foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 10:08 am

*3* باب قِسْمَةِ الْإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب قسمة الإمام ما يقدم عليه‏)‏ أي من جهة أهل الحرب‏.‏

قوله ‏(‏ويخبأ لمن لم يحضره‏)‏ أي في مجلس القسمة، أو غاب عنه أي في غير بلد القسمة‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ فيه رد لما اشتهر بين الناس أن الهدية لمن حضر‏.‏

قلت‏:‏ قد سبق الكلام في الهبة على شيء من ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَامَ عَلَى الْبَاب فَقَالَ ادْعُهُ لِي فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ فَقَالَ يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شِدَّةٌ وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن عبد الله بن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا هو المعتمد أنه من هذا الوجه مرسل، ووقع في رواية الأصيلي عن ابن أبي مليكة عن المسور، وهو وهم، ويدل عليه أن المصنف قال في آخره ‏"‏ رواه ابن علية عن أيوب ‏"‏ أي مثل الرواية الأولى، قال وقال حاتم بن وردان عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن المسور، وتابعه الليث عن ابن أبي مليكة ‏"‏ فاتفق اثنان عن أيوب على إرساله ووصله ثالث عن أيوب، ووافقه الآخر عن شيخهم، واعتمد البخاري الموصول لحفظ من وصله، ورواية إسماعيل بن علية تأتي موصولة في الأدب، ورواية حاتم بن وردان تقدمت موصولة في الشهادات، ورواية الليث تقدمت موصولة في الهبة وسيأتي شرح الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى، والغرض منه قوله ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أهديت له أقبية ‏"‏ وقوله فيه ‏"‏ خبأت لك هذا ‏"‏ وهو مطابق لما ترجم له، قال ابن بطال‏:‏ ما أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين فحلال له أخذه لأنه فيء، وله أن يهب منه ما شاء ويؤثر به من شاء كالفيء، وأما من بعده فلا يجوز له أن يختص به لأنه إنما أهدي إليه لكونه أميرهم، وقد مضى ما يتعلق بذلك في كتاب الهبة‏.‏

*3* باب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة والنضير وما أعطى من ذلك من نوائبه‏)‏ ذكر فيه حديث أنس ‏"‏ كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات حتى افتتح قريظة والنضير‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ

الشرح‏:‏

حديث أنس ‏"‏ كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات حتى افتتح قريظة والنضير ‏"‏ وهو مختصر من حديث سيأتي بتمامه مع بيان الكيفية المترجم بها في المغازي، وتقدم التنبيه عليه في أواخر الهبة‏.‏

ومحصل القصة أن أرض بني النضير كانت مما أفاء الله على رسوله وكانت له خالصة، لكنه آثر بها المهاجرين وأمرهم أن يعيدوا إلى الأنصار ما كانوا واسوهم به لما قدموا عليهم المدينة ولا شيء لهم، فاستغنى الفريقان جميعا بذلك، ثم فتحت قريظة لما نقضوا العهد فحوصروا فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وقسمها النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وأعطى من نصيبه في نوائبه - أي في نفقات أهله ومن يطرأ عليه - ويجعل الباقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله كما ثبت في الصحيحين من حديث مالك بن أوس عن عمر في بعض طرقه مختصرا‏.‏

*3* باب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلَاةِ الْأَمْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب بركة الغازي في ماله‏)‏ هو بالموحدة من البركة، وصحفها بعضهم فقال ‏"‏ تركه ‏"‏ بالمثناة، قال عياض‏:‏ وهي وإن كانت متجهة باعتبار أن في القصة ذكر ما خلفه الزبير، لكن قوله ‏"‏ حيا وميتا مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر ‏"‏ يدل على أن الصواب ما وقع عند الجمهور بالموحدة، وقصة الزبير ابن العوام في دينه وما جرى لابنه عبد الله في وفاته من الأحاديث المذكورة في غير مظنها، والذي يدخل في المرفوع منه قول ابن الزبير ‏"‏ وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئا، إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وهذا القدر هو المطابق للترجمة، وما عدا ذلك كله موقوف‏.‏

وقد ذكروه في مسند الزبير، والأولى أن يذكر في مسند عبد الله بن الزبير، إلا أن يحمل على أنه تلقى ذلك عن أبيه، ومع ذلك فلا بد من ذكره في حديث عبد الله بن الزبير لأن أكثره موقوف عليه، وقد روى الترمذي من وجه آخر عن هشام بن عروة عن أبيه قال ‏"‏ أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله يوم الجمل وقال‏:‏ ما مني عضو إلا وقد خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وقوله ‏"‏قلت لأبي أسامة أحدثكم هشام بن عروة إلخ ‏"‏ لم يقل في آخره نعم، وهو ثابت في مسند إسحاق بن راهويه بهذا الإسناد، ولم أر هذا الحديث بتمامه إلا من طريق أبي أسامة، وقد ساقه أبو ذر الهروي في روايته من وجه آخر عنه عاليا فقال ‏"‏ حدثنا أبو إسحاق المستملي حدثنا محمد بن عبيد حدثنا جويرية بن محمد حدثنا أبو أسامة ‏"‏ ووقفت على قطع منه من رواية علي بن مسهر وغيرها سأبينها إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا بِالْكُوفَةِ وَدَارًا بِمِصْرَ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ قَالَ فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنْ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ فَقَالَ حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا قَالَ فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا قَالَ قَالَ فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا قَالَ فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ قَالَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ قَالَ كَمْ بَقِيَ قَالَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ

قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِيَ فَقَالَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ قَالَ قَدْ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ قَالَ فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَرَفَعَ الثُّلُثَ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏لما وقف الزبير يوم الجمل‏)‏ يريد الوقعة المشهورة التي كانت بين علي بن أبي طالب ومن معه وبين عائشة رضي الله عنها ومن معها ومن جملتهم الزبير، ونسبت الوقعة إلى الجمل لأن يعلى بن أمية الصحابي المشهور كان معهم فأركب عائشة على جمل عظيم اشتراه بمائة دينار - وقيل ثمانين وقيل أكثر من ذلك - فوقفت به في الصف، فلم يزل الذين معها يقاتلون حول الجمل حتى عقر الجمل فوقعت عليهم الهزيمة، هذا ملخص القصة، وسيأتي الإلمام بشيء من سببها في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏:‏ وكان ذلك في جمادى الأولى أو الآخرة سنة ست وثلاثين‏.‏

قوله ‏(‏لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ معناه ظالم عند خصمه مظلوم عند نفسه لأن كلا من الفريقين كان يتأول أنه على الصواب‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ معناه أنهم إما صحابي متأول فهو مظلوم وإما غير صحابي قاتل لأجل الدنيا فهو ظالم‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ إن قيل جميع الحروب كذلك فالجواب أنها أول حرب وقعت بين المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ ويحتمل أن تكون ‏"‏ أو ‏"‏ للشك من الراوي، وأن الزبير إنما قال أحد اللفظين، أو للتنويع والمعنى لا يقتل اليوم إلا ظالم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل للظالم منهم العقوبة، أو لا يقتل اليوم إلا مظلوم بمعنى أنه ظن أن الله يعجل له الشهادة، وظن على التقديرين أنه يقتل مظلوما إما لاعتقاده أنه كان مصيبا وإما لأنه كان سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع علي وهو قوله لما جاءه قاتل الزبير ‏"‏ بشر قاتل ابن صفية بالنار ‏"‏ ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح، ووقع عند الحاكم من طريق هشام بن علي عن هشام بن عروة في هذا الحديث مختصرا قال ‏"‏ والله لئن قتلت لأقتلن مظلوما، والله ما فعلت وما فعلت ‏"‏ يعني شيئا من المعاصي‏.‏

