foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 25, 2010 10:18 pm

*3* باب حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الْغَزْوِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو‏)‏ أي جواز ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ تَزْفِرُ تَخِيطُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ثعلبة بن أبي مالك‏)‏ في رواية بن وهب عن يونس عند أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ عن ثعلبة القرظي بضم القاف وفتح الراء بعدها معجمة مختلف في صحبته ‏"‏ قال ابن معين له رواية‏.‏

وقال ابن سعد قدم أبو مالك واسمه عبد الله بن سام من اليمن وهو من كندة فتزوج امرأة من بني قريظة فعرف بهم وحالف الأنصار‏.‏

قلت‏:‏ وكانت اليهودية قد فشت في اليمين فلذلك صاهرهم أبو مالك، وكأنه قتل في بني قريظة فقد ذكر مصعب الزبيري أن ثعلبة ممن لم يكن أثبت قوله فترك، وكان ثعلبة إمام قومه، وله حديث مرفوع عند ابن ماجة، لكن جزم أبو حاتم بأنه مرسل، وقد صرح الزهري عنه بالإخبار في حديث آخر سيأتي في ‏"‏ باب لواء النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال له بعض من عنده‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يريدون أم كلثوم‏)‏ كان عمر قد تزوج أم كلثوم بنت علي وأمها فاطمة ولهذا قالوا لها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت قد ولدت في حياته وهي أصغر بنات فاطمة عليها السلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أم سليط‏)‏ كذا فيه بفتح المهملة وكسر اللام وزن رغيف، ولم أر لها في كتب من صنف في الصحابة ذكرا إلا في الاستيعاب فذكرها مختصرة بالذي هنا، وقد ذكرها ابن سعد في طبقات النساء وقال‏:‏ هي أم قيس بنت عبيد بن زياد بن ثعلبة من بني مازن، تزوجها أبو سليط بن أبي حارثة عمرو بن قيس من بني عدى بن النجار فولدت له سليطا وفاطمة، يعني فلذلك يقال لها أم سليط، وذكر أنها شهدت خيبر وحنينا، وغفل عن ذكر شهودها أحدا وهو ثابت بهذا الحديث، وذكر في ترجمة أم عمارة الأنصارية شبيها بهذه القصة من وجه آخر عن عمر لكن فيه ‏"‏ فقال بعضهم أعطه صفية بنت أبي عبيد زوت عبد الله بن عمر ‏"‏ وقال فيه أيضا ‏"‏ لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ما التفت يمينا ولا شمالا يوم أحد إلا وأنا أراها تقاتل دوني ‏"‏ فهذا يشعر بأن القصة تعددت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تزفر‏)‏ بفتح أوله وسكون الزاي وكسر الفاء أي تحمل وزنا ومعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏:‏ تزفر تخيط‏)‏ كذا في رواية المستملي وحده، وتعقب بأن ذلك لا يعرف في اللغة وإنما الزفر الحمل وهو بوزنه ومعناه، قال الخليل‏:‏ ‏"‏ زفر بالحمل زفرا نهض به ‏"‏ والزفر أيضا القربة نفسها وقيل إذا كانت مملوءة ماء، ويقال للإماء إذا حملن الترب زوافر، والزفر أيضا البحر الفياض، وقيل الزافر الذي يعين في حمل القربة‏.‏

قلت‏:‏ وقع عند أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج‏؟‏ بعد أن أخرجه من طريق عبد الله بن وهب عن يونس قال عبد الله تزفر تحمل‏.‏

وقال أبو صالح كاتب الليث‏:‏ تزفر تخرز‏.‏

قلت‏:‏ فلعل هذا مستند البخاري في تفسيره، وسيأتي بقية الكلام على فوائد هذا الحديث في غزوة أحد إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِي الْغَزْوِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مداواة النساء الجرحى‏)‏ أى من الرجال وغيرهم ‏(‏في الغزو‏)‏ ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الربيع‏)‏ بالتشديد، وأبوها معوذ بالتشديد أيضا والذال المعجمة لها ولأبيها صحبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي‏)‏ كذا أورده في الأول مختصرا، وأورده في الذي بعده وسياقه أتم وأوفى بالمقصود، وزاد الإسماعيلي من طريق أخرى خالد بن ذكوان ‏"‏ ولا نقاتل ‏"‏ وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة قال ابن بطال‏:‏ ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه بل يقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس، ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كالزهري وفي قول الأكثر تيمم‏.‏

وقال الأوزاعي تدفن كما هي، قال ابن المنير‏:‏ الفرق لبين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات‏.‏

*3* باب رَدِّ النِّسَاءِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

وقوله‏:‏ ‏(‏باب رد النساء الجرحى والقتلى‏)‏ كذا للأكثر وزاد الكشميهني ‏"‏ إلى المدينة‏"‏‏.‏

*3* باب نَزْعِ السَّهْمِ مِنْ الْبَدَنِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب نزع السهم من البدن‏)‏ ذكر فيه حديث أبي موسى في قصة عمه أبا عامر باختصار‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى في قصة عمه أبا عامر باختصار، وساقه في غزوة حنين بتمامه، وسيأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى قال المهلب‏:‏ فيه جواز نزع السهم من البدن وإن كان في غبه الموت، وليس ذلك من الإلقاء إلى التهلكة إذا كان يرجو الانتفاع بذلك، قال‏:‏ ومثله البط والكي وغير ذلك من الأمور التي يتداوى بها وقال ابن المنير‏:‏ لعله ترجم بهذا لئلا يتخيل أن الشهيد لا ينزع منه السهم بل يبقى فيه، كما أمر بدفنه بدمائه حتى يبعث كذلك، فبين بهذه الترجمة أن هذا مما شرع انتهى والذي قاله المهلب أول لأن حديث الباب يتعلق بمن أصابه ذلك وهو في الحياة بعد، والذي أبداه ابن المنير يتعلق بنزعه بعد الوفاة‏.‏

*3* باب الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الحراسة في الغزو في سبيل الله‏)‏ أى بيان ما فيها من الفضل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَيْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ وَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث عائشة قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا يحيى بن سعيد‏)‏ هو الأنصاري، وعبد الله بن عامر بن ربيعة هو العنزي له رؤية ولأبيه صحبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر، فلما قدم المدينة قال‏:‏ ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة‏)‏ هكذا في هذه الرواية ولم يبين زمان السهر، وظاهره أن السهر كان قبل القدوم والقول بعده، وقد أخرجه مسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد وقال فيه ‏"‏ سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال ‏"‏ فذكره، وظاهره أن السهر والقول مها كانا بعد القدوم، وقد أخرجه النسائي من طريق أبي إسحاق الفزاري عن يحيى بن سعيد بلفظ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يسهر من الليل ‏"‏ وليس المراد بقدومه المدينة أول قدومه إليها من الهجرة لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده ولا كان سعد أيضا ممن سبق، وقد أخرجه أحد عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد بلفظ ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه، قالت فقلت‏:‏ ما شأنك يا رسول الله ‏"‏ الحديث وقد روى الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية‏:‏ ‏"‏ والله يعصمك من الناس ‏"‏ وإسناده حسن واختلف في وصله وإرساله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جئت لأحرسك‏)‏ في رواية الليث المذكورة ‏"‏ فقال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنام النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد المصنف في التمني من طريق سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد ‏"‏ حتى سمعنا غطيطه ‏"‏ وفي الحديث الأخذ بالحذر والاحتراس من العدو، وأن على الناس أن يحرسوا سلطانهم خشية القتل وفيه الثناء على من تبرع بالخير وتسميته صالحا، وإنما عانى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع قوة توكله للاستنان به في ذلك، وقد ظاهر بين درعين مع أنهم كانوا إذا اشتد البأس كان أمام الكل وأيضا فالتوكل لا ينافي تعاطي الأسباب لأن التوكل عمل القلب وهي عمل البدن وقد قال إبراهيم عليه السلام ‏(‏ولكن ليطمئن قلبي‏)‏ وقال عليه الصلاة والسلام ‏"‏ اعقلها وتوكل ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ نسخ ذلك كما دل عليه حديث عائشة؛ وقال القرطبي‏:‏ ليس في الآية ما ينافي الحراسة كما أن إعلام الله نصر دينه وإظهاره ما يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدد، وعلى هذا فالمراد العصمة من الفتنة والإضلال أو إزهاق الروح والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ وَقَالَ فَتَعْسًا كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمْ اللَّهُ طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ يَطِيبُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وزاد لنا عمرو‏)‏ ابن مرزوق هكذا، وعمرو هو من شيوخ البخاري وقد صرح بسماعه منه في مواضع أخرى، وجميع الإسناد سواء مدنيون، وفيه تابعيان عبد الله بن دينار وأبو صالح، والمراد بالزيادة قوله في آخره ‏"‏ تعس وانتكس إلخ ‏"‏ وقد وصله أبو نعيم من طريق أبي مسلم الكجي وغيره عن عمرو بن مرزوق وسيأتي مزيدا لهذا في التمني إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تعس عبد الدينار‏)‏ الحديث سيأتي بهذا الإسناد والمتن في كتاب الرقاق ونذكر شرحه هناك إن شاء الله تعالى، والغرض منه هنا قوله في الطريق الثانية ‏"‏ طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه ‏"‏ الحديث لقوله ‏"‏ إن كان في الحراسة كان في الحراسة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تعس‏)‏ بفتح أوله وكسر المهملة ويجوز فتحها وهو ضد سعد، تقول تعس فلان أي شقي، وقيل معنى التعس الكب على الوجه، قال الخليل‏:‏ التعس أن يعثر فلا يفيق من عثرته، وقيل التعس الشر وقيل البعد وقيل الهلاك، وقيل التعس أن يخر على وجهه والنكس أن يخر على رأسه، وقيل تعس أخطأ حجته وبغيته وقوله ‏"‏ وانتكس ‏"‏ بالمهملة أي عاوده المرض، وقيل إذا سقط اشتغل بسقطته حتى يسقط أخرى وحكى عياض أن بعضهم رواه ‏"‏ انتكش ‏"‏ بالمعجمة وفسره بالرجوع، وجعله دعاء له لا عليه، والأول أولى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا شيك فلا انتقش‏)‏ شيك‏:‏ بكسر المعجمة وسكون التحتانية بعدها كاف، وانتقش‏:‏ بالقاف والمعجمة، والمعنى إذا أصابته الشوكة فلا وجد من يخرجها منه بالمنقاش، تقول نقشت الشوك إذا استخرجته وذكر ابن قتيبة أن بعضهم رواه بالعين المهملة بدل القاف، ومعناه صحيح لكن مع ذكر الشوكة تقوى رواية القاف ووقع في رواية الأصيلي عن أبي زيد المروزي ‏"‏ وإذا شيت ‏"‏ بمثناة فوقانية بدل الكاف وهو تغيير فاحش، وفي الدعاء بذلك إشارة إلى عكس مقصوده لأن من عثر فدخلت في رجله الشوكة فلم يجد من يخرجها يصير عاجزا عن الحركة والسعي في تحصيل الدنيا وفي قوله ‏"‏ طوبى لعبد إلخ ‏"‏ إشارة إلى الحض على العمل بما يحصل به خير الدنيا والآخرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أشعث‏)‏ صفة لعبد وهو مجرور بالفتحة لعدم الصرف و ‏"‏ رأسه ‏"‏ بالرفع الفاعل، قال الطيبي ‏"‏ أشعث رأسه مغبرة قدماه ‏"‏ حالان من قوله ‏"‏ لعبد ‏"‏ لأنه موصوف وقال الكرماني‏:‏ يجوز الرفع ولم يوجهه وقال غيره‏:‏ ويجوز في أشعث الرفع على أنه صفة رأس، أي رأسه أشعث، وكذا قوله ‏"‏ مغبرة قدماه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة‏)‏ هذا من المواضع التي اتحد فيها الشرط والجزاء لفظا لكن المعنى مختلف، والتقدير إن كان المهم في الحراسة كان فيها، وقيل معنى ‏"‏ فهو في الحراسة ‏"‏ أي فهو في ثواب الحراسة، وقيل هو للتعظيم أي إن كان في الحراسة فهو في أمر عظيم، والمراد منه لازمه أي فعليه أن يأتي بلوازمه ويكون مشتغلا بخويصة عمله وقال ابن الجوزي‏:‏ المعنى أنه خامل الذكر لا يقصد السمو، فإن أنفق له السير سار؛ فكأنه قال‏:‏ إن كان في الحراسة استمر فيها، وإن كان في الساقة استمر فيها قوله‏:‏ ‏(‏إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع‏)‏ فيه ترك حب الرياسة والشهرة وفضل الخمول والتواضع، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتعسا كأنه يقول فأتعسهم الله‏)‏ وقع هذا في رواية المستملي، وهي على عادة البخاري في شرح اللفظة التي توافق ما في القرآن بتفسيرها، وهكذا قال أهل التفسير في قوله تعالى ‏(‏والذين كفروا فتعسا لهم‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طوبى فعلى من كل شيء طيب وهي ياء حولت إلى الواو وهو من يطيب‏)‏ كذا في رواية المستملي أيضا والقول فيه كالقول في الذي قبله‏.‏

وقال غيره‏:‏ المراد الدعاء له بالجنة، لأن طوبى أشهر شجرها وأطيبه، فدعا له أن ينالها، ودخول الجنة ملزوم نيلها‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ ورد في فضل الحراسة عدة أحاديث ليست على شرط البخاري، منها حديث عثمان مرفوعا ‏"‏ حرس ليلة في سبيل الله خير من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها ‏"‏ أخرجه ابن ماجة والحاكم، وحديث سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا ‏"‏ من حرس وراء المسلمين متطوعا لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم ‏"‏ أخرجه أحمد، وحديث أبي ريحانه مرفوع ‏"‏ حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله ‏"‏ أخرجه النسائي، ونحوه للترمذي عن ابن عباس، وللطبراني من حديث معاوية بن حيدة، ولأبي يعلى من حديث أنس وإسنادها حسن وللحاكم عن أبي هريرة نحوه‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 25, 2010 10:21 pm

*3* باب فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الخدمة في الغزو‏)‏ أي فضلها، سواء كانت من صغير لكبير أو عكسه أو مع المساواة، وأحاديث الباب الثلاثة يؤخذ منها حكم هذه الأقسام، وثلاثتها عن أنس‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ جَرِيرٌ إِنِّي رَأَيْتُ الْأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عرعرة‏)‏ بمهملتين، وقد ذكر الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ أنه تفرد به عن شعبة، وهو من كبار شيوخ البخاري ممن روى عنه الباقون بواسطة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صحبت جرير بن عبد الله‏)‏ في رواية مسلم عن نصر بن على عن محمد بن عرعرة ‏"‏ خرج مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان يخدمني وهو أكبر من أنس‏)‏ فيه التفات أو تجريد، لأنه قال ‏"‏ من أنس ‏"‏ ولم يقل مني‏.‏

وفي رواية مسلم عن محمد بن المثنى عن ابن عرعرة ‏"‏ وكان جرير أكبر من أنس ‏"‏ ولعل هذه الجملة من قول ثابت، وزاد مسلم عن نصر بن علي ‏"‏ فقلت لا تفعل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يصنعون شيئا‏)‏ في رواية نصر ‏"‏ يصنعون برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ‏"‏ أي من التعظيم وأبهم ذلك مبالغة في تكثير ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته‏)‏ في رواية نصر ‏"‏ آليت - أي حلفت - أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته ‏"‏ وفي رواية للإسماعيلي من وجه آخر عن ابن عرعرة ‏"‏ لا أزال أحب الأنصار ‏"‏ وفي هذا الحديث فضل الأنصار وفضل جرير وتواضعه ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها المصنف في غير مظنتها، وأليق المواضع بها المناقب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا

الشرح‏:‏

حديث أنس أيضا ‏"‏ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أخدمه ‏"‏ وسيأتي بأتم من هذا السياق بعد بابين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ

الشرح‏:‏

حديث أنس أيضا‏:‏ وعاصم هو ابن سليمان، ومورق بتشديد الراء المكسورة، وهما تابعيان في نسق والإسناد كله بصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد مسلم من وجه آخر عن عاصم ‏"‏ في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال فنزلنا منزلا في يوم حار‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أكثرنا ظلا من يستظل بكسائه‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ‏"‏ وزاد ‏"‏ ومنا من يتقي الشمس بيده‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأما الذين صاموا فلم يصنعوا شيئا‏)‏ في رواية مسلم فسقط الصوام أي عجزوا عن العمل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب‏)‏ أي أثاروا الإبل لخدمتها وسقيها وعلفها‏.‏

وفي رواية مسلم ‏"‏ فضربوا الأخبية وسقوا الركاب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بالأجر‏)‏ أي الوافر، وليس المراد نقص أجر الصوام بل المراد أن المفطرين حصل لهم أجر عملهم ومثل أجر الصوام لتعاطيهم أشغالهم وأشغال الصوام، فلذلك قال ‏"‏ بالأجر كله ‏"‏ لوجود الصفات المقتضية لتحصيل الأجر منهم، قال ابن أبي صفرة‏:‏ فيه أن أجر الخدمة في الغزو أعظم من أجر الصيام‏.‏

قلت‏:‏ وليس ذلك على العموم وفيه الحض على المعاونة في الجهاد، وعلى أن الفطر في السفر أولى من الصيام وأن الصيام في السفر جائز خلافا لمن قال لا ينعقد وليس في الحديث بيان كونه إذ ذاك كان صوم فرض أو تطوع وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها المصنف أيضا في غير مظنها لكونه لم يذكره في الصيام واقتصر على إيراده هنا والله أعلم‏.‏

*3* باب فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ فِي السَّفَرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر‏)‏ ذكر فيه حديث أبي هريرة، وهو ظاهر فيما ترجم له، لأنه يتناول حالة السفر من هذا الإطلاق بطريق الأولى، والسلامي تقدم تفسيره في الصلح في بعض الكلام عليه، ويأتي بقيته بعد خمسين بابا في ‏"‏ باب من أخذ بالركاب‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ سُلَامَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ

الشرح‏:‏

وقوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن نصر‏)‏ هو ابن إبراهيم بن نصر نسب لجده السعدي وهو بالمهملة الساكنة وفتح أوله وقيل بالضم والمعجمة، وقوله ‏(‏كل يوم‏)‏ منصوب على الظرفية، و قوله‏:‏ ‏(‏يعين‏)‏ يأتي توجيه و قوله‏:‏ ‏(‏يحامله‏)‏ أي يساعده في الركوب، وفي الحمل على الدابة قال ابن بطال‏:‏ وبين في الرواية الآتية في ‏"‏ باب من أخذ بالركاب ‏"‏ أن المراد من أعان صاحب الدابة عليها حيث قال ‏"‏ ويعين الرجل على دابته ‏"‏ قال‏:‏ وإذا أجر من فعل ذلك بدابة غيره فإذا حمل غيره على دابة نفسه احتسابا كان أعظم أجرا و قوله‏:‏ ‏(‏دل الطريق‏)‏ بفتح الدال أي بيانه لمن احتاج إليه، وهو بمعنى الدلالة‏.‏

*3* باب فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل رباط يوم في سبيل الله، وقول الله عز وجل ‏(‏يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا‏)‏ الآية‏)‏ الرباط بكسر الراء وبالموحدة الخفيفة ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين منهم، قال ابن التين‏:‏ بشرط أن يكون غير الوطن، قاله ابن حبيب عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ وفيه نظر في إطلاقه فقد يكون وطنه وينوي بالإقامة فيه دفع العدو، ومن ثم اختار كثير من السلف سكنى الثغور، فبين المرابطة والحراسة عموم وخصوص وجهي، واستدلال المصنف بالآية اختيار لأشهر التفاسير، فعن الحسن البصري وقتادة ‏(‏اصبروا‏)‏ على طاعة الله ‏(‏وصابروا‏)‏ أعداء الله في الجهاد ‏(‏ورابطوا‏)‏ في سبيل الله وعن محمد بن كعب القرظي‏:‏ اصبروا على الطاعة وصابروا لانتظار الوعد ورابطوا العدو واتقوا الله فيما بينكم وعن زيد بن أسلم‏:‏ اصبروا على الجهاد وصابروا العدو ورابطوا الخيل قال ابن قتيبة أصل الرباط أن يربط هؤلاء خيلهم وهؤلاء خيلهم استعدادا للقتال، قال الله تعالى ‏(‏وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‏)‏ وأخرج ذلك ابن أبي حاتم وابن جرير وغيرهما، وتفسيره برباط الخيل يرجع إلى الأول وفي الموطأ عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ وانتظار الصلاة فذلكم الرباط ‏"‏ وهو في السنن عن أبي سعيد، وفي المستدرك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن الآية نزلت في ذلك، واحتج بأنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرو فيه رباط انتهى وحمل الآية على الأول أظهر، وما احتج بأبي سلمة لا حجة ولا سيما مع ثبوت حديث الباب، فعلى تقدير تسليم أنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رباط فلا يمنع ذلك من به والترغيب فيه، ويحتمل أن يكون المراد كلا من الأمرين أو ما هو أعم من ذلك، وأما التقييد باليوم في الترجمة وإطلاقه في الآية فكأنه أشار إلى أن مطلقها يقيد بالحديث، فإنه يشعر بأن أقل الرباط يوم لسياقه في مقام المبالغة، وذكره مع موضع سوط يشير إلى ذلك أيضا، ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمع أبا النضر‏)‏ هو هاشم بن القاسم، والتقدير أنه سمع، وهي تحذف من الخط كثيرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير من الدنيا وما عليها‏)‏ تقدم في أوائل الجهاد من حديث سهل بن سعد هذا مختصر بلفظ ‏"‏ وما فيها ‏"‏ والتعبير بقوله ‏"‏ وما عليها ‏"‏ أبلغ، وتقدم الكلام هناك في حديث الروحة والغدوة وكذا على حديث ‏"‏ موضع سوط أحدكم ‏"‏ لكن من حديث أنس، وسيأتي من حديث سهل بن سعد أيضا في صفة الجنة، ووقع في حديث سلمان عند أحمد والنسائي وابن حبان ‏"‏ رباط يوم أو ليلة خير من صيام شهر وقيامة ‏"‏ ولأحمد والترمذي وابن ماجه عن عثمان ‏"‏ رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ‏"‏ قال ابن بزيزة‏:‏ ولا تعارض بينهما لأنه يحمل على الإعلام بالزيادة في الثواب عن الأول، أو باختلاف العاملين‏.‏

قلت‏:‏ أو باختلاف العمل بالنسبة إلى الكثرة والقلة، ولا يعارضان حديث الباب أيضا لأن صيام شهر وقيامه خير من الدنيا وما عليها‏.‏

*3* باب مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من غزا بصبي للخدمة‏)‏ يشير إلى أن الصبي لا يخاطب بالجهاد ولكن يجوز الخروج به بطريق التبعية ويعقوب المذكور في الإسناد هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني وعمرو هو ابن أبي عمرو مولى المطلب، وسأذكر معظم شرحه في غزوة خيبر من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى وقد اشتمل على عدة من أحاديث الاستعاذة ويأتي شرحها في الدعوات، وقصة صفية بنت حيي والبناء بها ويأتي شرح ذلك في النكاح، وقوله صلى الله عليه وسلم لأحد ‏"‏ هذا جبل يحبنا ونحبه ‏"‏ وقوله عن المدينة ‏"‏ اللهم إني أحرم ما بين لابتيها ‏"‏ وقد تقدم شرحه في أواخر الحج، وقد تقدم من أصل الحديث شيء يتعلق بستر العورة في كتاب الصلاة لكن ذلك القدر ليس في هذه الرواية، والغرض من الحديث هنا صدره، وقد استشكل من حيث أن ظاهره أن ابتداء خدمة أنس للنبي صلى الله عليه وسلم من أول ما قدم المدينة لأنه صح عنه أنه قال ‏"‏ خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ عشر سنين ‏"‏ وخيبر كانت سنة سبع فيلزم أن يكون إنما خدمه أربع سنين قاله الداودي وغيره، وأجيب بأن معنى قوله لأبي طلحة ‏"‏ التمس لي غلاما من غلمانكم ‏"‏ تعيين من يخرج معه في تلك السفرة فعين له أبو طلحة أنسا، فينحط الالتماس على الاستئذان في المسافرة به لا في أصل الخدمة فإنها كانت متقدمة فيجمع بين الحديثين بذلك وفي الحديث جواز استخدام اليتيم بغير أجرة لأن ذلك لم يقع ذكره في هذا الحديث، وحل الصبيان في الغزو كذا قاله بعض الشراح وتبعوه، وفيه نظر لان أنسا حينئذ كان قد زاد على خمسة عشر لأن خيبر كانت سنة سبع من الهجرة وكان عمره عند الهجرة ثمان سنين، ولا يلزم من عدم ذكر الأجرة عدم وقوعها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا جبل يحبنا ونحبه‏)‏ قيل هو على الحقيقة ولا مانع من وقوع مثل ذلك بأن يخلق الله المحبة في بعض الجمادات، وقيل هو على المجاز والمراد أهل أحد، على حد قوله تعالى ‏(‏واسأل القرية‏)‏ وقال الشاعر‏:‏ وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا

*3* باب رُكُوبِ الْبَحْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ركوب البحر‏)‏ كذا أطلق الترجمة، وخصوص إيراده في أبواب الجهاد يشير إلى تخصيصه بالغزو، وقد اختلف السلف في جواز ركوبه، وتقدم في أوائل البيوع قول مطر الوراق‏:‏ ما ذكره الله إلا بحق، واحتج بقوله تعالى ‏(‏هو الذي يسيركم في البر والبحر‏)‏ وفي حديث زهير بن عبد الله يرفعه ‏"‏ من ركب البحر إذا ارتج فقد برئت منه الذمة ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ فلا يلومن إلا نفسه ‏"‏ أخرجه أبو عبيد في ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ وزهير مختلف في صحبته، وقد أخرج البخاري حديثه في تاريخه فقال في روايته ‏"‏ عن زهير عن رجل من الصحابة ‏"‏ وإسناده حسن وفيه تقييد المنع بالارتجاج، ومفهومه الجواز عند عدمه، وهو المشهور من أقوال العلماء، فإذا غلبت السلامة فالبر والبحر سواء ومنهم من فرق بين الرجل والمرأة وهو عن مالك، فمنعه للمرأة مطلقا، وهذا الحديث حجة للجمهور، وقد تقدم قريبا أن أول من ركبه للغزو معاوية بن أبي سفيان في خلافة عثمان، وذكر مالك أن عمر كان يمنع الناس من ركوب البحر حتى كان عثمان فما زال معاوية يستأذنه حتى أذن له‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتِ مِنْهُمْ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَيَقُولُ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن سعيد الأنصاري وقد سبق الحديث قريبا وأن شرحه سيأتي في كتاب الاستئذان‏.‏

*3* باب مَنْ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْبِ حذف التشكيل

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ قَالَ لِي قَيْصَرُ سَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَزَعَمْتَ ضُعَفَاءَهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب‏)‏ أي ببركتهم ودعائهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس أخبرني أبو سفيان‏)‏ أي ابن حرب فذكر طرفا من الحديث الطويل وقد تقدم موصولا في بدء الوحي، والغرض منه قوله في الضعفاء ‏"‏ وهم أتباع الرسل ‏"‏ وطريق الاحتجاج به حكاية ابن عباس ذلك وتقريره له ثم ذكر في الباب حديثين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن طلحة‏)‏ أي أبو مصرف، ‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏عن طلحة‏)‏ أي ابن مصرف وهو والد محمد بن طلحة الراوي عنه، و ‏"‏ مصعب بن سعد ‏"‏ أي ابن أبي وقاص، و قوله‏:‏ ‏(‏رأى سعد‏)‏ أي ابن أبي وقاص وهو والد مصعب الراوي عنه ثم أن صورة هذا السياق مرسل لأن مصعبا يدرك زمان هذا القول، لكن هو محمول على أنه سمع ذلك من أبيه، وقد وقع التصريح عن مصعب بالرواية له عن أبيه عند الإسماعيلي فأخرجه من طريق معاذ بن هانئ حدثنا محمد بن طلحة فقال فيه ‏"‏ عن مصعب بن سعد عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكر المرفوع دون ما في أوله، وكذا أخرجه هو والنسائي من طريق مسعر عن طلحة بن مصرف عن مصعب عن أبيه ولفظه ‏"‏ أنه ظن أن له فضلا على من دونه ‏"‏ الحديث، ورواه عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعا أيضا لكنه اختصره ولفظه ‏"‏ ينصر المسلمون بدعاء المستضعفين ‏"‏ أخرجه أبو نعيم في ترجمته في ‏"‏ الحلية ‏"‏ من رواية عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة وقال‏:‏ غريب من حديث عمرو تفرد به عبد السلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأى‏)‏ أي ظن وهي رواية النسائي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على من دونه‏)‏ زاد النسائي ‏"‏ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أي بسبب شجاعته ونحو ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم‏)‏ في رواية النسائي ‏"‏ إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم، بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم ‏"‏ وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند أحمد والنسائي بلفظ ‏"‏ إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا‏.‏

وقال المهلب‏:‏ أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفى الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حالة، وقد روى عبد الرزاق من طريق مكحول في قصة سعد هذه زيادة مع إرسالها فقال ‏"‏ قال سعد يا رسول الله أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه أيكون نصيبه كنصيب غيره ‏"‏‏؟‏ فذكر الحديث، وعلى هذا فالمراد بالفضل إرادة الزيادة من الغنيمة، فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن سهام القاتلة سواء فإن كان القوي يترجح بفضل شجاعته فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه، وبهذا يظهر السر في تعقب المصنف له بحديث أبي سعيد الثاني‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَأْتِي زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو‏)‏ هو ابن دينار، وجابر هو ابن عبد الله، وروايته عن أبي سعيد من رواية الأقران‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يغزو فئام‏)‏ بكسر الفاء ويجوز فتحها وبهمزة على التحتانية ويجوز تسهيلها أي جماعة، وسيأتي شرحه في علامات النبوة وفضائل الصحابة، قال ابن بطال‏:‏ هو كقوله في الحديث الأخر ‏"‏ خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ‏"‏ لأنه يفتح للصحابة لفضلهم ثم للتابعين لفضلهم لتابعهم لفضلهم، قال ولذلك كان الصلاح والفضل والنصر للطبقة الرابعة أقل فكيف بمن بعدهم والله المستعان‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9   فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9 Icon_minitimeالسبت ديسمبر 25, 2010 10:25 pm

*3* باب لَا يَقُولُ فُلَانٌ شَهِيدٌ حذف التشكيل

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا يقال فلان شهيد‏)‏ أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال ‏"‏ تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد ‏"‏ وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء بفتح المهملة وسكون الجيم ثم فاء عن عمر، وله شاهد في حديث مرفوع أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن الصلت عن أبي ذر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من تعدون الشهيد‏؟‏ قالوا‏:‏ من أصابه السلاح، قال‏:‏ كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد، وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق وشهيد ‏"‏ وفي إسناده نظر، فإنه من رواية عبد الله بن خبيق بالمعجمة والموحدة والقاف مصغر عن يوسف بن أسباط الزاهد المشهور، وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد، بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله‏)‏ أى يجرح، وهذا طرف من حديث تقدم في أوائل الجهاد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ الأول، ومن طريق الأعرج عنه باللفظ الثاني، ووجه أخذ الترجمة منه يظهر من حديث أبي موسى الماضي ‏"‏ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ‏"‏ ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطى حكم الشهادة، فقوله ‏"‏ والله أعلم‏.‏

بمن يكلم في سبيله ‏"‏ أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ

الشرح‏:‏

حديث سهل بن سعد في قصة الذي بالغ في القتال حتى قال المسلمون‏:‏ ما أجزأ أحد ما أجزأ، ثم كان آخر أمره أن قتل نفسه، وسيأتي شرحه مستوفى في المغازي حيث ذكره المصنف، ووجه أخذ الترجمة منه أنهم شهدوا رجحانه في أمر الجهاد، فلو كان قتل لم يمتنع أن يشهدوا له بالشهادة، وقد ظهر منه أنه لم يقاتل لله وإنما قاتل غضبا لقومه، فلا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد لاحتمال أن يكون مثل هذا، وإن كان مع ذلك يعطي حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة، ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأحد وغيرهما شهداء، والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب والله أعلم‏.‏

وروي سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد قال ‏"‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك قال‏:‏ لا يخرج معنا إلا مقوى فخرج رجل على بكر ضعيف فوقص فمات، فقال الناس‏:‏ الشهيد الشهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا بلال ناد إن الجنة لا يدخلها عاص ‏"‏ وفيه إشارة إلى أن الشهيد لا يدخل النار لأنه صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ إنه من أهل النار ‏"‏ ولم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر، لكن يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على كفره في الباطن أو أنه استحل قتل نفسه وقد يتعجب من المهلب حيث قال‏:‏ إن حديث الباب ضد ما ترجم به البخاري لأنه قال ‏"‏ لا يقال فلان شهيد ‏"‏ والحديث فيه ضد الشهادة، وكأنه لم يتأمل مراد البخاري، وهو ظاهر كما قررته بحمد الله تعالى‏.‏

*3* باب التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْيِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التحريض على الرمي وقول الله عز وجل ‏(‏وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‏)‏ الآية‏)‏ لمح بما جاء في تفسير القوه في هذه الآية أنها الرمي، وهو عند مسلم من حديث عقبة بن عامر ولفظه ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر ‏(‏وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة‏)‏ ألا إن القوة الرمي ثلاثا ‏"‏ ولأبي داود وابن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر رفعه ‏"‏ أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة‏:‏ صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله فارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ‏"‏ الحديث، وفيه ‏"‏ ومن ترك الرمي بعد علمه رغبة عنه فإنه نعمة كفرها ‏"‏ ولمسلم من وجه آخر عن عقبة رفعه ‏"‏ من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو فقد عصى ‏"‏ ورواه ابن ماجه بلفظ ‏"‏ فقد عصاني ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ إنما فسر القوة بالرمي وإن كانت القوة تظهر بأعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو وأسهل مؤنة، لأنه قد يرمي رأس الكتيبة فيصاب فيهزم من خلفه وذكر المصنف في الباب حديثين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ قَالُوا كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ

الشرح‏:‏

حديث سلمة بن الأكوع قوله‏:‏ ‏(‏مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم‏)‏ أي من بني أسلم القبيلة المشهورة، وهي بلفظ أفعل التفضيل من السلامة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ينتضلون‏)‏ بالضاد المعجمة أى يترامون، والتناضل الترامي للسبق، وفضل فلان فلانا إذا غلبه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنا مع بني فلان‏)‏ في حديث أبي هريرة في نحو هذه القصة عند ابن حبان والبزار ‏"‏ وأنا مع ابن الأذرع ‏"‏ انتهى، واسم ابن الأذرع محجن، وقع ذلك من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي في هذا الحديث عند الطبراني قال فيه ‏"‏ وأنا مع محجن بن الأذرع ‏"‏ ومثله في مرسل عروة أخرجه السراج عن قتيبة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه، وهو صحابي معروف له حديث آخر في الأدب المفرد للبخاري وفي أبي داود والنسائي وابن خزيمة، وقيل اسم ابن الأذرع سلمة حكاه ابن منده قال‏:‏ والأذرع لقب واسمه ذكوان والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا كيف نرمي وأنت معهم‏)‏ اسم قائل ذلك منهم نضلة الأسلمي ذكره ابن إسحاق في المغازي عن سفيان بن فروة الأسلمي عن أشياخ من قومه من الصحابة قالوا ‏"‏ بينا محجن بن الأذرع يناضل رجلا من أسلم يقال له نضلة، فذكر الحديث وفيه ‏"‏ فقال نضلة وألقى قوسه من يده‏:‏ والله لا أرمي معه وأنت معه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنا معكم كلكم‏)‏ بكسر اللام، ووقع في رواية عروة ‏"‏ وأنا مع جماعتكم ‏"‏ والمراد بالمعية معية القصد إلى الخير، ويحتمل أن يكون قام مقام المحلل فيخرج السبق من عنده ولا يخرج كما تقدم، ولا سيما وقد خصه بعضهم بالإمام قال المهلب يستفاد منه أن من صار السلطان عليه في جملة المناضلين له أن لا يتعرض لذلك كما فعل هؤلاء القوم حيث أمسكوا لكون النبي صلى الله عليه وسلم مع الفريق الآخر خشية أن يغلبوهم فيكون النبي صلى الله عليه وسلم مع من وقع عليه الغلب فأمسكوا عن ذلك تأدبا معه انتهى وتعقب بأن المعنى الذي أمسكوا له لم ينحصر في هذا بل الظاهر أنهم أمسكوا لما استشعروا من قوة قلوب أصحابهم بالغلبة حيث صار النبي صلى الله عليه وسلم معهم وذلك من أعظم الوجوه المشعرة بالنصر وقد وقع في رواية حمزة ابن عمرو عند الطبراني ‏"‏ فقالوا من كنت معه فقد غلب ‏"‏ وكذا في رواية ابن إسحاق ‏"‏ فقال نضلة‏:‏ لا نغلب من كنت معه ‏"‏ واستدل بهذا الحديث على أن اليمن من بني إسماعيل، وفيه نظر لما سيأتي في مناقب قريش من أنه استدلال بالأخص على الأعم وفيه أن الجد الأعلى يسمى أبا، وفيه التنويه بذكر الماهر في صناعته ببيان فضله وتطييب قلوب من هم دونه وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بأمور الحرب وفيه الندب إلى اتباع خصال الآباء المحمودة، والعمل بمثلها وفيه حسن أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفَنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ

الشرح‏:‏

حديث أبي أسيد بضم الهمزة، ووقع في رواية السرخسي وحده بفتحها، وهو خطأ وقوله ‏"‏ إذا أكثبوكم‏"‏، كذا في نسخ البخاري بمثلثة ثم موحدة، والكثب بفتحتين القرب، فالمعنى إذا دنوا منكم وقد استشكل بأن الذي يليق بالدنو المطاعنة بالرمح والمضاربة بالسيف، وأما الذي يليق برمي النبل فالبعد، وزعم الداودي أن معنى أكثبوكم كاثروكم، قال‏:‏ وذلك أن النبل إذا رمى في الجمع لم يخطئ غالبا ففيه ردع لهم، وقد تعقب هذا التفسير بأنه لا يعرف، وتفسير الكثب بالكثرة غريب، والأول هو المعتمد وقد بينته رواية أبي داود حيث زاد في آخره ‏"‏ واستبقوا نبلكم ‏"‏ وفي رواية له ‏"‏ ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم ‏"‏ فظهر أن معنى الحديث الأمر بترك الرمي والقتال حتى يقربوا لأنهم إذا رموهم على بعد قد لا تصل إليهم وتذهب في غير منفعة، وإلى ذلك الإشارة بقوله ‏"‏ واستبقوا نبلكم ‏"‏ وعرف بقوله ‏"‏ ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم ‏"‏ أن المراد بالقرب المطلوب في الرمي قرب نسبى بما بحيث تنالهم السهام لأقرب قريب بحيث يلتحمون معهم، والنبل بفتح النون وسكون الموحدة جمع نبلة ويجمع أيضا على نبال وهي السهام العربية اللطاف ‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏‏:‏ وقع في إسناد هذا الحديث اختلاف سأبينه إن شاء الله تعالى في غزوة بدر‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )9
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )16
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )17
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )18
» فتح الباري شرح صحيح البخاري(كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ )2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: