foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 14, 2010 11:03 pm

*3* باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم‏)‏ الغرض من هذه الترجمة بيان أن المكث المذكور في الباب قبله محله ما إذا لم يعرض ما يحتاج معه إلى القيام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبيد‏)‏ أي ابن ميمون العلاف، وثبت كذلك في رواية ابن عساكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمر بن سعيد‏)‏ أي ابن أبي حسين المكي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عقبة‏)‏ هو ابن الحارث النوفلي، وللمصنف في الزكاة من رواية أبي عاصم عن عمر بن سعيد أن عقبة بن الحارث حدثه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فمسلم فقام‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ثم قام‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ففزع الناس‏)‏ أي خافوا، وكانت تلك عادتهم إذا رأوا منه غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شيء يسوؤهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرأى أنهم قد عجبوا‏)‏ في رواية أبي عاصم ‏"‏ فقلت أو فقيل له ‏"‏ وهو شك من الراوي، فإن كان قوله فقلت محفوظا فقد تعين الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عن ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذكرت شيئا من تبر‏)‏ في رواية روح عن عمر بن سعيد في أواخر الصلاة ‏"‏ ذكرت وأنا في الصلاة ‏"‏ وفي رواية أبي عاصم ‏"‏ تبرا من الصدقة ‏"‏ والتبر بكسر المثناة وسكون الموحدة الذهب الذي لم يصف ولم يضرب، قال الجوهري‏:‏ لا يقال إلا للذهب‏.‏

وقد قاله بعضهم في الفضة‏.‏

انتهى‏.‏

وأطلقه بعضهم على جميع جواهر الأرض قبل أن تصاغ أو تضرب حكاه ابن الأنباري عن الكسائي، وكذا أشار إليه ابن دريد‏.‏

وقيل هو الذهب المكسور، حكاه ابن سيده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يحبسني‏)‏ أي يشغلني التفكر فيه عن التوجه والإقبال على الله تعالى‏.‏

وفهم منه ابن بطال معنى آخر فقالا‏:‏ فيه أن تأخير الصدقة تحبس صاحبها يوم القيامة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأمرت بقسمته‏)‏ في رواية أبي عاصم ‏"‏ فقسمته ‏"‏ وفي الحديث أن المكث بعد الصلاة ليس بواجب، وأن التخطي للحاجة مباح، وأن التفكر في الصلاة في أمر لا يتعلق بالصلاة لا يفسدها ولا ينقص من كمالها، وأن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور الجائزة لا يضر، وفيه إطلاق الفعل على ما يأمر به الإنسان، وجواز الاستنابة مع القدرة على المباشرة‏.‏

*3* باب الِانْفِتَالِ وَالِانْصِرَافِ عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ حذف التشكيل

وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى أَوْ مَنْ يَعْمِدُ الِانْفِتَالَ عَنْ يَمِينِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ جمع في الترجمة بين الانفتال والانصراف للإشارة إلى أنه لا فرق في الحكم بين الماكث في مصلاه إذا انفتل لاستقبال المأمومين، وبين المتوجه لحاجته إذا انصرف إليها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان أنس بن مالك الخ‏)‏ وصله مسدد في مسنده الكبير من طريق سعيد عن قتادة قال ‏"‏ كان أنس ‏"‏ فذكره وقال فيه ‏"‏ ويعيب على من يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه ويقول‏:‏ يدور كما يدور الحمار ‏"‏ وقوله ‏"‏ يتوخى ‏"‏ بخاء معجمة مشددة أي يقصد، وقوله‏:‏ ‏(‏أو يعمد‏)‏ شك من الراوي‏.‏

قلت‏:‏ وظاهر هذا الأثر عن أنس يخالف ما رواه مسلم من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال ‏"‏ سألت أنسا كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري‏؟‏ قال‏:‏ أما أنا فأكثر ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه ‏"‏ ويجمع بينهما بأن أنسا عاب من يعتقد تحتم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمران فجهة اليمين أولى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سليمان‏)‏ هو الأعمش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمارة‏)‏ في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الأعمش ‏"‏ سمعت عمارة بن عمير ‏"‏ وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون في نسق آخرهم الأسود وهو ابن يزيد النخعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يجعل‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لا يجعلن ‏"‏ بزيادة نون التأكيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شيئا من صلاته‏)‏ في رواية وكيع وغيره عن الأعمش عند مسلم ‏"‏ جزءا من صلاته‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يرى‏)‏ بفتح أوله أي يعتقد، ويجوز الضم أي يظن‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏أن حقا عليه‏)‏ هو بيان للجعل في قوله ‏"‏ لا يجعل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن لا ينصرف‏)‏ أي يرى أن عدم الانصراف حق عليه، فهو من باب القلب قاله الكرماني في الجواب عن ابتدائه بالنكرة قال‏:‏ أو لأن النكرة المخصوصة كالمعروفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كثيرا ينصرف عن يساره‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله ‏"‏ فأما رواية البخاري فلا تعارض حديث أنس الذي أشرت إليه عند مسلم، وأما رواية مسلم فظاهرة التعارض لأنه عبر في كل منهما بصيغة أفعل، قال النووي‏:‏ يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل منهما بما اعتقد أنه الأكثر، وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف عن اليمين‏.‏

قلت‏:‏ وهو موافق للأثر المذكور أولا عن أنس، ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر، وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد، لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم وأسن وأجل وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس، وبان في إسناد حديث أنس من تكلم فيه وهو السدي، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس في الأمرين، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على جهة يساره كما تقدم‏.‏

ثم ظهر لي أنه بمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن من قال كان أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة، فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ومن ثم قال العلماء‏.‏

يستحب الانصراف إلى جهة حاجته‏.‏

‏.‏

لكن قالوا‏:‏ إذا استوت الجهتان في حقه فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها، لأن التيامن مستحب في كل شيء أي من أمور العبادة، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته، والله أعلم‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 14, 2010 11:04 pm

3* باب مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيِّ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوْ الْبَصَلَ مِنْ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في الثوم‏)‏ هذه الترجمة والتي بعدها من أحكام المساجد‏.‏

وأما التراجم التي قبلها فكلها من صفة الصلاة‏.‏

لكن مناسبة هذه الترجمة وما بعدها لذلك من جهة أنه بنى صفة الصلاة على الصلاة في الجماعة، ولهذا لم يفرد ما بعد كتاب الأذان بكتاب، لأنه ذكر فيه أحكام الإقامة ثم الإمامة ثم الصفوف ثم الجماعة ثم صفة الصلاة، فلما كان ذلك كله مرتبطا بعضه ببعض واقتضى فضل حضور الجماعة بطريق العموم ناسب أن يورد فيه من قام به عارض كأكل الثوم، ومن لا يجب عليه ذلك كالصبيان، ومن تندب له في حالة دون حالة كالنساء، فذكر هذه التراجم فختم بها صفة الصلاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الثوم‏)‏ بضم الثاء المثلثة، ‏(‏والنيئ‏)‏ بكسر النون وبعدها تحتانية ثم همزة وقد تدغم، وتقييده بالنيئ حمل منه للأحاديث المطلقة في الثوم على غير النضيج منه‏.‏

وقوله في الترجمة ‏"‏ والكراث ‏"‏ لم يقع ذكره في أحاديث الباب التي ذكرها، لكنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر كما سأذكره، وهذا أولى من قول بعضهم إنه قاسه على البصل‏.‏

ويحتمل أن يكون استنبط الكراث من عموم الخضرات فإنه يدخل فيها دخولا أولويا لأن رائحته أشد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو بكسر اللام، و قوله‏:‏ ‏(‏من الجوع أو غيره‏)‏ لم أر التقييد بالجوع وغيره صريحا لكنه مأخوذ من كلام الصحابي في بعض طرق حديث جابر وغيره، فعند مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر قال ‏"‏ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث، فعلبتنا الحاجة ‏"‏ الحديث‏.‏

وله من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد ‏"‏ لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس جياع ‏"‏ الحديث‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ ألحق بعض أصحابنا المجذوم وغيره بآكل الثوم في المنع من المسجد، قال‏:‏ وفيه نظر لأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع، والمجذوم علته سماوية‏.‏

قال‏:‏ لكن قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من جوع أو غيره ‏"‏ يدل على التسوية بينهما‏.‏

انتهى‏.‏

وكأنه رأى قول البخاري في الترجمة وقول النبي صلى الله عليه وسلم الخ فظنه لفظ حديث، وليس كذلك، بل هو من تفقه البخاري وتجويزه لذكر الحديث بالمعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من أكل‏)‏ قال ابن بطال هذا يدل على إباحة أكل الثوم، لأن قوله ‏"‏ من أكل ‏"‏ لفظ إباحة‏.‏

وتعقبه ابن المنير بأن هذه الصيغة إنما تعطي الوجود لا الحكم، أي من وجد منه الأكل، وهو أعم من كونه مباحا أو غير مباح، وفي حديث أبي سعيد الذي أشرت إليه عند مسلم الدلالة على عدم تحريمه كما سيأتي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ هو القطان وعبيد الله هو ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال في غزوة خيبر‏)‏ قال الداودي أي حين أراد الخروج أو حين قدم‏.‏

وتعقبه ابن التين بأن الصواب أنه قال ذلك وهو في الغزاة نفسها، قال ولا ضرورة تمنع أن يخبرهم بذلك في السفر‏.‏

انتهى‏.‏

فكأن الذي حمل الداودي على ذلك قوله في الحديث ‏"‏ فلا يقربن مسجدنا ‏"‏ لأن الظاهر أن المراد به مسجد المدينة فلهذا حمل الخبر على ابتداء التوجه إلى خيبر أو الرجوع إلى المدينة، لكن حديث أبي سعيد عند مسلم دال على أن القول المذكور صدر منه صلى الله عليه وسلم عقب فتح خيبر فعلى هذا فقوله مسجدنا يريد به المكان الذي أعد ليصلي فيه مدة إقامته هناك أو المراد بالمسجد الجنس والإضافة إلى المسلمين أي فلا يقربن مسجد المسلمين‏.‏

ويؤيده رواية أحمد عن يحيى القطان فيه بلفظ ‏"‏ فلا يقربن المساجد ‏"‏ ونحوه لمسلم وهذا يدفع قول من خص النهي بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي، وقد حكاه ابن بطال عن بعض أهل العلم ووهاه‏.‏

وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء هل النهي للمسجد الحرام خاصة أو في المساجد‏؟‏ قال‏:‏ لا بل في المساجد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من هذه الشجرة يعني الثوم‏)‏ لم أعرف القائل يعني ويحتمل أن يكون عبيد الله بن عمر، فقد رواه السراج من رواية يزيد بن الهادي عن نافع بدونها ولفظه ‏"‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم يوم خيبر ‏"‏ وزاد مسلم من رواية ابن نمير عن عبيد الله ‏"‏ حتى يذهب ريحها‏"‏‏.‏

وفي قوله شجرة مجاز لأن المعروف في اللغة أن الشجرة ما كان لها ساق وما لا ساق له يقال له نجم، وبهذا فسر ابن عباس وغيره قوله تعالى ‏(‏والنجم والشجر يسجدان‏)‏ ؛ ومن أهل اللغة من قال‏:‏ كل ما ثبتت له أرومة، أي أصل في الأرض يخلف ما قطع منه فهو شجر، وإلا فنجم‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ في هذا الحديث إطلاق الشجر على الثوم والعامة لا تعرف الشجر إلا ما كان له ساق ا ه‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ بين الشجر والنجم عموم وخصوص، فكل نجم شجر من غير عكس كالشجر والنخل، فكل نخل شجر من غير عكس‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يُرِيدُ الثُّومَ فَلَا يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا قُلْتُ مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نِيئَهُ وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا نَتْنَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو المسندي وأبو عاصم هو النبيلي وهو شيخ البخاري وربما روي عنه بواسطة كما هنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يريد الثوم‏)‏ لم أعرف الذي فسره أيضا وأظنه ابن جريج فإن في الرواية التي تلي هذه عن الزهري عن عطاء الجزم بذكر الثوم‏.‏

على أنه قد اختلف في سياقه عن ابن جريج فقد رواه مسلم من رواية يحيى القطان عن ابن جريج بلفظ ‏"‏ من أكل من هذه البقلة الثوم ‏"‏ وقال مرة ‏"‏ من أكل البصل والثوم والكراث ‏"‏ ورواه أبو نعيم في المستخرج من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج مثله وعين الذي قال‏.‏

وقال مرة ولفظه‏:‏ قال ابن جريج وقال عطاء في وقت آخر ‏"‏ الثوم والبصل والكراث ‏"‏ ورواه أبو الزبير عن جابر بلفظ ‏"‏ نهى النبي صلى الله عليه وسلم أكل البصل والكراث ‏"‏ قال ‏"‏ ولم يكن ببلدنا يومئذ الثوم ‏"‏ هكذا أخرجه ابن خزيمة من رواية يزيد بن إبراهيم وعبد الرزاق عن ابن عيينة كلاهما عن أبي الزبير‏.‏

قلت‏:‏ هذا لا ينافي التفسير المتقدم إذ لا يلزم من كونه لم يكن بأرضهم أن لا يجلب إليهم، حتى لو امتنع هذا الحمل لكانت رواية المثبت مقدمة على رواية النافي، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا يغشانا‏)‏ كذا فيه بصيغة النفي التي يراد بها النهي‏.‏

قال الكرماني‏:‏ أو على لغة من يجري المعتل مجرى الصحيح، أو أشبع الراوي الفتحة فظن أنها ألف‏.‏

والمراد بالغشيان الإتيان، أي فلا يأتينا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في مسجدنا‏)‏ في رواية الكشميهني وأبي الوقت ‏"‏ مساجدنا ‏"‏ بصيغة الجمع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت ما يعني به‏)‏ لم أقف على تعيين القائل والمقول له وأظن السائل ابن جريج والمسئول عطاء، في مصنف عبد الرزاق ما يرشد إلى ذلك، وجزم الكرماني بأن القائل عطاء والمسئول جابر، وعلى هذا فالضمير في ‏"‏ أراه ‏"‏ للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بضم الهمزة أي أظنه، و ‏"‏ نيئه ‏"‏ تقدم ضبطه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مخلد بن يزيد عن ابن جريج إلا نتنه‏)‏ بفتح النون وسكون المثناة من فوق بعدها نون أخرى، ولم أجد طريق مخلد هذه موصولة بالإسناد المذكور، وقد أخرج السراج عن أبي كريب عن مخلد هذا الحديث لكن قال ‏"‏ عن أبي الزبير ‏"‏ بدل عطاء عن جابر، ولم يذكر المقصود من التعليق المذكور، إلا أنه قال فيه ‏"‏ ألم أنهكم عن هذه البقلة الخبيثة أو المنتنة ‏"‏ فإن كان أشار إلى ذلك وإلا فنا أظنه إلا تصحيفا، فقد رواه أبو عوانة في صحيحه من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج كما قال أبو عاصم، ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج بلفظ ‏"‏ أراه يعني النيئة التي لم تطبخ ‏"‏ وكذا لأبي نعيم في المستخرج من طريق ابن أبي عدي عن ابن جريج بلفظ ‏"‏ يريد النيئ الذي لم يطبخ ‏"‏ وهو تفسير للنيئ بأنه الذي لم يطبخ وهو حقيقته كما تقدم، وقد يطلق على أعم من ذلك وهو ما لم ينضج فيدخل فيه ما طبخ قليلا ولم يبلغ النضج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ قَالَ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْبُقُولِ فَقَالَ قَرِّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الْحَدِيثِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يونس‏)‏ هو ابن يزيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زعم عطاء‏)‏ هو ابن أبي رباح وفي رواية الأصيلي ‏"‏ عن عطاء‏"‏، ولمسلم من وجه آخر عن ابن وهب ‏"‏ حدثني عطاء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن جابر بن عبد الله زعم‏)‏ قال الخطابي لم يقل زعم على وجه التهمة، لكنه لما كان أمرا مختلفا فيه أتى بلفظ الزعم لأن هذا اللفظ لا يكاد يستعمل إلا في أمر يرتاب به أو يختلف فيه‏.‏

قلت‏:‏ وقد يستعمل في القول المحقق أيضا كما تقدم، وكلام الخطابي لا ينفي ذلك‏.‏

وفي رواية أحمد بن صالح الآتية عن جابر ولم يقل ‏"‏ زعم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا‏)‏ شك من الراوي وهو الزهري، ولم تختلف الرواة عنه في ذلك قوله‏:‏ ‏(‏أو ليقعد في بيته‏)‏ كذا لأبي ذر بالشك أيضا، ولغيره ‏"‏ وليقعد في بيته ‏"‏ بواو العطف، وكذا لمسلم، وهي أخص من الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا حديث آخر، وهو معطوف على الإسناد المذكور، والتقدير وحدثنا سعيد بن عفير بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى، وقد تردد البخاري فيه هل هو موصول أو مرسل كما سيأتي وهذا الحديث الثاني كان متقدما على الحديث الأول بست سنين، لأن الأول تقدم في حديث ابن عمر وغيره أنه وقع منه صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وكانت سنة سبع، وهذا وقع في السنة الأولى عند قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزوله في بيت أبي أيوب الأنصاري كما سأبينه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتى بقدر‏)‏ بكسر القاف وهو ما يطبخ فيه، ويجوز فيه التأنيث والتذكير، والتأنيث أشهر، لكن الضمير في قوله ‏"‏ فيه خضرات ‏"‏ يعود على الطعام الذي في القدر، فالتقدير أتى بقدر من طعام فيه خضرات، ولهذا لما أعاد الضمير على القدر أعاده بالتأنيث حيث قال ‏"‏ فأخبر بما فيها ‏"‏ وحيث قال ‏"‏ قربوها ‏"‏ وقوله ‏"‏ خضرات ‏"‏ بضم الخاء وفتح الضاد المعجمتين كذا ضبط في رواية أبي ذر، ولغيره بفتح أوله وكسر ثانية وهو جمع خضرة، ويجوز مع ضم أوله ضم الضاد وتسكينها أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلى بعب أصحابه‏)‏ قال الكرماني فيه النقل بالمعنى، إذ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقله بهذا اللفظ بل قال قربوها إلى فلان مثلا، أو فيه حذف أي قال قربوها مشيرا أو أشار إلى بعض أصحابه‏.‏

قلت والمراد بالبعض أبو أيوب الأنصاري، ففي صحيح مسلم من حديث أبي أيوب في قصة نزول النبي صلى الله عليه وسلم عليه قال فكان يصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فإذا جئ به إليه - أي بعد أن يأكل النبي صلى الله عليه وسلم منه - سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فصنع ذلك مرة فقيل له‏:‏ لم يأكل، وكان الطعام فيه ثوم، فقال‏:‏ أحرام هو يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ لا ولكن أكرهه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كل فإني أناجي من لا تناجي‏)‏ أي الملائكة، وفي حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة وابن حبان من وجه أخر ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليه بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث فلم ير فيه أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبي أن يأكل، فقال له‏:‏ ما منعك‏؟‏ قال‏:‏ لم أر أثر يدك قال‏:‏ أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم ‏"‏ ولهما من حديث أم أيوب قالت‏:‏ نزل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلفنا له طعاما فيه بعض البقول، فذكر الحديث نحوه وقال فيه ‏"‏ كلوا، فإني لست كأحد منكم، إني أخاف أو ذي صاحبي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أحمد بن صالح عن ابن وهب أتى ببدر‏)‏ مراده أن أحمد بن صالح خالف سعيد بن عفير في هذه اللفظة فقط وشاركه في سائر الحديث عن ابن وهب بإسناده المذكور، وقد أخرجه البخاري في الاعتصام قال ‏"‏ حدثنا أحمد بن صالح ‏"‏ فذكره بلفظ ‏"‏ أتى ببدر ‏"‏ وفيه قول ابن وهب ‏"‏ يعني طبقا فيه خضرات‏"‏، وكذا أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح، لكن أخر تفسير ابن وهب فذكره بعد فراغ الحديث‏.‏

وأخرجه مسلم عن أبي الطاهر وحرملة كلاهما عن ابن وهب فقال ‏"‏ بقدر ‏"‏ بالقاف ورجح جماعة من الشراح رواية أحمد بن صالح لكون ابن وهب فسر ‏"‏ البدر ‏"‏ بالطبق فدل على أنه حدث به كذلك، وزعم بعضهم أن لفظة ‏"‏ بقدر ‏"‏ تصحيف لأنها تشعر بالطبخ وقد ورد الإذن بأكل البقول مطبوخة، بخلاف الطبق فظاهره أن البقول كانت فيه نيئة‏.‏

والذي يظهر لي أن رواية ‏"‏ القدر ‏"‏ أصح لما تقدم من حديث أبي أيوب وأم أيوب جميعا، فإن فيه التصريح بالطعام، ولا تعارض بين امتناعه صلى الله عليه وسلم من أكل الثوم وغيره مطبوخا وبين إذنه لهم في أكل ذلك مطبوخا، فقد علل ذلك بقوله ‏"‏ إني لست كأحد منكم ‏"‏ وترجم ابن خزيمة على حديث أبي أيوب ذكر ما خص الله نبيه به من ترك أكل الثوم ونحوه مطبوخا، وقد جمع القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏ بين الروايتين بأن الذي في القدر لم ينضج حتى تضمحل رائحته فبقي في حكم النيئ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ببدر‏)‏ بفتح الموحدة وهو الطبق، سمي بذلك لاستدارته تشبيها له بالقمر عند كماله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يذكر الليث وأبو صفوان عن يونس قصة القدر‏)‏ أما رواية الليث فوصلها الذهلي في ‏"‏ الزهريات ‏"‏ وأما رواية أبي صفوان وهو الأموي فوصلها المؤلف في الأطعمة عن علي بن المديني عنه واقتصر على الحديث الأول وكذا اقتصر عقيل عن الزهري كما أخرجه ابن خزيمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا أدري الخ‏)‏ هو من كلام البخاري، ووهم من زعم أنه كلام أحمد بن صالح أو من فوقه، وقد قال البيهقي‏:‏ الأصل أن ما كان من الحديث متصلا به فهو منه حتى يجيء البيان الواضح بأنه مدرج فيه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَا سَمِعْتَ نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا أَوْ لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد العزيز‏)‏ هو ابن صهيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سأل رجل‏)‏ لم أقف على تسميته، وقد تقدم الكلام على إطلاق الشجرة على الثوم، وقوله ‏"‏فلا يقربن ‏"‏ بفتح الراء والموحدة وتشديد النون، وليس في هذا تقييد النهي بالمسجد فيستدل بعمومه على إلحاق المجامع بالمساجد كمصلي العيد والجنازة ومكان الوليمة، وقد ألحقها بعضهم بالقياس والتمسك بهذا العموم أولى، ونظيره قوله ‏"‏ وليقعد في بيته ‏"‏ كما تقدم، لكن قد علل المنع في الحديث بترك أذى الملائكة وترك أذى المسلمين، فإن كان كل منهما جزء علة اختص النهي بالمساجد وما في معناها، وهذا هو الأظهر، وإلا لعم النهي كل مجمع كالأسواق، ويؤيد هذا البحث قوله في حديث أبي سعيد عند مسلم ‏"‏ من أكل من هذه الشجرة شيئا فلا يقربنا في المسجد ‏"‏ قال القاضي ابن العربي‏:‏ ذكر الصفة في الحكم يدل على التعليل بها، ومن ثم رد على المازري حيث قال‏:‏ لو أن جماعة مسجد أكلوا كلهم ما له رائحة كريهة لم يمنعوا منه، بخلاف ما إذا أكل بعضهم، لأن المنع لم يختص بهم بل بهم وبالملائكة، وعلى هذا يتناول المنع من تناول شيئا من ذلك ودخل المسجد مطلقا ولو كان وحده‏.‏

واستدل بأحاديث الباب على أن صلاة الجماعة ليست فرض عين‏.‏

قال ابن دقيق العيد لأن اللازم من منعه أحد أمرين‏:‏ إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحا فتكون صلاة الجماعة ليست فرض عين، أو حراما فتكون صلاة الجماعة فرضا‏.‏

وجمهور الأمة على إباحة أكلها فيلزم أن لا تكون الجماعة فرض عين‏.‏

وتقريره أن يقال‏:‏ أكل هذه الأمور جائز، ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة، وترك الجماعة في حق آكلها جائز، ولازم الجائز جائز وذلك ينافي الوجوب صلى الله عليه وسلم‏.‏

ونقل عن أهل الظاهر أو بعضهم تحريمها بناء على أن الجماعة فرض عين، وتقريره أن يقال‏:‏ صلاة الجماعة فرض عين، ولا تتم إلا بترك أكلها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فترك أكل هذا واجب فيكون حراما ا ه‏.‏

وكذا نقله غيره عن أهل الظاهر، لكن صرح ابن حزم منهم بأن أكلها حلال مع قوله بأن الجماعة فرض عين، وانفصل عن اللزوم المذكور بأن المنع من أكلها مختص بمن علم بخروج الوقت قبل زوال الرائحة‏.‏

ونظيره أن صلاة الجمعة فرض عين بشروطها، ومع ذلك تسقط بالسفر‏.‏

وهو في أصله مباح، لكن يحرم على من أنشأه بعد سماع النداء‏.‏

وقال ابن دقيق العيد أيضا‏:‏ قد يستدل بهذا الحديث على أن أكل هذه الأمور من الأعذار المرخصة في ترك حضور الجماعة، وقد يقال‏:‏ إن هذا الكلام خرج مخرج الزجر عنها فلا يقتضي ذلك أن يكون عذرا في تركها إلا أن تدعو إلى أكلها ضرورة‏.‏

قال‏:‏ ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه، فإن ذلك ينفي الزجر ا ه‏.‏

ويمكن حمله على حالتين، والفرق بينهما أن الزجر وقع في حق من أراد إتيان المسجد، والإذن في التقريب وقع في حالة لم يكن فيها ذلك، بل لم يكن المسجد النبوي إذ ذاك بني، فقد قدمت أن الزجر متأخر عن قصة التقريب بست سنين‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ توهم بعضهم أن أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة، وإنما هو عقوبة لآكله على فعله إذ حرم فضل الجماعة ا ه‏.‏

وكأنه يخص الرخصة بما لا سبب للمرء فيه كالمطر مثلا، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون أكلها حراما، ولا أن الجماعة فرض عين‏.‏

واستدل المهلب بقوله ‏"‏ فإني أناجي من لا تناجي ‏"‏ على أن الملائكة أفضل من الآدميين‏.‏

وتعقب بأنه لا يلزم من تفضيل بعض الأفراد على بعض تفضيل الجنس على الجنس، واختلف هل كان أكل ذلك حراما على النبي صلى الله عليه وسلم أو لا‏؟‏ والراجح الحل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏وليس بمحرم ‏"‏ كما تقدم من حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة‏.‏

ونقل ابن التين عن مالك قال‏:‏ الفجل إن كان يظهر ريحه فهو كالثوم‏.‏

وقيده عياض بالجشاء‏.‏

قلت‏:‏ وفي الطبراني الصغير من حديث أبي الزبير عن جابر التنصيص على ذكر الفجل في الحديث، لكن في إسناده يحيى بن راشد وهو ضعيف‏.‏

وألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة‏.‏

وزاد بعضهم فألحق أصحاب الصنائع كالسماك، والعاهات كالمجذوم، ومن يؤذي الناس بلسانه، وأشار ابن دقيق العيد إلى أن ذلك كله توسع غير مرضي‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج من وجدت منه إلى البقيع كما ثبت في مسلم عن عمر رضي الله عنه‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في حديث حذيفة عند ابن خزيمة ‏"‏ من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا، ثلاثا‏"‏‏.‏

وبوب عليه ‏"‏ توقيت النهي عن إتيان الجماعة لآكل الثوم ‏"‏ وفيه نظر، لاحتمال أن يكون قوله ‏"‏ ثلاثا ‏"‏ يتعلق بالقول، أي قال ذلك ثلاثا، بل هذا هو الظاهر، لأن علة المنع وجود الرائحة وهي لا تستمر هذه المدة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 14, 2010 11:05 pm

*3* باب وُضُوءِ الصِّبْيَانِ حذف التشكيل

وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْغُسْلُ وَالطُّهُورُ وَحُضُورِهِمْ الْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزَ وَصُفُوفِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وضوء الصبيان‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ لم ينص على حكمه، لأنه لو عبر بالندب لاقتضى صحة صلاة الصبي بغير وضوء، ولو عبر بالوجوب لاقتضى أن الصبي يعاقب على تركه كما هو حد الواجب، فأتى بعبارة سالمة من ذلك، وإنما لم يذكر الغسل لندور موجبه من الصبي بخلاف الوضوء، ثم أردفه بذكر الوقت الذي يجب فيه ذلك عليه فقال‏:‏ ومتى يجب عليهم الغسل والطهور ‏"‏ وقوله ‏"‏ والطهور ‏"‏ من عطف العام على الخاص، وليس في أحاديث الباب تعيين وقت الإيجاب إلا في حديث أبي سعيد فإن مفهومه أن غسل الجمعة لا يجب على غير المحتلم، فيؤخذ منه أن الاحتلام شرط لوجوب الغسل، وأما ما رواه أبو داود والترمذي وصححه وكذا ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعا ‏"‏ علموا الصبي الصلاة ابن سبع، واضربوه عليها ابن عشر ‏"‏ فهو وإن اقتضى تعيين وقت الوضوء لتوقف الصلاة عليه فلم يقل بظاهر إلا بعض أهل العلم، قالوا‏:‏ تجب الصلاة على الصبي للأمر بضربه على تركها، وهذه صفة الوجوب، وبه قال أحمد في رواية، وحكى البندنيجي أن الشافعي أومأ إليه‏.‏

وذهب الجمهور إلى أنها لا تجب عليه إلا بالبلوغ‏.‏

وقالوا‏:‏ الأمر بضربه للتدريب‏.‏

وجزم البيهقي بأنه منسوخ بحديث ‏"‏ رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ‏"‏ لأن الرفع يستدعي سبق وضع‏.‏

وسيأتي البحث في ذلك في كتاب النكاح‏.‏

ويؤخذ من إطلاق الصبي على ابن سبع الرد على من زعم أنه لا يسمى صبيا إلا إذا كان رضيعا، ثم يقال له غلام إلى أن يصير ابن سبع، ثم يصير يافعا إلى عشر، ويوافق الحديث قول الجوهري‏:‏ الصبي الغلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وحضورهم‏)‏ بالجر عطفا على قوله ‏"‏ وضوء الصبيان ‏"‏ وكذا قوله ‏"‏ وصفوفهم‏"‏‏.‏

ثم أورد في الباب سبعة أحاديث أولها حديث ابن عباس في الصلاة على القبر، والغرض منه صلاة ابن عباس معهم ولم يكن إذ ذاك بالغا كما سيأتي دليله في خامس أحاديث الباب، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى‏.‏

ثانيها حديث أبي سعيد، وقد تقدم توجيه إيراده، ويأتي الكلام عليه في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى‏.‏

ثالثها حديث ابن عباس في مبيته في بيت ميمونة، وفيه وضوؤه وصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره له على ذلك بأن حوله فجعله عن يمينه، وقد تقدم من هذا الوجه في أوائل كتاب الطهارة، ويأتي بقية مباحثه في كتاب الوتر إن شاء الله تعالى‏.‏

رابعها حديث أنس في صف اليتيم معه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ومطابقته للترجمة من جهة أن اليتم دال على الصبا إذ لا يتم بعد احتلام، وقد أقره صلى الله عليه وسلم على ذلك‏.‏

خامسها حديث ابن عباس في مجيئه إلى منى ومروره بين يدي بعض الصف، ودخوله معهم وتقريره على ذلك وقال فيه إنه كان ناهز الاحتلام أي قاربه، وقد تقدمت مباحثه في أبواب سترة المصلي‏.‏

سادسها حديث عائشة في تأخير العشاء حتى قال عمر ‏"‏ نام النساء والصبيان ‏"‏ قال ابن رشيد‏:‏ فهم منه البخاري أن النساء والصبيان الذين ناموا كانوا حضورا في المسجد، وليس الحديث صريحا في ذلك، إذ يحتمل أنهم ناموا في البيوت، لكن الصبيان جمع محلى باللام فيعم من كان منهم مع أمه أو غيرها في البيوت ومن كان مع أمه في المسجد، وقد أورد المصنف في الباب الذي يليه حديث أبي قتادة رفعه ‏"‏ إني لأقوم إلى الصلاة ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه ‏"‏ وقد قدمنا في شرحه في أبواب الجماعة أن الظاهر أن الصبي كان مع أمه في المسجد وأن احتمال أنها كانت تركته نائما في بيتها وحضرت الصلاة فاستيقظ في غيبتها فبكى بعيد، لكن الظاهر الذي فهمه أن القضاء بالمرئي أولى من القضاء بالمقدر‏.‏

انتهى‏.‏

وقد تقدمت مباحثه في أبواب المواقيت، وساقه المصنف هنا من طريق معمر وشعيب بلفظ معمر ثم ساق لفظ شعيب في الباب الذي بعده، وقوله ‏"‏قال عياش ‏"‏ وقع في بعض الروايات ‏"‏ قال لي عياش ‏"‏ وهو بالتحتانية والمعجمة، وتحول الإسناد عند الأكثر من بعد الزهري، وأتمه في رواية المستملي، ثم ختم الباب بحديث ابن عباس في شهوده صلاة العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد صرح فيه بأنه كان صغيرا وسيأتي الكلام عليه في كتاب العيدين، وترجم له هناك ‏"‏ باب خروج الصبيان إلى المصلى ‏"‏ واستشكل قوله في الترجمة ‏"‏ وصفوفهم ‏"‏ لأنه يقتضي أن يكون للصبيان صفوف تخصهم وليس في الباب ما يدل على ذلك وأجيب بأن المراد بصفوفهم وقوفهم في الصف مع غيرهم، وفقه ذلك هل يخرج من وقف معه الصبي في الصف عن أن يكون فردا حتى يسلم من بطلان صلاته عند من يمنعه أو كراهته وظاهر حديث أنس يقتضي الإجزاء، فهو حجة على من منع ذلك من الحنابلة مطلقا، وقد نص أحمد على أنه يجزئ في النفل دون الفرض وفيه ما فيه صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ وَالْغَلَسِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس‏)‏ أورد فيه ستة أحاديث تقدم الكلام عليها إلا الثاني والأخير، وبعضها مطلق في الزمان وبعضها مقيد بالليل أو الغلس، فحمل المطلق في الترجمة على المقيد، وللفقهاء في ذلك تفاصيل ستأتي الإشارة إلى بعضها‏.‏

فأول أحاديث الباب حديث عائشة في تأخير العشاء حتى نادى عمر‏:‏ نام النساء والصبيان، وقد تقدم سادسا لأحاديث الباب الذي قبله‏.‏

ثانيها حديث ابن عمر في النهي عن منع النساء عن المسجد‏.‏

ثالثها حديث أم سلمة في مكث الإمام بعد السلام حتى ينصرف النساء، وقد تقدم الكلا عليه قبل أربعة أبواب‏.‏

رابعها حديث عائشة في صلاة الصبح بغلس ورجوع النساء متلفعات، وقد تقدم الكلام عليه قبل في المواقيت‏.‏

خامسها حديث أبي قتادة في تخفيف الصلاة حين بكى الصبي لأجل أمه، وقد تقدم الكلام عليه في الإمامة‏.‏

سادسها حديث عائشة في منع نساء بني إسرائيل المساجد، وسأذكر فوائده بعد الكلام على الحديث الثاني وهو حديث ابن عمر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن حنظلة‏)‏ هو ابن أبي سفيان الجمحي، وسالم بن عبد الله أي ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد‏)‏ لم يذكر أكثر الرواة عن حنظلة قوله ‏"‏ بالليل ‏"‏ كذلك أخرجه مسلم وغيره، وقد اختلف فيه على الزهري عن سالم أيضا، فأورده المصنف بعد بابين من رواية معمر ومسلم من رواية يونس بن يزيد وأحمد من رواية عقيل والسراج من رواية الأوزاعي كلهم من الزهري بغير تقييد، وكذا أخرجه المصنف في النكاح عن علي بن المديني عن سفيان بن عيينة عن الزهري بغير قيد، ووقع عند أبي عوانة في صحيحه عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن عيينة مثله لكن قال في آخره ‏"‏ يعني بالليل ‏"‏ وبين ابن خزيمة عن عبد الجبار بن العلاء أن سفيان بن عيينة هو القائل ‏"‏ يعني‏"‏، وله عن سعيد بن عبد الرحمن عن ابن عيينة قال ‏"‏ قال نافع بالليل‏"‏، وله عن يحيى بن حكيم عن ابن عيينة قال ‏"‏ جاءنا رجل فحدثنا عن نافع قال‏:‏ إنما هو بالليل ‏"‏ وسمي عبد الرزاق عن ابن عيينة الرجل المبهم فقال بعد روايته عن الزهري ‏"‏ قال ابن عيينة وحدثنا عبد الغفار - يعني ابن القاسم - أنه سمع أبا جعفر يعني الباقر يخبر بمثل هذا عن ابن عمر، قال فقال له نافع مولي ابن عمر‏:‏ إنما ذلك بالليل ‏"‏ وكأن اختصاص الليل بذلك لكونه أستر، ولا يخفى أن محل ذلك إذا أمنت المفسدة منهن وعليهن، قال النووي‏:‏ استدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لنوحه الأمر إلى الأزواج بالإذن، وتعقبه ابن دقيق العيد بأنه إن أخذ من المفهوم فهو مفهوم لقب وهو ضعيف، لكن يتقوى بأن يقال‏:‏ إن منع الرجال نساءهم أمر مقرر، وإنما علق الحكم بالمساجد لبيان محل الجواز فيبقى ما عداه على المنع، وفيه إشارة إلى أن الإذن المذكور لغير الوجوب، لأنه لو كان واجبا لانتفى معنى الاستئذان، لأن ذلك إنما يتحقق إذا كان المستأذن مخيرا في الإجابة أو الرد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر‏)‏ ذكر المزي في الأطراف تبعا لخلف وأبي مسعود أن هذه المتابعة وقعت بعد رواية ورقاء عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عمر بهذا الحديث، ولم أقف على ذلك في شيء من الروايات التي اتصلت لنا من البخاري في هذا الموضع، وإنما وقعت المتابعة المذكورة عقب رواية حنظلة عن سالم، وقد وصلها أحمد قال ‏"‏ حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة ‏"‏ فذكر الحديث بزيادة سيأتي ذكرها قريبا‏.‏

نعم أخرج البخاري رواية ورقاء في أوائل كتاب الجمعة بلفظ ‏"‏ ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد ‏"‏ ولم يذكر بعده متابعة ولا غيرها، ووافقه مسلم على إخراجه من هذا الوجه أيضا وزاد فيه ‏"‏ فقال له ابن له يقال له واقد‏:‏ إذا يتخذنه دغلا، قال‏:‏ فضرب في صدره وقال‏:‏ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول لا ‏"‏ ولم أر لهذه القصة ذكرا في شيء من الطرق التي أخرجها البخاري لهذا الحديث، وقد أوهم صنيع صاحب العمدة خلاف ذلك، ولم يتعرض لبيان ذلك أحد من شراحه، وأظن البخاري اختصرها للاختلاف في تسمية ابن عبد الله بن عمر، فقد رواه مسلم من وجه آخر عن ابن عمر وسمي الابن بلالا فأخرجه من طريق كعب بن علقمة عن بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه بلفظ ‏"‏ لا تمنعوا النساء حظوظهن المساجد إذا استأذنكم، فقال بلال‏:‏ والله لنمنعهن ‏"‏ الحديث‏.‏

وللطبراني من طريق عبد الله بن هبيرة عن بلال بن عبد الله نحوه وفيه ‏"‏ فقلت أما أنا فسأمنع أهلي، فمن شاء فليسرح أهله ‏"‏ وفي رواية يونس عن ابن شهاب الزهري عن سالم في هذا الحديث ‏"‏ قال فقال بلال بن عبد الله‏:‏ والله لنمنعهن ‏"‏ ومثله في رواية عقيل عند أحمد، وعنده في رواية شعبة عن الأعمش المذكورة ‏"‏ فقال سالم أو بعض بنيه‏:‏ والله لا ندعهن يتخذنه دغلا ‏"‏ الحديث‏.‏

والراجح من هذا أن صاحب القصة بلال لورود ذلك من روايته نفسه ومن رواية أخيه سالم، ولم يختلف عليهما في ذلك‏.‏

وأما هذه الرواية الأخيرة فمرجوحة لوقوع الشك فيها، ولم أره مع ذلك في شيء من الروايات عن الأعمش مسمى ولا عن شيخه مجاهد، فقد أخرجه أحمد من رواية إبراهيم بن مهاجر وابن أبي نجيح وليث بن أبي سليم كلهم عن مجاهد ولم يسمه أحد منهم، فإن كانت رواية عمرو بن دينار عن مجاهد محفوظة في تسميته واقدا فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقع وقع منه ذلك إما في مجلس أو في مجلسين، وأجاب ابن عمر كلا منهما بجواب يليق به، ويقويه اختلاف النقلة في جواب ابن عمر، ففي رواية بلال عند مسلم ‏"‏ فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته يسبه مثله قط ‏"‏ وفسر عبد الله بن هبيرة في رواية الطبراني السب المذكور باللعن ثلاث مرات‏.‏

وفي رواية زائدة عن الأعمش ‏"‏ فانتهره وقال‏:‏ أف لك ‏"‏ وله عن ابن نمير عن الأعمش ‏"‏ فعل الله بك وفعل ‏"‏ ومثله للترمذي من رواية عيسى بن يونس، ولمسلم من رواية أبي معاوية ‏"‏ فزبره ‏"‏ ولأبي داود من رواية جرير ‏"‏ فسبه وغضب ‏"‏ فيحتمل أن يكون بلال البادئ فلذلك أجابه بالسب المفسر باللعن، وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسب المفسر بالتأفيف مع الدفع في صدره، وكأن السر في ذلك أن بلالا عارض الخبر برأيه ولم يذكر علة المخالفة، ووافقه واقد لكن ذكرها بقوله ‏"‏ يتخذنه دغلا ‏"‏ وهو بفتح المهملة ثم المعجمة وأصله الشجر الملتف ثم استعمل في المخادعة لكون المخادع يلف في ضميره أمرا ويظهر غيره، وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة، وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث، وإلا فلو قال مثلا إن الزمان قد تغير وإن بعضهن ربما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره لكان يظهر أن لا ينكر عليه، وإلى ذلك أشارت عائشة بما ذكر في الحديث الأخير‏.‏

وأخذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترض على السنن برأيه، وعلى العالم بهواه، وتأديب الرجل ولده وإن كان كبيرا إذا تكلم بما لا ينبغي له، وجواز التأديب بالهجران، فقد وقع في رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد ‏"‏ فما كلمه عبد الله حتى مات ‏"‏ وهذا إن كان محفوظا يحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة بيسير‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )24
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )19
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )20
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كِتَاب الْأَذَانِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: