foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:12 am

*3* باب الْإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَبْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الإذخر والحشيش في القبر‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس في تحريم مكة، وفيه ‏"‏ فقال العباس إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا ‏"‏ وسيأتي الكلام على فوائده في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

وجوز ابن مالك في قوله ‏"‏ إلا الإذخر ‏"‏ الرفع والنصب، وترجم ابن المنذر على هذا الحديث طرح الإذخر في القبر وبسطه فيه، وأراد المصنف بذكر الحشيش التنبيه على إلحاقه بالإذخر وأن المراد باستعمال الإذخر البسط ونحوه لا التطيب، ومراده بالحشيش ما يجوز حشه من الحرم إذا لم يقيده في الترجمة بشيء‏.‏

وقد تقدم في ‏"‏ باب إذا لم يجد كفنا ‏"‏ في قصة مصعب بن عمير لما قصر كفنه أن يغطى رأسه وأن يجعل على رجليه من الإذخر، ولأحمد من طريق خباب أيضا أن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إِلَّا الْإِذْخِرَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو هريرة إلخ‏)‏ هو طرف من حديث طويل فيه قصة أبي شاه وقد تقدم موصولا في كتاب العلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبان بن صالح إلخ‏)‏ وصله ابن ماجه من طريقه وفيه ‏"‏ فقال العباس إلا الإذخر، فإنه للبيوت والقبور‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد إلخ‏)‏ هو طرف من الحديث الأول، وسيأتي موصولا في كتاب الحج، وأورده لقوله فيه ‏"‏ لقينهم ‏"‏ بدل لقبورهم، والقين بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها نون هو الحداد، وكأنه أشار إلى ترجيح الرواية الأولى لموافقة رواية أبي هريرة وصفية، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة‏)‏ أي لسبب، وأشار بذلك إلى الرد على من منع إخراج الميت من قبره مطلقا أو لسبب دون سبب، كمن خص الجواز بما لو دفن بغير غسل أو بغير صلاة، فإن في حديث جابر الأول دلالة على الجواز إذا كان في نبشه مصلحة تتعلق به من زيادة البركة له، وعليه يتنزل قوله في الترجمة ‏"‏ من القبر‏"‏، وفي حديث جابر الثاني دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه، وقد بين ذلك جابر بقوله ‏"‏ فلم تطب نفسي ‏"‏ وعليه يتنزل قوله ‏"‏ واللحد ‏"‏ لأن والد جابر كان في لحد، وإنما أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام لأن قصة عبد الله بن أبي قابلة للتخصيص، وقصة والد جابر ليس فيها تصريح بالرفع، قاله الزين بن المنير، ثم أورد المصنف فيه حديث عمرو - وهو ابن دينار - عن جابر في قصة عبد الله بن أبي، وقد سبق ذكره في ‏"‏ باب الكفن في القميص ‏"‏ وزاد في هذه الطريق ‏"‏ وكان كسا عباسا قميصا ‏"‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ قميصه ‏"‏ والعباس المذكور هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ أَبُو هَارُونَ يَحْيَى وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَانِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ قَالَ سُفْيَانُ فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏:‏ وقال أبو هرون إلخ‏)‏ كذا وقع في رواية أبي ذر وغيرها، ووقع في كثير من الروايات ‏"‏ وقال أبو هريرة ‏"‏ وكذا في مستخرج أبي نعيم وهو تصحيف، وأبو هرون المذكور جزم المزي بأنه موسى بن أبي عيسى الحناط بمهملة ونون المدني، وقيل هو الغنوي واسمه إبراهيم بن العلاء من شيوخ البصرة، وكلاهما من أتباع التابعين، فالحديث معضل‏.‏

وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان فسماه عيسى ولفظه ‏"‏ حدثنا عيسى بن أبي موسى ‏"‏ فهذا هو المعتمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏:‏ فيرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله قيمصه مكافأة لما صنع بالعباس‏)‏ هذا القدر متصل عند سفيان، وقد أخرجه البخاري في أواخر الجهاد في ‏"‏ باب كسوة الأسارى ‏"‏ عن عبد الله بن محمد عن سفيان بالسند المذكور قال ‏"‏ لما كان يوم بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه ‏"‏ ويحتمل أن يكون قوله ‏"‏ فلذلك ‏"‏ من كلام سفيان أدرج في الخبر، بينته رواية علي بن عبد الله التي في هذا الباب، وسأستوفي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حسين المعلم عن عطاء‏)‏ هو ابن أبي رباح ‏(‏عن جابر‏)‏ هكذا أخرج البخاري هذا الحديث عن مسدد عن بشر بن المفضل عن حسين، ولم أره بعد التتبع الكثير في شيء من كتب الحديث بهذا الإسناد إلى جابر إلا في البخاري، وقد عز على الإسماعيلي مخرجه فأخرجه في مستخرجه من طريق البخاري، وأما أبو نعيم فأخرجه من طريق أبي الأشعث عن بشر بن المفضل فقال ‏"‏ عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن جابر ‏"‏ وقال بعده‏:‏ ليس أبو نضرة من شرط البخاري‏.‏

قال‏:‏ وروايته عن حسين عن عطاء عزيزة جدا‏.‏

قلت‏:‏ وطريق سعيد مشهورة عنه، أخرجها أبو داود وابن سعد والحاكم والطبراني من طريقه عن أبي نضرة عن جابر، واحتمل عندي أن يكون لبشر بن المفضل فيه شيخان، إلى أن رأيته في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ للحاكم قد أخرجه عن أبي بكر بن إسحاق عن معاذ بن المثنى عن مسدد عن بشر كما رواه أبو الأشعث عن بشر، وكذا أخرجه في ‏"‏ الإكليل ‏"‏ بهذا الإسناد إلى جابر ولفظه لفظ البخاري سواء، فغلب علي الظن حينئذ أن في هذه الطريق وهما، لكن لم يتبين لي ممن هو، ولم أر من نبه على ذلك، وكأن البخاري استشعر بشيء من ذلك فعقب هذه الطريق بما أخرجه من طريق ابن أبي نجيح عن عطاء عن جابر مختصرا ليوضح أن له أصلا من طريق عطاء عن جابر‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما أراني‏)‏ بضم الهمزة بمعني الظن، وذكر الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ عن الواقدي أن سبب ظنه ذلك منام رآه أنه رأى مبشر بن عبد المنذر - وكان ممن استشهد ببدر - يقول له‏:‏ أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هذه الشهادة‏.‏

وفي رواية أبي نضرة المذكورة عند ابن السكن عن جابر أن أباه قال له‏:‏ إني معرض نفسي للقتل‏.‏

الحديث‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ إنما قال ذلك بناء على ما كان عزم عليه، وإنما قال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض أصحابه سيقتل كما سيأتي واضحا في المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأن علي دينا‏)‏ سيأتي مقداره في علامات النبوة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاقض‏)‏ كذا في الأصل بحذف المفعول‏.‏

وفي رواية الحاكم ‏"‏ فاقضه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بأخواتك‏)‏ سيأتي الكلام على ذكر عدتهن ومن عرف اسمها منهن في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ودفن معه آخر‏)‏ هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري، وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو، وكأن جابرا سماه عمه تعظيما‏.‏

قال ابن إسحاق في المغازي ‏"‏ حدثني أبي عن رجال من بني سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين أصيب عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح‏:‏ اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا ‏"‏ وفي ‏"‏ مغازي الواقدي ‏"‏ عن عائشة أنها رأت هند بنت عمرو تسوق بعيرا لها عليه زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله بن عمرو بن حرام لتدفنهما بالمدينة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد القتلى إلى مضاجعهم‏.‏

وأما قول الدمياطي إن قوله ‏"‏ وعمي ‏"‏ وهم فليس بجيد، لأن له محملا سائغا، والتجوز في مثل هذا يقع كثيرا‏.‏

وحكى الكرماني عن غيره أن قوله ‏"‏ وعمي ‏"‏ تصحيف من ‏"‏ عمرو ‏"‏ وقد روى أحمد بإسناد حسن من حديث أبي قتادة قال ‏"‏ قتل عمرو بن الجموح وابن أخيه يوم أحد فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا في قبر واحد ‏"‏ قال ابن عبد البر في التمهيد‏:‏ ليس هو ابن أخيه وإنما هو ابن عمه، وهو كما قال فلعله كان أسن منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاستخرجته بعد ستة أشهر‏)‏ أي من يوم دفنه وهذا يخالف في الظاهر ما وقع في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة، وقد جمع بينهما ابن عبد البر بتعدد القصة، وفيه نظر لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر وفي حديث الموطأ أنهما وجدا في قبر واحد بعد ست وأربعين سنة، فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في المغازي فقال ‏"‏ حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار قالوا‏:‏ لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبور الشهداء انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما - يعني عمرا وعبد الله - وعليهما بردتان قد غطي بهما وجوههما وعلى أقدامهم شيء من نبات الأرض، فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما دفنا بالأمس‏"‏‏.‏

وله شاهد بإسناد صحيح عند ابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه‏)‏ وقال عياض في رواية أبي السكن والنسفي ‏"‏ غير هنية في أذنه ‏"‏ وهو الصواب بتقديم ‏"‏ غير ‏"‏ وزيادة ‏"‏ في ‏"‏ وفي الأول تغيير، قال ومعنى قوله ‏"‏ هنية ‏"‏ أي شيئا يسيرا، وهو بنون بعدها تحتانية مصغرا، وهو تصغير ‏"‏ هنة ‏"‏ أي شيء، فصغره لكونه أثرا يسيرا انتهى‏.‏

وقد قال الإسماعيلي عقب سياقه بلفظ الأكثر‏.‏

إنما هو ‏"‏ عند‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وكدا وقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني، لكن يبقى في الكلام نقص، ويبينه ما في رواية ابن أبي خيثمة والطبراني من طريق غسان بن مضر عن أبي سلمة بلفظ ‏"‏ وهو كيوم دفنته، إلا هنية عند أذنه ‏"‏ وهو موافق من حيث المعني لرواية ابن السكن التي صوبها عياض‏.‏

وجمع أبو نعيم في روايته من طريق أبي الأشعث بين لفظ ‏"‏ غير ‏"‏ ولفظ ‏"‏ عند ‏"‏ فقال ‏"‏ غير هنية عند أذنه ‏"‏ ووقع في رواية الحاكـم المشار إليها ‏"‏ فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه ‏"‏ سقط منها لفظ ‏"‏ هنية ‏"‏ وهو مستقيم المعنى‏.‏

وكذلك ذكره الحميدي في ‏"‏ الجمع ‏"‏ في أفراد البخاري، والمراد بالأذن بعضها‏.‏

وحكى ابن التين أنه في روايته بفتح الهاء وسكون التحتانية بعدها همزة ثم مثناة منصوبة ثم هاء الضمير، أي على حالته‏.‏

وقد أخرجه ابن السكن من طريق شعبة عن أبي مسلمة بلفظ ‏"‏ غير أن طرف أذن أحدهم تغير‏"‏، ولابن سعد من طريق أبي هلال عن أبي مسلمة ‏"‏ إلا قليلا من شحمة أذنه ‏"‏ ولأبي داود من طريق حماد بن زيد عن أبي مسلمة ‏"‏ إلا شعرات كن من لحيته مما يلي الأرض ‏"‏ ويجمع بين هذه الرواية وغيرها بأن المراد الشعرات التي تتصل بشحمة الأذن، وأفادت هذه الرواية سبب تغير ذلك دون غيره، ولا يعكر على ذلك ما رواه الطبراني بإسناد صحيح عن محمد بن المنكدر عن جابر ‏"‏ أن أباه قتل يوم أحد ثم مثلوا به فجدعوا أنفه وأذنيه ‏"‏ الحديث، وأصله في مسلم، لأنه محمول على أنهم قطعوا بعض أذنيه لا جميعهما والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن أبي نجيح عن عطاء‏)‏ كذا للأكثر، وحكى أبو علي الجياني أنه وقع عند أبي علي بن السكن ‏"‏ عن مجاهد ‏"‏ بدل ‏"‏ عطاء ‏"‏ قال‏:‏ والذي رواه غيره أصح‏.‏

قلت‏:‏ وكذا أخرجه ابن سعد والنسائي والإسماعيلي وآخرون كلهم من طريق سعيد بن عامر بالسند المذكور فيه وهو الصواب‏.‏

وفي قصة والد جابر من الفوائد‏:‏ الإرشاد إلى بر الأولاد بالآباء خصوصا بعد الوفاة، والاستعانة على ذلك بإخبارهم بمكانتهم من القلب‏.‏

وفيه قوة إيمان عبد الله المذكور لاستثنائه النبي صلى الله عليه وسلم ممن جعل ولده أعز عليه منهم‏.‏

وفيه كرامته بوقوع الأمر على ما ظن، وكرامته بكون الأرض لم تبل جسده مع لبثه فيها، والظاهر أن ذلك لمكان الشهادة‏.‏

وفيه فضيلة لجابر لعمله بوصية أبيه بعد موته في قضاء دينه كما سيأتي بيانه في مكانه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:14 am

*3* باب اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي الْقَبْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب اللحد والشق في القبر‏)‏ أورد فيه حديث جابر في قصة قتلى أحد وليس فيه للشق ذكر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ فَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ

الشرح‏:‏

قال ابن رشيد‏:‏ قوله في حديث جابر ‏"‏ قدمه في اللحد ‏"‏ ظاهر في أن الميتين جميعا في اللحد، ويحتمل أن يكون المقدم في اللحد والذي يليه في الشق لمشقة الحفر في الجانب لمكان اثنين، وهذا يؤيد ما تقدم توجيهه أن المراد بقوله ‏"‏ فكفن أبي وعمي في نمرة واحدة ‏"‏ أي شقت بينهما، ويحتمل أن يكون ذكر الشق في الترجمة لينبه على أن اللحد أفضل منه، لأنه الذي وقع دفن الشهداء فيه مع ما كانوا فيه من الجهد والمشقة، فلولا مزيد فضيلة فيه ما عانوه‏.‏

وفي السنن لأبي داود وغيره من حديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ اللحد لنا والشق لغيرنا ‏"‏ وهو يؤيد فضيلة اللحد على الشق‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3* باب إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الْإِسْلَامُ حذف التشكيل

وَقَالَ الْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ أُمِّهِ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَقَالَ الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه‏؟‏ وهل يعرض على الصبي الإسلام‏)‏ ‏؟‏ هذه الترجمة معقودة لصحة إسلام الصبي، وهي مسألة اختلاف كما سنبينه‏.‏

وقوله ‏"‏وهل يعرض عليه ‏"‏ ذكره هنا بلفظ الاستفهام، وترجم في كتاب الجهاد بصيغة تدل على الجزم بذلك فقال ‏"‏ وكيف يعرض الإسلام على الصبي ‏"‏‏؟‏ وكأنه لما أقام الأدلة هنا على صحة إسلامه استغنى بذلك وأفاد هناك ذكر الكيفية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن إلخ‏)‏ أما أثر الحسن فأخرجه البيهقي من طريق محمد بن نصر أظنه في كتاب الفرائض له قال ‏"‏ حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا يزيد بن زريع عن يونس عن الحسن في الصغير‏؟‏ قال‏:‏ مع المسلم من والديه‏.‏

وأما أثر إبراهيم فوصله عبد الرزاق عن معمر عن مغيرة عن إبراهيم قال في نصرانيين بينهما ولد صغير فاسلم أحدهما‏؟‏ قال‏:‏ أولاهما به المسلم‏.‏

وأما أثر شريح فأخرجه البيهقي بالإسناد المذكور إلى يحيى بن يحيى ‏"‏ حدثنا هشيم عن أشعث عن الشعبي عن شريح أنه اختصم إليه في صبي أحد أبويه نصراني، قال‏:‏ الوالد المسلم أحق بالولد‏"‏‏.‏

وأما أثر قتادة فوصله عبد الرزاق عن معمر عنه نحو قول الحسن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان ابن عباس مع أمه من المستضعفين‏)‏ وصله المصنف في الباب من حديثه بلفظ كنت أنا وأمي من المستضعفين، واسم أمه لبابة بنت الحارث الهلالية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يكن مع أبيه على دين قومه‏)‏ هذا قاله المصنف تفقها، وهو مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، وقد اختلف في ذلك فقيل‏:‏ أسلم قبل الهجرة وأقام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك لمصلحة المسلمين، روى ذلك ابن سعد من حديث ابن عباس، وفي إسناده الكلبي وهو متروك‏.‏

ويرده أن العباس أسر ببدر، وقد فدى نفسه كما سيأتي في المغازي واضحا، ويرده أيضا أن الآية التي في قصة المستضعفين نزلت بعد بدر بلا خلاف، فالمشهور أنه أسلم قبل فتح خيبر، ويدل عليه حديث أنس في قصة الحجاج بن علاط كما أخرجه أحمد والنسائي، وروى ابن سعد من حديث ابن عباس أنه هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ورده بقصة الحجاج المذكور، والصحيح أنه هاجر عام الفتح في أول السنة وقدم مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهد الفتح والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال‏:‏ الإسلام يعلو ولا يعلى‏)‏ كذا في جميع نسخ البخاري لم يعين القائل، وكنت أظن أنه معطوف على قول ابن عباس فيكون من كلامه، ثم لم أجده من كلامه بعد التتبع الكثير، ورأيته موصولا مرفوعا من حديث غيره أخرجه الدارقطني ومحمد بن هرون الروياني في مسنده من حديث عائذ بن عمرو المزني بسند حسن، ورويناه في ‏"‏ فوائد أبي يعلى الخليلي ‏"‏ من هذا الوجه وزاد في أوله قصة وهي أن عائذ بن عمرو جاء يوم الفتح مع أبي سفيان بن حرب، فقال الصحابة‏:‏ هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا عائد بن عمرو وأبو سفيان، الإسلام أعز من ذلك، الإسلام يعلو ولا يعلى‏.‏

وفي هذه القصة أن للمبدأ به في الذكر تأثيرا في الفضل لما يفيده من الاهتمام، وليس فيه حجة على أن الواو ترتب‏.‏

ثم وجدته من قول ابن عباس كما كنت أظن ذكره ابن حزم في المحلى قال‏:‏ ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال ‏"‏ إذا أسلمت اليهودية أو النصرانية تحت اليهودي أو النصراني يفرق بينهما، الإسلام يعلو ولا يعلى‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لِابْنِ صَيَّادٍ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَقَالَ لَهُ مَاذَا تَرَى قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ وَقَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ فَرَفَصَهُ رَمْرَمَةٌ أَوْ زَمْزَمَةٌ وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ وَعُقَيْلٌ رَمْرَمَةٌ وَقَالَ مَعْمَرٌ رَمْزَةٌ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر في قصة ابن صياد وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الباب المشار إليه في الجهاد، ومقصود البخاري منه الاستدلال هنا بقوله صلى الله عليه وسلم لابن صياد ‏"‏ أتشهد أني رسول الله ‏"‏‏؟‏ وكان إذ ذاك دون البلوغ قوله‏:‏ ‏"‏ أطم ‏"‏ بضمتين بناء كالحصن‏.‏

و ‏"‏ مغالة ‏"‏ بفتح الميم والمعجمة الخفيفة بطن من الأنصار، وابن صياد في رواية أبي ذر صائد وكلا الأمرين كان يدعى به، وقوله ‏"‏فرفضه ‏"‏ للأكثر بالضاد المعجمة أي تركه، قال الزين بن المنير‏:‏ أنكرها القاضي‏.‏

ولبعضهم بالمهملة أي دفعه برجله، قال عياض‏:‏ كذا في رواية أبي ذر عن غير المستملي ولا وجه لها‏.‏

قال المازري‏:‏ لع له رفسه بالسين المهملة أي ضربه برجله، قال عياض‏:‏ لم أجد هذه اللفظة في جماهير اللغة يعني بالصاد، قال‏:‏ وقد وقع في رواية الأصيلي بالقاف بدل الفاء‏.‏

وفي رواية عبدوس ‏"‏ فوقصه ‏"‏ بالواو والقاف، وقوله ‏"‏وهو يختل ‏"‏ بمعجمة ساكنة بعدها مثناة مكسورة أي يخدعه، والمراد أنه كان يريد أن يستغفله ليسمع كلامه وهو لا يشعر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏له فيها رمزة أو زمرة‏)‏ كذا للأكثر على الشك في تقديم الراء على الزاي أو تأخيرها، ولبعضهم ‏"‏ زمزمة أو رمرمة ‏"‏ على الشك هل هو بزايين أو براءين مع زيادة ميم فيهما، ومعاني هذه الكلمات المختلفة متقاربة، فأما التي بتقديم الراء وميم واحدة فهي فعلة من الرمز وهو الإشارة، وأما التي بتقديم الزاي كذلك فمن الزمر والمراد حكاية صوته، وأما التي بالمهملتين وميمين فأصله من الحركة وهي هنا بمعني الصوت الخفي، وأما التي بالمعجمتين كذلك فقال الخطابي‏:‏ هو تحريك الشفتين بالكلام‏.‏

وقال غيره‏:‏ وهو كلام العلوج وهو صوت يصوت من الخياشيم والحلق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فثار ابن صياد‏)‏ أي قام كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ فثاب ‏"‏ بموحدة أي رجع عن الحالة التي كان فيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال شعيب زمزمة فرفصه‏)‏ في رواية أبي ذر بالزايين وبالصاد المهملة‏.‏

وفي رواية غيره ‏"‏ وقال شعيب في حديثه فرفصه زمزمة أو رمرمة ‏"‏ بالشك‏.‏

وسيأتي في الأدب موصولا من هذا الوجه بالشك، لكن فيه ‏"‏ فرصه ‏"‏ بغير فاء وبالتشديد، وذكر الخطابي في غريبه بمهملة أي ضغطه وضم بعضه إلى بعض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسحاق الكلبي وعقيل رمرمة‏)‏ يعني بمهملتين ‏(‏وقال معمر رمزة‏)‏ يعني براء ثم زاي، أما رواية إسحاق فوصلها الذهلي في الزهريات وسقطت من رواية المستملي والكشميهني وأبي الوقت، وأما رواية عقيل فوصلها المصنف في الجهاد وكذا رواية معمر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ

الشرح‏:‏

‏(‏كان غلام يهودي يخدم‏)‏ لم أقف في شيء من الطرق الموصولة على تسميته، إلا أن ابن بشكوال ذكر أن صاحب ‏"‏ العتبية ‏"‏ حكى عن زياد شيطون أن اسم هذا الغلام عبد القدوس، قال‏:‏ وهو غريب ما وجدته عند غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو عنده‏)‏ في رواية أبي داود ‏"‏ عند رأسه ‏"‏ أخرجه عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه، وكذا للإسماعيلي عن أبي خليفة عن سليمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأسلم‏)‏ في رواية النسائي عن إسحاق بن راهويه عن سليمان المذكور فقال ‏"‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنقذه من النار‏)‏ في رواية أبي داود وأبي خليفة ‏"‏ أنقذه بي من النار ‏"‏ وفي الحديث جواز استخدام المشرك، وعيادته إذا مرض، وفيه حسن العهد، واستخدام الصغير، وعرض الإسلام على الصبي ولولا صحته منه ما عرضه عليه‏.‏

وفي قوله ‏"‏ أنقذه بي من النار ‏"‏ دلالة على أنه صح إسلامه، وعلى أن الصبي إذا عقل الكفر ومات عليه أنه يعذب‏.‏

وسيأتي البحث في ذلك من حديث سمرة الطويل في الرؤيا الآتي في ‏"‏ باب أولاد المشركين ‏"‏ في أواخر الجنائز‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنْ الْوِلْدَانِ وَأُمِّي مِنْ النِّسَاءِ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس ‏"‏ كنت أنا وأمي من المستضعفين ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه في الترجمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ يَدَّعِي أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّيَ عَلَيْهِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا الْآيَةَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في أن كل مولود يولد على الفطرة، أخرجه من طريق ابن شهاب عن أبي هريرة منقطعا، ومن طريق آخر عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فالاعتماد في المرفوع على الطريق الموصولة، وإنما أورد المنقطعة لقول ابن شهاب الذي استنبطه من الحديث، وقول ابن شهاب ‏"‏ لغية ‏"‏ بكسر اللام والمعجمة وتشديد التحتانية أي من زنا، ومراده أنه يصلى على ولد الزنا ولا يمنع ذلك من الصلاة عليه لأنه محكوم بإسلامه تبعا لأمه، وكذلك من كان أبوه مسلما دون أمه‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ لم يقل أحد إنه لا يصلى على ولد الزنا إلا قتادة وحده، واختلف في الصلاة على الصبي فقال سعيد بن جبير‏:‏ لا يصلى عليه حتى يبلغ، وقيل حتى يصلي‏.‏

وقال الجمهور‏:‏ يصلى عليه حتى السقط إذا استهل‏.‏

وقد تقدم في ‏"‏ باب قراءة فاتحة الكتاب ‏"‏ ما يقال في الصلاة على جنازة الصبي، ودخل في قوله ‏"‏ كل مولود ‏"‏ السقط فلذلك قيده بالاستهلال، وهذا مصير من الزهري إلى تسمية الزاني أبا لمن زنى بأمه فإنه يتبعه في الإسلام، وهو قول مالك، وسيأتي الكلام على المتن المرفوع وعلى ذكر الاختلاف على الزهري فيه في ‏"‏ باب أولاد المشركين ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:15 am

*3* باب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ لم يأت بجواب إذا لأنه صلى الله عليه وسلم لما قال لعمه ‏"‏ قل لا إله إلا الله أشهد لك بها ‏"‏ كان محتملا لأن يكون ذلك خاصا به، لأن غيره إذا قالها وقد أيقن بالوفاة لم ينفعه‏.‏

ويحتمل أن يكون ترك جواب إذا ليفهم الواقف عليه أنه موضع تفصيل وفكر، وهذا هو المعتمد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

حديث سعيد بن المسيب عن أبيه أورده المصنف في قصة أبي طالب عند موته، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في تفسير براءة‏.‏

وقوله في هذه الطريق ‏"‏ ما لم أنه عنه ‏"‏ أي الاستغفار‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ عنك‏"‏‏.‏

وقوله ‏"‏فأنزل الله فيه الآية ‏"‏ يعني قوله تعالى ‏(‏ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين‏)‏ الآية كما سيأتي‏.‏

وقد ثبت لغير أبي ذر ‏"‏ فأنزل الله فيه‏:‏ ما كان للنبي ‏"‏ الآية‏.‏

*3* باب الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ حذف التشكيل

وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ انْزِعْهُ يَا غُلَامُ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الجريدة على القبر‏)‏ أي وضعها أو غرزها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأوصى بريدة الأسلمي إلخ‏)‏ وقع في رواية الأكثر ‏"‏ في قبره ‏"‏ وللمستملي ‏"‏ على قبره ‏"‏ وقد وصله ابن سعد من طريق مورق العجلي قال ‏"‏ أوصى بريدة أن يوضع في قبره جريدتان، ومات بأدنى خراسان ‏"‏ قال ابن المرابط وغيره‏:‏ يحتمل أن يكون بريدة أمر أن يغرزا في ظاهر القبر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وضعه الجريدتين في القبرين، ويحتمل أن يكون أمر أن يجعلا في داخل القبر لما في النخلة من البركة لقوله تعالى ‏(‏كشجرة طيبة‏)‏ والأول أظهر، ويؤيده إيراد المصنف حديث القبرين في آخر الباب، وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه ولم يره خاصا بذينك الرجلين‏.‏

قال ابن رشيد‏:‏ ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما فلذلك عقبه بقول ابن عمر ‏"‏ إنما يظله عمله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورأى ابن عمر فسطاطا على قبر عبد الرحمن‏)‏ الفسطاط بضم الفاء وسكون المهملة وبطاءين مهملتين هو البيت من الشعر، وقد يطلق على غير الشعر، وفيه لغات أخرى بتثليث الفاء وبالمثناتين بدل الطاءين وإبدال الطاء الأولى مثناة وإدغامهما في السين وكسر أوله في الثلاثة، وعبد الرحمن هو ابن أبي بكر الصديق بينه ابن سعد في روايته له موصولا من طريق أيوب بن عبد الله بن يسار قال ‏"‏ مر عبد الله بن عمر على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة وعليه فسطاط مضروب، فقال‏:‏ يا غلام انزعه، فإنما يظله عمله‏.‏

قال الغلام‏:‏ تضربني مولاتي‏.‏

قال‏:‏ كلا‏.‏

فنزعه‏"‏‏.‏

ومن طريق ابن عون عن رجل قال ‏"‏ قدمت عائشة ذا طوى حين رفعوا أيديهم عن عبد الرحمن بن أبي بكر، فأمرت بفسطاط فضرب على قبره ووكلت به إنسانا وارتحلت، فقدم ابن عمر ‏"‏ فذكر نحوه، وقد تقدم توجيه إدخال هذا الأثر تحت هذه الترجمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال خارجة بن زيد‏)‏ أي ابن ثابت الأنصاري أحد ثقات التابعين، وهو أحد السبعة الفقهاء من أهل المدينة إلخ‏.‏

وصله المصنف في ‏"‏ التاريخ الصغير ‏"‏ من طريق ابن إسحاق ‏"‏ حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري سمعت خارجة بن زيد ‏"‏ فذكره، وفيه جواز تعلية القبر ورفعه عن وجه الأرض، وقوله ‏"‏رأيتني ‏"‏ بضم المثناة والفاعل والمفعول ضميران لشيء واحد، وهو من خصائص أفعال القلوب‏.‏

ومظعون والد عثمان بظاء معجمة ساكنة ثم مهملة، ومناسبته من وجه أن وضع الجريد على القبر يرشد إلى جواز وضع ما يرتفع به ظهر القبر عن الأرض، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في آخر الجنائز‏.‏

قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ أراد البخاري أن الذي ينفع أصحاب القبور هي الأعمال الصالحة، وأن علو البناء والجلوس عليه وغير ذلك لا يضر بصورته وإنما يضر بمعناه إذا تكلم القاعدون عليه بما يضر مثلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عثمان بن حكيم‏:‏ أخذ بيدي خارجة‏)‏ أي ابن زيد بن ثابت إلخ، وصله مسدد في مسنده الكبير وبين فيه سبب إخبار خارجة لحكيم بذلك ولفظه ‏"‏ حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا عبد الله بن سرجس وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول‏:‏ لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي إلي، أحب إلي من أن أجلس على قبر‏.‏

قال عثمان‏:‏ فرأيت خارجة بن زيد في المقابر، فذكرت له ذلك، فأخذ بيدي ‏"‏ الحديث‏.‏

وهذا إسناد صحيح‏.‏

وقد أخرج مسلم حديث أبي هريرة مرفوعا من طريق سهل بن أبي صالح عن أبيه عنه، وروى الطحاوي من طريق محمد بن كعب قال‏:‏ إنما قال أبو هريرة‏:‏ من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة، لكن إسناده ضعيف‏.‏

قال ابن رشيد‏:‏ الظاهر أن هذا الأثر والذي بعده من الباب الذي بعد هذا وهو ‏"‏ باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله ‏"‏ وكأن بعض الرواة كتبه في غير موضعه قال‏:‏ وقد يتكلف له طريق يكون به من الباب وهي الإشارة إلى أن ضرب الفسطاط إن كان لغرض صحيح كالتستر من الشمس مثلا للحي لا لإظلال الميت فقط جاز، وكأنه يقول‏:‏ إذا أعلى القبر لغرض صحيح لا لقصد المباهاة جاز كما يجوز القعود عليه لغرض صحيح لا لمن أحدث عليه‏.‏

قال‏:‏ والظاهر أن المراد بالحدث هنا التغوط، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك من إحداث ما لا يليق من الفحش قولا وفعلا لتأذي الميت بذلك انتهى‏.‏

ويمكن أن يقال‏:‏ هذه الآثار المذكورة في هذا الباب تحتاج إلى بيان مناسبتها للترجمة، وإلى مناسبة بعضها لبعض، وذلك أنه لم يذكر حكم وضع الجريدة، وذكر أثر بريدة وهو يؤذن بمشروعيتها، ثم أثر ابن عمر المشعر بأنه لا تأثير لما يوضع على القبر، بل التأثير للعمل الصالح، وظاهرهما التعارض فلذلك أبهم حكم وضع الجريدة، قال الزين بن المنير‏.‏

والذي يظهر من تصرفه ترجيح الوضع، ويجاب عن أثر ابن عمر بأن ضرب الفسطاط على القبر لم يرد فيه ما ينتفع به الميت بخلاف وضع الجريدة لأن مشروعيتها ثبتت بفعله صلى الله عليه وسلم، إن كان بعض العلماء قال‏:‏ إنها واقعة عين يحتمل أن تكون مخصوصة بمن أطلعه الله تعالى على حال الميت، وأما الآثار الواردة في الجلوس على القبر فإن عموم قول ابن عمر ‏"‏ إنما يظله عمله ‏"‏ يدخل فيه أنه كما لا ينتفع بتظليله ولو كان تعظيما له لا يتضرر بالجلوس عليه ولو كان تحقيرا له‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال نافع‏:‏ كان ابن عمر يجلس على القبور‏)‏ ووصله الطحاوي من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أن نافعا حدثه بذلك، ولا يعارض هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه قال ‏"‏ لأن أطأ على رضف أحب إلي من إن أطأ على قبر ‏"‏ وهذه من المسائل المختلف فيها، وورد فيها من صحيح الحديث ما أخرجه مسلم عن أبي مرثد الغنوي مرفوعا ‏"‏ لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها ‏"‏ قال النووي‏:‏ المراد بالجلوس القعود عند الجمهور‏.‏

وقال مالك‏:‏ المراد بالقعود الحدث، وهو تأويل ضعيف أو باطل انتهى‏.‏

وهو يوهم انفراد مالك بذلك، وكذا أوهمه كلام ابن الجوزي حيث قال‏:‏ جمهور الفقهاء على الكراهة خلافا لمالك، وصرح النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ بأن مذهب أبي حنيفة كالجمهور، وليس كذلك، بل مذهب أبي حنيفة وأصحابه كقول مالك كما نقله عنهم الطحاوي واحتج له بأثر ابن عمر المذكور‏.‏

وأخرج عن علي نحوه، وعن زيد بن ثابت مرفوعا ‏"‏ إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور لحدث غائط أو بول ‏"‏ ورجال إسناده ثقات‏.‏

ويؤيد قول الجمهور ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم الأنصاري مرفوعا ‏"‏ لا تقعدوا على القبور ‏"‏ وفي رواية له عنه ‏"‏ رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متكئ على قبر فقال‏:‏ لا تؤذ صاحب القبر ‏"‏ إسناده صحيح، وهو دال على أن المراد بالجلوس القعود على حقيقته، ورد ابن حزم التأويل المتقدم بأن لفظ حديث أبي هريرة عند مسلم ‏"‏ لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده ‏"‏ قال‏:‏ وما عهدنا أحدا يقعد على ثيابه للغائط، فدل على أن المراد القعود على حقيقته‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ التأويل المذكور بعيد، لأن الحدث على القبر أقبح من أن يكره، وإنما يكره الجلوس المتعارف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ قال أبو علي الجياني‏:‏ لم أره منسوبا لأحد من المشايخ‏.‏

قلت‏:‏ قد نسبه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ يحيى بن جعفر، وجزم أبو مسعود في ‏"‏ الأطراف ‏"‏ وتبعه المزي بأنه يحيى بن يحيى، ووقع في رواية أبي علي بن شبويه عن الفربري ‏"‏ حدثنا يحيى بن موسى ‏"‏ وهذا هو المعتمد‏.‏

وقد تقدم الكلام على حديث ابن عباس في كتاب الوضوء بما فيه مقنع بعون الله تعالى‏.‏

والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:16 am

*3* باب مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ حذف التشكيل

يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاثِ الْأَجْدَاثُ الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ أُثِيرَتْ بَعْثَرْتُ حَوْضِي أَيْ جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ الْإِيفَاضُ الْإِسْرَاعُ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ إِلَى نَصْبٍ إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ يَوْمُ الْخُرُوجِ مِنْ الْقُبُورِ يَنْسِلُونَ يَخْرُجُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله‏)‏ كأنه يشير إلى التفصيل بين أحوال القعود، فإن كان لمصلحة تتعلق بالحي أو الميت لم يكره، ويحمل النهي الوارد عن ذلك على ما يخالف ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يخرجون من الأجداث‏:‏ الأجداث القبور‏)‏ أي المراد بالأجداث في الآية القبور‏.‏

وقد وصله ابن أبي حاتم وغيره من طريق قتادة والسدي وغيرهما، واحدها جدث بفتح الجيم والمهملة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعثرت‏:‏ أثيرت‏.‏

بعثرت حوضي‏:‏ جعلت أسفله أعلاه‏)‏ هذا كلام أبي عبيدة في ‏"‏ كتاب المجاز‏"‏‏.‏

وقال السدي‏:‏ بعثرت أي حركت، فخرج ما فيها‏.‏

رواه ابن أبي حاتم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الإيفاض‏)‏ بياء تحتانية ساكنة قبلها كسرة وبفاء ومعجمة ‏(‏الإسراع‏)‏ كذا قال الفراء في ‏"‏ المعاني‏"‏‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ يوفضون أي يسرعون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقرأ الأعمش‏:‏ إلى نصب‏)‏ يعني بفتح النون كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية أبي ذر بالضم، والأول أصح‏.‏

وكذا ضبطه الفراء عن الأعمش في ‏"‏ كتاب المعاني ‏"‏ وهي قراءة الجمهور‏.‏

وحكى الطبراني أنه لم يقرأه بالضم ألا الحسن البصري‏.‏

وقد حكى الفراء عن زيد بن ثابت ذلك، ونقلها غيره عن مجاهد وأبي عمران الجوني‏.‏

وفي ‏"‏ كتاب السبعة ‏"‏ لابن مجاهد‏:‏ قرأها ابن عامر بضمتين، يعني بلفظ الجمع‏.‏

وكذا قرأها حفص عن عاصم‏.‏

ومن هنا يظهر سبب تحصيص الأعمش بالذكر لأنه كوفي، وكذا عاصم ففي انفراد حفص عن عاصم بالضم شذوذ‏.‏

قال أبو عبيدة‏:‏ النصب بالفتح هو العلم الذي نصبوه ليعبدوه، ومن قرأ نصب بالضم فهي جماعة مثل رهن ورهن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يوفضون إلى شيء منصوب‏:‏ يستبقون‏)‏ قال ابن أبي حاتم‏:‏ حدثنا أبي حدثنا مسلم بن إبراهيم عن قرة عن الحسن في قوله‏:‏ ‏(‏إلى نصب يوفضون‏)‏ أي يبتدرون أيهم يستلمه أول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والنصب واحد والنصب مصدر‏)‏ كذا وقع فيه، والذي في ‏"‏ المعاني للفراء ‏"‏ النصب والنصب واحد وهو مصدر والجمع الأنصاب‏.‏

وكأن التغيير من بعض النقلة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يوم الخروج من قبورهم‏)‏ أي خروج أهل القبور من قبورهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وينسلون يخرجون‏)‏ كذا أورده عبد بن حميد وغيره عن قتادة، وسيأتي له معنى آخر إن شاء الله تعالى‏.‏

وفي نسخة الصغاني بعد قوله‏:‏ ‏(‏يخرجون‏)‏ ‏:‏ من النسلان‏.‏

وهذه التفاسير أوردها لتعلقها بذكر القبر استطرادا، ولها تعلق بالموعظة أيضا‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ مناسبة إيراد هذه الآيات في هذه الترجمة للإشارة إلى أن المناسب لمن قعد عند القبر إن يقصر كلامه على الإنذار بقرب المصير إلى القبور ثم إلى النشر لاستيفاء العمل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ قَالَ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ

الشرح‏:‏

حديث علي بن أبي طالب أورده المصنف مرفوعا ‏"‏ ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار ‏"‏ الحديث‏.‏

وسيأتي مبسوطا في تفسير ‏(‏والليل إذا يغشى‏)‏ ، وهو أصل عظيم في إثبات القدر‏.‏

وقوله فيه ‏"‏ اعملوا ‏"‏ جرى مجرى أسلوب الحكيم، أي الزموا ما يجب على العبد من العبودية، ولا تتصرفوا في أمر الربوبية‏.‏

وعثمان شيخه هو ابن أبي شيبة، وجرير هو ابن عبد الحميد‏.‏

وموضع الحاجة منه ‏"‏ فقعد وقعدنا حوله‏"‏‏.‏

وقوله ‏"‏فقال رجل ‏"‏ هو عمر أو غيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مَا جَاءَ فِي قَاتِلِ النَّفْسِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في قاتل النفس‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ مقصود الترجمة حكم قاتل النفس‏.‏

والمذكور في الباب حكم قاتل نفسه، فهو أخص من الترجمة، ولكنه أراد أن يلحق بقاتل نفسه قاتل غيره من باب الأولى، لأنه إذا كان قاتل نفسه الذي لم يتعد ظلم نفسه ثبت فيه الوعيد الشديد فأولى من ظلم غيره بإفاتة نفسه‏.‏

قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ عادة البخاري إذا توقف في شيء ترجم عليه ترجمة مبهمة كأنه ينبه على طريق الاجتهاد‏.‏

وقد نقل عن مالك أن قاتل النفس لا تقبل توبته، ومقتضاه أن لا يصلى عليه، وهو نفس قول البخاري‏.‏

قلت‏:‏ لعل البخاري أشار بذلك إلى ما رواه أصحاب السنن من حديث جابر بن سمرة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه ‏"‏ وفي رواية للنسائي ‏"‏ أما أنا فلا أصلي عليه‏"‏، لكنه لما لم يكن على شرطه أومأ إليه بهذه الترجمة وأورد فيها ما يشبهه من قصة قاتل نفسه‏.‏

ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخَافُ أَنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ اللَّهُ بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ

الشرح‏:‏

حديث ثابت بن الضحاك فيمن قتل نفسه بحديدة، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الأيمان والنذور، وخالد المذكور في إسناده هو الحذاء‏.‏

ثانيها حديث جندب، هو ابن عبد الله البجلي قال فيه ‏"‏ قال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم ‏"‏ وقد وصله في ذكر بني إسرائيل فقال‏:‏ ‏"‏ حدثنا محمد حدثنا حجاج بن منهال ‏"‏ فذكره‏.‏

وهو أحد المواضع التي يستدل بها على أنه ربما علق عن بعض شيوخه ما بينه وبينه فيه واسطة، لكنه أورده هنا مختصرا وأورده هناك مبسوطا فقال في أوله ‏"‏ كان فيمن كان قبلكم رجل ‏"‏ وقال فيه ‏"‏ فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك، ولم أقف على تسمية هذا الرجل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار ‏"‏ وهو من أفراد البخاري من هذا الوجه، وقد أخرجه أيضا في الطب من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مطولا، ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم وليس فيه ذكر الخنق، وفيه من الزيادة ذكر السم وغيره ولفظه ‏"‏ فهو في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ‏"‏ وقد تمسك به المعتزلة وغيرهم ممن قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة‏:‏ منها توهيم هذه الزيادة، قال الترمذي بعد أن أخرجه‏:‏ رواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فلم يذكر ‏"‏ خالدا مخلدا ‏"‏ وكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يشير إلى رواية الباب قال‏:‏ وهو أصح لأن الروايات قد صحت أن أهل التوحيد يعذبون ثم يخرجون منها ولا يخلدون، وأجاب غيره بحمل ذلك على من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافرا والكافر مخلد بلا ريب‏.‏

وقيل‏:‏ ورد مورد الزجر والتغليظ، وحقيقته غير مرادة‏.‏

وقيل‏:‏ المعنى أن هذا جزاؤه، لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم‏.‏

وقيل‏:‏ التقدير مخلدا فيها إلى أن يشاء الله‏.‏

وقيل‏:‏ المراد بالخلود طول المدة لا حقيقة الدوام كأنه يقول يخلد مدة معينة، وهذأ أبعدها‏.‏

وسيأتي له مزيد بسط عند الكلام على أحاديث الشفاعة إن شاء الله تعالى‏.‏

واستدل بقوله ‏"‏ الذي يطعن نفسه يطعنها في النار ‏"‏ على أن القصاص من القاتل يكون بما قتل به اقتداء بعقاب الله تعالى لقاتل نفسه، وهو استدلال ضعيف‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله في حديث الباب ‏"‏ يطعنها ‏"‏ هو بضم العين المهملة كذا ضبطه في الأصول‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: