الحديث:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
الشرح:
حديث عبد الله وهو ابن مسعود، وشقيق هو أبو وائل.
قوله: (كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه) لم أقف على اسم هذا النبي صريحا، ويحتمل أن يكون هو نوح عليه السلام، فقد ذكر ابن إسحاق في " المبتدأ " وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسير الشعراء من طريق إسحاق قال " حدثني من لا أتهم عن عبيد بن عمير الليثي أنه بلغه أن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
قلت: وإن صح ذلك فكأن ذلك كان في ابتداء الأمر، ثم لما يئس منهم قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وقد ذكر مسلم بعد تخريج هذا الحديث حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة أحد " كيف يفلح قوم دموا وجه نبيهم " فأنزل الله (ليس لك من الأمر شيء) ومن ثم قال القرطبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي والمحكي ما سيأتي.
وأما النووي فقال: هذا النبي الذي جرى له ما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم من المتقدمين، وقد جرى لنبينا نحو ذلك يوم أحد.
قوله: (وهو يمسح الدم عن وجهه) يحتمل أن ذلك لما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه أنه وقع لشيء آخر قبله، وذلك فيما وقع له يوم أحد لما شج وجهه وجرى الدم منه.
فاستحضر في تلك الحالة قصة ذلك النبي الذي كان قبله فذكر قصته لأصحابه تطييبا لقلوبهم.
وأغرب القرطبي فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي وهو المحكي عنه، قال وكأنه أوحي إليه بذلك قبل وقوع القصة، ولم يسم ذلك النبي، فلما وقع له ذلك تعين أنه هو المعنى بذلك.
قلت: ويعكر عليه أن الترجمة لبني إسرائيل فيتعين الحمل على بعض أنبيائهم، وفي " صحيح ابن حبان " من حديث سهل بن سعد " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " قال ابن حبان: معنى هذا الدعاء الذي قال يوم أحد لما شج وجهه أي اغفر لهم ذنبهم في شج وجهي، لا أنه أراد الدعاء لهم بالمغفرة مطلقا، إذ لو كان كذلك لأجيب ولو أجيب لأسلموا كلهم، كذا قال، وكأنه بناه على أنه لا يجوز أن يتخلف بعض دعائه على بعض أو عن بعض، وفيه نظر لثبوت " أعطاني اثنتين ومنعني واحدة " وسيأتي في تفسير سورة الأنعام، ثم وجدت في " مسند أحمد " من طريق عاصم عن أبي وائل ما يمنع تأويل القرطبي، ويعين الغزوة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولفظه " قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة قال فازدحموا عليه فقال: إن عبدا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذبوه وشجوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، قال عبد الله فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح جبهته يحكي الرجل، .
قلت: ولا يلزم من هذا الذي قاله عبد الله أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مسح أيضا، بل الظاهر أنه حكى صفة مسح جبهته خاصة كما مسحها ذلك النبي، وظهر بذلك فساد ما زعمه القرطبي.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ قَالَ فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشرح:
قوله: (عن عقبة بن عبد الغافر) بين في الرواية المعلقة تلو هذه سماع قتادة من عقبة، وعقبة المذكور أزدي بصري، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر تقدم في الوكالة.
وطريق معاذ هذه وصلها مسلم عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه به.
قوله: (رغسه الله) بفتح الراء والغين المعجمة بعدها سين مهملة أي كثر ماله، وقيل رغس كل شيء أصله فكأنه قال جعل له أصلا من مال.
ووقع في مسلم " رأسه الله " بهمز بدل الغين المعجمة، قال ابن التين: وهو غلط، فإن صح - أي من جهة الرواية - فكأنه كان فيه " راشه " يعني بألف ساكنة بغير همز وبشين معجمة، والريش والرياش المال انتهى.
ويحتمل في توجيه رواية مسلم أن يقال: معنى " رأسه " جعله رأسا ويكون بتشديد الهمزة، وقوله "ما لا"، أي بسبب المال.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي الْيَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ أَوْ رَاحٍ فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ خَشْيَتَكَ فَغَفَرَ لَهُ قَالَ عُقْبَةُ وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ فِي يَوْمٍ رَاحٍ
الشرح:
قوله: (قال عقبة لحذيفة) هو عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري البدري.
قوله: (حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي.
وفي رواية الكشميهني " حدثنا مسدد " وصوب أبو ذر رواية الأكثر وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج أنه عن موسى؛ وموسى ومسدد جميعا قد سمعا من أبي عوانة، لكن الصواب هنا موسى لأن المصنف ساق الحديث عن مسدد ثم بين أن موسى خالفه في لفظة منه وهي قوله " في يوم راح " فإن في رواية مسدد " يوم حار " وقد تقدم سياق موسى في أول " باب ذكر بني إسرائيل.
وقال فيه " انظروا يوما راحا " وقوله راحا أي كثير الريح، ويقال ذلك للموضع الذي تخترقه الرياح، قال الجوهري: يوم راح أي شديد الريح، وإذا كان طيب الريح يقال الريح بتشديد الياء.
وقال الخطابي: يوم راح أي ذو ريح كما يقال رجل مال أي ذو مال، وأما رواية الباب فقوله " في يوم حار " فهو بتخفيف الراء، قال ابن فارس: الحور ريح تحن كحنين الإبل، وقد نبه أبو علي الجياني على ما وقع من ذلك.
وظن بعض المتأخرين أنه عنى بذلك ما وقع في أول ذكر بني إسرائيل فاعترض عليه بأنه ليس هناك إلا روايته عن موسى بن إسماعيل في جميع الطرق وهو صحيح، لكن مراد الجياني ما وقع هنا، وهو بين لمن تأمل ذلك.
قوله: (حدثنا عبد الملك) هو ابن عمير المذكور في الإسناد الذي قبله، ومراده أن عبد الملك رواه بالإسناد المذكور مثل الرواية التي قبله إلا في هذه اللفظة؛ وهذا يقتضي خطأ من أورده في الرواية الأولي بلفظ " راح " وهي رواية السرخسي، وقد رواه أبو الوليد عن أبي عوانة فقال فيه " في ريح عاصف " أخرجه المصنف في الرقاق.
قوله: (أوروا) بفتح الهمزة وسكون الواو وضم الراء أي اقدحوا وأشعلوا.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا قَالَ فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ
الشرح:
حديث أبي هريرة في الذي كان يداين الناس، وقد تقدم في البيوع.
الحديث:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ
الشرح:
قوله: (حدثنا هشام) هو ابن يوسف.
قوله: (كان رجل يسرف على نفسه) تقدم في حديث حذيفة أنه كان نباشا، وفي الرواية التي في الرقاق أنه كان يسيء الظن بعمله، وفيه أنه لم يبتئر خيرا، وسيأتي نقل الخلاف في تحريرها هناك إن شاء الله تعالى، وفي حديث أبي سعيد " إن رجلا كان قبلكم".
قوله: (إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني) بضم المعجمة وتشديد الراء، في حديث أبي سعيد " فقال لبنيه لما حضر - بضم المهملة وكسر المعجمة أي حضره الموت - أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني " بفتح أوله والتخفيف.
وفي رواية الكشميهني " ثم أذرني " بزيادة همزة مفتوحة في أوله، فالأول بمعنى دعوني أي اتركوني، والثاني من قوله أذرت الريح الشيء إذا فرقته بهبوبها، وهو موافق لرواية أبي هريرة.
قوله: (في الريح) تقدم ما في رواية حذيفة من الخلاف في هذه اللفظة، وفي حديث أبي سعيد " في يوم عاصف " أي عاصف ريحه، وفي حديث معاذ عن شعبة عند مسلم " في ريح عاصف " ووقع في حديث موسى بن إسماعيل في أول الباب " حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي وامتحشت، وهو بضم المثناة وكسر المهملة بعدها شين معجمة أي وصل الحرق العظام، والمحش إحراق النار الجلد.
قوله: (فوالله لئن قدر الله علي) في رواية الكشميهني " لئن قدر علي ربي " قال الخطابي: قد يستشكل هذا فيقال كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب أنه لم ينكر البعث وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله.
قال ابن قتيبة: قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك؛ ورده ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقا، وإنما قيل إن معنى قوله " لئن قدر الله علي " أي ضيق وهي قوله: (ومن قدر عليه رزقه) أي ضيق، وأما قوله " لعلي أضل الله " فمعناه لعلي أفوته، يقال ضل الشيء إذا فات وذهب، وهو كقوله: (لا يضل ربي ولا ينسى) ولعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه وخوفه كما غلط ذلك الآخر فقال أنت عبدي وأنا ربك، ويكون قوله " لئن قدر علي " بتشديد الدال أي قدر علي أن يعذبني ليعذبني، أو على أنه كان مثبتا للصانع وكان في زمن الفترة فلم تبلعه شرائط الإيمان، وأظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه، وأبعد الأقوال قول من قال إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر.
قوله: (فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت) وفي حديث سلمان الفارسي عند أبي عوانة في صحيحه " فقال الله له كن فكان كأسرع من طرفة العين " وهذا جميعه كما قال ابن عقيل إخبار عما سيقع له يوم القيامة، وليس كما قال بعضهم إنه خاطب روحه، فإن ذلك لا يناسب قوله " فجمعه الله " لأن التحريق والتفريق إنما وقع على الجسد وهو الذي يجمع ويعاد عند البعث.
قوله: (وقال غيره خشيتك) الغير المذكور هو عبد الرزاق، كذا رواه عن معمر بلفظ " خشيتك " بدل مخافتك، وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا، وقد وقع في حديث أبى سعيد " مخافتك، وفي حديث حذيفة " خشيتك".
قوله في آخر حديث أبي سعيد (فتلقاه رحمته) في رواية الكشميهني فتلافاه قال ابن التين: أما تلقاه بالقاف فواضح.
لكن المشهور تعديته بالباء وقد جاء هنا بغير تعدية، وعلى هذا فالرحمة منصوبة على المفعولية، ويحتمل أن يكون ذكر الرحمة وهي على هذا بالرفع، قال وأما " تلافاه " بالفاء فلا أعرف له وجها إلا أن يكون أصله فتلففه أي غشاه، فلما اجتمعت ثلاث فاءات أبدلت الأخيرة ألفا مثل " دساها " كذا قال ولا يخفى تكلفه، والذي يظهر أنه من الثلاثي، والقول فيه كالقول في التلقي.
وقد وقع في حديث سلمان " مما تلافاه عندها أن غفر له".
الحديث:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ
الشرح:
حديث عبد الله وهو ابن عمر في التي ربطت الهرة ولم أقف على اسمها، لكن تقدم أنها سوداء وأنها حميرية وأنها من بني إسرائيل، وأنه لا تنافي بين ذلك، وتقدم شرحه في أواخر بدء الخلق.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ
الشرح:
قوله: (عن أبي مسعود) هذا هو المحفوظ ورواه إبراهيم بن سعد عن منصور عن عبد الملك فقال " عن ربعي بن خراش عن حذيفة " حكاه الدار قطني في " العلل " قال: ورواه أبو مالك الأشجعي أيضا عن ربعي عن حذيفة، قلت: روايته عند أحمد، وليس ببعيد أن يكون ربعي سمعه من أبي مسعود ومن حذيفة جميعا.
قوله: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة) الناس بالرفع في جميع الطرق ويجوز النصب أي مما بلغ الناس، وقوله "من كلام النبوة " أي مما اتفق عليه الأنبياء، أي أنه مما ندب إليه الأنبياء ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، لأنه أمر أطبقت عليه العقول، وزاد أبو داود وأحمد وغيرهما " النبوة الأولى " أي التي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم.
قوله: (فاصنع ما شئت) هو أمر بمعنى الخبر، أو هو للتهديد أي اصنع ما شئت فإن الله يجزيك، أو معناه انظر إلى ما تريد أن تفعله فإن كان مما لا يستحي منه فافعله وإن كان مما يستحي منه فدعه، أو المعنى أنك إذا لم تستح من الله من شيء يجب أن لا تستحي منه من أمر الدين فافعله ولا تبال بالخلق، أو المراد الحث على الحياء والتنويه بفضله، أي لما لم يجز صنع جميع ما شئت لم يجز ترك الاستحياء.
الحديث:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ
الشرح:
حديث ابن عمر " بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به " سيأتي شرحه مستوفى في كتاب اللباس، وعبد الله هو ابن المبارك، وقد رواه عن يونس أيضا عبد الله بن وهب أخرجه النسائي وأبو عوانة في صحيحه.
قوله: (تابعه عبد الرحمن بن خالد) أي ابن مسافر (عن الزهري) أي بهذا الإسناد، وطريق عبد الرحمن هذه وصلها المؤلف في كتاب اللباس.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ كُلِّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى
الشرح:
حديث أبي هريرة في فضل يوم الجمعة، تقدم شرحه مستوفى في كتاب الجمعة.