3* باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسَاكِينِ حذف التشكيل
وَإِيثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالْأَرَامِلَ حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنْ السَّبْيِ فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ
الشرح:
قوله: (باب الدليل على أن الخمس) أي خمس الغنيمة (لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين) النوائب جمع نائبة وهو ما ينوب الإنسان من الأمر الحادث (وإيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل حين سألته فاطمة وشكت إليه الطحن) في رواية الكشميهني " والطحين " (والرحى أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله تعالى)
الحديث:
حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَبْيٍ فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ
الشرح:
حديث علي " أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن، فبلغها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسبي، فأتته تسأله خادما " فذكر الحديث وفيه " ألا أدلكما على خير مما سألتما " فذكر الذكر عند النوم، وسيأتي شرحه في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى، وليس فيه ذكر أهل الصفة ولا الأرامل، وكأنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، وهو ما أخرجه أحمد من وجه آخر عن علي في هذه القصة مطولا وفيه " والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم " وفي حديث الفضل بن الحسن الضمري عن ضباعة أو أم الحكم بنت الزبير قالت " أصاب النبي صلى الله عليه وسلم سبيا، فذهبت أنا وأختي فاطمة نسأله، فقال سبقكما يتامى بدر " الحديث أخرجه أبو داود، وتقدم من حديث ابن عمر في الهبة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن ترسل الستر إلى أهل بيت بهم حاجة " قال إسماعيل القاضي: هذا الحديث يدل على أن للإمام أن يقسم الخمس حيث يرى، لأن الأربعة الأخماس استحقاق للغانمين، والذي يختص بالإمام هو الخمس، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وأعز الناس عليه من أقربيه وصرفه إلى غيرهم.
وقال نحوه الطبري: لو كان سهم ذوي القربى قسما مفروضا لأخدم ابنته ولم يكن ليدع شيئا اختاره الله لها وامتن به على ذوي القربى، وكذا قال الطحاوي وزاد: وأن أبا بكر وعمر أخذا بذلك وقسما جميع الخمس ولم يجعلا لذوي القربى منه حقا مخصوصا به بل بحسب ما يرى الإمام، وكذلك فعل علي قلت: في الاستدلال بحديث علي هذا نظر، لأنه يحتمل أن يكون ذلك من الفيء، وأما خمس الخمس من الغنيمة فقد روى أبو داود من طريق عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن علي قال " قلت يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس " الحديث، وله من وجه آخر عنه " ولأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياته " الحديث، فيحتمل أن تكون قصة فاطمة وقعت قبل فرض الخمس والله أعلم وهو بعيد، لأن قوله تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) الآية نزلت في غزوة بدر، وقد مضي قريبا أن الصحابة أخرجوا الخمس من أول غنيمة غنموها من المشركين فيحتمل أن حصة خمس الخمس - وهو حق ذوي القربى من الفيء المذكور - لم يبلغ قدر الرأس الذي طلبته فاطمة فكان حقها من ذلك يسيرا جدا، يلزم منه أن لو أعطاها الرأس أثر في حق بقية المستحقين ممن ذكر وقال المهلب: في هذا الحديث أن للإمام أن يؤثر بعض مستحقي الخمس على بعض، ويعطي الأوكد فالأوكد ويستفاد من الحديث حمل الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من التقلل والزهد في الدنيا والقنوع بما أعد الله لأوليائه الصابرين في الآخرة قلت: وهذا كله بناء على ما يقتضيه ظاهر الترجمة، وأما مع الاحتمال الذي ذكرته أخيرا فلا يمكن أن يؤخذ من ذكر الإيثار عدم وقوع الاشتراك في الشيء، ففي ترك القسمة وإعطاء أحد المستحقين دون الآخر إيثار الآخذ على الممنوع، فلا يلزم منه نفي الاستحقاق وسيأتي مزيد في هذه المسألة بعد ثمانية أبواب
*3* باب قَوْلِ اللَّه تَعَالَى فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ حذف التشكيل
يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ وَاللَّهُ يُعْطِي
الشرح:
قوله: (باب قوله تعالى (فأن لله خمسه وللرسول) يعني وللرسول قسم ذلك) هذا اختيار منه لأحد الأقوال في تفسير هذه الآية، والأكثر على أن اللام في قوله " الرسول " للملك، وأن للرسول خمس الخمس من الغنيمة سواء حضر القتال أو لم يحضر، وهل كان يملكه أو لا؟ وجهان للشافعية، ومال البخاري إلى الثاني واستدل له قال إسماعيل القاضي: لا حجة لمن ادعى أن الخمس يملكه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) لأنه تعالى قال (يسألونك عن الأنفال، قل الأنفال لله والرسول) واتفقوا على أنه قبل فرض الخمس كان يعطي الغنيمة للغانمين بحسب ما يؤدي إليه اجتهاده، فلما فرض الخمس تبين للغانمين أربعة أخماس الغنيمة لا يشاركهم فيها أحد، وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم بنسبة الخمس إليه إشارة إلى أنه ليس للغانمين فيه حق بل هو مفوض إلى رأيه، وكذلك إلى الإمام بعده، وقد تقدم نقل الخلاف فيه في الباب الأول وأجمعوا على أن اللام في قوله تعالى (لله) للتبرك إلا ما جاء عن أبي العالية فإنه قال: تقسم الغنيمة خمسة أسهم ثم السهم الأول يقسم قسمين قسم لله وهو للفقراء وقسم الرسول له، وأما من بعده فيضعه الإمام حيث يراه قوله: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا قاسم وخازن، والله يعطي) لم يقع هذا اللفظ في سياق واحد، وإنما هو مأخوذ من حديثين: أما حديث " إنما أنا قاسم " فهو طرف من حديث أبي هريرة المذكور في الباب، وتقدم في العلم من حديث معاوية بلفظ " وإنما أنا قاسم والله يعطي " في أثناء حديث وأما حديث " إنما أنا خازن والله يعطي " فهو طرف من حديث معاوية المذكور، ويأتي موصولا في الاعتصام بهذا اللفظ ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَقَتَادَةَ سَمِعُوا سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنْ الْأَنْصَارِ غُلَامٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا قَالَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ إِنَّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ حَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِي فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا قَالَ سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي فَإِنِّي إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ وَقَالَ حُصَيْنٌ بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا عَنْ جَابِرٍ أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْقَاسِمَ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي
الشرح:
قوله: (عن سليمان) هو الأعمش، وبين البخاري الاختلاف على شعبة: هل أراد الأنصاري أن يسمي ابنه محمدا أو القاسم، وأشار إلى ترجح أنه أراد أن يسميه القاسم برواية سفيان - وهو الثوري - له عن الأعمش فسماه القاسم، ويترجح أنه أيضا من حيث المعنى لأنه لم يقع الإنكار من الأنصار عليه إلا حيث لزم من تسمية ولده القاسم أن يصير يكنى أبا القاسم، وسيأتي البحث في هذه المسألة في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى قوله: (قال شعبة في حديث منصور إن الأنصاري قال: حملته على عنقي) هذا يقتضي أن يكون الحديث من رواية جابر عن الأنصاري، بخلاف رواية غيره فإنها من مسند جابر قوله: (وقال حصين بعثت قاسما أقسم بينكم) هو من رواية شعبة عن حصين أيضا كما سيأتي في الأدب قوله: (وقال عمرو) هو ابن مرزوق وهو من شيوخ البخاري، وطريقه هذه وصلها أبو نعيم في " المستخرج " وكأن شعبة كان تارة يحدث به عن بعض مشايخه دون بعض وتارة يجمعهم ويفصل ألفاظهم، وقوله "لا تكنوا " وقع في رواية الكشميهني " ولا تكنوا " بفتح الكاف وتشديد النون.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَتْ الْأَنْصَارُ سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ
الشرح:
قوله في رواية سفيان عن الأعمش " لا نكنيك ولا ننعمك عينا " وقع في رواية الكشميهني بالجزم فيهما في الموضعين، ومعنى قوله " لا ننعمك عينا " لا نكرمك ولا تقر عينك بذلك، وسيأتي في الأدب من الزيادة من وجه آخر عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأنصاري: سم ابنك عبد الرحمن"
الحديث:
حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ
الشرح:
حديث معاوية، وهو يشتمل على ثلاثة أحكام " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وقد تقدم شرح صدره في كتاب العلم، ويأتي شرح الأخير منه في الاعتصام، والغرض منه قوله " والله المعطي وأنا القاسم " وهذا مطابق لأحاديث الباب
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلَالٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ
الشرح:
قوله: (ما أعطيكم ولا أمنعكم) في رواية أحمد عن شريح بن النعمان عن فليح في أوله " والله المعطي " والمعنى لا أتصرف فيكم بعطية ولا منع برأيي، وقوله "إنما أنا القاسم أضع حيث أمرت " أي لا أعطي أحدا ولا أمنع أحدا إلا بأمر الله، وقد أخرجه أبو داود من طريق همام عن أبي هريرة بلفظ " إن أنا إلا خازن"
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَاسْمُهُ نُعْمَانُ عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الشرح:
قوله: (حدثنا عبد الله بن يزيد) هو أبو عبد الرحمن المقري قوله: (حدثنا سعيد) زاد المستملي " ابن أبي أيوب " وأبو الأسود هو النوفلي الذي يقال له يتيم عروة، والنعمان بن أبي عياش بالتحتانية والمعجمة أنصاري، وهو زرقي، وبذلك وصفه الدورقي، واسم أبي عياش عبيد، وقيل زيد بن معاوية بن الصامت قوله: (عن خولة الأنصارية) في رواية الإسماعيلي بنت ثامر الأنصارية، وزاد في أوله " الدنيا خضرة حلوة، وإن رجالا " وأخرجه الترمذي من طريق سعيد المقبري عن أبي الوليد سمعت خولة بنت قيس وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار " قال الترمذي: حسن صحيح، وأبو الوليد اسمه عبيد قلت: فرق غير واحد بين خولة بنت ثامر وبين خولة بنت قيس، وقيل إن قيس بن قهد بالقاف لقبه ثامر وبذلك جزم علي بن المديني، فعلى هذا فهي واحدة، وقوله "خضرة " أنت على تأويل الغنيمة بدليل قوله " من مال الله " ويحتمل ما هو أعم من ذلك وقوله " خضرة " أي مشتهاة، والنفوس تميل إلى ذلك وقوله " من مال الله " مظهر أقيم مقام المضمر إشعارا بأنه لا ينبغي التخوض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي، وقوله "ليس له يوم القيامة إلا النار " حكم مرتب على الوصف المناسب وهو الخوض في مال الله، ففيه إشعار بالغلبة قوله: (يتخوضون) بالمعجمتين (في مال الله بغير حق) أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل، وهو أعم من أن يكون بالقسمة وبغيرها، وبذلك تناسب الترجمة (تنبيه) : قال الكرماني مناسبة حديث خولة للترجمة خفية، ويمكن أن تؤخذ من قوله " يتخوضون في مال الله بغير حق " أي بغير قسمة حق، واللفظ وإن كان عاما لكن خصصناه بالقسمة لتفهم منه الترجمة قلت: ولا تحتاج إلى قيد الاعتذار لأن قوله " بغير " يدخل في عمومه الصورة المذكورة فيصح الاحتجاج به على شرطية القسمة في أموال الفيء والغنيمة بحكم العدل واتباع ما ورد في الكتاب والسنة، وكأن المصنف أراد بإيراده تخويف من يخالف ذلك ويستفاد من هذه الأحاديث أن بين الاسم والمسمى به مناسبة، لكن لا يلزم إطراد ذلك، وأن من أخذ من الغنائم شيئا بغير قسم الإمام كان عاصيا وفيه ردع الولاة أن يأخذوا من المال شيئا بغير حقه أو يمنعوه من أهله