قوله ‏(‏وإني لا أراني‏)‏ بضم الهمزة من الظن، ويجوز فتحها بمعنى الاعتقاد، وظنه أنه سيقتل مظلوما قد تحقق لأنه قتل غدرا بعد أن ذكره علي فانصرف عن القتال فنام بمكان ففتك به رجل من بني تميم يسمى عمرو بن جرموز بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة وآخره زاي، فروى ابن أبي خيثمة في تاريخه من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ‏"‏ إنا لمع علي لما التقى الصفان فقال‏:‏ أين الزبير‏؟‏ فجاء الزبير، فجعلنا ننظر إلى يد علي يشير بها إذ ولى الزبير قبل أن يقع القتال ‏"‏ وروى الحاكم من طرق متعددة أن عليا ذكر الزبير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لتقاتلن عليا وأنت ظالم له، فرجع لذلك‏.‏

وروى يعقوب بن سفيان وخليفة في تاريخهما من طريق عمرو بن جاوان بالجيم قال‏:‏ فانطلق الزبير منصرفا فقتله عمرو بن جرموز بوادي السباع‏.‏

قوله ‏(‏وإن من أكبر همي لديني‏)‏ في رواية عثام ‏"‏ انظر يا بني ديني، فإني لا أدع شيئا أهم إلي منه ‏"‏ قوله ‏(‏وأوصى بالثلث‏)‏ أي ثلث ماله ‏(‏وثلثه‏)‏ أي ثلث الثلث، وقد فسره في الخبر‏.‏

قوله ‏(‏فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك‏)‏ قال المهلب‏:‏ معناه ثلث ذلك الفضل الذي أوصى به من الثلث لبنيه، كذا قال، وهو كلام معروف من خارج لكنه لا يوضح اللفظ الوارد، وضبط بعضهم قول ‏"‏ فثلثه لولدك ‏"‏ بتشديد اللام بصيغة الأمر من التثليث وهو أقرب‏.‏

قوله ‏(‏قال هشام‏)‏ هو ابن عروة راوي الخبر، وهو متصل بالإسناد المذكور‏.‏

قوله ‏(‏وكان بعض ولد عبد الله‏)‏ أي ابن الزبير ‏(‏قد وازى‏)‏ بالزاي أي ساوى، وفيه استعمال وازى بالواو خلافا للجرهري فإنه قال يقال آزى بالهمز ولا يقال وازى والمراد أنه ساواهم في السن‏.‏

قال ابن بطال يحتمل أنه ساوى بنو عبد الله في أنصبائهم من الوصية أولاد الزبير في أنصبائهم من الميراث، قال‏:‏ ‏"‏ وهذا أولى ‏"‏ وإلا لم يكن لذكر كثرة أولاد الزبير معنى‏.‏

قلت‏:‏ وفيه نظر لأنه في تلك الحالة لم يظهر مقدار المال الموروث ولا الموصى به، وأما قوله ‏"‏ لا يكون له معنى ‏"‏ فليس كذلك لأن المراد أنه إنما خص أولاد عبد الله دون غيرهم لأنهم كبروا وتأهلوا حتى ساووا أعمامهم في ذلك، فجعل لهم نصيبا من المال ليتوفر على أبيهم حصته‏.‏

وقوله ‏"‏خبيب ‏"‏ بالمعجمة والموحدتين مصغر وهو أكبر ولد عبد الله بن الزبير وبه كان يكنيه من لا يريد تعظيمه لأنه كني في الأول بكنية جده لأمه أبي بكر، وقوله ‏"‏خبيب وعباد ‏"‏ بالرفع أي هم خبيب وعباد وغيرهما واقتصر عليهما كالمثال وإلا ففي أولاده أيضا من ساوى بعض ولد الزبير في السن، ويجوز جره على أنه بيان للبعض وقوله ‏"‏ وله ‏"‏ أي للزبير وأغرب الكرماني فجعله ضميرا لعبد الله فلا يغتر به‏.‏

وقوله ‏"‏تسعة بنين وتسع بنات ‏"‏ فأما أولاد عبد الله إذ ذاك فهم خبيب وعباد وقد ذكرا، وهاشم وثابت، وأما سائر ولده فولدوا بعد ذلك، وأما أولاد الزبير فالتسعة الذكور هم عبد الله وعروة والمنذر أمهم أسماء بنت أبي بكر، وعمر وخالد أمهما أم خالد بنت خالد بن سعيد، ومصعب وحمزة أمهما الرباب بنت أنيف، وعبيدة وجعفر أمهما زينب بنت بشر، وسائر ولد الزبير غير هؤلاء ماتوا قبله والتسع الإناث هن خديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة أمهن أسماء بنت أبي بكر، وحبيبة وسودة وهند أمهن أم خالد، ورملة أمها الرباب، وحفصة أمها زينب، وزينب أمها أم كلثوم بنت عقبة‏.‏

قوله ‏(‏إلا أرضين منها الغابة‏)‏ كذا فيه، وصوابه ‏"‏ منهما ‏"‏ بالتثنية‏.‏

والغابة بالغين المعجمة والموحدة الخفيفة أرض عظيمة شهيرة من عوالي المدينة‏.‏

قوله ‏(‏ودارا بمصر‏)‏ استدل به على أن مصر فتحت صلحا، وفيه نظر لأنه لا يلزم من قولنا فتحت عنوة امتناع بناء أحد الغانمين ولا غيرهم فيها‏.‏

قوله ‏(‏لا ولكنه سلف‏)‏ أي ما كان يقبض من أحد وديعة إلا إن رضي صاحبها أن يجعلها في ذمته، وكان غرضه بذلك أنه كان يخشى على المال أن يضيع فيظن به التقصير في حفظه فرأى أن يجعله مضمونا فيكون أوثق لصاحب المال وأبقى لمروءته‏.‏

زاد ابن بطال‏:‏ وليطيب له ربح ذلك المال‏.‏

قلت‏:‏ وروى الزبير بن بكار من طريق هشام بن عروة أن كلا من عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومطيع بن الأسود وأبي العاص بن الربيع وعبد الله بن مسعود والمقداد بن عمرو أوصى إلى الزبير بن العوام‏.‏

قوله ‏(‏وما ولي إمارة قط إلخ‏)‏ أي أن كثرة ماله ما حصلت من هذه الجهات المقتضية لظن السوء بأصحابها‏.‏

بل كان كسبه من الغنيمة ونحوها‏.‏

وقد روى الزبير بن بكار بإسناده أن الزبير كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، وروى يعقوب بن سفيان مثله من وجه آخر‏.‏

قوله ‏(‏قال عبد الله بن الزبير‏)‏ هو متصل بالإسناد المذكور‏.‏

و قوله ‏(‏فحسبت‏)‏ بفتح السين المهملة من الحساب‏.‏

قوله ‏(‏فلقي حكيم بن حزام‏)‏ بالرفع على الفاعلية، وعبد الله بالنصب على المفعولية‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ إنما قال له مائة ألف وكتم الباقي لئلا يستعظم حكيم ما استدان به الزبير فيظن به عدم الحزم وبعبد الله عدم الوفاء بذلك فينظر إليه بعين الاحتياج إليه، فلما استعظم حكيم أمر مائة ألف احتاج عبد الله أن يذكر له الجميع ويعرفه أنه قادر على وفائه، وكان حكيم بن حزام ابن عم الزبير بن العوام قال ابن بطال‏:‏ ليس في قوله مائة ألف وكتمانه الزائد كذب، لأنه أخبر ببعض ما عليه وهو صادق قلت‏:‏ لكن من يعتبر مفهوم العدد يراه إخبارا بغير الواقع، ولهذا قال ابن التين في قوله ‏"‏ فإن عجزتم عن شيء فاستعينوا بي ‏"‏ مع قوله في الأول ‏"‏ ما أراكم تطيقون هذا ‏"‏ بعض التجوز، وكذا في كتمان عبد الله بن الزبير ما كان على أبيه، وقد روى يعقوب بن سفيان من طريق عبد الله بن المبارك أن حكيم بن حزام بذل لعبد الله بن الزبير مائة ألف إعانة له على وفاء دين أبيه فامتنع، فبذل له مائتي ألف فامتنع إلى أربعمائة ألف ثم قال‏:‏ لم أرد منك هذا، ولكن تنطلق معي إلى عبد الله بن جعفر‏.‏

فانطلق معه وبعبد الله بن عمر يستشفع بهم عليه، فلما دخلوا عليه، قال‏:‏ أجئت بهؤلاء تستشفع بهم علي‏؟‏ هي لك‏.‏

قال‏:‏ لا أريد ذلك‏.‏

قال فأعطني بها نعليك هاتين أو نحوها، قال‏:‏ لا أريد‏.‏

قال فهي عليك إلى يوم القيامة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فحكمك‏.‏

قال‏:‏ أعطيك بها أرضا‏.‏

فقال نعم‏.‏

فأعطاه‏.‏

قال فرغب معاوية فيها فاشتراها منه بأكثر من ذلك‏.‏

قوله ‏(‏وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله‏)‏ أي ابن الزبير ‏(‏بألف ألف وستمائة ألف‏)‏ كأنه قسمها ستة عشر سهما لأنه قال بعد ذلك لمعاوية إنها قومت كل سهم بمائة ألف‏.‏

قوله ‏(‏فأتاه عبد الله بن جعفر‏)‏ أي ابن أبي طالب‏.‏

قوله ‏(‏وقال عبد الله‏)‏ أي ابن الزبير‏.‏

قوله ‏(‏فباع منها‏)‏ أي من الغابة والدور لا من الغابة وحدها لأنه تقدم أن الدين ألف ألف ومائتا ألف وأنه باع الغابة بألف ألف وستمائة ألف، وقد جاء من وجه آخر أنه باع نصيب الزبير من الغابة لعبد الله بن جعفر في دينه، فذكر الزبير بن بكار في ترجمة حكيم بن حزام عن عمه مصعب بن عبد الله ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال ‏"‏ سمعت أبي يقول‏:‏ قال عبد الله بن الزبير قتل أبي وترك دينا كثيرا، فأتيت حكيم بن حزام أستعين برأيه وأستشيره فذكر قصة وفيها‏:‏ فقال ابن أخي ذكرت دين أبيك فإن كان ترك مائة ألف فنصفها علي، قلت أكثر من ذلك، إلى أن قال‏:‏ لله أنت‏!‏ كم ترك أبوك‏؟‏ قال فذكرت له أنه ترك ألفي ألف قال‏:‏ ما أراد أبوك إلا أن يدعنا عالة‏.‏

قلت فإنه ترك وفاء وإنما جئت أستشيرك فيها بسبعمائة ألف لعبد الله بن جعفر وله شرك في الغابة، فقال‏:‏ اذهب فقاسمه فإن سألك البيع قبل القسمة فلا تبعه ثم أعرض عليه فإن رغب فبعه، قال فجئت فجعل أمر القسمة إلي فقسمتها وقلت‏:‏ اشتر مني إن شئت، فقال‏:‏ قد كان لي دين وقد أخذتها منك به، قال قلت‏:‏ هي لك، فبعث معاوية فاشتراها كلها منه بألفي ألف‏.‏

ويمكن الجمع بإطلاق الكل على المعظم، فقد تقدم أنه كان بقي منها بغير بيع أربعة أسهم ونصف بأربعمائة ألف وخمسين ألفا فيكون الحاصل من ثمنها إذ ذاك ألف ألف ومائة ألف وخمسين ألفا خاصة فيبقى من الدين ألف ألف وخمسون ألفا، وكأنه باع بها شيئا من الدور، وقد وقع عند أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق علي بن مسهر عن هشام بن عروة قال ‏"‏ توفي الزبير وترك عليه من الدين ألفي ألف فضمنها عبد الله بن الزبير فأداها، ولم تقع في التركة داره التي بمكة ولا التي بالكوفة ولا التي بمصر ‏"‏ هكذا أورده مختصرا ‏"‏ فأفاد أنه كان له دار بمكة ولم يقع ذكرها في الحديث الطويل ويستفاد منه ما أولته، لأنه تقدم أنه كان له إحدى عشرة دارا بالمدينة وداران بالبصرة غير ما ذكر وروى أبو العباس السراج في تاريخه ‏"‏ حدثنا أحمد بن أبي السفر حدثنا أبو أسامة بسنده المذكور قال‏:‏ لما قدم - يعني عبد الله بن الزبير مكة فاستقر عنده أي ثبت قتل الزبير نظر فيما عليه من الدين فجاءه عبد الله بن جعفر فقال‏:‏ إنه كان لي على أخي شيء ولا أحسبه ترك به وفاء أفتحب أن أجعله في حل‏؟‏ فقال له ابن الزبير‏:‏ وكم هو‏؟‏ قال‏:‏ أربعمائة ألف قال‏:‏ فإنه ترك بها وفاء بحمد الله‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقدم على معاوية‏)‏ أي في خلافته، وهذا فيه نظر لأنه ذكر أنه أخر القسمة أربع سنين استبراء للدين كما سيأتي فيكون آخر الأربع سنة أربعين وذلك قبل أن يجتمع الناس على معاوية، فلعل هذا القدر من الغابة كان ابن الزبير أخذه من حصته أو من نصيب أولاده، ويؤيده أن في سياق القصة ما يؤخذ منه أن هذا القدر دار بينهم بعد وفاء الدين، ولا يمنعه قوله بعد ذلك ‏"‏ فلما فرغ عبد الله من قضاء الدين ‏"‏ لأنه يحمل على أن قصة وفادته على معاوية كانت بعد وفاء الدين، وما اتصل به من تأخر القسمة بين الورثة لاستبراء بقية من له دين، ثم وفد بعد ذلك، وبهذا يندفع الإشكال المتقدم وتكون وفادته على معاوية في خلافته جزما والله أعلم‏.‏

قوله ‏(‏وقال ابن زمعة‏)‏ هو عبد الله ‏(‏قد أخذت سهما بمائة ألف‏)‏ هو بنصب مائة على نزع الخافض قوله ‏(‏فباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية‏)‏ أي بعد ذلك ‏(‏بستمائة ألف‏)‏ أي فربح مائتي ألف‏.‏

قوله ‏(‏وكان للزبير أربع نسوة‏)‏ أي مات عنهن، وهن أم خالد والرباب وزينب المذكورات قبل، وعاتكة بنت زيد أخت سعيد بن زيد أحد العشرة، وأما أسماء وأم كلثوم فكان طلقهما، وقيل أعاد أسماء وطلق عاتكة فقتل وهي في عدتها منه فصولحت كما سيأتي‏.‏

قوله ‏(‏ورفع الثلث‏)‏ أي الموصى به‏.‏

قوله ‏(‏فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف‏)‏ هذا يقتضي أن الثمن كان أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف‏.‏

قوله ‏(‏فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف‏)‏ في رواية أبي نعيم من طريق أبي مسعود الراوي عن أبي أسامة أن ميراث الزبير قسم على خمسين ألف ألف ومائتي ألف ونيف، زاد على رواية إسحاق ونيف، وفيه نظر لأنه إذا كان لكل زوجة ألف ألف ومائتا ألف فنصيب الأربع أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف وهذا هو الثمن، ويرتفع من ضربه في ثمانية وثلاثون ألف ألف وأربعمائة ألف وهذا القدر هو الثلثان، فإذا ضم إليه الثلث الموصى به وهو قدر نصف الثلثين وجملته تسعة عشر ألف ألف ومائتا ألف كان جملة ماله على هذا سبعة وخمسين ألف ألف وستمائة ألف‏.‏

وقد نبه على ذلك قديما ابن بطال ولم يجب عنه، لكنه وهم فقال‏:‏ وتسعمائة ألف‏.‏

وتعقبه ابن المنير فقال‏:‏ الصواب وستمائة ألف، وهو كما قال ابن التين‏:‏ نقص عن التحرير سبعة آلاف ألف وأربعمائة ألف يعني خارجا عن قدر الدين، وهو كما قال، وهذا تفاوت شديد في الحساب، وقد ساق البلاذري في تاريخه هذا الحديث عن الحسين بن علي بن الأسود عن أبي أسامة بسنده فقال فيه ‏"‏ وكان للزبير أربع نسوة فأصاب كل امرأة من ثمن عقاراته ألف ألف ومائة ألف، وكان الثمن أربعة آلاف ألف وأربعمائة ألف، وكان ثلثا المال الذي اقتسمه الورثة خمسة وثلاثين ألف ألف ومائتي ألف، وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي أسامة، فعلى هذا إذا انضم إليه نصفه وهو سبعة عشر ألف وألف وستمائة ألف كان جميع المال اثنين وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف فيزيد عما وقع في الحديث ألفي ألف وستمائة ألف وهو أقرب من الأول فلعل المراد أن القدر المذكور وهو أن لكل زوجة ألف ألف ومائة ألف كان لو قسم المال كله بغير وفاء الدين لكن خرج الدين من حصة كل أحد منهم فيكون الذي يورث ما عدا ذلك، وبهذا التقرير يخف الوهم في الحساب ويبقى التفاوت أربعمائة ألف فقط‏.‏

لكن روى ابن سعد بسند آخر ضعيف عن هشام بن عروة عن أبيه أن تركة الزبير بلغت أحدا أو اثنين وخمسين ألف ألف وهذا أقرب من الأول، لكنه أيضا لا تحرير فيه، وكأن القوم أتوا من عدم إلقاء البال لتحرير الحساب، إذ الغرض فيه ذكر الكثرة التي نشأت عن البركة في تركة الزبير إذ خلف دينا كثيرا ولم يخلف إلا العقار المذكور، ومع ذلك فبورك فيه حتى تحصل منه هذا المال العظيم‏.‏

وقد جرت للعرب عادة بإلغاء الكسور تارة وجبرها أخرى فهذا من ذاك، وقد وقع إلغاء الكسور في هذه القصة في عدة روايات بصفات مختلفة، ففي رواية علي بن مسهر عن هشام عند أبي نعيم ‏"‏ بلغ ثمن نساء الزبير ألف ألف، وترك عليه من الدين ألفي ألف ‏"‏ وفي رواية عثام بن علي عن هشام عند يعقوب بن سفيان ‏"‏ أن الزبير قال لابنه‏:‏ انظر ديني وهو ألف ألف ومائتا ألف ‏"‏ وفي رواية أبي معاوية عن هشام أن قيمة ما تركه الزبير كان خمسين ألف ألف وفي رواية السراج أن جملة ما حصل من عقاره نيف وأربعون ألف ألف، وعند ابن سعد من حديث ابن عيينة أن ميراثه قسم على أربعين ألف ألف، وهكذا أخرجه الحميدي في النوادر عن سفيان عن هشام بن عروة، وفي المجالسة للدينوري من طريق محمد بن عبيد عن أبي أسامة أن الزبير ترك من العروض قيمة خمسين ألف ألف، والذي يظهر أن الرواة لم يقصدوا إلى التحرير البالغ في ذلك كما تقدم، وقد حكى عياض عن ابن سعد ما تقدم ثم قال‏:‏ فعلى هذا يصح قوله إن جميع المال خمسون ألف ألف ويبقى الوهم في قوله ومائتا ألف، قال فإن الصواب أن يقول مائة ألف واحدة، قال وعلى هذا فقد وقع في الأصل الوهم في لفظ مائتا ألف حيث وقع في نصيب الزوجات، وفي الجملة فإنما الصواب مائة ألف واحدة حيث وقع في الموضعين‏.‏

قلت‏:‏ وهو غلط فاحش يتعجب من وقوع مثله فيه مع تيقظه للوهم الذي في الأصل وتفرغ باله للجمع والقسمة، وذلك أن نصيب كل زوجة إذا كان ألف ألف ومائة ألف لا يصح معه أن يكون جميع المال خمسين ألف ألف ومائة ألف، بل إنما يصح أن يكون جميع المال خمسين ألف ألف ومائة ألف إذا كان نصيب كل زوجة ألف ألف وثلاثة وأربعين ألفا وسبعمائة وخمسين على التحرير، وقرأت بخط القطب الحلبي عن الدمياطي أن الوهم إنما وقع في رواية أبي أسامة عند البخاري في قوله في نصيب كل زوجة إنه ألف ألف ومائتا ألف وأن الصواب أنه ألف ألف سواء بغير كسر، وإذا اختص الوهم بهذه اللفظة وحدها خرج بقية ما فيه على الصحة لأنه يقتضي أن يكون الثمن أربعة آلاف ألف فيكون ثمنا من أصل اثنين وثلاثين، وإذا انضم إليه الثلث صار ثمانية وأربعين، وإذا انضم إليها الدين صار الجميع خمسين ألف ألف ومائتي ألف، فلعل بعض رواته لما وقع له ذكر مائتا ألف عند الجملة ذكرها عند نصيب كل زوجة سهوا، وهذا توجيه حسن، ويؤيده ما روى أبو نعيم في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ من طريق أبي معشر عن هشام عن أبيه قال ‏"‏ ورثت كل امرأة للزبير ربع الثمن ألف ألف درهم ‏"‏ وقد وجهه الدمياطي أيضا بأحسن منه فقال ما حاصله‏:‏ أن قوله فجميع مال الزبير خمسون ألف ألف ومائتا ألف صحيح والمراد به قيمة ما خلفه عند موته، وأن الزائد على ذلك وهو تسعة آلاف وستمائة ألف بمقتضى ما يحصل من ضرب ألف ألف ومائتي ألف وهو ربع الثمن في ثمانية مع ضم الثلث كما تقدم ثم قدر الدين حتى يرتفع من الجميع تسعة وخمسون ألف ألف وثمانمائة ألف حصل هذا الزائد من نماء العقار والأراضي في المدة التي أخر فيها عبد الله بن الزبير قسم التركة استبراء للدين كما تقدم، وهذا التوجيه في غاية الحسن لعدم تكلفه وتبقية الرواية الصحيحة على وجهها، وقد تلقاه الكرماني فذكر ملخصا ولم ينسبه لقائله ولعله من توارد الخواطر والله أعلم‏.‏

وأما ما ذكره الزبير بن بكار في النسب في ترجمة عاتكة وأخرجه الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ أن عبد الله بن الزبير صالح عاتكة بنت زيد عن نصيبها من الثمن على ثمانين ألفا فقد استشكله الدمياطي وقال‏:‏ بينه وبين ما في الصحيح بون بعيد، والعجب من الزبير كيف ما تصدى لتحرير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ويمكن الجمع بأن يكون القدر الذي صولحت به قدر ثلثي العشر من استحقاقها وكان ذلك برضاها، ورد عبد الله بن الزبير بقية استحقاقها على من صالحها له، ولا ينافي ذلك أصل الجملة، وأما ما أخرجه الواقدي عن أبي بكر ابن أبي سبرة عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ قيمة ما ترك الزبير أحد وخمسون ألف ألف فلا يعارض ما تقدم لعدم تحريره‏.‏

وقال ابن عيينة قسم مال الزبير على أربعين ألف ألف أخرجه ابن سعد، وهو محمول على إلغاء الكسر‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد ندب الوصية عند حضور أمر يخشى منه الفوت، وأن للوصي تأخير قسمة الميراث حتى توفى ديون الميت وتنفذ وصاياه إن كان له ثلث، وأن له أن يستبرئ أمر الديون وأصحابها قبل القسمة، وأن يؤخرها بحسب ما يؤدي إليه اجتهاده، ولا يخفى أن ذلك يتوقف على إجازة الورثة وإلا فمن طلب القسمة بعد وفاء الدين الذي وقع العلم به وصمم عليها أجيب إليها ولم يتربص به انتظار شيء متوهم، فإذا ثبت بعد ذلك شيء استعيد منه، وبهذا يتبين ضعف من استدل بهذه القصة لمالك حيث قال‏:‏ أن أجل المفقود أربع سنين، والذي يظهر أن ابن الزبير إنما اختار التأخير أربع سنين لأن المدن الواسعة التي يؤتى الحجاز من جهتها إذ ذاك كانت أربعا‏:‏ اليمن والعراق والشام ومصر، فبنى على أن كل قطر لا يتأخر أهله في الغالب عن الحج أكثر من ثلاثة أعوام فيحسن استيعابهم في مدة الأربع، ومنهم في طول المدة يبلغ الخبر من وراءهم من الأقطار‏.‏

وقيل لأن الأربع هي الغاية في الآحاد بحسب ما يمكن أن يتركب منه العشرات لأن فيها واحدا واثنين وثلاثة وأربعة ومجموع ذلك عشرة، واختار الموسم لأنه مجمع الناس من الآفاق، وفيه جواز التربص بوفاء الدين إذا لم تكن التركة نقدا ولم يختر صاحب الدين إلا النقد، وفيه جواز الوصية للأحفاد إذا كان من يحجبهم من الآباء موجودا، وفيه أن الاستدانة لا تكره لمن كان قادر على الوفاء، وفيه جواز شراء الوارث من التركة، وأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، وأن ذلك لا يخرج المال عن ملك الأول لأن ابن جعفر عرض علي ابن الزبير أن يحللهم من دينه الذي كان على الزبير فامتنع ابن الزبير‏.‏

وفيه بيان جود ابن جعفر لسماحته بهذا المال العظيم، وأن من عرض على شخص أن يهبه شيئا فامتنع أن الواهب لا يعد راجعا في هبته، وأما امتناع ابن الزبير فهو محمول على أن بقية الورثة وافقوه على ذلك وعلم أن غير البالغين ينفذون له ذلك إذا بلغوا، وأجاب ابن بطال بأن هذا ليس من الأمر المحكوم به عند التشاح، وإنما يؤمر به في شرف النفوس ومحاسن الأخلاق ا هـ‏.‏

والذي يظهر أن ابن الزبير تحمل بالدين كله على ذمته والتزم وفاءه ورضي الباقون بذلك كالذي تقدمت الإشارة إليه قريبا، لأنهم لو لم يرضوا لم يفدهم ترك بعض أصحاب الدين دينه لنقص الموجود في تلك الحالة عن الوفاء لظهور قلته وعظم كثرة الدين، وفيه مبالغة الزبير في الإحسان لأصدقائه لأنه رضي أن يحفظ لهم ودائعهم في غيبتهم، ويقوم بوصاياهم على أولادهم بعد موتهم، ولم يكتف بذلك حتى احتاط لأموالهم وديعة أو وصية بأن كان يتوصل إلى تصييرها في ذمته مع عدم احتياجه إليها غالبا، وإنما ينقلها من اليد للذمة مبالغة في حفظها لهم‏.‏

وفي قول ابن بطال المتقدم كان يفعل ذلك ‏"‏ ليطيب له ربح ذلك المال ‏"‏ نظرا لأنه يتوقف على ثبوت أنه كان يتصرف فيه بالتجارة وأن كثرة ماله إنما زادت بالتجارة، والذي يظهر خلاف ذلك، لأنه لو كان كذلك لكان الذي خلفه حال موته يفي بالدين ويزيد عليه، والواقع أنه كان دون الديون بكثير إلا أن الله تعالى بارك فيه بان ألقى في قلب من أراد شراء العقار الذي خلفه الرغبة في شرائه حتى زاد على قيمته أضعافا مضاعفة، ثم سرت تلك البركة إلى عبد الله بن جعفر لما ظهر منه في هذه القصة من مكارم الأخلاق حتى ربح في نصيبه من الأرض ما أربحه معاوية‏.‏

وفيه أن لا كراهة في الاستكثار من الزوجات والخدم‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ فيه رد على من كره جمع الأموال الكثيرة من جهلة المتزهدين، وتعقب بأن هذا الكلام لا يناسب مقامه من حيث كونه لهجا بالوعظ، فإن من شأن الواعظ التحريض على الزهد في الدنيا والتقلل منها، وكون مثل هذا لا يكره للزبير وأنظاره لا يطرد‏.‏

وفيه بركة العقار والأرض لما فيه من النفع العاجل والآجل بغير كثير تعب ولا دخول في مكروه كاللغو الواقع في البيع والشراء، وفيه إطلاق اللفظ المشترك لمن يظن به معرفة المراد، والاستفهام لمن لم يتبين له، لأن الزبير قال لابنه ‏"‏ استعن عليه مولاي ‏"‏ والمولى لفظ مشترك فجوز ابن الزبير أن يكون أراد بعض عتقائه مثلا فاستفهمه فعرف حينئذ مراده، وفيه منزلة الزبير عند نفسه، وأنه في تلك الحالة كان في غاية الوثوق بالله والإقبال عليه والرضا بحكمه والاستعانة به، ودل ذلك على أنه كان في نفسه محقا مصيبا في القتال ولذلك قال ‏"‏ إن أكبر همه دينه ‏"‏ ولو كان يعتقد أنه غير مصيب أو أنه آثم باجتهاده ذلك لكان اهتمامه بما هو فيه من أمر القتال أشد، ويحتمل أن يكون اعتمد على أن المجتهد يؤجر على اجتهاده ولو أخطأ‏.‏

وفيه شدة أمر الدين، لأن مثل الزبير مع ما سبق له من السوابق وثبت له من المناقب رهب من وجوه مطالبة من له في جهته حق بعد الموت‏.‏

وفيه استعمال التجوز في كثير من الكلام كما تقدم، وقد وقع ذلك أيضا في قوله ‏"‏ أربع سنين في المواسم ‏"‏ لأنه إن عد موسم سنة ست وثلاثين فلم يؤخر ذلك إلا ثلاث سنين ونصفا، وإن لم يعده فقد أخر ذلك أربع سنين ونصفا، ففيه إلغاء الكسر أو جبره‏.‏

وفيه قوة نفس عبد الله بن الزبير لعدم قبوله ما سأله حكيم بن حزام من المعاونة، وما سأله عبد الله بن جعفر من المحالة‏.‏

*3* باب إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة أو أمره بالمقام‏)‏ أي ببلده ‏(‏هل يسهم له‏)‏ أي مع الغانمين أم لا‏؟‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل، وقوله عثمان بن موهب بوزن جعفر، قال أبو علي الجياني‏:‏ وقع في نسخة أبي محمد عن أبي أحمد - يعني الأصيلي - عن الجرجاني عمرو بن عبد الله وهو غلط وذكر الحديث عن ابن عمر مختصرا في قصة تخلف عثمان عن بدر، وسيأتي مطولا بهذا الإسناد على الصواب في مناقب عثمان، وقد تقدم بيان الاختلاف في هذه المسألة في ‏"‏ باب الغنيمة لمن شهد الوقعة‏"‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 10:10 am

*3* باب وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ فَتَحَلَّلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حذف التشكيل

وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الْفَيْءِ وَالْأَنْفَالِ مِنْ الْخُمُسِ وَمَا أَعْطَى الْأَنْصَارَ وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏ومن الدليل‏)‏ هو عطف على الترجمة التي قبل ثمانية أبواب حيث قال ‏"‏ الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقال هنا ‏"‏ لنوائب المسلمين‏"‏‏.‏

وقال بعد باب ‏"‏ ومن الدليل على أن الخمس للإمام ‏"‏ والجمع بين هذه التراجم أن الخمس لنوائب المسلمين وإلى النبي صلى الله عليه وسلم مع تولي قسمته أن يأخذ منه ما يحتاج إليه بقدر كفايته، والحكم بعده كذلك يتولى الإمام ما كان يتولاه، هذا محصل ما ترجم به المصنف، وقد تقدم توجيهه وتبيين الاختلاف فيه، وجوز الكرماني أن تكون كل ترجمة على وفق مذهب من المذاهب، وفيه بعد، لأن أحدا لم يقل أن الخمس للمسلمين دون النبي صلى الله عليه وسلم ودون الإمام ولا للنبي صلى الله عليه وسلم دون المسلمين وكذا للإمام، فالتوجيه الأول هو اللائق، وقد أشار الكرماني أيضا إلى طريق الجمع بينها فقال‏:‏ لا تفاوت من حيث المعنى إذ نوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم نوائب المسلمين والتصرف فيه له وللإمام بعده‏.‏

قلت‏:‏ والأولى أن يقال‏:‏ ظاهر لفظ التراجم التخالف، ويرتفع بالنظر في المعنى إلى التوافق، وحاصل مذاهب العلماء أكثر من ثلاثة‏:‏ أحدها قول أئمة المخالفة الخمس يؤخذ من سهم الله ثم يقسم الباقي خمسة كما في الآية‏.‏

الثاني‏:‏ عن ابن عباس خمس الخمس لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم وأربعة للمذكورين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد سهم الله ورسوله لذوي القربى ولا يأخذ لنفسه شيئا‏.‏

الثالث قول زين العابدين‏:‏ الخمس كله لذوي القربى، والمراد باليتامى يتامى ذوي القربى وكذلك المساكين وابن السبيل، أخرجه ابن جرير عنه، لكن السند إليه واه‏.‏

الرابع هو للنبي صلى الله عليه وسلم فخمسه لخاصته وباقيه لتصرفه‏.‏

الخامس هو للإمام ويتصرف فيه بالمصلحة كما يتصرف في الفيء‏.‏

السادس يرصد لمصالح المسلمين‏.‏

السابع يكون بعد النبي صلى الله عليه وسلم لذوي القربى ومن ذكر بعدهم في الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين‏)‏ هوازن فاعل والمراد القبيلة وأطلقها على بعضهم مجازا، والنبي بالنصب على المفعولية، وقوله ‏"‏برضاعه ‏"‏ أي بسبب رضاعه، لأن حليمة السعدية مرضعته كانت منهم، وقد ذكر قصة سؤال هوازن من طريق المسور بن مخرمة ومروان موصولة، ولكن ليس فيها تعرض لذكر الرضاع، وإنما وقع ذلك فيما أخرجه ابن إسحاق في المغازي من طريق عمرو في شعيب عن أبيه عن جده فذكر القصة مطولة وفيها شعر زهير بن صرد حيث قال فيه‏:‏ امنن على نسوة قد كنت ترضعها إذ فوك يملؤه من محضها الدرر وسيأتي بيان ما في سياقه من فائدة زائدة عند الكلام على حديث المسور في المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

وتقدم شرح بعض ألفاظه في أواخر العتق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد الناس أن يعطيهم من الفيء والأنفال من الخمس وما أعطى الأنصار وما أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر‏)‏ أما حديث الوعد من الفيء فيظهر من سياق حديث جابر، وأما حديث الأنفال من الخمس فمذكور في الباب من حديث ابن عمر، وأما حديث إعطاء الأنصار فتقدم من حديث أنس قريبا، وأما حديث إعطاء جابر من تمر خيبر فهو في حديث أخرجه أبو داود، وظهر من سياقه أن حديث جابر الذي ترجم به المصنف للباب طرف منه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ

الشرح‏:‏

حديث المسور وقد نبهت عليه وتقدم بعضه بهذا الإسناد بعينه في الوكالة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيُّ وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى فَأُتِيَ ذَكَرَ دَجَاجَةً وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنْ الْمَوَالِي فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ لَا آكُلُ فَقَالَ هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ أَيْنَ النَّفَرُ الْأَشْعَرِيُّونَ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا لَا يُبَارَكُ لَنَا فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا أَفَنَسِيتَ قَالَ لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ وَإِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى الأشعري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال وحدثني القاسم في عاصم الكليبي‏)‏ بموحدة مصغر، والقائل ذلك هو أيوب، بين ذلك عبد الوهاب الثقفي عن أيوب كما سيأتي في الأيمان والنذور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأتي ذكر دجاجة‏)‏ كذا لأبي ذر ‏"‏ فأتي ‏"‏ بصيغة الفعل الماضي من الإتيان و ‏"‏ ذكر ‏"‏ بكسر الذال وسكون الكاف و ‏"‏ دجاجة ‏"‏ بالجر والتنوين على الإضافة وكذا للنسفي‏.‏

وفي رواية الأصيلي ‏"‏ فأتي ‏"‏ بضم الهمزة على البناء لما لم يسم فاعله و ‏"‏ ذكر ‏"‏ بفتحتين و ‏"‏ دجاجة ‏"‏ بالنصب والتنوين على المفعولية، كأن الراوي لم يستحضر اللفظ كله وحفظ منه لفظ دجاجة، قال عياض‏:‏ وهذا أشبه لقوله في الطريق الأخرى ‏"‏ فأتي بلحم دجاج ‏"‏ ولقوله في حديث الباب ‏"‏ فدعاه للطعام ‏"‏ أي الذي في الدجاجة، وسيأتي في النذور بلفظ ‏"‏ فأتي بطعام فيه دجاج ‏"‏ وهو المراد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعنده رجل من بني تيم الله‏)‏ هو نسبة إلى بطن من بني بكر بن عبد مناة وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في الأيمان والنذور، وأبين هناك ما قيل في اسمه ومناسبته للترجمة من جهة أنهم سألوه فلم يجد ما يحملهم عليه، ثم حضر شيء من الغنائم فحملهم منها، وهو محمول على أنه حملهم على ما يختص بالخمس، وإذا كان له التصرف بالتنجيز من غير تعليق فكذا له التصرف بتنجير ما علق‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعث سرية‏)‏ ذكرها المصنف في المغازي بعد غزوة الطائف، وسيأتي بيان ذلك في مكانه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قبل نجد‏)‏ بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فغنموا إبلا كثيرة‏)‏ في رواية عند مسلم ‏"‏ فأصبنا إبلا وغنما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكانت سهامهم‏)‏ أي أنصباؤهم، والمراد أنه بلغ نصيب كل واحد منهم هذا القدر، وتوهم بعضهم أن ذلك جميع الأنصباء قال النووي وهو غلط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا‏)‏ وهكذا رواه مالك بالشك والاختصار وإيهام الذي نفلهم، وقد وقع بيان ذلك في رواية ابن إسحاق من نافع عند أبي داود ولفظه ‏"‏ فخرجت فيها فأصبنا نعما كثيرا وأعطانا أميرنا بعيرا بعيرا لكل إنسان، ثم قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل منا اثنا عشر بعيرا بعد الخمس‏.‏

وأخرجه أبو داود أيضا من طريق شعيب بن أبي حمزة عن نافع ولفظه ‏"‏ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد وأتبعت سرية من الجيش، وكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا اثني عشر بعيرا، ونفل أهل السرية بعيرا بعيرا، فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرا ثلاثة عشر بعيرا‏"‏‏.‏

وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال في روايته ‏"‏ إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف ‏"‏ قال ابن عبد البر‏:‏ اتفق جماعة رواة الموطأ على روايته بالشك، إلا الوليد بن مسلم فإنه رواه عن شعيب ومالك جميعا فلم يشك، وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب‏.‏

قلت‏:‏ وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك، فكأنه أيضا حمل رواية مالك على رواية الليث‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ وقال سائر أصحاب نافع ‏"‏ اثني عشر بعيرا ‏"‏ بغير شك لم يقع الشك فيه إلا من مالك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونفلوا بعيرا بعيرا‏)‏ بلفظ الفعل الماضي من غير مسمى، والنفل زيادة يزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة، ومنه نفل الصلاة وهو ما عدا الفرض‏.‏

واختلف الرواة في القسم والتنفيل هل كانا جميعا من أمير ذلك الجيش أو من النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدهما من أحدهما، فرواية ابن إسحاق صريحة أن التنفيل كان من الأمير والقسم من النبي صلى الله عليه وسلم، وظاهر رواية الليث عن نافع عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقررا لذلك‏.‏

مجيزا له لأنه قال فيه ‏"‏ ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي رواية عبد الله بن عمر عنده أيضا ‏"‏ ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا‏"‏؛ وهذا يمكن أن يحمل على التقرير فتجتمع الروايتان، قال النووي‏:‏ معناه أن أمير السرية نفلهم فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم فجازت نسبته لكل منهما‏.‏

وفي الحديث أن الجيش إذا انفرد منه قطعة فغنموا شيئا كانت الغنيمة للجميع، قال ابن عبد البر‏:‏ لا يختلف الفقهاء في ذلك، أي إذا خرج الجيش جميعه ثم انفردت منه قطعة انتهى‏.‏

وليس المراد الجيش القاعد في بلاد الإسلام فإنه لا يشارك الجيش الخارج إلى بلاد العدو، بل قال ابن دقيق العيد‏:‏ إن الحديث يستدل به على أن المنقطع من الجيش عن الجيش الذي فيه الإمام ينفرد بما يغنمه، قال‏:‏ وإنما قالوا بمشاركة الجيش لهم إذا كانوا قريبا منهم يلحقهم عونه وغوثه لو احتاجوا انتهى‏.‏

وهذا القيد في مذهب مالك‏.‏

وقال إبراهيم النخعي‏:‏ للإمام أن ينفل السرية جميع ما غنمته دون بقية الجيش مطلقا، وقيل أنه انفرد بذلك‏.‏

وفيه مشروعية التنفيل، ومعناه تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال، لكنه خصه عمرو ابن شعيب بالنبي صلى الله عليه وسلم دون من بعده، نعم وكره مالك أن يكون بشرط من أمير الجيش كأن يحرض على القتال وبعد بأن ينفل الربع إلى الثلث قبل القسم، واعتل بأن القتال حينئذ يكون للدنيا، قال فلا يجوز مثل هذا انتهى‏.‏

وفي هذا رد على من حكى الإجماع على مشروعيته‏.‏

وقد اختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس أو مما عدا الخمس على أقوال، والثلاثة الأول مذهب والشافعي والأصح عندهم أنها من خمس الخمس، ونقله منذر بن سعيد عن مالك وهو شاذ عندهم‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ وحديث الباب يرد على هذا لأنهم نفلوا نصف السدس وهو أكثر من خمس الخمس وهذا واضح، وقد زاده ابن المنير إيضاحا فقال‏:‏ لو فرضنا أنهم كانوا مائة لكان قد حصل لهم ألف ومائتا بعير ويكون الخمس من الأصل ثلاثمائة بعير وخمسها ستون، وقد نطق الحديث بأنهم نفلوا بعيرا بعيرا فتكون جملة ما نفلوا مائة بعير، وإذا كان خمس الخمس ستين لم يف كله ببعير بعير لكل من المائة، وهكذا كيفما فرضت العدد‏.‏

قال‏:‏ وقد ألجأ هذا الإلزام بعضهم فادعى أن جميع ما حصل للغانمين كان اثني عشر بعيرا فقيل له فيكون خمسها ثلاثة أبعرة فيلزم أن تكون السرية كلها ثلاثة رجال كذا قيل، قال ابن المنير‏:‏ وهو سهو على التفريغ المذكور، بل يلزم يكون أقل من رجل بناء على أن النفل من خمس الخمس‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ قد انفصل من قال من الشافعية بأن النفل من خمس الخمس بأوجه‏:‏ منها أن الغنيمة لم تكن كلها أبعرة بل كان فيها أصناف أخرى، فيكون التنفيل وقع من بعض الأصناف دون بعض، ثانيها أن يكون نفلهم من سهمه من هذه الغزاة وغيرها فضم هذا إلى هذا فلذلك زادت العدة، ثالثها أن يكون نفل بعض الجيش دون بعض‏.‏

قال‏:‏ وظاهر السياق يرد هذه الاحتمالات‏.‏

قال وقد جاء أنهم كانوا عشرة، وأنهم غنموا مائة وخمسين بعيرا فخرج منها الخمس وهو ثلاثون وقسم عليهم البقية فحصل لكل واحد اثنا عشر بعيرا ثم نفلوا بعيرا بعيرا فعلى هذا فقد نفلوا ثلث الخمس‏.‏

قلت‏:‏ إن ثبت هذا لم يكن فيه رد للاحتمال الأخير لأنه يحتمل أن يكون الذين نفلوا ستة من العشرة والله أعلم‏.‏

قال الأوزاعي وأحمد وأبو ثور وغيرهم‏:‏ النفل من أصل الغنيمة‏.‏

وقال مالك وطائفة لا نفل إلا من الخمس‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ أكثر ما روي من الأخبار بدل على أن النفل من أصل الغنيمة‏.‏

والذي يقرب من حديث الباب أنه كان من الخمس لأنه أضاف الاثني عشر إلى سهمانهم، فكأنه أشار إلى أن ذلك قد تقرر لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى للنفل من الخمس‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيده ما رواه مسلم في حديث الباب من طريق الزهري قال ‏"‏ بلغني عن ابن عمر قال‏:‏ نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بعثها قبل نجد من إبل جاءوا بها نفلا سوى نصيبهم من المغنم ‏"‏ لم يسق مسلم لفظه وساقه الطحاوي ويؤيده أيضا ما رواه مالك عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، وهو مردود عليكم ‏"‏ وصله النسائي من وجه آخر حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأخرجه أيضا بإسناد حسن من حديث عبادة ابن الصامت فإنه يدل على أن ما سوى الخمس للمقاتلة‏.‏

وروى مالك أيضا عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب قال ‏"‏ كان الناس يعطفون النفل من الخمس‏.‏

قلت‏:‏ وظاهره اتفاق الصحابة على ذلك‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة، وإن انفردت قطعة فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش فذلك من غير الخمس بشرط أن لا يزيد على الثلث انتهى‏.‏

وهذا الشرط قال به الجمهور‏.‏

وقال الشافعي لا يتحدد، بل هو راجع إلى ما يراه الإمام من المصلحة، ويدل له قوله تعالى ‏(‏قل الأنفال لله والرسول‏)‏ ففوض إليه أمرها، والله أعلم‏.‏

وقال الأوزاعي‏:‏ لا ينفل من أول الغنيمة، ولا ينفل ذهبا ولا فضة‏.‏

وخالفه الجمهور‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 10:11 am

وحديث الباب من رواية ابن إسحاق بدل لما قالوا واستدل به على تعين قسمة أعيان الغنيمة لا أثمانها، وفيه نظر لاحتمال أن يكون وقع ذلك اتفاقا أو بيانا للجواز‏.‏

وعند المالكية فيه أقوال ثالثها التخيير، وفيه أن أمير الجيش إذا فعل مصلحة لم ينقضها الإمام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر ‏"‏ كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش‏.‏

وأخرجه مسلم وزاد في آخره‏:‏ والخمس واجب في ذلك كله، وليس فيه حجة لأن النفل من الخمس لا من غيره، بل هو محتمل لكل من الأقوال‏.‏

نعم فيه دليل على أنه يجوز تخصيص بعض السرية بالتنفيل دون بعض، قال ابن دقيق العيد‏:‏ للحديث تعلق بمسائل الإخلاص في الأعمال، وهو موضع دقيق المأخذ، ووجه تعلقه به أن التنفيل يقع للترغيب في زيادة العمل والمخاطرة في الجهاد، ولكن لم يضرهم ذلك قطعا لكونه صدر لهم من النبي صلى الله عليه وسلم فيدل على أن بعض المقاصد الخارجة عن محض التعبد لا تقدح في الإخلاص، لكن ضبط قانونها وتمييزها مما تضر مداخلته مشكل جدا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ إِمَّا قَالَ فِي بِضْعٍ وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا هَاهُنَا وَأَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا أَوْ قَالَ فَأَعْطَانَا مِنْهَا وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إِلَّا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى في مجيئهم من الحبشة وفي آخره ‏"‏ وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم، وسيأتي شرحه مستوفى في غزوة خيبر من كتاب المغازي، والغرض منه هذا الكلام الأخير‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ أحاديث الباب مطابقة لما ترجم به، إلا هذا الأخير فإن ظاهره أنه عليه الصلاة والسلام قسم لهم من أصل الغنيمة لا من الخمس، إذ لو كان من الخمس لم يكن لهم بذلك خصوصية، والحديث ناطق بها، قال‏:‏ لكن وجه المطابقة أنه إذا جاز للإمام أن يجتهد وينفذ اجتهاده في الأخماس الأربعة المختصة بالغانمين فيقسم منها لمن لم يشهد الوقعة، فلأن ينفذ اجتهاده في الخمس الذي لا يستحقه معين وإن استحقه صنف مخصوص أولى‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يكون أعطاهم برضا بقية الجيش انتهى‏.‏

وهذا جزم به موسى ابن عقبة في مغازيه‏.‏

ويحتمل أن يكون إنما أعطاهم من الخمس، وبهذا جزم أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ وهو الموافق لترجمة البخاري، وأما قول ابن المنير لو كان من الخمس لم يكن هناك تخصيص فظاهر، لكن يحتمل أن يكون من الخمس وخصهم بذلك دون غيرهم ممن كان من شأنه أن يعطي من الخمس، ويحتمل أن يكون أعطاهم من جميع الغنيمة لكونهم وصلوا قبل قسمة الغنيمة وبعد حوزها، وهو أحد القولين للشافعي‏.‏

وهذا الاحتمال يترجح بقوله ‏"‏ أسهم لهم ‏"‏ لأن الذي يعطي من الخمس لا يقال في حقه أسهم له إلا تجوزا، ولأن سياق الكلام يقتضي الافتخار ويستدعي الاختصاص بما لم يقع لغيرهم كما تقدم والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا فَحَثَا لِي ثَلَاثًا وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ لَنَا هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَقَالَ مَرَّةً فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي قَالَ قُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ فَحَثَا لِي حَثْيَةً وَقَالَ عُدَّهَا فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِائَةٍ قَالَ فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ وَقَالَ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا علي‏)‏ هر ابن عبد الله المديني، وسفيان هو ابن عيينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو قد جاءنا مال البحرين‏)‏ سيأتي ذلك في أول ‏"‏ باب الجزية ‏"‏ من حديث عمرو بن عوف وأنه من الجزية، لكن فيه ‏"‏ فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين ‏"‏ فيحمل على أن الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم جابرا كان بعد السنة التي قدم فيها أبو عبيدة بالمال، وظهر بذلك جهة المال المذكور وأنه من الجزية، فأغنى ذلك عن قول ابن بطال‏:‏ يحتمل أن يكون من الخمس أو من الفيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمر أبو بكر مناديا فنادى‏)‏ لم أقف على اسمه، ويحتمل أن يكون بلالا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فحثى لي‏)‏ بالمهملة والمثلثة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مرة‏)‏ القائل هو سفيان بهذا السند، وقد تقدم الحديث في الهبة بالسند الأول بدون هذه الزيادة إلى آخرها، وتقدمت الزيادة بهذا الإسناد في الكفالة والحوالة إلى قوله ‏"‏ خذ مثليها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏)‏ هو متصل بالسند المذكور، وعمرو هو ابن دينار، ومحمد بن علي أي ابن الحسين ابن علي‏.‏

وظهر من هذه الرواية المراد من قوله في رواية ابن المنكدر ‏"‏ فحثى لي ثلاثا ‏"‏ لكن قوله ‏"‏ فحثى لي حثية ‏"‏ مع قوله في الرواية التي قبلها ‏"‏ وجعل سفيان يحثو بكفيه ‏"‏ يقتضي أن الحثية ما يؤخذ باليدين جميعا، والذي قاله أهل اللغة أن الحثية ما يملأ الكف، والحفنة ما يملأ الكفين‏.‏

نعم ذكر أبو عبيد الهروي أن الحثية والحفنة بمعنى ‏"‏ وهذا الحديث شاهد لذلك‏.‏

وقوله ‏"‏حثية ‏"‏ من حثى يحثي، ويجوز حثوة من حثا يحثو وهما لغتان، وقوله ‏"‏تبخل عني ‏"‏ أي من جهتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال يعني ابن المنكدر‏)‏ الذي قال ‏"‏ وقال ‏"‏ هو سفيان الذي قال ‏"‏ يعني ‏"‏ هو علي ابن المديني قوله‏:‏ ‏(‏وأي داء أدوى من البخل‏)‏ قال عياض‏:‏ كذا وقع ‏"‏ أدوى ‏"‏ غير مهموز، من دوى إذا كان به مرض في جوفه، والصواب أدوأ بالهمز لأنه من الداء، فيحمل على أنهم سهلوا الهمزة، ووقع في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان في هذا الحديث ‏"‏ وقال ابن المنكدر في حديثه ‏"‏ فظهر بذلك اتصاله إلى أبي بكر بخلاف رواية الأصيلي فإنها تشعر بأن ذلك من كلام ابن المنكدر وقد روى حديث ‏"‏ أي داء أدوأ من البخل‏"‏، وقد تقدم في الكفالة توجيه وفاء أبي بكر لعدات النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا في كتاب الهبة، وأن وعده صلى الله عليه وسلم لا يجوز إخلافه فنزل منزلة الضمان في الصحة، وقيل‏:‏ إنما فعله أبو بكر على سبيل التطوع، ولم يكن يلزمه قضاء ذلك، وما تقدم في ‏"‏ باب من أمر بإنجاز الوعد ‏"‏ من كتاب الشهادات أولى، وأن جابرا لم يدع أن له دينا في ذمة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يطالبه أبو بكر ببينة ووفى ذلك له من بيت المال الموكول الأمر فيه إلى اجتهاد الإمام، وعلى ذلك يحوم المصنف وبه ترجم، وإنما أخر أبو بكر إعطاء جابر حتى قال له ما قال إما لأمر أهم من ذلك، أو خشية أن يحمله ذلك على الحرص على الطلب، أو لئلا يكثر الطالبون لمثل ذلك، ولم يرد به المنع على الإطلاق، ولهذا قال ‏"‏ ما من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك ‏"‏ وسيأتي في أوائل الجزية بيان الخلاف في مصرفها، وظاهر إيراد البخاري هذا الحديث هنا أن مصرفها عنده مصرف الخمس، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ اعْدِلْ فَقَالَ لَهُ لَقَدْ شَقِيتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا قرة‏)‏ بضم القاف وتشديد الراء ثم هاء، وفي الإسناد بصريان هو والراوي عنه، وحجازيان شيخه والضحاك، وقد خالف زيد بن الحباب مسلم بن إبراهيم فيه فقال‏:‏ ‏"‏ عن قرة عن أبي الزبير ‏"‏ بدل عمرو بن دينار أخرجه مسلم، وسياقه أتم؛ ورواية البخاري أرجح فقد وافق شيخه على ذلك عن قرة عثمان بن عمرو عند الإسماعيلي والنضر بن شميل عند أبي نعيم، فاتفاق هؤلاء الحفاظ الثلاثة أرجح من انفراد زيد بن الحباب عنهم، ويحتمل أن يكون الحديث عند قرة عن شيخين بدليل أن في رواية أبي الزبير زيادة على ما في رواية هؤلاء كلهم عن قرة عن عمرو، وسيأتي شرحه مستوفى في استنابة المرتدين عند الكلام على حديث أبي سعيد في المعنى، وفي حديث أبي سعيد بيان تسميته القائل المذكور، وقوله في هذه الرواية ‏"‏ لقد شقيت ‏"‏ بضم المثناة للأكثر ومعناه ظاهر ولا محذور فيه، والشرط لا يستلزم الوقوع لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يحصل له الشقاء، بل هو عادل فلا يشقى‏.‏

وحكى عياض فتحها ورجحه النووي وحكاه الإسماعيلي عن رواية شيخه المنيعي من طريق عثمان بن عمر عن قرة، والمعنى لقد شقيت أي ضللت أنت أيها التابع حيث تقتدي بمن لا يعدل، أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول الذي لا يصدر عن مؤمن‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( فَرْضِ الْخُمُسِ )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْعِلْمِ )2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: