foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:16 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ حذف التشكيل

شَدِيدَةٍ عَاتِيَةٍ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا مُتَتَابِعَةً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ أُصُولُهَا فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ بَقِيَّةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قول الله عز وجل ‏(‏وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر - شديدة - عاتية‏)‏ قال ابن عيينة‏:‏ عتت على الخزان‏)‏ أما تفسير الصرصر بالشديدة فهو قول أبي عبيدة في المجاز، وأما تفسير ابن عيينة فرويناه في تفسيره رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه عن غير واحد في قوله‏:‏ ‏(‏عاتية‏)‏ قال‏:‏ عتت على الخزان، وما خرج منها إلا مقدار الخاتم، وقد وقع هذا متصلا بحديث ابن عباس الذي في هذا الباب عند الطبراني من طريق مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن مسلم الأعور فبين أن الزيادة مدرجة من مجاهد، وجاء نحوها عن علي موقوفا أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه قال‏:‏ ‏"‏ لم ينزل الله شيئا من الريح إلا بوزن على يدي ملك‏.‏

إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فعبت على الخزان ‏"‏ ومن طريق قبيصة بن ذؤيب أحد كبار التابعين نحوه بإسناد صحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حسوما متتابعة‏)‏ هو تفسير أبي عبيدة، قال في قوله‏:‏ ‏(‏سخرها عليهم‏)‏ أي أدامها ‏(‏سبع ليال وثمانية أيام حسوما‏)‏ ‏:‏ ولاء متتابعة‏.‏

وقال الخليل‏:‏ هو من الحسم بمعنى القطع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أعجاز نخل خاوية - أصولها - فهل ترى لهم من باقية‏)‏ بقية، هو تفسير أبي عبيدة أيضا قال‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏خاوية‏)‏ أي أصولها وهي على رأي من أنث النخل، وشبههم بأعجاز النخل إشارة إلى عظم أجسامهم، قال وهب بن منبه‏:‏ كان رأس أحدهم مثل القبة، وقيل‏:‏ كان طوله اثني عشرة ذراعا، وقيل كان أكثر من عشرة، وروى ابن الكلبي قال‏:‏ كان طول أقصرهم ستين ذراعا وأطولهم مائة والكلبي بألف‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏فهل ترى لهم من باقية‏)‏ أي من بقية، وفي التفسير أن الريح كانت تحمل الرجل فترفعه في الهواء ثم تلقيه فتشدخ رأسه فيبقى جثة بلا رأس فذلك قوله‏:‏ ‏(‏كأنهم أعجاز نخل خاوية‏)‏ وأعجاز النخل هي التي لا رءوس لها‏.‏

ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس وفيه ‏"‏ وأهلكت عاد بالدبور ‏"‏ وورد في صفة إهلاكهم بالريح ما أخرجه ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر والطبراني من حديث ابن عباس رفعاه ‏"‏ ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض، فرآهم الحاضرة فقالوا‏:‏ هذا عارض ممطرنا، فألقتهم عليهم فهلكوا جميعا ‏"‏ وحديث أبي سعيد الخدري في ذكر الخوارج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن كثير عن سفيان‏)‏ كذا وقع هنا، وأورده‏.‏

في تفسير براءة قائلا‏:‏ ‏"‏ حدثنا محمد بن كثير ‏"‏ فوصله لكنه لم يسقه بتمامه وإنما اقتصر على طرف من أوله وسيأتي الكلام عليه مستوفى في المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

والغرض منه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ‏"‏ أي قتلا لا يبقي منهم أحدا، إشارة إلى قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فهل ترى لهم من باقية‏)‏ ولم يرد أنه يقتلهم بالآلة التي قتلت بها عاد بعينها، ويحتمل أن يكون من الإضافة إلى الفاعل ويراد به القتل الشديد القوي، إشارة إلى أنهم موصوفون بالشدة والقوة، ويؤيده أنه وقع في طريق أخرى ‏"‏ قتل ثمود‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

الشرح‏:‏

حديث عبد الله ‏"‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ‏:‏ فهل من مدكر ‏"‏ وسيأتي في التفسير إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب قِصَّةِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَاتَّبَعَ سَبَبًا إِلَى قَوْلِهِ ائْتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهِيَ الْقِطَعُ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ يُقَالُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْجَبَلَيْنِ وَ السُّدَّيْنِ الْجَبَلَيْنِ خَرْجًا أَجْرًا قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا وَيُقَالُ الْحَدِيدُ وَيُقَالُ الصُّفْرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ النُّحَاسُ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ يَعْلُوهُ اسْتَطَاعَ اسْتَفْعَلَ مِنْ أَطَعْتُ لَهُ فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكًّا أَلْزَقَهُ بِالْأَرْضِ وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لَا سَنَامَ لَهَا وَالدَّكْدَاكُ مِنْ الْأَرْضِ مِثْلُهُ حَتَّى صَلُبَ وَتَلَبَّدَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قَالَ قَتَادَةُ حَدَبٌ أَكَمَةٌ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ قَالَ رَأَيْتَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏ويسألونك عن ذي القرنين - إلى قوله - سببا‏)‏ كذا لأبي ذر، وساق غيره الآية، ثم اتفقوا إلى قوله تعالى‏:‏ ‏(‏آتوني زبر الحديد‏)‏ ، وفي إيراد المصنف ترجمة ذي القرنين قبل إبراهيم إشارة إلى توهين قول من زعم أنه الإسكندر اليوناني، لأن الإسكندر كان قريبا من زمن عيسى عليه السلام، وبين زمن إبراهيم وعيسى أكثر من ألفي سنة، والذي يظهر أن الإسكندر المتأخر لقب بذي القرنين تشبيها بالمتقدم لسعة ملكه وغلبته على البلاد الكثيرة، أو لأنه لما غلب على الفرس وقتل ملكهم انتظم له ملك المملكتين الواسعتين الروم والفرس فلقب ذا القرنين لذلك، والحق أن الذي قص الله نبأه في القرآن هو المتقدم، والفرق بينهما من أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ ما ذكرته، والذي يدل على تقدم ذي القرنين ما روى الفاكهي من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه، ومن طريق عطاء عن ابن عباس أن ذا القرنين دخل المسجد الحرام فسلم على إبراهيم وصافحه، ويقال إنه أول من صافح‏.‏

ومن طريق عثمان بن ساج أن ذا القرنين سأل إبراهيم أن يدعو له فقال‏:‏ وكيف وقد أفسدتم بئري‏؟‏ فقال لم يكن ذلك عن أمري، يعني أن بعض الجند فعل ذلك بغير علمه‏.‏

وذكر ابن هشام في ‏"‏ التيجان ‏"‏ أن إبراهيم تحاكم إلى ذي القرنين في شيء فحكم له، وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أحمد أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة فاستفهمهما عن ذلك فقالا‏:‏ نحن عبدان مأموران، فقال من يشهد لكما‏؟‏ فقامت خمسة أكبش فشهدت، فقال‏:‏ قد صدقتم، قال وأظن الأكبش المذكورة حجارة، ويحتمل أن تكون غنما‏.‏

فهذه الآثار يشد بعضها بعضا‏.‏

ويدل على قدم عهد ذي القرنين‏.‏

ثاني الأوجه‏:‏ قال الفخر الرازي في تفسيره‏:‏ كان ذو القرنين نبيا‏.‏

وكان الإسكندر كافرا، وكان معلمه أرسطاطاليس وكان يأتمر بأمره وهو من الكفار بلا شك، وسأذكر ما جاء في أنه كان نبيا أم لا‏.‏

ثالثها‏:‏ كان ذو القرنين من العرب كما سنذكر بعد، وأما الإسكندر فهو من اليونان، والعرب كلها من ولد سام بن نوح بالاتفاق، وإن وقع الاختلاف هل هم كلهم من بني إسماعيل أو لا‏؟‏ واليونان من ولد يافث بن نوح على الراجح فافترقا‏.‏

وشبهة من قال إن ذا القرنين هو الإسكندر ما أخرجه الطبري ومحمد بن ربيع الجيزي في ‏"‏ كتاب الصحابة الذين نزلوا مصر ‏"‏ بإسناد فيه ابن لهيعة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين فقال‏:‏ كان من الروم فأعطي ملكا فصار إلى مصر وبنى الإسكندرية، فلما فرغ أتاه ملك فعرج به فقال‏:‏ انظر ما تحتك، قال‏:‏ أرى مدينة واحدة، قال‏:‏ تلك الأرض كلها، وإنما أراد الله أن يريك وقد جعل لك في الأرض سلطانا، فسر فيها وعلم الجاهل وثبت العالم‏.‏

وهذا لو صح لرفع النزاع ولكنه ضعيف، والله أعلم‏.‏

وقد اختلف في ذي القرنين فقيل كان نبيا كما تقدم، وهذا مروي أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعليه ظاهر القرآن‏.‏

وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا أدري ذو القرنين كان نبيا أو لا ‏"‏ وذكر وهب في ‏"‏ المبتدأ ‏"‏ أنه كان عبدا صالحا وأن الله بعثه إلى أربعة أمم أمتين بينهما طول الأرض وأمتين بينهما عرض الأرض وهي ناسك ومنسك وتأويل وهاويل، فذكر قصة طويلة حكاها الثعلبي في تفسيره‏.‏

وقال الزبير في أوائل‏:‏ ‏"‏ كتاب النسب ‏"‏ حدثنا إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل سمعت ابن الكوا يقول لعلي بن أبي طالب‏:‏ أخبرني ما كان ذو القرنين‏؟‏ قال‏:‏ كان رجلا أحب الله فأحبه، بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه الله إليهم فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه الله فسمي ذو القرنين‏.‏

وعبد العزيز ضعيف، ولكن توبع على أبي الطفيل، أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل نحوه وزاد‏:‏ وناصح الله فناصحه‏.‏

وفيه لم يكن نبيا ولا ملكا‏.‏

وسنده صحيح سمعناه في الأحاديث المختارة للحافظ الضياء، وفيه إشكال لأن قوله‏:‏ ‏"‏ لم يكن نبيا ‏"‏ مغاير لقوله ‏"‏ بعثه الله إلى قومه‏"‏، إلا أن يحمل البعث على غير رسالة النبوة‏.‏

وقيل‏:‏ كان ملكا من الملائكة حكاه الثعلبي، وهذا مروي عن عمر أنه سمع رجلا يقول يا ذا القرنين فقال‏:‏ تسميه بأسماء الملائكة‏؟‏ وحكى الجاحظ في ‏"‏ الحيوان ‏"‏ أن أمه كانت من بنات آدم وأن أباه كان من الملائكة، قال واسم أبيه فيرى واسم أمه غيرى، وقيل‏:‏ كان من الملوك وعليه الأكثر، وقد تقدم من حديث علي ما يومئ إلى ذلك، وسيأتي في ترجمة موسى في الكلام على أخبار الخضر، واختلف في سبب تسميته ذا القرنين فتقدم قول علي، وقيل‏:‏ لأنه بلغ المشرق والمغرب أخرجه الزبير بن بكار من طريق سليمان بن أسيد عن ابن شهاب قال‏:‏ إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها، وقيل‏:‏ لأنه ملكهما وقيل‏:‏ رأى في منامه أنه أخذ بقرني الشمس، وقيل‏:‏ كان له قرنان حقيقة، وهذا أنكره علي في رواية القاسم بن أبي بزة، وقيل‏:‏ لأنه كان له ضفيرتان تواريهما ثيابه، وقيل‏:‏ لأنه كانت له غديرتان طويلتان من شعره حتى كان يطأ عليهما، وتسمية الضفيرة من الشعر قرنا معروف ومنه قول أم عطية ‏"‏ وضفرنا شعرها ثلاثة قرون ‏"‏ ومنه قول جميل ‏"‏ فلثمت فاها آخذا بقرونها ‏"‏ وقيل‏:‏ لأنه عمر حتى فني في زمنه قرنان من الناس، وقيل‏:‏ لأن قرني الشيطان عند مطلع الشمس وقد بلغه، وقيل‏:‏ لأنه كان كريم الطرفين أمه وأبوه من بيت شرف، وقيل‏:‏ لأنه كان إذا قاتل قاتل بيديه وركابيه جميعا، وقيل‏:‏ لأنه أعطي علم الظاهر والباطن، وقيل‏:‏ لأنه ملك فارس والروم‏.‏

وقد اختلف في اسمه فروى ابن مردويه من حديث ابن عباس وأخرجه الزبير في ‏"‏ كتاب النسب ‏"‏ عن إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ ذو القرنين عبد الله بن الضحاك بن معد بن عدنان، وإسناده ضعيف جدا لضعف عبد الله وشيخه، وهو مباين لما تقدم أنه كان في زمن إبراهيم فكيف يكون من ذريته لا سيما على قول من قال كان بين عدنان وإبراهيم أربعون أبا أو أكثر، وقيل‏:‏ اسمه الصعب وبه جزم كعب الأحبار وذكره ابن هشام في ‏"‏ التيجان ‏"‏ عن ابن عباس أيضا‏.‏

وقال أبو جعفر بن حبيب في كتاب ‏"‏ المحبر ‏"‏ هو المنذر بن أبي القيس أحد ملوك الحيرة وأمه ماء السماء ماوية بنت عوف بن جشم، قال وقيل‏:‏ اسمه الصعب بن قرن بن همال من ملوك حمير‏.‏

وقال الطبري هو إسكندروس بن فيلبوس وقيل فيلبس وبالثاني جزم المسعودي، وقيل‏:‏ اسمه الهميسع ذكره الهمداني في كتب النسب قال‏:‏ وكنيته أبو الصعب وهو ابن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وقيل‏:‏ ابن عبد الله بن قرين بن منصور بن عبد الله بن الأزد، وقيل‏:‏ بإسقاط عبد الله الأول، وأما قول ابن إسحاق الذي حكاه ابن هشام عنه أن اسم ذي القرنين مرزبان بن مردية، بدال مهملة وقيل‏:‏ بزاي فقد صرح بأنه الإسكندر، ولذلك اشتهر على الألسنة لشهرة السيرة لابن إسحاق‏.‏

قال السهيلي‏:‏ والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم ويقال إن إبراهيم تحاكم إليه في بئر السبع بالشام فقضى لإبراهيم والآخر كان قريبا من عهد عيسى‏.‏

قلت‏:‏ لكن الأشبه أن المذكور في القرآن هو الأول بدليل ما ذكر في ترجمة الخضر حيث جرى ذكره في قصة موسى قريبا أنه كان على مقدمة ذي القرنين، وقد ثبتت قصة الخضر مع موسى وموسى كان قبل زمن عيسى قطعا، وتأتي بقية أخبار الخضر هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

فهذا على طريق من يقول إنه الإسكندر، وحكى السهيلي أنه قيل‏:‏ إنه رجل من ولد يونان بن يافث اسمه هرمس ويقال هرديس وحكى القرطبي المفسر تبعا للسهيلي أنه قيل إنه أفريدون، وهو الملك القديم للفرس الذي قتل الضحاك الجبار الذي يقول فيه الشاعر‏:‏ فكأنه الضحاك في فتكاته بالعالمين وأنت أفريدون وللضحاك قصص طويلة ذكرها الطبري وغيره‏.‏

والذي يقوي أن ذا القرنين من العرب كثرة ما ذكروه في أشعارهم، قال أعشى بني ثعلبة‏:‏ والصعب ذو القرنين أمسى ثاويا بالحنو في جدث هناك مقيم والحنو بكسر المهملة وسكون النون في ناحية المشرق‏.‏

وقال الربيع بن ضبيع‏:‏ والصعب ذو القرنين عمر ملكه ألفين أمسى بعد ذاك رميما وقال قس بن ساعدة‏:‏ والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا باللحد بين ملاعب الأرياح وقال تبع الحميري‏:‏ قد كان ذو القرنين قبلي مسلما ملكا تدين له الملوك وتحشد من بعده بلقيس كانت عمتي ملكتهم حتى أتاها الهدهد وقال بعض الحارثيين يفتخر بكون ذي القرنين من اليمن يخاطب قوما من مضر‏:‏ سموا لنا واحدا منكم فنعرفه في الجاهلية لاسم الملك محتملا كالتبعين وذي القرنين يقبله أهل الحجا وأحق القول ما قبلا وقال النعمان بن بشير الأنصاري الصحابي ابن الصحابي‏:‏ ومن ذا يعادينا من الناس معشر كرام وذو القرنين منا وحاتم انتهى‏.‏

ويؤخذ من أكثر هذه الشواهد أن الراجح في اسمه الصعب، ووقع ذكر ذي القرنين أيضا في شعر امرئ القيس وأوس بن حجر وطرفة بن العبد وغيرهم‏.‏

وأخرج الزبير بن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن الضحاك بن عثمان عن أبيه عن سفيان الثوري قال‏:‏ بلغني أنه ملك الدنيا كلها أربعة‏:‏ مؤمنان وكافران، سليمان النبي عليه السلام وذو القرنين ونمرود وبختنصر‏.‏

ورواه وكيع في تفسيره عن العلاء بن عبد الكريم سمعت مجاهدا يقول‏:‏ ملك الأرض أربعة فسماهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سببا طريقا‏)‏ هو قول أبي عبيدة في ‏"‏ المجاز‏"‏، وروى ابن أبي شيبة من حديث علي مرفوعا أنه قيل له‏:‏ كيف بلغ ذو القرنين المشرق والمغرب‏؟‏ قال‏:‏ سخر له السحاب وبسط له النور وبدت له الأسباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زبر الحديد واحدها زبرة وهي القطع‏)‏ هو قول أبي عبيدة أيضا قال‏:‏ زبر الحديد أي قطع الحديد واحدها زبرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا ساوى بين الصدفين يقال عن ابن عباس الجبلين‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏بين الصدفين‏)‏ قال‏:‏ بين الجبلين‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏بين الصدفين‏)‏ أي ما بين الناحيتين من الجبلين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والسدين الجبلين‏)‏ روى ابن أبي حاتم من حديث عقبة بن عامر مرفوعا في قصة ذي القرنين وأنه سار حتى بلع مطلع الشمس، ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء فبنى السدين، وفي إسناده ضعف، والسدين بالفتح والضم بمعنى قاله الكسائي‏.‏

وقال أبو عمرو بن العلاء‏:‏ ما كان من صنع الله فبالضم وما كان من صنع الآدمي فبالفتح، وقيل‏:‏ بالفتح ما رأيته وبالضم ما توارى عنك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خرجا أجرا‏)‏ روى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال‏:‏ خرجا قال أجرا عظيما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏آتوني أفرغ عليه قطرا أصب عليه رصاصا ويقال الحديد ويقال الصفر وقال ابن عباس النحاس‏)‏ أما القول الأول والثاني فحكاهما أبو عبيدة قال في قوله‏:‏ ‏(‏أفرغ عليه قطرا‏)‏ أي أصب عليه حديدا ذائبا، وجعله قوم الرصاص انتهى‏.‏

والرصاص بفتح الراء وبكسرها أيضا، وأما الثالث فرواه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك قال‏:‏ ‏(‏أفرغ عليه قطرا‏)‏ قال صفرا وأما قول ابن عباس فوصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح إلى عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏أفرغ عليه قطرا‏)‏ قال‏:‏ النحاس‏.‏

ومن طريق السدي قال‏:‏ القطر النحاس المذاب، وبناه لهم بالحديد والنحاس‏.‏

ومن طريق وهب بن منبه قال‏:‏ شرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل له عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه برد محبر من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما اسطاعوا أن يظهروه يعلوه‏)‏ هو قول أبي عبيدة قال‏:‏ ‏(‏فما اسطاعوا أن يظهروه‏)‏ أي أن يعلوه، تقول ظهرت فوق الجبل أي علوته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اسطاع استفعل من طعت له فلذلك فتح أسطاع يستطيع وقال بعضهم استطاع يستطيع‏)‏ يعني بفتح الهمزة من أسطاع وضم الياء من يسطيع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جعله دكاء ألزقه بالأرض ويقال ناقة دكاء لا سنام لها والدكداك من الأرض مثله حتى صلب وتلبد‏)‏ قال أبو عبيدة ‏(‏جعله دكاء‏)‏ أي تركه مدكوكا أي ألزقه بالأرض، ويقال ناقة دكاء أي لا سنام لها مستوية الظهر، والعرب تصف الفاعل والمفعول بمصدرهما فمن ذلك جعله دكا أي مدكوكا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال قتادة ‏(‏حدب‏)‏ أكمة‏)‏ قال عبد الرزاق في التفسير عن معمر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون‏)‏ قال من كل أكمة‏.‏

ويأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح، روى ابن مردويه والحاكم من حديث حذيفة مرفوعا ‏"‏ يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة أربعمائة ألف رجل لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كلهم قد حمل السلاح، لا يمرون على شيء إذا خرجوا إلا أكلوه، ويأكلون من مات منهم ‏"‏ وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد أشار النووي وغيره إلى حكاية من زعم أن آدم نام فاحتلم فاختلط منيه بتراب فتولد منه ولد يأجوج ومأجوج من نسله، وهو قول منكر جدا لا أصل له إلا عن بعض أهل الكتاب‏.‏

وذكر ابن هشام في ‏"‏ التيجان ‏"‏ أن أمة منهم آمنوا بالله فتركهم ذو القرنين لما بنى السد بأرمينية فسموا الترك لذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم رأيت السد مثل البرد المحبر قال رأيته‏)‏ وصله ابن أبي عمر من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن رجل من أهل المدينة أنه ‏"‏ قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج، قال‏:‏ كيف رأيته‏؟‏ قال مثل البرد المحبر طريقة حمراء وطريقة سوداء‏.‏

قال‏:‏ قد رأيته ‏"‏ ورواية الطبراني من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن رجلين عن أبي بكرة ‏"‏ أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏ فذكر نحوه وزاد فيه زيادة منكرة وهي‏:‏ ‏"‏ والذي نفسي بيده لقد رأيته ليلة أسري بي لبنة من ذهب ولبنة من فضة ‏"‏ وأخرجه البزار من طريق يوسف بن أبي مريم الحنفي عن أبي بكرة ورجل رأى السد فساقه مطولا‏.‏

ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث موصولة‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ

الشرح‏:‏

حديث زينب بنت جحش في ذكر ردم يأجوج ومأجوج، وسيأتي شرحه مستوفى في آخر كتاب الفتن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَتَحَ اللَّهُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذَا وَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة نحوه باختصار ويأتي هناك أيضا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ قَالَ أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ

الشرح‏:‏

حديث أبي سعيد في بعث النار، وسيأتي شرحه في أواخر الرقاق‏.‏

والغرض منه هنا ذكر يأجوج ومأجوج والإشارة إلى كثرتهم وأن هذه الأمة بالنسبة إليهم نحو عشر عشر العشر وأنهم من ذرية آدم ردا على من قال خلاف ذلك‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:23 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا حذف التشكيل

وَقَوْلِهِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ وَقَوْلِهِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا وقوله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله وقوله إن إبراهيم لأواه حليم‏)‏ وكأنه أشار بهذه الآيات إلى ثناء الله تعالى على إبراهيم عليه السلام، وإبراهيم بالسريانية معناه أب راحم، والخليل فعيل بمعنى فاعل وهو من الخلة بالضم وهي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله، وهذا صحيح بالنسبة إلى ما في قلب إبراهيم من حب الله تعالى‏.‏

وأما إطلاقه في حق الله تعالى فعلى سبيل المقابلة، وقيل‏:‏ الخلة أصلها الاستصفاء وسمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى، وخلة الله له نصره وجعله إماما، وقيل‏:‏ مشتق من الخلة بفتح المعجمة وهي الحاجة، سمي بذلك لانقطاعه إلى ربه وقصره حاجته عليه، وسيأتي تفسير الآية في تفسير النحل إن شاء الله تعالى‏.‏

وإبراهيم هو ابن آزر واسمه تارح بمثناة وراء مفتوحة وآخره حاء مهملة ابن ناحور بنون ومهملة مضمومة ابن شاروخ بمعجمة وراء مضمومة وآخره معجمة ابن راغوء بغين معجمة ابن فالخ بفاء ولام مفتوحة بعدها معجمة ابن عبير ويقال عابر وهو بمهملة وموحدة ابن شالخ بمعجمتين ابن أرفخشذ بن سام بن نوح‏.‏

لا يختلف جمهور أهل النسب ولا أهل الكتاب في ذلك، إلا في النطق ببعض هذه الأسماء‏.‏

نعم ساق ابن حبان في أول تاريخه خلاف ذلك وهو شاذ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو ميسرة الرحيم بلسان الحبشة‏)‏ يعني الأواه، وهذا الأثر وصله وكيع في تفسيره من طريق أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال‏:‏ الأواه الرحيم بلسان الحبشة‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن مسعود بإسناد حسن قال‏:‏ الأواه الرحيم، ولم يقل بلسان الحبشة‏.‏

ومن طريق عبد الله بن شداد أحد كبار التابعين قال‏:‏ ‏"‏ قال رجل‏:‏ يا رسول الله الأواه‏؟‏ قال‏:‏ الخاشع المتضرع في الدعاء ‏"‏ ومن طريق ابن عباس قال‏:‏ الأواه الموقن‏.‏

ومن طريق مجاهد قال‏:‏ الأواه الحفيظ، الرجل يذنب الذنب سرا ثم يتوب منه سرا‏.‏

ومن وجه آخر عن مجاهد قال‏:‏ الأواه المنيب الفقيه الموفق‏.‏

ومن طريق الشعبي قال‏:‏ الأواه المسبح‏.‏

ومن طريق كعب الأحبار في قوله أواه قال‏:‏ كان إذا ذكر النار قال أواه من عذاب الله‏.‏

ومن طريق أبي ذر قال‏:‏ ‏"‏ كان رجل يطوف بالبيت ويقول في دعائه أوه أوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لأواه ‏"‏ رجاله ثقات إلا أن فيه رجلا مبهما، وذكر أبو عبيدة أنه فعال من التأوه ومعناه متضرع شفقا ولزوما لطاعة ربه‏.‏

‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في صفة الحشر، والمقصود منه قوله‏:‏ ‏"‏ وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ‏"‏ وروى البيهقي في ‏"‏ الأسماء ‏"‏ من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا‏:‏ ‏"‏ أول من يكسي إبراهيم حلة من الجنة، ويؤتي بكرسي فيطرح عن يمين العرش، ويؤتى بي فأكسى حلة لا يقوم لها البشر ‏"‏ ويقال إن الحكمة في خصوصية إبراهيم بذلك لكونه ألقي في النار عريانا، وقيل‏:‏ لأنه أول من لبس السراويل‏.‏

ولا يلزم من خصوصيته عليه السلام بذلك تفضيله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن المفضول قد يمتاز بشيء يخص به ولا يلزم منه الفضيلة المطلقة‏.‏

ويمكن أن يقال لا يدخل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك على القول بأن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه‏.‏

وسيأتي مزيد لهذا في أواخر الرقاق‏.‏

وقد ثبت لإبراهيم عليه السلام أوليات أخرى كثيرة‏:‏ منها أول من ضاف الضيف، وقص الشارب واختتن ورأى الشيب وغير ذلك، وقد أتيت على ذلك بأدلة في كتابي ‏"‏ إقامة الدلائل على معرفة الأوائل ‏"‏ وسيأتي شرح حديث الباب مستوفى في أواخر الرقاق إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ثُمَّ يُقَالُ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة ‏"‏ يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ‏"‏ وسيأتي شرحه في تفسير الشعراء إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ أَمَا لَهُمْ فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في رؤية الصور في البيت أخرجه من وجهين، وقد مضى أيضا في الحج، ويأتي شرحه فيما يتعلق بالأزلام في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ فَقَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة ‏"‏ قيل يا رسول الله من أكرم الناس ‏"‏ وسيأتي شرحه في قصة يعقوب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو أسامة ومعتمر عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة‏)‏ يعني أنهما خالفا يحيى القطان في الإسناد فلم يقولا فيه ‏"‏ عن سعيد عن أبيه ‏"‏ ورواية أبي أسامة وصلها المصنف في قصة يوسف، ورواية معتمر وصلها المؤلف في قصة يعقوب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ طَوِيلٍ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا وَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث سمرة في المنام الطويل الذي تقدم مع بعض شرحه في آخر الجنائز، ذكر منه هنا طرفا وهو قوله‏:‏ ‏"‏ فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا وإنه إبراهيم عليه السلام ‏"‏ وسيأتي شرحه مستوفى إن شاء الله تعالى في كتاب التعبير‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّالَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ أَوْ ك ف ر قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ وَأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس وقد سبق في الحج ويأتي شرحه في ذكر الدجال وغيره، والغرض منه قوله‏:‏ ‏"‏ أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم ‏"‏ وأشار بذلك إلى نفسه فإنه كان أشبه الناس بإبراهيم عليه السلام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُّومِ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ وَقَالَ بِالْقَدُومِ مُخَفَّفَةً تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ تَابَعَهُ عَجْلَانُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة ‏"‏ اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم ‏"‏ رويناه بالتشديد عن الأصيلي والقابسي، ووقع في رواية غيرهما بالتخفيف، قال النووي‏:‏ لم يختلف الرواة عند مسلم في التخفيف، وأنكر يعقوب بن شيبة التشديد أصلا، واختلف في المراد به فقيل‏:‏ هو اسم مكان، وقيل اسم آلة النجار، فعلى الثاني هو بالتخفيف لا غير، وعلى الأول ففيه اللغتان، هذا قول الأكثر وعكسه الداودي، وقد أنكر ابن السكيت التشديد في الآلة، ثم اختلف فقيل هي قرية بالشام، وقيل ثنية بالسراة، والراجح أن المراد في الحديث الآلة، فقد روى أبو يعلى من طريق علي بن رباح قال‏:‏ ‏"‏ أمر إبراهيم بالختان، فاختتن بقدوم فاشتد عليه، فأوحى الله إليه أن عجلت قبل أن نأمرك بآلته، فقال‏:‏ يا رب كرهت أن أؤخر أمرك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب حدثنا أبو الزناد وقال بالقدوم مخففة‏)‏ يعني أنه روى الحديث المذكور بالإسناد المذكور أولا وصرح بتخفيف الدال، وهذا يؤيد رواية الأصيلي والقابسي‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في بعض النسخ تقديم رواية أبي اليمان بعد رواية قتيبة، والذي هنا هو المعتمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد وتابعه عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة‏)‏ أما متابعة عبد الرحمن بن إسحاق فوصلها مسدد في مسنده عن بشر بن المفضل عنه ولفظه ‏"‏ اختتن إبراهيم بعدما مرت به ثمانون واختتن بالقدوم ‏"‏ وأما متابعة عجلان فوصلها أحمد عن يحيى القطان عن ابن عجلان مثل رواية قتيبة، وأما رواية محمد بن عمرو فوصلها أبو يعلى في مسنده من هذا الوجه ولفظه ‏"‏ اختتن إبراهيم على رأس ثمانين سنة واختتن بالقدوم ‏"‏ فاتفقت هذه الروايات على أنه كان ابن ثمانين سنة عند اختتانه‏.‏

ووقع في الموطأ موقوفا عن أبي هريرة‏.‏

وعند ابن حبان مرفوعا ‏"‏ أن إبراهيم اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة ‏"‏ والظاهر أنه سقط من المتن شيء فإن هذا القدر هو مقدار عمره، ووقع في آخر ‏"‏ كتاب العقيقة لأبي الشيخ ‏"‏ من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب موصولا مرفوعا مثله وزاد ‏"‏ وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ‏"‏ فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة والله أعلم‏.‏

وجمع بعضهم بأن الأول حسب من مبدأ نبوته والثاني من مبدأ مولده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُهُ إِنِّي سَقِيمٌ وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَقَالَ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ أُخْتِي فَأَتَى سَارَةَ قَالَ يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ فَدَعَتْ اللَّهَ فَأُطْلِقَ ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ مَهْيَا قَالَتْ رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ أَوْ الْفَاجِرِ فِي نَحْرِهِ وَأَخْدَمَ هَاجَرَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن تليد‏)‏ بفتح المثناة وكسر اللام وبعد التحتانية الساكنة مهملة الرعيني بمهملتين ونون مصغر مصري مشهور، وأيوب هو السختياني، ومحمد هو ابن سيرين‏.‏

وقد أورده المصنف من وجهين عن أيوب وساقه على لفظ حماد بن زيد عن أيوب، ولم يقع التصريح برفعه في روايته، وقد رواه في النكاح عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد فصرح برفعه لكن لم يسق لفظه، ولم يقع رفعه هنا في رواية النسفي ولا كريمة، وهو المعتمد في رواية حماد بن زيد، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر غير مرفوع، والحديث في الأصل مرفوع كما في رواية جرير بن حازم وكما في رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين عند النسائي والبزار وابن حبان وكذا تقدم في البيوع من رواية الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، ولكن ابن سيرين كان غالبا لا يصرح برفع كثير من حديثه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا ثلاث كذبات‏)‏ قال أبو البقاء‏:‏ الجيد أن يقال بفتح الذال في الجمع لأنه جمع كذبة بسكون الذال وهو اسم لا صفة لأنك تقول كذب كذبة كما تقول ركع ركعة ولو كان صفة لكن في الجمع، وقد أورد على هذا الحصر ما رواه مسلم من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة في حديث الشفاعة الطويل فقال في قصة إبراهيم‏:‏ وذكر كذباته، ثم ساقه من طريق أخرى من هذا الوجه وقال في آخره، وزاد في قصة إبراهيم وذكر قوله في الكوكب‏:‏ ‏(‏هذا ربي‏)‏ وقوله لآلهتهم‏:‏ ‏(‏بل فعله كبيرهم هذا‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏إني سقيم‏)‏ انتهى‏.‏

قال القرطبي‏:‏ ذكر الكوكب يقتضي أنها أربع، وقد جاء في رواية ابن سيرين بصيغة الحصر فيحتاج في ذكر الكوكب إلى تأويل‏.‏

قلت‏:‏ الذي يظهر أنها وهم من بعض الرواة فإنه ذكر قوله في الكوكب بدل قوله في سارة، والذي اتفقت عليه الطرق ذكر سارة دون الكوكب، وكأنه لم يعد مع أنه أدخل من ذكر سارة لما نقل أنه قاله في حال الطفولية فلم يعدها لأن حال الطفولية ليست بحال تكليف وهذه طريقة ابن إسحاق، وقيل‏:‏ إنما قال ذلك بعد البلوغ لكنه قاله على طريق الاستفهام الذي يقصد به التوبيخ، وقيل قاله على طريق الاحتجاج على قومه تنبيه على أن الذي يتغير لا يصلح للربوبية وهذا قول الأكثر أنه قال توبيخا لقومه أو تهكما بهم وهو المعتمد، ولهذا لم يعد ذلك في الكذبات وأما إطلاقه الكذب على الأمور الثلاثة فلكونه قال قولا يعتقده السامع كذبا لكنه إذا حقق لم يكن كذبا لأنه من باب المعاريض المحتملة للأمرين فليس بكذب محض، فقوله‏:‏ ‏(‏إني سقيم‏)‏ يحتمل أن يكون أراد أني سقيم أي سأسقم واسم الفاعل يستعمل بمعنى المستقبل كثيرا، ويحتمل أنه أراد أني سقيم بما قدر علي من الموت أو سقيم الحجة على الخروج معكم، وحكى النووي عن بعضهم أنه كان تأخذه الحمى في ذلك الوقت، وهو بعيد لأنه لو كان كذلك لم يكن كذبا لا تصريحا ولا تعريضا، وقوله‏:‏ ‏(‏بل فعله كبيرهم‏)‏ قال القرطبي هذا قاله تمهيدا للاستدلال على أن الأصنام ليست بآلهة وقطعا لقومه في قولهم إنها تضر وتنفع، وهذا الاستدلال يتجوز فيه الشرط المتصل، ولهذا أردف قوله‏:‏ ‏(‏بل فعله كبيرهم‏)‏ بقوله‏:‏ ‏(‏فاسألوهم إن كانوا ينطقون‏)‏ قال ابن قتيبة معناه إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم هذا، فالحاصل أنه مشترط بقوله‏:‏ ‏(‏إن كانوا ينطقون‏)‏ أو أنه أسند إليه ذلك لكونه السبب‏.‏

وعن الكسائي أنه كان يقف عند قوله بل فعله أي فعله من فعله كائنا من كان ثم يبتدئ كبيرهم هذا وهذا خبر مستقل ثم يقول فاسألوهم إلى آخره، ولا يخفى تكلفه‏.‏

وقوله ‏"‏هذه أختي ‏"‏ يعتذر عته بأن مراده أنها أخته في الإسلام كما سيأتي واضحا، قال ابن عقيل‏:‏ دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقا به ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكلاب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، إنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام - يعني إطلاق الكذب على ذلك - إلا في حال شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحا مخلا لكنه قد يحسن في مواضع وهذا منها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثنتين منهن في ذات الله‏)‏ خصهما بذلك لأن قصة سارة وإن كانت أيضا في ذات الله لكن تضمنت حظا لنفسه ونفعا له بخلاف الثنتين الأخيرتين فإنهما في ذات الله محضا، وقد وقع في رواية هشام بن حسان المذكورة ‏"‏ إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات كل ذلك في ذات الله ‏"‏ وفي حديث ابن عباس عن أحمد ‏"‏ والله إن جادل بهن إلا عن دين الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بينا هو ذات يوم وسارة‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ وواحدة في شأن سارة ‏"‏ فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس واسم الجبار المذكور عمرو بن امرئ القيس بن سبأ وإنه كان على مصر، ذكره السهيلي وهو قول ابن هشام في ‏"‏ التيجان ‏"‏ وقيل‏:‏ اسمه صادوق وحكاه ابن قتيبة وكان على الأردن، وقيل‏:‏ سنان بن علوان بن عبيد بن عريج بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح حكاه الطبري ويقال إنه أخو الضحاك الذي ملك الأقاليم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقيل له إن هذا رجل‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ إن هاهنا رجلا ‏"‏ وفي كتاب التيجان أن قائل ذلك رجل كان إبراهيم يشتري منه القمح فنم عليه عند الملك، وذكر أن من جملة ما قاله للملك إني رأيتها تطحن، وهذا هو السبب في إعطاء الملك لها هاجر في آخر الأمر وقال إن هذه لا تصلح أن تخدم نفسها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من أحسن الناس‏)‏ في صحيح مسلم في حديث الإسراء الطويل من رواية ثابت عن أنس في ذكر يوسف أعطي شطر الحسن، زاد أبو يعلى من هذا الوجه أعطي يوسف وأمه شطر الحسن يعني سارة‏.‏

وفي رواية الأعرج الماضية في أواخر البيوع ‏"‏ هاجر إبراهيم بسارة فدخل بها قرية فيها ملك أو جبار، فقيل‏:‏ دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ‏"‏ واختلف في والد سارة مع القول بأن اسمه هاران فقيل‏:‏ هو ملك حران وإن إبراهيم تزوجها لما هاجر من بلاد قومه إلى حران وقيل‏:‏ هي ابنة أخيه وكان ذلك جائزا في تلك الشريعة حكاه ابن قتيبة والنقاش واستبعد، وقيل‏:‏ بل هي بنت عمه، وتوافق الاسمان، وقد قيل في اسم أبيها توبل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه قال أختي فأتى سارة فقال يا سارة ليس على وجه الأرض إلخ‏)‏ هذا ظاهر في أنه سأله عنها أولا ثم أعلمها بذلك لئلا تكذبه عنده‏.‏

وفي رواية هشام بن حسان أنه قال لها‏:‏ ‏"‏ إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي، وأنك أختي في الإسلام، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال‏:‏ لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها ‏"‏ الحديث فيمكن أن يجمع بينهما بأن إبراهيم أحس بأن الملك سيطلبها منه فأوصاها بما أوصاها، فلما وقع ما حسبه أعاد عليها الوصية‏.‏

واختلف في السبب الذي حمل إبراهيم على هذه الوصية مع أن ذلك الظالم يريد اغتصابها على نفسها أختا كانت أو زوجة، فقيل‏:‏ كان من دين ذلك الملك أن لا يتعرض إلا لذوات الأزواج، كذا قيل، ويحتاج إلى تتمة وهو أن إبراهيم أراد دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما، وذلك أن اغتصاب الملك إياها واقع لا محالة، لكن إن علم أن لها زوجا في الحياة حملته الغيرة على قتله وإعدامه أو حبسه وإضراره، بخلاف ما إذا علم أن لها أخا فإن الغيرة حينئذ تكون من قبل الأخ خاصة لا من قبل الملك فلا يبالي به‏.‏

وقيل‏:‏ أراد إن علم أنك امرأتي ألزمني بالطلاق، والتقرير الذي قررته جاء صريحا عن وهب بن منبه فيما أخرجه عبد بن حميد في تفسيره من طريقه‏.‏

وقيل‏:‏ من دين الملك أن الأخ أحق بأن تكون أخته زوجته من غيره فلذلك قال هي أختي اعتمادا على ما يعتقده الجبار فلا ينازعه فيها، وتعقب بأنه لو كان كذلك لقال هي أختي وأنا زوجها فلم اقتصر على قوله هي أختي‏؟‏ وأيضا فالجواب إنما يفيد لو كان الجبار يريد أن يتزوجها لا أن يغتصبها نفسها‏.‏

وذكر المنذري في ‏"‏ حاشية السنن ‏"‏ عن بعض أهل الكتاب أنه كان من رأي الجبار المذكور أن من كانت متزوجة لا يقربها حتى يقتل زوجها فلذلك قال إبراهيم هي أختي، لأنه إن كان عادلا خطبها منه ثم يرجو مدافعته عنها، وإن كان ظالما خلص من القتل، وليس هذا ببعيد مما قررته أولا، وهذا أخذ من كلام ابن الجوزي في ‏"‏ مشكل الصحيحين ‏"‏ فإنه نقله عن بعض علماء أهل الكتاب أنه سأله عن ذلك فأجاب به‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:24 pm

قوله‏:‏ ‏(‏ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك‏)‏ يشكل عليه كون لوط كان معه كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏فآمن له لوط‏)‏ ، ويمكن أن يجاب بأن مراده بالأرض الأرض التي وقع له فيها ما وقع ولم يكن معه لوط إذ ذاك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ‏)‏ كذا في أكثر الروايات، وفي بعضها ‏"‏ ذهب يناولها يده ‏"‏ وفي رواية مسلم ‏"‏ فقام إبراهيم إلى الصلاة، فلما دخل عليه أي على الملك لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة ‏"‏ وفي رواية أبي الزناد عن الأعرج من الزيادة ‏"‏ فقام إليها فقامت توضأ وتصلي ‏"‏ وقوله في هذه الرواية‏:‏ ‏"‏ فغط ‏"‏ هو بضم المعجمة في أوله، وقوله‏:‏ حتى ركض برجله يعني أنه اختنق حتى صار كأنه مصروع، قيل‏:‏ الغط صوت النائم من شدة النفخ، وحكى ابن التين أنه ضبط في بعض الأصول ‏"‏ فغط ‏"‏ بفتح الغين والصواب ضمها، ويمكن الجمع بأنه عوقب تارة بقبض يده وتارة بانصراعه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فدعت ‏"‏ من الدعاء في رواية الأعرج المذكورة ولفظه ‏"‏ فقالت اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر ‏"‏ ويجاب عن قولها ‏"‏ إن كنت ‏"‏ مع كونها قاطعة بأنه سبحانه وتعالى يعلم ذلك بأنها ذكرته على سبيل الفرض هضما لنفسها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال ادعي الله لي ولا أضرك‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ فقال لها ادعى الله أن يطلق يدي ففعلت ‏"‏ في رواية أبي الزناد المذكورة ‏"‏ قال أبو سلمة قال أبو هريرة‏:‏ قالت اللهم إن يمت يقولوا هي التي قتلته قال فأرسل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم تناولها الثانية‏)‏ في رواية الأعرج ‏"‏ ثم قام إليها فقامت توضأ وتصلي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ مثلها أو أشد‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ فقبضت أشد من القبضة الأولى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فدعا بعض حجبته‏)‏ بفتح المهملة والجيم والموحدة جمع حاجب، في رواية مسلم ‏"‏ ودعا الذي جاء بها ‏"‏ ولم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنك لم تأتني بإنسان، إنما أتيتني بشيطان‏)‏ في رواية الأعرج ‏"‏ ما أرسلتم إلي إلا شيطانا، أرجعوها إلى إبراهيم ‏"‏ وهذا يناسب ما وقع له من الصرع، والمراد بالشيطان المتمرد من الجن، وكانوا قبل الإسلام يعظمون أمر الجن جدا ويرون كل ما وقع من الخوارق من فعلهم وتصرفهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخدمها هاجر‏)‏ أي وهبها لها لتخدمها لأنه أعظمها أن تخدم نفسها‏.‏

وفي رواية مسلم ‏"‏ فأخرجها من أرضي وأعطها آجر ‏"‏ ذكرها بهمزة بدل الهاء، وهي كذلك في رواية الأعرج والجيم مفتوحة على كل حال وهي اسم سرياني، ويقال إن أباها كان من ملوك القبط وإنها من حفن بفتح المهملة وسكون الفاء قرية بمصر، قال اليعقوبي‏:‏ كانت مدينة انتهى، وهي الآن كفر من عمل أنصنا بالبر الشرقي من الصعيد في مقابلة الأشمونين، وفيها آثار عظيمة باقية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأتته‏)‏ في رواية ‏"‏ فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مهيم‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ مهيا ‏"‏ وفي رواية ابن السكن ‏"‏ مهين ‏"‏ بنون وهي بدل الميم، وكأن المستملي لما سمعها بنون ظنها نون تنوين، ويقال إن الخليل أول من قال هذه الكلمة ومعناها ما الخبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره‏)‏ هذا مثل تقوله العرب لمن أراد أمرا باطلا فلم يصل إليه، ووقع في رواية الأعرج‏.‏

أشعرت أن الله كبت الكافر وأخدم وليدة ‏"‏ أي جارية للخدمة، وكبت بفتح الكاف والموحدة ثم مثناة أي رده خاسئا، ويقال أصله ‏"‏ كبد ‏"‏ أي بلغ الهم كبده ثم أبدلت الدال مثناة، ويحتمل أن يكون ‏"‏ وأخدم ‏"‏ معطوفا على ‏"‏ كبت ‏"‏ ويحتمل أن يكون فاعل أخدم هو الكافر فيكون استئنافا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو هريرة‏:‏ تلك أمكم يا بني ماء السماء‏)‏ كأنه خاطب بذلك العرب لكثرة ملازمتهم للفلوات التي بها مواقع القطر لأجل رعي دوابهم، ففيه تمسك لمن زعم أن العرب كلهم من ولد إسماعيل، وقيل‏:‏ أراد بماء السماء زمزم لأن الله أنبعها لهاجر فعاش ولدها بها فصاروا كأنهم أولادها قال ابن حبان في صحيحه‏:‏ كل من كان من ولد إسماعيل يقال له ماء السماء، لأن إسماعيل ولد هاجر وقد ربي بماء زمزم وهي من ماء السماء‏.‏

وقيل سموا بذلك لخلوص نسبهم وصفائه فأشبه ماء السماء وعلى هذا فلا متمسك فيه، وقيل‏:‏ المراد بماء السماء عامر ولد عمرو بن عامر بن بقيا بن حارثة بن الغطريف وهو جد الأوس والخزرج، قالوا‏:‏ إنما سمي بذلك لأنه كان إذا قحط الناس أقام لهم ماله مقام المطر، وهذا أيضا على القول بأن العرب كلها من ولد إسماعيل، وسيأتي زيادة في هذه المسألة في أوائل المناقب إن شاء الله تعالى‏.‏

وفي الحديث مشروعية أخوة الإسلام وإباحة المعاريض، والرخصة في الانقياد للظالم والغاصب، وقبول صلة الملك الظالم، وقبول هدية المشرك، وإجابة الدعاء بإخلاص النية، وكفاية الرب لمن أخلص في الدعاء بعمله الصالح، وسيأتي نظيره في قصة أصحاب الغار‏.‏

وفيه ابتلاء الصالحين لرفع درجاتهم، ويقال إن الله كشف لإبراهيم حتى رأى حال الملك مع سارة معاينة وإنه لم يصل منها إلى شيء، ذكر ذلك في ‏"‏ التيجان ‏"‏ ولفظه ‏"‏ فأمر بإدخال إبراهيم وسارة عليه ثم نحى إبراهيم إلى خارج القصر وقام إلى سارة، فجعل الله القصر لإبراهيم كالقارورة الصافية فصار يراهما ويسمع كلامهما ‏"‏ وفيه أن من نابه أمر مهم من الكرب ينبغي له أن يفزع إلى الصلاة‏.‏

وفيه أن الوضوء كان مشروعا للأمم قبلنا وليس مختصا بهذه الأمة ولا بالأنبياء، لثبوت ذلك عن سارة، والجمهور على أنها ليست بنبية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَوْ ابْنُ سَلَامٍ عَنْهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبيد الله بن موسى أو ابن سلام عنه‏)‏ كأن البخاري شك في سماعه له من عبيد الله بن موسى - وهو من أكبر مشايخه - وتحقق أنه سمعه من محمد بن سلام عنه فأورده هكذا، وقد وقع له نظير هذا في أماكن عديدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الحميد بن جبير‏)‏ هو ابن شيبة بن عثمان الحجبي، والإسناد كله حجازيون من ابن جريج فصاعدا‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي من طريق يحيى القطان وأبي عاصم عن ابن جريج ‏"‏ أخبرني عبد الحميد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أم شريك‏)‏ في رواية أبي عاصم ‏"‏ إحدى نساء بني عامر بن لؤي ‏"‏ ولفظ المتن أنها استأمرت النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغات فأمر بقتلهن ولم يذكر الزيادة، والوزغات بالفتح جمع وزغة وهي بالفتح أيضا، وذكر بعض الحكماء أن الوزغ أصم، وأنه لا يدخل في مكان فيه زعفران، وأنه يلقح بفيه، وأنه يبيض، ويقال لكبارها سام أبرص وهو بتشديد الميم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام‏)‏ ووقع في حديث عائشة عند ابن ماجه وأحمد ‏"‏ أن إبراهيم لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ بِشِرْكٍ أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود ‏"‏ لما نزل‏:‏ الذي آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ‏"‏ الحديث، مضى شرحه في كتاب الإيمان، قال الإسماعيلي‏:‏ كذا أورد هذا الحديث في ترجمة إبراهيم، ولا أعلم فيه شيئا من قصة إبراهيم، كذا قال، وخفي عليه أنه حكاية عن قول إبراهيم عليه السلام لأنه سبحانه لما فرغ من حكاية قول إبراهيم في الكوكب والقمر والشمس ذكر محاجة قومه له، ثم حكى أنه قال لهم‏:‏ ‏(‏وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن‏)‏ فهذا كله عن إبراهيم، وقوله‏:‏ ‏(‏إن كنتم تعلمون‏)‏ خطاب لقومه، ثم قال ‏(‏الذين آمنوا‏)‏ إلخ يعني أن الذين هم أحق بالأمن هم الذين آمنوا‏.‏

وقال بعد ذلك‏:‏ ‏(‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‏)‏ فظهر تعلق ذلك بترجمة إبراهيم، وروى الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من حديث علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ‏(‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏)‏ قال‏:‏ نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه، واقتصر الكرماني على قوله‏:‏ مناسبة هذا الحديث لقصة إبراهيم اتصال هذه الآية بقوله‏:‏ ‏(‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‏)‏ ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِلَحْمٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي وَيُنْفِذُهُمْ الْبَصَرُ وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ الْأَرْضِ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى تَابَعَهُ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في الشفاعة، ذكر طرفا منه، والغرض منه قول أهل الموقف لإبراهيم‏:‏ أنت نبي الله وخليله من الأرض‏.‏

ووقع عند إسحاق بن راهويه ومن طريقه الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من وجه آخر عن أبي زرعة عن أبي هريرة في هذا الحديث ‏"‏ فيقولون يا إبراهيم أنت خليل الرحمن قد سمع بخلتك أهل السماوات والأرض ‏"‏ وقد تقدم القول في معنى الخلة، ويأتي شرح حديث الشفاعة في الرقاق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ وصله المؤلف في التوحيد وفي غيره وسيأتي‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في رواية الحموي والكشميهني قبل حديث أبي هريرة هذا ما صورته ‏"‏ يزفون النسلان في المشي ‏"‏ وفي رواية المستملي والباقين ‏"‏ باب ‏"‏ بغير ترجمة، وسقط ذلك من رواية النسفي، ووهم من وقع عنده ‏"‏ باب يزفون النسلان ‏"‏ فإنه كلام لا معنى له، والذي يظهر ترجيح ما وقع عند المستملي، وقوله‏:‏ ‏"‏ باب ‏"‏ بغير ترجمة يقع عندهم كالفصل من الباب، وتعلقه بما قبله واضح فإن الكل من ترجمة إبراهيم، وأما تفسير هذه الكلمة من القرآن فإنها من جملة قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه حين كسر أصنامهم قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏فأقبلوا إليه يزفون‏)‏ قال مجاهد‏:‏ الوزيف النسلان أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق السدي قال‏:‏ ‏"‏ رجع إبراهيم عليه السلام إلى آلهتهم فإذا هي في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض، فإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي الأصنام وقالوا‏:‏ إذا رجعنا وحدنا الآلهة بركت في طعامنا فأكلنا، فلما نظر إليهم إبراهيم قال‏:‏ ‏(‏ألا تأكلون‏؟‏ ما لكم لا تنطقون‏)‏ فأخذ حديدة فبقر كل صنم في حافتيه ثم علق الفأس في الصنم الأكبر ثم خرج، فلما رجعوا جمعوا لإبراهيم الحطب حتى أن المرأة لتمرض فتقول لئن عافاني الله لأجمعن لإبراهيم حطبا‏.‏

فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب وأرادوا إحراقه قالت السماء والأرض والجبال والملائكة‏:‏ ربنا خليلك إبراهيم يحرق‏؟‏ قال‏:‏ أنا أعلم به، وإن دعاكم فأغيثوه‏.‏

فقال إبراهيم‏:‏ اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس أحد في الأرض يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل ‏"‏ انتهى‏.‏

وأظن البخاري إن كانت الترجمة محفوظة أشار إلى هذا القدر فإنه يناسب قولهم في حديث الشفاعة ‏"‏ أنت خليل الله من الأرض‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْلَا أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِي قَالَ إِنِّي وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِي سُلَيْمانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ مَا هَكَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمْ السَّلَام وَهِيَ تُرْضِعُهُ مَعَهَا شَنَّةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن سعيد بن جبير‏)‏ وقع في رواية ابن السكن والإسماعيلي من طريق حجاج بن الشاعر عن وهب بن جرير زيادة ‏"‏ أبي بن كعب‏"‏، ورواه النسائي عن أحمد بن سعيد شيخ البخاري بإسقاط عبد الله بن سعيد بن جبير وزيادة أبي بن كعب، قال النسائي‏:‏ قال أحمد بن سعيد قال وهب وحدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه ولم يذكر أبي بن كعب، فوضح أن وهب بن جرير كان إذا رواه عن أبيه لم يذكر عبد الله بن سعيد وذكر أبي بن كعب، وإذا رواه عن حماد بن زيد ذكر عبد الله بن سعيد ولم يذكر أبي بن كعب‏.‏

وفي رواية النسائي أيضا ‏"‏ قال وهب بن جرير أتيت سلام بن كعب ‏"‏ وفي رواية النسائي أيضا‏:‏ ‏"‏ قال وهب بن جرير أتيت سلام بن أبي مطيع فحدثته بهذا عن حماد بن زيد فأنكره إنكارا شديدا ثم قال لي‏:‏ فأبوك ما يقول‏؟‏ قلت‏:‏ يقول عن أيوب عن سعيد بن حبير، فقال‏:‏ قد غلط، إنما هو أيوب عن عكرمة بن خالد ‏"‏ انتهى‏.‏

وليس ببعيد أن يكون لأيوب فيه عدة طرق، فإن إسماعيل بن علية من كبار الحفاظ وقد قال فيه‏:‏ ‏"‏ عن أيوب نبئت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ‏"‏ ولم يذكر أبيا، وهو مما يؤيد رواية البخاري، أخرجه الإسماعيلي من وجهين عن إسماعيل أحدهما هكذا والآخر قال فيه‏:‏ ‏"‏ عن أيوب عن عبد الله ابن سعيد بن جبير ‏"‏ وقد رواه معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير بلا واسطة كما أخرجه البخاري كما ترى، وقد عاب الإسماعيلي على البخاري إخراجه رواية أيوب لاضطرابها، والذي يظهر أن اعتماد البخاري في سياق الحديث إنما هو على رواية معمر عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير، وإن كان أخرجه مقرونا بأيوب فرواية أيوب إما عن سعيد بن جبير بلا واسطة أو بواسطة ولده عبد الله‏.‏

ولا يستلزم ذلك قدحا لثقة الجميع، فظهر أنه اختلاف لا يضر لأنه يدور على ثقات حفاظ‏:‏ إن كان بإثبات عبد الله بن سعيد بن جبير وأبي بن كعب فلا كلام، وإن كان بإسقاطهما فأيوب قد سمع من سعيد بن جبير، وأما ابن عباس فإن كان لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مرسل الصحابة ولم يعتمد البخاري على هذا الإسناد الخالص كما ترى‏.‏

وقد سبق إلى الاعتذار عن البخاري ورد كلام الإسماعيلي بنحو هذا الحافظ أبو علي الجياني في ‏"‏ تقييد المهمل‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏وقال الأنصاري حدثنا ابن جريج قال أما كثير بن كثير فحدثني قال إني وعثمان بن أبي سليمان جلوس مع سعيد بن جبير فقال‏:‏ ما هكذا حدثني ابن عباس، ولكنه قال‏:‏ أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمه عليهم السلام وهي ترضعه معها شنة، لم يرفعه‏)‏ انتهى، هكذا ساقه مختصرا معلقا، وقد وصله أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ عن فاروق الخطابي عن عبد العزيز بن معاوية عن الأنصاري وهو محمد بن عبد الله، لكنه أورده مختصرا أيضا، وكذلك أخرجه عمر بن شبة في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ عن محمد بن عبد الله الأنصاري وزاد في روايته ‏"‏ إني وعثمان وعمر بن أبي سليمان وعثمان بن حبشي جلوس مع سعيد بن جبير ‏"‏ فكأنه كان عند الأنصاري كذلك‏.‏

وقد رواه الأزرقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي والفاكهي من طريق محمد بن جعشم كلاهما عن ابن جريج فبين فيه سبب قول سعيد بن جبير ‏"‏ ما هكذا حدثني ابن عباس ‏"‏ ولفظه ‏"‏ عن ابن جريج عن كثير بن كثير قال‏:‏ كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين في أناس مع سعيد بن جبير بأعلى المسجد ليلا فقال سعيد بن جبير‏:‏ سلوني قبل أن لا تروني، فسأله القوم فأكثروا، فكان مما سئل عنه أن قال رجل‏:‏ أحق ما سمعنا في المقام مقام إبراهيم أن إبراهيم حين جاء من الشام حلف لامرأته أن لا ينزل بمكة حتى يرجع فقربت إليه امرأة إسماعيل المقام فوضع رجله عليه لا ينزل، فقال سعيد بن جبير‏:‏ ليس هكذا حدثنا ابن عباس ولكن ‏"‏ فساق الحديث بطوله‏.‏

وأخرجه الفاكهي عن ابن أبي عمر عن عبد الرزاق بلفظ ‏"‏ فقال‏:‏ يا معشر الشباب سلوني، فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم‏.‏

فأكثر الناس مسألته، فقال له رجل‏:‏ أصلحك الله أرأيت هذا المقام هو كما كنا نتحدث‏؟‏ قال‏:‏ وما كنت تتحدث‏؟‏ قال‏:‏ كنا نقول إن إبراهيم حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءته بذا الحجر فوضعته له، فقال‏:‏ ليس ذلك ‏"‏ وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طرق عن معمر‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: