foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 7:33 pm

3* باب لَا يُشِيرُ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ لِكَيْ يَصْطَادَهُ الْحَلَالُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال‏)‏ أشار المصنف إلى تحريم ذلك، ولم يتعرض لوجوب الجزاء في ذلك، وهي مسألة خلاف‏:‏ فاتفقوا - كما تقدم - على تحريم الإشارة إلى الصيد ليصطاد، وعلى سائر وجوه الدلالات على المحرم، لكن قيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها، واختلفوا في وجوب الجزاء على المحرم إذا دل الحلال على الصيد بإشارة أو غيرها أو أعان عليه، فقال الكوفيون وأحمد وإسحاق‏:‏ يضمن المحرم ذلك‏.‏

وقال مالك والشافعي‏:‏ لا ضمان عليه كما لو دل الحلال حلالا على قتل صيد في الحرم‏.‏

قالوا‏:‏ ولا حجة في حديث الباب، لأن السؤال عن الإعانة والإشارة إنما وقع ليبين لهم هل يحل لهم أكله أو لا‏؟‏ ولم يتعرض لذكر الجزاء‏.‏

واحتج الموفق بأنه قول علي وابن عباس ولا نعلم لهما مخالفا من الصحابة‏.‏

وأجيب بأنه اختلف فيه علي ابن عباس، وفي ثبوته عن علي نظر، ولأن القاتل انفرد بقتله باختياره مع انفصال الدال عنه فصار كمن دل محرما أو صائما على امرأة فوطئها فإنه يأثم بالدلالة ولا يلزمه كفارة ولا يفطر بذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجُوا مَعَهُ فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا وَقَالُوا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا قَالَ أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عثمان هو ابن موهب‏)‏ بفتح الهاء وموهب جده، وهو عثمان بن عبد الله التيمي مدني تابعي ثقة، روى هنا عن تابعي أكبر منه قليلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خرج حاجا‏)‏ قال الإسماعيلي‏:‏ هذا غلط، فإن القصة كانت في عمرة، وأما الخروج إلى الحج فكان في خلق كثير وكان كلهم على الجادة لا على ساحل البحر‏.‏

ولعل الراوي أراد خرج محرما فعبر عن الإحرام بالحج غلطا‏.‏

قلت‏:‏ لا غلط في ذلك، بل هو من المجاز السائغ‏.‏

وأيضا فالحج في الأصل قصد البيت فكأنه قال خرج قاصدا للبيت، ولهذا يقال للعمرة الحج الأصغر‏.‏

ثم وجدت الحديث من رواية محمد بن أبي بكر المقدمي عن أبي عوانة بلفظ ‏"‏ خرج حاجا أو معتمرا ‏"‏ أخرجه البيهقي، فتبين أن الشك فيه من أبي عوانة، وقد جزم يحيى بن أبي كثير بأن ذلك كان في عمرة الحديبية وهذا هو المعتمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا أبا قتادة‏)‏ كذا للكشميهني، ولغيره ‏"‏ إلا أبو قتادة ‏"‏ بالرفع، ووقع بالنصب عند مسلم وغيره من هذا الوجه، قال ابن مالك في ‏"‏ التوضيح ‏"‏‏:‏ حق المستثني بإلا من كلام تام موجب أن ينصب مفردا كان أو مكملا معناه بما بعده، فالمفرد نحو قوله تعالى ‏(‏الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين‏)‏ والمكمل نحو ‏(‏إنا لمنجوهم أجمعين، إلا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين‏)‏ ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعا بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر قول أبي قتادة ‏"‏ أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم ‏"‏ فإلا بمعنى لكن، وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ونظيره من كتاب الله تعالى ‏(‏ولا يلتفت منكم أحد، إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم‏)‏ فإنه لا يصح أن يجعل امرأتك بدلا من أحد لأنها لم تسر معهم فيتضمنها ضمير المخاطبين‏.‏

وتكلف بعضهم بأنه وإن لم يسر بها لكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت‏.‏

قال‏:‏ وهذا على تقدير صحته لا يوجب دخولها في المخاطبين، ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏كل أمتي معافى إلا المجاهرون ‏"‏ أي لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، ومنه من كتاب الله تعالى قوله تعالى ‏(‏فشربوا منه إلا قليل منهم‏)‏ أي لكن قليل منهم لم يشربوا‏.‏

قال‏:‏ وللكوفيين في هذا الثاني مذهب آخر وهو أن يجعلوا ‏"‏ إلا ‏"‏ حرف عطف وما بعدها معطوف على ما قبلها ا هـ‏.‏

وفي نسبة الكلام المذكور لابن أبي قتادة دون أبي قتادة نظر، فإن سياق الحديث ظاهر في أن قوله قول أبي قتادة حيث قال ‏"‏ إن أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة - إلى أن قال - أحرموا كلهم إلا أبو قتادة‏"‏‏.‏

وقول أبي قتادة ‏"‏ فيهم أبو قتادة ‏"‏ من باب التجريد، وكذا قوله ‏"‏ إلا أبو قتادة ‏"‏ ولا حاجة إلى جعله من قول ابنه لأنه يستلزم أن يكون الحديث مرسلا‏.‏

ومن توجيه الرواية المذكورة وهي قوله إلا أبو قتادة أن يكون على مذهب من يقول‏:‏ علي بن أبو طالب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانا‏)‏ في هذا السياق زيادة على جميع الروايات لأنها متفقة على إفراد الحمار بالرؤية، وأفادت هذه الرواية أنه من جملة الحمر وأن المقتول كان أتانا أي أنثى، فعلى هذا في إطلاق الحمار عليها تجوز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحملنا ما بقي من لحم الأتان‏)‏ وفي رواية أبي حازم الآتية للمصنف في الهبة ‏"‏ فرحنا وخبأت العضد معي ‏"‏ وفيه ‏"‏ معكم منه بشيء‏؟‏ فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها ‏"‏ وله في الجهاد قال ‏"‏ معنا رجله، فأخذها فأكلها ‏"‏ وفي رواية المطلب ‏"‏ قد رفعنا لك الذراع، فأكل منها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها‏؟‏ قالوا لا‏)‏ وفي رواية مسلم ‏"‏ هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء ‏"‏ وله من طريق شعبة عن عثمان ‏"‏ هل أشرتم أو أعنتم أو اصطدتم ‏"‏ ولأبي عوانة من هذا الوجه ‏"‏ أشرتم أو اصطدتم أو قتلتم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال فكلوا ما بقي من لحمها‏)‏ صيغة الأمر هنا للإباحة لا للوجوب، لأنها وقعت جوابا عن سؤالهم عن الجواز لا عن الوجوب، فوقعت الصيغة على مقتضى السؤال، ولم يذكر في هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم أكل من لحمها، وذكره في روايتي أبي حازم عن عبد الله بن أبي قتادة كما تراه ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن عبد الله بن أبي قتادة غيره، ووافقه صالح بن حسان عند أحمد وأبي داود الطيالسي وأبي عوانة ولفظه ‏"‏ فقال كلوا وأطعموني ‏"‏ وكذا لم يذكرها أحد من الرواة عن أبي قتادة نفسه إلا المطلب عن سعيد بن منصور، ووقع لنا من رواية أبي محمد وعطاء بن يسار وأبي صالح كما سيأتي في الصيد، ومن رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عند إسحاق، ومن رواية عبادة بن تميم وسعد بن إبراهيم عند أحمد، وتفرد معمر عن يحيى بن أبي كثير بزيادة مضادة لروايتي أبي حازم كما أخرجه إسحاق وابن خزيمة والدار قطني من طريقه وقال في آخره ‏"‏ فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت‏:‏ إنما اصطدته لك ‏"‏ فأمر أصحابه فأكلوه، ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له‏.‏

قال ابن خزيمة وأبو بكر النيسابوري والدار قطني والجوزقي‏:‏ تفرد بهذه الزيادة معمر‏.‏

قال ابن خزيمة‏:‏ إن كانت هذه الزيادة محفوظة احتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أكل من لحم ذلك الحمار قبل أن يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه امتنع ا هـ‏.‏

وفيه نطر لأنه لو كان حراما ما أقر النبي صلى الله عليه وسلم على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله، ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز، فإن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله، وأما إذا أتى بلحم لا يدري ألحم صيدا أو لا فحمله على أصل الإباحة فأكل منه لم يكن ذلك حراما على الآكل‏.‏

وعندي بعد ذلك فيه وقفة، فإن الروايات المتقدمة ظاهرة في أن الذي تأخر هو العضد، وأنه صلى الله عليه وسلم أكلها حتى تعرقها أي لم يبق منها إلا العظم، ووقع عند البخاري في الهبة ‏"‏ حتى نفدها ‏"‏ أي فرغها، فأي شيء يبقى منها حينئذ حتى يأمر أصحابه بأكله‏.‏

لكن رواية أبي محمد الآتية في الصيد ‏"‏ أبقى معكم شيء منه‏؟‏ قلت‏:‏ نعم قال‏:‏ كلوا، فهو طعمة أطعمكموها الله ‏"‏ فأشعر بأنه بقي منها غير العضد، والله أعلم‏.‏

وسيأتي البحث في حكم ما يصيده الحلال بالنسبة إلى المحرم في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى‏.‏

وفي حديث أبي قتادة من الفوائد أن تمنى المحرم أن يقع من الحلال الصيد ليأكل المحرم منه لا يقدح في إحرامه، وأن الحلال إذا صاد لنفسه جاز للمحرم الأكل من صيده، وهذا يقوي من حمل الصيد في قوله تعالى ‏(‏وحرم عليكم صيد البر‏)‏ على الاصطياد، وفيه الاستيهاب من الأصدقاء وقبول الهدية من الصديق‏.‏

وقال عياض‏:‏ عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبي قتادة ذلك تطييبا لقلب من أكل منه بيانا للجواز بالقول والفعل لإزالة الشبهة التي حصلت لهم، وفيه تسمية الفرس، وألحق المصنف به الحمار فترجم له في الجهاد‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ قالوا تجوز التسمية لما لا يعقل، وإن كان لا يتفطن له ولا يجيب إذا نودي، مع أن بعض الحيوانات ربما أدمن على ذلك بحيث يصير يميز اسمه إذا دعي به‏.‏

وفيه إمساك نصيب الرفيق الغائب ممن يتعين احترامه أو ترجى بركته أو يتوقع منه ظهور حكم تلك المسألة بخصوصها‏.‏

وفيه تفريق الإمام أصحابه للمصلحة، واستعمال الطليعة في الغزو، وتبليغ السلام عن قرب وعن بعد، وليس فيه دلالة على جواز ترك رد السلام ممن بلغه لأنه يحتمل أن يكون وقع وليس في الخبر ما ينفيه‏.‏

وفيه أن عقر الصيد ذكاته، وجواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ هو اجتهاد بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم لا في حضرته‏.‏

وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد ولو تضاد المجتهدان ولا يعاب واحد منهما على ذلك لقوله ‏"‏ فلم يعب ذلك علينا ‏"‏ وكأن الآكل تمسك بأصل الإباحة، والممتنع نظر إلى الأمر الطارئ‏.‏

وفيه الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة، وركض الفرس في الاصطياد، والتصيد في الأماكن الوعرة، والاستعانة بالفارس، وحمل الزاد في السفر، والرفق بالأصحاب والرفقاء في السير، واستعمال الكناية في الفعل كما تستعمل في القول لأنهم استعملوا الضحك في موضع الإشارة لما اعتقدوه من أن الإشارة لا تحل‏.‏

وفيه جواز سوق الفرس للحاجة والرفق به مع ذلك لقوله ‏"‏ وأسير شأوا ‏"‏ ونزول المسافر وقت القائلة، وفيه ذكر الحكم مع الحكمة في قوله ‏"‏ إنما هي طعمة أطعمكموها الله‏"‏‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ لا يجوز للمحرم قتل الصيد إلا إن صال عليه فقتله دفعا فيجوز، ولا ضمان عليه‏.‏

والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 7:33 pm

*3* باب إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا أهدى‏)‏ أي الحلال ‏(‏للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل‏)‏ كذا قيده في الترجمة بكونه حيا، وفيه إشارة إلى أن الرواية التي تدل علي أنه كان مذبوحا موهمة، وسأبين ما في ذلك إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن شهاب الخ‏)‏ لم يختلف على مالك في سياقه معنعنا وأنه من مسند الصعب إلا ما وقع في ‏"‏ موطأ ابن وهب ‏"‏ فإنه قال في روايته عن ابن عباس ‏"‏ أن الصعب بن جثامة أهدى ‏"‏ فجعله من مسند ابن عباس، نبه على ذلك الدار قطني في ‏"‏ الموطآت ‏"‏ وكذا أخرجه مسلم من طريق سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال ‏"‏ أهدى الصعب ‏"‏ والمحفوظ في حديث مالك الأول، وسيأتي للمصنف في الهبة من طريق شعيب عن الزهري قال ‏"‏ أخبرني عبيد الله أن ابن عباس أخبره أنه سمع الصعب - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - يخبر أنه أهدى ‏"‏ والصعب بفتح الصاد وسكون العين المهملتين بعدها موحدة، وأبوه جثامة بفتح الجيم وتثقيل المثلثة وهو من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكان ابن أخت أبي سفيان بن حرب، أمه زينب بنت حرب بن أمية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخي بينه وبين عوف بن مالك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حمارا وحشيا‏)‏ لم تختلف الرواة عن مالك في ذلك، وتابعه عامة الرواة عن الزهري، وخالفهم ابن عيينة عن الزهري فقال ‏"‏ لحم حمار وحش ‏"‏ أخرجه مسلم، لكن بين الحميدي صاحب سفيان أنه كان يقول في هذا الحديث ‏"‏ حمار وحش ‏"‏ ثم صار يقول ‏"‏ لحم حمار وحش ‏"‏ فدل على اضطرابه فيه، وقد توبع على قوله ‏"‏ لحم حمار وحش ‏"‏ من أوجه فيها مقال، منها ما أخرجه الطبراني من طريق عمرو بن دينار عن الزهري لكن إسناده ضعيف‏.‏

وقال إسحاق في مسنده‏.‏

‏:‏ أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري فقال ‏"‏ لحم حمار ‏"‏ وقد خالفه خالد الواسطي عن محمد بن عمرو فقال ‏"‏ حمار وحش ‏"‏ كالأكثر، وأخرجه الطبراني من طريق ابن إسحاق عن الزهري فقال ‏"‏ رجل حمار وحش ‏"‏ وابن إسحاق حسن الحديث إلا أنه لا يحتج به إذا خولف، ويدل على وهم من قال فيه عن الزهري ذلك ابن جريج قال ‏"‏ قلت للزهري الحمار عقير‏؟‏ قال لا أدري ‏"‏ أخرجه ابن حزيمة وابن عوانة في صحيحيهما، وقد جاء عن ابن عباس من وجه آخر أن الذي أهداه الصعب لحم حمار فأخرجه مسلم من طريق الحاكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ‏"‏ أهدى الصعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل حمار ‏"‏ وفي رواية عنده ‏"‏ عجز حمار وحش يقطر دما ‏"‏ وأخرجه أيضا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد قال تارة ‏"‏ حمار وحش ‏"‏ وتارة ‏"‏ شق حمار ‏"‏ ويقوى ذلك ما أخرجه مسلم أيضا من طريق طاوس عن ابن عباس قال ‏"‏ قدم زيد بن أرقم، فقال له عبد الله بن عباس يستذكره‏:‏ كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام‏؟‏ قال‏:‏ أهدى له عضو من لحم صيد فرده وقال‏:‏ إنا لا نأكله، إنا حرم‏"‏‏.‏

وأخرجه أبو داود وابن حبان من طريق عطاء عن ابن عباس أنه قال ‏"‏ يا زيد بن أرقم، هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره‏.‏

واتفقت الروايات كلها على أنه رده عليه، إلا ما رواه ابن وهب والبيهقي من طريقه بإسناد حسن من طريق عمرو بن أمية ‏"‏ أن الصعب أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم ‏"‏ قال البيهقي‏:‏ إن كان هذا محفوظا فلعله رد الحي وقبل اللحم، قلت وفي هذا الجمع نظر لما بينته، فإن كانت الطرق كلها محفوظة فلعله رده حيا لكونه صيد لأجله ورد اللحم تارة لذلك وقبله تارة أخرى حيث علم أنه لم يصد لأجله، وقد قال الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏‏:‏ إن كان الصعب أهدى له حمارا حيا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حي وإن كان أهدى له لحما فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيد له‏.‏

ونقل الترمذي عن الشافعي أنه رده لظنه أنه صيد من أجله فتركه على وجه التنزه‏.‏

ويحتمل أن يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية على وقت آخر وهو حال رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة، ويؤيده أنه جازم فيه بوقوع ذلك بالجحفة وفي غيرها من الروايات بالأبواء أو بودان‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحا ثم قطع منه عضوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقدمه له، فمن قال أهدى حمارا أراد بتمامه مذبوحا حيا، ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون من قال حمارا أطلق وأراد بعضه مجازا‏.‏

قال ويحتمل أنه أهداه له حيا فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظانا أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته، فأعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل، قال‏:‏ والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات‏.‏

وقال النووي‏:‏ ترجم البخاري بكون الحمار حيا، وليس في سياق الحديث تصريح بذلك، وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك، وهو باطل لأن الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح‏.‏

انتهى‏.‏

وإذا تأملت ما تقدم لم يحسن إطلاقه بطلان التأويل المذكور ولا سيما في رواية الزهري التي هي عمدة هذا الباب، وقد قال الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏‏:‏ حديث مالك أن الصعب أهدى حمارا أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار‏.‏

وقال الترمذي‏:‏ روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب ‏"‏ لحم حمار وحش ‏"‏ وهو غير محفوظ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بالأبواء‏)‏ بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد‏:‏ جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بعدها مهملة، قيل سمى الأبواء لوبائه على القلب، وقيل لأن السيول تتبوؤه أي تحمله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو بودان‏)‏ شك من الراوي، وهو بفتح الواو وتشديد الدال وآخرها نون موضع بقرب الجحفة، وقد سبق في حديث عمرو بن أمية أنه كان بالجحفة، وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء فإن من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثة وعشرين ميلا، ومن ودان إلى الجحفة ثمانية أميال، وبالشك جزم أكثر الرواة، وجزم ابن إسحاق وصالح بن كيسان عن الزهري بودان، وجزم معمر وعبد الرحمن ابن إسحاق ومحمد بن عمرو بالأبواء، والذي يظهر لي أن الشك فيه من ابن عباس لأن الطبراني أخرج الحديث من طريق عطاء عنه على الشك أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما رأى ما في وجهه‏)‏ في رواية شعيب ‏"‏ فلما عرف في وجهي رده هديتي‏"‏‏.‏

وفي رواية الليث عن الزهري عند الترمذي ‏"‏ فلما رأى ما في وجهه من الكراهية ‏"‏ وكذا لابن خزيمة من طريق ابن جريج المذكورة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنا لم نرده عليك‏)‏ في رواية شعيب وابن جريج ‏"‏ ليس بنا رد عليك ‏"‏ وفي رواية عبد الرحمن ابن إسحاق عن الزهري عند الطبراني ‏"‏ إنا لم نرده عليك كراهية له ولكنا حرم ‏"‏ قال عياض‏:‏ ضبطناه في الروايات ‏"‏ لم نرده ‏"‏ بفتح الدال، وأبى ذلك المحققون من أهل العربية وقالوا‏:‏ الصواب أنه بضم الدال لأن المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها‏.‏

قال‏:‏ وليس الفتح بغلط بل ذكره ثعلب في الفصيح‏.‏

نعم تعقبوه عليه بأنه ضعيف، وأوهم صنيعه أنه فصيح، وأجازوا أيضا الكسر وهو أضعف الأوجه‏.‏

قلت‏:‏ ووقع في رواية الكشميهني بفك الإدغام ‏"‏ لم نردده ‏"‏ بضم الأولى وسكون الثانية ولا إشكال فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا أنا حرم‏)‏ زاد صالح بن كيسان عند النسائي ‏"‏ لا نأكل الصيد‏"‏‏.‏

وفي رواية سعيد عن ابن عباس ‏"‏ لولا أنا محرمون لقبلناه منك‏"‏‏.‏

واستدل بهذا الحديث على تحريم الأكل من لحم الصيد على المحرم مطلقا لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرما فدل على أنه سبب الامتناع خاصة، وهو قول علي وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق لحديث الصعب هذا، ولما أخرجه أبو داود وغيره من حديث علي ‏"‏ أنه قال لناس من أشجع‏:‏ أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى له رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم ‏"‏ لكن يعارض هذا الظاهر ما أخرجه مسلم أيضا من حديث طلحة أنه ‏"‏ أهدى له لحم طير وهو محرم، فوقف من أكله وقال‏:‏ أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وحديث أبي قتادة المذكور في الباب قبله وحديث عمير بن سلمة ‏"‏ أن البهزي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ظبيا وهو محرم، فأمر أبا بكر أن يقسمه بين الرفاق‏"‏؛ أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وغيره، وبالجواز مطلقا قال الكوفيون وطائفة من السلف، وجمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم‏.‏

قالوا والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له إلا إذا كان محرما، فبين الشرط الأصلي وسكت عما عداه فلم يدل على نفيه، وقد بينه في الأحاديث الأخر‏.‏

ويؤيد هذا الجمع حديث جابر مرفوعا ‏"‏ صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم ‏"‏ أخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدم أن عند النسائي من رواية صالح ابن كيسان ‏"‏ إنا حرم لا نأكل الصيد ‏"‏ فبين العلتين جميعا، وجاء عن مالك تفصيل آخر بين ما صيد للمحرم قبل إحرامه يجوز له الأكل منه أو بعد إحرامه فلا، وعن عثمان التفصيل بين ما يصاد لأجله من المحرمين فيمتنع عليه ولا يمتنع على محرم آخر‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ حديث الصعب يشكل على مالك لأنه يقول‏:‏ ما صيد من أجل المحرم يحرم على المحرم وعلى غير المحرم، فيمكن أن يقال قوله ‏"‏ فرده عليه ‏"‏ لا يستلزم أنه أباح له أكله، بل يجوز أن يكون أمره بإرساله إن كان حيا وطرحه إن كان مذبوحا فإن السكوت عن الحكم لا يدل على الحكم بضده، وتعقب بأنه وقت البيان فلو لم يجز له الانتفاع به لم يرده عليه أصلا إذ لا اختصاص له به‏.‏

وفي حديث الصعب الحكم بالعلامة لقوله ‏"‏ فلما رأى ما في وجهي‏"‏‏.‏

وفيه جواز رد الهدية لعلة، وترجم له المصنف ‏"‏ من رد الهدية لعلة ‏"‏ وفيه الاعتذار عن رد الهدية تطييبا لقلب المهدي، وأن الهبة لا تدخل في الملك إلا بالقبول، وأن قدرته على تملكها لا تصيره مالكا لها، وأن على المحرم أن يرسل ما في يده من الصيد الممتنع عليه اصطياده‏.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 7:35 pm

3* باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يقتل المحرم من الدواب‏)‏ أي مما لا يجب عليه فيه الجزاء، وذكر المصنف فيه ثلاثة أحاديث، الأول منها‏:‏ اختلف فيه علي ابن عمر، فساقه المصنف على الاختلاف كما سأبينه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح‏)‏ كذا أورده مختصرا وأحال به على طريق سالم، وهو في الموطأ وتمامه ‏"‏ الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن عبد الله بن دينار‏)‏ هو معطوف على الطريق الأولى، وهو في الموطأ كذلك عن نافع عن ابن عمر، وعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر‏.‏

وقد أورده المصنف في بدء الخلق عن القعنبي عن مالك وساق لفظه مثله سواء‏.‏

وكذا أخرجه مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار، وأخرجه أحمد من طريق شعبة عن عبد الله بن دينار فقال ‏"‏ الحية ‏"‏ بدل العقرب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن زيد بن جبير‏)‏ هو الطائي الكوفي، ليس له في الصحيح رواية عن غير ابن عمر، ولا له فيه إلا هذا الحديث وآخر تقدم في المواقيت، وقد خالف نافعا وعبد الله بن دينار في إدخال الواسطة بين ابن عمر وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ووافق سالما، إلا أن زيدا أبهمها وسالما سماها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم‏)‏ كذا ساق منه هذا القدر وأحال به على الطريق التي بعده، وفيه إشارة منه إلى تفسير المبهمة فيه بأنها المسماة في الرواية الأخرى، فقد وصله أبو نعيم في المستخرم من طريق أبي خليفة عن مسدد بإسناد البخاري، وبقيته كرواية حفصة إلا أن فيه تقديما وتأخيرا في بعض الأسماء‏.‏

وأخرجه مسلم عن شيبان عن أبي عوانة فزاد فيه أشياء ولفظه ‏"‏ سأل رجل ابن عمر ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم‏؟‏ فقال‏:‏ حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية ‏"‏ قال ‏"‏ وفي الصلاة أيضا ‏"‏ فلم يقل في أوله خمسا وزاد الحية، وزاد في آخره ذكر الصلاة لينبه بذلك على جواز قتل المذكورات في جميع الأحوال وسأذكر البحث في ذلك، ولم أر هذه الزيادة في غير هذه الطريق فقد أخرجه مسلم من طريق زهير بن معاوية والإسماعيلي من طريق إسرائيل كلاهما عن زيد بن جبير بدونها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يونس‏)‏ هو ابن يزيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سالم‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ أخبرني سالم ‏"‏ أخرجه عن حرملة عن ابن وهب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال عبد الله‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ قال لي عبد الله ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي عن سالم عن أبيه أخرجه من طريق إبراهيم بن المنذر عن ابن وهب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالت حفصة‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ عن حفصة ‏"‏ وهذا والذي قبله قد يوهم أن عبد الله ابن عمر ما سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن وقع في بعض طرق نافع عنه ‏"‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أخرجه مسلم من طريق ابن جريج قال ‏"‏ أخبرني نافع ‏"‏ وقال مسلم بعده‏:‏ لم يقل أحد عن نافع عن ابن عمر سمعت إلا ابن جريج، وتابعه محمد بن إسحاق، ثم ساقه من طريق ابن إسحاق عن نافع كذلك، فالظاهر أن ابن عمر سمعه من أخته حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه أيضا من النبي صلى الله عليه وسلم يحدث به حين سئل عنه، فقد وقع عند أحمد من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ نادى رجل ‏"‏ ولأبي عوانة في المستخرج من هذا الوجه ‏"‏ أن أعرابيا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا ‏"‏ والظاهر أن المبهمة في رواية زيد بن جبير هي حفصة، ويحتمل أن تكون عائشة، وقد رواه ابن عيينة عن ابن شهاب فأسقط حفصة من الإسناد والصواب إثباتها في رواية سالم، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يَقْتُلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني يونس‏)‏ هو ابن يزيد أيضا، وظهر بهذا أن لابن وهب عنه عن الزهري فيه إسنادين‏:‏ سالم عن أبيه عن حفصة، وعروة عن عائشة، وقد كان ابن عيينة ينكر طريق الزهري عن عروة، قال الحميدي عن سفيان ‏"‏ حدثنا والله الزهري عن سالم عن أبيه ‏"‏ فقيل له إن معمرا يرويه عن الزهري عن عروة عن عائشة، فقال ‏"‏ حدثنا والله الزهري لم يذكر عروة‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وطريق معمر المشار إليها أوردها المصنف في بدء الخلق من طريق يزيد بن زريع عنه، ورواها النسائي من طريق عبد الرزاق قال عبد الرزاق‏:‏ ذكر بعض أصحابنا أن معمرا كان يذكره عن الزهري عن سالم عن أبيه، وعن عروة عن عائشة، وطريق الزهري عن عروة رواها أيضا شعيب بن أبي حمزة عند أحمد وأبان بن صالح عند النسائي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ‏.‏

وقد تابع الزهري عن عروة هشام بن عروة، أخرجه مسلم أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خمس‏)‏ التقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بذلك لكنه مفهوم عدد، وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله صلى الله عليه وسلم أولا ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس يشترك معها في الحكم، فقد ورد في بعض طرق عائشة بلفظ ‏"‏ أربع ‏"‏ وفي بعض طرقها بلفظ ‏"‏ ست ‏"‏ فأما طريق أربع فأخرجها مسلم من طريق القاسم عنها فأسقط العقرب، وأما طريق ست فأخرجها أبو عوانة في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق المحاربي عن هشام عن أبيه عنها فأثبتها وزاد الحية، ويشهد لها طريق شيبان التي تقدمت من عند مسلم وإن كانت خالية عن العدد، وأغرب عياض فقال‏:‏ وفي غير كتاب مسلم ذكر الأفعى فصارت سبعا‏.‏

وتعقب بأن الأفعى داخلة في مسمى الحية‏.‏

والحديث الذي ذكرت فيه أخرجه أبو عوانة في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق ابن عون عن نافع في آخر حديث الباب قال‏:‏ قلت لنافع فالأفعى‏؟‏ قال ومن يشك في الأفعى‏؟‏ ا هـ‏.‏

وقد وقع في حديث أبي سعيد عند أبي داود نحو رواية شيبان وزاد السبع العادي فصارت سبعا‏.‏

وفي حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة وابن المنذر زيادة ذكر الذئب والنمر على الخمس المشهورة فتصير بهذا الاعتبار تسعا، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلي أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور‏.‏

ووقع ذكر الذئب في حديث مرسل أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود من طريق سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ يقتل المحرم الحية والذئب ‏"‏ ورجاله ثقات‏.‏

وأخرج أحمد من طريق حجاج بن أرطاة عن وبرة عن ابن عمر قال ‏"‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الذئب للمحرم ‏"‏ وحجاج ضعيف‏.‏

وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا أخرجه ابن أبي شيبة، فهذا جميع ما وقفت عليه في الأحاديث المرفوعة زيادة على الخمس المشهورة، ولا يخلو شيء من ذلك من مقال، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من الدواب‏)‏ بتشديد الموحدة، جمع دابة وهو ما دب من الحيوان‏.‏

وقد أخرج بعضهم منها الطير لقوله تعالى ‏(‏وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه‏)‏ الآية، وهذا الحديث يرد عليه، فإنه ذكر في الدواب الخمس الغراب والحدأة، ويدل على دخول الطير أيضا عموم قوله تعالى ‏(‏وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها‏)‏ ؛ وقوله تعالى ‏(‏وكأين من دابة لا تحمل رزقها‏)‏ الآية، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم في صفة بدء الخلق ‏"‏ وخلق الدواب يوم الخميس ‏"‏ ولم يفرد الطير بذكر‏.‏

وقد تصرف أهل العرف في الدابة، فمنهم من يخصها بالحمار، ومنهم من يخصها بالفرس، وفائدة ذلك تظهر في الحلف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كلهن فاسق يقتلن‏)‏ قيل فاسق صفة لكل، وفي يقتلن ضمير راجع إلى معنى كل‏.‏

ووقع في رواية مسلم من هذا الوجه ‏"‏ كلها فواسق‏"‏‏.‏

وفي رواية معمر التي في بدء الخلق ‏"‏ خمس فواسق ‏"‏ قال النووي‏:‏ هو بإضافة خمس لا بتنوينه، وجوز ابن دقيق العيد الوجهين وأشار إلى ترجيح الثاني فإنه قال‏:‏ رواية الإضافة تشعر بالتخصيص فيخالفها غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى فيشعر بأن الحكم المرتب على ذلك وهو القتل معلل بما جعل وصفا وهو الفسق فيدخل فيه كل فاسق من الدواب، ويؤيده رواية يونس التي في حديث الباب‏.‏

قال النووي وغيره‏:‏ تسمية هذه الخمس فواسق تسمية صحيحة جارية في وفق اللغة، فإن أصل الفسق لغة الخروج، ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها‏.‏

وقوله تعالى ‏(‏ففسق عن أمر ربه‏)‏ أي خرج، وسمى الرجل فاسقا لخروجه عن طاعة ربه، فهو خروج مخصوص‏.‏

وزعم ابن الأعرابي أنه لا يعرف في كلام الجاهلية ولا شعرهم فاسق، يعني بالمعنى الشرعي‏.‏

وأما المعنى في وصف الدواب المذكورة بالفسق فقيل‏:‏ لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان في تحريم قتله، وقيل في حل أكله لقوله تعالى ‏(‏أو فسقا أهل لغير الله به‏)‏ ‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق‏)‏ وقيل‏:‏ لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع، ومن ثم اختلف أهل الفتوى‏:‏ فمن قال بالأول ألحق بالخمس كل ما جاز قتله للحلال في الحرم وفي الحل، ومن قال بالثاني ألحق ما لا يؤكل إلا ما نهى عن قتله وهذا قد يجامع الأول، ومن قال بالثالث يخص الإلحاق بما يحصل منه الإفساد‏.‏

ووقع في حديث أبي سعيد عند ابن ماجة‏:‏ قيل له لم قيل للفأرة فويسقة‏؟‏ فقال‏:‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ لها وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت‏.‏

فهذا يومئ إلى أن سبب تسمية الخمس بذلك لكون فعلها يشبه فعل الفساق، وهو يرجح القول الأخير، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقتل في الحرم‏)‏ تقدم في رواية نافع بلفظ ‏"‏ ليس على المحرم في قتلهن جناح ‏"‏ وعرف بذلك أن لا إثم في قتلها على المحرم ولا في الحرم، ويؤخذ منه جواز ذلك للحلال، وفي الحل من باب الأولى‏.‏

وقد وقع ذكر الحل صريحا عند مسلم من طريق معمر عن الزهري عن عروة بلفظ ‏"‏ يقتلن في الحل والحرم ‏"‏ ويعرف حكم الحلال بكونه لم يقم به مانع وهو الإحرام فهو بالجواز أولى، ثم إنه ليس في نفي الجناح - وكذا الحرج في طريق سالم - دلالة على أرجحية الفعل على الترك، لكن ورد في طريق زيد ابن جبير عند مسلم بلفظ ‏"‏ أمر ‏"‏ وكذا في طريق معمر، ولأبي عوانة من طريق ابن نمير عن هشام عن أبيه بلفظ ‏"‏ ليقتل المحرم ‏"‏ وظاهر الأمر الوجوب، ويحتمل الندب والإباحة، وروى البزار من طريق أبي رافع قال ‏"‏ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته إذ ضرب شيئا، فإذا هي عقرب فقتلها، وأمر بقتل العقرب والحية والفأرة والحدأة للمحرم، لكن هذا الأمر ورد بعد الحظر لعموم نهي المحرم عن القتل فلا يكون للوجوب ولا للندب، ويؤيد ذلك رواية الليث عن نافع بلفظ ‏"‏ أذن ‏"‏ أخرجه مسلم والنسائي عن قتيبة، لكن لم يسق مسلم لفظه‏.‏

وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود وغيره ‏"‏ خمس قتلهن حلل للمحرم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الغراب‏)‏ زاد في رواية سعيد بن المسيب عن عائشة عند مسلم ‏"‏ الأبقع ‏"‏ وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، وأخذ بهذا القيد بعض أصحاب الحديث كما حكاه ابن المنذر وغيره، ثم وجدت ابن خزيمة قد صرح باختياره، وهو قضية حمل المطلق على المقيد‏.‏

وأجاب ابن بطال بأن هذه الزيادة لا تصح لأنها من رواية قتادة عن سعيد، وهو مدلس وقد شذ بذلك‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ لا تثبت هذه الزيادة‏.‏

وقال ابن قدامة‏:‏ الروايات المطلقة أصح‏.‏

وفي جميع هذا التعليل نظر، أما دعوى التدليس فمردودة بأن شعبة لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم وهذا من رواية شعبة، بل صرح النسائي في روايته من طريق النضر بن شميل عن شعبة بسماع قتادة‏.‏

وأما نفي الثبوت فمردود بإخراج مسلم‏.‏

وأما الترجيح فليس من شرط قبول الزيادة بل الزيادة مقبولة من الثقة الحافظ وهو كذلك هنا‏.‏

نعم قال ابن قدامة‏:‏ يلتحق بالأبقع ما شاركه في الإيذاء وتحريم الأكل‏.‏

وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك ويقال له غراب الزرع ويقال له الزاغ، وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان ملتحقا بالأبقع‏.‏

ومنها الغداف على الصحيح في ‏"‏ الروضة ‏"‏ بخلاف تصحيح الرافعي، وسمى ابن قدامة الغداف غراب البين، والمعروف عند أهل اللغة أنه الأبقع، قيل سمي غراب البين لأنه بان عن نوح لما أرسله من السفينة ليكشف خبر الأرض، فلقي جيفة فوقع عليها ولم يرجع إلى نوح، وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا‏:‏ آذن بشر، وإذا نعب ثلاثا قالوا‏:‏ آذن بخير، فأبطل الإسلام ذلك، وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال‏:‏ اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك‏.‏

وقال صاحب الهداية‏:‏ المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع قلا‏.‏

وكذا استثناه ابن قدامة، وما أظن فيه خلافا، وعليه يحمل ما جاء في حديث أبي سعيد عند أبي داود إن صح حيث قال فيه ‏"‏ ويرمي الغراب ولا يقتله ‏"‏ وروى ابن المنذر وغيره نحوه عن علي ومجاهد، قال ابن المنذر‏:‏ أباح كل من يحفظ عنه العلم قتل الغراب في الإحرام إلا ما جاء عن عطاء قال في محرم كسر قرن غراب فقال‏:‏ إن أدماه فعليه الجزاء وقال الخطابي‏:‏ لم يتابع أحد عطاء على هذا، انتهى‏.‏

ويحتمل أن يكون مراده غراب الزرع‏.‏

وعند المالكية اختلاف آخر في الغراب والحدأة هل يتقيد‏.‏

جواز قتلهما بأن يبتدئا بالأذى، وهل يختص ذلك بكبارها‏؟‏ والمشهور عنهم - كما قال ابن شاس - لا فرق وفاقا للجمهور ومن أنواع الغربان الأعصم، وهو الذي في رجليه أو في جناحيه أو بطنه بياض أو حمرة، وله ذكر في قصة حفر عبد المطلب لزمزم، وحكمه حكم الأبقع‏.‏

ومنها العقعق وهو قدر الحمامة على شكل الغراب، قيل سمي بذلك لأنه يعق فراخه فيتركها بلا طعم، وبهذا ظهر أنه نوع من الغربان، والعرب تتشاءم به أيضا‏.‏

ووقع في فتاوى قاضي خان الحنفي‏:‏ من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر، وحكمه حكم الأبقع على الصحيح، وقيل حكم غراب الزرع‏.‏

وقال أحمد‏:‏ إن أكل الجيف وإلا فلا بأس به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والحدأ‏)‏ بكسر أوله وفتح ثانيه بعدها همزة بغير مد، وحكى صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ المد فيه ندورا، ووقع في رواية الكشميهني في حديث عائشة ‏"‏ الحدأة ‏"‏ بزيادة هاء بلفظ الواحدة وليست للتأنيث بل هي كالهاء في التمرة، وحكى الأزهري فيها ‏"‏ حدوة ‏"‏ بواو بدل الهمزة، وسيأتي في بدء الخلق من حديثها بلفظ ‏"‏ الحديا ‏"‏ بضم أوله وتشديد التحتانية مقصور، ومثله لمسلم في رواية هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ قال قاسم بن ثابت‏:‏ الوجه فيه الهمزة، وكأنه سهل ثم أدغم، وقيل هي لغة حجازية، وغيرهم يقول ‏"‏ حدية ‏"‏ وقد تقدم ذكرها في الكلام على الغراب‏.‏

ومن خواص الحدأة أنها تقف في الطيران، ويقال إنها لا تختطف إلا من جهة اليمين، وقد مضى لها ذكر في الصلاة قصة صاحبة الوشاح‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ يلتبس بالحدأ الحدأة بفتح أوله‏:‏ فأس له رأسان‏.‏

قوله ‏(‏والعقرب‏)‏ هذا اللفظ للذكر والأنثى، وقد يقال عقربة وعقرباء، وليس منها العقربان بل هي دويبة طويلة كثيرة القوائم‏.‏

قال صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ ويقال إن عينها في ظهرها وإنها لا تضر ميتا ولا نائما حتى يتحرك‏.‏

ويقال لدغته العقرب بالغين المعجمة ولسعته بالمهملتين‏.‏

وقد تقدم اختلاف الرواة في ذكر الحية بدلها في حديث الباب ومن جمعهما، والذي يظهر لي أنه صلى الله عليه وسلم نبه بإحداهما على الأخرى عند الاقتصار وبين حكمهما معا حيث جمع‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب‏.‏

وقال نافع لما قيل له‏:‏ فالحية‏؟‏ قال‏:‏ لا يختلف فيها وفي رواية‏:‏ ومن يشك فيها‏؟‏ وتعقبه ابن عبد البر بما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق شعبة أنه سأل الحكم وحمادا فقالا‏:‏ لا يقتل المحرم الحية ولا العقرب‏.‏

قال‏:‏ ومن حجتهما أنهما من هوام الأرض فيلزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوام، وهذا اعتلال لا معنى له، نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية والعقرب التي لا تتمكن من الأذى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والفأر‏)‏ بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم إلا ما حكى عن إبراهيم النخعي فإنه قال‏:‏ فيها جزاء إذا قتلها المحرم أخرجه ابن المنذر‏.‏

وقال‏:‏ هذا خلاف السنة وخلاف قول جميع أهل العلم‏.‏

وروى البيهقي بإسناد صحيح حماد بن زيد قال لما ذكروا له هذا القول‏:‏ ما كان بالكوفة أفحش ردا للآثار من إبراهيم النخعي لقلة ما سمع منها، ولا أحسن اتباعا لها من الشعبي لكثرة ما سمع‏.‏

ونقل ابن شاس عن المالكية خلافا في جواز قتل الصغير منها الذي لا يتمكن من الأذى‏.‏

والفأر أنواع، منها الجرذ بالجيم بوزن عمر، والخلد بضم المعجمة وسكون اللام، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط، وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء، وسيأتي في الأدب إطلاق الفويسقة عليها من حديث جابر، وتقدم سبب تسميتها بذلك من حديث أبي سعيد‏.‏

وقيل إنما سميت بذلك لأنها قطعت حبال سفينة نوح، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والكلب العقور‏)‏ الكلب معروف والأنثى كلبة والجمع أكلب وكلاب وكليب بالفتح، كأعبد وعباد وعبيد‏.‏

وفي الكلب بهيمية سبعية كأنه مركب‏.‏

وفيه منافع للحراسة والصيد كما سيأتي في بابه‏.‏

وفيه من اقتفاء الأثر وشم الرائحة والحراسة وخفة النوم والتودد وقبول التعليم ما ليس لغيره‏.‏

وقيل إن أول من اتخذه للحراسة نوح عليه السلام وقد سبق البحث في نجاسته في كتاب الطهارة ويأتي في بدء الخلق جملة من خصاله‏.‏

واختلف العلماء في المراد به هنا، وهل لوصفه بكونه عقورا مفهوم أو لا‏؟‏ فروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن أبي هريرة قال‏:‏ الكلب العقور الأسد‏.‏

وعن سفيان عن زيد بن أسلم أنهم سألوه عن الكلب العقور فقال‏:‏ وأي كلب أعقر من الحية‏؟‏ وقال زفر‏:‏ المراد بالكلب العقور هنا الذئب خاصة‏.‏

وقال مالك في الموطأ‏:‏ كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب هو العقور‏.‏

وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان، وهو قول الجمهور‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ المراد بالكلب هنا الكلب خاصة، ولا يلتحق به في هذا الحكم سوى الذئب‏.‏

واحتج أبو عبيد للجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ‏"‏ فقتله الأسد‏.‏

وهو حديث حسن أخرجه الحاكم من طريق أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه، واحتج بقوله تعالى ‏(‏وما علمتم من الجوارح مكلبين‏)‏ فاشتقها من اسم الكلب، فلهذا قيل لكل جارح عقور‏.‏

واحتج الطحاوي للحنفية بأن العلماء اتفقوا على تحريم قتل البازي والصقر وهما من سباع الطير فدل ذلك على اختصاص التحريم بالغراب والحدأة، وكذلك يختص التحريم بالكلب وما شاركه في صفته وهو الذئب‏.‏

وتعقب برد الاتفاق، فإن مخالفيهم أجازوا قتل كل ما عدا وافترس، فيدحل فيه الصقر وغيره، بل معظمهم قال‏:‏ يلتحق بالخمس كل ما نهى عن أكله إلا ما نهي عن قتله‏.‏

واختلف العلماء في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه، فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والماوردي وغيرهما، ووقع في ‏"‏ الأم ‏"‏ للشافعي الجواز، واختلف كلام النووي فقال في البيع من ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏‏:‏ لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم لا يجوز قتله‏.‏

وقال في التيمم والغصب‏:‏ إنه غير محترم‏.‏

وقال في الحج‏:‏ يكره قتله كراهة تنزيه‏.‏

وهذا اختلاف شديد، وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي وتبعه في ‏"‏ الروضة ‏"‏ وزاد‏:‏ أنها كراهة تنزيه، والله أعلم‏.‏

وذهب الجمهور كما تقدم إلى إلحاق غير الخمس بها في هذا الحكم، إلا أنهم اختلفوا في المعنى فقيل‏:‏ لكونها مؤذية فيجوز قتل كل مؤذ، وهذا قضية مذهب مالك‏.‏

وقيل‏:‏ لكونها مما لا يؤكل، فعلى هذا كل ما يجوز قتله لا فدية على المحرم فيه، وهذا قضية مذهب الشافعي‏.‏

وقد قسم هو وأصحابه الحيوان بالنسبة للمحرم إلى ثلاثة أقسام‏:‏ قسم يستحب كالخمس وما في معناها مما يؤذي، وقسم يجوز كسائر ما لا يؤكل لحمه وهو قسمان‏:‏ ما يحصل منه نفع وضرر فيباح لما فيه من منفعة الاصطياد ولا يكره لما فيه من العدوان، وقسم ليس فيه نفع ولا ضرر فيكره قتله ولا يحرم‏.‏

والقسم الثالث ما أبيح أكله أو نهى عن قتله فلا يجوز ففيه الجزاء إذا قتله المحرم‏.‏

وخالف الحنفية فاقتصروا على الخمس إلا أنهم ألحقوا بها الحية لثبوت الخبر، والذئب لمشاركته للكلب في الكلبية، وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها، وتعقب بظهور المعنى في الخمس وهو الأذى الطبيعي والعدوان المركب، والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه تعدي الحكم إلى كل ما وجد فيه ذلك المعنى، كما وافقوا عليه في مسائل الربا‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ والتعدية بمعنى الأذى إلى كل مؤذ قوي بالإضافة إلى تصرف أهل القياس، فإنه ظاهر من جهة الإيماء بالتعليل بالفسق وهو الخروج عن الحد، وأما التعليل بحرمة الأكل ففيه إبطال لما دل عليه إيماء النص من التعليل بالفسق‏.‏

انتهى‏.‏

وقال غيره‏:‏ هو راجع إلى تفسير الفسق، فمن فسره بأنه الخروج عن بقية الحيوان بالأذى علل به، ومن قال بجواز القتل وتحريم الأكل علل به‏.‏

وقال من علل بالأذى‏:‏ أنواع الأذى مختلفة، وكأنه نبه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع ونحوه من ذوات السموم كالحية والزنبور، وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض كابن عرس، وبالغراب والحدأ على ما يشاركهما بالاختطاف كالصقر، وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر كالأسد والفهد‏.‏

وقال‏:‏ من علل بتحريم الأكل وجواز القتل إنما اقتصر على الخمس لكثرة ملابستها للناس بحيث يعم أذاها، والتخصيص بالغلبة لا مفهوم له‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ نقل الرافعي عن الإمام أن هذه الفواسق لا ملك فيها لأحد ولا اختصاص، ولا يجب ردها على صاحبها، ولم يذكر مثل ذلك في غير الخمس مما يلتحق بها في المعنى، فليتأمل‏.‏

واستدل به على جواز قتل من لجأ إلى الحرم ممن وجب عليه القتل لأن إباحة قتل هذه الأشياء معلل بالفسق والقاتل فاسق فيقتل بل هو أولى، لأن فسق المذكورات طبيعي، والمكلفة إذا ارتكب الفسق هاتك لحرمة نفسه فهو أولى بإقامة مقتضى الفسق عليه‏.‏

وأشار ابن دقيق العيد إلى أنه بحث قابل للنزاع، وسيأتي بسط القول فيه في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوهَا فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثني إبراهيم‏)‏ هو ابن يزيد النخعي، والأسود هو النخعي خاله، وعبد الله هو ابن مسعود‏.‏

وقد اختلف على الأعمش في إسناد هل الحديث كما سيأتي بيانه في بدء الخلق‏.‏

قوله ‏(‏في غار بمنى‏)‏ وقع عند الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن حفص بن غياث أن ذلك كان ليلة عرفة، وبذلك يتم الاحتجاج به على مقصود الباب من جواز قتل الحية للمحرم، كما يدل قوله ‏"‏ بمنى ‏"‏ على أن ذلك كان في الحرم، وعرف بذلك الرد على من قال ليس في حديث عبد الله ما يدل على أنه أمر بقتل الحية في حال الإحرام، لاحتمال أن يكون ذلك بعد طواف الإفاضة، وقد رواه مسلم وابن خزيمة واللفظ له عن أبي كريب عن حفص بن غياث مختصرا ولفظه ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر محرما بقتل حية في الحرم بمنى ‏"‏ ووقع في رواية أبي الوقت عقب حديث الباب‏:‏ قال أبو عبد الله وهو المصنف‏:‏ إنما أردنا بهذا أن منى من الحرم، وأنهم لم يروا بقتل الحية - يعني فيه - بأسا ووقع هذا الكلام عند أبي ذر في آخر الباب، ومحله عقب حديث ابن مسعود‏.‏

قوله ‏(‏رطبة‏)‏ أي لم يجف ريقه بها‏.‏

قوله ‏(‏كما وقيتم شرها‏)‏ بالنصب لأنه مفعول ثان، وكذلك قوله ‏"‏ وقيت شركم ‏"‏ أي أن الله سلمها منكم كما سلمكم منها، وهو من مجاز المقابلة‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ أجمع من يحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم قتل الحية، وتعقب بما تقدم عن الحكم وحماد وبما عند المالكية من استثناء ما صغر منها بحيث لا يتمكن من الأذى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَزَغِ فُوَيْسِقٌ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ إِنَّمَا أَرَدْنَا بِهَذَا أَنَّ مِنًى مِنْ الْحَرَمِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بِقَتْلِ الْحَيَّةِ بَأْسًا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي أويس‏.‏

قوله ‏(‏قال للوزغ فويسق‏)‏ اللام بمعنى عن، والمعنى أنه سماه فويسقا، وهو تصغير تحقير مبالغة في الذم‏.‏

قوله ‏(‏ولم أسمعه أمر بقتله‏)‏ هو مقول عن عائشة والضمير للنبي صلى الله عليه وسلم، وقضية تسميته إياه فويسقا أن يكون قتله مباحا، وكونها لم تسمعه لا يدل على منع ذلك فقد سمعه غيرها كما سيأتي في بدء الخلق عن سعد بن أبي وقاص وغيره، ونقل ابن عبد البر الاتفاق على جواز قتله في الحل والحرم، لكن نقل ابن عبد الحكم وغيره عن مالك‏:‏ لا يقتل المحرم الوزغ، زاد ابن القاسم‏:‏ وإن قتله يتصدق لأنه ليس من الخمس المأمور بقتلها‏.‏

وروى ابن أبي شيبة أن عطاء سئل عن قتل الوزغ في الحرم فقال‏:‏ إذا آذاك فلا بأس بقتله‏.‏

وهذا يفهم توقف قتله على أذاه‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (أَبْوَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ )6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: