foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 1:10 pm

3* باب لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا وصية لوارث‏)‏ هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع كأنه لم يثبت على شرط البخاري فترجم به كعادته واستغنى بما يعطي حكمه‏.‏

وقد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث أبي أمامة ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته في حجة الوداع‏:‏ إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ‏"‏ وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وقد قوى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة منهم أحمد والبخاري‏.‏

وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة، وصرح في روايته بالتحديث عند الترمذي وقال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏.‏

وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي، وعن أنس عند ابن ماجة، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الدار قطني وعن جابر عند الدار قطني أيضا وفال‏:‏ الصواب إرساله، وعن علي عند ابن أبي شيبة، ولا يخلو إسناد كل منها عن مقال، لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلا، بل جنح الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏ إلى أن هذا المتن متواتر فقال‏:‏ وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح ‏"‏ لا وصية لوارث ‏"‏ ويؤثرون عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم، فكان نقل كافة عن كافة، فهو أقوى من نقل واحد‏.‏

وقد نازع الفخر الرازي في كون هذا الحديث متواترا وعلى تقدير تسليم ذلك فالمشهور من مذهب الشافعي أن القرآن لا ينسخ بالسنة لكن الحجة في هذا الإجماع على مقتضاه كما صرح به الشافعي وغيره، والمراد بعدم صحة وصية الوارث عدم اللزوم، لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة كما سيأتي بيانه، وروى الدار قطني من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ‏"‏ لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ‏"‏ كما سيأتي بيانه، ورجاله ثقات، إلا أنه معلول‏:‏ فقد قيل إن عطاء هو الخراساني والله أعلم‏.‏

وكأن البخاري أشار إلى ذلك فترجم بالحديث‏.‏

وأخرج من طريق عطاء وهو ابن أبي رباح عن ابن عباس حديث الباب وهو موقوف لفظا، إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع بهذا التقدير، ووجه دلالته للترجمة من جهة أن نسخ الوصية للوالدين وإثبات الميراث لهما بدلا منها يشعر بأنه لا يجمع لهما بين الميراث والوصية، وإذا كان كذلك كان من دونهما أولى بأن لا يجمع ذلك له، وقد أخرجه ابن جرير من طريق مجاهد بن جبر عن ابن عباس بلفظ ‏"‏ وكانت الوصية للوالدين والأقربين إلخ ‏"‏ فظهرت المناسبة بهذه الزيادة؛ وقد وافق محمد بن يوسف - وهو الفريابي في روايته إياه عن ورقاء - عيسى بن ميمون كما أخرجه ابن جرير، وخالف ورقاء شبل عن ابن أبي نجيح فجعل مجاهدا موضع عطاء أخرجه ابن جرير أيضا، ويحتمل أنه كان عند ابن أبي نجيح على الوجهين والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏وجعل للمرأة الثمن والربع‏)‏ أي في حالين وكذلك للزوج، قال جمهور العلماء‏:‏ كانت هذه الوصية في أول الإسلام واجبة لوالدي الميت وأقربائه على ما يراه من المساواة والتفضيل، ثم نسخ ذلك بآية الفرائض، وقيل كانت للوالدين والأقربين دون الأولاد فإنهم كانوا يرثون ما يبقى بعد الوصية، وأغرب ابن شريح فقال كانوا مكلفين بالوصية للوالدين والأقربين بمقدار الفريضة التي في علما الله قبل أن ينزلها؛ واشتد إنكار إمام الحرمين عليه في ذلك‏.‏

وقيل إن الآية مخصوصة لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وراثا، وكانت الوصية واجبة لجميعهم فخص منها من ليس بوارث بآية الفرائض وبقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا وصية لوارث ‏"‏ وبقي حق من لا يرث من الأقربين من الوصية على حاله قاله طاوس وغيره، وقد تقدمت الإشارة إليه قبل‏.‏

واختلف في تعيين ناسخ آية ‏(‏الوصية للوالدين والأقربين‏)‏ فقيل آية الفرائض وقيل الحديث المذكور، وقيل دل الإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله‏.‏

واستدل بحديث ‏"‏ لا وصية لوارث ‏"‏ بأنه لا تصح الوصية للوارث أصلا كما تقدم، وعلى تقدير نفاذها من الثلث لا تصح الوصية له ولا لغيره بما زاد على الثلث ولو أجازت الورثة، وبه قال المزني وداود، وقواه السبكي واحتج له بحديث عمران بن حصين في الذي أعتق ستة أعبد فإن فيه عند مسلم ‏"‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قولا شديدا ‏"‏ وفسر القول الشديد في رواية أخرى بأنه قال‏:‏ ‏"‏ لو علمت ذلك ما صليت عليه ‏"‏ ولم ينقل أنه راجع الورثة فدل على منعه مطلقا، وبقوله في حديث سعد بن أبي وقاص‏:‏ ‏"‏ وكان بعد ذلك الثلث جائزا ‏"‏ فإن مفهومه أن الزائد على الثلث ليس بجائز، وبأنه صلى الله عليه وسلم منع سعدا من الوصية بالشطر ولم يستثن صورة الإجازة واحتج من أجازه بالزيادة المتقدمة وهي قوله‏:‏ ‏"‏ إلا أن يشاء الورثة ‏"‏ فإن صحت هذه الزيادة فهي حجة واضحة‏.‏

واحتجوا من جهة المعنى بأن المنع إنما كان في الأصل لحق الورثة، فإذا أجازوه لم يمتنع واختلفوا بعد ذلك في وقت الإجازة فالجمهور على أنهم إن أجازوا في حياة الموصي كان لهم الرجوع متى شاءوا، وإن أجازوا بعده نفذ، وفصل المالكية في الحياة بين مرض الموت وغيره فألحقوا مرض الموت بما بعده، واستثنى بعضهم ما إذا كان المجيز في عائلة الموصي وخشي من امتناعه انقطاع معروفه عنه لو عاش فإن لمثل هذا الرجوع‏.‏

وقال الزهري وربيعة ليس لهم الرجوع مطلقا واتفقوا على اعتبار كون الموصي له وارثا بيوم الموت حتى لو أوصى لأخيه الوارث حيث لا يكون له ابن يحجب الأخ المذكور فولد له ابن قبل موته يحجب الأخ فالوصية للأخ المذكور صحيحة، ولو أوصى لأخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فهي وصية لوارث، واستدل به على منع وصية من لا وارث له سوى بيت المال لأنه ينتقل إرثا للمسلمين، والوصية للوارث باطلة، وهو وجه ضعيف جدا حكاه القاضي حسين، ويلزم قائله أن لا يجيز الوصية للذمي أو يقيد ما أطلق، والله أعلم‏.‏

*3* باب الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصدقة عند الموت‏)‏ أي جوازها، وإن كانت في حال الصحة أفضل‏.‏

أورد فيه حديث أبي هريرة قال‏:‏ ‏"‏ قال رجل‏:‏ يا رسول الله أي الصدقة أفضل‏؟‏ قال أن تصدق وأنت صحيح ‏"‏ الحديث، وقد تقدم في كتاب الزكاة من وجه آخر، وبينت هناك اختلاف ألفاظه‏.‏

ووقع التصريح بالتحديث هناك في جميع إسناده بدل العنعنة هنا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن تصدق‏)‏ بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين، وأصله أن تتصدق‏.‏

وبالتشديد على إدغامها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا تمهل‏)‏ بالإسكان على أنه نهي، وبالرفع على أنه نفي، ويجوز النصب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان‏)‏ الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ فلان الأول والثاني الموصى له وفلان الأخير الوارث لأنه إن شاء أبطله وإن شاء أجازه‏.‏

وقال غيره‏:‏ يحتمل أن يكون المراد بالجميع من يوصى له وإنما أدخل ‏"‏ كان ‏"‏ في الثالث إشارة إلى تقدير القدر له بذلك‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون الأول الوارث والثاني المورث والثالث الموصى له‏.‏

قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون بعضها وصية وبعضها إقرارا، وقد وقع في رواية ابن المبارك عن سفيان عند الإسماعيلي ‏"‏ قلت اصنعوا لفلان كذا وتصدقوا بكذا ‏"‏ ووقع في حديث بسر بن جحاش وهو يضم الموحدة وسكون المهملة وأبوه بكسر الجيم وتخفيف المهملة وآخره شين معجمة عند أحمد وابن ماجة وصححه واللفظ لابن ماجة ‏"‏ بزق النبي صلى الله عليه وسلم في كفه ثم وضع إصبعه السبابة وقال‏.‏

يقول الله أني يعجزني ابن آدم، وقد خلقتك من قبل من مثل هذه، فإذا بلغت نفسك إلى هذه - وأشار إلى حلقه - قلت أتصدق، وأني أوان الصدقة ‏"‏ وزاد في رواية أبي اليمان ‏"‏ حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت لفلان كذا وتصدقوا بكذا ‏"‏ وفي الحديث أن تنجيز وفاء الدين والتصدق في الحياة وفي الصحة أفضل منه بعد الموت وفي المرض، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله‏:‏ ‏"‏ وأنت صحيح حريص تأمل الغنى إلخ ‏"‏ لأنه في حال الصحة يصعب علبه إخراج المال غالبا لما يخوفه به الشيطان ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال كما قال تعالى ‏(‏الشيطان يعدكم الفقر‏)‏ الآية، وأيضا فإن الشيطان ربما زين له الحيف في الوصية أو الرجوع عن الوصية فيتمحض تفضيل الدقة الناجزة، قال بعض السلف عن بعض أهل الترف‏:‏ يعصون الله في أموالهم مرتين‏:‏ يبخلون بها وهي في أيديهم يعني في الحياة، ويسرفون فيها إذا خرجت عن أيديهم، يعني بعد الموت‏.‏

وأخرج الترمذي بإسناد حسن وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعا قال‏:‏ ‏"‏ مثل الذي يعتق ويتصدق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع‏"‏، وهو يرجع إلى معنى حديث الباب، وروى أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا ‏"‏ لأن يتصدق الرجل في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة‏"‏‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3 Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 24, 2010 1:11 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ حذف التشكيل

وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ

وَقَالَ الْحَسَنُ أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الْآخِرَةِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنْ الدَّيْنِ بَرِئَ وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ جَازَ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ جَازَ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل‏:‏ من بعد وصية يوصي بها أو دين‏)‏ أراد المصنف - والله أعلم - بهذه الترجمة الاحتجاج بما اختاره من جواز إقرار المريض بالدين مطلقا، سواء كان المقر له وارثا أو أجنبيا‏.‏

ووجه الدلالة أنه سبحانه وتعالى سوى بين الوصية والدين في تقديمهما على الميراث ولم يفصل، فخرجت الوصية للوارث بالدليل الذي تقدم، وبقي الإقرار بالدين على حاله، وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏من بعد وصية‏)‏ متعلق بما تقدم من المواريث كلها إلا بما يليه وحده، وكأنه قيل قسمة هذه الأشياء تقع من بعد وصية والوصية هنا المال الموصى به، وقوله‏:‏ ‏(‏يوصي بها‏)‏ هذه الصفة تقيد الموصوف، وفائدته أن يعلم أن للميت أن يوصي، قاله السهيلي، قال‏:‏ وأفاد تنكير الوصية أنها مندوبة، إذ لو كانت واجبة لقال من بعد الوصية، كذا قال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر أن شريحا وعمر بن عبد العزيز وطاوسا وعطاء وابن أذينة أجازوا إقرار المريض بدين‏)‏ كأنه لم يجزم بالنقل عنهم لضعف الإسناد إلى بعضهم، فأما أثر شريح فوصله ابن أبي شيبة عنه بلفظ ‏"‏ إذا أقر في مرض الموت لوارث بدين لم يجز إلا ببينة، وإذا أقر لغير وارث جاز ‏"‏ وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف، وأخرجه من طريق آخر أضعف من هذه، ولكن سيأتي له إسناد أصح من هذا بعد‏.‏

وأما عمر بن عبد العزيز فلم أقف على من وصله عنه، وأما طاوس فوصله ابن أبي شيبة أيضا عنه بلفظ ‏"‏ إذا أقر لوارث جاز ‏"‏ وفي الإسناد ليث بن أبي سليم وهو ضعيف‏.‏

وأما قول عطاء فوصله ابن أبي شيبة عنه بمثله ورجال إسناده ثقات، وأما ابن أذينة واسمه عبد الرحمن وكان قاضي البصرة وأبوه بالمهملة مصغر وهو تابعي ثقة مات سنة خمس وتسعين من الهجرة ووهم من ذكره في الصحابة وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة أيضا من طريق قتادة عنه ‏"‏ في الرجل يقر لوارث بدين قال‏:‏ يجوز ‏"‏ ورجال إسناده ثقات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏:‏ أحق ما تصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة‏)‏ هذا أثر صحيح رويناه بعلو في مسند الدارمي من طريق قتادة قال‏:‏ ‏"‏ قال ابن سيرين عن شريح‏:‏ لا يجوز إقرار لوارث، قال وقال الحسن‏:‏ أحق ما جاز عليه عند موته أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إبراهيم والحكم‏:‏ إذا أبرأ الوارث من الدين بريء‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن إبراهيم ‏"‏ في المريض إذا أبرأ الوارث برئ ‏"‏ وعن مطرف عن الحكم مثله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأوصى رافع بن خديج أن لا تكشف امرأته الفزارية عما أغلق عليه بابها‏)‏ في رواية المستملي والسرخسي ‏"‏ عن مال أغلق عليه بابها ‏"‏ ولم أقف على هذا الأثر موصولا بعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن إذا قال لمملوكه عند الموت‏:‏ كنت أعتقتك جاز‏)‏ لم أقف على من وصله وهو على طريقة الحسن في تنفيذ إقرار المريض مطلقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الشعبي‏:‏ إذا قالت المرأة عند موتها إن زوجي قضاني وقبضت منه جاز‏)‏ ، قال ابن التين‏:‏ وجهه أنها لا تتهم بالميل إلى زوجها في تلك الحال، ولا سيما إذا كان لها ولد من غيره‏.‏

قوله ‏(‏وقال بعض الناس لا يجوز إقراره‏)‏ أي المريض ‏(‏لسوء الظن به للورثة‏)‏ وفي رواية المستملي ‏"‏ بسوء الظن ‏"‏ بالموحدة بدل اللام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم استحسن فقال‏:‏ يجوز إقراره بالوديعة والبضاعة والمضاربة‏)‏ قالا ابن التين‏:‏ إن أراد هذا القائل ما إذا أقر بالمضاربة مثلا للوارث لزمه التناقض وإلا فلا، وفرق بعض الحنفية بألا ربح المال في المضاربة مشترك بين العامل والمالك فلم يكن كالدين المحض‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ أجمعوا على أن إقرار المريض لغير الوارث جائز، لكن إن كان عليه دين في الصحة فقد قالت طائفة منهم النخعي وأهل الكوفة‏:‏ يبدأ بدين الصحة ويتحاص أصحاب الإقرار في المرض، واختلفوا في إقرار المريض للوارث فأجازه مطلقا الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور، وهو المرجح عند الشافعية، وبه قال مالك إلا أنه استثنى ما إذا أقر لبنته ومعها من يشاركها من غير الولد كابن العم مثلا، قال‏:‏ لأنه يتهم في أن يزيد بنته وينقص ابن عمه من غير عكس، واستثني ما إذا أقر لزوجته التي يعرف بمحبتها والميل إليها وكان بينه وبين ولده من غيرها تباعد ولا سيما إن كان له منها في تلك الحالة ولد، وحاصل المنقول عن المالكية مدار الأمر على التهمة وعدمها فإن فقدت جاز وإلا فلا؛ وهو اختيار الروياني من الشافعية‏.‏

وعن شريح والحسن بن صالح لا يجوز إقراره لوارث إلا لزوجته بصداقها، وعن القاسم وسالم والثوري والشافعي في قول زعم ابن المنذر أن الشافعي رجع عن الأول إليه، وبه قال أحمد لا يجوز إقرار المريض لوارثه مطلقا لأنه منع الوصية له فلا يأمن أن يزيد الوصية له فيجعلها إقرارا، واحتج من أجاز مطلقا بما تقدم عن الحسن أن التهمة في حق المحتضر بعيدة، وبالفرق بين الوصية والدين لأنهم اتفقوا على أنه لو أوصى في صحته لوارثه بوصية وأقر له بدين ثم رجع أن رجوعه عن الإقرار لا يصح، خلاف الوصية فيصح رجوعه عنها، واتفقوا على أن المريض إذا أقر بوارث صح إقراره مع أنه يتضمن الإقرار له بالمال، وبأن مدار الأحكام على الظاهر فلا يترك إقراره للظن المحتمل، فإن أمره فيه إلى الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث‏)‏ هو طرف من حديث وصله المصنف في الأدب من وجهين عن أبي هريرة، وقصد بذكره هنا الرد على من أساء الظن بالمريض فمنع تصرفه ومعني قوله‏:‏ ‏"‏ أكذب الحديث ‏"‏ أي أكذب في الحديث من غيره لأن الصدق والكذب يوصف بهما القول لا الظن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يحل مال المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ آية المنافق إذا ائتمن خان‏)‏ هو طرف من حديث تقدم شرحه في كتاب الإيمان، ووجهه تعلقه بالرد على من منع إجازة إقرار المريض من جهة أنه دال على ذم الخيانة، فلو ترك ذكر ما عليه من الحق وكتمه لكان خائنا للمستحق فلزم من وجوب ترك الخيانة وجوب الإقرار لأنه إذا كتم صار خائنا، ومن لم يعتبر إقراره كان حمله على الكتمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الله تعالى‏:‏ ‏(‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏)‏ فلم يخصن وارثا ولا غيره‏)‏ أي لم يفرق بين الوارث وغيره في الأمر بأداء الأمانة، فيصح الإقرار سواء كان لوارث أو غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيه عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يعني حديث آية المنافق الذي علقه مختصرا، وقد تقدم موصولا بتمامه في كتاب الإيمان ولفظه ‏"‏ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا‏.‏

وفيه وإذا ائتمن خان ‏"‏ وحديث أبي هريرة الذي أورده في هذا الباب بلفظ ‏"‏ آية المنافق ثلاث ‏"‏ تقدم هناك أيضا بإسناده ومتنه، وتقدم شرحه أيضا والله المستعان‏"‏‏.‏

*3* باب تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ حذف التشكيل

وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب تأويل قوله تعالى‏:‏ ‏(‏من بعد وصية يوصي بها أو دين‏)‏ أي بيان المراد بتقديم الوصية في الذكر على الدين مع أن الدين هو المقدم في الأداء‏.‏

وبهذا يظهر السر في تكرار هذه الترجمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية‏)‏ هذا طرف من حديث أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من طريق الحارث وهو الأعور عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ ‏"‏ قضى محمد صلى الله عليه وسلم أن الدين قبل الوصية، وأنتم تقرءون الوصية قبل الدين ‏"‏ لفظ أحمد وهو إسناد ضعيف، لكن قال الترمذي‏:‏ إن العمل عليه عند أهل العلم، وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به، وقد أورد في الباب ما يعضده أيضا، ولم يختلف العلماء في أن الدين يقدم على الوصية إلا في صورة واحدة وهي ما لو أوصى الشخص بألف مثلا وصدقه الوارث وحكم به ثم ادعى آخر أن له في ذمة الميت دينا يستغرق موجوده وصدقه الوارث ففي وجه للشافعية تقدم الوصية على الدين في هذه الصورة الخاصة، ثم قد نازع بعضهم في إطلاق كون الوصية مقدمة على الدين في الآية لأنه ليس فيها صيغة ترتيب بل المراد أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين ونفاذ الوصية، وأتى بأو للإباحة وهي كقولك جالس زيدا أو عمرا، أي لك مجالسة كل منهما اجتمعا أو افترقا، وإنما قدمت لمعنى اقتضى الاهتمام لتقديمها واختلف في تعيين ذلك المعنى، وحاصل ما ذكره أهل العلم من مقتضيات التقديم ستة أمور‏:‏ أحدها الخفة والثقل كربيعة ومضر، فمضر أشرف من ربيعة لكن لفظ ربيعة لما كان أخف قدم في الذكر، وهذا يرجع إلى اللفظ‏.‏

ثانيها بحسب الزمان كعاد وثمود‏.‏

ثالثها بحسب الطبع كثلاث ورباع‏.‏

رابعها بحسب الرتبة كالصلاة والزكاة لأن الصلاة حق البدن والزكاة حق المال والبدن مقدم على المال، خامسها تقديم السبب على المسبب كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏عزيز حكيم‏)‏ قال بعض السلف عز فلما عز حكم‏.‏

سادسها بالشرف والفضل كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏من النبيين والصديقين‏)‏ ‏.‏

وإذا تقرر ذلك فقد ذكر السهيلي أن تقديم الوصية في الذكر على الدين لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدين فإنه إنما يقع غالبا بعد الميت بنوع تفريط فوقعت البداءة بالوصية لكونها أفضل‏.‏

وقال غيره‏:‏ قدمت الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض والدين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشق على الوارث من إخراج الدين، وكان أداؤها مظنة التفريط، بخلاف الدين فإن الوارث مطمئن بإخراجه فقدمت الوصية لذلك‏.‏

وأيضا فهي حظ فقير ومسكين غالبا، والدين حظ غريم يطلبه بقوة وله مقال، كما صح أن لصاحب الدين مقالا، وأيضا فالوصية ينشئها الموصي من قبل نفسه فقدمت تحريضا على العمل بها بخلاف الدين فإنه ثابت بنفسه مطلوب أداؤه سواء ذكر أو لم يذكر‏.‏

وأيضا فالوصية ممكنة من كل أحد ولا سيما عند من يقول بوجوبها فإنه يقول بلزومها لكل أحد فيشترك فيها جميع المخاطبين لأنها تقع بالمال وتقع بالعهد كما تقدم وقل من يخلو عن شيء من ذلك، بخلاف الدين فإنه يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، وما يكثر وقوعه مقدم على ما يقل وقوعه‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ تقديم الوصية على الدين في اللفظ لا يقتضي تقديمها في المعنى لأنهما معا قد ذكرا في سياق البعدية، لكن الميراث يلي الوصية في البعدية ولا يلي الدين بل هو بعد بعده فيلزم أن الدين يقدم في الأداء ثم الوصية ثم الميراث، فيتحقق حينئذ أن الوصية تقع بعد الدين حال الأداء باعتبار القبلية، فتقديم الدين على الوصية في اللفظ وباعتبار البعدية فتقدم الوصية على الدين في المعنى والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ لا يوصي العبد إلا بإذن أهله‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق شبيب بن عرقدة عن جندب قال‏:‏ ‏"‏ سأل طهمان ابن عباس‏:‏ أيوصي العبد‏؟‏ قال‏:‏ لا إلا بإذن أهله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال النبي صلى الله عليه وسلم العبد راع في مال سيده‏)‏ هو طرف من حديث تقدم ذكره موصولا في ‏"‏ باب كراهية التطاول على الرقيق ‏"‏ من كتاب العتق من حديث نافع عن ابن عمر، وأراد البخاري بذلك توجيه كلام ابن عباس المذكور، قال ابن المنير‏:‏ لما تعارض في مال العبد حقه وحق سيده قدم الأقوى وهو حق السيد، وجعل العبد مسئولا عنه، وهو أحد الحفظة فيه، فكذلك حق الدين لما عارضه حق الوصية - والدين واجب والوصية تطوع - وجب تقديم الدين، فهذا وجه مناسبة هذا الأثر والحديث للترجمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ لِي يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ

الشرح‏:‏

حديث حكيم بن حزام ‏"‏ إن هذا المال خضر حلو ‏"‏ الحديث، وقد تقدم مشروحا في كتاب الزكاة، قال ابن المنير‏:‏ وجه دخوله في هدا الباب من جهة أنه صلى الله عليه وسلم زهده في قبول العطية، وجعل يد الآخذ سفلى تنقيرا عن قبولها، ولم يقع مثل ذلك في تقاضي الدين، فالحاصل أن قابض الوصية يده سفلى وقابض الدين مستوف لحقه، إما أن تكون يده عليا بما تفضل به من القرض، وإما أن لا تكون يده سفلى فيتحقق بذلك تقديم الدين على الوصية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ

الشرح‏:‏

حديث ‏"‏ كلكم راع ومسئول عن رعيته ‏"‏ من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وقد تقدم من وجه آخر في العتق، ويأتي الكلام عليه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد خالف الطحاوي في هذه المسألة أصحابه فذكر اختلاف العلماء نحو ما سبق، ثم ذكر أن الصحيح ما ذهب إليه الجماعة، وصرح بتزييف ما تقدم عن أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد في هذه المسألة‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في شرح مغلطاي أن البخاري قال هنا‏:‏ ‏"‏ وقال إسماعيل بن جعفر أخبرني عبد العزيز عن إسحاق عن أنس في قصة بيرحاء ‏"‏ ونقلت عن أبي العباس الطرقي أن البخاري وصله عن الحسن بن شوكر عن إسماعيل‏.‏

وقال شيخنا ابن الملقن‏:‏ إن هذا وهم، وإنما ذكره البخاري في ‏"‏ باب من تصدق إلى وكيله ‏"‏ كما سيأتي‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْوَصَايَا )6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: