foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:36 am

*3* باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن‏)‏ يعرف مبني للمجهول و ‏"‏ من ‏"‏ موصولة والضمير لها، ويحتمل أن يكون لمصدر جلس أي جلوسا يعرف، ولم يفصح المصنف بحكم هذه المسألة ولا التي بعدها حيث ترجم ‏"‏ من لم يظهر حزنه عند المصيبة ‏"‏ لأن كلا منهما قابل للترجيح، أما الأول فلكونه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والثاني من تقريره، وما يباشره بالفعل أرجح غالبا‏.‏

وأما الثاني فلأنه فعل أبلغ في الصبر وأزجر للنفس فيرجح، ويحمل فعله صلى الله عليه وسلم المذكور على بيان الجواز ويكون فعله في حقه قي تلك الحالة أولى‏.‏

وقال الزين بن المنير ما ملخصه‏:‏ موقع هذه الترجمة من الفقه أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم فمن أصيب بمصيبة عظيمة لا يفرط في الحزن حتى يقع في المحذور من اللطم والشق والنوح وغيرها، ولا يفرط في التجلد حتى يفضي إلى القسوة والاستخفاف بقدر المصاب، فيقتدي به صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة بأن يجلس المصاب جلسة خفيفة بوقار وسكينة تظهر عليه مخايل الحزن ويؤذن بأن المصيبة عظيمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَنَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الوهاب‏)‏ هو ابن عبد المجيد الثقفي ويحيي هو ابن سعيد الأنصاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو بالنصب على المفعولية والفاعل قوله‏:‏ ‏(‏قتل ابن حارثة‏)‏ ، وهو زيد، وأبوه بالمهملة والمثلثة، وجعفر هو ابن أبي طالب، وابن رواحة هو عبد الله، وكان قتلهم في غزوة مؤتة كما تقدم ذكره في رابع باب من كتاب الجنائز، ووقع تسمية الثلاثة في رواية النسائي من طريق معاوية بن صالح عن يحيي بن سعد، وساق مسلم إسناده دون المتن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جلس‏)‏ زاد أبو داود من طريق سليمان بن كثير عن يحيي ‏"‏ في المسجد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعرف فيه الحزن‏)‏ قال الطيبي‏:‏ كأنه كظم الحزن كظما فظهر منه ما لا بد للجبلة البشرية منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صائر الباب‏)‏ بالمهملة والتحتانية وقع تفسيره في نفس الحديث شق الباب وهو بفتح الشين المعجمة أي الموضع الذي ينظر منه، ولم يرد بكسر المعجمة أي الناحية إذ ليست مرادة هنا قاله ابن التين‏.‏

وهذا التفسير الظاهر أنه من قول عائشة، ويحتمل أن يكون ممن بعدها، قال المازري‏:‏ كذا وقع في الصحيحين هنا ‏"‏ صائر ‏"‏ والصواب صير أي بكسر أوله وسكون التحتانية وهو الشق، قال أبو عبيد في غريب الحديث في الكلام على حديث ‏"‏ من نظر من صير الباب ففقئت عينه فهي هدر ‏"‏ الصير الشق ولم نسمعه إلا في هذا الحديث‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ صائر وصير بمعنى واحد، وفي كلام الخطابي نحوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأتاه رجل‏)‏ لم أقف على اسمه وكأنه أبهم عمدا لما وقع في حقه من غض عائشة منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن نساء جعفر‏)‏ أي امرأته وهي أسماء بنت عميس الخثعمية ومن حضر عندها من أقاربها وأقارب جعفر ومن في معناهن، ولم يذكر أهل العلم بالأخبار لجعفر امرأة غير أسماء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذكر بكاءهن‏)‏ كذا في الصحيحين، قال الطيبي‏:‏ هو حال عن المستتر في قوله فقال وحذف خبر أن من القول المحكي لدلالة الحال عليه، والمعنى قال الرجل إن نساء جعفر فعلن كذا مما لا ينبغي من البكاء المشتمل مثلا على النوح انتهى‏.‏

وقد وقع عند أبي عوانة من طريق سليمان بن بلال عن يحيي ‏"‏ قد كثر بكاؤهن ‏"‏ فإن لم يكن تصحيفا فلا حذف ولا تقدير، ويؤيده ما عند ابن حبان من طريق عبد الله بن عمرو عن يحيي بلفظ ‏"‏ قد أكثرن بكاءهن‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذهب‏)‏ أي فنهاهن فلم يطعنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم أتاه الثانية لم يطعنه‏)‏ أي أتى النبي صلى الله عليه وسلم المرة الثانية فقال إنهن لم يطعنه، ووقع في رواية أبي عوانة المذكورة ‏"‏ فذكر أنهن لم يطعنه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال والله غلبننا‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لقد غلبننا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فزعمت‏)‏ أي عائشة وهو مقول عمرة، والزعم قد يطلق على القول المحقق وهو المراد هنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنه قال‏)‏ في الرواية الآتية بعد أربعة أبواب ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاحث‏)‏ بضم المثلثة وبكسرها يقال حثا يحثو ويحثي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التراب‏)‏ في الرواية الآتية ‏"‏ من التراب ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ هذا يدل على أنهن رفعن أصواتهن بالبكاء، فلما لم ينتهين أمره أن يسد أفواههن بذلك، وخص الأفواه بذلك لأنها محل النوح بخلاف الأعين مثلا انتهى‏.‏

ويحتمل أن يكون كناية عن المبالغة في الزجر، أو المعني أعلمهن أنهن خائبات من الأجر المترتب على الصبر لما أظهرن من الجزع كما يقال للخائب‏:‏ لم يحصل في يده إلا التراب، لكن يبعد هذا الاحتمال قول عائشة الآتي‏.‏

وقيل لم يرد بالأمر حقيقته، قال عياض‏:‏ هو بمعني التعجيز، أي أنهن لا يسكتن إلا بسد أفواههن، ولا يسدها إلا أن تملأ بالتراب، فإن أمكنك فافعل‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ يحتمل أنهن لم يطعن الناهي لكونه لم يصرح لهن بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن، فحمل ذلك على أنه مرشد للمصلحة من قبل نفسه، أو علمن ذلك لكن غلب عليهن شدة الحزن لحرارة المصيبة‏.‏

ثم الظاهر أنه كان في بكائهن زيادة على القدر المباح فيكون النهي للتحريم بدليل أنه كرره وبالغ فيه وأمر بعقوبتهن إن لم يسكتن‏.‏

ويحتمل أن يكون بكاء مجردا والنهي للتنزيه ولو كان للتحريم لأرسل غير الرجل المذكور لمنعهن لأنه لا يقر على باطل‏.‏

ويبعد تمادي الصحابيات بعد تكرار النهي على فعل الأمر المحرم، وفائدة نهيهن عن الأمر المباح خشية أن يسترسلن فيه فيفضي بهن إلى الأمر المحرم لضعف صبرهن، فيستفاد منه جواز النهي عن المباح عند خشية إفضائه إلى ما يحرم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت‏)‏ هو مقول عائشة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرغم الله أنفك‏)‏ بالراء والمعجمة أي ألصقه بالرغام بفتح الراء والمعجمة وهو التراب إهانة وإذلالا، ودعت عليه من جنس ما أمر أن يفعله بالنسوة لفهمها من قرائن الحال أنه أحرج النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة تردده إليه في ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لم تفعل‏)‏ قال الكرماني أي لم تبلغ النهي، ونفته وإن كان قد نهى ولم يطعنه لأن نهيه لم يترتب عليه الامتثال فكأنه لم يفعل، ويحتمل أن تكون أرادت لم تفعل أي الحثو بالتراب‏.‏

قلت‏:‏ لفظة ‏"‏ لم ‏"‏ يعبر بها عن الماضي، وقولها ذلك وقع قبل أن يتوجه فمن أين علمت أنه لم يفعل‏؟‏ فالظاهر أنها قامت عندها قرينة بأنه لا يفعل فعبرت عنه بلفظ الماضي مبالغة في نفي ذلك عنه، وهو مشعر بأن الرجل المذكور كان من ألزم النسوة المذكورات، وقد وقع في الرواية الآتية بعد أربعة أبواب ‏"‏ فوالله ما أنت بفاعل ذلك ‏"‏ وكذا لمسلم وغيره، فظهر أنه من تصرف الرواة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من العناء‏)‏ بفتح المهملة والنون والمد أي المشقة والتعب‏.‏

وفي رواية لمسلم ‏"‏ من العي ‏"‏ بكسر المهملة وتشديد التحتانية، ووقع في رواية العذري ‏"‏ الغي ‏"‏ بفتح المعجمة بلفظ ضد الرشد‏.‏

قال عياض‏:‏ ولا وجه له هنا‏.‏

وتعقب بأن له وجها ولكن الأول أليق لموافقته لمعنى العناء التي هي رواية الأكثر، قال النووي مرادها أن الرجل قاصر عن القيام بما أمر به من الإنكار والتأديب، ومع ذلك لم يفصح بعجزه عن ذلك ليرسل غيره فيستريح من التعب‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار، وجواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب، وتأديب من نهي عما لا ينبغي له فعله إذا لم ينته، وجواز اليمين لتأكيد الخبر‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ هذا الحديث لم يروه عن عمرة إلا يحيي بن سعيد، وقد رواه عن عائشة أيضا القاسم بن محمد أخرجه بن إسحاق في المغازي قال ‏"‏ حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ‏"‏ فذكر نحوه‏.‏

وفيه من الزيادة في أوله‏:‏ قالت عائشة وقد نهانا خير الناس عن التكلف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمرو بن علي‏)‏ هو الفلاس، والكلام على المتن تقدم في آخر أبواب الوتر، وشاهد الترجمة منه قوله ما حزن حزنا قط أشد منه، فإن ذلك يشمل حالة جلوسه وغيرها‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:36 am

*3* باب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حذف التشكيل

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ الْجَزَعُ الْقَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ وَقَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة‏)‏ تقدم الكلام على ذلك في الترجمة التي قبلها، ويظهر بضم أوله من الرباعي وحزنه منصوب على المفعولية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال محمد بن كعب‏)‏ يعني القرظي بضم القاف وفتح الراء بعدها ظاء مشالة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏السيئ‏)‏ بفتح المهملة وتشديد التحتانية بعدها أخرى مهموزة والمراد به ما يبعث الحزن غالبا، وبالطن السيئ اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت، أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثواب على الصبر‏.‏

وقد روى ابن أبي حاتم في تفسير سورة سأل من طريق أيوب بن موسى عن القاسم بن محمد كقول محمد بن كعب هذا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال يعقوب عليه السلام‏:‏ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ مناسبة هذه الآية للترجمة أن قول يعقوب لما تضمن أنه لا يشكو - بتصريح ولا تعريض - إلا لله وافق مقصود الترجمة، وكان خطابه بذلك لبنيه بعد قوله‏:‏ ‏(‏يا أسفي على يوسف‏)‏ ‏.‏

والبث بفتح الموحدة بعدها مثلثة ثقيلة شدة الحزن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ قَالَ فَبَاتَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا بشر بن الحكم‏)‏ هو النيسابوري، قال أبو نعيم في المستخرج‏:‏ يقال إن هذا الحديث مما تفرد به البخاري عن بشر بن الحكم انتهى، يعني من هذا الوجه من حديث سفيان بن عيينة ولم يخرجه أبو نعيم ولا الإسماعيلي من طريق إسحاق إلا من جهة البخاري، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة وهو أخو إسحاق المذكور عن أنس، وأخرجه البخاري ومسلم من طريق أنس بن سيرين ومحمد بن سعد من طريق حميد الطويل كلاهما عن أنس، وأخرجه مسلم وابن سعد أيضا وابن حبان والطيالسي من طرق عن ثابت عن أنس أيضا‏.‏

وفي رواية بعضهم ما ليس في رواية بعض، وسأذكر ما في كل من فائدة زائدة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اشتكى ابن لأبي طلحة‏)‏ أي مرض، وليس المراد أنه صدرت منه شكوى، لكن لما كان الأصل أن المريض يحصل منه ذلك استعمل في كل مرض لكل مريض‏.‏

والابن المذكور هو أبو عمير الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازحه ويقول له ‏"‏ يا أبا عمير، ما فعل النغير ‏"‏ كما سيأتي في كتاب الأدب، بين ذلك ابن حبان في روايته من طريق عمارة بن زاذان عن ثابت، وزاد من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت في أوله قصة تزويج أم سليم بأبي طلحة بشرط أن يسلم وقال فيه ‏"‏ فحملت فولدت غلاما صبيحا فكان أبو طلحة يحبه حبا شديدا، فعاش حتى تحرك فمرض، فحزن أبو طلحة عليه حزنا شديدا حتى تضعضع، وأبو طلحة يغدو ويروح على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراح روحة فمات الصبي ‏"‏ فأفادت هذه الرواية تسميه امرأة أبي طلحة، ومعني قوله‏:‏ ‏"‏ وأبو طلحة خارج ‏"‏ أي خارج البيت عند النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر النهار‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ كان لأبي طلحة ولد فتوفي، فأرسلت أم سليم أنسا يدعو أبا طلحة، وأمرته أن لا يخبره بوفاة ابنه، وكان أبو طلحة صائما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هيأت شيئا‏)‏ قال الكرماني‏:‏ أي أعددت طعاما لأبي طلحة وأصلحته، وقيل هيأت حالها وتزينت‏.‏

قلت‏:‏ بل الصواب أن المراد أنها هيأت أمر الصبي بأن غسلته وكفنته كما ورد في بعض طرقه صريحا، ففي رواية أبو داود الطيالسي عن مشايخه عن ثابت ‏"‏ فهيأت الصبي‏"‏‏.‏

وفي رواية حميد عند ابن سعد ‏"‏ فتوفي الغلام فهيأت أم سليم أمره‏"‏‏.‏

وفي رواية عمارة بن زاذان عن ثابت ‏"‏ فهلك الصبي فقامت أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسجت عليه ثوبا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونحته في جانب البيت‏)‏ أي جعلته في جانب البيت‏.‏

وفي رواية جعفر عن ثابت ‏"‏ فجعلته في مخدعها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هدأت‏)‏ بالهمز أي سكنت و ‏(‏نفسه‏)‏ بسكون الفاء كذا للأكثر، والمعنى أن النفس كانت قلقة منزعجة بعارض المرض فسكنت بالموت، وظن أبو طلحة أن مرادها أنها سكنت بالنوم لوجود العافية‏.‏

وفي رواية أبي ذر ‏"‏ هدأ نفسه ‏"‏ بفتح الفاء أي سكن، لأن المريض يكون نفسه عاليا فإذا زال مرضه سكن، وكذا إذا مات‏.‏

ووقع في رواية أنس بن سيرين ‏"‏ هو أسكن ما كان‏"‏، ونحوه في رواية جعفر عن ثابت‏.‏

وفي رواية معمر عن ثابت ‏"‏ أمسى هادئا ‏"‏ وفي رواية حميد ‏"‏ بخير ما كان‏"‏، ومعانيها متقاربة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأرجو أن يكون قد استراح‏)‏ لم تجزم بذلك على سبيل الأدب، ويحتمل أنها لم تكن علمت أن الطفل لا عذاب عليه ففوضت الأمر إلى الله تعالى، مع وجود رجائها بأنه استراح من نكد الدنيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وظن أبو طلحة أنها صادقة‏)‏ أي بالنسبة إلى ما فهمه من كلامها، وإلا فهي صادقة بالنسبة إلى ما أرادت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فبات‏)‏ أي معها ‏(‏فلما أصبح اغتسل‏)‏ فيه كناية عن الجماع، لأن الغسل إنما يكون في الغالب منه، وقد وقع التصريح بذلك في غير هذه الرواية‏:‏ ففي رواية أنس بن سيرين ‏"‏ فقربت إليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها‏"‏‏.‏

وفي رواية عبد الله ‏"‏ ثم تعرضت له فأصاب منها‏"‏‏.‏

وفي رواية حماد عن ثابت ‏"‏ ثم تطيبت‏"‏، زاد جعفر عن ثابت ‏"‏ فتعرضت له حتى وقع بها ‏"‏ وفي رواية سليمان عن ثابت ‏"‏ ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات‏)‏ زاد سليمان بن المغيرة عن ثابت عند مسلم ‏"‏ فقالت‏:‏ يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوما أعاروا أهل بيت عارية فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قالت‏:‏ فاحتسب ابنك‏.‏

فغضب وقال تركتني حتى تلطخت، ثم أخبرتني بابني‏"‏‏.‏

وفي رواية عبد الله ‏"‏ فقالت‏:‏ يا أبا طلحة، أرأيت قوما أعاروا متاعا ثم بدا لهم فيه فأخذوه فكأنهم وجدوا في أنفسهم ‏"‏ زاد حماد في روايته عن ثابت ‏"‏ فأبوا أن يردوها، فقال أبو طلحة‏:‏ ليس لهم ذلك، أن العارية مؤداة إلى أهلها‏.‏

ثم اتفقا، فقالت‏:‏ إن الله أعارنا فلانا ثم أخذه منا ‏"‏ زاد حماد ‏"‏ فاسترجع‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما‏)‏ في رواية الأصيلي ‏"‏ لهما في ليلتهما ‏"‏ ووقع في رواية أنس بن سيرين ‏"‏ اللهم بارك لهما ‏"‏ ولا تعارض بينهما فيجمع بأنه دعا بذلك ورجا إجابة دعائه، ولم تختلف الرواة عن ثابت وكذا عن حميد في أنه قال ‏"‏ بارك الله لكما في ليلتكما ‏"‏ وعرف من رواية أنس بن سيرين أن المراد الدعاء وإن كان لفظه لفظ الخبر‏.‏

وفي رواية أنس بن سيرين من الزيادة ‏"‏ فولدت غلاما ‏"‏ وفي رواية عبد الله بن عبد الله ‏"‏ فجاءت بعبد الله بن أبي طلحة ‏"‏ وسيأتي الكلام على قصة تحنيكه وغير ذلك حيث ذكره المصنف في العقيقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏)‏ هو ابن عيينة بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال رجل من الأنصار إلخ‏)‏ هو عباية بن رفاعة، لما أخرجه سعيد بن منصور ومسدد وابن سعد والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ كلهم من طريق سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة قال ‏"‏ كانت أم أنس تحت أبي طلحة ‏"‏ فذكر القصة شبيهة بسياق ثابت عن أنس‏.‏

وقال في آخره ‏"‏ فولدت له غلاما، قال عباية‏:‏ فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن ‏"‏ وأفادت هذه الرواية أن في رواية سفيان تجوزا في ‏"‏ قوله ‏"‏ لهما ‏"‏ لأن ظاهره أنه من ولدهما بغير واسطة، وإنما المراد من أولاد ولدهما المدعو له بالبركة وهو عبد الله بن أبي طلحة‏.‏

ووقع في رواية سفيان ‏"‏ تسعة ‏"‏ وفي هذه ‏"‏ سبعة ‏"‏ فلعل في أحدهما تصحيفا، أو المراد بالسبعة من ختم القرآن كله وبالتسعة من قرأ معظمه، وله من الولد فيما ذكر ابن سعد وغيره من أهل العلم بالأنساب إسحاق وإسماعيل وعبد الله ويعقوب وعمر والقاسم وعمارة وإبراهيم وعمير وزيد ومحمد، وأربع من البنات‏.‏

وفي قصة أم سليم هذه من الفوائد أيضا جواز الأخذ بالشدة وترك الرخصة مع القدرة عليها، والتسلية عن المصائب، وتزين المرأة لزوجها، وتعرضها لطلب الجماع منه، واجتهادها في عمل مصالحه، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها‏.‏

وشرط جوازها أن لا تبطل حقا لمسلم‏.‏

وكان الحامل لأم سليم على ذلك المبالغة في الصبر والتسليم لأمر الله تعالى ورجاء إخلافه عليها ما فات منها، إذ لو أعلمت أبا طلحة بالأمر في أول الحال تنكد عليه وقته ولم تبلغ الغرض الذي أرادته، فلما علم الله صدق نيتها بلغها مناها وأصلح لها ذريتها‏.‏

وفيه إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وأن من ترك شيئا عوضه الله خيرا منه، وببان حال أم سليم من التجلد وجودة الرأي وقوة العزم، وسيأتي في الجهاد والمغازي أنها كانت تشهد القتال وتقوم بخدمة المجاهدين إلى غير ذلك مما انفردت به عن معظم النسوة، وسيأتي شرح حديث أبي عمير ما فعل النغير مستوفى في أواخر كتاب الأدب، وفيه بيان ما كان سمي به غير الكنية التي اشتهر بها‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:49 am

*3* باب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى حذف التشكيل

وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نِعْمَ الْعِدْلَانِ وَنِعْمَ الْعِلَاوَةُ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصبر عند الصدمة الأولى‏)‏ أي هو المطلوب المبشر عليه بالصلاة والرحمة، ومن هنا تظهر مناسبة إيراد أثر عمر في هذا الباب، وقد تقدم الكلام على المتن المرفوع مستوفى في زيارة القبور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر‏)‏ أي ابن الخطاب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏العدلان‏)‏ بكسر المهملة أي المثلان، و قوله‏:‏ ‏(‏العلاوة‏)‏ بكسرها أيضا أي ما يعلق على البعير بعد تمام الحمل‏.‏

وهذا الأثر وصله الحاكم في المستدرك من طريق جرير عن منصور عن مجاهد عن سعيد بن المسيب عن عمر كما ساقه المصنف وزاد‏:‏ ‏(‏أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة‏)‏ نعم العدلان ‏(‏وأولئك هم المهتدون‏)‏ نعم العلاوة‏.‏

وهكذا أخرجه البيهقي عن الحاكم، وأخرجه عبد بن حميد في تفسيره من وجه آخر عن منصور من طريق نعيم بن أبي هند عن عمر نحوه، وظهر بهذا مراد عمر بالعدلين وبالعلاوة وأن العدلين الصلاة والرحمة والعلاوة الاهتداء‏.‏

ويؤيده وقوعهما بعد ‏"‏ على ‏"‏ المشعرة بالفوقية المشعرة بالحمل قاله الزين بن المنير‏.‏

وقد روي نحو قول عمر مرفوعا أخرجه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون - إلى قوله - المهتدون‏"‏، قال فأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله واسترجع كتب له ثلاث خصال من الخير‏:‏ الصلاة من الله والرحمة، وتحقيق سبل الهدى‏.‏

فأغنى هذا عن التكلف في ذلك كقول المهلب‏:‏ العدلان إنا لله وإنا إليه راجعون والعلاوة الثواب عليهما، وعن قول الكرماني‏:‏ الظاهر أن المراد بالعدلين القول وجزاؤه، أي قول الكلمتين ونوعا الثواب لأنهما متلازمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقوله تعالى ‏(‏واستعنيوا بالصبر والصلاة‏)‏ الآية‏)‏ هـو بالجر عطفا على أول الترجمة، والتقدير‏:‏ وباب قوله تعالى، أي تفسيره أو نحو ذلك‏.‏

وقوله وإنها قيل أفرد الصلاة لأن المراد بالصبر الصوم وهو من التروك أو الصبر عن الميت ترك الجزع، والصلاة أفعال وأقوال فلذلك ثقلت على غير الخاشعين، ومن أسرارها أنها تعين على الصبر لما فيها من الذكر والدعاء والخضوع وكلها تضاد حب الرياسة وعدم الانقياد للأوامر والنواهي، وكأن المصنف أراد بإيراد هذه الآية ما جاء عن ابن عباس أنه نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام وهو يقول ‏(‏واستعينوا بالصبر والصلاة‏)‏ الآية، أخرجه الطبري في تفسيره بإسناد حسن، وعن حذيفة قال ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ‏"‏ أخرجه أبو داود بإسناد حسن أيضا‏.‏

قال الطبري‏:‏ الصبر منع النفس محابها وكفها عن هواها، ولذلك قيل لمن لم يجزع صابر لكفه نفسه، وقيل لرمضان شهر الصبر لكف الصائم نفسه عن المطعم والمشرب‏.‏

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ حذف التشكيل

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إنا بك لمحزونون ‏"‏ قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ تدمع العين ويحزن القلب‏)‏ سقطت هذه الترجمة والأثر قي رواية الحموي وثبتت للباقين، وحديث ابن عمر كأن المراد به ما أورده المصنف في الباب الذي بعد هذا إلا أن لفظه ‏"‏ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ‏"‏ فيحتمل أن يكون ذكره بالمعنى لأن ترك المؤاخذة بذلك يستلزم وجوده، وأما لفظه فثبت في قصة موت إبراهيم من حديث أنس عند مسلم، وأصله عند المصنف كما في هذا الباب، وعن عبد الرحمن بن عوف عند ابن سعد والطبراني، وأبي هريرة عند ابن حبان والحاكم، وأسماء بنت يزيد عند ابن ماجه، ومحمود بن لبيد عند ابن سعد، والسائب بن يزيد وأبي أمامة عند الطبراني‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا قُرَيْشٌ هُوَ ابْنُ حَيَّانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ رَوَاهُ مُوسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني الحسن بن عبد العزيز‏)‏ هو الجروي بفتح الجيم والراء منسوب إلى جروة بفتح الجيم وسكون الراء قرية من قرى تنيس، وكان أبوه أميرها فتزهد الحسن ولم يأخذ من تركة أبيه شيئا، وكان يقال إنه نظير قارون في المال، والحسن المذكور من طبقة البخاري ومات بعده بسنة وليس له عنده سوى هذا الحديث وحديثين آخرين في التفسير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني يحيي بن حسان‏)‏ هو التنيسي أدركه البخاري ولم يلقه لأنه مات قبل أن يدخل مصر، وقد روى عنه الشافعي مع جلالته ومات قبله بمدة، فوقع للحسن نظير ما وقع لشيخه من رواية إمام عظيم الشأن عنه ثم يموت قبله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا قريش هو ابن حيان‏)‏ هو بالقاف والمعجمة وأبوه بالمهملة والتحتانية بصري يكنى أبا بكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على أبي سيف‏)‏ قال عياض هو البراء بن أوس، وأم سيف زوجته هي أم بردة واسمها خوله بنت المنذر‏.‏

قلت‏:‏ جمع بذلك بين ما وقع في هذا الحديث الصحيح وبين قول الواقدي فيما رواه ابن سعد في الطبقات عنه عن يعقوب بن أبي صعصعة عن عبد الله بن أبي صعصعة قال ‏"‏ لما ولد له إبراهيم تنافست فيه نساء الأنصار أيتهن ترضعه، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار وزوجها البراء بن أوس بن خالد بن الجعد من بني عدي بن النجار أيضا، فكانت ترضعه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه في بني النجار ‏"‏ انتهى‏.‏

وما جمع به غير مستبعد، إلا أنه لم يأت عن أحد من الأئمة التصريح بأن البراء بن أوس يكنى أبا سيف ولا أن أبا سيف يسمى البراء بن أوس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏القين‏)‏ بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها نون هو الحداد، ويطلق على كل صانع، يقال قان الشيء إذا أصلحه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ظئرا‏)‏ بكسر المعجمة وسكون التحتانية المهموزة بعدها راء أي مرضعا، وأطلق عليه ذلك لأنه كان زوج المرضعة، وأصل الظئر من ظأرت الناقة إذا عطفت على غير ولدها فقيل ذلك للتي ترضع غير ولدها، وأطلق ذلك على زوجها لأنه يشاركها في تربيته غالبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لإبراهيم‏)‏ أي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقع التصريح بذلك في رواية سليمان بن المغيرة المعلقة بعد هذا ولفظه عند مسلم في أوله ‏"‏ ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته فانتهى إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره وقد امتلأ البيت دخانا، فأحرمت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ يا أبا سيف أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏"‏ لمسلم أيضا من طريق عمرو بن سعيد عن أنس ‏"‏ ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة، وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وأنه ليدخن وكان ظئره قينا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإبراهيم يجود بنفسه‏)‏ أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله‏.‏

وفي رواية سليمان ‏"‏ يكيد ‏"‏ قال صاحب المعين أي يسوق بها، وقيل معناه يقارب بها الموت‏.‏

وقال أبو مروان بن سراج ‏"‏ قد يكون من الكيد وهو القيء يقال منه كاد يكيد شبه تقلع نفسه عند الموت بذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تذرفان‏)‏ بذال معجمة وفاء أي يجري دمعهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنت يا رسول الله‏)‏ ‏؟‏ قال الطيبي‏.‏

فيه معنى التعجب، والواو تستدعي معطوفا عليه أي الناس لا يصبرون على المصيبة وأنت تفعل كفعلهم، كأنه تعجب لذلك منه مع عهده منه أنه يحث على الصبر وينهى عن الجزع، فأجابه بقوله ‏"‏ إنها رحمة ‏"‏ أي الحالة التي شاهدتها مني هي رقة القلب على الولد لا ما توهمت من الجزع انتهى‏.‏

ووقع في حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه ‏"‏ فقلت يا رسول الله تبكي، أو لم تنه عن البكاء ‏"‏ وزاد فيه ‏"‏ إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين‏:‏ صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان قال‏.‏

إنما هذا رحمة ومن لا يرحم لا يرحم‏"‏‏.‏

وفي رواية محمود بن لبيد فقال ‏"‏ إنما أنا بشر‏"‏، وعند عبد الرزاق من مرسل مكحول ‏"‏ إنما أنهى الناس عن النياحة أن يندب الرجل بما ليس فيه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم أتبعها بأخرى‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ ثم أتبعها والله بأخرى ‏"‏ بزيادة القسم، قيل أراد به أنه أتبع الدمعة الأولى بدمعة أخرى، وقيل أتبع الكلمة الأولى المجملة وهي قوله ‏"‏ إنها رحمة ‏"‏ بكلمة أخرى مفصلة وهي قوله ‏"‏ أن العين تدمع ‏"‏ ويؤيد الثاني ما تقدم من طريق عبد الرحمن ومرسل مكحول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن العين تدمع إلخ‏)‏ في حديث عبد الرحمن بن عوف ومحمود بن لبيد ‏"‏ ولا نقول ما يسخط الرب ‏"‏ وزاد في حديث عبد الرحمن في آخره ‏"‏ لولا أنه أمر حق ووعد صدق وسبيل نأتيه، وإن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا ‏"‏ ونحوه في حديث أسماء بنت يزيد ومرسل مكحول وزاد في آخره ‏"‏ وفصل رضاعه في الجنة ‏"‏ وفي آخر حديث محمود بن لبيد ‏"‏ وقال أن له مرضعا في الجنة ‏"‏ ومات وهو ابن ثمانية عمر شهرا، وذكر الرضاع وقع في آخر حديث أنس عند مسلم من طريق عمرو بن سعيد عنه، إلا أن ظاهر سياقه الإرسال، فلفظه ‏"‏ قال عمرو فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين يكملان رضاعه في الجنة ‏"‏ وسيأتي في أواخر الجنائز حديث البراء ‏"‏ أن لإبراهيم لمرضعا في الجنة‏"‏‏.‏

‏(‏فائدة في وقت وفاة إبراهيم عليه السلام‏)‏ ‏:‏ جزم الواقدي بأنه مات يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر‏.‏

وقال ابن حزم‏:‏ مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر، واتفقوا على أنه ولد في ذي الحجة سنة ثمان‏.‏

قال ابن بطال وغيره‏:‏ هذا الحديث يفسر البكاء المباح والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين ورقة القلب من غير سخط لأمر الله، وهو أبين شيء وقع في هذا المعنى‏.‏

وفيه مشروعية تقبيل الولد وشمه، ومشروعية الرضاع، وعيادة الصغير، والحضور عند المحتضر، ورحمة العيال، وجواز الإخبار عن الحزن وإن كان الكتمان أولى، وفيه وقوع الخطاب للغير وإرادة غيره بذلك، وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ولده مع أنه في تلك الحالة لم يكن ممن يفهم الخطاب لوجهين‏:‏ أحدهما صغره، والثاني نزاعه‏.‏

وإنما أراد بالخطاب غيره من الحاضرين إشارة إلى أن ذلك لم يدخل في نهيه السابق‏.‏

وفيه جواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله ليظهر الفرق، وحكى ابن التين قول من قال‏:‏ إن فيه دليلا على تقبيل الميت وشمه، ورده بأن القصة إنما وقعت قبل الموت وهو كما قال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل التبوذكي وطريقه هذه وصلها البيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق تمتام وهو بمثناتين لقب محمد بن غالب البغدادي الحافظ عنه، وفي سياقه ما ليس في سياق قريش بن حيان، وإنما أراد البخاري أصل الحديث‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 9:50 am

*3* باب الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب البكاء عند المريض‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ من رواية أبي ذر، قال الزين بن المنير‏:‏ ذكر المريض أعم من أن يكون أشرف على الموت أو هو في مبادئ المرض، لكن البكاء عادة إنما يقع عند ظهور العلامات المخوفة كما في قصة سعد بن عبادة في حديث هذا الباب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ قَدْ قَضَى قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ فِيهِ بِالْعَصَا وَيَرْمِي بِالْحِجَارَةِ وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني عمرو‏)‏ هو ابن الحارث المصري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سعيد بن الحارث الأنصاري‏)‏ هو ابن أبي سعيد بن المعلى قاضي المدينة‏.‏

ووقع في رواية مسلم من طريق عمارة بن غزية عن سعيد بن الحارث بن المعلى فكأنه نسب أباه لجده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اشتكى‏)‏ أي ضعف و ‏"‏ شكوى ‏"‏ بغير تنوين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما دخل عليه‏)‏ زاد مسلم في رواية عمارة بن غزية ‏"‏ فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين معه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في غاشية أهله‏)‏ بمعجمتين أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها، وسقط لفظ ‏"‏ أهله ‏"‏ من أكثر الروايات، وعليه شرح الخطابي، فيجوز أن يكون المراد بالغاشية الغشية من الكرب، ويؤيده ما وقع في رواية مسلم في غشيته‏.‏

وقال التوربشتي‏:‏ الغاشية هي الداهية من شر أو من مرض أو من مكروه، والمراد ما يتغشاه من كرب الوجع الذي هو فيه لا الموت، لأنه أفاق من تلك المرضة وعاش بعدها زمانا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا‏)‏ في هذا إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه ولم يعترضه بمثل ما اعترض به هناك، فدل على أنه تقرر عنده العلم بأن مجرد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال ألا تسمعون‏)‏ لا يحتاج إلى مفعول لأنه جعل كالفعل اللازم، أي ألا توجدون السماع، وفيه إشارة إلى أنه فهم من بعضهم الإنكار، فبين لهم الفرق بين الحالتين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الله‏)‏ بكسر الهمزة لأنه ابتداء كلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعذب بهذا‏)‏ أي إن قال سوءا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو يرحم‏)‏ إن قال خيرا، ويحتمل أن يكون معنى قوله ‏"‏ أو يرحم ‏"‏ أي إن لم ينفذ الوعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه‏)‏ أي بخلاف غيره، ونظيره قوله في قصة عبد الله بن ثابت التي أخرجها مالك في الموطأ من حديث جابر بن عتيك، ففيه ‏"‏ فصاح النسوة، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ دعهن فإذا وجبت قلا تبكين باكية ‏"‏ الحديث‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏وكان عمر‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور إلى ابن عمر، وسقطت هذه الجملة وكذا التي قبلها من رواية مسلم، ولهذا طن بعض الناس أنهما معلقان‏.‏

وفي حديث ابن عمر من الفوائد استحباب عيادة المريض، وعيادة الفاضل للمفضول، والإمام أتباعه مع أصحابه، وفيه النهي عن المنكر وبيان الوعيد عليه‏.‏

*3* باب مَا يُنْهَى مِنْ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ عطف الزجر على النهي للإشارة إلى المؤاخذة الواقعة في الحديث بقوله ‏"‏ فاحث في أفواههن التراب‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي أَوْ غَلَبْنَنَا الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَنَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب‏)‏ بمهملة وشين معجمة وزن جعفر ثقة من أهل الطائف نزل الكوفة، ذكر الأصيلي أنه لم يرو عنه غير البخاري، وليس كذلك بل روى عنه أيضا محمد بن مسلم بن وارة الرازي كما ذكره المزي في التهذيب، وعبد الوهاب شيخه هو ابن عبد المجيد الثقفي، وقد تقدم الكلام على حديث عائشة قبل أربعة أبواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأُمِّ الْعَلَاءِ وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب‏)‏ هو الحجبي، وحماد هو ابن زيد، ومحمد هو ابن سيرين، والإسناد كله بصريون‏.‏

وقد رواه عارم عن حماد فقال‏:‏ ‏"‏ عن أيوب عن حفصة ‏"‏ بدل محمد أخرجه الطبراني، وله أصل عن حفصة كما سيأتي في الأحكام من طريق عبد الوارث عن أيوب عنها، فكأن حمادا سمعه من أيوب عن كل منهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عند البيعة‏)‏ أي لما بايعهن على الإسلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما وفت‏)‏ أي بترك النوح‏.‏

وأم سليم هي بنت ملحان والدة أنس، وأم العلاء تقدم ذكرها في ثالث باب من كتاب الجنائز، وابنة أبي سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة، وأما قوله أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ فهو شك من أحد رواته هل ابنة أبي سبرة هي امرأة معاذ أو غيرها، وسيأتي في كتاب الأحكام من رواية حفصة عن أم عطية بالشك أيضا، والذي يظهر لي أن الرواية بواو العطف أصح لأن امرأة معاذ وهو ابن جبل هي أم عمرو بنت خلاد بن عمرو السلمية ذكرها ابن سعد، فعلى هذا فابنة أبي سبرة غيرها‏.‏

ووقع في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ لأبي موسى من طريق حفصة عن أم عطية ‏"‏ وأم معاذ ‏"‏ بدل قوله وامرأة معاذ وكذا في رواية عارم، لكن لفظه ‏"‏ أو أم معاذ بنت أبي سبرة ‏"‏ وفي الطبراني من رواية ابن عون عن ابن سيرين عن أم عطية ‏"‏ فما وفت غير أم سليم وأم كلثوم وامرأة معاذ بن أبي سبرة ‏"‏ كذا فيه والصواب ما في الصحيح امرأة معاذ وبنت أبي سبرة، ولعل بنت أبي سبرة يقال لها أم كلثوم، وإن كانت الرواية التي فيها أم معاذ محفوظة فلعلها أم معاذ بن جبل وهي هند بنت سهل الجهنية ذكرها ابن سعد أيضا، وعرف بمجموع هذه النسوة الخمس وهي أم سليم وأم العلاء وأم كلثوم وأم عمرو وهند - إن كانت الرواية محفوظة - وإلا فيختلج في خاطري أن الخامسة هي أم عطية راوية الحديث‏.‏

ثم وجدت ما يؤيده من طريق عاصم عن حفصة عن أم عطية بلفظ ‏"‏ فما وقت غيري وغير أم سليم ‏"‏ أخرجه الطبراني أيضا‏.‏

ثم وجدت ما يرده وهو ما أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت ‏"‏ كان فيما أخذ علينا أن لا ننوح ‏"‏ الحديث، فزاد في آخره ‏"‏ وكانت لا تعد نفسها لأنها لما كان يوم الحرة لم تزل النساء بها حتى قامت معهن فكانت لا تعد نفسها لذلك ‏"‏ ويجمع بأنها تركت عد نفسها من يوم الحرة‏.‏

قلت‏:‏ يوم الحرة قتل فيه من الأنصار من لا يحصى عدده ونهبت المدينة الشريفة وبذل فيها السيف ثلاثة أيام وكان ذلك في أيام يزيد بن معاوية، وفي حديث أم عطية مصداق ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين‏.‏

وفيه فضيلة ظاهرة للنسوة المذكورات، قال عياض‏:‏ معنى الحديث لم يف ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم مع أم عطية في الوقت الذي بايعت فيه النسوة إلا المذكورات، لا أنه لم يترك النياحة من المسلمات غير خمسة‏.‏

وسيأتي الكلام على بقية فوائده في تفسير سورة الممتحنة إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتاب الْجَنَائِزِ )11

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: