستطيعه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ‏"‏ هكذا استدل به الغزالي، وتعقبه الرافعي بأن الخبر أمر بالإتيان بما يشتمل عليه المأمور، والقعود لا يشتمل على القيام وكذا ما بعده إلى آخر ما ذكر، وأجاب عنه ابن الصلاح بأنا لا نقول إن الآتي بالقعود آت بما استطاعه من القيام مثلا، ولكنا نقول‏:‏ يكون آتيا بما استطاعه من الصلاة، لأن المذكورات أنواع لجنس الصلاة بعضها أدنى من بعض، فإذا عجز عن الأعلى وأتى بالأدنى كان آتيا بما استطاع من الصلاة‏.‏

وتعقب بأن كون هذه المذكورات من الصلاة فرع لمشروعية الصلاة بها وهو محل النزاع‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ اتفق لبعض شيوخنا فرع غريب في النقل كثير في الوقوع، وهو أن يعجز المريض عن التذكر ويقدر على الفعل فألهمه الله أن يتخذ من يلقنه فكان يقول‏:‏ أحرم بالصلاة، قل الله أكبر، اقرأ الفاتحة، قل الله أكبر للركوع إلى آخر الصلاة، يلقنه ذلك تلقينا وهو يفعل جميع ما يقول له بالنطق أو بالإيماء رحمه الله‏.‏

*3* باب إِذَا صَلَّى قَاعِدًا ثُمَّ صَحَّ أَوْ وَجَدَ خِفَّةً تَمَّمَ مَا بَقِيَ حذف التشكيل

وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ شَاءَ الْمَرِيضُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَرَكْعَتَيْنِ قَاعِدًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا صلى قاعدا ثم صح أو وجد خفة تمم ما بقي‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أتم ما بقي ‏"‏ أي لا يستأنف بل يبني عليه إتيانا بالوجه الأتم من القيام ونحوه، وفي هذه الترجمة إشارة إلى الرد على من قال‏:‏ من افتتح الفريضة قاعدا لعجزه عن القيام ثم أطلق القيام وجب عليه الاستئناف، وهو محكي عن محمد ابن الحسن، وخفي ذلك على ابن المنير حتى قال‏:‏ أراد البخاري بهذه الترجمة رفع خيال من تخيل أن الصلاة لا تتبعض فيجب الاستئناف على من صلى قاعدا ثم استطاع القيام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن إن شاء المريض‏)‏ أي في الفريضة ‏(‏صلى ركعتين قائما‏)‏ وهذا الأثر وصله ابن شيبة بمعناه، ووصله الترمذي أيضا بلفظ آخر، وتعقبه ابن التين بأنه لا وجه للمشيئة هنا لأن القيام لا يسقط عمن قدر عليه، إلا إن كان يريد بقوله ‏"‏ إن شاء ‏"‏ أي بكلفة كثيرة ا ه‏.‏

ويظهر أن مراده أن من افتتح الصلاة قاعدا ثم استطاع القيام كان له إتمامها قائما إن شاء بأن يبنى على ما صلى، وإن شاء استأنفها، فاقتضى ذلك جواز البناء وهو قول الجمهور‏.‏

ثم أورد المصنف حديث عائشة من رواية مالك بإسنادين له أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قاعدا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثلاثين أو أربعين آية قائما ثم ركع‏.‏

وزاد في الطريق الثانية منهما أنه كان يفعل ذلك في الركعة الثانية، وفي الأولى منهما تقييد ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة الليل قاعدا إلا بعد أن أسن، وسيأتي في أثناء صلاة الليل من هذا الوجه بلفظ حتى إذا كبر‏.‏

وفي رواية عثمان بن أبي سليمان عن أبي سلمة عن عائشة ‏"‏ لم يمت حتى كان أكثر صلاته جالسا‏"‏، وفي حديث حفصة ‏"‏ ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته جالسا حتى إذا كان قبل موته بعام وكان يصلي في سبحته جالسا ‏"‏ الحديث أخرجهما مسلم، قال ابن التين‏:‏ قيدت عائشة ذلك بصلاة الليل لتخرج الفريضة، وبقولها ‏"‏ حتى أسن ‏"‏ لنعلم أنه إنما فعل ذلك إبقاء على نفسه ليستديم الصلاة، وأفادت أنه كان يديم القيام وأنه كان لا يجلس عما يطيقه من ذلك‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ هذه الترجمة تتعلق بالفريضة، وحديث عائشة يتعلق بالنافلة‏.‏

ووجه استنباطه أنه لما جاز في النافلة القعود لغير علة مانعة من القيام وكان عليه الصلاة والسلام يقوم فيها قبل الركوع كانت الفريضة التي لا يجوز القعود فيها إلا بعدم القدرة على القيام أولى ا ه‏.‏

والذي يظهر لي أن الترجمة ليست مختصة بالفريضة، بل قوله ‏"‏ ثم صح ‏"‏ يتعلق بالفريضة‏.‏

وقوله ‏"‏أو وجد خفة ‏"‏ يتعلق بالنافلة، وهذا الشق مطابق للحديث، ويؤخذ ما يتعلق بالشق الآخر بالقياس عليه، والجامع بينهما جواز إيقاع بعض الصلاة قاعدا وبعضها قائما، ودل حديث عائشة على جواز القعود في أثناء صلاة النافلة لمن افتتحها قائما كما يباح له أن يفتتحها قاعدا ثم يقوم، إذ لا فرق بين الحالتين، ولا سيما مع وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية خلافا لمن أبى ذلك، واستدل به على أن من افتتح صلاته مضطجعا ثم استطاع الجلوس أو القيام أتمها على ما أدت إليه حاله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ سَجَدَ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ نَظَرَ فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِي وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا بقي من قراءته‏)‏ فيه إشارة إلى أن الذي كان يقرؤه قبل أن يقوم أكثر، لأن البقية تطلق في الغالب على الأقل‏.‏

وفي هذا الحديث أنه لا يشترط لمن افتتح النافلة قاعدا أن يركع قاعدا، أو قائما أن يركع قائما وسيأتي البحث في ذلك في ‏"‏ باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ‏"‏ من أبواب التهجد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا قضى صلاته نظر الخ‏)‏ يأتي الكلام عليه في أبواب التطوع في الكلام على ركعتي الفجر إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ حذف التشكيل ‏:‏ اشتملت أبواب التقصير وما معه من الأحاديث المرفوعة على اثنين وخمسين حديثا، المعلق منها ستة عشر حديثا والبقية موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى اثنان وثلاثون والبقية موصولة، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عباس في قدر الإقامة بمكة، وحديث جابر في التطوع راكبا إلى غير القبلة، وحديث أنس في الجمع بين المغرب والعشاء، وحديث عمران في صلاة القاعد‏.‏

وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة فمن بعدهم ستة آثار والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )20
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )11
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )12
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )13
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )14

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: