Admin المديــــــــــر
عدد المساهمات : 4687 نقاط : 9393 التميز : 80 تاريخ التسجيل : 03/05/2009 العمر : 32 الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة
| موضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )11 الخميس ديسمبر 16, 2010 12:03 pm | |
| *3* باب مَوْعِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ الْعِيدِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب موعظة الإمام النساء يوم العيد) أي إذا لم يسمعن الخطبة مع الرجال.
الحديث:
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ لَا وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ تُلْقِي فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ قُلْتُ أَتُرَى حَقًّا عَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ وَمَا لَهُمْ لَا يَفْعَلُونَهُ
الشرح:
قوله: (حدثني إسحاق بن إبراهيم بن نصر) نسب في رواية الأصيلي إلى جده فقال إسحاق بن نصر.
قوله: (ثم خطب، فلما فرغ نزل) فيه إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب على مكان مرتفع لما يقتضيه قوله " نزل " وقد تقدم في " باب الخروج إلى المصلى " أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المصلى على الأرض، فلعل الراوي ضمن النزول معنى الانتقال.
وزعم عياض أن وعظه للنساء كان في أثناء الخطبة وأن ذلك كان في أول الإسلام وأنه خاص به صلى الله عليه وسلم، وتعقبه النووي بهذه المصرحة بأن ذلك كان بعد الخطبة وهو قوله " فلما فرغ نزل فأتى النساء " والخصائص لا تثبت بالاحتمال.
قوله: (قلت لعطاء) القائل هو ابن جريج، وهو موصول بالإسناد المذكور، وقد تقدم الحديث من وجه آخر عن ابن جريج في " باب المشي " بدون هذه الزيادة.
ودل هذا السؤال على أن ابن جريج فهم من قوله " الصدقة " أنها صدقة الفطر بقرينة كونها يوم الفطر وأخذ من قوله " وبلال باسط ثوبه " لأنه يشعر بأن الذي يلقى فيه بشيء يحتاج إلى ضم فهو لائق بصدقة الفطر المقدرة بالكيل، لكن بين له عطاء أنها كانت صدقة تطوع، وأنها كانت مما لا يجزئ في صدقة الفطر من خاتم ونحوه.
قوله: (تلقى) أي المرأة، والمراد جنس النساء، ولذلك عطف عليه بصيغة الجمع فقال " ويلقين " أو المعنى تلقى الواحدة، وكذلك الباقيات يلقين.
قوله: (فتخها) بفتح الفاء والمثناة من فوق وبالخاء المعجمة كذا للأكثر، وللمستملي والحموي " فتخها " بالتأنيث، وسيأتي تفسيره قريبا، وحذف مفعول يلقين اكتفاء، وكرر الفعل المذكور في رواية مسلم إشارة إلى التنويع، وسيأتي في حديث ابن عباس بلفظ " فيلقين الفتخ والخواتم".
قوله: (قلت) القائل أيضا ابن جريج، والمسئول عطاء.
وقوله "أنه لحق عليهم " ظاهره أن عطاء كان يرى وجوب ذلك، ولهذا قال عياض: لم يقل بذلك غيره.
وأما النووي فحمله على الاستحباب.
وقال: لا مانع من القول به، إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.
الحديث:
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلَالٌ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ قَالَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ قَالَ فَتَصَدَّقْنَ فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَتَخُ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
الشرح:
قوله: (قال ابن جريج وأخبرني الحسن بن مسلم) هو معطوف على الإسناد الأول وقد أفرد مسلم الحديث من طريق عبد الرزاق، وساق الثاني قبل الأول فقدم حديث ابن عباس على حديث جابر، وقد تقدم من وجه آخر عن ابن جريج مختصرا في " باب الخطبة".
قوله: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم) كذا فيه بغير أداة عطف، وسيأتي في " باب تفسير الممتحنة " من وجه آخر عن ابن جريج بلفظ " فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم"، وكذا لمسلم من طريق عبد الرزاق هذه، وقوله "ثم يخطب " بضم أوله على البناء للمجهول.
قوله: (حين يجلس) بتشديد اللام المكسورة، وحذف مفعوله، وهو ثابت في رواية مسلم بلفظ " يجلس الرجال بيده"، وكأنهم لما انتقل عن مكان خطبته أرادوا الانصراف فأمرهم بالجلوس حتى يفرغ من حاجته ثم ينصرفوا جميعا، أو لعلهم أرادوا أن يتبعوه فمنعهم فيقوى البحث الماضي في آخر الباب الذي قبله.
قوله: (فقالت امرأة واحدة منهن لم يجبه غيرها: نعم) زاد مسلم " يا نبي الله " وفيه دلالة على الاكتفاء في الجواب بنعم وتنزيلها منزلة الإقرار، وأن جواب الواحد عن الجماعة كاف إذا لم ينكروا ولم يمنع مانع من إنكارهم.
قوله: (لا يدري حسن من هي) حسن هو الراوي له عن طاوس ووقع في مسلم وحده " لا يدري حينئذ " وجزم جمع من الحفاظ بأنه تصحيف، ووجهه النووي بأمر محتمل لكن اتحاد المخرج دال على ترجيح رواية الجماعة ولا سيما وجود هذا الموضع في مصنف عبد الرزاق الذي أخرجناه صلى الله عليه وسلم من طريقه في البخاري موافقا لرواية الجماعة.
والفرق بين الروايتين أن في رواية الجماعة تعيين الذي لم يدر من المرأة، بخلاف رواية مسلم.
ولم أقف على تسمية هذه المرأة، إلا أنه يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد ابن السكن التي تعرف بخطيبة النساء، فإنها روت أصل هذه القصة في حديث أخرجه البيهقي والطبراني وغيرهما من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى النساء وأنا معهن فقال: يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم.
فناديت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت عليه جريئة: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير " الحديث، فلا يبعد أن تكون هي التي أجابته أولا بنعم، فإن القصة واحدة، فلعل بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر كما في نظائره والله أعلم.
وقد روى الطبراني من وجه آخر عن أم سلمة الأنصارية - وهي أسماء المذكورة - أنها كانت في النسوة اللاتي أخذ عليهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخذ الحديث، ولابن سعد من حديثها " أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق.
الآية".
قوله: (قال فتصدقن) هو فعل أمر لهن بالصدقة والفاء سببية أو داخلة على جواب شرط محذوف تقديره إن كنتن على ذلك فتصدقن، ومناسبته للآية من قوله " ولا يعصينك في معروف " فإن ذلك من جملة المعروف الذي أمرن به.
قوله: (ثم قال هلم) القائل هو بلال، وهو على اللغة الفصحى في التعبير بها للمفرد والجمع.
قوله: (لكن) بضم الكاف وتشديد النون، وقوله "فدا " بكسر الفاء والقصر.
قوله: (قال عبد الرزاق: الفتخ الخواتيم العظام كانت في الجاهلية) لم يذكر عبد الرزاق في أي شيء كانت تلبس، وقد ذكر ثعلب أنهن يلبسنها في أصابع الأرجل ا هـ.
ولهذا عطف عليها الخواتيم لأنها عند الإطلاق تنصرف إلى ما يلبس في الأيدي، وقد وقع في بعض طرقه عند مسلم هنا ذكر الخلاخيل، وحكى عن الأصمعي أن الفتخ الخواتيم التي لا فصوص لها، فعلى هذا هو من عطف الأعم على الأخص.
وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويستحب حثهن على الصدقة وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك كله إذا أمن الفتنة والمفسدة.
وفيه خروج النساء إلى المصلى كما سيأتي في الباب الذي بعده.
وفيه جواز التفدية بالأب والأم، وملاطفة العامل على الصدقة بمن يدفعها إليه.
واستدل به على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها أو على مقدار معين من مالها كالثلث خلافا لبعض المالكية ووجه الدلالة من القصة ترك الاستفصال عن ذلك كله.
قال القرطبي: ولا يقال في هذا إن أزواجهن كانوا حضورا لأن ذلك لم ينقل ولو نقل فليس فيه تسليم أزواجهن لهن ذلك لأن من ثبت له الحق فالأصل بقاؤه حتى يصرح بإسقاطه ولم ينقل أن القوم صرحوا بذلك ا هـ: وأما كونه من الثلث فما دونه فإن ثبت أنهن لا يجوز لهن التصرف فيما زاد على الثلث لم يكن في هذه القصة ما يدل على جواز الزيادة، وفيه أن الصدقة من دوافع العذاب لأنه أمرهن بالصدقة ثم علل بأنهن أكثر أهل النار لما يقع منهن من كفران النعم وغير ذلك كما تقدم في كتاب الحيض من حديث أبي سعيد.
ووقع نحوه عند مسلم من وجه آخر في حديث جابر، وعند البيهقي من حديث أسماء بنت يزيد كما تقدمت الإشارة إليه.
وفيه بذل النصيحة والإغلاظ بها لمن احتيج في حقه إلى ذلك، والعناية بذكر ما يحتاج إليه لتلاوة آية الممتحنة لكونها خاصة بالنساء.
وفيه جواز طلب الصدقة من الأغنياء للمحتاجين ولو كان الطالب غير محتاج، وأخذ منه الصوفية جواز ما اصطلحوا عليه من الطلب، ولا يخفى ما يشترط فيه من أن المطلوب له أيكون غير قادر على التكسب مطلقا أو لما لا بد له منه.
وفي مبادرة تلك النسوة إلى الصدقة بما يعز عليهن من حليهن مع ضيق الحال في ذلك الوقت دلالة على رفيع مقامهن في الدين وحرصهن على امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن، وقد تقدمت بقية فوائد هذا الحديث في كتاب الحيض.
عدل سابقا من قبل Admin في الخميس ديسمبر 16, 2010 1:52 pm عدل 1 مرات | |
|
Admin المديــــــــــر
عدد المساهمات : 4687 نقاط : 9393 التميز : 80 تاريخ التسجيل : 03/05/2009 العمر : 32 الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة
| موضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )11 الخميس ديسمبر 16, 2010 12:04 pm | |
| *3* باب إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي الْعِيدِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب إذا لم يكن لها جلباب) بكسر الجيم وسكون اللام وموحدتين، تقدم تفسيره في كتاب الحيض في " باب شهود الحائض العيدين " قال الزين بن المنير: لم يذكر جواب الشرط في الترجمة حوالة على ما ورد في الخبر ا هـ.
والذي يظهر لي أنه حذفه لما فيه من الاحتمال، فقد تقدم في الباب المذكور أنه يحتمل أن يكون للجنس، أي تعيرها من جنس ثيابها، ويؤيده رواية ابن خزيمة " من جلابيبها " وللترمذي " فلتعرها أختها من جلابيبها " والمراد بالأخت الصاحبة، ويحتمل أن يكون المراد تشركها معها في ثوبها، ويؤيده رواية أبي داود " تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها " يعني إذا كان واسعا، ويحتمل أن يكون المراد بقوله " ثوبها " جنس الثياب فيرجع للأول.
ويؤخذ منه جواز اشتمال المرأتين في ثوب واحد عند التستر، وقيل: إنه ذكر على سبيل المبالغة، أي يخرجن على كل حال ولو اثنتين في جلباب.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَأَتَيْتُهَا فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ فَقَالَتْ فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى وَنُدَاوِي الْكَلْمَى فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ فَقَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ حَفْصَةُ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا قَالَتْ نَعَمْ بِأَبِي وَقَلَّمَا ذَكَرَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَتْ بِأَبِي قَالَ لِيَخْرُجْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ قَالَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ شَكَّ أَيُّوبُ وَالْحُيَّضُ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهَا الْحُيَّضُ قَالَتْ نَعَمْ أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا
الشرح:
قوله: (قالت نعم بأبا) بموحدتين بينهما همزة مفتوحة والثانية خفيفة.
وفي رواية كريمة وأبي الوقت " بأبي " بكسر الثانية على الأصل، أي أفديه بأبي، وقد تقدم في الباب المذكور بلفظ " بيبى " بإبدال الهمزة ياء تحتانية، ووقع عند أحمد من طريق حفصة عن أم عطية قالت " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي".
قوله: (لتخرج العواتق ذوات الخدور) كذا للأكثر على أنه صفته وللكشميهني (أو قال: العواتق وذوات الخدور، شك أيوب) يعني هل هو بواو العطف أو لا، وقد تقدم نحوه في الباب المذكور.
قوله: (فقلت لها) القائلة المرأة والمقول لها أم عطية، ويحتمل أن تكون القائلة حفصة والمقول لها المرأة وهي أخت أم عطية، والأول أرجح والله أعلم.
*3* باب اعْتِزَالِ الْحُيَّضِ الْمُصَلَّى حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب اعتزال الحيض المصلى) مضمون هذه الترجمة بعض ما تضمنه الحديث الذي في الباب الماضي، وكأنه أعاد هذا الحكم للاهتمام به، وقد تقدم مضموما إلى الباب المذكور في كتاب الحيض.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أُمِرْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الْحُيَّضَ وَالْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ أَوْ الْعَوَاتِقَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلَّاهُمْ
الشرح:
قوله: (عن ابن عون) هو عبد الله، ومحمد هو ابن سيرين، وقد شك ابن عون في العواتق كما شك أيوب في الذي قبله، ووقع في رواية منصور بن زاذان عن ابن سيرين عند الترمذي " تخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور".
وفي هذا الحديث من الفوائد جواز مداواة المرأة للرجال الأجانب إذا كانت بإحضار الدواء مثلا والمعالجة بغير مباشرة، إلا إن احتيج إليها عند أمن الفتنة.
وفيه أن من شأن العواتق والمخدرات عدم البروز إلا فيما أذن لهن فيه.
وفيه استحباب إعداد الجلباب للمرأة، ومشروعية عارية الثياب.
واستدل به على وجوب صلاة العيد، وفيه نظر لأن من جملة من أمر بذلك من ليس بمكلف، فظهر أن القصد منه إظهار شعار الإسلام بالمبالغة في الاجتماع ولتعم الجميع البركة، والله أعلم.
وفيه استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كن شواب أم لا وذوات هيآت أم لا، وقد اختلف فيه السلف، ونقل عياض وجوبه عن أبي بكر وعلي وابن عمر، والذي وقع لنا عن أبي بكر وعلي ما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنهما فالأحق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين، وقد ورد هذا مرفوعا بإسناد لا بأس به أخرجه أحمد وأبو يعلى وابن المنذر من طريق امرأة من عبد القيس عن أخت عبد الله بن رواحة به والمرأة لم تسم، والأخت اسمها عمرة صحابية.
وقوله "حق " يحتمل الوجوب ويحتمل تأكد الاستحباب، روى ابن أبي شيبة أيضا عن ابن عمر أنه كان يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله، وهذا ليس صريحا في الوجوب أيضا، بل قد روى عن ابن عمر المنع فيحتمل أن يحمل على حالين، ومنهم من حمله على الندب وجزم بذلك الجرجاني من الشافعية وابن حامد من الحنابلة، ولكن نص الشافعي في الأم يقتضي استثناء ذوات الهيآت قال: وأحب شهود العجائز وغير ذوات الهيئة الصلاة، وإنا لشهودهن الأعياد أشد استحبابا.
وقد سقطت واو العطف من رواية المزني في المختصر فصارت غير ذوات الهيئة صفة للعجائز فمشى على ذلك صاحب النهاية ومن تبعه وفيه ما فيه، بل قد روى البيهقي في المعرفة عن الربيع قال قال الشافعي: قد روى حديث فيه أن النساء يتركن إلى العيدين، فإن كان ثابتا قلت به، قال البيهقي: قد ثبت وأخرجه الشيخان - يعني حديث أم عطية هذا - فيلزم الشافعية القول به، ونقله ابن الرفعة عن البندنيجي وقال: إنه ظاهر كلام التنبيه، وقد ادعى بعضهم النسخ فيه، قال الطحاوي: وأمره عليه السلام بخروج الحيض وذوات الخدور إلى العيد يحتمل أن يكون في أول الإسلام والمسلمون قليل فأريد التكثير بحضورهن إرهابا للعدو، وأما اليوم فلا يحتاج إلى ذلك.
وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال.
قال الكرماني: تاريخ الوقت لا يعرف قلت: بل هو معروف بدلالة حديث ابن عباس أنه شهده وهو صغير وكان ذلك بعد فتح مكة فلم يتم مراد الطحاوي، وقد صرح في حديث أم عطية بعلة الحكم وهو شهودهن الخير ودعوة المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته، وقد أفتت به أم عطية بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك، وأما قول عائشة " لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد " فلا يعارض ذلك لندوره إن سلمنا أن فيه دلالة على أنها أفتت بخلافه، مع أن الدلالة منه بأن عائشة أفتت بالمنع ليست صريحة.
وفي قوله " إرهابا للعدو " نظر لأن الاستنصار بالنساء والتكثر بهن في الحرب دال على الضعف، والأولى أن يخص ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة ولا يترتب على حضورها محذور ولا تزاحم الرجال في الطرق ولا في المجامع، وقد تقدمت بقية فوائد هذا الحديث في الباب المشار إليه من كتاب الحيض. | |
|
Admin المديــــــــــر
عدد المساهمات : 4687 نقاط : 9393 التميز : 80 تاريخ التسجيل : 03/05/2009 العمر : 32 الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة
| موضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )11 الخميس ديسمبر 16, 2010 12:04 pm | |
| *3* باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُصَلَّى حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب النحر والذبح بالمصلى يوم النحر) أورد فيه حديث ابن عمر في ذلك، قال الزين بن المنير: عطف الذبح على النحر في الترجمة وإن كان حديث الباب ورد بأو المقتضية للتردد إشارة إلى أنه لا يمتنع أن يجمع يوم النحر بين نسكين أحدهما مما ينحر والآخر مما يذبح، وليفهم اشتراكهما في الحكم انتهى.
ويحتمل أن يكون أشار إلى أنه ورد في بعض طرقه بواو الجمع كما سيأتي في كتاب الأضاحي، ويأتي الكلام هناك على فوائده إن شاء الله تعالى.
*3* باب كَلَامِ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ وَإِذَا سُئِلَ الْإِمَامُ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ يَخْطُبُ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب) في هذه الترجمة حكمان وظن بعضهم أن فيها تكرارا وليس ذلك، بل الأول الأعم من الثاني، ولم يذكر المصنف الجواب استغناء بما في الحديث، ووجهه من حديث البراء أن المراجعة الصادرة بين أبي بردة وبين النبي صلى الله عليه وسلم دالة على الحكم الأول، وسؤال أبي بردة عن حكم العناق دال على الحكم الثاني.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ ذَبَحَ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ
الشرح:
قوله: (عن الأسود) هو ابن قيس لا ابن يزيد، لأن شعبة لم يلحق ابن يزيد، وجندب هو ابن عبد الله البجلي.
قوله: (وقال من ذبح) هو من جملة الخطبة وليس معطوفا على قوله " ثم ذبح " لئلا يلزم تخلل الذبح بين الخطبة وهذا القول، وليس الواقع ذلك على ما بينه حديث البراء الذي قبله وسيأتي الكلام عليهما في كتاب الأضاحي إن شاء الله تعالى.
*3* باب مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب من خالف الطريق) أي التي توجه منها إلى المصلى.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ
الشرح:
قوله: (حدثنا محمد) كذا للأكثر غير منسوب وفي رواية أبي علي بن السكن حدثنا محمد بن سلام، وكذا للحفصي وجزم به الكلاباذي وغيره، وفي نسخة من أطراف خلف أنه وجد في حاشية أنه محمد بن مقاتل.
انتهى.
وكذا هو في رواية أبي علي بن شبويه، والأول هو المعتمد، وقد رواه عن أبي تميلة أيضا - ممن اسمه محمد - محمد بن حميد الرازي لكنه خالف في اسم صحابيه كما سيأتي، وليس هو ممن خرج عنهم البخاري في صحيحه، وأبو تميلة بالمثناة مصغرا مروزي قيل إن البخاري ذكره في الضعفاء لكن لم يوجد ذلك في التصنيف المذكور قاله الذهبي، ثم إنه لم ينفرد به كما سيأتي.
نعم تفرد به شيخه فليح وهو مضعف عند ابن معين والنسائي وأبي داود ووثقه آخرون فحديثه من قبيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر وسعد القرظ وأبي رافع وعثمان بن عبيد الله التيمي وغيرهم يعضد بعضها بعضا، فعلى هذا هو من القسم الثاني من قسمي الصحيح.
قوله: (عن سعيد بن الحارث) هو ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري.
قوله: (إذا كان يوم عيد خالف الطريق) كان تامة، أي إذا وقع.
وفي رواية الإسماعيلي " كان إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه " قال الترمذي: أخذ بهذا بعض أهل العلم فاستحبه للإمام، وبه يقول الشافعي.
انتهى.
والذي في " الأم " أنه يستحب للإمام والمأموم، وبه قال أكثر الشافعية.
وقال الرافعي: لم يتعرض في الوجيز إلا للإمام ا هـ.
وبالتعميم قال أكثر أهل العلم، ومنهم من قال إن علم المعنى وبقيت العلة بقي الحكم وإلا انتفى بانتفائها، وإن لم يعلم المعنى بقي الاقتداء.
وقال الأكثر يبقى الحكم ولو انتفت العلة للاقتداء كما في الرملي وغيره، وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال كثيرة اجتمع لي منها أكثر من عشرين، وقد لخصتها وبينت الواهي منها، قال القاضي عبد الوهاب المالكي: ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وأكثرها دعاوى فارغة.
انتهى.
فمن ذلك أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان وقيل سكانهما من الجن والإنس، وقيل ليسوى بينهما في مزية الفضل بمروره أو في التبرك به أو ليشم رائحة المسك من الطريق التي يمر بها لأنه كان معروفا بذلك، وقيل لأن طريقه للمصلى كانت على اليمين فلو رجع منها لرجع على جهة الشمال فرجع من غيرها وهذا يحتاج إلى دليل، وقيل لإظهار شعار الإسلام فيهما، وقيل لإظهار ذكر الله، وقيل ليغيظ المنافقين أو اليهود، وقيل ليرهبهم بكثرة من معه ورجحه ابن بطال، وقيل حذرا من كيد الطائفتين أو إحداهما، وفيه نظر لأنه لو كان كذلك لم يكرره قاله ابن التين، وتعقب بأنه لا يلزم من مواظبته على مخالفة الطريق المواظبة على طريق منها معين، لكن في رواية الشافعي من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم " كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم ويرجع من الطريق الأخرى " وهذا لو ثبت لقوى بحث ابن التين، وقيل فعل ذلك ليعمهم في السرور به أو التبرك بمروره وبرؤيته والانتفاع به في قضاء حوائجهم في الاستفتاء أو التعلم والاقتداء والاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم وغير ذلك، وقيل ليزور أقاربه الأحياء والأموات، وقيل ليصل رحمه، وقيل ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، وقيل كان في ذهابه يتصدق فإذا رجع لم يبق معه شيء فيرجع في طريق أخرى لئلا يرد من يسأله وهذا ضعيف جدا مع احتياجه إلى الدليل، وقيل فعل ذلك لتخفيف الزحام وهذا رجحه الشيخ أبو حامد وأيده المحب الطبري بما رواه البيهقي في حديث ابن عمر فقال فيه ليسع الناس، وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله ليسع الناس يحتمل أن يفسر ببركته وفضله وهذا الذي رجحه ابن التين، وقيل كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي فيها فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطأ في الذهاب وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله وهذا اختيار الرافعي، وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل وبأن أجر الخطأ يكتب في الرجوع أيضا كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي وغيره، فلو عكس ما قال لكان له اتجاه ويكون سلوك الطريق القريب للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت، وقيل لأن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم.
وقال ابن أبي جمرة: هو في معنى قول يعقوب لبنيه (لا تدخلوا من باب واحد) فأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين وأشار صاحب الهدي إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة والله أعلم.
قوله: (تابعه يونس بن محمد عن فليح وحديث جابر أصح) كذا عند جمهور رواة البخاري عن طريق الفربري، وهو مشكل لأن قوله " أصح " يباين قوله " تابعه " إذ لو تابعه لساواه فكيف تتجه الأصحية الدالة على عدم المساواة.
وذكر أبو علي الجياني أنه سقط قوله " وحديث جابر أصح " من رواية إبراهيم ابن معقل النسفي عن البخاري فلا إشكال فيها قال: ووقع في رواية ابن السكن " تابعه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة " وفي هذا توجيه قوله أصح، ويبقي الإشكال في قوله تابعه فإنه لم يتابعه بل خالفه، وقد أزال هذا الأشكال أبو نعيم في المستخرج فقال " أخرجه البخاري عن محمد عن أبي تميلة وقال: تابعه يونس بن محمد عن فليح.
وقال محمد بن الصلت: عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة، وحديث جابر أصح".
وبهذا جزم أبو مسعود في الأطراف، وكذا أشار إليه البرقاني.
وقال البيهقي: إنه وقع كذلك في بعض النسخ وكأنها رواية حماد بن شاكر عن البخاري.
ثم راجعت رواية النسفي فلم يذكر قوله " وحديث جابر أصح " فسلم من الإشكال وهو مقتضى قول الترمذي " رواه أبو تميلة ويونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن جابر " فعلى هذا يكون سقط من رواية الفربري قوله " وقال محمد بن الصلت عن فليح " فقط وبقي ما عدا ذلك، هذا على رواية أبي علي بن السكن، وقد وقع كذلك في نسختي من رواية أبي ذر عن مشايخه، وأما على رواية الباقين فيكون سقط إسناد محمد بن الصلت كله.
وقال أبو علي الصدفي في حاشية نسخته التي بخطه من البخاري: لا يظهر معناه من ظاهر كتاب، وإنما هي إشارة إلى أن أبا تميلة ويونس المتابع له خولفا في سند الحديث وروايتهما أصح، ومخالفهما - وهو محمد بن الصلت - رواه عن فليح شيخهما فخالفهما في صحابيه فقال: عن أبي هريرة.
قلت: فيكون معنى قوله " وحديث جابر أصح " أي من حديث من قال فيه عن أبي هريرة، وقد اعترض أبو مسعود في الأطراف على قوله: تابعه يونس اعتراضا آخر فقال: إنما رواه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة لا جابر، وأجيب بمنع الحصر فإنه ثابت عن يونس بن محمد كما قال البخاري أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس وكذا هو في مسنده ومصنفه، نعم رواه ابن خزيمة والحاكم والبيهقي من طريق أخرى عن يونس بن محمد - كما قال أبو مسعود - وكأنه اختلف عليه فيه، وكذا اختلف فيه على أبي تميلة فأخرجه البيهقي من وجه آخر عنه فقال عن أبي هريرة، وأما رواية محمد بن الصلت المشار إليها فوصلها الدارمي وسمويه كلاهما عنه والترمذي وابن السكن والعقيلي كلهم من طريقه بلفظ " كان إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره " وذكر أبو مسعود أن الهيثم بن جميل رواه عن فليح - كما قال ابن الصلت - عن أبي هريرة.
والذي يغلب على الظن أن الاختلاف فيه من فليح فلعل شيخه سمعه من جابر ومن أبي هريرة، ويقوى ذلك اختلاف اللفظين، وقد رجح البخاري أنه عن جابر وخالفه أبو مسعود والبيهقي فرجحا أنه عن أبي هريرة ولم يظهر لي في ذلك ترجيح والله أعلم.
| |
|
Admin المديــــــــــر
عدد المساهمات : 4687 نقاط : 9393 التميز : 80 تاريخ التسجيل : 03/05/2009 العمر : 32 الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة
| موضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْجُمُعَةِ )11 الخميس ديسمبر 16, 2010 12:05 pm | |
| *3* باب إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ وَمَنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ وَالْقُرَى حذف التشكيل
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلَاهُمْ ابْنَ أَبِي عُتْبَةَ بِالزَّاوِيَةِ فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ وَصَلَّى كَصَلَاةِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَهْلُ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْعِيدِ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
الشرح:
قوله: (باب إذا فاته العيد) أي مع الإمام (يصلي ركعتين) .
في هذه الترجمة حكمان: مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة سواء كان بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضي ركعتين كأصلها، وخالف في الأول جماعة منهم المزني فقال: لا تقضي، وفي الثاني الثوري وأحمد قالا: إن صلاها وحده صلى أربعا، ولهما في ذلك سلف: قال ابن مسعود " من فاته العيد مع الإمام فليصل أربعا " أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح.
وقال إسحاق: إن صلاها في الجماعة فركعتين وإلا فأربعا.
قال الزين بن المنير: كأنهم قاسوها على الجمعة، لكن الفرق ظاهر لأن من فاتته الجمعة يعود لفرضه من الظهر، بخلاف العيد.
انتهى.
وقال أبو حنيفة: يتخير بين القضاء والترك وبين الثنتين والأربع.
وأورد البخاري في هذا حديث عائشة في قصة الجاريتين المغنيتين، وأشكلت مطابقته للترجمة على جماعة.
وأجاب ابن المنير بأن ذلك يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم "إنها أيام العيد " فأضاف نسبة العيد إلى اليوم فيستوي في إقامتها الفذ والجماعة والنساء والرجال، قال ابن رشد: وتتمته أن يقال إنها أيام عيد أي لأهل الإسلام بدليل قوله في الحديث الآخر " عيدنا أهل الإسلام " ولهذا ذكره البخاري في صدر الباب، وأهل الإسلام شامل لجميعهم أفرادا وجمعا، وهذا يستفاد منه الحكم الثاني لا مشروعية القضاء، قال: والذي يظهر لي أنه أخذ مشروعية القضاء من قوله " فإنها أيام عيد " أي أيام منى، فلما سماها أيام عيد كانت محلا لأداء هذه الصلاة، لأنها شرعت ليوم العيد فيستفاد من ذلك أنها تقع أداء وأن لوقت الأداء آخرا وهو آخر أيام منى.
قال: ووجدت بخط أبي القاسم بن الورد: لما سوغ صلى الله عليه وسلم للنساء راحة العيد المباحة كان آكد أن يندبهن إلى صلاته في بيوتهن قوله في الترجمة " وكذلك النساء " مع قوله في الحديث " دعهما فإنها أيام عيد".
قوله: (ومن كان في البيوت والقرى) يشير إلى مخالفة ما روى عن علي " لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع " وقد تقدم في " باب فضل العمل في أيام التشريق " عن الزهري " ليس على المسافر صلاة عيد " ووجه مخالفته كون عموم الحديث المذكور يخالف ذلك.
قوله: (لقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا عيدنا أهل الإسلام) هذا الحديث لم أره هكذا، وإنما أوله في حديث عائشة في قصة المغنيتين، وقد تقدم في ثالث الترجمة من كتاب العيدين بلفظ " إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " وأما باقيه فلعله مأخوذ من حديث عقبة بن عامر مرفوعا " أيام منى عيدنا أهل الإسلام " وهو في السنن وصححه ابن خزيمة، وقوله "أهل الإسلام " بالنصب على أنه منادى مضاف حذف منه حرف النداء، أو بإضمار أعني أو أخص، وجوز فيه أبو البقاء في إعراب المسند الجر على أنه بدل من الضمير في قوله عيدنا.
قوله: (وأمر أنس بن مالك مولاه) في رواية المستملي " مولاهم".
قوله: (ابن أبي غنية) كذا لأبي ذر بالمعجمة والنون بعدها تحتانية مثقلة، وللأكثر بضم المهملة وسكون المثناة بعدها موحدة وهو الراجح.
قوله: (بالزاوية) بالزاي موضع على فرسخين من البصرة كان به لأنس قصر وأرض وكان يقيم هناك كثيرا وكانت بالزاوية وقعة عظيمة بين الحجاج وابن الأشعث.
وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة " عن ابن علية عن يونس هو ابن عبيد حدثني بعض آل أنس أن أنسا كان ربما جمع أهله وحشمه يوم العيد فيصلي بهم عبد الله بن أبي عتبة مولاه ركعتين " والمراد بالبعض المذكور عبد الله بن أبي بكر بن أنس، روى البيهقي من طريقه قال " كان أنس إذا فاته العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد".
قوله: (وقال عكرمة) وصله ابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه قال في القوم يكونون في السواد وفي السفر في يوم عيد فطر أو أضحى قال: يجتمعون ويؤمهم أحدهم.
قوله: (وقال عطاء) في رواية الكشميهني " وكان عطاء " والأول أصح، فقد رواه الفريابي في مصنفه عن الثوري عن ابن جريج عن عطاء قال " من فاته العيد فليصل ركعتين " وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن جريج وزاد " ويكبر"، وهذه الزيادة تشير إلى أنها تقضي كهيئتها لا أن الركعتين مطلق نفل.
وأما حديث عائشة فتقدم الكلام عليه مستوفي في أوائل كتاب العيدين، وقوله فيه " وقالت عائشة " معطوف على الإسناد المذكور كما تقدم بيانه، وقوله "فزجرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهم " كذا في الأصول بحذف فاعل زجرهم، ووقع في رواية كريمة " فزجرهم عمر " كذا هنا، وسيأتي بهذا الإسناد في أوائل المناقب بحذفه أيضا للجميع، وضبب النسفي بين زجرهم وبين فقال إشارة إلى الحذف، وقد ثبت بلفظ عمر في طرق أخرى كما تقدم في أوائل العيدين، وقول فيه " أمنا " بسكون الميم (يعني من الأمن) يشير إلى أن المعنى اتركهم من جهة إنا آمناهم أمنا، أو أراد أنه مشتق من الأمن لا من الأمان الذي للكفار، والله أعلم.
*3* باب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا حذف التشكيل
وَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرِهَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعِيدِ
الشرح:
قوله: (باب الصلاة قبل العيد وبعدها) أورد فيه أثر ابن عباس أنه كره الصلاة قبل العيد وحديثه المرفوع في ترك الصلاة قبلها وبعدها ولم يجزم بحكم ذلك لأن الأثر يحتمل أن يراد به منع التنفل أو نفي الراتبة، وعلى المنع فهل هو لكونه وقت كراهة أو لأعم من ذلك.
ويؤيد الأول الاقتصار على القبل، وأما الحديث فليس فيه ما يدل على المواظبة فيحتمل اختصاصه بالإمام دون المأموم أو بالمصلى دون البيت، وقد اختلف السلف في جميع ذلك فذكر ابن المنذر عن أحمد أنه قال: الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها.
وبالأول قال الأوزاعي والثوري والحنفية، وبالثاني قال الحسن البصري وجماعة، وبالثالث قال الزهري وابن جريج وأحمد.
وأما مالك فمنعه في المصلى، وعنه في المسجد روايتان.
وقال الشافعي في الأم - ونقله البيهقي عنه في المعرفة بعد أن روى حديث ابن عباس حديث الباب - ما نصه: وهكذا يحب للإمام أن لا يتنفل قبلها ولا بعدها، وأما المأموم فمخالف له في ذلك.
ثم بسط الكلام في ذلك.
وقال الرافعي: يكره للإمام التنفل قبل العيد وبعدها، وقيده في البويطي بالمصلى، وجرى على ذلك الصيمري فقال: لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقا إلا للإمام في موضع الصلاة، وأما النووي في شرح مسلم فقال: قال الشافعي وجماعة من السلف لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها، فإن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص الشافعي المذكور، ويؤيد ما في البويطي حديث أبي سعيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي قبل العيد شيئا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين " أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن، وقد صححه الحاكم، وبهذا قال إسحاق، ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنفل في المصلى.
وقال ابن العربي: التنفل في المصلى لو فعل لنقل، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رأى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ومن اقتدى فقد اهتدى انتهى.
والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام، والله أعلم.
قوله: (وقال أبو المعلى) بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة اسمه يحيى بن ميمون العطار الكوفي، وليس له عند البخاري سوى هذا الموضع، ولم أقف على أثره هذا موصولا.
وقد تقدم حديث ابن عباس المرفوع بأتم من هذا السياق في " باب الخطبة بعد العيد".
(خاتمة) : اشتمل كتاب العيدين من الأحاديث المرفوعة على خمسة وأربعين حديثا، المعلق منها أربعة والبقية موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى ستة وعشرون والبقية خالصة، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أنس في أكل التمر قبل صلاة عيد الفطر، وحديث ابن عمر في قصته مع الحجاج، وحديث ابن عباس في العمل في ذي الحجة، حديث ابن عمر في الذبح بالمصلى.
وحديث جابر في مخالفة الطريق، وأما حديث عقبة بن عامر المشار إليه في الباب الماضي فإن كان مرادا زادت العدة واحدا معلقا، وليس هو في مسلم، وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين ثلاثة وعشرون أثرا معلقة إلا أثر أبي بكر وعمر وعثمان في الصلاة قبل الخطبة فإنها موصولة في حديث ابن عباس.
والله الهادي إلى الصواب.
| |
|