foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 6:24 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا رَفَثَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل‏:‏ فلا رفث‏)‏ ذكر فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ من حج البيت فلم يرفث ‏"‏ أورده من طريق شعبة عن منصور عن أبي حازم عنه‏.‏

ثم قال ‏"‏ باب قول الله عز وجل‏:‏ ولا فسوق ولا جدال في الحج ‏"‏ وذكر الحديث بعينه لكن من طريق سفيان وهو الثوري عن منصور بهذا السند‏.‏

وليس بين السياقين اختلاف إلا في قوله في رواية شعبة ‏"‏ كما ولدته أمه ‏"‏ وفي رواية سفيان ‏"‏ كيوم ولدته أمه‏"‏‏.‏

وأبو حازم المذكور في الموضعين هو سلمان مولي عزة الأشجعية، وصرح منصور بسماعه له في رواية أبي حازم من شعبة، فانتفى بذلك تعليل من أعله بالاختلاف على منصور، لأن البيهقي أورده من طريق إبراهيم بن طهمان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي حازم زاد فيه رجلا، فإن كان إبراهيم حفظه فلعله حمله منصور عن هلال ثم لقي أبا حازم فسمعه منه فحدث به على الوجهين‏.‏

وصرح أبو حازم بسماعه له من أبي هريرة كما تقدم في أوائل الحج من طريق شعبة أيضا عن يسار عن أبي حازم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ

الشرح‏:‏

وقوله ‏"‏كما ولدته أمه ‏"‏ أي عاريا من الذنوب‏.‏

وللترمذي من طريق ابن عيينة عن منصور ‏"‏ غفر له ما تقدم من ذنبه ‏"‏ ولمسلم من رواية جرير عن منصور ‏"‏ من أتى هذا البيت ‏"‏ وهو أعم من قوله في بقية الروايات ‏"‏ من حج ‏"‏ ويجوز حمل لفظ حج على ما هو أعم من الحج والعمرة فتساوي رواية ‏"‏ من أتى ‏"‏ من حيث أن الغالب أن إتيانه إنما هو للحج أو للعمرة، وقد تقدمت بقية مباحثه في ‏"‏ باب فضل الحج المبرور ‏"‏ في أوائل كتاب الحج، وتقدم تفسير الرفث وما ذكر معه في آخر حديث ابن عباس المذكور في ‏"‏ باب قول الله تعالى ‏(‏ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام‏)‏‏"‏‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل‏:‏ فلا رفث‏)‏ ذكر فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ من حج البيت فلم يرفث ‏"‏ أورده من طريق شعبة عن منصور عن أبي حازم عنه‏.‏

ثم قال ‏"‏ باب قول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ولا فسوق ولا جدال في الحج ‏"‏ وذكر الحديث بعينه لكن من طريق سفيان وهو الثوري عن منصور بهذا السند‏.‏

وليس بين السياقين اختلاف إلا في قوله في رواية شعبة ‏"‏ كما ولدته أمه ‏"‏ وفي رواية سفيان ‏"‏ كيوم ولدته أمه‏"‏‏.‏

وأبو حازم المذكور في الموضعين هو سلمان مولي عزة الأشجعية، وصرح منصور بسماعه له في رواية أبي حازم من شعبة، فانتفى بذلك تعليل من أعله بالاختلاف على منصور، لأن البيهقي أورده من طريق إبراهيم بن طهمان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي حازم زاد فيه رجلا، فإن كان إبراهيم حفظه فلعله حمله منصور عن هلال ثم لقي أبا حازم فسمعه منه فحدث به على الوجهين‏.‏

وصرح أبو حازم بسماعه له من أبي هريرة كما تقدم في أوائل الحج من طريق شعبة أيضا عن يسار عن أبي حازم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن منصور‏)‏ هو ابن المعتمر، والحكم هو ابن عتيبة‏.‏

قوله ‏(‏وقصت‏)‏ بفتح القاف والصاد المهملة تقدم تفسيره في ‏"‏ باب كفن المحرم ‏"‏ ويأتي في ‏"‏ باب المحرم يموت بعرفة ‏"‏ بيان اختلاف في هذه اللفظة، والمراد هنا قوله ‏"‏ ولا تقربوه طينا ‏"‏ وهي بتشديد الراء، وسيأتي قريبا بلفظ ‏"‏ ولا تحنطوه ‏"‏ وهو من الحنوط بالمهملة والنون وهو الطيب الذي يصنع للميت‏.‏

وقوله ‏(‏يبعث ملبيا‏)‏ أي على هيئته التي مات عليها‏.‏

واستدل بذلك على بقاء إحرامه خلافا للمالكية والحنفية، وقد تمسكوا من هذا الحديث بلفظة اختلف في ثبوتها وهي قوله ‏"‏ ولا تخمروا وجهه ‏"‏ فقالوا‏:‏ لا يجوز للمحرم تغطية وجهه، مع أنهم لا يقولون بظاهر هذا الحديث فيمن مات محرما، وأما الجمهور فأخذوا بظاهر الحديث وقالوا‏:‏ إن في ثبوت ذكر الوجه مقالا، وتردد ابن المنذر في صحة‏.‏

وقال البيهقي‏:‏ ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته، وفي كل ذلك نظر فإن الحديث ظاهره الصحة ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور وأبي الزبير كلاهما سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث‏.‏

قال منصور ‏"‏ ولا تغطوا وجهه ‏"‏ وقال أبو الزبير ‏"‏ ولا تكشفوا وجهه ‏"‏ وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ ‏"‏ ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ‏"‏ وأخرجه مسلم أيضا من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بلفظ ‏"‏ ولا يمس طيبا خارج رأسه ‏"‏ قال شعبة‏:‏ ثم حدثني به بعد ذلك فقال ‏"‏ خارج رأسه ووجهه ‏"‏ انتهى‏.‏

وهذه الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية، وشعبة احفظ من كل من روى هذا الحديث، فلعل بعض رواته انتقل ذهنه من التطيب إلى التغطية‏.‏

وقال أهل الظاهر‏:‏ يجوز للمحرم الحي تغطية وجهه ولا يجوز للمحرم الذي يموت عملا بالظاهر في الموضعين‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هي واقعة عين لا عموم فيها لأنه علل ذلك بقوله ‏"‏ لأنه يبعث يوم القيامة ملبيا ‏"‏ وهذا الأمر لا يتحقق وجوده في غيره فيكون خاصا بدلك الرجل؛ ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء مناسكه، وسيأتي ترجمة المصنف بنفي‏.‏

وقال أبو الحسن بن القصار‏:‏ لو أريد تعميم الحكم في كل محرم لقال ‏"‏ فإن المحرم ‏"‏ كما جاء ‏"‏ أن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دما‏"‏، وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة في الأمر المذكور كونه كان في النسك وهي عامة في كل محرم، والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى يتضح التخصيص‏.‏

واختلف في الصائم بموت هل يبطل صومه بالموت حتى يجب قضاء صوم ذلك اليوم عنه أو لا يبطل‏؟‏ وقال النووي‏:‏ يتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكون المحرم لا يجوز تغطية وجهه بل هو صيانة للرأس، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطي رأسه ا ه‏.‏

وروى سعيد بن منصور من طريق عطاء قال‏:‏ يغطي المحرم من وجهه ما دون الحاجبين أي من أعلى‏.‏

وفي رواية‏:‏ ما دون عينيه‏.‏

وكأنه أراد مزيد الاحتياط لكشف الرأس، والله أعلم‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ كان وقوع المحرم المذكور عند الصخرات من عرفة‏.‏

وفي الحديث إطلاق الواقف على الراكب، واستحباب دوام التلبية في الإحرام، وأنها لا تنقطع بالتوجه لعرفة، وجواز غسل المحرم بالسدر ونحوه مما لا يعد طيبا‏.‏

وحكى المزني عن الشافعي أنه استدل على جواز قطع سدر الحرم بهذا الحديث لقوله فيه ‏"‏ واغسلوه بماء وسدر ‏"‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية المحرم المذكور، وقد وهم بعض المتأخرين فزعم أن اسمه واقد بن عبد الله وعزاه لابن قتيبة في ترجمة عمر من كتاب المغازي، وسبب الوهم أن ابن قتيبة لما ذكر ترجمة عمر ذكر أولاده ومنهم عبد الله بن عمر، ثم ذكر أولاد عبد الله بن عمر فذكر فيهم واقد بن عبد الله بن عمر فقال‏:‏ وقع عن بعيره وهو محرم فهلك، فظن هذا المتأخر أن لواقد بن عبد الله ابن عمر صحبة وأنه صاحب القصة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كما ظن فإن واقدا المذكور لا صحبة له فإن أمه صفية بنت أبي عبيد إنما تزوجها أبوه في خلافة أبيه عمر واختلف في صحبتها، وذكرها العجلي وغيره في التابعين، ووجدت في الصحابة واقد بن عبد الله آخر لكن لم أر في شيء من الأخبار أنه وقع عن بعيره فهلك، بل ذكر غير واحد منهم ابن سعد أنه مات في خلافة عمر، فبطل تفسير المبهم بأنه واقد بن عبد الله من كل وجه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 6:25 pm

3* باب جَزَاءِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَإِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ غَيْرُ الصَّيْدِ نَحْوُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ يُقَالُ عَدْلُ ذَلِكَ مِثْلُ فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ قِيَامًا قِوَامًا يَعْدِلُونَ يَجْعَلُونَ عَدْلًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب جزاء الصيد ونحوه وقول الله تعالى لا تقتلوا الصيد‏)‏ كذا في رواية أبي ذر وأثبت قبل ذلك البسملة، ولغيره ‏"‏ باب قول الله تعالى الخ ‏"‏ بحذف ما قبله‏.‏

قيل السبب في نزول هذه الآية أن أبا اليسر - بفتح التحتانية والمهملة - قتل حمار وحش وهو محرم في عمرة الحديبية فنزلت، حكاه مقاتل في تفسيره‏.‏

ولم يذكر المصنف في رواية أبي ذر في هذه الترجمة حديثا، ولعله أشار إلى أنه لم يثبت على شرطه في جزاء الصيد حديث مرفوع‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ اتفق أئمة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أن المحرم إذا قتل الصيد عمدا أو خطأ فعليه الجزاء، وخالف أهل الظاهر وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية في الخطأ، وتمسكوا بقوله تعالى ‏(‏متعمدا‏)‏ فإن مفهومه أن المخطئ بخلافه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد‏.‏

وعكس الحسن ومجاهد فقالا يجب الجزاء في الخطأ دون العمد فيختص الجزاء بالخطأ والنقمة بالعمد، وعنهما يجب الجزاء على العامد أول مرة، فإن عاد كان أعظم لائمة وعليه النقمة لا الجزاء‏.‏

قال الموفق في ‏"‏ المغني ‏"‏‏:‏ لا نعلم أحدا خالف في وجوب الجزاء على العامد غيرهما‏.‏

واختلفوا في الكفارة فقال الأكثر‏:‏ هو مخير كما هو ظاهر الآية‏.‏

وقال الثوري‏:‏ يقدم المثل فإن لم يجد أطعم فإن لم يجد صام‏.‏

وقال سعيد بن جبير‏:‏ إنما الطعام والصيام فيما لا يبلغ ثمن الصيد واتفق الأكثر على تحريم أكل ما صاده المحرم‏.‏

وقال الحسن والثوري وأبو ثور وطائفة‏:‏ يجوز أكله، وهو كذبيحة السارق، وهو وجه للشافعية‏.‏

وقال الأكثر أيضا‏:‏ إن الحكم في ذلك ما حكم به السلف لا يتجاوز ذلك، وما لم يحكموا فيه يستأنف فيه الحكم، وما اختلفوا فيه يجتهد فيه‏.‏

وقال الثوري‏:‏ الاختيار في ذلك للحكمين في كل زمن‏.‏

وقال مالك‏:‏ يستأنف الحكم، والخيار إلى المحكوم عليه، وله أن يقول للحكمين لا تحكما على إلا بالإطعام‏.‏

وقال الأكثر الواجب في الجزاء نظير الصيد من النعم‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ الواجب القيمة ويجوز صرفها في المثل‏.‏

وقال الأكثر‏:‏ في الكبير كبير وفي الصغير صغير، وفي الصحيح صحيح وفي الكسير كسير‏.‏

وخالف مالك فقال‏:‏ في الكبير والصغير كبير وفي الصحيح والمعيب صحيح‏.‏

واتفقوا على أن المراد بالصيد ما يجوز أكله للحلال من الحيوان الوحشي وأن لا شيء فيما يجوز قتله، واختلفوا في المتولد، فألحقه الأكثر بالمأكول، ومسائل هذا الباب وفروعه كثيرة جدا فلنقتصر على هذا القدر هنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم ير ابن عباس وأنس بالذبح بأسا، وهو في غير الصيد نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل‏)‏ المراد بالذبح ما يذبحه المحرم، والأمر ظاهره العموم، لكن المصنف خصصه بما ذكر تفقها، فإن الصحيح أن حكم ما ذبحه المحرم من الصيد حكم الميتة، وقيل يصح مع الحرمة حتى يجوز لغير المحرم أكله، وبه قال الحسن البصري‏.‏

وأثر ابن عباس وصله عبد الرزاق من طريق عكرمة أن ابن عباس أمره أن يذبح جزورا وهو محرم، وأما أثر أنس فوصله ابن أبي شيبة من طريق الصباح البجلي ‏"‏ سألت أنس ابن مالك عن المحرم يذبح‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏"‏‏.‏

وقوله ‏"‏وهو ‏"‏ أي المذبوح الخ من كلام المصنف قاله تفقها، وهو متفق عليه فيما عدا الخيل فإنه مخصوص بمن يبيح أكلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقال عدل مثل، فإذا كسرت عدل فهو زنة ذلك‏)‏ أما تفسير العدل بالفتح بالمثل والكسر بالزنة فهو قول أبي عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ وغيره‏.‏

وقال الطبري العدل في كلام العرب بالفتح هو قدر الشيء من غير جنسه، والعدل بالكسر قدره من جنسه‏.‏

قال‏:‏ وذهب بعض أهل العلم بكلام العرب إلى أن العدل مصدر من قول القائل‏:‏ عدلت هذا بهذا‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ العدل هو القسط في الحق، والعدل بالكسر المثل‏.‏

انتهى‏.‏

وقد تقدم شيء من هذا في الزكاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قياما‏:‏ قواما‏)‏ ، هو قول أبي عبيدة أيضا‏.‏

وقال الطبري‏:‏ أصله الواو فحولت عين الفعل ياء كما قالوا في الصوم صمت صياما وأصله صواما‏.‏

قال الشاعر‏:‏ قيام دنيا وقوام دين‏.‏

فرده إلى أصله‏.‏

قال الطبري‏:‏ فالمعنى جعل الله الكعبة بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر اتباعه، يقال فلان قيام البيت وقوامه الذي يقيم شأنهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعدلون‏:‏ يجعلون له عدلا‏)‏ هو متفق عليه بين أهل التفسير، ومناسبة إيراده هنا ذكر لفظ العدل في قوله ‏"‏ أو عدل ذلك صياما‏"‏؛ وفي قوله ‏"‏ يعدلون ‏"‏ فأشار إلى أنهما من مادة واحدة، وقوله ‏"‏يجعلون له عدلا ‏"‏ أي مثلا، تعالى الله عن قولهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ وَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ تَضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ فَقَالَ لِلْقَوْمِ كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي، ويحيى هو ابن أبي كثير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن أبي قتادة‏)‏ في رواية معاوية بن سلام عن يحيى عند مسلم أخبرني عبد الله ابن أبي قتادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏انطلق أبي عام الحديبية‏)‏ هكذا ساقه مرسلا، وكذا أخرجه مسلم من طريق معاذ بن هشام عن أبيه، وأخرجه أحمد عن ابن علية عن هشام، لكن أخرجه أبو داود الطيالسي عن هشام عن يحيى فقال ‏"‏ عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وفي رواية علي بن المبارك عن يحيى المذكورة في الباب الذي يليه أن أباه حدثه، وقوله ‏"‏بالحديبية ‏"‏ أصح من رواية الواقدي من وجه آخر عن عبد الله بن أبي قتادة أن ذلك كان في عمرة القضية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأحرم أصحابه ولم يحرم‏)‏ الضمير لأبي قتادة بينه مسلم ‏"‏ أحرم أصحابي ولم أحرم ‏"‏ وفي رواية علي بن المبارك ‏"‏ وأنبئنا بعدو بغيقة فتوجهنا نحوهم ‏"‏ وفي هذا السياق حذف بينته رواية عثمان بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة وهي بعد بابين بلفظ ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال‏:‏ خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة ‏"‏ وسيأتي الجمع هناك بين قوله في هذه الرواية ‏"‏ خرج حاجا ‏"‏ وبين قوله في حديث الباب ‏"‏ عام الحديبية ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

وبين المطلب عن أبي قتادة عند سعيد بن منصور مكان صرفهم ولفظه ‏"‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغنا الروحاء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وحدث‏)‏ بضم أوله على البناء للمجهول، وقوله ‏"‏بغيقة ‏"‏ أي في غيقة وهو بفتح الغين المعجمة بعدها ياء ساكنة ثم قاف مفتوحة ثم هاء‏.‏

قال السكوني‏:‏ هو ماء لبني غفار بين مكة والمدينة‏.‏

وقال يعقوب‏:‏ هو قليب لبني ثعلبة يصب فيه ماء رضوى ويصب هو في البحر‏.‏

وحاصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية فبلغ الروحاء - وهي من ذي الحليفة على أربعة وثلاثين ميلا - أخبروه بأن عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم أن يقصدوا غرته، فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم، فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا، إلا هو فاستمر هو حلالا لأنه إما لم يجاوز الميقات وإما لم يقصد العمرة، وبهذا يرتفع الإشكال الذي ذكره أبو بكر الأثرم قال‏:‏ كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث ويقولون‏:‏ كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات وهو غير محرم‏؟‏ ولا يدرون ما وجهه‏.‏

قال‏:‏ حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد فيها ‏"‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحرمنا، فلما كنا بمكان كذا إذا نحن بأبي قتادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في وجه ‏"‏ الحديث‏.‏

قال‏:‏ فإذا أبو قتادة إنما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة‏.‏

قلت‏:‏ وهذه الرواية التي أشار إليها تقتضي أن أبا قتادة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، وليس كذلك لما بيناه‏.‏

ثم وجدت في صحيح ابن حبان والبزار من طريق عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال ‏"‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان ‏"‏ فهذا سبب آخر، ويحتمل جمعهما‏.‏

والذي يظهر أن أبا قتادة إنما أخر الإحرام لأنه لم يتحقق أنه يدخل مكة فساغ له التأخير، وقد استدل بقصة أبي قتادة على جواز دخول الحرم بغير إحرام لمن لم يرد حجا ولا عمرة، وقيل كانت هذه القصة قبل أن يؤقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت‏.‏

وأما قول عياض ومن تبعه‏:‏ إن أبا قتادة لم يكن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وإنما بعثه أهل المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمونه أن بعض العرب قصدوا الإغارة على المدينة، فهو ضعيف مخالف لما ثبت في هذه الطريق الصحيحة طريق عثمان بن موهب الآتية بعد بابين، كما أشرت إليها قبل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فبينما أبي مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض‏)‏ في رواية علي بن المبارك ‏"‏ فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض ‏"‏ زاد في رواية أبي حازم ‏"‏ وأحبوا لو أني أبصرته ‏"‏ هكذا في جميع الطرق والروايات، ووقع في رواية العذري في مسلم ‏"‏ فجعل بعضهم يضحك إلى ‏"‏ فشددت الياء من إلي‏.‏

قال عياض‏:‏ وهو خطأ وتصحيف، وإنما سقط عليه لفظة ‏"‏ بعض‏"‏، ثم احتج لضعفها بأنهم لو ضحكوا إليه لكانت أكبر إشارة وقد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل منكم أحد أمره أو أشار إليه‏؟‏ قالوا لا‏.‏

وإذا دل المحرم الحلال على الصيد لم يأكل منه اتفاقا، وإنما اختلفوا في وجوب أجزاء‏.‏

انتهى‏.‏

وتعقبه النووي بأنه لا يمكن رد هذه الرواية لصحتها وصحة الرواية الأخرى، وليس في واحدة منهما دلالة ولا إشارة، فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة‏.‏

قال بعض العلماء‏:‏ وإنما ضحكوا تعجبا من عروض الصيد ثم ولا قدرة لهم عليه‏.‏

قلت‏:‏ قوله فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة صحيح، ولكن لا يكفي في رد دعوى القاضي، فإن قوله ‏"‏ يضحك بعضهم إلى بعض ‏"‏ هو مجرد ضحك، وقوله ‏"‏يضحك بعضهم إلى ‏"‏ فيه مزيد أمر على مجرد الضحك، والفرق بين الموضعين أنهم اشتركوا في رؤيته فاستووا في ضحك بعضهم إلى بعض، وأبو قتادة لم يكن رآه فيكون ضحك بعضهم إليه بغير سبب باعثا له على التفطن إلى رؤيته، ويؤيد ما قال القاضي ما وقع في رواية أبي النضر عن مولي أبي قتادة كما سيأتي في الصيد بلفظ إذ رأيت الناس متشوفين لشيء فذهبت أنظر فإذا هو حمار وحش، فقلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ لا ندري فقلت‏:‏ هو حمار وحش‏.‏

فقالوا‏:‏ هو ما رأيت ‏"‏ ووقع في حديث أبي سعيد عند البزار والطحاوي وابن حبان في هذه القصة ‏"‏ وجاء أبو قتادة وهو حل فنكسوا رءوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم له فيفطن فيراه ‏"‏ ا هـ‏.‏

فكيف يظن بهم مع ذلك أنهم ضحكوا إليه‏؟‏ فتبين أن الصواب ما قال القاضي‏.‏

وفي قول الشيخ قد صحت الرواية نظر، لأن الاختلاف في إثبات هذه اللفظة وحذفها لم يقع في طريقين مختلفين، وإنما وقع في سياق إسناد واحد مما عند مسلم، فكان مع من أثبت لفظ ‏"‏ بعض ‏"‏ زيادة علم سالمة من الإشكال فهي مقدمة، وبين محمد بن جعفر في روايته عن أبي حازم عن عبد الله بن أبي قتادة كما سيأتي في الهبة أن قصة صيده للحمار كانت بعد أن اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونزلوا في بعض المنازل ولفظه ‏"‏ كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في منزل في طريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل أمامنا والقوم محرمون وأنا غير محرم ‏"‏ وبين في هذه الرواية السبب الموجب لرؤيتهم إياه دون أبي قتادة بقوله ‏"‏ فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف نعلي، فلم يؤذنوني به، وأحبوا لو أني أبصرته، والتفت فأبصرته‏"‏‏.‏

ووقع في حديث أبي سعيد المذكور أن ذلك وقع وهم بعسفان وفيه نظر، والصحيح ما سيأتي بعد باب من طريق صالح بن كيسان عن أبي محمد مولي أبي قتادة عنه قال ‏"‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة، ومنا المحرم وغير محرم، فرأيت أصحابي يتراءون شيئا فنظرت فإذا حمار وحش ‏"‏ الحديث‏.‏

والقاحة بقاف ومهملة خفيفة بعد الألف، موضع قريب من السقيا كما سيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنظرت‏)‏ هذا فيه التفات، فإن السياق الماضي يقتضي أن يقول فنظر لقوله ‏"‏ فبينا أبي مع أصحابه ‏"‏ فالتقدير‏:‏ قال أبي فنظرت، وهذا يؤيد الرواية الموصولة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا بحمار وحش‏)‏ قد تقدم أن رؤيته له كانت متأخرة عن رؤية أصحابه، وصرح بذلك فضيل بن سليمان في روايته عن أبي حازم كما سيأتي في الجهاد ولفظه ‏"‏ فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه أبو قتادة، فلما رأوه تركوه حتى رآه فركب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحملت عليه‏)‏ في رواية محمد بن جعفر ‏"‏ فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح‏.‏

فقلت لهم‏:‏ ناولوني السوط والرمح‏.‏

فقالوا‏:‏ لا والله لا نعينك عليه بشيء، فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت ‏"‏ وفي رواية فضيل بن سليمان ‏"‏ فركب فرسا له يقال له الجرادة فسألهم أن يناولوه سوطه فأبوا فتناوله‏"‏‏.‏

وفي رواية أبي النضر ‏"‏ وكنت نسيت سوطي فقلت لهم‏:‏ ناولوني سوطي، فقالوا لا نعينك عليه، فنزلت فأخذته ‏"‏ ووقع عند النسائي من طريق شعبة عن عثمان بن موهب، وعند ابن أبي شيبة عن طريق عبد العزيز بن رفيع‏.‏

وأخرج مسلم إسنادهما كلاهما عن أبي قتادة ‏"‏ فاختلس من بعضهم سوطا ‏"‏ والرواية الأولى أقوى، ويمكن أن يجمع بينهما بأنه رأى في سوط نفسه تقصيرا فأخذ سوط غيره، واحتاج إلى اختلاسه لأنه لو طلبه منه اختيارا لامتنع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فطعنته فأثبته‏)‏ بالمثلثة ثم الموحدة ثم المثناة أي جعلته ثابتا في مكانه لا حراك به وفي رواية أبي حازم ‏"‏ فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات ‏"‏ وفي رواية أبي النضر ‏"‏ حتى عقرته فأتيت إليهم فقلت لهم‏:‏ قوموا فاحتملوا، فقالوا لا نمسه، فحملته حتى جئتهم به‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأكلنا من لحمه‏)‏ في رواية فضيل عن أبي حازم ‏"‏ فأكلوا فندموا ‏"‏ وفي رواية محمد بن جعفر عن أبي حازم ‏"‏ فوقعوا يأكلون منه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبأت العضد معي‏"‏‏.‏

وفي رواية مالك عن أبي النضر ‏"‏ فأكل منه بعضهم وأبى بعضهم‏"‏‏.‏

وفي حديث أبي سعيد ‏"‏ فجعلوا يشوون منه‏"‏‏.‏

وفي رواية المطلب عن أبي قتادة عند سعيد بن منصور ‏"‏ فظللنا نأكل منه ما شئنا طبيخا وشواء ثم تزودنا منه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وخشينا أن نقتطع‏)‏ أي نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم منفصلين عنه لكونه سبقهم، وكذا قوله بعد هذا ‏"‏ وخشوا أن يقتطعوا دونك ‏"‏ وبين ذلك رواية علي بن المبارك عن يحيى عند أبي عوانة بلفظ ‏"‏ وخشينا أن يقتطعنا العدو‏"‏‏.‏

وفيها عند المصنف ‏"‏ وأنهم خشوا أن يقتطعهم العدو دونك ‏"‏ وهذا يشعر بأن سبب إسراع أبي قتادة لإدراك النبي صلى الله عليه وسلم خشية على أصحابه أن ينالهم بعض أعدائهم‏.‏

وفي رواية أبي النضر الآتية في الصيد ‏"‏ فأبى بعضهم أن يأكل، فقلت أنا أستوقف لكم النبي صلى الله عليه وسلم فأدركته فحدثته الحديث ‏"‏ ففي هذا أن سبب إدراكه أن يستفتيه عن قصة أكل الحمار، ويمكن الجمع بأن يكون ذلك بسبب الأمرين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرفع‏)‏ بالتخفيف والتشديد، أي أكلفه السير، ‏"‏ وشأوا ‏"‏ بالشين المعجمة بعدها همزة ساكنة أي تارة، والمراد أنه يركضه تارة ويسير بسهولة أخرى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلقيت رجلا من بني غفار‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تركته بتعهن، وهو قائل السقيا‏)‏ السقيا بضم المهملة وإسكان القاف بعدها تحتانية مقصورة‏:‏ قرية جامعة بين مكة والمدينة، وتعهن بكسر المثناة وبفتحها بعدها عين مهملة ساكنة ثم هاء مكسورة ثم نون، ورواية الأكثر بالكسر وبه قيدها البكري في معجم البلاد، ووقع عند الكشميهني بكسر أوله وثالثه، ولغيره بفتحهما، وحكى أبو ذر الهروي أنه سمعها من العرب بذلك المكان بفتح الهاء، ومنهم من يضم التاء ويفتح العين ويكسر الهاء، قيل وهو من تغييراتهم والصواب الأول، وأغرب أبو موسى المديني فضبطه بضم أوله وثانيه وبتشديد الهاء وقال‏:‏ ومنهم من يكسر التاء، وأصحاب الحديث يسكنون العين، ووقع في رواية الإسماعيلي بدعهن بالدال المهملة بدل المثناة‏.‏

وقوله ‏"‏قائل ‏"‏ قال النووي‏:‏ روى بوجهين أصحهما وأشهرهما بهمزة بين الألف واللام من القيلولة، أي تركته في الليل وبتعهن وعزمه أن يقيل بالسقيا، فمعنى قوله وهو قائل أي سيقيل‏.‏

والوجه الثاني أنه قابل بالباء الموحدة وهو غريب وكأنه تصحيف، فإن صح فمعناه أن تعهن موضع مقابل للسقيا، فعلى الأول الضمير في قوله ‏"‏ وهو ‏"‏ للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى الثاني الضمير للموضع وهو تعهن، ولا شك أن الأول أصوب وأكثر فائدة‏.‏

وأغرب القرطبي فقال‏:‏ قوله ‏"‏ وهو قائل ‏"‏ اسم فاعل من القول أو من القائلة، والأول هو المراد هنا، والسقيا مفعول بفعل مضمر، وكأنه كان بتعهن وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا‏.‏

ووقع عند الإسماعيلي من طريق ابن علية عن هشام ‏"‏ وهو قائم بالسقيا ‏"‏ فأبدل اللام في قائل ميما وزاد الباء في السقيا، قال الإسماعيلي‏:‏ الصحيح قائل باللام‏.‏

قلت‏:‏ وزيادة الباء توهي الاحتمال الأخير المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت‏)‏ في السياق حذف تقديره‏:‏ فسرت فأدركته فقلت، ويوضحه رواية علي بن المبارك في الباب الذي يليه بلفظ ‏"‏ فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيته فقلت‏:‏ يا رسول الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن أهلك يقرءون عليك السلام‏)‏ المراد بالأهل هنا الأصحاب بدليل رواية مسلم وأحمد وغيرهما من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ أن أصحابك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فانتظرهم‏)‏ بصيغة فعل الأمر من الانتظار، زاد مسلم من هذا الوجه ‏"‏ فانتظرهم ‏"‏ بصيغة الفعل الماضي منه، ومثله لأحمد عن ابن علية‏.‏

وفي رواية علي بن المبارك ‏"‏ فانتظرهم ففعل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أصبت حمار وحش وعندي منه فاضله‏)‏ كذا للأكثر بضاد معجمة أي فضلة‏.‏

قال الخطابي‏:‏ قطعة فضلت منه فهي فاضلة، أي باقية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال للقوم كلوا‏)‏ سيأتي الكلام عليه وعلى ما في الحديث من الفوائد بعد بابين‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 7:02 pm

*3* باب إِذَا رَأَى الْمُحْرِمُونَ صَيْدًا فَضَحِكُوا فَفَطِنَ الْحَلَالُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال‏)‏ أي لا يكون ذلك منهم إشارة له إلى الصيد فيحل لهم أكل الصيد، ويجوز كسر الطاء من فطن وفتحها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمْ الْعَدُوُّ دُونَكَ فَانْظُرْهُمْ فَفَعَلَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ وَإِنَّ عِنْدَنَا فَاضِلَةً

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن أبي كثير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنبئنا‏)‏ بضم أوله أي أخبرنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فبصر‏)‏ بفتح الموحدة وضم المهملة‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فنظر ‏"‏ بنون وظاء مشالة، وعلى هذا فدخول الباء في قوله ‏"‏ بحمار وحش ‏"‏ مشكل إلا أن يقال ضمن نظر معنى بصر، أو الباء بمعنى إلى على مذهب من يقول إنها تتناوب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنا اصدنا‏)‏ بتشديد المهملة والدال للأكثر بالإدغام وأصله اصطدنا فأبدلت الطاء مثناة ثم أدغمت، ولبعضهم بتخفيف الصاد وسكون الدال، أي أثرنا من الاصاد وهو الإثارة‏.‏

ولبعضهم ‏"‏ صدنا ‏"‏ بغير ألف‏.‏

وحدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة رضي الله عنه قال ‏"‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة، ومنا المحرم ومنا غير المحرم فرأيت أصحابي يتراءون شيئا، فنظرت فإذا حمار وحش - يعني وقع سوطه - فقالوا لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون، فتناولته فأخذته، ثم أتيت الحمار من وراء أكمة فعقرته، فأتيت به أصحابي، فقال بعضهم‏:‏ كلوا‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ لا تأكلوا‏.‏

فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمامنا فسألته فقال‏:‏ كلوه حلال‏"‏‏.‏

قال لنا عمرو‏:‏ اذهبوا إلى صالح فسلوه عن هذا وغيره‏.‏

وقدم علينا ها هنا‏.‏

*3* باب لَا يُعِينُ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد‏)‏ أي بفعل ولا قول، قيل أراد بهذه الترجمة الرد على من فرق من أهل الرأي بين الإعانة التي لا يتم الصيد إلا بها فتحرم، وبين الإعانة التي يتم الصيد بدونها فلا تحرم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَاحَةِ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثٍ ح و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَاحَةِ وَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ يَعْنِي وَقَعَ سَوْطُهُ فَقَالُوا لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إِنَّا مُحْرِمُونَ فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَعَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَأْكُلُوا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَمَامَنَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُلُوهُ حَلَالٌ قَالَ لَنَا عَمْرٌو اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله‏)‏ هو ابن محمد الجعفي المسندي، وسفيان هو ابن عيينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن صالح‏)‏ في رواية كريمة وغيرها ‏"‏ حدثنا صالح‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بالقاحة‏)‏ بالقاف والمهملة‏:‏ واد على نحو ميل من السقيا إلى جهة المدينة، ويقال لواديها وادي العباديد‏.‏

وقد بين المصنف في الطريق الأولى أنها من المدينة على ثلاث أي ثلاث مراحل، قال عياض‏:‏ رواه الناس بالقاف إلا القابسي فضبطوه عنه بالفاء، وهو تصحيف‏.‏

قلت‏:‏ ووقع عند الجوزقي من طريق عبد الرحمن بن بشر عن سفيان ‏"‏ بالصفاح ‏"‏ بدل القاحه، والصفاح بكسر المهملة بعدها فاء وآخره مهملة وهو تصحيف فإن الصفاح موضع بالروحاء، وبين الروحاء وبين السقيا مسافة طويلة، وقد تقدم أن الروحاء هو المكان الذي ذهب أبو قتادة وأصحابه منه إلى جهة البحر ثم التقوا بالقاحة وبها وقع له الصيد المذكور، وكأنه تأخر هو ورفقته للراحة أو غيرها وتقدمهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى السقيا حتى لحقوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وحدثنا علي بن عبد الله‏)‏ هو ابن المديني، هكذا حول المصنف الإسناد إلى رواية علي للتصريح فيه عن سفيان بقوله ‏"‏ حدثنا صالح بن كيسان ‏"‏ وقد اعتبرته فوجدته ساق المتن على لفظ على خاصة، وهذه عاده المصنف غالبا إذا تحول إلى إسناد ساق المتن على لفظ الثاني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي محمد‏)‏ هو نافع مولى أبي قتادة الذي روى عنه أبو النضر، وسيأتي في كتاب الصيد من طريق مالك وغيره عنه، ووقع عند مسلم عن ابن عمر عن سفيان عن صالح ‏"‏ سمعت أبا محمد مولى أبي قتادة‏"‏، وكذا وقع هنا في رواية كريمة، ولأحمد من طريق سعد بن إبراهيم ‏"‏ سمعت رجلا كان يقال له مولى أبي قتادة ولم يكن مولى ‏"‏ أي لأبي قتادة‏.‏

وفي رواية ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي سلمة أن نافعا مولى بني غفار، فتحصل من ذلك أنه لم يكن مولى لأبي قتادة حقيقة، وقد صرح بذلك ابن حبان فقال‏:‏ هو مولى عقيلة بنت طلق الغفارية، وكان يقال له مولى أبي قتادة نسب إليه ولم يكن مولاه‏.‏

قلت‏:‏ فيحتمل أنه نسب إليه لكونه كان زوج مولاته، أو للزومه إياه أو نحو ذلك، كما وقع لمقسم مولى ابن عباس وغيره، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يتراءون‏)‏ يتفاعلون من الرؤية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا حمار وحش يعني وقع سوطه فقالوا لا نعينك‏)‏ كذا وقع هنا والشك فيه من البخاري، فقد رواه أبو عوانة عن أبي داود الحراني عن علي بن المديني بلفظ ‏"‏ فإذا حمار وحش، فركب فرسي وأخذت الرمح والسوط، فسقط مني السوط فقلت‏:‏ ناولوني، فقالوا‏:‏ ليس نعينك عليه بشيء، إنا محرمون ‏"‏ وفي قولهم إنا محرمون دلالة على أنهم كانوا قد علموا أنه يحرم على المحرم الإعانة على قتل الصيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتناولته‏)‏ زاد أبو عوانة ‏"‏ بشيء ‏"‏ وبهذا يندفع إشكال من قال ذكر التناول بعد الأخذ تكرار، أو معناه تكلفت الأخذ فأخذته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من وراء أكمة‏)‏ بفتحات هي التل من حجر واحد، وقد تقدم ذكرها في الاستسقاء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال بعضهم كلوا‏)‏ قد تقدم من عدة أوجه أنهم أكلوا، والظاهر أنهم أكلوا أول ما أتاهم به، ثم طرأ عليهم الشك كما في لفظ عثمان بن موهب في الباب الذي يليه ‏"‏ فأكلنا من لحمها ثم قلنا‏:‏ أنأكل من لحم صيد ونحن محرمون ‏"‏ وأصرح من ذلك رواية أبي حازم في الهبة بلفظ ‏"‏ ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم ‏"‏ وفي حديث أبي سعيد ‏"‏ فجعلوا يشوون منه ثم قالوا‏:‏ رسول الله بين أظهرنا، وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو أمامنا‏)‏ بفتح أوله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال كلوه حلال‏)‏ كذا وقع بحذف المبتدأ، وبين ذلك أبو عوانة فقال ‏"‏ كلوه فهو حلال ‏"‏ وفي رواية مسلم فقال ‏"‏ هو حلال فكلوه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال لنا عمرو‏)‏ أي ابن دينار، وصرح به أبو عوانة في روايته، والقائل سفيان، والغرض بذلك تأكيد ضبطه له وسماعه له من صالح وهو ابن كيسان، وقوله ‏"‏هاهنا ‏"‏ يعني مكة‏.‏

والحاصل أن صالح ابن كيسان كان مدنيا فقدم مكة فدل عمرو بن دينار أصحابه عليه ليسمعوا منه‏.‏

وقرأت بخط بعض من تكلم على هذا الحديث ما نصه‏:‏ في قول سفيان ‏"‏ قال لنا عمرو الخ ‏"‏ إشكال، فإن سفيان روى ذلك عن صالح فكيف يقول له عمرو ولمن معه اذهبوا إلى صالح‏؟‏ فيحتمل أنه قال ذلك تأكيدا في تجديد سماع سفيان ذلك منه مرة بعد أخرى، ويؤخذ منه أن سفيان حدث بذلك عن صالح في حال حياته‏.‏

انتهى‏.‏

وهو احتمال بعيد جدا‏.‏

وزعم أن عمرو بن دينار قال لهم ذلك حين قدم عليهم الكوفة‏.‏

قال‏:‏ وكأنه سمع سفيان يحدث به عن صالح فصدقه وأكده بما قال‏.‏

وقوله اذهبوا إليه أي إلى صالح بالمدينة ا هـ‏.‏

وهذا أبعد من الأول، وما سمعه سفيان من صالح إلا بمكة، ولم يقدم عمرو الكوفة وإنما قال ذلك لسفيان وهما بمكة، وما حدث به سفيان لعلي إلا بعد موت صالح وعمرو بمدة طويلة، وأراد بقوله قال لنا عمرو اذهبوا الخ كيفية تحمله له من صالح وأنه بدلالة عمرو، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )8
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري ( أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: