3758 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما الذين بدلوا نعمة الله كفرا قال هم والله كفار قريش قال عمرو هم قريش ومحمد صلى الله عليه وسلم نعمة الله وأحلوا قومهم دار البوار قال النار يوم بدر
الشروح
قوله : ( حدثنا عمرو ) هو ابن دينار ، وعطاء هو ابن أبي رباح .
قوله : ( عن ابن عباس ) في رواية أبي نعيم في المستخرج " سمعت ابن عباس " .
قوله : ( هم والله كفار قريش ) وقع في التفسير " هم والله كفار أهل مكة " ورواه عبد الرزاق عن ابن عيينة قال : " هم لكفار قريش أو أهل مكة " وللطبراني عن كريب عن ابن عيينة " هم والله أهل مكة " قال ابن عيينة : يعني كفارهم . وعند عبد بن حميد في التفسير من طريق أبي الطفيل قال : " قال عبد الله بن الكواء لعلي رضي الله عنه : من الذين بدلوا نعمة الله كفرا ؟ قال : هم الأفجران من قريش بنو أمية وبنو مخزوم قد كبتهم يوم بدر " وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن علي نحوه لكن فيه " فأما بنو مخزوم فقطع الله دابرهم يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين " وأخرج الطبري عن عمر نحوه ، وله من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس قال : " هم جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم " والأول المعتمد ، ويحتمل أن يكون مراده أن عموم الآية يتناول هؤلاء أيضا .
قوله : ( قال عمرو ) هو ابن دينار ، وهو موصول بالإسناد المذكور .
قوله : ( ومحمد - صلى الله عليه وسلم - نعمة الله ) هذا موقوف على عمرو بن دينار ، وكذا دار البوار النار يوم بدر ، وهكذا رويناه في تفسير ابن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه عن عمرو بن دينار في قوله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم قال : هم كفار قريش ، ومحمد النعمة ، ودار البوار النار يوم بدر انتهى . وقوله : " يوم بدر " ظرف لقوله : أحلوا أي أنهم أهلكوا قومهم يوم بدر فأدخلوا النار ، والبوار الهلاك وسميت جهنم دار البوار لإهلاكها من يدخلها ، وعند الطبراني من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : البوار الهلاك . ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : قد فسرها الله تعالى فقال : جهنم يصلونها . الحديث الثالث عشر .
3759 حدثني عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال ذكر عند عائشة رضي الله عنها أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله فقالت وهل إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن قالت وذاك مثل قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور يقول حين تبوءوا مقاعدهم من النار
الشروح
قوله : ( ذكر ) بضم أوله ، وعند الإسماعيلي " أن عائشة بلغها " ولم أقف على اسم المبلغ ، ولكن عنده من رواية أخرى ما يشعر بأن عروة هو الذي بلغها ذلك .
قوله : ( وهل ) قيل بفتح الهاء ، والمشهور الكسر ، أي غلط وزنا ومعنى ، وبالفتح معناه فزع ونسي وجبن - ص 354 - وقلق ، وقال الفارابي والأزهري وابن القطاع وابن فارس والقابسي وغيرهم : وهلت إليه بفتح الهاء أهل بالكسر وهلا بالسكون إذا ذهب وهمك إليه . زاد القالي والجوهري : وأنت تريد غيره ، وزاد ابن القطاع .
قوله : ( إن الميت ليعذب في قبره ) الحديث تقدم شرحه في الجنائز ، وقوله : " ذلك مثل قوله " أي ابن عمر ، وقوله : " فقال لهم ما قال " ووقع عند الكشميهني " فقال لهم مثل ما قال " و " مثل " زائدة لا حاجة إليها .
قوله : ( يقول حين تبوءوا مقاعدهم من النار ) القائل : " يقول " هو عروة ، يريد أن يبين مراد عائشة فأشار إلى أن إطلاق النفي في قوله : إنك لا تسمع الموتى مقيد باستقرارهم في النار ، وعلى هذا فلا معارضة بين إنكار عائشة وإثبات ابن عمر كما تقدم توضيحه في الجنائز ، لكن الرواية التي بعد هذه تدل على أن عائشة كانت تنكر ذلك مطلقا لقولها : إن الحديث إنما هو بلفظ " إنهم ليعلمون " وأن ابن عمر وهم في قوله " ليسمعون " قال البيهقي : العلم لا يمنع من السماع ، والجواب عن الآية أنه لا يسمعهم وهم موتى ولكن الله أحياهم حتى سمعوا كما قال قتادة .
ولم ينفرد عمر ولا ابنه بحكاية ذلك بل وافقهما أبو طلحة كما تقدم ، وللطبراني من حديث ابن مسعود مثله بإسناد صحيح . ومن حديث عبد الله بن سيدان نحوه وفيه : قالوا : يا رسول الله ، وهل يسمعون ؟ قال : يسمعون كما تسمعون ، ولكن لا يجيبون وفي حديث ابن مسعود " ولكنهم اليوم لا يجيبون " ومن الغريب أن في المغازي لابن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " وأخرجه أحمد بإسناد حسن ، فإن كان محفوظا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصة ، قال الإسماعيلي : كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه ، لكن لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلا بنص مثله يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته ، فكيف والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن ؛ لأن قوله تعالى إنك لا تسمع الموتى لا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنهم الآن يسمعون " ؛ لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المسمع في أذن السامع ، فالله تعالى هو الذي أسمعهم بأن أبلغهم صوت نبيه - صلى الله عليه وسلم - بذلك . وأما جوابها بأنه إنما قال إنهم ليعلمون فإن كانت سمعت ذلك فلا ينافي رواية يسمعون بل يؤيدها . وقال السهيلي ما محصله : إن في نفس الخبر ما يدل على خرق العادة بذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، لقول الصحابة له : " أتخاطب أقواما قد جيفوا ؟ فأجابهم " قال : وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين جاز أن يكونوا سامعين ، وذلك إما بآذان رءوسهم على قول الأكثر أو بآذان قلوبهم ، قال : وقد تمسك بهذا الحديث من يقول : إن السؤال يتوجه على الروح والبدن ، ورده من قال : إنما يتوجه على الروح فقط بأن الإسماع يحتمل أن يكون لأذن الرأس ولأذن القلب فلم يبق فيه حجة . قلت : إذا كان الذي وقع حينئذ من خوارق العادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ لم يحسن التمسك به في مسألة السؤال أصلا .
وقد اختلف أهل التأويل في المراد بالموتى في قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى وكذلك المراد بمن في القبور ، فحملته عائشة على الحقيقة وجعلته أصلا احتاجت معه إلى تأويل قوله : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " وهذا قول الأكثر ، وقيل : هو مجاز والمراد بالموتى وبمن في القبور الكفار ، شبهوا بالموتى وهم أحياء ، والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر ، وعلى هذا لا يبقى في الآية دليل على ما نفته عائشة رضي الله عنها ، والله أعلم .