foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:12 pm

*3* باب مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً حذف التشكيل

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ حذف الجواب إيجازا واعتمادا على ما في الحديث، وعطف قوله نية على قوله احتسابا لأن الصوم إنما يكون لأجل التقريب إلى الله، والنية شرط في وقوعه قربة‏.‏

قال‏:‏ والأولى أن يكون منصوبا على الحال‏.‏

وقال غيره‏:‏ انتصب على أنه مفعول له أو تمييز أو حال بأن يكون المصدر في معنى اسم الفاعل أي مؤمنا محتسبا، والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضية صومه، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ احتسابا أي عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يبعثون على نياتهم‏)‏ هذا طرف من حديث وصله المصنف في أوائل البيوع من طريق نافع بن جبير عنها وأوله ‏"‏ يغزو جيش الكعبة، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، ثم يبعثون على نياتهم ‏"‏ يعني يوم القيامة ووجه الاستدلال منه هنا أن للنية تأثيرا في العمل لاقتضاء الخبر أن في الجيش المذكور المكره والمختار فإنهم إذا بعثوا على نياتهم وقعت المؤاخذة على المختار دون المكره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ هو ابن أبي كثير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ هو ابن عبد الرحمن، ووقع في رواية معاذ بن هشام عن أبيه عن مسلم ‏"‏ حدثني أبو سلمة ‏"‏ ونحوه في رواية شيبان عن يحيى عند أحمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من قام ليلة القدر‏)‏ يأتي الكلام عليه في الباب المعقود لها في أواخر الصيام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه‏)‏ زاد أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ‏"‏ وما تأخر ‏"‏ وقد رواه أحمد أيضا عن يزيد بن هارون عن محمد ابن عمرو بدون هذه الزيادة، ومن طريق يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بدونها أيضا، ووقعت هذه الزيادة أيضا في رواية الزهري عن أبي سلمة أخرجها النسائي عن قتيبة عن سفيان عنه، وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان، أخرجه ابن عبد البر في ‏"‏ التمهيد ‏"‏ واستنكره، وليس بمنكر، فقد تابعه قتيبة كما ترى، وهشام ابن عمار وهو في الجزء الثاني عشر من فوائده، والحسين بن الحسن المروزي أخرجه في كتاب الصيام له، ويوسف بن يعقوب النجاحي أخرجه أبو بكر المقري في فوائده كلهم عن سفيان، والمشهور عن الزهري بدونها‏.‏

وقد وقعت هذه الزيادة أيضا في حديث عبادة بن الصامت عند الإمام أحمد من وجهين وإسناده حسن‏.‏

وقد استوعبت الكلام على طرقه في ‏"‏ كتاب الخصال المكفرة، للذنوب المقدمة والمؤخرة ‏"‏ وهذا محصله‏.‏

وقوله ‏"‏من ذنبه ‏"‏ اسم جنس مضاف فيتناول جميع الذنوب، إلا أنه مخصوص عند الجمهور، وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الوضوء وفي أوائل كتاب المواقيت‏.‏

قال الكرماني‏:‏ وكلمة ‏"‏ من ‏"‏ إما متعلقة بقوله ‏"‏ غفر ‏"‏ أي غفر من ذنبه ما تقدم فهو منصوب المحل، أو هي مبنية لما تقدم وهو مفعول لما لم يسم فاعله فيكون مرفوع المحل‏.‏

*3* باب أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في بدء الوحي‏.‏

قال الزين بن المنير‏:‏ وجه التشبيه بين أجوديته صلى الله عليه وسلم بالخير وبين أجودية الريح المرسلة أن المراد بالريح ريح الرحمة التي برسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سببا لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة، أي فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة ومن هو بصفة الغنى والكفاية أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3* باب مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لم يدع‏)‏ أي يترك ‏(‏قول الزور والعمل به‏)‏ زاد في نسخة الصغاني ‏"‏ في الصوم‏"‏‏.‏

قال الزبير بن المنير‏:‏ حذف الجواب لأنه لو نص على ما في الخبر لطالت الترجمة، أو لو عبر عنه بحكم معين لوقع في عهدته فكان الإيجاز ما صنع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعد المقبري عن أبيه‏)‏ كذا في أكثر الروايات عن ابن أبي ذئب، وقد رواه ابن وهب عن ابن أبي ذئب فاختلف عليه‏:‏ رواه الربيع عنه مثل الجماعة، ورواه ابن السراج عنه فلم يقل ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ أخرجها النسائي، وأخرجه الإسماعيلي من طريق حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسقاطه أيضا، واختلف فيه على ابن المبارك فأخرجه ابن حبان من طريقه بالإسقاط، وأخرجه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة بإثباته، وذكر الدار قطني أن يزيد بن هارون ويونس بن يحيى روياه عن ابن أبي ذئب بالإسقاط أيضا، وقد أخرجه أحمد عن يزيد فقال فيه ‏"‏ عن أبيه‏"‏، والذي يظهر أن ابن أبي ذئب كان تارة لا يقول عن أبيه وفي أكثر الأحوال يقولها، وقد رواه أبو قتادة الحراني عن ابن أبي ذئب بإسناد آخر فقال ‏"‏ عن الزهري عن عبد الله ابن ثعلبة عن أبي هريرة ‏"‏ وهو شاذ والمحفوظ الأول‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قول الزور والعمل به‏)‏ زاد المصنف في الأدب عن أحمد بن يونس عن ابن أبي ذئب ‏"‏ والجهل ‏"‏ وكذا لأحمد عن حجاج ويزيد بن هارون كلاهما عن ابن أبي ذئب‏.‏

وفي رواية ابن وهب ‏"‏ والجهل في الصوم ‏"‏ ولابن ماجة من طريق ابن المبارك ‏"‏ من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به ‏"‏ جعل الضمير في ‏"‏ به ‏"‏ يعود على الجهل، والأول جعله يعود على قول الزور والمعنى متقارب، ولما روى الترمذي حديث أبي هريرة هذا قال‏:‏ وفي الباب عن أنس‏.‏

قلت‏:‏ وحديث أنس أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ ‏"‏ من لم يدع الخنا والكذب ‏"‏ ورجاله ثقات، والمراد بقول الزور‏:‏ الكذب، والجهل‏:‏ السفه، والعمل به أي بمقتضاه كما تقدم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ ليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه، وإنما معناه التحذير من قول الزور وما ذكر معه، وهو مثل قوله ‏"‏ من باع الخمر فليشقص الخنازير ‏"‏ أي يذبحها، ولم يأمره بذبحها ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم بائع الخمر‏.‏

وأما قوله ‏"‏ فليس لله حاجة ‏"‏ فلا مفهوم له، فإن الله لا يحتاج إلى شيء، وإنما معناه فليس لله إرادة في صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة، وقد سبق أبو عمر بن عبد البر إلى شيء من ذلك‏.‏

قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ بل هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئا طلبه منه فلم يقم به‏:‏ لا حاجة لي بكذا، فالمراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول السالم منه، وقريب من هذا قوله تعالى ‏(‏لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم‏)‏ فإن معناه لن يصيب رضاه الذي ينشأ عنه القبول‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه، ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه‏.‏

وقال البيضاوي‏:‏ ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول، فقوله ‏"‏ ليس لله حاجة ‏"‏ مجاز عن عدم القبول، فنفى السبب وأراد المسبب والله أعلم‏.‏

واستدل به على أن هذه الأفعال تنقص الصوم، وتعقب بأنها صغائر تكفر باجتناب الكبائر‏.‏

وأجاب السبكي الكبير بأن في حديث الباب والذي مضى في أول الصوم دلالة قوية للأول، لأن الرفث والصخب وقول الزور والعمل به مما علم النهي عنه مطلقا والصوم مأمور به مطلقا، فلو كانت هذه الأمور إذا حصلت فيه لم يتأثر بها لم يكن لذكرها فيه مشروطة فيه معنى يفهمه، فلما ذكرت في هذين الحديثين نبهتنا على أمرين‏:‏ أحدهما زيادة قبحها في الصوم على غيرها، والثاني البحث على سلامة الصوم عنها، وأن سلامته منها صفة كمال فيه، وقوة الكلام تقتضي أن يقبح ذلك لأجل الصوم، فمقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلامة عنها‏.‏

قال‏:‏ فإذا لم يسلم عنها نقص‏.‏

ثم قال‏:‏ ولا شك أن التكاليف قد ترد بأشياء وينبه بها على أخرى بطريق الإشارة، وليس المقصود من الصوم العدم المحض كما في المنهيات لأنه يشترط له النية بالإجماع، ولعل القصد به في الأصل الإمساك عن جميع المخالفات، لكن لما كان ذلك يشق خفف الله وأمر بالإمساك عن المفطرات، ونبه الغافل بذلك على الإمساك عن المخالفات، وأرشد إلى ذلك ما تضمنته أحاديث المبين عن الله مراده، فيكون اجتناب المفطرات واجبا واجتناب ما عداها من المخالفات من المكملات، والله أعلم‏.‏

وقال شيخنا في شرح الترمذي‏:‏ لما أخرج الترمذي هذا الحديث ترجم ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم، وهو مشكل لأن الغيبة ليست قول الزور ولا العمل به، لأنها أن يذكر غيره بما يكره، وقول الزور هو الكذب، وقد وافق الترمذي بقية أصحاب السنن فترجموا بالغيبة وذكروا هذا الحديث، وكأنهم فهموا من ذكر قول الزور والعمل به الأمر بحفظ النطق، ويمكن أن يكون فيه إشارة إلى الزيادة التي وردت في بعض طرقه وهي الجهل فإنه يصح إطلاقه على جميع المعاصي‏.‏

وأما قوله ‏"‏ والعمل به ‏"‏ فيعود على الزور، ويحتمل أن يعود أيضا على الجهل أي والعمل بكل منهما‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ فليس لله ‏"‏ وقع عند البيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب ‏"‏ فليس به ‏"‏ بموحدة وهاء ضمير، فإن لم يكن تحريفا فالضمير للصائم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:13 pm

*3* باب هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يقول إني صائم إذا شتم‏)‏ أورد فيه حديث أبي هريرة، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى قبل ستة أبواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ

الشرح‏:‏

قوله فيه ‏(‏ولا يصخب‏)‏ كذا للأكثر بالمهملة الساكنة بعدها خاء معجمة، ولبعضهم بالسين بدل الصاد وهو بمعناه، والصخب الخصام والصياح، وقد تقدم أن المراد النهي عن ذلك تأكيده حالة الصوم، وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لخلوف‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ لخلف ‏"‏ بحذف الواو كأنها صيغة جمع، ويروى في غير البخاري بلفظ ‏"‏ لخفة ‏"‏ على الوحدة كتمر وتمرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏للصائم فرحتان يفرحهما‏:‏ إذا أفطر فرح‏)‏ زاد مسلم ‏"‏ بفطره‏"‏، وقوله ‏"‏يفرحهما ‏"‏ أصله يفرح بهما فحذف الجار ووصل الضمير كقوله صام رمضان أي فيه‏.‏

قال القرطبي‏:‏ معناه فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم، وقيل إن فرحه بفطره إنما هو من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه‏.‏

قلت‏:‏ ولا مانع من الحمل على ما هو أعم مما ذكر، ففرح كل أحد بحسبه لاختلاف مقامات الناس في ذلك، فمنهم من يكون فرحه مباحا وهو الطبيعي، ومنهم من يكون مستحبا وهو من يكون سببه شيء مما ذكره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا لقي ربه فرح بصومه‏)‏ أي بجزائه وثوابه‏.‏

وقيل الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه على الاحتمالين‏.‏

قلت‏:‏ والثاني أظهر إذ لا ينحصر الأول في الصوم بل يفرح حينئذ بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه‏.‏

*3* باب الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزْبَةَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة‏)‏ بضم المهملة وسكون الزاي بعدها موحدة، كذا لأبي ذر، ولغيره ‏"‏ العزوبة ‏"‏ بزيادة واو، والمراد بالخوف من العزوبة ما ينشأ عنها من إرادة الوقوع في العنت‏.‏

ثم أورد المصنف فيه حديث ابن مسعود المشهور، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، والمراد منه هنا قوله فيه ‏"‏ ومن لم يستطع ‏"‏ أي لم يجد أهبة النكاح‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فعليه بالصوم فإنه له وجاء‏)‏ بكسر الواو وبجيم ومد وهو رض الخصيتين، وقيل رض عروقهما، ومن يفعل به ذلك تنقطع شهوته، ومقتضاه أن الصوم قامع لشهوة النكاح‏.‏

واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة، لكن ذلك إنما يقع في مبدأ الأمر فإذا تمادى عليه واعتاده سكن ذلك، والله أعلم‏.‏

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا حذف التشكيل

وَقَالَ صِلَةُ عَنْ عَمَّارٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذا رأيتم الهلال فصوموا‏)‏ هذه الترجمة لفظ مسلم من رواية إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة، وقد سبق للمصنف في أول الصيام من طريق ابن شهاب عن سالم عن أبيه بلفظ ‏"‏ إذا رأيتموه ‏"‏ وذكر البخاري في الباب أحاديث تدل على نفي صوم يوم الشك رتبها ترتيبا حسنا‏:‏ فصدرها بحديث عمار المصرح بعصيان من صامه، ثم بحديث ابن عمر من وجهين أحدهما بلفظ ‏"‏ فإن غم عليكم فاقدروا له ‏"‏ والآخر بلفظ ‏"‏ فأكملوا العدة ثلاثين ‏"‏ وقصد بذلك بيان المراد من قوله فاقدروا له، ثم استظهر بحديث ابن عمر أيضا ‏"‏ الشهر هكذا وهكذا وحبس الإبهام في الثالثة ‏"‏ ثم ذكر شاهدا من حديث أبي هريرة لحديث ابن عمر مصرحا بأن عدة الثلاثين المأمور بها تكون من شعبان، ثم ذكر شاهدا لحديث ابن عمر في كون الشهر تسعا وعشرين من حديث أم سلمة مصرحا فيه بأن الشهر تسع وعشرون، ومن حديث أنس كذلك، وسأتكلم عليها حديثا حديثا إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال صلة عن عمار الخ‏)‏ أما صلة فهو بكسر المهملة وتخفيف اللام المفتوحة ابن زفر بزاي وفاء وزن عمر كوفي عبسي بموحدة ومهملة من كبار التابعين وفضلائهم، ووهم ابن حزم فزعم أنه صلة ابن أشيم، والمعروف أنه ابن زفر، وكذا وقع مصرحا به عند جمع ممن وصل هذا الحديث، وقد وصله أبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عنه ولفظه عندهم ‏"‏ كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال‏:‏ كلوا‏.‏

فتنحى بعض القوم فقال إني صائم‏.‏

فقال عمار‏:‏ من صام يوم الشك ‏"‏ وفي رواية ابن خزيمة وغيره ‏"‏ من صام اليوم الذي يشك فيه‏"‏، وله متابع بإسناد حسن، أخرجه ابن أبي شيبة من طريق منصور عن ربعي ‏"‏ أن عمارا وناسا معه أتوهم يسألونهم في اليوم الذي يشك فيه، فاعتزلهم رجل، فقال له عمار تعال فكل فقال‏:‏ إني صائم، فقال له عمار‏:‏ إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فتعال وكل ‏"‏ ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن منصور عن ربعي عن رجل عن عمار، وله شاهد من وجه آخر أخرجه إسحاق بن راهويه من رواية سماك عن عكرمة‏.‏

ومنهم من وصله بذكر ابن عباس فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم‏)‏ استدل به على تحريم صوم يوم الشك لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه فيكون من قبيل المرفوع‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ هو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك‏.‏

وخالفهم الجوهري المالكي فقال‏:‏ هو موقوف‏.‏

والجواب أنه موقوف لفظا مرفوع حكما‏.‏

قال الطيبي‏:‏ إنما أتى بالموصول ولم يقل يوم الشك مبالغة في أن صوم يوم فيه أدنى شك سبب لعصيان صاحب الشرع فكيف بمن صام يوما الشك فيه قائم ثابت، ونحوه قوله تعالى ‏(‏ولا تركنوا إلى الذين ظلموا‏)‏ أي الذين أونس منهم أدنى ظلم، فكيف بالظلم المستمر عليه‏؟‏ قلت‏:‏ وقد علمت أنه وقع في كثير من الطرق بلفظ ‏"‏ يوم الشك ‏"‏ وقوله ‏"‏ أبا القاسم ‏"‏ قيل فائدة تخصيص ذكر هذه الكنية الإشارة إلى أنه هو الذي يقسم بين عباد الله أحكامه زمانا ومكانا وغير ذلك، وأما حديث ابن عمر فاتفق الرواة عن مالك عن نافع فيه على قوله ‏"‏ فاقدروا له ‏"‏ وجاء من وجه آخر عن نافع بلفظ ‏"‏ فاقدروا ثلاثين ‏"‏ كذلك أخرجه مسلم من طريق عبيد الله ابن عمر عن نافع، وهكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع‏.‏

قال عبد الرزاق‏:‏ وأخبرنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع به وقال ‏"‏ فعدوا ثلاثين ‏"‏ واتفق الرواة عن مالك عن عبد الله بن دينار أيضا فيه على قوله ‏"‏ فاقدروا له ‏"‏ وكذلك رواه الزعفراني وغيره عن الشافعي، وكذا رواة إسحاق الحربي وغيره في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ عن القعنبي، وأخرجه الربيع بن سليمان والمزني عن الشافعي فقال فيه كما قاله البخاري هنا عن القعنبي ‏"‏ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ‏"‏ قال البيهقي في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ إن كانت رواية الشافعي والقعنبي من هذين الوجهين محفوظة فيكون مالك قد رواه على الوجهين‏.‏

قلت‏:‏ ومع غرابة هذا اللفظ من هذا الوجه فله متابعات، منها‏:‏ ما رواه الشافعي أيضا من طريق سالم عن ابن عمر بتعيين الثلاثين‏.‏

ومنها‏:‏ ما رواه ابن خزيمة من طريق عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر بلفظ ‏"‏ فإن غم عليكم فكملوا ثلاثين ‏"‏ وله شواهد من حديث حذيفة عند ابن خزيمة، وأبي هريرة وابن عباس عند أبي داود والنسائي وغيرهما، وعن أبي بكرة وطلق بن علي عند البيهقي، وأخرجه من طرق أخرى عنهم وعن غيرهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تصوموا حتى تروا الهلال‏)‏ ظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلا أو نهارا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل، وبعض العلماء فرق بين ما قبل الزوال أو بعد، وخالف الشيعة الإجماع فأوجبوه مطلقا، وهو ظاهر في النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغيم وغيرها، ولو وقع الاقتصار على هذه الجملة لكفى ذلك لمن تمسك به، لكن اللفظ الذي رواه أكثر الرواة أوقع للمخالف شبهة وهو قوله ‏"‏ فإن غم عليكم فاقدروا له ‏"‏ فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين حكم الصحو والغيم، فيكون التعليق على الرؤية متعلقا بالصحو، وأما الغيم فله حكم آخر‏.‏

ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكدا للأول، وإلى الأول ذهب أكثر الحنابلة، وإلى الثاني ذهب الجمهور فقالوا‏:‏ المراد بقوله ‏"‏ فاقدروا له ‏"‏ أي انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين، ويرجح هذا التأويل الروايات الأخر المصرحة بالمراد وهي ما تقدم من قوله ‏"‏ فأكملوا العدة ثلاثين ‏"‏ ونحوها، وأولى ما فسر الحديث بالحديث، وقد وقع الاختلاف في حديث أبي هريرة في هذه الزيادة أيضا فرواها البخاري كما ترى بلفظ ‏"‏ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ‏"‏ وهذا أصرح ما ورد في ذلك، وقد قيل إن آدم شيخه انفرد بذلك فإن أكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه ‏"‏ فعدوا ثلاثين ‏"‏ أشار إلى ذلك الإسماعيلي وهو عند مسلم وغيره‏.‏

قال فيجوز أن يكون آدم أورده على ما وقع عنده من تفسير الخبر‏.‏

قلت‏:‏ الذي ظنه الإسماعيلي صحيح، فقد رواه البيهقي من طريق إبراهيم بن يزيد عن آدم بلفظ ‏"‏ فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ‏"‏ يعني عدوا شعبان ثلاثين، فوقع للبخاري إدراج التفسير في نفس الخبر‏.‏

ويؤيد رواية أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين‏"‏، فإنه يشعر بأن المأمور بعدده هو شعبان، وقد رواه مسلم من طريق الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد بلفظ ‏"‏ فأكملوا العدد ‏"‏ وهو يتناول كل شهر فدخل فيه شعبان، وروى الدار قطني وصححه وابن خزيمة في صحيحه من حديث عائشة ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ‏"‏ وأخرجه أبو داود وغيره أيضا‏.‏

وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة من طريق ربعي عن حذيفة مرفوعا ‏"‏ لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ‏"‏ وقيل الصواب فيه عن ربعي عن رجل من الصحابة مبهم، ولا يقدح ذلك في صحته‏.‏

قال ابن الجوزي في ‏"‏ التحقيق ‏"‏ لأحمد في هذه المسألة - وهي ما إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان - ثلاثة أقوال‏:‏ أحدها يجب صومه على أنه من رمضان‏.‏

ثانيها لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا، بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة، وبه قال الشافعي‏.‏

وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك‏.‏

ثالثها المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر‏.‏

واحتج الأول بأنه موافق لرأي الصحابي راوي الحديث‏.‏

قال أحمد‏:‏ حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر فذكر الحديث بلفظ ‏"‏ فاقدروا له ‏"‏ قال نافع‏:‏ فكان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رأى فذاك، وإن لما ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا، وإن حال أصبح صائما‏.‏

وأما ما روى الثوري في جامعه عن عبد العزيز بن حكيم سمعت ابن عمر يقول‏:‏ لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه، فالجمع بينهما أنه في الصورة التي أوجب فيها الصوم لا يسمى يوم شك، وهذا هو المشهور عن أحمد أنه خص يوم الشك بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال أو شهد برؤيته من لا يقبل الحاكم شهادته، فأما إذا حال دون منظره شيء فلا يسمى شكا‏.‏

واختار كثير من المحققين من أصحابه الثاني‏.‏

قال ابن عبد الهادي في تنقيحه‏:‏ الذي دلت عليه الأحاديث - وهو مقتضى القواعد - أنه أي شهر غم أكمل ثلاثين سواء في ذلك شعبان ورمضان وغيرهما، فعلى هذا قوله ‏"‏ فأكملوا العدة ‏"‏ يرجع إلى الجملتين وهو قوله ‏"‏ صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ‏"‏ أي غم عليكم في صومكم أو فطركم، وبقية الأحاديث تدل عليه فاللام في قوله ‏"‏ فأكملوا العدة ‏"‏ للشهر أي عدة الشهر، ولم يخص صلى الله عليه وسلم شهرا دون شهر بالإكمال إذا غم، فلا فرق بين شعبان وغيره في ذلك، إذ لو كان شعبان غير مراد بهذا الإكمال لبينه فلا تكون رواية من روى ‏"‏ فأكملوا عدة شعبان ‏"‏ مخالفة لمن قال ‏"‏ فأكملوا العدة ‏"‏ بل مبينة لها‏.‏

ويؤيد ذلك قوله في الرواية الأخرى ‏"‏ فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا‏"‏‏.‏

أخرجه أحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وأبو يعلى من حديث ابن عباس هكذا، ورواه الطيالسي من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم من شعبان ‏"‏ وروى النسائي من طريق محمد بن حنين عن ابن عباس بلفظ ‏"‏ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاقدروا له‏)‏ تقدم أن للعلماء فيه تأويلين، وذهب آخرون إلى تأويل ثالث، قالوا‏:‏ معناه فاقدروه بحساب المنازل‏.‏

قاله أبو العباس بن سريج من الشافعية ومطرف بن عبد الله من التابعين وابن قتيبة من المحدثين‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة هو ممن يعرج عليه في مثل هذا‏.‏

قال‏:‏ ونقل ابن خويز منداد عن الشافعي مسألة ابن سريج والمعروف عن الشافعي ما عليه الجمهور، ونقل ابن العربي عن ابن سريج أن قوله ‏"‏ فاقدروا له ‏"‏ خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وأن قوله ‏"‏ فأكملوا العدة ‏"‏ خطاب للعامة‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد، قال‏:‏ وهذا بعيد عن النبلاء‏.‏

وقال ابن الصلاح‏:‏ معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة، وأما معرفة الحساب فأمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد، قال‏:‏ فمعرفة منازل القمر تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم، وهذا هو الذي أراده ابن سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه‏.‏

ونقل الروياني عنه أنه لم يقل بوجوب ذلك عليه وإنما قال بجوازه، وهو اختيار القفال وأبي الطيب، وأما أبو إسحاق في ‏"‏ المهذب ‏"‏ فنقل عن ابن سريج لزوم الصوم في هذه الصورة فتعددت الآراء في هذه المسألة بالنسبة إلى خصوص النظر في الحساب والمنازل‏:‏ أحدها الجواز ولا يجزئ عن الفرض، ثانيها يجوز ويجزئ، ثالثها يجوز للحاسب ويجزئه لا للمنجم، رابعها يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم، خامسها يجوز لهما ولغيرهما مطلقا‏.‏

وقال ابن الصباغ أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا‏.‏

قلت‏:‏ ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك‏.‏

فقال في الإشراف‏:‏ صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة، وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته، هكذا أطلق ولم يفصل بين حاسب وغيره، فمن فرق بينهم كان محجوجا بالإجماع قبله، وسيأتي بقية البحث في ذلك بعد باب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الشهر تسع وعشرون‏)‏ ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنه لا ينحصر فيه بل قد يكون ثلاثين، والجواب أن المعنى أن الشهر يكون تسعة وعشرين أو اللام للعهد والمراد شهر بعينه أو هو محمول على الأكثر الأغلب لقول ابن مسعود ‏"‏ ما صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين ‏"‏ أخرجه أبو داود والترمذي، ومثله عن عائشة عند أحمد بإسناد جيد، ويؤيد الأول قوله في حديث أم سلمة في الباب أن الشهر يكون تسعة وعشرين يوما‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ قوله ‏"‏ الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا الخ ‏"‏ معناه حصره من جهة أحد طرفيه، أي أنه يكون تسعا وعشرين وهو أقله، ويكون ثلاثين وهو أكثره، فلا تأخذوا أنفسكم بصوم الأكثر احتياطا، ولا تقتصروا على الأقل تخفيفا، ولكن اجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداء وانتهاء باستهلاله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا تصوموا حتى تروه‏)‏ ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد، بل المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك، إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي آخرين‏.‏

ووافق الحنفية على الأول إلا أنهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره، وإلا متى كان صحو لم يقبل إلا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم‏.‏

وقد تمسك بتعليق الصوم بالرؤية من ذهب إلى إلزام أهل البلد برؤية أهل بلد غيرها، ومن لم يذهب إلى ذلك قال لأن قوله ‏"‏ حتى تروه ‏"‏ خطاب لأناس مخصوصين فلا يلزم غيرهم، ولكنه مصروف عن ظاهره فلا يتوقف الحال على رؤية كل واحد فلا يتقيد بالبلد‏.‏

وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب‏:‏ أحدها لأهل كل بلد رؤيتهم، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس ما يشهد له، وحكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه، وحكاه الماوردي وجها للشافعية‏.‏

ثانيها مقابله إذا رؤي ببلدة لزم أهل البلاد كلها، وهو المشهور عند المالكية، لكن حكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه‏.‏

وقال‏:‏ أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلاد كخراسان والأندلس‏.‏

قال القرطبي‏:‏ قد قال شيوخنا إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع ثم نقل إلى غيرهم بشهادة اثنين لزمهم الصوم‏.‏

وقال ابن الماجشون‏:‏ لا يلزمهم بالشهادة إلا لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشهادة إلا أن يثبت عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع‏.‏

وقال بعض الشافعية‏:‏ إن تقاربت البلاد كان الحكم واحدا وإن تباعدت فوجهان‏:‏ لا يجب عند الأكثر، واختار أبو الطيب وطائفة الوجوب وحكاه البغوي عن الشافعي‏.‏

وفي ضبط البعد أوجه‏:‏ أحدها اختلاف المطالع قطع به العراقيون والصيدلاني وصححه النووي في ‏"‏ الروضة ‏"‏ و ‏"‏ شرح المهذب‏"‏‏.‏

ثانيها مسافة القصر قطع به الإمام والبغوي وصححه الرافعي في ‏"‏ الصغير ‏"‏ والنووي في شرح مسلم‏"‏‏.‏

ثالثها اختلاف الأقاليم‏.‏

رابعها حكاه السرخسي فقال‏:‏ يلزم كل بلد لا يتصور خفاؤه عنها بلا عارض دون غيرهم‏.‏

خامسها قول ابن الماجشون المتقدم واستدل به على وجوب الصوم والفطر على من رأى الهلال وحده وإن لم يثبت بقوله، وهو قول الأئمة الأربعة في الصوم، واختلفوا في الفطر فقال الشافعي‏:‏ يفطر ويخفيه‏.‏

وقال الأكثر‏:‏ يستمر صائما احتياطا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن غم عليكم‏)‏ بضم المعجمة وتشديد الميم أي حال بينكم وبينه غيم، يقال غممت الشيء إذا غطيته، ووقع في حديث أبي هريرة من طريق المستملي ‏"‏ فإن غم ‏"‏ ومن طريق الكشميهني ‏"‏ أغمى ‏"‏ ومن رواية السرخسي ‏"‏ غبى ‏"‏ بفتح العين المعجمة وتخفيف الموحدة وأغمى وغم وغمى بتشديد الميم وتخفيفها فهو مغموم، الكل بمعنى، وأما غبى فمأخوذ من الغباوة وهي عدم الفطنة وهي استعارة لخفاء الهلال، ونقل ابن العربي أنه روى ‏"‏ عمى ‏"‏ بالعين المهملة من العمى قال وهو بمعناه لأنه ذهاب البصر عن المشاهدات أو ذهاب البصيرة عن المعقولات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَخَنَسَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏الشهر هكذا وهكذا وخنس الإبهام في الثالثة‏)‏ كذا للأكثر بالمعجمة والنون أي قبض، والانخناس الانقباض قاله الخطابي‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ وحبس ‏"‏ بالحاء المهملة ثم الموحدة، أي منع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى بن عبد الله بن صيفي‏)‏ بمهملة وفاء وزن زيدي، وهو اسم بلفظ النسبة‏.‏

ووقع في رواية حجاج عن ابن جريج ‏"‏ أخبرني يحيى ‏"‏ أخرجه مسلم، وكذا صرح بالإخبار في بقية الإسناد، وسيأتي الكلام على حديث أم سلمة هذا مستوفى في كتاب الطلاق‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن حميد عن أنس‏)‏ سيأتي في الطلاق من وجه آخر عن سليمان عن حميد أنه مع أنسا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تسعا وعشرين‏)‏ كذا للأكثر وللحموي والمستملي ‏"‏ تسعة وعشرين ‏"‏ وسيأتي بقية الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 8:15 pm

*3* باب شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ حذف التشكيل

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ تَمَامٌ

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجْتَمِعَانِ كِلَاهُمَا نَاقِصٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب شهرا عيد لا ينقصان‏)‏ هكذا ترجم ببعض لفظ الحديث، وهذا القدر لفظ طريق لحديث الباب عند الترمذي من رواية بشر بن المفضل عن خالد الحذاء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ شَهْرَا عِيدٍ رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد حدثنا معتمر‏)‏ فساق الإسناد ثم قال‏:‏ ‏"‏ وحدثني مسدد قال حدثنا معتمر ‏"‏ فساقه بإسناد آخر لمسدد وساق المتن على لفظ الرواية الثانية، وكأن النكتة في كونه لم يجمع الإسنادين معا مع أنهما لم يتغايرا إلا في شيخ معتمر أن مسددا حدثه به مرة ومعه غيره عن معتمر عن إسحاق، وحدثه به مرة أخرى إما وهو وحده وإما بقراءته عليه عن معتمر عن خالد، ولمسدد فيه شيخ آخر أخرجه أبو داود عنه عن يزيد بن زريع عن خالد وهو محفوظ عن خالد الحذاء من طرق‏.‏

وأما قول قاسم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏‏:‏ سمعت موسى بن هارون يحدث بهذا الحديث عن العباس بن الوليد عن يزيد بن زريع مرفوعا، قال موسى وأنا أهاب رفعه، فإن لم يحمل على أن يزيد بن زريع كان ربما وقفه وإلا فليس لمهابة رفعه معنى‏.‏

وأما لفظ إسحاق العدوي فأخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريق أبي خليفة وأبي مسلم الكجي جميعا عن مسدد بهذا الإسناد بلفظ ‏"‏ لا ينقص رمضان ولا ينقص ذو الحجة ‏"‏ وأشار الإسماعيلي أيضا إلى أن هذا اللفظ لإسحاق العدوي، لكن أخرجه البيهقي من طريق يحيى بن محمد بن يحيى عن مسدد بلفظ ‏"‏ شهرا عيدا لا ينقصان ‏"‏ كما هو لفظ الترجمة، وكأن هذا هو السر في اقتصار البخاري على سياق المتن على لفظ خالد دون إسحاق لكونه لم يختلف في سياقه عليه، وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث‏:‏ فمنهم من حمله على ظاهره فقال لا يكون رمضان ولا ذو الحجة أبدا إلا ثلاثين، وهذا قول مردود معاند للموجود المشاهد، ويكفي في رده قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ‏"‏ فإنه لو كان رمضان أبدا ثلاثين لم يحتج إلى هذا‏.‏

ومنهم من تأول له معنى لائقا‏.‏

وقال أبو الحسن كان إسحاق بن راهويه يقول‏:‏ لا ينقصان في الفضيلة إن كانا تسعة وعشرين أو ثلاثين‏.‏

انتهى‏.‏

وقيل لا ينقصان معا، إن جاء أحدهما تسعا وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولا بد‏.‏

وقيل لا ينقصان في ثواب العمل فيهما، وهذان القولان مشهوران عن السلف وقد ثبتا منقولين في أكثر الروايات في البخاري، وسقط ذلك في رواية أبي ذر وفي رواية النسفي وغيره عقب الترجمة قبل سياق الحديث‏.‏

قال إسحاق‏:‏ وإن كان ناقصا فهو تمام‏.‏

وقال محمد‏:‏ لا يجتمعان كلاهما ناقص‏.‏

وإسحاق هذا هو ابن راهويه، ومحمد هو البخاري المصنف‏.‏

ووقع عند الترمذي نقل القولين عن إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل، وكأن البخاري اختار مقالة أحمد فجزم بها أو توارد عليها‏.‏

قال الترمذي قال أحمد‏:‏ معناه لا ينقصان معا في سنة واحدة انتهى‏.‏

ثم وجدت في نسخة الصغاني ما نصه عقب الحديث‏:‏ قال أبو عبد الله قال إسحاق تسعة وعشرون يوما تام‏.‏

وقال أحمد بن حنبل إن نقص رمضان تم ذو الحجة، وإن نقص ذو الحجة تم رمضان‏.‏

وقال إسحاق‏:‏ معناه وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان‏.‏

قال‏:‏ وعلى مذهب إسحاق يجوز أن ينقصا معا في سنة واحدة‏.‏

وروى الحاكم في تاريخه بإسناد صحيح أن إسحاق بن إبراهيم سئل عن ذلك فقال‏:‏ إنكم ترون العدد ثلاثين فإذا كان تسعا وعشرين ترونه نقصانا وليس ذلك بنقصان‏.‏

ووافق أحمد على اختياره أبو بكر أحمد بن عمرو البزار فأوهم مغلطاي أنه مراد الترمذي بقوله ‏"‏ وقال أحمد ‏"‏ وليس كذلك، وإنما ذكره قاسم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ عن البزار فقال‏:‏ سمعت البزار يقول معناه لا ينقصان جميعا في سنة واحدة‏.‏

قال‏:‏ ويدل عليه رواية زيد بن عقبة عن سمرة ابن جندب مرفوعا ‏"‏ شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوما ‏"‏ وادعى مغلطاي أيضا أن المراد بإسحاق إسحاق ابن سويد العدوي راوي الحديث، ولم يأت على ذلك بحجة‏.‏

وذكر ابن حبان لهذا الحديث معنيين‏:‏ أحدهما ما قاله إسحاق، والآخر أن المراد أنهما في الفضل سواء لقوله في الحديث الآخر ‏"‏ ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي الحجة ‏"‏ وذكر القرطبي أن فيه خمسة أقوال فذكر نحو ما تقدم وزاد أن معناه لا ينقصان في عام بعينه وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة‏.‏

وهذا حكاه ابن بزيزة ومن قبله أبو الوليد ابن رشد ونقله المحب الطبري عن أبي بكر بن فورك، وقيل‏:‏ المعنى لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيهقي وقبله الطحاوي فقال‏:‏ معنى لا ينقصان أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين‏.‏

وقيل معناه لا ينقصان في نفس الأمر لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع، وهذا أشار إليه ابن حبان أيضا‏.‏

ولا يخفى بعده‏.‏

وقيل معناه لا ينقصان معا في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك، وهذا أعدل مما تقدم لأنه ربما وجد وقوعهما ووقوع كل منهما تسعة وعشرين قال الطحاوي‏:‏ الأخذ بظاهره أو حمله على نقص أحدهما يدفعه العيان لأنا قد وجدناهما ينقصان معا في أعوام‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ لا يخلو شيء من هذه الأقوال عن الاعتراض، وأقربها أن المراد أن النقص الحسي باعتبار العدد ينجبر بأن كلا منهما شهر عيد عظيم فلا ينبغي وصفهما بالنقصان، بخلاف غيرهما من الشهور‏.‏

وحاصله يرجع إلى تأييد قول إسحاق‏.‏

وقال البيهقي في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ إنما خصهما بالذكر لتعلق حكم الصوم والحج بهما، وبه جزم النووي وقال‏:‏ إنه الصواب المعتمد‏.‏

والمعنى أن كل ما ورد عنهما من الفضائل والأحكام حاصل سواء كان رمضان ثلاثين أو تسعا وعشرين، سواء صادف الوقوف اليوم التاسع أو غيره‏.‏

ولا يخفى أن محل ذلك ما إذا لم يحصل تقصير في ابتغاء الهلال، وفائدة الحديث رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعا وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة‏.‏

وقد استشكل بعض العلماء إمكان الوقوف في الثامن اجتهادا، وليس مشكلا لأنه ربما ثبتت الرؤية بشاهدين أن أول ذي الحجة الخميس مثلا فوقفوا يوم الجمعة، ثم تبين أنهما شهدا زورا‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ ظاهر سياق الحديث بيان اختصاص الشهرين بمزية ليست في غيرهما من الشهور، وليس المراد أن ثواب الطاعة في غيرهما ينقص، وإنما المراد رفع الحرج عما عسى أن يقع فيه خطأ في الحكم لاختصاصهما بالعيدين وجواز احتمال وقوع الخطأ فيهما، ومن ثم قال ‏"‏ شهرا عيد ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ شهران لا ينقصان ‏"‏ ولم يقتصر على قوله رمضان وذي الحجة انتهى‏.‏

وفي الحديث حجة لمن قال إن الثواب ليس مرتبا على وجود المشقة دائما، بل لله أن يتفضل بإلحاق الناقص بالتام في الثواب‏.‏

واستدل به بعضهم لمالك في اكتفائه لرمضان بنية واحدة قال‏:‏ لأنه جعل الشهر بجملته عبادة واحدة فاكتفى له بالنية، وهذا الحديث يقتضي أن التسوية في الثواب بين الشهر الذي يكون تسعا وعشرين وبين الشهر الذي يكون ثلاثين إنما هو بالنظر إلى جعل الثواب متعلقا بالشهر من حيث الجملة لا من حيث تفضيل الأيام‏.‏

وأما ما ذكره البزار من رواية زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب فإسناده ضعيف، وقد أخرجه الدار قطني في ‏"‏ الأفراد ‏"‏ والطبراني من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ لا يتم شهران ستين يوما ‏"‏ وقال أبو الوليد ابن رشد‏:‏ إن ثبت فمعناه لا يكونان ثمانية وخمسين في الأجر والثواب وروى الطبراني حديث الباب من طريق هشيم عن خالد الحذاء بسنده هذا بلفظ ‏"‏ كل شهر حرام لا ينقص ثلاثون يوما وثلاثون ليلة ‏"‏ وهذا بهذا اللفظ شاذ، والمحفوظ عن خالد ما تقدم، وهو الذي توارد عليه الحفاظ من أصحابه كشعبة وحماد ابن زيد ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل وغيرهم‏.‏

وقد ذكر الطحاوي أن عبد الرحمن بن إسحاق روى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بهذا اللفظ، قال الطحاوي‏:‏ وعبد الرحمن بن إسحاق لا يقاوم خالدا الحذاء في الحفظ‏.‏

قلت‏:‏ فعلى هذا فقد دخل لهشيم حديث في حديث، لأن اللفظ الذي أورده عن خالد هو لفظ عبد الرحمن‏.‏

وقال ابن رشد‏:‏ إن صح فمعناه أيضا في الأجر والثواب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رمضان وذو الحجة‏)‏ أطلق على رمضان أنه شهر عيد لقربه من العيد، أو لكون هلال العيد ربما رؤي في اليوم الأخير من رمضان قاله الأثرم، والأول أولى‏.‏

ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏المغرب وتر النهار ‏"‏ أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر، وصلاة المغرب ليلية جهرية، وأطلق كونها وتر النهار لقربها منه‏.‏

وفيه إشارة إلى أن وقتها يقع أول ما تغرب الشمس‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ليس لإسحاق بن سويد - وهو ابن هبيرة البصري العدوي عديى مضر، وهو تابعي صغير روى هنا عن تابعي كبير - في البخاري سوى هذا الحديث الواحد‏.‏

وقد أخرجه مقرونا بخالد الحذاء وقد رمي بالنصب، وذكره ابن العربي في الضعفاء بهذا السبب‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )5
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الصَّوْمِ )8

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: