foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:36 pm

الحديث‏:‏

و حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتْ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ الْمَاءُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ قَالَ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قَالَ فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أول ما اتخذ النساء المنطق‏)‏ بكسر الميم وسكون النون وفتح الطاء هو ما يشد به الوسط، ووقع في رواية ابن جريج النطق بضم النون والطاء وهو جمع منطق، وكان السبب في ذلك أن سارة كانت وهبت هاجر لإبراهيم فحملت منه بإسماعيل، فلما ولدته غارت منها فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقا فشدت به وسطها وهربت وجرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة، ويقال إن إبراهيم شفع فيها وقال لسارة‏:‏ حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها وكانت أول من فعل ذلك‏.‏

ووقع في رواية ابن علية عند الإسماعيلي ‏"‏ أول ما أحدت العرب جر الذيول عن أم إسماعيل ‏"‏ وذكر الحديث‏.‏

ويقال إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك‏.‏

وروى ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وغيره ‏"‏ إن الله لما بوأ لإبراهيم مكان البيت خرج بإسماعيل وهو طفل صغير وأمه، قال وحملوا فيما حدثت على البراق‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى وضعهما‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فوضعهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عند دوحة‏)‏ بفتح المهملة وسكون الواو ثم مهملة‏:‏ الشجرة الكبيرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فوق الزمزم‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فوق زمزم ‏"‏ وهو المعروف، وسيأتي شرح أمرها في أوائل السيرة النبوية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في أعلى المسجد‏)‏ أي مكان المسجد، لأنه لم يكن حينئذ بني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسقاء فيه ماء‏)‏ السقاء بكسر أوله قربة صغيرة‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع عن كثير التي بعد هذه الرواية ‏"‏ ومعها شنة ‏"‏ بفتح المعجمة وتشديد النون وهي القربة العتيقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قفى إبراهيم‏)‏ أي ولي راجعا إلى الشام‏.‏

وفي رواية ابن إسحاق ‏"‏ فانصرف إبراهيم إلى أهله بالشام وترك إسماعيل وأمه عند البيت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتبعته أم إسماعيل‏)‏ في رواية ابن جريج ‏"‏ فأدركته بكداء ‏"‏ وفي رواية عمر بن شبة من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أنها ‏"‏ نادته ثلاثا فأجابها في الثالثة، فقالت له‏:‏ من أمرك بهذا‏؟‏ قال‏:‏ الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذن لا يضيعنا‏)‏ في رواية عطاء بن السائب ‏"‏ فقالت لن يضيعنا ‏"‏ وفي رواية ابن جريج ‏"‏ فقالت حسبي ‏"‏ وفي رواية إبراهيم بن نافع عن كثير المذكورة بعد هذا الحديث في الباب ‏"‏ فقالت رضيت بالله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا كان عند الثنية‏)‏ بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد التحتانية، وقوله‏:‏ ‏"‏ من طريق كداء ‏"‏ بفتح الكاف ممدود هو الموضع الذي دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة منه وهو معروف وقد مضى الكلام عليه في الحج، ووقع في رواية الأصيلي ‏"‏ البنية ‏"‏ بالموحدة بدل المثلثة وهو تصحيف، وضبط ابن الجوزي كدى بالضم والقصر وقال‏:‏ هي التي بأسفل مكة عند قعيقعان، قال‏:‏ لأنه وقع في الحديث أنهم نزلوا بأسفل مكة‏.‏

قلت‏:‏ وذلك ليس بمانع أن يرجع من أعلى مكة، فالصواب ما وقع في الأصول بفتح الكاف والمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ربنا إني أسكنت من ذريتي‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ رب إني أسكنت ‏"‏ والأول هو الموافق للتلاوة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت‏)‏ زاد الفاكهي من حديث أبي جهم ‏"‏ فانقطع لبنها ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ وكان إسماعيل حينئذ ابن سنتين‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ يتلمظ ‏"‏ وهي رواية معمر أيضا، ومعنى يتلبط وهو بموحدة ومهملة يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض، ويقرب منها رواية عطاء بن السائب ‏"‏ فلما ظمئ إسماعيل جعل يضرب الأرض بعقبيه ‏"‏ وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ كأنه ينشغ للموت ‏"‏ وهو بفتح الياء وسكون النون وفتح المعجمة بعدها غين معجمة أي يشهق ويعلو صوته وينخفض كالذي ينازع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم استقبلت الوادي‏)‏ في رواية عطاء بن السائب ‏"‏ والوادي يومئذ عميق ‏"‏ وفي حديث أبي جهم ‏"‏ تستغيث ربها وتدعوه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم سعت سعي الإنسان المجهود‏)‏ أي الذي أصابه الجهد وهو الأمر المشق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سبع مرات‏)‏ في حديث أبي جهم ‏"‏ وكان ذلك أول ما سعي بين الصفا والمروة ‏"‏ وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ أنها كانت في كل مرة تتفقد إسماعيل وتنظر ما حدث له بعدها ‏"‏ وقال في روايته‏:‏ ‏"‏ فلم تقرها نفسها ‏"‏ وهو بضم أوله وكسر القاف، ونفسها بالرفع الفاعل أي لم تتركها نفسها مستقرة فتشاهده في حال الموت فرجعت، وهذا في المرة الأخيرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالت صه‏)‏ بفتح المهملة وسكون الهاء وبكسرها منونة، كأنها خاطبت نفسها فقالت لها اسكتي‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع وابن جريج ‏"‏ فقالت أغثني إن كان عندك خير‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن كان عندك غواث‏)‏ بفتح أوله للأكثر وتخفيف الواو وآخره مثلثة، قيل‏:‏ وليس في الأصوات فعال بفتح أوله غيره، وحكى ابن الأثير ضم أوله والمراد به على هذا المستغيث، وحكى ابن قرقول كسره أيضا والضم رواية أبي ذر وجزاء الشرط محذوف تقديره فأغثني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هي بالملك‏)‏ في رواية إبراهيم بن نافع وابن جريج فإذا جبريل، وفي حديث علي عند الطبري بإسناد حسن ‏"‏ فناداها جبريل فقال‏:‏ من أنت‏؟‏ قالت‏:‏ أنا هاجر أم ولد إبراهيم، قال‏:‏ فإلى من وكلكما‏؟‏ قالت‏:‏ إلى الله‏.‏

قال‏:‏ وكلكما إلى كاف‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فبحث بعقبه، أو قال بجناحه‏)‏ شك من الراوي‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ فقال بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض ‏"‏ وهي تعين أن ذلك كان بعقبه‏.‏

وفي رواية ابن جريج ‏"‏ فركض جبريل برجله ‏"‏ وفي حديث علي ‏"‏ ففحص الأرض بإصبعه فنبعت زمزم ‏"‏ وقال ابن إسحاق في روايته ‏"‏ فزعم العلماء أنهم لم يزالوا يسمعون أنها همزة جبريل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى ظهر الماء‏)‏ في رواية ابن جريج ‏"‏ ففاض الماء ‏"‏ وفي رواية ابن نافع ‏"‏ فانبثق الماء ‏"‏ وهي بنون وموحدة ومثلثة وقال أي تفجر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعلت تحوضه‏)‏ بحاء مهملة وضاد معجمة وتشديد أي تجعله مثل الحوض‏.‏

وفي رواية ابن نافع ‏"‏ فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفر ‏"‏ وفي رواية الكشميهني من رواية ابن نافع ‏"‏ تحفن ‏"‏ بنون بدل الراء والأول أصوب، ففي رواية عطاء بن السائب ‏"‏ فجعلت تفحص الأرض بيديها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتقول بيدها هكذا‏)‏ هو حكاية فعلها، وهذا من إطلاق القول على الفعل، وفي حديث علي ‏"‏ فجعلت تحبس الماء فقال دعيه فإنها رواء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو تركت زمزم، أو قال لو لم تغرف من زمزم‏)‏ شك من الراوي‏.‏

وفي رواية ابن نافع ‏"‏ لو تركته ‏"‏ وهذا القدر صرح ابن عباس برفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه إشعار بأن جميع الحديث مرفوع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عينا معينا‏)‏ أي ظاهرا جاريا على وجه الأرض‏.‏

وفي رواية ابن نافع ‏"‏ كان الماء ظاهرا ‏"‏ فعلى هذا فقوله معينا صفة الماء فلذلك ذكره، ومعين بفتح أوله إن كان من عانه فهو بوزن مفعل وأصله معيون فحذفت الواو، وإن كان من المعين وهو المبالغة في الطلب فهو بوزن فعيل، قال ابن الجوزي‏:‏ كان ظهور زمزم نعمة من الله محضة بغير عمل عامل، فلما خالطها تحويط هاجر داخلها كسب البشر فقصرت على ذلك فأغنى ذلك عن توجيه تذكير معين، مع أن الموصوف وهو المعين مؤنث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تخافوا الضيعة‏)‏ بفتح المعجمة وسكون التحتانية أي الهلاك، وفي حديث أبي جهم ‏"‏ لا تخافي أن ينفد الماء ‏"‏ وفي رواية علي بن الوازع عن أيوب عند الفاكهي ‏"‏ لا تخافي على أهل هذا الوادي ظمأ فإنها عين يشرب بها ضيفان الله ‏"‏ زاد في حديث أبي جهم ‏"‏ فقالت بشرك الله بخير‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن هذا بيت الله‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فإن هاهنا بيت الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يبني هذا الغلام‏)‏ كذا فيه بحذف المفعول‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ يبنيه ‏"‏ زاد ابن إسحاق في روايته ‏"‏ وأشار لها إلى البيت وهو يومئذ مدرة حمراء فقال‏:‏ هذا بيت الله العتيق، واعلمي أن إبراهيم وإسماعيل يرفعانه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية‏)‏ بالموحدة ثم المثناة، وروى ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال‏:‏ ‏"‏ لما كان زمن الطوفان رفع البيت، وكان الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله لإبراهيم وأعلمه مكانه ‏"‏ وروى البيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو مرفوعا ‏"‏ بعث الله جبريل إلى آدم فأمره ببناء البيت فبناه آدم، ثم أمره بالطواف به وقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت وضع للناس ‏"‏ وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ‏"‏ أن آدم أول من بنى البيت، وقيل‏:‏ بنته الملائكة قبله ‏"‏ وعن وهب بن منبه ‏"‏ أول من بناه شيث بن آدم ‏"‏ والأول أثبت، وسيأتي مزيد لذلك آخر شرح هذا الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكانت‏)‏ أي هاجر ‏(‏كذلك‏)‏ أي على الحال الموصوفة، وفيه إشعار بأنها كانت تغتذي بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى مرت بهم رفقة‏)‏ بضم الراء وسكون الفاء ثم قاف وهم الجماعة المختلطون سواء كانوا في سفر أم لا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من جرهم‏)‏ هو ابن قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وقيل ابن يقطن، قال ابن إسحاق ‏"‏ وكان جرهم وأخوه قطورا أول من تكلم بالعربية عند تبلبل الألسن، وكان رئيس جرهم مضاض بن عمرو ورئيس قطورا السميدع ويطلق على الجميع جرهم ‏"‏ وفي رواية عطاء بن السائب ‏"‏ وكانت جرهم يومئذ بواد قريب من مكة، وقيل‏:‏ إن أصلهم من العمالقة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة‏)‏ وقع في جميع الروايات بفتح الكاف والمد، واستشكله بعضهم بأن كداء بالفتح والمد في أعلى مكة، وأما الذي في أسفل مكة فبالضم والقصر، يعني فيكون الصواب هنا بالضم والقصر، وفيه نظر لأنه لا مانع أن يدخلوها من الجهة العليا وينزلوا من الجهة السفلى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرأوا طائرا عائفا‏)‏ بالمهملة والفاء هو الذي يحوم على الماء ويتردد ولا يمضي عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأرسلوا جريا‏)‏ بفتح الجيم وكسر الراء وتشديد التحتانية أي رسولا، وقد يطلق على الوكيل وعلى الأجير، قيل‏:‏ سمي بذلك لأنه يجري مجرى مرسله أو موكله، أو لأنه يجري مسرعا في حوائجه، وقوله‏:‏ ‏"‏ جريا أو جريين ‏"‏ شك من الراوي ‏(‏هل أرسلوا واحدا أو اثنين‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ فأرسلوا رسولا ‏"‏ ويحتمل الزيادة على الواحد ويكون الأفراد باعتبار الجنس لقوله ‏"‏ فإذا هم بالماء ‏"‏ بصيغة الجمع، ويحتمل أن يكون الإفراد باعتبار المقصود بالإرسال والجمع باعتبار من يتبعه من خادم ونحوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فألفى ذلك‏)‏ بالفاء أي وجد ‏(‏أم إسماعيل‏)‏ بالنصب على المفعولية ‏(‏وهي تحب الأنس‏)‏ بضم الهمزة ضد الوحشة، ويجوز الكسر أي تحب جنسها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وشب الغلام‏)‏ أي إسماعيل‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:37 pm

وفي حديث أبي جهم ‏"‏ ونشأ إسماعيل بين ولدانهم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتعلم العربية منهم‏)‏ فيه إشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا، وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية، وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ بلفظ ‏"‏ أول من نطق بالعربية إسماعيل ‏"‏ وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن قال‏:‏ ‏"‏ أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل ‏"‏ وبهذا القيد يجمع بين الخبرين فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة فنطق بها، ويشهد لهذا ما حكاه ابن هشام عن الشرقي بن قطامي ‏"‏ إن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم ‏"‏ ويحتمل أن تكون الأولية في الحديث مقيدة بإسماعيل بالنسبة إلى بقية إخوته من ولد إبراهيم فإسماعيل أول من نطق بالعربية من ولد إبراهيم‏.‏

وقال ابن دريد في ‏"‏ كتاب الوشاح ‏"‏ أول من نطق بالعربية يعرب بن قحطان ثم إسماعيل‏.‏

قلت‏:‏ وهذا لا يوافق من قال إن العرب كلها من ولد إسماعيل وسيأتي الكلام فيه في أوائل السيرة النبوية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنفسهم‏)‏ بفتح الفاء بلفظ أفعل التفضيل من النفاسة أي كثرت رغبتهم فيه، ووقع عند الإسماعيلي ‏"‏ وأنسهم ‏"‏ بغير فاء من الأنس‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ أنفسهم أي رغبتهم في مصاهرته لنفاسته عندهم‏.‏

وقال ابن الأثير‏:‏ أنفسهم، عطفا على قوله‏:‏ تعلم العربية أي رغبهم فيه إذ صار نفيسا عندهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زوجوه امرأة منهم‏)‏ حكى الأزرقي عن ابن إسحاق أن اسمها عمارة بنت سعد بن أسامة، وفي حديث جهم أنها بنت صدى ولم يسمها، وحكى السهيلي أن اسمها جدي بنت سعد، وعند عمر بن شبة أن اسمها حبي بنت أسعد بن عملق، وعند الفاكهي عن ابن إسحاق أنه خطبها إلى أبيها فزوجها منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وماتت‏)‏ هاجر أي في خلال ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل‏)‏ في رواية عطاء بن السائب ‏"‏ فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يطالع تركته‏)‏ بكسر الراء أي يتفقد حال ما تركه هناك، وضبطها بعضهم بالسكون وقال‏:‏ التركة بالكسر بيض النعام ويقال لها التريكة، قيل لها ذلك لأنها حين تبيض تترك بيضها وتذهب ثم تعود تطلبه فتحضن ما وجدت سواء كان هو أم غيره، وفيها ضرب الشاعر المثل بقوله‏:‏ كتاركة بيضها بالعراء وحاضنة بيض أخرى صباحا قال ابن التين‏:‏ هذا يشعر بأن الذبيح إسحاق لأن المأمور بذبحه كان عندما بلغ السعي، وقد قال في هذا الحديث ‏"‏ إن إبراهيم ترك إسماعيل رضيعا وعاد إليه وهو متزوج ‏"‏ فلو كان هو المأمور بذبحه لذكر في الحديث أنه عاد إليه في خلال ذلك بين زمان الرضاع والتزويج، وتعقب بأنه ليس في الحديث نفي هذا المجيء، فيحتمل أن يكون جاء وأمر بالذبح ولم يذكر في الحديث‏.‏

قلت‏:‏ وقد جاء ذكر مجيئه بين الزمانين في خبر آخر، ففي حديث أبي جهم ‏"‏ كان إبراهيم يزور هاجر كل شهر على البراق يغدو غدوة فيأتي مكة ثم يرجع فيقيل في منزله بالشام ‏"‏ وروى الفاكهي من حديث علي بإسناد حسن نحوه وأن إبراهيم كان يزور إسماعيل وأمه على البراق، فعلى هذا فقوله‏:‏ ‏"‏ فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل ‏"‏ أي بعد مجيئه قبل ذلك مرارا والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالت خرج يبتغي لنا‏)‏ أي يطلب لنا الرزق‏.‏

وفي رواية ابن جريج ‏"‏ وكان عيش إسماعيل الصيد يخرج فيتصيد ‏"‏ وفي حديث أبي جهم ‏"‏ وكان إسماعيل يرعى ماشيته ويخرج متنكبا قوسه فيرمي الصيد ‏"‏ وفي حديث ابن إسحاق ‏"‏ وكانت مسارحه التي يرعى فيها السدرة إلى السر من نواحي مكة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم سألها عن عيشهم‏)‏ زاد في رواية عطاء بن السائب ‏"‏ وقال هل عندك ضيافة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالت‏:‏ نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه‏)‏ في حديث أبي جهم ‏"‏ فقال لها‏:‏ هل من منزل‏؟‏ قالت‏:‏ لا ها الله إذن، قال‏:‏ فكيف عيشكم‏؟‏ قال‏:‏ فذكرت جهدا فقالت‏:‏ أما الطعام فلا طعام، وأما الشاء فلا تحلب إلا المصر - أي الشخب - وأما الماء فعلى ما ترى من الغلظ ‏"‏ انتهى‏.‏

والشخب بفتح المعجمة وسكون الخاء المعجمة ثم موحدة السيلان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاءنا شيخ كذا وكذا‏)‏ في رواية عطاء بن السائب كالمستخفة بشأنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عتبة بابك‏)‏ بفتح المهملة والمثناة والموحدة كناية عن المرأة، وسماها بذلك لما فيها من الصفات الموافقة لها وهو حفظ الباب وصون ما هو داخله وكونها محل الوطء‏.‏

ويستفاد منه أن تغيير عتبة الباب يصح أن يكون من كنايات الطلاق كأن يقول مثلا غيرت عتبة بابي أو عتبة بابي مغيرة وينوي بذلك الطلاق فيقع، أخبرت بذلك عن شيخنا الإمام البلقيني، وتمامه التفريع على شرع من قبلنا إذا حكاه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتزوج منهم امرأة أخرى‏)‏ ذكر الواقدي وتبعه المسعودي ثم السهيلي أن اسمها سامة بنت مهلهل بن سعد، وقيل‏:‏ اسمها عاتكة، ورأيت في نسخة قديمة من ‏"‏ كتاب مكة لعمر بن شبة ‏"‏ أنها بشامة بنت مهلهل بن سعد بن عوف وهي مضبوطة بشامة بموحدة ثم معجمة خفيفة قال‏:‏ وقيل اسمها جدة بنت الحارث بن مضاض، وحكى ابن سعد عن ابن إسحاق أن اسمها رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمية، وعن ابن الكلبي أنها رعلة بنت يشجب بن يعرب بن لوذان بن جرهم، وذكر الدار قطني في ‏"‏ المختلف ‏"‏ أن اسمها السيدة بنت مضاض وحكاه السهيلي أيضا‏.‏

وفي حديث أبي جهم ‏"‏ ونظر إسماعيل إلى بنت مضاض بن عمرو فأعجبته فخطبها إلى أبيها فتزوجها ‏"‏ وحكى محمد بن سعد الجواني أن اسمها هالة بنت الحارث وقيل‏:‏ الحنفاء وقيل سلمى، فحصلنا من اسمها على ثمانية أقوال ومن أبيها على أربعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نحن بخير وسعة‏)‏ في حديث أبي جهم ‏"‏ نحن في خير عيش بحمد الله، ونحن في لبن كثير ولحم كثير وماء طيب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما طعامكم‏؟‏ قالت اللحم، قال‏:‏ فما شرابكم‏؟‏ قالت الماء‏)‏ في حديث أبي جهم ذكر اللبن مع اللحم والماء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم بارك لهم في اللحم والماء‏)‏ في رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم، قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بركة بدعوة إبراهيم ‏"‏ وفيه حذف تقديره في طعام أهل مكة وشرابهم بركة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لا يخلوان ‏"‏ بالتثنية‏.‏

قال ابن القوطية‏:‏ خلوت بالشيء واختليت إذا لم أخلط به غيره، ويقال أخلى الرجل اللبن إذا لم يشرب غيره‏.‏

وفي حديث أبي جهم ‏"‏ ليس أحد يخلو على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى بطنه ‏"‏ وزاد في حديثه وكذا في حديث عطاء بن السائب نحوه ‏"‏ فقالت أنزل رحمك الله فاطعم وأشرب‏.‏

قال‏:‏ إني لا أستطيع النزول‏.‏

قالت‏:‏ فإني أراك أشعث أفلا أغسل رأسك وأدهنه‏؟‏ قال‏:‏ بلى إن شئت‏.‏

فجاءته بالمقام، وهو يومئذ أبيض مثل المهاة، وكان في بيت إسماعيل ملقى فوضع قدمه اليمنى وقدم إليها شق رأسه وهو على دابته فغسلت شق رأسه الأيمن، فلما فرغ حولت له المقام حتى وضع قدمه اليسرى وقدم إليها برأسه فغسلت شق رأسه الأيسر، فالأثر الذي في المقام من ذلك ظاهر فيه موضع العقب والأصبع ‏"‏ وعند الفاكهي من وجه آخر عن ابن جريج عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ‏"‏ إن سارة داخلتها غيرة، قال لها إبراهيم‏:‏ لا أنزل حتى أرجع إليك ‏"‏ ونحوه في رواية عطاء بن السائب عند عمر بن شبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هل أتاكم من أحد‏)‏ في رواية عطاء أن السائب ‏"‏ فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه فقال لامرأته‏:‏ هل جاءك أحد‏؟‏ قالت نعم شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يثبت عتبة بابه‏)‏ زاد في حديث أبي جهم ‏"‏ فإنها صلاح المنزل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أمسكك‏)‏ زاد في حديث أبي جهم ‏"‏ ولقد كنت علي كريمة وقد ازددت علي كرامة، فولدت لإسماعيل عشرة ذكور ‏"‏ زاد معمر في روايته ‏"‏ فسمعت رجلا يقول‏:‏ كان إبراهيم يأتي على البراق ‏"‏ يعنى في كل مرة‏.‏

وفي رواية عمر بن شبة ‏"‏ وأعجب إبراهيم بجدة بنت الحارث فدعا لها بالبركة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يبري‏)‏ بفتح أوله وسكون الموحدة، والنبل بفتح النون وسكون الموحدة السهم قبل أن يركب فيه نصله وريشه، وهو السهم العربي‏.‏

ووقع عند الحاكم من رواية إبراهيم بن نافع في هذا الحديث ‏"‏ يصلح بيتا له ‏"‏ وكأنه تصحيف، والذي في البخاري هو الموافق لغيرها من الروايات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏دوحة‏)‏ هي التي نزل إسماعيل وأمه تحتها أول قدومهما كما تقدم‏.‏

ووقع في رواية إبراهيم بن نافع من وراء زمزم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد‏)‏ يعني من الاعتناق والمصافحة وتقبيل اليد ونحو ذلك‏.‏

وفي رواية معمر قال سمعت رجلا يقول‏:‏ بكيا حتى أجابهما الطير، وهذا إن ثبت يدل على أنه تباعد لقاؤهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن الله أمرني بأمر‏)‏ في رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ إن ربك أمرني أن أبني له بيتا ‏"‏ ووقع في حديث أبي جهم عند الفاكهي ‏"‏ أن عمر إبراهيم كان يومئذ مائة سنة وعمر إسماعيل ثلاثين سنة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتعينني‏؟‏ قال وأعينك‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فأعينك ‏"‏ بالفاء‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ إن الله قد أمرني أن تعينني عليه قال إن أفعل ‏"‏ بنصب اللام قال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يقال أمره الله أن يبني أولا وحده ثم أمره أن يعينه إسماعيل، قال فيكون الحديث الثاني متأخرا بعد الأول‏.‏

قلت‏:‏ ولا يخفى تكلفه، بل الجمع بينهما ممكن بأن يكون أمره أن يبني وأن إسماعيل يعينه، فقال إبراهيم لإسماعيل‏:‏ إن الله أمرني أن أبني البيت وتعينني‏.‏

وتخلل بين قوله أبني البيت وبين قوله وتعينني قول إسماعيل فاصنع ما أمرك ربك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأشار إلى أكمة‏)‏ بفتح الهمزة والكاف وقد تقدم بيان ذلك في أوائل الكلام على هذا الحديث، وللفاكهي من حديث عثمان ‏"‏ فبناه إبراهيم وإسماعيل وليس معهما يومئذ غيرهما ‏"‏ يعني في مشاركتهما في البناء، وإلا فقد تقدم أنه كان قد نزل الجرهميون مع إسماعيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رفعا القواعد من البيت‏)‏ في رواية أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد عن ابن عباس ‏"‏ القواعد التي رفعها إبراهيم كانت قواعد البيت قبل ذلك ‏"‏ وفي رواية مجاهد عند ابن أبي حاتم ‏"‏ أن القواعد كانت في الأرض السابعة ‏"‏ ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ‏"‏ رفع القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك ‏"‏ ومن طريق عطاء قال‏:‏ ‏"‏ قال آدم يا رب إني لا أسمع أصوات الملائكة، قال ابن لي بيتا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف بيتي الذي في السماء ‏"‏ وفي حديث عثمان وأبي جهم ‏"‏ فبلغ إبراهيم من الأساس أساس آدم وجعل طوله في السماء تسعة أذرع وعرضه في الأرض - يعني دوره - ثلاثين ذراعا ‏"‏ وكان ذلك بذراعهم، وزاد أبو جهم ‏"‏ وأدخل الحجر في البيت، وكان قبل ذلك زربا لغنم إسماعيل، وإنما بناه بحجارة بعضها على بعض ولم يجعل له سقفا وجعل له بابا وحفر له بئرا عند بابه خزانة للبيت يلقى فيها ما يهدى للبيت ‏"‏ وفي حديثه أيضا ‏"‏ أن الله أوحي إلى إبراهيم أن اتبع السكينة، فحلقت على موضع البيت كأنها سحابة، فحفرا يريدان أساس آدم الأول ‏"‏ وفي حديث علي عند الطبري والحاكم ‏"‏ رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه فقال‏:‏ يا إبراهيم ابن على ظلي - أو عل قدري - ولا تزد ولا تنقص، وذلك حين يقول الله ‏(‏وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت‏)‏ الآية‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 7:38 pm

قوله‏:‏ ‏(‏جاء بهذا الحجر‏)‏ يعني المقام‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن نافع ‏"‏ حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة فقام على حجر المقام ‏"‏ زاد في حديث عثمان ‏"‏ ونزل عليه الركن والمقام فكان إبراهيم يقوم على المقام يبني عليه ويرفعه له إسماعيل، فلما بلغ الموضع الذي فيه الركن وضعه يومئذ موضعه وأخذ المقام فجعله لاصقا بالبيت، فلما فرغ إبراهيم من بناء الكعبة جاء جبريل فأراه المناسك كلها، ثم قام إبراهيم على المقام فقال‏:‏ يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فوق إبراهيم وإسماعيل تلك المواقف، وحجه إسحاق وسارة من بيت المقدس، ثم رجع إبراهيم إلى الشام فمات بالشام ‏"‏ وروى الفاكهي بإسناد صحيح من طريق مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ قام إبراهيم على الحجر فقال‏:‏ يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة‏:‏ لبيك اللهم لبيك ‏"‏ وفي حديث أبي جهم ‏"‏ ذهب إسماعيل إلى الوادي يطلب حجرا، فنزل جبريل بالحجر الأسود، وقد كان رفع إلى السماء حين غرقت الأرض، فلما جاء إسماعيل فرأى الحجر الأسود قال من أين هذا، من جاءك به‏؟‏ قال إبراهيم‏:‏ من لم يكلني إليك ولا إلى حجرك ‏"‏ ورواه ابن أبي حاتم من طريق السدي نحوه، وأنه كان بالهند وكان ياقوتة بيضاء مثل الثغامة‏.‏

وهي بالمثلثة والمعجمة طير أبيض كبير، وروى الفاكهي من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ والله ما بنياه بقصة ولا مدر، ولا كان لهما من السعة والأعوان ما يسقفانه ‏"‏ ومن حديث علي ‏"‏ كان إبراهيم يبني كل يوم سافا ‏"‏ ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند وعند ابن أبي حاتم ‏"‏ أنه كان بناه من خمسة أجبل‏:‏ من حراء وثبير ولبنان وجبل الطور وجبل الخمر ‏"‏ قال ابن أبي حاتم‏:‏ جبل الخمر - يعني بفتح الخاء المعجمة - هو جبل بيت المقدس‏.‏

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ‏"‏ إن آدم بناه من خمسة أجبل‏:‏ حراء وطور زيتا وطور سيناء والجودي ولبنان، وكان ربضه من حراء ‏"‏ من طريق محمد بن طلحة التيمي قال‏:‏ ‏"‏ سمعت أنه أسس البيت من ستة أجبل‏:‏ من أبي قيس ومن الطور ومن قدس ومن ورقان ومن رضوى ومن أحد‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنْ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا قَالَ إِلَى اللَّهِ قَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ قَالَ فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنْ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى لَمَّا فَنِيَ الْمَاءُ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا قَالَ فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا فَلَمَّا بَلَغَتْ الْوَادِيَ سَعَتْ وَأَتَتْ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ تَعْنِي الصَّبِيَّ فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا فَقَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ فَقَالَتْ أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ فَإِذَا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا قَالَ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنْ الْمَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا قَالَ فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِي فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ وَقَالُوا مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلَّا عَلَى مَاءٍ فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَتَوْا إِلَيْهَا فَقَالُوا يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمْ امْرَأَةً قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي قَالَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ قَالَ قُولِي لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ أَنْتِ ذَاكِ فَاذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ فَقَالَتْ أَلَا تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ فَقَالَ وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا الْمَاءُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا قَالَ أَطِعْ رَبَّكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ قَالَ إِذَنْ أَفْعَلَ أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قَالَ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو عامر‏)‏ هو العقدي وإبراهيم بن نافع هو المخزومي المكي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما كان بين إبراهيم وبين أهله‏)‏ يعني سارة ‏(‏ما كان‏)‏ يعني من غيرة سارة لما ولدت هاجر إسماعيل، وقد مضت بقية شرح الحديث ضمن الذي قبله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد الواحد‏)‏ هو ابن زياد، وإبراهيم التيمي هو ابن يزيد بن شريك وفي رواية لمسلم وابن خزيمة من طريق أخرى عن الأعمش عن إبراهيم التيمي ‏"‏ كنت أنا وأبي نجلس في الطريق فيعرض علي القرآن وأعرض عليه، فقرأ القرآن فسجد، فقلت تسجد في الطريق‏؟‏ قال‏:‏ نعم سمعت أبا ذر ‏"‏ فذكره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي مسجد وضع في الأرض أول‏)‏ بضم اللام قال أبو البقاء‏:‏ وهي ضمة بناء لقطعه عن الإضافة مثل قبل وبعد، والتقدير أول كل شيء، ويجوز الفتح مصروفا وغير مصروف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم أي‏)‏ بالتنوين وتركه كما تقدم في حديث ابن مسعود ‏"‏ أي الأعمال أفضل ‏"‏ وهذا الحديث يفسر المراد بقوله تعالى ‏(‏إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة‏)‏ ويدل على أن المراد بالبيت بيت العبادة لا مطلق البيوت، وقد ورد ذلك صريحا عن علي أخرجه إسحاق بن راهويه وابن أبي حاتم وغيرهما بإسناد صحيح عنه قال ‏"‏ كانت البيوت قبله، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏المسجد الأقصى‏)‏ يعني مسجد بيت المقدس، وقيل له الأقصى لبعد المسافة بينه وبين الكعبة، وقيل لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة، وقيل لبعده عن الأقذار والخبائث، والمقدس المطهر عن ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أربعون سنة‏)‏ قال ابن الجوزي‏:‏ فيه إشكال، لأن إبراهيم بنى الكعبة وسليمان بنى بيت المقدس وبينهما أكثر من ألف سنة انتهى، ومستنده في أن سليمان عليه السلام هو الذي بنى المسجد الأقصى ما رواه النسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بإسناد صحيح ‏"‏ أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثا ‏"‏ الحديث، وفي الطبراني من حديث رافع بن عميرة ‏"‏ أن داود عليه السلام ابتدأ ببناء بيت المقدس، ثم أوحي الله إليه‏:‏ إني لأقضي بناءه على يد سليمان ‏"‏ وفي الحديث قصة، قال‏:‏ وجوابه أن الإشارة إلى أول البناء ووضع أساس المسجد وليس إبراهيم أول من بنى الكعبة ولا سليمان أول من بنى بيت المقدس، فقد روينا أن أول من بنى الكعبة آدم ثم انتشر ولده في الأرض، فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس ثم بنى إبراهيم الكعبة بنص القرآن، وكذا قال القرطبي‏:‏ إن الحديث لا يدل على أن إبراهيم وسليمان لما بنيا المسجدين ابتدا وضعهما لهما، بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرهما‏.‏

قلت‏:‏ وقد مشى ابن حبان في صحيحه على ظاهر هذا الحديث فقال‏:‏ في هذا الخبر رد على من زعم أن بين إسماعيل وداود ألف سنة، ولو كان كما قال لكان بينهما أربعون سنة وهذا عين المحال لطول الزمان - بالاتفاق - بين بناء إبراهيم عليه السلام البيت وبين موسى عليه السلام‏.‏

ثم إن في نص القرآن أن قصة داود في قتل جالوت كانت بعد موسى بمدة‏.‏

وقد تعقب الحافظ الضياء بنحو ما أجاب به ابن الجوزي‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ يشبه أن يكون المسجد الأقصى أول ما وضع بناءه بعض أولياء الله قبل داود وسليمان ثم داود وسليمان فزادا فيه ووسعاه فأضيف إليهما بناؤه، قال‏:‏ وقد ينسب هذا المسجد إلى أيلياء فيحتمل أن يكون هو بانيه أو غيره، ولست أحقق لم أضيف إليه‏.‏

قلت‏:‏ الاحتمال الذي ذكره أولا موجه، وقد رأيت لغيره أن أول من أسس المسجد الأقصى آدم عليه السلام وقيل الملائكة وقيل سام بن نوح عليه السلام وقيل يعقوب عليه السلام، فعلى الأولين يكون ما وقع ممن بعدهما تجديدا كما وقع في الكعبة، وعلى الأخيرين يكون الواقع من إبراهيم أو يعقوب أصلا وتأسيسا ومن داود تجديدا لذلك وابتداء بناء فلم يكمل على يده حتى أكمله سليمان عليه السلام، لكن الاحتمال الذي ذكره ابن الجوزي أوجه‏.‏

وقد وجدت ما يشهد له ويؤيد قول من قال‏:‏ إن آدم هو الذي أسس كلا من المسجدين، فذكر ابن هشام في ‏"‏ كتاب التيجان ‏"‏ أن آدم لما بنى الكعبة أمره الله بالسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه، وبناء آدم للبيت مشهور، وقد تقدم قريبا حديث عبد الله بن عمرو أن البيت رفع زمن الطوفان حتى بوأه الله لإبراهيم‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة قال‏:‏ وضع الله البيت مع آدم لما هبط، ففقد أصوات الملائكة وتسبيحهم، فقال الله له‏:‏ يا آدم إني قد أهبطت بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي فانطلق إليه، فخرج آدم إلى مكة؛ وكان قد هبط بالهند ومد له في خطوه فأتى البيت فطاف به ‏"‏ وقيل إنه لما صلى إلى الكعبة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس فاتخذ فيه مسجدا وصلى فيه ليكون قبلة لبعض ذريته‏.‏

وأما ظن الخطابي أن إيليا اسم رجل ففيه نظر، بل هو اسم البلد فأضيف إليه المسجد كما يقال مسجد المدينة ومسجد مكة‏.‏

وقال أبو عبيد البكري في ‏"‏ معجم البلدان ‏"‏‏:‏ إيليا مدينة بيت المقدس فيه ثلاث لغات‏:‏ مد آخره وقصره وحذف الياء الأولى، قال الفرزدق‏:‏ لوى ابن أبي الرقراق عينيه بعدما دنا من أعالي إيلياء وغورا وعلى ما قاله الخطابي يمكن الجمع بأن يقال‏:‏ إنها سميت باسم بانيها كغيرها‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصله‏)‏ بهاء ساكنة وهي هاء السكت، وللكشميهني بحذفها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن الفضل فيه‏)‏ أي في فعل الصلاة إذا حضر وقتها، زاد من وجه آخر عن الأعمش في آخره ‏"‏ والأرض لك مسجد ‏"‏ أي للصلاة فيه، وفي ‏"‏ جامع سفيان بن عيينة ‏"‏ عن الأعمش ‏"‏ فإن الأرض كلها مسجد ‏"‏ أي صالحة للصلاة فيها‏.‏

ويخص هذا العموم بما ورد فيه النهي والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث أنس موصولا وعبد الله بن زيد معلقا في حرم المدينة وذكر أحد، والغرض منهما ذكر إبراهيم وأنه حرم مكة، وقد تقدم الكلام عليهما في أواخر الحج، وتقدم حديث عبد الله بن زيد موصولا هناك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في قصة بناء الكعبة، تقدم شرحه في أثناء الحج أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسماعيل‏:‏ عبد الله بن أبي بكر‏)‏ يعني أن إسماعيل بن أبي أويس روى الحديث المذكور عن مالك ما رواه عبد الله بن يوسف فقال بدل قول عبد الله بن يوسف أن أبي بكر أخبر ‏"‏ أن عبد الله بن أبي بكر أخبر ‏"‏ وأبو بكر جد عبد الله المذكور هو الصديق، وقد ساق المصنف حديث إسماعيل في التفسير ولفظه ‏"‏ عبد الله بن محمد بن أبي بكر ‏"‏ وهو الواقع، وكأنه عند التعليق نسبه لجده، وأغفل المزي ذكر هذا التعليق في أحاديث الأنبياء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

الشرح‏:‏

حديث أبي حميد الساعدي في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي شرحه في الدعوات‏.‏

والغرض منه قوله فيه ‏"‏ كما صليت عل إبراهيم‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ بَلَى فَأَهْدِهَا لِي فَقَالَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

الشرح‏:‏

حديث كعب بن عجرة في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي شرحه في الدعوات أيضا، وقد أورده في أواخر تفسير الأحزاب، وتأتي الإشارة إليه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

ووهم المزي في الأطراف فعزا رواية كعب بن عجرة هذه إلى الصلاة فقال‏:‏ روى البخاري في الصلاة عن قيس بن حفص وموسى بن إسماعيل كلاهما عن عبد الواحد بن زياد إلى آخر كلامه، واغتر بذلك شيخنا ابن الملقن فإنه لما وصل إلى شرح هذا الحديث هنا أحال بشرحه على الصلاة وقال‏:‏ تقدم في الصلاة، وكأنه تبع شيخه مغلطاي في ذلك فإنه كذلك صنع، ولم يتقدم هذا الحديث عند البخاري في كتاب الصلاة أصلا، والله الهادي إلى الصواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في التعويذ بكلمات الله التامة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا جرير‏)‏ لعثمان بن أبي شيبة فيه شيخ آخر أخرجه الإسماعيلي عن عمران بن موسى وإبراهيم بن موسى قالا حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير، وأبو حفص الأبار فرقهما عن منصور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن منصور‏)‏ هو ابن المعتمر ‏(‏عن المنهال‏)‏ هو ابن عمرو، والإسناد إلى سعيد بن جبير كوفيون، وقد رواه النسائي من طريق جرير عن الأعمش عن المنهال فقال ‏"‏ عن عبد الله بن الحارث ‏"‏ بدل سعيد، ولم يذكر فيه عن ابن عباس، ورواه الإسماعيلي من طريق أبي حفص الأبار عن الأعمش ومنصور فحمل رواية الأعمش على رواية منصور، والصواب التفصيل، ولذلك لم يخرج رواية الأبار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن أباكما‏)‏ يريد إبراهيم عليه السلام وسماه أبا لكونه جدا على‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بكلمات الله‏)‏ قيل المراد بها كلامه على الإطلاق، وقيل أقضيته، وقيل ما وعد به كما قال تعالى ‏(‏وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل‏)‏ والمراد بها قوله تعالى ‏(‏ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض‏)‏ المراد بالتامة الكاملة وقيل النافعة وقيل الشافية وقيل المباركة وقيل القاضية التي تمضي وتستمر ولا يردها شيء ولا يدخلها نقص ولا عيب، قال الخطابي‏:‏ كان أحمد يستدل بهذا الحديث على أن كلام الله غير مخلوق، ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من كل شيطان‏)‏ يدخل تحته شياطين الإنس والجن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهامة‏)‏ بالتشديد واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل كل ما له سم يقتل فأما ما لا يقتل سمه فيقال له السوام، وقيل المراد كل نسمة تهم بسوء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن كل عين لامة‏)‏ قال الخطابي‏:‏ المراد به كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وحبل‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ أصله من ألممت إلماما، وإنما قال ‏"‏ لامة ‏"‏ لأنه أراد أنها ذات لمم‏.‏

وقال ابن الأنباري‏:‏ يعني أنها تأتي في وقت بعد وقت‏.‏

وقال لامة ليؤاخي لفظ هامة لكونه أخف على اللسان‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: