foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:57 am

*3* باب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القيام للجنازة‏)‏ إي إذا مرت على من ليس معها، وأما قيام من كان معها إلى أن توضع بالأرض فسيأتي في ترجمة مفردة‏.‏

وسنذكر اختلاف العلماء في كل منهما فيما بعد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى تخلفكم‏)‏ بضم أوله وفتح المعجمة وتشديد اللام المكسورة بعدها فاء أي تترككم وراءها، ونسبة ذلك إليها على سبيل المجاز لأن المراد حاملها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏)‏ هذا السياق لفظ الحميدي في مسنده، ويحتمل أن يكون علي بن عبد الله حدث به على السياقين فقال مرة ‏"‏ عن سفيان حدثنا الزهري عن سالم ‏"‏ وقال مرة ‏"‏ قال الزهري أخبرني سالم ‏"‏ والمراد من السياقين أن كلا منهما سمعه من شيخه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زاد الحميدي‏)‏ يعني عن سفيان بهذا الإسناد، وقد رويناه موصلا في مسنده، وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريقه كذلك، وكذا أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وثلاثة معه أربعتهم عن سفيان بالزيادة إلا أنه في سياقهم بالعنعنة، وفي هذا الإسناد رواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي في نسق والله أعلم‏.‏

*3* باب مَتَى يَقْعُدُ إِذَا قَامَ لِلْجَنَازَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب متى يقعد إذا قام للجنازة‏)‏ سقط هذا الباب والترجمة من رواية المستملي وثبتت الترجمة دون الباب لرفيقه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يخلفها أو تخلفه‏)‏ شك من البخاري، أو من قتيبة حين حدثه به، وقد رواه النسائي عن قتيبة ومسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث فقالا‏:‏ ‏"‏ حتى تخلفه ‏"‏ من غير شك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو توضع من قبل أن تخلفه‏)‏ فيه بيان للمراد من رواية سالم الماضية، وقد أخرجه مسلم من طريق ابن جريج عن نافع بلفظ ‏"‏ إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى تخلفه إذا كان غير متبعها‏"‏‏.‏

*3* باب مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالْقِيَامِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال‏)‏ كأنه أشار بهذا إلى ترجيح رواية من روى في حديث الباب ‏"‏ حتى توضع بالأرض ‏"‏ على رواية من روى ‏"‏ حتى توضع في اللحد ‏"‏ وفيه اختلاف على سهيل بن أبي صالح عن أبيه، قال أبو داود‏:‏ ‏"‏ رواه أبو معاوية عن سهيل فقال ‏"‏ حتى توضع في اللحد‏"‏، وخالفه الثوري وهو أحفظ فقال ‏"‏ في الأرض ‏"‏ انتهى، ورواه جرير عن سهيل فقال ‏"‏ حتى توضع ‏"‏ حسب، وزاد ‏"‏ قال سهيل‏:‏ ورأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال ‏"‏ أخرجه أبو نعيم في المستخرج بهذه الزيادة، وهو في مسلم بدونها، وفي المحيط للحنفية‏:‏ الأفضل أن يهال عليها التراب، وحجتهم رواية أبي معاوية، ورجح الأول عند البخاري بفعل أبي صالح لأنه راوي الخبر أعرف بالمراد منه، ورواية أبي معاوية مرجوحة كما قال أبو داود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن قعد أمر بالقيام‏)‏ فيه إشارة إلى أن القيام في هذا لا يفوت بالقعود، لأن المراد به تعظيم أمر الموت، وهو لا يفوت بذلك‏.‏

وأما قول المهلب‏:‏ قعود أبي هريرة ومروان يدل على أن القيام ليس بواجب وأنه ليس عليه العمل، فإن أراد أنه ليس بواجب عندهما فظاهر، وإن أراد في نفس الأمر فلا دلالة فيه على ذلك‏.‏

ويدل على الأول ما رواه الحاكم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فساق نحو القصة المذكورة وزاد ‏"‏ إن مروان لما قال له أبو سعيد قم قام، ثم قال له‏:‏ لم أقمتني‏؟‏ فذكر الحديث‏.‏

فقال لأبي هريرة‏:‏ فما منعك أن تخبرني‏؟‏ قال‏:‏ كنت إماما فجلست‏"‏‏.‏

فعرف بهذا أن أبا هريرة لم يكن يراه واجبا، وأن مروان لم يكن يعرف حكم المسألة قبل ذلك، وأنه بادر إلى العمل بها بخبر أبي سعيد‏.‏

وروى الطحاوي من طريق الشعبي عن أبي سعيد قال ‏"‏ مر على مروان بجنازة فلم يقم، فقال له أبو سعيد‏.‏

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت عليه جنازة فقام، فقام مروان ‏"‏ وأظن هذه الرواية مختصرة من القصة‏.‏

وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال أكثر الصحابة والتابعين باستحبابه كما نقله ابن المنذر، وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن، وروى البيهقي من طريق أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما أن القائم مثل الحامل، يعني في الأجر‏.‏

وقال الشعبي والنخعي‏:‏ يكره القعود قبل أن توضع‏.‏

وقال بعض السلف‏:‏ يجب القيام، واحتج له برواية سعيد عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا ‏"‏ ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع ‏"‏ أخرجه النسائي‏.‏

‏(‏تنبيهان‏)‏ الأول‏:‏ قال الزين بن المنير‏:‏ إنما نوع هذه التراجم مع إمكان جمعها في ترجمة واحدة للإشارة إلى الاعتناء بها وما يختص كل طريق منها بحكمة، ولأن بعض ذلك وقع فيما ليس على شرطه فاكتفى بذكره في الترجمة لصلاحيته للاستدلال‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ ‏:‏ قال ثبت بين حديثي الباب ترجمة لفظها ‏"‏ باب من تبع جنازة ‏"‏ وجد ذلك في نسخة محررة مسموعة، فإن سقطت في غيرها قدم من أثبت على من نفى، قال‏:‏ وإنما لم يستغن عنها بما قبلها لتصريحه في الخبر بأنهما جلسا قبل أن توضع، وأطال في تقرير ذلك وأن ذكرها أولى من حذفها‏.‏

وهو عجيب منه فإن الذي تضمنه الحديث الثاني من الزيادة قد اشتملت عليه الترجمة الأولى، وليس في الترجمة زيادة على ما في الحديثين إلا قوله ‏"‏ عن مناكب الرجال ‏"‏ وقد ذكرت من وقعت في روايته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم، وهشام هو الدستوائي، ويحيى هو ابن أبي كثير، وحديث أبي سعيد هذا أبين سياقا من حديث عامر بن ربيعة، وهو يوضح أن المراد بالغاية المذكورة من كان معها أو مشاهدا لها، وأما من مرت به فليس عليه من القيام إلا قدر ما تمر عليه أو توضع عنده بأن يكون بالمصلى مثلا‏.‏

وروى أحمد من طريق سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ من صلى على جنازة ولم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه، وإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع ‏"‏ وفي هذا السياق بيان لغاية القيام، وأنه لا يختصن بمن مرت به، ولفظ القيام يتناول من كان قاعدا، فأما من كان راكبا فيحتمل أن يقال ينبغي له أن يقف ويكون الوقوف في حقه كالقيام في حق القاعد، واستدل بقوله ‏"‏ فإن لم يكن معها ‏"‏ على أن شهود الجنازة لا يجب على الأعيان‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:58 am

*3* باب مَنْ قَامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من قام لجنازة يهودي‏)‏ أي أو نحوه من أهل الذمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا بِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هشام‏)‏ هو الدستوائي و ‏(‏يحيى‏)‏ هو ابن أبي كثير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مر بنا‏)‏ بضم الميم على البناء للمجهول‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ مرت ‏"‏ بفتح الميم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقام‏)‏ زاد غير كريمة ‏"‏ لها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقمنا‏)‏ في رواية أبي ذر ‏"‏ وقمنا ‏"‏ بالواو، وزاد الأصيلي وكريمة ‏"‏ له ‏"‏ والضمير للقيام أي لأجل قيامه، وزاد أبو داود من طريق الأوزاعي عن يحيى ‏"‏ فلما ذهبنا لنحمل قيل إنها جنازة يهودي ‏"‏ زاد البيهقي من طريق أبي قلابة الرقاشي عن معاذ بن فضالة شيخ البخاري فيه ‏"‏ فقال إن الموت فزع ‏"‏ وكذا لمسلم من وجه آخر عن هشام‏.‏

قال القرطبي‏:‏ معناه أن الموت يفزع منه، إشارة إلى استعظامه، ومقصود الحديث أن لا يستمر الإنسان على الغفلة بعد رؤية الموت، لما يشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، قمن ثم استوى فيه كون الميت مسلما أو غير مسلم‏.‏

وقال غيره‏:‏ جعل نفس الموت فزعا مبالغة كما يقال رجل عدل، قال البيضاوي‏:‏ هو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة، وفيه تقدير أي الموت ذو فزع انتهى‏.‏

ويؤيد الثاني رواية أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إن للموت فزعا ‏"‏ أخرجه ابن ماجه، وعن ابن عباس مثله عند البزار قال‏:‏ وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب، ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وَسَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فمروا عليهما‏)‏ في رواية المستملي والحموي ‏"‏ عليهم ‏"‏ أي على قيس وهو ابن سعد بن عبادة وسهل وهو ابن حنيف ومن كان حينئذ معهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من أهل الأرض أي من أهل الذمة‏)‏ كذا فيه بلفظ أي التي يفسر بها، وهي رواية الصحيحين وغيرهما، وحكى ابن التين عن الداودي أنه شرحه بلفظ أو التي للشك‏.‏

وقال‏:‏ لم أره لغيره، وقيل لأهل الذمة أهل الأرض لأن المسلمين لما فتحوا البلاد أقروهم على عمل الأرض وحمل الخراج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أليست نفسا‏)‏ هذا لا يعارض التعليل المتقدم حيث قال ‏"‏ إن للموت فزعا ‏"‏ على ما تقدم، وكذا ما أخرجه الحاكم من طريق قتادة عن أنس مرفوعا فقال ‏"‏ إنما قمنا للملائكة‏"‏، ونحوه لأحمد من حديث أبي موسى، ولأحمد وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا ‏"‏ إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس ‏"‏ ولفظ ابن حبان ‏"‏ إعظاما لله الذي يقبض الأرواح ‏"‏ فإن ذلك أيضا لا ينافي التعليل السابق، لأن القيام للفزع من الموت فيه تنظيم لأمر الله، وتعظيم للقائمين بأمره في ذلك وهم الملائكة، وأما ما أخرجه أحمد من حديث الحسن بن علي قال ‏"‏ إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم أذيا بريح اليهودي ‏"‏ زاد الطبراني من حديث عبد الله بن عياش بالتحتانية والمعجمة ‏"‏ فأذاه ريح بخورها ‏"‏ وللطبراني والبيهقي من وجه آخر عن الحسن ‏"‏ كراهية أن تعلو رأسه ‏"‏ فإن ذلك لا يعارض الأخبار الأولى الصحيحة، أما أولا فلأن أسانيدها لا تقاوم تلك في الصحة، وأما ثانيا فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فكأن الراوي لم يسمع التصريح بالتعليل منه فعلل باجتهاده‏.‏

وقد روى ابن أبي شيبة من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت قال ‏"‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلعت جنازة، فلما رآها قام وقام أصحابه حتى بعدت، والله ما أدري من شأنها أو من تضايق المكان، وما سألناه عن قيامه ‏"‏ ومقتضى التعليل بقوله ‏"‏ أليست نفسا ‏"‏ أن ذلك يستحب لكل جنازة، وإنما اقتصر في الترجمة على اليهودي وقوفا مع لفظ الحديث، وقد اختلف أهل العلم في أصل المسألة فذهب الشافعي إلى أنه غير واجب فقال‏:‏ هذا إما أن يكون منسوخا أو يكون قام لعلة، وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله، والحجة في الآخر من أمره، والقعود أحب إلي انتهى‏.‏

وأشار بالترك إلى حديث علي ‏"‏ إنه صلى الله عليه وسلم قام للجنازة ثم قعد ‏"‏ أخرجه مسلم، قال البيضاوي‏:‏ يحتمل قول علي ‏"‏ ثم قعد ‏"‏ أي بعد أن جاوزته وبعدت عنه، ويحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلا، وعلى هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب، ويحتمل أن يكون نسخا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأول أرجح لأن احتمال المجاز - يعني في الأمر - أولى من دعوى النسخ انتهى‏.‏

والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي من حديث علي أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا ثم حدثهم الحديث، ومن ثم قال بكراهة القيام جماعة منهم سليم الرازي وغيره من الشافعية‏.‏

وقال ابن حزم‏:‏ قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب، ولا يجوز أن يكون نسخا لأن النسخ لا يكون إلا بنهي أو بترك معه نهي انتهى‏.‏

وقد ورد معنى النهي من حديث عبادة قال ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم للجنازة، فمر به حبر من اليهود فقال‏:‏ هكذا نفعل، فقال‏:‏ اجلسوا وخالفوهم ‏"‏ أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي، فلو لم يكن إسناده ضعيفا لكان حجة في النسخ‏.‏

وقال عياض‏:‏ ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث علي، وتعقبه النووي بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع وهو هنا ممكن قال‏:‏ والمختار أنه مستحب، وبه قال المتولي انتهى‏.‏

وقول صاحب المهذب هو على التخيير كأنه مأخوذ من قول الشافعي المتقدم لما تقضيه صيغة أفعل من الاشتراك، ولكن القعود عنده أولى، وعكسه قول ابن حبيب وابن الماجشون من المالكية‏:‏ كان قعوده صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر‏.‏

واستدل بحديث الباب على جواز إخراج جنائز أهل الذمة نهارا غير متميزة عن جنائز المسلمين، أشار إلى ذلك الزين بن المنير قال‏:‏ وإلزامهم بمخالفة رسوم المسلمين وقع اجتهادا من الأئمة‏.‏

ويمكن أن يقال إذا ثبت النسخ للقيام تبعه ما عداه، فيحمل على أن ذلك كان عند مشروعية القيام، فلما ترك القيام منع من الإظهار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو حمزة‏)‏ هو السكري، وعمرو هو ابن مرة المذكور في الإسناد الذي قبله، وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق عبدان عن أبي حمزة ولفظه نحو حديث شعبة، إلا أنه قال في روايته‏:‏ فمرت عليهما جنازة فقاما، ولم يقل فيه بالقادسية‏.‏

وأراد المصنف بهذا التعليق بيان سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى لهذا الحديث من سهل وقيس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال زكرياء‏)‏ هو ابن أبي زائدة، وطريقه هذه موصولة عند سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عنه، وأبو مسعود المذكور فيها هو البدري، ويجمع بين ما وقع فيه من الاختلاف بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى ذكر قيسا وسهلا مفردين لكونهما رفعا له الحديث، وذكره مرة أخرى عن قيس وأبي مسعود لكون أبي مسعود لم يرفعه‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3* باب حَمْلِ الرِّجَالِ الْجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب حمل الرجال الجنازة دون النساء‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ ليست الحجة من حديث الباب بظاهرة في منع النساء، لأنه من الحكم المعلق على شرط‏.‏

وليس فيه أن لا يكون الواقع إلا ذلك، لو سلم فهو من مفهوم اللقب‏.‏

ثم أجاب بأن كلام الشارع مهما أمكن حمله على التشريع لا يحمل على مجرد الإخبار عن الواقع، ويؤيده العدول عن المشاكلة في الكلام حيث قال‏:‏ إذا وضعت فاحتملها الرجال، ولم يقل فاحتملت، فلما قطع احتملت عن مشاكلة وضعت دل على قصد تخصيص الرجال بذلك، وأيضا فجواز ذلك للنساء وإن كان يؤخذ بالبراءة الأصلية لكنه معارض بأن في الحمل على الأعناق والأمر بالإسراع مظنة الانكشاف غالبا، وهو مباين‏.‏

للمطلوب منهن من التستر مع ضعف نفوسهن عن مشاهدة الموتى غالبا فكيف بالحمل، مع ما يتوقع من صراخهن عند حمله ووضعه وغير ذلك من وجوه المفاسد انتهى ملخصا‏.‏

وقد ورد ما هو أصرح من هذا في منعهن، ولكنه على غير شرط المصنف، ولعله أشار إليه وهو ما أخرجه أبو يعلى من حديث أنس قال ‏"‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأى نسوة فقال‏:‏ أتحملنه‏؟‏ قلن‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ أتدفنه‏؟‏ قلن‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فارجعن مأزورات غير مأجورات‏"‏‏.‏

ونقل النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ أنه لا خلاف في هذه المسألة بين العلماء، والسبب فيه ما تقدم، ولأن الجنازة لا بد أن يشيعها الرجال فلو حملها النساء لكان ذلك ذريعة إلى اختلاطهن بالرجال فيفضي إلى الفتنة‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ قد عذر الله النساء لضعفهن حيث قال ‏(‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء‏)‏ الآية، وتعقبه الزين بن المنير بأن الآية لا تدل على اختصاصهن بالضعف بل على المساواة انتهى‏.‏

والأولى أن ضعف النساء بالنسبة إلى الرجال من الأمور المحسوسة التي لا تحتاج إلى دليل خاص‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه أنه سمع أبا سعيد‏)‏ لسعيد المقبري فيه إسناد آخر رواه ابن أبي ذئب عنه عن عبد الرحمن بن مهران عن أبي هريرة أخرجه النسائي وابن حبان وقال‏:‏ الطريقان جميعا محفوظان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا وضعت الجنازة‏)‏ في رواية ابن أبي ذئب المذكورة ‏"‏ إذا وضع الميت على السرير ‏"‏ فدل على أن المراد بالجنازة الميت، وقد تقدم أن هذا اللفظ يطلق على الميت وعلى السرير الذي يحمل عليه أيضا، وسيأتي بقية الكلام عليه بعد باب‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:00 am

*3* باب السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ حذف التشكيل

وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ وَامْشِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ قَرِيبًا مِنْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السرعة بالجنازة‏)‏ أي نعد أن تحمل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ أنتم مشيعون، فامش‏)‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فامشوا ‏"‏ وأثر أنس هذا وصله عبد الوهاب بن عطاء الخفاف في ‏"‏ كتاب الجنائز ‏"‏ له عن حميد عن أنس بن مالك أنه ‏"‏ سئل عن المشي في الجنازة فقال‏:‏ أمامها وخلفها، وعن يمينها وشمالها، إنما أنتم مشيعون‏"‏‏.‏

ورويناه عاليا في ‏"‏ رباعيات أبي بكر الشافعي ‏"‏ من طريق يزيد بن هرون عن حميد كذلك، وبنحوه أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش عن حميد، وأخرجه عبد الرزاق عن أبي جعفر الرازي عن حميد ‏"‏ سمعت العيزار - يعني ابن حريث - سأل أنس بن مالك - يعني عن المشي مع الجنازة - فقال‏:‏ إنما أنت مشيع ‏"‏ فذكر نحوه، فاشتمل على فائدتين‏:‏ تسمية السائل، والتصريح بسماع حميد‏.‏

قال الزين بن المنير‏:‏ مطابقة هذا الأثر للترجمة أن الأثر يتضمن التوسعة على المشيعين وعدم التزامهم جهة معينة، وذلك لما علم من تفاوت أحوالهم في المشي، وقضية الإسراع بالجنازة أن لا يلزموا بمكان واحد يمشون فيه لئلا يشق على بعضهم ممن يضعف في المشي عمن يقوى عليه، ومحصله أن السرعة لا تتفق غالبا إلا مع عدم التزام المشي في جهة معينة فتناسبا، وقد سبق إلى نحو ذلك أبو عبد الله بن المرابط فقال‏:‏ قول أنس ليس من معنى الترجمة إلا من وجه أن الناس في مشيهم متفاوتون‏.‏

وقال ابن رشيد‏:‏ ويمكن أن يقال لفظ المشي والتشييع في أثر أنس أعم من الإسراع والبطء، فلعله أراد أن يفسر أثر أنس بالحديث، قال‏:‏ ويمكن أن يكون أراد أن يبين بقول أنس أن المراد بالإسراع ما لا يخرج عن الوقار لمتبعها بالمقدار الذي يصدق عليه به المصاحبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال غيره قريبا منها‏)‏ أي قال غير أنس مثل قول أنس وقيد ذلك بالقرب من الجنازة لأن من بعد عنها يصدق عليه أيضا أنه مشى أمامها وخلفها مثلا، والغير المذكور أظنه عبد الرحمن بن قرط بضم القاف وسكون الراء بعدها مهملة، قال سعيد بن منصور ‏"‏ حدثنا مسكين بن ميمون حدثني عروة بن رويم قال شهد عبد الرحمن بن قرط جنازة، فرأى ناسا تقدموا وآخرين استأخروا، فأمر بالجنازة فوضعت، ثم رماهم بالحجارة حتى اجتمعوا إليه، ثم أمر بها فحملت ثم قال‏:‏ بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها ‏"‏ وعبد الرحمن المذكور صحابي ذكر البخاري ويحيي بن معين أنه كان من أهل الصفة وكان واليا على حمص في زمن عمر، ودل إيراد البخاري لأثر أنس المذكور على اختيار هذا المذهب هو التخيير في المشي مع الجنازة، وهو قول الثوري وبه قال ابن حزم لكن قيده بالماشي اتباعا لما أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم من حديث المغيرة بن شعبة مرفوعا ‏"‏ الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها ‏"‏ وعن النخعي أنه إن كان في الجنازة نساء مشى أمامها وإلا فخلفها، وفي المسألة مذهبان آخران مشهوران‏:‏ فالجمهور على أن المشي أمامها أفضل، وفيه حديث لابن عمر أخرجه أصحاب السنن ورجاله رجال الصحيح إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، ويعارضه ما رواه سعيد بن منصور وغيره من طريق عبد الرحمن بن أبزى عن علي قال ‏"‏ المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ ‏"‏ إسناده حسن، وهو موقوف له حكم المرفوع، لكن حكى الأثرم عن أحمد أنه تكلم في إسناده، وهو قول الأوزاعي وأبي حنيفة ومن تبعهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حفظناه من الزهري‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ عن ‏"‏ بدل من، والأول أولى لأنه يقتضي سماعه منه بخلاف رواية المستملي، وقد صرح الحميدي في مسنده بسماع سفيان له من الزهري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سعيد بن المسيب‏)‏ كذا قال سفيان وتابعه معمر وابن أبي حفصة عند مسلم، وخالفهم يونس فقال ‏"‏ عن الزهري حدثني أبو أمامة بن سهل عن أبي هريرة ‏"‏ وهو محمول على أن للزهري فيه شيخين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أسرعوا‏)‏ نقل ابن قدامة أن الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء، وشذ ابن حزم فقال بوجوبه، والمراد بالإسراع شدة المشي وعلى ذلك حمله بعض السلف وهو قول الحنفية‏.‏

قال صاحب الهداية‏:‏ ويمشون بها مسرعين دون الخبب، وفي المبسوط‏:‏ ليس فيه شيء مؤقت، غير أن العجلة أحب إلى أبي حنيفة، وعن الشافعي والجمهور المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد، ويكره الإسراع الشديد‏.‏

ومال عياض إلى نفي الخلاف فقال‏:‏ من استحبه أراد الزيادة على المشي المعتاد، ومن كرهه أراد الإفراط فيه كالرمل‏.‏

والحاصل أنه يستحب الإسراع لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل أو المشيع لئلا ينافي المقصود من النظافة وإدخال المشقة على المسلم، قال القرطبي‏:‏ مقصود الحديث أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن، ولأن التباطؤ ربما أدى إلى التباهي والاختيال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بالجنازة‏)‏ أي بحملها إلى قبرها، وقيل المعنى بتجهيزها، فهو أعم من الأول، قال القرطبي‏:‏ والأول أظهر‏.‏

وقال النووي‏:‏ الثاني باطل مردود بقوله في الحديث ‏"‏ تضعونه عن رقابكم‏"‏‏.‏

وتعقبه الفاكهي بأن الحمل على الرقاب قد يعبر به عن المعاني كما تقول حمل فلان على رقبته ذنوبا، فيكون المعنى استريحوا من نظر من لا خير فيه، قال‏:‏ ويؤيده أن الكل لا يحملونه انتهى‏.‏

ويؤيده حديث ابن عمر ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره ‏"‏ أخرجه الطبراني بإسناد حسن، ولأبي داود من حديث حصين بن وحوح مرفوعا ‏"‏ لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن تك صالحة‏)‏ أي الجثة المحمولة‏.‏

قال الطيبي‏:‏ جعلت الجنازة عين الميت، وجعلت الجنازة التي هي مكان الميت مقدمة إلى الخير الذي كني به عن عمله الصالح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فخير‏)‏ هو خبر مبتدأ محذوف أي فهو خير، أو مبتدأ خبره محذوف أي فلها خير، أو فهناك خير، ويؤيده رواية مسلم بلفظ ‏"‏ قربتموها إلى الخير ‏"‏ ويأتي في قوله بعد ذلك ‏"‏ فشر ‏"‏ نظير ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تقدمونها إليه‏)‏ الضمير راجع إلى الخير باعتبار الثواب، قال ابن مالك‏:‏ روي ‏"‏ تقدمونه إليها ‏"‏ فأنث الضمير على تأويل الخير بالرحمة أو الحسنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تضعونه عن رقابكم‏)‏ استدل به على أن حمل الجنازة يختص بالرجال للإتيان فيه بضمير المذكر ولا يخفى ما فيه‏.‏

وفيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت، لكن بعد أن يتحقق أنه مات، أما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت فينبغي أن لا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة ليتحقق موتهم، نبه على ذلك ابن بزيزة، ويؤخذ من الحديث ترك صحبة أهل البطالة وغير الصالحين‏.‏

*3* باب قَوْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى الْجِنَازَةِ قَدِّمُونِي حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الميت وهو على الجنازة‏)‏ أي السرير ‏(‏قدموني‏)‏ أي إن كان صالحا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لِأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَ الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا وضعت الجنازة‏)‏ يحتمل أن يريد بالجنازة نفس الميت وبوضعه جعله في السرير، ويحتمل أن يريد السرير والمرد وضعها على الكتف، والأول أولى لقوله بعد ذلك ‏"‏ فإن كانت صالحة قالت ‏"‏ فإن المراد به الميت‏.‏

ويؤيده رواية عبد الرحمن بن مهران عن أبي هريرة المذكور بلفظ ‏"‏ إذا وضع المؤمن على سريره يقول قدموني ‏"‏ الحديث‏.‏

وظاهره أن قائل ذلك هو الجسد المحمول على الأعناق‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ إنما يقول ذلك الروح، ورده ابن المنير بأنه لا مانع أن يرد الله الروح إلى الجسد في تلك الحال ليكون ذلك زيادة في بشرى المؤمن وبؤس الكافر، وكذا قال غيره وزاد‏:‏ ويكون ذلك مجازا باعتبار ما يؤول إليه الحال بعد إدخال القبر وسؤال الملكين‏.‏

قلت‏:‏ وهو بعيد ولا حاجة إلى دعوى إعادة الروح إلى الجسد قبل الدفن لأنه يحتاج إلى دليل، فمن الجائز أن يحدث الله النطق في الميت إذا شاء‏.‏

وكلام ابن بطال فيما يظهر لي أصوب‏.‏

وقال ابن بزيرة‏.‏

قوله في آخر الحديث ‏"‏ يسمع صوتها كل شيء ‏"‏ دال على أن ذلك بلسان القال لا بلسان الحال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن كانت غير ذلك‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ غير صالحة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالت لأهلها‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أي لأجل أهلها إظهارا لوقوعه في الهلكة، وكل من وقع في الهلكة دعا بالويل‏.‏

ومعني النداء يا حزني‏.‏

وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه، أو كأنه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنها غيره‏.‏

ويؤيد الأول أن في رواية أبي هريرة المذكورة ‏"‏ قال يا ويلتاه أين تذهبون بي ‏"‏ فدل على أن ذلك من تصرف الرواة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لصعق‏)‏ أي لغشي عليه من شدة ما يسمعه، وربما أطلق ذلك على الموت، والضمير في يسمعه راجع إلى دعائه بالويل أي يصيح بصوت منكر لو سمعه الإنسان لغشي عليه قال ابن بزيزة‏:‏ هو مختص بالميت الذي هو غير صالح، وأما الصالح فمن شأنه اللطف والرفق في كلامه فلا يناسب الصعق من سماع كلامه انتهى‏:‏ ويحتمل أن يحصل الصعق من سماع كلام الصالح لكونه غير مألوف، وقد روى أبو القاسم بن منده هذا الحديث في ‏"‏ كتاب الأهوال ‏"‏ بلفظ ‏"‏ لو سمعه الإنسان لصعق من المحسن والمسيء ‏"‏ فإن كان المراد به المفعول دل على وجود الصعق عند سماع كلام الصالح أيضا، وقد استشكل هذا مع ما ورد في حديث السؤال في القبر فيضربه ضربة فيصعق صعقة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، والجامع بينهما الميت والصعق، والأول استثني فيه الإنس فقط، والثاني استثني فيه الجن والإنس‏.‏

والجواب أن كلام الميت بما ذكر لا يقتضي وجود الصعق - وهو الفزع -إلا من الآدمي لكونه لم يألف سماع كلام الميت، بخلاف الجن في ذلك‏.‏

وأما الصيحة التي يصيحها المضروب فإنها غير مألوفة للإنس والجن جميعا، لكون سببها عذاب الله ولا شيء أشد منه على كل مكلف فاشترك فيه الجن والإنس والله أعلم‏.‏

واستدل به على أن كلام الميت يسمعه كل حيوان ناطق وغير ناطق، لكن قال ابن بطال‏:‏ هو عام أريد به الخصوص، وإن المعني يسمعه من له عقل كالملائكة والجن والإنس، لأن المتكلم روح وإنما يسمع الروح من هو روح مثله‏.‏

وتعقب بمنع الملازمة إذ لا ضرورة إلى التخصيص، بل لا يستثنى إلا الإنسان كما هو ظاهر الخبر، وإنما اختص الإنسان بذلك إبقاء عليه، وبأنه لا مانع من إنطاق الله الجسد بغير روح كما تقدم‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:01 am

*3* باب مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً عَلَى الْجِنَازَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام‏)‏ أورد فيه حديث جابر في الصلاة على النجاشي وفيه كنت في الصف الثاني أو الثالث، وقد اعترض عليه بأنه لا يلزم من كونه في الصف الثاني أو الثالث أن يكون ذلك منتهى الصفوف، وبأنه ليس في السياق ما يدل على كون الصفوف خلف الإمام‏.‏

والجواب عن الأول أن الأصل عدم الزائد، وقد روى مسلم من طريق أيوب عن أبي الزبير عن جابر قصة الصلاة على النجاشي فقال ‏"‏ فقمنا فصفنا صفين ‏"‏ فعرف بهذا أن من روى عنه كنت في الصف الثاني أو الثالث شك هل كان هنالك صف ثالث أم لا، وبذلك تصح الترجمة‏.‏

وعن الثاني بأنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه صريحا كما سيأتي في هجرة الحبشة من وجه آخر عن قتادة بهذا الإسناد بزيادة ‏"‏ فصفنا وراءه ‏"‏ ووقع في الباب الذي يليه من حديث أبي هريرة بلفظ ‏"‏ فصفوا خلفه ‏"‏ وسنذكر بقية فوائد الحديث فيه‏.‏

*3* باب الصُّفُوفِ عَلَى الْجِنَازَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصفوف على الجنازة‏)‏ قال الزين بن المنير ما ملخصه‏:‏ إنه أعاد الترجمة لأن الأولى لم يحزم فيها بالزيادة على الصفين‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ أومأ المصنف إلى الرد على عطاء حيث ذهب إلى أنه لا يشرع فيها تسوية الصفوف، يعني كما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج قال‏:‏ قلت لعطاء أحق على الناس أن يسووا صفوفهم على الجنائز كما يسوونها في الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ لا، إنما يكبرون ويستغفرون‏.‏

وأشار المصنف بصيغة الجمع إلى ما ورد في استحباب ثلاثة صفوف، وهو ما رواه أبو داود وغيره من حديث مالك بن هبيرة مرفوعا ‏"‏ من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب ‏"‏ حسنه الترمذي وصححه الحاكم وفي رواية له ‏"‏ إلا غفر له ‏"‏ قال الطبري‏:‏ ينبغي لأهل الميت إذا لم يخشوا عليه التغير أن ينتظروا به اجتماع قوم يقوم منهم ثلاثة صفوف لهذا الحديث انتهى‏.‏

وتعقب بعضهم الترجمة بأن أحاديث الباب ليس فيها صلاة على جنازة، وإنما فيها الصلاة على الغائب أو على من في القبر، وأجيب بأن الاصطفاف إذا شرع والجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى‏.‏

وأجاب الكرماني بأن المراد بالجنازة في الترجمة الميت سواء كان مدفونا أو غير مدفون، فلا منافاة بين الترجمة والحديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سعيد‏)‏ هو ابن المسيب كذا رواه أصحاب معمر البصريون عنه، وكذا هو في مصنف عبد الرزاق عن معمر، وأخرجه النسائي عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق فقال فيه ‏"‏ عن سعيد وأبي سلمة ‏"‏ وكذا أخرجه ابن حبان من طريق يونس عن الزهري عنهما، وكذا ذكره الدارقطني في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ من طريق خالد بن مخلد وغيره عن مالك، والمحفوظ عن مالك ليس فيه ذكر أبي سلمة كذا هو في ‏"‏ الموطأ‏"‏، وكذا أخرجه المصنف كما تقدم في أوائل الجنائز، والمحفوظ عن الزهري أن نعي النجاشي والأمر بالاستغفار له عنده عن سعيد وأبي سلمة جميعا‏.‏

وأما قصة الصلاة عليه والتكبير فعنده عن سعيد وحده، كذا فصله عقيل عنه كما سيأتي بعد خمسة أبواب، وكذا يأتي في هجرة الحبشة من طريق صالح بن كيسان عنه، وذكر الدارقطني في ‏"‏ العلل ‏"‏ الاختلاف فيه وقال‏:‏ إن الصواب ما ذكرناه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نعي النجاشي‏)‏ بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف شين معجمة ثم ياء ثقيلة كياء النسب، وقيل بالتخفيف ورجحه الصغاني، وهو لقب من ملك الحبشة، وحكى المطرزي تشديد الجيم عن بعضهم وخطأه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم تقدم‏)‏ زاد ابن ماجه من طريق عبد الأعلى عن معمر ‏"‏ فخرج وأصحابه إلى البقيع فصفنا خلفه ‏"‏ وقد تقدم في أوائل الجنائز من رواية مالك بلفظ ‏"‏ فخرج بهم إلى المصلى ‏"‏ والمراد بالبقيع بقيع بطحان، أو يكون المراد بالمصلى موضعا معدا للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين والأول أظهر، وقد تقدم في العيدين أن المصلى كان ببطحان والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم، وحديث ابن عباس المذكور سيأتي الكلام عليه بعد اثني عشر بابا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَعَهُ صُفُوفٌ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي


الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش‏)‏ بفتح المهملة والموحدة بعدها معجمة، في رواية مسلم من طريق يحيي بن سعيد عن ابن جريج ‏"‏ مات اليوم عبد لله صالح أصحمة ‏"‏ وللمصنف في هجرة الحبشة من طريق ابن عيينة عن ابن جريج ‏"‏ فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ‏"‏ وسيأتي ضبط هذا الاسم بعد في ‏"‏ باب التكبير على الجنازة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد المستملي في روايته ‏"‏ ونحن صفوف ‏"‏ وبه يصح مقصود الترجمة‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ يؤخذ مقصودها من قوله ‏"‏ فصففنا ‏"‏ لأن الغالب أن الملازمين له صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرا، ولا سيما مع أمره لهم بالخروج إلى المصلى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو الزبير عن جابر كنت في الصف الثاني‏)‏ وصله النسائي من طريق شعبة عن أبي الزبير بلفظ ‏"‏ كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ‏"‏ ووهم من نسب وصل هذا التعليق لرواية مسلم، فإنه أخرجه من طريق أيوب عن أبي الزبير وليس فيه مقصود التعليق‏.‏

وفي الحديث دلالة على أن للصفوف على الجنازة تأثيرا ولو كان الجمع كثيرا، لأن الظاهر أن الذين ذلك فقد صفهم، وهذا هو الذي فهمه مالك بن هبيرة الصحابي المقدم ذكره فكان يصف من يحضر الصلاة على الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلوا أو كثروا، ويبقى النظر فيما إذا تعددت الصفوف والعدد قليل، أو كان الصف واحدا والعدد كثير أيهما أفضل‏؟‏ وفي قصة النجاشي علم من أعلام النبوة، لأنه صلى الله عليه وسلم أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بعد ما بين أرض الحبشة والمدينة‏.‏

واستدل به على منع الصلاة على الميت في المسجد وهو قول الحنفية والمالكية، لكن قال أبو يوسف‏:‏ إن أعد مسجد للصلاة على الموتى لم يكن في الصلاة فيه عليهم بأس‏.‏

قال النووي‏:‏ ولا حجة فيه، لأن الممتنع عند الحنفية إدخال الميت المسجد لا مجرد الصلاة عليه، حتى لو كان الميت خارج المسجد جازت الصلاة عليه لمن هو داخله‏.‏

وقال ابن بزيزة وغيره‏:‏ استدل به بعض المالكية، وهو باطل لأنه ليس فيه صيغة نهي، ولاحتمال أن يكون خرج بهم إلى المصلى لأمر غير المعنى المذكور، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد، فكيف يترك هذا الصريح لأمر محتمل‏؟‏ بل الظاهر أنه إنما خرج بالمسلمين إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه، ولإشاعة كونه مات على الإسلام، فقد كان بعض الناس لم يدركونه أسلم، فقد روى ابن أبي حاتم قي التفسير من طريق ثابت والدارقطني في ‏"‏ الأفراد ‏"‏ والبزار من طريق حميد كلاهما عن أنس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه‏:‏ صلى على علج من الحبشة، فنزلت ‏(‏وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم‏)‏ الآية ‏"‏ وله شاهد في معجم الطبراني الكبير من حديث وحشي بن حرب وآخر عنده في الأوسط من حديث أبي سعيد وزاد فيه أن الذي طعن بذلك فيه كان منافقا، واستدل به على مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد، وبذلك قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف، حتى قال ابن حزم‏:‏ لم يأت عن أحد من الصحابة منعه‏.‏

قال الشافعي‏:‏ الصلاة على الميت دعاء له، وهو إذا كان ملففا يصلي عليه فكيف لا يدعى له وهو غائب أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به وهو ملفف‏؟‏ وعن الحنفية والمالكية لا يشرع ذلك، وعن بعض أهل العلم إنما يحوز ذلك في اليوم الذي يموت فيه الميت أو ما قرب منه لا ما إذا طالت المدة حكاه ابن عبد البر‏.‏

وقال ابن حبان‏:‏ إنما يحوز ذلك لمن كان في جهة القبلة، فلو كان بلد الميت مستدبر القبلة مثلا لم يحز، قال المحب الطبري‏:‏ لم أر ذلك لغيره وحجته حجة الذي قبله‏:‏ الجمود على قصة النجاشي، وستأتي حكاية مشاركة الخطابي لهم في هذا الجمود‏.‏

وقد اعتذر من لم يقل بالصلاة على الغائب عن قصة النجاشي بأمور‏:‏ منها أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد، فتعينت الصلاة عليه لذلك، ومن ثم قال الخطابي لا يصلي على الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس بها من يصلي عليه، واستحسنه الروياني من الشافعية، وبه ترجم أبو داود في السنن ‏"‏ الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك ببلد آخر ‏"‏ وهذا محتمل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد، ومن ذلك قول بعضهم‏:‏ كشف له صلى الله عليه وسلم عنه حتى رآه، فتكون صلاته عليه كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ هذا يحتاج إلى نقل، ولا يثبت بالاحتمال‏.‏

وتعقبه بعض الحنفية بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع، وكأن مستند قائل ذلك ما ذكره الواقدي في أسبابه بغير إسناد عن ابن عباس قال ‏"‏ كشف النبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه ‏"‏ ولابن حبان من حديث عمران بن حصين ‏"‏ فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه ‏"‏ أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه، ولأبي عوانة من طريق أبان وغيره عن يحيى ‏"‏ فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا‏"‏‏.‏

ومن الاعتذارات أيضا أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ميت غائب غيره، قال المهلب‏:‏ وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية الليثي وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلى مجموع طرقه، واستند من قال بتخصيص النجاشي لذلك إلى ما تقدم من إرادة إشاعة أنه مات مسلما أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته، قال النووي‏:‏ لو فتح باب هذا الخصوص لا نسد كثير من ظواهر الشرع، مع أنه لو كان شيء مما ذكروه لتوفرت الدواعي على نقله‏.‏

وقال ابن العربي المالكي‏:‏ قال المالكية ليس ذلك إلا لمحمد، قلنا‏:‏ وما عمل به محمد تعمل به أمته، يعني لأن الأصل عدم الخصوصية‏.‏

قالوا‏:‏ طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه، قلنا‏:‏ إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم، ولا تخترعوا حديثا من عند أنفسكم، ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف، فإنها سبيل تلاف، إلى ما ليس له تلاف‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع، ولئن سلمنا فكان غائبا عن الصحابة الذين صلوا عليه مع النبي صلى الله عليه وسلم قلت‏:‏ وسبق إلى ذلك الشيخ أبو حامد في تعليقه، ويؤيده حديث مجمع بن جارية بالجيم والتحتانية في قصة الصلاة على النجاشي قال ‏"‏ فصففنا خلفه صفين وما نرى شيئا ‏"‏ أخرجه الطبراني، وأصله في ابن ماجه، لكن أجاب بعض الحنفية عن ذلك بما تقدم من أنه يصير كالميت الذي يصلي عليه الإمام وهو يراه ولا يراه المأمومون فإنه جائز اتفاقا‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ أجمع كل من أجاز الصلاة على الغائب أن ذلك يسقط فرض الكفاية، إلا ما حكي عن ابن القطان أحد أصحاب الوجوه من الشافعية أنه قال‏:‏ يجوز ذلك ولا يسقط الفرض، وسيأتي الكلام على الاختلاف في عدد التكبير على الجنازة في باب مفرد‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:02 am

*3* باب صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْجَنَائِزِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ على الجنائز ‏"‏ أي عند إرادة الصلاة عليها‏.‏

وقد تقدم الجواب عن الترجمة على الجنازة وإرادة الصلاة على القبر في الباب الذي قبله، وتقدم أن الكلام على المتن يأتي مستوفى بعد اثني عشر بابا، وسيأتي بعد ثلاث تراجم ‏"‏ باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز ‏"‏ وذكر فيه طرفا من حديث ابن عباس المذكور، وكان ابن عباس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دون البلوغ لأنه شهد حجة الوداع وقد قارب الاحتلام كما تقدم بيان ذلك في كتاب الصلاة‏.‏

*3* باب سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ حذف التشكيل

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ وَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ وَقَالَ صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَمَّاهَا صَلَاةً لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهَا وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي إِلَّا طَاهِرًا وَلَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَقَالَ الْحَسَنُ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَأَحَقُّهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ عِنْدَ الْجَنَازَةِ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهمْ بِتَكْبِيرَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يُكَبِّرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَرْبَعًا وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التَّكْبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ اسْتِفْتَاحُ الصَّلَاةِ وَقَالَ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَفِيهِ صُفُوفٌ وَإِمَامٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب سنة الصلاة على الجنازة‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ المراد بالسنة ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم فيها، يعني فهو أعم من الواجب والمندوب، ومراده بما ذكره هنا من الآثار والأحاديث أن لها حكم غيرها من الصلوات والشرائط والأركان وليست مجرد دعاء فلا تجزئ بغير طهارة مثلا، وسيأتي بسط ذلك في أواخر الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى على الجنازة‏)‏ هذا طرف من حديث سيأتي موصولا بعد باب، وهذا اللفظ عند مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة وعن حديث ثوبان أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال صلوا على صاحبكم‏)‏ هذا طرف من حديث لسلمة بن الأكوع سيأتي موصولا في أوائل الحوالة أوله ‏"‏ كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا‏:‏ صل عليها، فقال‏:‏ هل عليه دين ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال صلوا على النجاشي‏)‏ تقدم الكلام عليه قريبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سماها صلاة‏)‏ أي يشترط فيها ما يشترط في الصلاة وإن لم يكن فيها ركوع ولا سجود، فإنه لا يتكلم فيها ويكبر فيها ويسلم منها بالاتفاق، وإن اختلف في عدد التكبير والتسليم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرا‏)‏ وصله مالك في الموطأ عن نافع بلفظ ‏"‏ إن ابن عمر كان يقول‏:‏ لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها‏)‏ وصله سعيد بن منصور من طريق أيوب عن نافع قال ‏"‏ كان ابن عمر إذا سئل عن الجنازة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر يقول‏:‏ ما صليتا لوقتهما‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ‏"‏ ما ‏"‏ في قوله ما صليتا ظرفية، يدل عليه رواية مالك عن نافع قال ‏"‏ كان ابن عمر يصلي على الجنازة بعد الصبح والعصر إذا صليتا لوقتهما ‏"‏ ومقتضاه أنهما إذا أخرتا إلى وقت الكراهة عنده لا يصلي عليها حينئذ، ويبين ذلك ما رواه مالك أيضا عن محمد بن أبي حرملة ‏"‏ أن ابن عمر قال وقد أتي بجنازة بعد صلاة الصبح بغلس‏:‏ إما أن تصلوا عليها وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس ‏"‏ فكأن ابن عمر يرى اختصاص الكراهة بما عند طلوع الشمس وعند غروبها لا مطلق ما بين الصلاة وطلوع الشمس أو غروبها‏.‏

وروى ابن أبي شيبة من طريق ميمون بن مهران قال ‏"‏ كان ابن عمر يكره الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس وحين تغرب ‏"‏ وقد تقدم ذلك عنه واضحا في ‏"‏ باب الصلاة في مسجد قباء ‏"‏ وإلى قول ابن عمر في ذلك ذهب مالك والأوزاعي والكوفيون وأحمد وإسحاق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويرفع يديه‏)‏ وصله البخاري في ‏"‏ كتاب رفع اليدين ‏"‏ و ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ‏"‏ إنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة ‏"‏ وقد روي مرفوعا أخرجه الطبراني في الأوسط من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر بإسناد ضعيف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن إلخ‏)‏ لم أره موصولا، وقوله ‏"‏من رضوه ‏"‏ في رواية الحموي والمستملي ‏"‏ من رضوهم ‏"‏ بصيغة الجمع‏.‏

وفائدة أثر الحسن هذا بيان أنه نقل عن الذين أدركهم وهو جمهور الصحابة أنهم كانوا يلحقون صلاة الجنازة بالصلوات التي يجمع فيها، وقد جاء عن الحسن ‏"‏ أن أحق الناس بالصلاة على الجنازة الأب ثم الابن ‏"‏ أخرجه عبد الرزاق، وهي مسألة اختلاف بين أهل العلم، فروى ابن أبي شيبة عن جماعة منهم سالم والقاسم وطاوس أن إمام الحي أحق‏.‏

وقال علقمة والأسود وآخرون‏:‏ الوالي أحق من الولي، وهو قول مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وأحمد وإسحاق وقال أبو يوسف والشافعي‏:‏ الولي أحق من الوالي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم‏)‏ يحمل أن يكون هذا الكلام معطوفا على أصل الترجمة، ويحتمل أن يكون بقية كلام الحسن، وقد وجدت عن الحسن في هذه المسألة اختلافا، فروى سعيد بن منصور عن حماد بن زيد عن كثير ين شنظير قال ‏"‏ سئل الحسن عن الرجل يكون في الجنازة على غير وضوء فإن ذهب يتوضأ تفوته، قال‏:‏ يتيمم ويصلي ‏"‏ وعن هشيم عن يونس عن الحسن مثله، وروى ابن أبي شيبة عن حفص عن أشعث عن الحسن قال ‏"‏ لا يتيمم ولا يصلي إلا على طهر ‏"‏ وقد ذهب جمع من السلف إلى أنه يجزي لها التيمم لمن خاف فواتها لو تشاغل بالوضوء، وحكاه ابن المنذر عن عطاء وسالم والزهري والنخعي وربيعة والليث والكوفيين، وهي رواية عن أحمد، وفيه حديث مرفوع عن ابن عباس رواه ابن عدي وإسناده ضعيف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا انتهى إلى الجنازة يدخل معهم بتكبيرة‏)‏ وجدت هذا الأثر عن الحسن وهو يقوي الاحتمال الثاني، قال ابن أبي شيبة‏:‏ حدثنا معاذ عن أشعث عن الحسن في الرجل ينتهي إلى الجنازة وهم يصلون عليها، قال‏:‏ يدخل معهم بتكبيرة‏.‏

والمخالف في هذا بعض المالكية‏.‏

وفي مختصر ابن الحاجب‏:‏ وفي دخول المسبوق بين التكبيرتين أو انتظار التكبير قولان انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن المسيب إلخ‏)‏ لم أره موصولا عنه، ووجدت معناه بإسناد قوي عن عقبة بن عامر الصحابي أخرجه ابن أبي شيبة عنه موقوفا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس التكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة‏)‏ وصله سعيد بن منصور عن إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق قال قال رزيق بن كريم لأنس بن مالك‏:‏ رجل صلى فكبر ثلاثا، قال أنس‏:‏ أو ليس التكبير ثلاثا‏؟‏ قال‏:‏ يا أبا حمزة التكبير أربع، قال‏:‏ أجل، غير أن واحدة هي استفتاح الصلاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال‏)‏ أي الله سبحانه وتعالى ‏(‏ولا تصل على أحد منهم‏)‏ وهذا معطوف على أصل الترجمة‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏وفيه صفوف وإمام‏)‏ معطوف على قوله ‏"‏ وفيها تكبير وتسليم ‏"‏ قرأت بخط مغلطاي‏:‏ كأن البخاري أراد الرد على مالك، فإن ابن العربي نقل عنه أنه استحب أن يكون المصلون على الجنازة سطرا واحدا، قال‏:‏ ولا أعلم لذلك وجها‏.‏

وقد تقدم حديث مالك بن هبيرة في استحباب الصفوف‏.‏

ثم أورد المصنف حديث ابن عباس في الصلاة على القبر، وسيأتي الكلام عليه قريبا، وموضع الترجمة منه قوله ‏"‏ فأمنا فصففنا خلفه ‏"‏ قال ابن رشيد نقلا عن ابن المرابط وغيره ما محصله‏:‏‏:‏ مراد هذا الباب الرد على من يقول إن الصلاة على الجنازة إنما هي دعاء لها واستغفار فتجوز على غير طهارة، فأول المصنف الرد عليه من جهة التسمية التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة، ولو كان الغرض الدعاء وحده لما أخرجهم إلى البقيع، ولدعا في المسجد وأمرهم بالدعاء معه أو التأمين على دعائه، ولما صفهم خلفه كما يصنع في الصلاة المفروضة والمسنونة، وكذا وقوفه في الصلاة وتكبيره في افتتاحها وتسليمه في التحلل منها كل ذلك دال على أنها على الأبدان لا على اللسان وحده، وكذا امتناع الكلام فيها، وإنما لم يكن فيها ركوع ولا سجود لئلا يتوهم بعض الجهلة أنها عبادة للميت فيضل بذلك انتهى‏.‏

ونقل ابن عبد البر الاتفاق على اشتراط الطهارة لها إلا عن الشعبي، قال ووافقه إبراهيم بن علية وهو ممن يرغب عن كثير من قوله‏.‏

ونقل غيره أن ابن جرير الطبري وافقهما على ذلك وهو مذهب شاذ، قال ابن رشيد‏:‏ وفي استدلال البخاري - بالأحاديث التي صدر بها الباب من تسميتها صلاة - لمطلوبه من إثبات شرط الطهارة إشكال، لأنه إن تمسك بالعرف الشرعي عارضه عدم الركوع والسجود، وإن تمسك بالحقيقة اللغوية عارضته الشرائط المذكورة ولم يستو التبادر في الإطلاق فيدعي الاشتراك لتوقف الإطلاق على القيد عند إرادة الجنازة بخلاف ذات الركوع والسجود، فتعين الحمل على المجاز انتهى‏.‏

ولم يستدل البخاري على مطلوبه بمجرد تسميتها صلاة بل بذلك وبما انضم إليه من وجود جميع الشرائط إلا الركوع والسجود، وقد تقدم ذكر الحكمة في حذفهما منها فبقي ما عداهما على الأصل‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ غرض البخاري بيان جواز إطلاق الصلاة على صلاة الجنازة وكونها مشروعة وإن لم يكن فيها ركوع وسجود، فاستدل تارة بإطلاق اسم الصلاة والأمر بها، وتارة بإثبات ما هو من خصائص الصلاة نحو عدم التكلم فيها، وكونها مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وعدم صحتها بدون الطهارة، وعدم أدائها عند الوقت المكروه وبرفع اليد وإثبات الأحقية بالإمامة، وبوجوب طلب الماء لها، وبكونها ذات صفوف إمام‏.‏

قال‏:‏ وحاصله أن الصلاة لفظ مشترك بين ذات الأركان المخصوصة وبين صلاة الجنازة، وهو حقيقة شرعية فيهما انتهى كلامه‏.‏

وقد قال بذلك غيره‏.‏

ولا يخفى أن بحث ابن رشيد أقوى، ومطلوب المصنف حاصل كما قدمته بدون الدعوى المذكورة بل بإثبات ما مر من خصائصها كما تقدم‏.‏

والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: