وفي لقاء لرئيس الوزراء العراقي احمد حسن البكر لصحيفة المجاهد الجزائرية وصحيفة التحرير المغربية اعرب احمد حسن البكر رغبة العراق في دخول الجزائر في مفاوضات الوحدة التي كانت تجري بين العراق ومصر وسوريا. وقال : ان الغرض من زيارة الوفد الجزائري يتعدى مجرد اشتراك الجزائر بمفاوضات سياسية، انه اول تفاعل ثوري يتم بين المشرق والمغرب العربي، وبما للجزائر من مكانة وسمعة في المغرب العربي.
وبعد ان توصلت الاقطار الثلاث، مصر وسوريا والعراق الى اتفاق 17 افريل/نيسان باعلان ميثاق الوحدة الثلاثية وتوقيعه في القاهرة . الا ان ميثاق تلك الوحدة الثلاثية سرعان مافشل ووضع العرب مرة اخرى امام واقع التجزئة بكارثة جديدة ومؤكدة. كان عبد الناصر مصرا على اعلان الفشل لهذا المشروع الوحدوي بالرغم من محاولة الجزائر رأب الصدع ، حيث وصل الى العراق سفير الجزائر في القاهرة السيد الاخضر الابراهيمي في محاولة لوقف الفشل ، ولكن دون جدوى.
ولهذا الغرض وغيره ولاجل تقوية اواصر التعاون المشترك والعمل القومي بين العراق والجزائر استقبل السيد الاخضر الابراهيمي سفير الجزائر في القاهرة خلال زيارته بغداد مرتين يوم 15/5/1963 من قبل رئيس الجمهورية العراقية المرحوم عبد السلام محمد عارف، وبحضور رئيس الوزراء احمد حسن البكر ووزيرالخارجية طالب حسين الشبيب ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية حازم جواد حيث دار الحديث حول الشؤون العربية عامة والقضايا التي تهم الجزائر والعراق.
وهكذا كانت الدبلوماسية الجزائرية حاضرة في الاحداث القومية التي شهدها المشرق العربي. ورغم ان كل تلك الجهود قد بذلت الا ان مصير اتفاق 17 نيسان الوحدوي قد انتهى الى نية عبد الناصر الانسحاب الرسمي من ميثاق الوحدة في 20/5/1963 بمناسبة عودة الجيش المصري من اليمن ، الا ان تدخل الجزائر وتدخل الرئيس عبد السلام عارف حال دون ذلك. لكن الاقدار حددت تاريخ 22/7/1963 يوما مشؤوما آخر في تاريخ الوحدة العربية، حينها اعلن الرئيس جمال عبد الناصر في خطاب له في المؤتمر الشعبي في القاهرة، بمناسبة عيد الثورة المصرية انسحاب مصر من ميثاق الوحدة الثلاثية وبدأت مرحلة جديدة من الاحتراب والحملات الاعلامية بين مصر وسوريا والعراق انتهت بعديد من الانقلابات العسكرية في سوريا والعراق.
خلال تلك الفترة تسارعت الاحداث في العراق والجزائر. ظل البلدان أوفياء للتعاون بينهما، ففي 26/5/1963 اهدت وزارة التربية العراقية للجزائر 57284 نسخة من كتب الحساب للدراسة الابتدائية وقررت الحكومة العراقية اهداء الجزائر في 2/6/ مائة ألف نسخة من القراءة الخلدونية للصف الاول الابتدائي و 50ألف نسخة من كتاب التربية الوطنية والنصوص. كما اهدى مجلس الوزراء العراقي اسلحة واعتدة وتجهيزات عسكرية مختلفة تدعيما للجيش الجزائري الشقيق .
وهكذا طوت الايام ذكرى الزعيم عبد الكريم قاسم من ذاكرة الكثيرين ومنهم الجزائريين، كون المرحلة القومية التي تصدرتها مصر والاحداث التي عاشتها الاقطار العربية معها تناست ذكرى الرجل الذي لم يبخل على ثورتي الجزائر وفلسطين بأي شئ كان بمتناوله، حتى ضحى بمصيره السياسي والعسكري وسلطته الوطنية.
مراجع وهوامش البحث:
(1): محمد حسين الزبيدي،[ثورة 14 تموز في العراق]،وزارة الثقافة في العراق، بغداد، 1983 ص 345.
(2): البصائر، العدد 283، السنة السابعة. وكذلك: محمد خير الدين، مذكرات، ج1، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر،ص 248.
(3): محمد حسين الزبيدي،[ثورة 14 تموز 1958 في العراق]، دائرة الشؤون الثقافية والنشر، 1983، ص 40.
(4): المجاهد العدد10 ، 5/9/1957 ص 9.
(5): المجاهد في العدد 16 الصادر في 15/01/1958.
(6): نجم الدين السهروردي،[التاريخ لم يبدأ غدا، شركة المعرفة للنشر والتوزيع،بغداد، ط1، 1989، ص 305.
(7): جريدة الاشتراكي، العدد 5 ، جويليه/تموز 1960 ص 10-12) . كذلك: (احمد جرجيس سليمان خندي، [الثورة الجزائرية في مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي "1954-1962" دار الامة ، الجزائر، 2001، ص 180]).
(8): [ عن المجاهد ، العدد 18، 15/2/1958].
(9): جورج ارنو وجاك فرنسيس، [من اجل جميلة بوخضر"جميلة بوحيرد" ، الجزائر].
(10): المجاهد، العدد 20 15/3/1958 .
(11): المجاهد، العدد 27، 22/7/1958.
(12):المجاهد العدد 29، الصادر في 17/9/1958.
(13): المجاهد، العدد 30، 10/10/1958.
(14): المجاهد ، العدد 33، الصادر في 8/12/1958.
(15): تصريح للسيد احمد توفيق المدني، المجاهد ، العدد / 33 الصادر بتاريخ 8/12/1958.
(16): ابراهيم كبة، هذا هو طريق 14 تموز، ص 126.
(17): مبادئ ثورة 14 تموز في خطب الزعيم 1959، 1/28-29). ( وكذلك انظر (نوري عبد الحميد العاني واخرون بيت الحكمة ص 158).
(18): طالب مشتاق، مذكرات سفير عراقي في تركيا 1958-1965 ج2 بيروت 1969 ص68-69 وقحطان احمد سليمان، السياسة الخارجية العراقية ص 515.
(19): وزارة الارشاد العراقية ،مبادئ ثورة 14 تموز في خطب الزعيم عبد الكريم قاسم1959 ص 28-29.
(20): العراق في الوثائق البريطانية،ج3، ص 222، اصدار بيت الحكمة ط1، 2000 بغداد.
(21): وزارة الارشاد ، بغداد ،ثورة 14 تموز في عامها الاول ص 278.
(22):جريدة الاهالي العراقية ، 22-28 افريل/نيسان 1959. و جريدة اتحاد الشعب العراقية، 22-28 افريل/نيسان 1959..
(23): صحيفة اتحاد الشعب العراقية في 28 أفريل/نيسان 1959. (راجع كذلك المجاهد العدد41 الصادر بتاريخ 1/5/1959 ص 2).
(24): كتاب وزارة الخارجية البريطانية الى سفارتها في بغداد يوم 6 افريل/نيسان 1959، الزوبعي: " العراق في الوثائق البريطانية 3/339" .
(25): نجم محمود، [المقايضة]، بغداد، ص 164-165.
(26): نجم محمود، [المقايضة] بغداد ، ص 160.
(27):المجاهد، العدد49، الصادر في 24/8/1959.
(28): وثيقة سرية لوزارة الخارجية رقم 371/133107 ايكس.سي.147347 في 9/12/1958 العراق في الوثائق البريطانية"1958-1959" ج2، بيت الحكمة بغداد، ص 515-316.
(29): عثمان سعدي،[ الثورة الجزائرية في الشعر العراقي الحديث.
(30): جريدة الفجر الجديد العراقية بتاريخ20/11/1960.
(31):نوري عبد الحميد العاني وآخرون، تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، ج4، ص 134-140.
(32):المرجع السابق ج4،ص 138.
(33): قحطان احمد سليمان، السياسة الخارجية العراقية، ص .304.
(34): وزارة الارشاد ، م[بادئ ثورة 14 تموز/جويليه في خطب الزعيم] ، 1960، ص 385-386 وزارة الارشاد ، بغداد.
(35):جريدة الاستقلال العراقية، 21/12/1960
(36: مصدر عن القانون رقم 80 في العراق).
(37): المجاهد ، العدد 57، 15/12/1959 ص 6-7.
(38): المجاهد العدد 89، الصادر في 13/2/1961 ص 2.
(39): صحيفة الثورة البغدادية، 19/3/1962.
(40): عبد الفتاح علي يحيى، [التطورات السياسية الداخلية] في العراق ص 279-281.
(41): من ملفات مجلس الوزراء في العهد الجمهوري، انظر نوري عبد الحميد العاني وآخرون [تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري]، بيت الحكمة، بغداد،2001 ج5، ص 293-294].
(42): جعفر عباس حميدي، غازي فيصل الراوي، خضير حسن سلمان، عدنان رشيد الجبوري،[تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، ج6، بيت الحكمة، بغداد،2002، ص 47]).
(43) العديد من الكتب والمذكرات حول نهاية ومقتل عبد الكريم قاسم.
(44):جعفر عباس وآخرون، 2002 ، ص 58، مصدر سابق.
(45) المصادر السابقة.
(46): المرجع السابق ص 88.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178807المصدر: المنتدى العربي للدفاع والتسليح
[b]