باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد
3845 حدثنا إسحاق بن نصر حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه يشير إلى رباعيته اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله
الشروح
- ص 431 - قوله : ( باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد ) وقد تقدم شيء من ذلك في " باب قوله : ليس لك من الأمر شيء " ومجموع ما ذكر في الأخبار أنه شج وجهه وكسرت رباعيته وجرحت وجنته وشفته السفلى من باطنها ووهى منكبه من ضربة ابن قمئة وجحشت ركبته . وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : " ضرب وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالسيف سبعين ضربة وقاه الله شرها كلها " وهذا مرسل قوي ، ويحتمل أن يكون أراد بالسبعين حقيقتها أو المبالغة في الكثرة .
قوله : ( رباعيته ) بفتح الراء وتخفيف الموحدة .
قوله : ( اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله ) زاد سعيد بن منصور من مرسل عكرمة " يقتله رسول الله بيده " ولابن عائذ من طريق الأوزاعي بلغنا أنه لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أخذ شيئا فجعل ينشف به دمه وقال : لو وقع منه شيء على الأرض لنزل عليكم العذاب من السماء . ثم قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون .
3846 حدثني مخلد بن مالك حدثنا يحيى بن سعيد الأموي حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اشتد غضب الله على من قتله النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل الله اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبي الله صلى الله عليه وسلم
الشروح
الحديث الثاني حديث ابن عباس بمعنى الذي قبله ، أورده من وجهين عن ابن جريج . ووقع هنا قبل حديث سهل بن سعد وبعده ، ولعله قدم وأخر .
قوله : ( دموه ) بتشديد الميم أي جرحوه حتى خرج منه الدم .
( تنبيه ) : حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس هذا من مراسيل الصحابة ، فإنهما لم يشهدا الوقعة ، فكأنما حملاها عمن شهدها أو سمعاها من النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك .
الحديث الثالث .
3847 باب حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دووي قال كانت فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسله وعلي بن أبي طالب يسكب الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وكسرت رباعيته يومئذ وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه
الشروح
قوله : ( يعقوب ) هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني .
قوله : ( فلما رأت فاطمة ) هي بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوضح سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم فيما أخرجه الطبراني من طريقه سبب مجيء فاطمة إلى أحد ولفظه " لما كان يوم أحد وانصرف المشركون خرج النساء إلى الصحابة يعينونهم ، فكانت فاطمة فيمن خرج ، فلما رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتنقته وجعلت تغسل جراحاته بالماء فيزداد الدم ، فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير فأحرقته بالنار وكمدته به حتى لصق بالجرح فاستمسك الدم " . وله من طريق زهير بن محمد عن أبي حازم " فأحرقت حصيرا حتى صارت رمادا ، فأخذت من ذلك الرماد فوضعته فيه حتى رقأ الدم " وقال في آخر الحديث : ثم قال يومئذ : - ص 432 - اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله . ثم مكث ساعة ثم قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وقال ابن عائذ : " أخبرنا الوليد بن مسلم حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن الذي رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحد فجرحه في وجهه قال : خذها مني وأنا ابن قمئة ، فقال : أقمأك الله . قال فانصرف إلى أهله فخرج إلى غنمه فوافاها على ذروة جبل ، فدخل فيها فشد عليه تيسها فنطحه نطحة أرداه من شاهق الجبل فتقطع " وفي الحديث جواز التداوي ، وأن الأنبياء قد يصابون ببعض العوارض الدنيوية من الجراحات والآلام والأسقام ليعظم لهم بذلك الأجر وتزداد درجاتهم رفعة ، وليتأسى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره ، والعاقبة للمتقين .