foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 8:36 pm

(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم أر الحديث الأول تاما في صحيح البخاري، وقد أورده الحميدي في ‏"‏ الجمع ‏"‏ من طريق شعيب هذه وساق المتن بتمامه وقال‏:‏ إنه لفظ البخاري وإن مسلما أخرجه من رواية مغيرة وسفيان عن أبي الزناد به، ومن طريق همام عن أبي هريرة، وكذلك أطلق المزي أن البخاري أخرجه في أحاديث الأنبياء، فإن كان عني هذا الموضع فليس هو فيه بتمامه، وإن كان عني موضعا آخر فلم أره فيه‏.‏

ثم وجدته في ‏"‏ باب الانتهاء عن المعاصي ‏"‏ من كتاب الرقاق، ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثلي‏)‏ أي في دعائي الناس إلى الإسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما تزين لهم أنفسهم من التمادي على الباطل ‏(‏كمثل رجل إلخ‏)‏ والمراد تمثيل الجملة بالجملة لا تمثيل فرد بفرد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استوقد‏)‏ أي أوقد، وزيادة السين والتاء للإشارة إلى أنه عالج إيقادها وسعى في تحصيل آلاتها‏.‏

ووقع في حديث جابر عند مسلم ‏"‏ مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا ‏"‏ زاد أحمد ومسلم من رواية همام عن أبي هريرة ‏"‏ فلما أضاءت ما حوله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعل الفراش‏)‏ بفتح الفاء والشين المعجمة معروف ويطلق الفراش أيضا على غوغاء الجراد الذي يكثر ويتراكم‏.‏

وقال في ‏"‏ المحكم ‏"‏ الفراش دواب مثل البعوض واحدتها فراشة، وقد شبه الله تعالى الناس في المحشر بالفراش المبثوت أي في الكثرة والانتشار والإسراع إلى الداعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهذه الدواب تقع في النار‏)‏ قلت‏:‏ منها البرغش والبعوض، ووقع في حديث جابر ‏"‏ فجعل الجنابذ والفراش ‏"‏ والجنابذ جمع جنبذ وهو على القلب، والمعروف الجنادب جمع جندب بفتح الدال وضمها والجيم مضمومة وقد تكسر، وهو على خلقة الجرادة يصر في الليل صرا شديدا، وقيل‏:‏ إن ذكر الجراد يسمى أيضا الجندب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تقع في النار‏)‏ كذا فيه، وإنما هو في نسخـة شعيب كما أخـرجه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏‏:‏ ‏"‏ وهذه الدواب التي تقعن في النار تقعن فيها ‏"‏ قال النووي‏:‏ مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه المحالفين له بالفراش وتساقطهم في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا مع حرصهم على الوقوع في ذلك ومنعه إياهم، والجامع بينهما اتباع الهوى وضعف التمييز وحرص كل من الطائفتين على هلاك نفسه‏.‏

وقال القاضي أبو بكر بن العربي‏:‏ هذا مثل كثير المعاني، والمقصود أن الخلق لا يأتون ما يجرهم إلى النار على قصد الهلكة، وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة، كما أن الفراش يقتحم النار لا ليهلك فيها بل لما يعجبه من الضياء‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنها لا تبصر بحال وهو بعيد، وإنما قيل إنها تكون في ظلمة فإذا رأت الضياء اعتقدت أنها كوة يظهر منها النور فتقصده لأجل ذلك فتحترق وهي لا تشعر‏.‏

وقيل‏:‏ إن ذلك لضعف بصرها فتظن أنها في بيت مظلم وأن السراج مثلا كوة فترمي بنفسها إليه وهي من شدة طيرانها تجاوزه فتقع في الظلمة فترجع إلى أن تحترق‏.‏

وقيل‏:‏ إنها تتضرر بشدة النور فتقصد إطفاءه فلشدة جهلها تورط نفسها فيما لا قدرة لها عليه، ذكر مغلطاي أنه سمع بعض مشايخ الطب يقوله‏.‏

وقال الغزالي‏:‏ التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار، ولكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش؛ لأنها باغترارها بظواهر الضوء إذا احترقت انتهى عذابها في الحال، والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدأ والله المستعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال كانت امرأتان‏)‏ ليس في سياق البخاري تصريح برفعه، وهو مرفوع عنده عن أبي اليمان عن شعيب في أواخر كتاب الفرائض أورده هناك، وكذا هو في نسخة شعيب عند الطبراني وغيره‏.‏

وفي رواية النسائي، من طريق علي بن عياش عن شعيب ‏"‏ حدثني أبو الزناد مما حدثه عبد الرحمن الأعرج مما ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ بينما امرأتان‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ولم أقف على اسم واحدة من هاتين المرأتين ولا على اسم واحد من ابنيهما في شيء من الطرق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتحاكما‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فتحاكمتا ‏"‏ وفي نسخة شعيب ‏"‏ فاختصما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقضى به للكبرى إلخ‏)‏ قيل‏:‏ كان ذلك على سبيل الفتيا منهما لا الحكم، ولذلك ساغ لسليمان أن ينقضه‏.‏

وتعقبه القرطبي بأن في لفظ الحديث أنه قضى بأنهما تحاكما، وبأن فتيا النبي وحكمه سواء في وجوب تنفيذ ذلك‏.‏

وقال الداودي‏:‏ إنما كان منهما على سبيل المشاورة فوضح لداود صحة رأي سليمان فأمضاه‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ استويا عند داود في اليد، فقدم الكبرى للسن‏.‏

وتعقبه القرطبي وحكى أنه قيل‏:‏ كان من شرع داود أن يحكم للكبرى قال‏:‏ وهو فاسد لأن الكبر والصغر وصف طردي كالطول والقصر والسواد والبياض، ولا أثر لشيء من ذلك في الترجيح، قال‏:‏ وهذا مما يكاد يقطع بفساده‏.‏

قال‏:‏ والذي ينبغي أن يقال إن داود عليه السلام قضى به للكبرى لسبب اقتضى به عنده ترجيح قولها، إذ لا بينة لواحدة منهما، وكونه لم يعين في الحديث اختصارا لا يلزم منه عدم وقوعه، فيحتمل أن يقال‏:‏ إن الولد الباقي كان في يد الكبرى وعجزت الأخرى عن إقامة البينة قال‏:‏ وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية وليس في السياق ما يأباه ولا يمنعه، فإن قيل فكيف ساغ لسليمان نقض حكمه‏؟‏ فالجواب أنه لم يعمد إلى نقض الحكم، وإنما احتال بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس الأمر، وذلك أنهما لما أخبرتا سليمان بالقصة فدعا بالسكين ليشقه بينهما، ولم يعزم على ذلك في الباطن، وإنمـا أراد استكشاف الأمر، فحصل مقصوده لذلك لجزع الصغرى الدال على عظيم الشفقة، ولم يلتفت إلى إقرارها بقولها هو ابن الكبرى لأنه علم أنها آثرت حياته، فظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى - مع ما انضاف إلى ذلك من القرينة الدالة على صدقها - ما هجم به على الحكم للصغرى‏.‏

ويحتمل أن يكون سليمان عليه السلام ممن يسوغ له أن يحكم بعلمه، أو تكون الكبرى في تلك الحالة اعترفت بالحق لما رأت من سليمان الجد والعزم في ذلك‏.‏

ونظير هذه القصة ما لو حكم حاكم على مدع منكر بيمين، فلما مضى ليحلفه حضر من استخرج من المنكر ما اقتضى إقراره بما أراد أن يحلف على جحده، فإنه والحالة هذه يحكم عليه بإقراره سواء كان ذلك قبل اليمين أو بعدها، ولا يكون ذلك من نقض الحكم الأول، ولكن من باب تبدل الأحكام بتبدل الأسباب‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ استنبط سليمان لما رأى الأمر محتملا فأجاد، وكلاهما حكم بالاجتهاد، لأنه لو كان داود حكم بالنص لما ساغ لسليمان أن يحكم بخلافه‏.‏

ودلت هذه القصة على أن الفطنة والفهم موهبة من الله لا تتعلق بكبر سن ولا صغره‏.‏

وفيه أن الحق في جهة واحدة، وإن الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد وإن كان وجود النص ممكنا لديهم بالوحي، لكن في ذلك زيادة في أجورهم، ولعصمتهم من الخطأ في ذلك إذ لا يقرون لعصمتهم على الباطل‏.‏

وقال النووي‏:‏ إن سليمان فعل ذلك تحيلا على إظهار الحق، فكان كما لو اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق لخصمه‏.‏

وفيه استعمال الحيل في الأحكام لاستخراج الحقوق، ولا يتأتى ذلك إلا بمزيد الفطنة وممارسة الأحوال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تفعل يرحمك الله‏)‏ وقع في رواية مسلم والإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد ‏"‏ لا، يرحمك الله ‏"‏ قال القرطبي ينبغي على هذه الرواية أن يقف قليلا بعد ‏"‏ لا ‏"‏ حتى يتبين للسامع أن الذي بعده كلام مستأنف؛ لأنه إذا وصله بما بعده يتوهم السامع أنه دعا عليه وإنما هو دعاء له، ويزول الإيهام في مثل هذا بزيادة واو كأن يقول‏:‏ لا ويرحمك الله‏.‏

وفيه حجة لمن قال‏:‏ إن الأم تستلحق، والمشهور من مذهب مالك والشافعي أنه لا يصح، وقد تعرض المصنف لذلك في أواخر كتاب الفرائض، ويأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو هريرة‏)‏ يعني بالإسناد إليه وليس تعليقا، وقد وقع كذلك في رواية الإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد، والمدية مثلثة الميم قيل‏:‏ للسكين، ذلك لأنها تقطع مدى حياة الحيوان، والسكين تذكر وتؤنث، قيل لها ذلك لأنها تسكن حركة الحيوان‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَلَا تُصَعِّرْ الْإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ولقد آتينا لقمان الحكمة - إلى قوله - فخور‏)‏ اختلف في لقمان فقيل كان حبشيا، وقيل‏:‏ كان نوبيا‏.‏

واختلف هل كان نبيا‏؟‏ قال السهيلي‏:‏ كان نوبيا من أهل أيلة، واسم أبيه عنقا بن شيرون‏.‏

وقال غيره هو ابن باعور بن ناحر بن آزر فهو ابن أخي إبراهيم‏.‏

وذكر وهب في ‏"‏ المبتدأ ‏"‏ أنه كان ابن أخت أيوب، وقيل‏:‏ ابن خالته‏.‏

وروى الثوري في تفسيره عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ كان لقمان عبدا حبشيا نجارا‏.‏

وفي ‏"‏ مصنف ابن أبي شيبة ‏"‏ عن خالد بن ثابت الربعي أحد التابعين مثله، وحكى أبو عبيد البكري في ‏"‏ شرح الأمالي ‏"‏ أنه كان مولى لقوم من الأزد، وروى الطبري من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر، أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة‏.‏

وفي ‏"‏ المستدرك ‏"‏ بإسناد صحيح عن أنس قال‏:‏ كان لقمان عند داود وهو يسرد الدرع، فحصل لقمان يتعجب ويريد أن يسأله عن فائدته فتمنعه حكمته أن يسأل‏.‏

وهذا صريح في أنه عاصر داود عليه السلام‏.‏

وقد ذكره ابن الجوزي في ‏"‏ التلقيح ‏"‏ بعد إبراهيم قبل إسماعيل وإسحاق والصحيح أنه كان في زمن داود‏.‏

وقد أخرج الطبري وغيره عن مجاهد أنه كان قاضيا على بني إسرائيل زمن داود عليه السلام، وقيل‏:‏ إنه عاش ألف سنة، نقل عن ابن إسحاق وهو غلط ممن قاله، وكأنه اختلط عليه بلقمان بن عاد وقيل‏:‏ إنه كان يفتي قبل بعث داود، وأغرب الواقدي فزعم أنه كان بين عيسى ونبينا عليهما الصلاة والسلام، وشبهته ما حكاه أبو عبيدة البكري أنه كان عبدا لبني الحسحاس بن الأزد والأكثر أنه كان صالحا‏.‏

قال شعبة عن الحكم عن مجاهد كان صالحا ولم يكن نبيا، وقيل‏:‏ كان نبيا أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة‏.‏

قلت‏:‏ وجابر هو الجعفي ضعيف، ويقال إن عكرمة تفرد بقوله كان نبيا، وقيل‏:‏ كان لرجل من بني إسرائيل فأعتقه وأعطاه مالا يتجر فيه‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن بشير عن قتادة أن لقمان خير بين الحكمة والنبوة فاختار الحكمة، فسئل عن ذلك فقال‏:‏ خفت أن أضعف عن حمل أعباء النبوة‏.‏

وفي سعيد بن بشير ضعف، وقد روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولقد آتينا لقمان الحكمة‏)‏ قال التفقه في الدين ولم يكن نبيا، وقد تقدم تفسير المراد بالحكمة في أوائل كتاب العلم في شرح حديث ابن عباس ‏"‏ اللهم علمه الحكمة ‏"‏ وقيل كان خياطا وقيل‏:‏ نجارا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏وإذ قال لقمان لابنه‏)‏ قال السهيلي‏:‏ اسم ابنه باران بموحدة وراء مهملة، وقيل فيه بالدال في أوله، وقيل‏:‏ اسمه أنعم، وقيل‏:‏ شكور وقيل بابلي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا تصعر‏:‏ الإعراض بالوجه‏)‏ هو تفسير لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولا تصعر خدك للناس‏)‏ وهو تفسير عكرمة أورده عنه الطبري، وأورد من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏ولا تصعر خدك للناس‏)‏ ‏:‏ لا تتكبر عليهم، قال الطبري‏:‏ أصل الصعر - يعني بالمهملتين - داء يأخذ الإبل في أعناقها حتى تلفت أعناقها عن رءوسها، فيشبه به الرجل المتكبر المعرض عن الناس انتهى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏تصعر‏)‏ هي قراءة عاصم وابن كثير وأبي جعفر‏.‏

وقال أبو عبيدة في ‏"‏ القراآت ‏"‏ له‏:‏ حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن أنه قرأها كذلك وقرأها الباقون ‏"‏ تصاعر ‏"‏ قال أبو عبيدة والأول أحب إلي لما في الثانية من المفاعلة، والغالب أنه من اثنين، وتكون الأولى أشمل في اجتناب ذلك‏.‏

وقال الطبري‏:‏ القراءتان مشهورتان ومعناهما صحيح والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَنَزَلَتْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود في نزول قوله تعالى‏:‏ ‏(‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏)‏ وسيأتي شرحه في تفسير الأنعام أورده من وجهين، وإسحاق شيخه في الطريق الثانية هو ابن راهويه وبذلك جزم أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج‏"‏‏.‏

*3* باب وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ الْآيَةَ فَعَزَّزْنَا حذف التشكيل

قَالَ مُجَاهِدٌ شَدَّدْنَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَائِرُكُمْ مَصَائِبُكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب واضرب لهم مثلا أصحاب القرية الآية‏:‏ فعززنا، قال مجاهد‏:‏ شددنا‏.‏

وقال ابن عباس طائركم مصائبكم‏)‏ أما قول مجاهد فوصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه بهذا، وأما قول ابن عباس فوصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه به‏.‏

والقرية المراد بها أنطاكية فيما ذكر ابن إسحاق ووهب في ‏"‏ المبتدأ ‏"‏ ولعلها كانت مدينة بالقرب من هذه الموجودة، لأن الله أخبر أنه أهلك أهلها‏.‏

وليس لذلك أثر في هذه المدينة الموجودة الآن، ولم يذكر المصنف في ذلك حديثا مرفوعا، وقد روى الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ السبق ثلاثة يوشع إلى موسى، وصاحب يس إلى عيسى، وعلي إلى محمد صلى الله عليه وسلم وفي إسناده حسين بن حسين الأشقر وهو ضعيف فإن ثبت دل على أن القصة كانت في زمن عيسى أو بعده، وصنيع المصنف يقتضي أنها قبل عيسى‏.‏

وروى ابن إسحاق في ‏"‏ المبتدأ ‏"‏ عن أبي طوالة عن كعب الأحبار أن اسم صاحب يس حبيب النجار، وروى الثوري في تفسيره عن عاصم عن أبي مجلز قال‏:‏ كان اسمه حبيب بن بري، وعن حبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس‏:‏ هو حبيب النجار، وعن السدي كان قصارا، وقيل‏:‏ كان إسكافا‏.‏

قال ابن إسحاق واسم الرسل الثلاثة صادق وصدوق وشلوم‏.‏

وقال ابن جريج عن وهب بن سليمان عن شعيب الجبئي بالجيم والموحدة والهمز بلا مد‏:‏ كان اسم الرسولين شمعون ويوحنا واسم الثالث بولص‏.‏

وعن قتادة‏:‏ كانوا رسلا من قبل المسيح‏.‏

والله أعلم‏.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 8:57 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ حذف التشكيل

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا إِلَى قَوْلِهِ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلًا يُقَالُ رَضِيًّا مَرْضِيًّا عُتِيًّا عَصِيًّا عَتَا يَعْتُو قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا إِلَى قَوْلِهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا وَيُقَالُ صَحِيحًا فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا فَأَوْحَى فَأَشَارَ يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ إِلَى قَوْلِهِ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا حَفِيًّا لَطِيفًا عَاقِرًا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ذكر رحمة ربك عبده زكريا - إلى قوله - لم نجعل له من قبل سميا‏)‏ في زكريا أربع لغات‏:‏ المد والقصر وحذف الألف مع تخفيف الياء وفيه تشديدها أيضا وحذفها‏.‏

وقال الجوهري‏:‏ لا يصرف مع المد والقصر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس‏:‏ مثلا‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏هل تعلم له سميا‏)‏ يقول‏:‏ هل تعلم له مثلا أو شبها، ومن طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏لم نجعل له من قبل سميا‏)‏ قال‏:‏ لم يسم يحيى قبله غيره، وأخرجه الحاكم في ‏"‏ المستدرك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقال رضيا مرضيا‏)‏ حكاه الطبري قال‏:‏ مرضيا ترضاه أنت وعبادك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عتيا عصيا، عتا يعتو‏)‏ كذا فيه بالصاد المهملة والصواب بالسين، وروى الطبري بإسناد صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عتيا أو عسيا ‏"‏ وقال أبو عبيدة في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وقد بلغت من الكبر عتيا‏)‏ ‏:‏ كل مبالغ من كبر أو كفر أو فساد فقد عتا يعتو عتيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثلاث ليال سويا ويقال صحيحا‏)‏ هو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال في قوله‏:‏ ‏(‏ثلاث ليال سويا‏)‏ وأنت صحيح، فحبس لسانه فكان لا يستطيع أن يتكلم وهو يقرأ التوراة ويسبح ولا يستطيع أن يكلم الناس، أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه‏.‏

وأخرج من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال‏:‏ اعتقل لسانه من غير مرض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأوحى‏:‏ فأشار‏)‏ هو قول محمد بن كعب ومجاهد وغير واحد أخرجه ابن أبي حاتم عنهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حفيا‏:‏ لطيفا‏)‏ هو قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه‏.‏

وقال أبو عبيدة في قوله‏:‏ ‏(‏إنه كان بي حفيا‏)‏ أي محتفيا، يقال تحفيت بفلان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عاقرا الذكر والأنثى سواء‏)‏ قال أبو عبيدة العاقر التي لا تلد، والعاقر الذي لا يلد، قال عامر بن الطفيل‏:‏ لبئس الفتى إن كان أعور عاقرا جبانا فما عذري لدى كل محضر وقال أيضا‏:‏ لفظ الذكر فيه مثل لفظ الأنثى‏.‏

قال الثعلبي‏.‏

ولد يحيى وعمر زكريا مائة وعشرون سنة وقيل تسعين وقيل اثنين وتسعين وقيل مائة إلا سنتين وقيل إلا سنة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالَا مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ

الشرح‏:‏

أورد المصنف طرفا من حديث الإسراء من رواية أنس عن مالك بن صعصعة والغرض منه ذكر يحيى بن زكريا‏.‏

وقال فيه وفي عيسى ابن مريم إنهما ابنا خالة وزكريا هو ابن أدن ويقال ابن شبوي ويقال ابن بارخيا ويقال ابن أبي ابن بارخيا، ومريم بنت عمران بن ناشي، وهما من ذرية سليمان بن داود عليهما السلام، واسم أم مريم حنة بمهملة ونون بنت فاقود واسم أختها والدة يحيى إيشاع قال ابن إسحاق في ‏"‏ المبتدأ ‏"‏ كانت حنة عند عمران وأختها عند زكريا وكانت حنة أمسك عنها الولد ثم حملت بمريم فمات عمران وهي حامل‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ سمعت مالك بن أنس يقول‏:‏ بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا كان حملهما جميعا، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم‏:‏ إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك، قال مالك‏:‏ أراه لفضل عيسى على يحيى‏.‏

وقال الثعلبي‏:‏ ولد يحيى قبل عيسى بستة أشهر‏.‏

واختلف في قوله‏:‏ ‏(‏وآتيناه الحكم صبيا‏)‏ فقيل نبئ وهو ابن تسع سنين وقيل أقل من ذلك، والمراد بالحكم الفهم في الدين، قال ابن إسحاق‏:‏ كان زكريا وابنه آخر من بعث من بني إسرائيل قبل عيسى‏.‏

وقال أيضا‏:‏ أراد بنو إسرائيل قتل زكريا ففر منهم، فمر بشجرة فانفلقت له فدخل فيها فالتأمت عليه، فأخذ الشيطان بهدبة ثوبه فرأوها فوضعوا المنشار على الشجرة فنشروها حتى قطعوه من وسطه في جوفها‏.‏

وأما يحيى فقتل بسبب امرأة أراد ملكهم أن يتزوجها، فقال له يحيى‏:‏ إنها لا تحل لك لكونها كانت بنت امرأته، فتوصلت إلى الملك حتى قتل يحيى، قال ابن إسحاق‏:‏ كان ذلك قبل أن يرفع عيسى‏.‏

وروى أصل هذه القصة الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من حديث عبد الله بن الزبير، وروى أيضا من حديث ابن عباس أن دم يحيى كان يفور حتى قتل عليه بختنصر من بني إسرائيل سبعين ألفا فسكن‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ حذف التشكيل

إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَآلُ عِمْرَانَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ وَآلِ يَاسِينَ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَيُقَالُ آلُ يَعْقُوبَ أَهْلُ يَعْقُوبَ فَإِذَا صَغَّرُوا آلَ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الْأَصْلِ قَالُوا أُهَيْلٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفى آدم ونوحا‏)‏ هذه الترجمة معقودة لأخبار مريم عليها السلام، وقد قدمت شيئا من شأنها في الباب الذي قبله‏.‏

ومريم بالسريانية الخادم، وسميت به والدة عيسى فامتنع الصرف للتأنيث والعلمية، ويقال إن مريم بلسان العرب من تكثر من زيارة الرجال من النساء كالزير وهو من يكثر زيارة النساء، واستشهد من زعم هذا بقول رؤبة ‏"‏ قلت لزير لم تصله مريمه ‏"‏ حكاه أبو حبان في تفسير سورة البقرة، وفيه نظر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس‏:‏ وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه، وهم المؤمنون‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وحاصله أن المراد بالاصطفاء بعض آل عمران وإن كان اللفظ عاما فالمراد به الخصوص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقال آل يعقوب أهل يعقوب، إذا صغروا آل ردوه إلى الأصل قالوا أهيل‏)‏ اختلف في ‏"‏ آل ‏"‏ فقيل أصله أهل فقلبت الهاء همزة بدليل ظهور ذلك في التصغير وهو يرد الأشياء إلى أصلها، وهذا قول سيبويه والجمهور، وقيل‏:‏ أصله أول من آل يئول إذا رجع لأن الإنسان يرجع إلى أهله، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وتصغيره على أويل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب‏)‏ كذا قال أكثر أصحاب الزهري‏.‏

وقال السدي‏:‏ عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أخرجه الطبري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد‏)‏ في رواية سعد بن المسيب عن أبي هريرة الماضية في ‏"‏ باب صفة إبليس ‏"‏ بيان المس المذكور لفظه ‏"‏ كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد، غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب ‏"‏ أي في المشيمة التي فيها الولد قال القرطبي‏:‏ هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط، فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت‏:‏ ‏(‏إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم‏)‏ ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى‏.‏

ووقع في رواية معمر عن الزهري عند مسلم ‏"‏ إلا نخسه الشيطان ‏"‏ بنون وخاء معجمة ثم مهملة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيستهل صارخا من مس الشيطان‏)‏ في رواية معمر المذكورة ‏"‏ من نخسة الشيطان ‏"‏ أي سبب صراخ الصبي أول ما يولد الألم من مس الشيطان إياه، والاستهلال الصياح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏غير مريم وابنها‏)‏ تقدم في ‏"‏ باب إبليس ‏"‏ بذكر عيسى خاصة فيحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى المس وذاك بالنسبة إلى الطعن في الجنب، ويحتمل أن يكون ذاك قبل الإعلام بما زاد، وفيه بعد لأنه حديث واحد، وقد رواه خلاس عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ كل بني آدم قد طعن الشيطان فيه حين ولد، غير عيسى وأمه جعل الله دون الطعنة حجابا فأصاب الحجاب ولم يصبهما ‏"‏ والذي يظهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر، والزيادة من الحافظ مقبولة، وأما قول بعضهم يحتمل أن يكون من العطف التفسيري والمقصود الابن كقولك أعجبني زيد وكرمه فهو تعسف شديد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يقول أبو هريرة‏:‏ وإني أعيذها بك إلخ‏)‏ فيه بيان لأن في رواية أبي صالح عن أبي هريرة إدراجا وأن تلاوة الآية موقوفة على أبي هريرة‏
.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 26, 2010 10:25 pm

*3* باب وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حذف التشكيل

يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ يُقَالُ يَكْفُلُ يَضُمُّ كَفَلَهَا ضَمَّهَا مُخَفَّفَةً لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وإذ قالت الملائكة‏:‏ يا مريم إن الله اصطفاك - الآية إلى قوله - أيهم يكفل مريم، يقال يكفل يضم كفلها ضمها مخففة، ليس من كفالة الديون وشبهها‏)‏ أشار بقوله‏:‏ ‏"‏ مخففة ‏"‏ إلى قراءة الجمهور، وقرأها الكوفيون ‏"‏ كفلها ‏"‏ بالتشديد أي كفلها الله زكريا، وفي قراءتهم زكريا بالقصر إلا أن أبا بكر بن عياش قرأه بالمد فاحتاج إلى أن يقرأ زكرياء بفتح الهمزة‏.‏

وقال أبو عبيدة في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وكفلها زكريا‏)‏ يقال كفلها بفتح الفاء وكسرها أي ضمها‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏أيهم يكفل مريم‏)‏ أي يضم انتهى‏.‏

وكسر الفاء هو في قراءة بعض التابعين‏.‏

واستدل بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفاك‏)‏ على أنها كانت نبية وليس بصريح في ذلك، وأيد بذكرها مع الأنبياء في سورة مريم، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فقد وصف يوسف بذلك‏.‏

وقد نقل عن الأشعري أن في النساء عدة نبيات، وحصرهن ابن حزم في ست، حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم‏.‏

وأسقط القرطبي سارة وهاجر، ونقله في ‏"‏ التمهيد ‏"‏ عن أكثر الفقهاء‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ الصحيح أن مريم نبية‏.‏

وقال عياض‏:‏ الجمهور على خلافه‏.‏

ونقل النووي في ‏"‏ الأذكار ‏"‏ أن الإمام نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية‏.‏

وعن الحسن‏:‏ ليس في النساء نبية ولا في الجن‏.‏

وقال السبكي الكبير‏:‏ لم يصح عندي في هذه المسألة شيء، ونقله السهيلي في آخر ‏"‏ الروض ‏"‏ عن أكثر الفقهاء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا النضر‏)‏ هو ابن شميل، وهشام هو ابن عروة بن الزبير، وعبد الله بن جعفر أي ابن أبي طالب‏.‏

قال الدار قطني‏:‏ رواه أصحاب هشام بن عروة عنه هكذا؛ وخالفهم ابن جريج وابن إسحاق فروياه عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن جعفر زاد في الإسناد عبد الله بن الزبير، والصواب إسقاطه، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير نسائها مريم‏)‏ أي نساء أهل الدنيا في زمانها، وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل إخوانه، وقد صرحوا بمنعه، فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا‏.‏

وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ ‏"‏ أفضل نساء أهل الجنة ‏"‏ فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم‏.‏

وفي رواية ‏"‏ خير نساء العالمين ‏"‏ وهو كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏واصطفاك على نساء العالمين‏)‏ وظاهره أن مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمتنع عند من يقول إنها نبية‏.‏

وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها، وبالأول جزم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي؛ ويحتمل أيضا أن يراد نساء بن إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو ‏"‏ من ‏"‏ فيه مضمرة والمعنى أنها من جملة النساء الفاضلات، ويدفع ذلك حديث أبي موسى المتقدم بصيغة الحصر أنه لم يكمل من النساء غيرها وغير آسية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وخير نسائها خديجة‏)‏ أي نساء هذه الأمة قال القاضي أبو بكر بن العربي‏:‏ خديجة أفضل نساء الأمة مطلقا لهذا الحديث، وقد تقدم في آخر قصة موسى حديث أبي موسى في ذكر مريم وآسية وهو يقتضي فضلهما على غيرهما من النساء، ودل هذا الحديث على أن مريم أفضل من آسية وأن خديجة أفضل نساء هذه الأمة، وكأنه لم يتعرض في الحديث الأول لنساء هذه الأمة حيث قال‏:‏ ولم يكمل من النساء، أي من نساء الأمة الماضية، إلا إن حملنا الكمال على النبوة فيكون على إطلاقه‏.‏

وعند النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس ‏"‏ أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية ‏"‏ وعند الترمذي بإسناد صحيح عن أنس ‏"‏ حسبك من نساء العالمين ‏"‏ فذكرهن‏.‏

وللحاكم من حديث حذيفة ‏"‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فبشره أن فاطمة سيده نساء أهل الجنة ‏"‏ وسيأتي مزيد لذلك في ترجمة خديجة من مناقب الصحابة‏.‏

*3* باب قَوْلِهِ تَعَالَى إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حذف التشكيل

إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ يُبَشِّرُكِ وَ يَبْشُرُكِ وَاحِدٌ وَجِيهًا شَرِيفًا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ المَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْكَهْلُ الْحَلِيمُ وَالْأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ يُولَدُ أَعْمَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم‏)‏ وقع في رواية أبي ذر بزيادة واو في أول هذه الآية وهو غلط، وإنما وقعت الواو في أول الآية التي قبلها وأما هذه فبغير واو‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يبشرك ويبشرك واحد‏)‏ يعني بفتح أوله وسكون الموحدة وضم المعجمة، وبضم أوله وفتح الموحدة وتشديد المعجمة، والأولى وهي بالتخفيف قراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي، والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير، وقد يطلق في الشر مجازا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وجيها‏)‏ أي ‏(‏شريفا‏)‏ قال أبو عبيدة‏:‏ الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي تشرفه، وانتصب قوله‏:‏ ‏"‏ وجيها على الحال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إبراهيم‏:‏ المسيح الصديق‏)‏ وصله سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال‏:‏ المسيح الصديق‏.‏

قال الطبري‏:‏ مراد إبراهيم بذلك أن الله مسحه فطهره من الذنوب، فهو فعيل بمعنى مفعول‏.‏

قلت‏:‏ وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فعيل بمعنى فاعل يقال إنه سمي بذلك لكونه يمسح الأرض وقيل‏:‏ سمي بذلك لأنه ممسوح العين فهو بمعنى مفعول، قيل في المسيح عيسى أيضا أنه مشتق من مسح الأرض لأنه لم يكن يستقر في مكان، ويقال سمي بذلك لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا بريء، وقيل‏:‏ لأنه مسح بدهن البركة مسحه زكريا وقيل‏:‏ يحيى، وقيل‏:‏ لأنه كان ممسوح الأخمصين، وقيل‏:‏ لأنه كان جميلا يقال‏:‏ مسحه الله أي خلقه خلقا حسنا ومنه قولهم به مسحة من جمال‏.‏

وأغرب الداودي فقال لأنه كان يلبس المسوح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مجاهد‏:‏ الكهل الحليم‏)‏ وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏(‏وكهلا ومن الصالحين‏)‏ قال‏:‏ الكهل الحليم انتهى، وقد قال أبو جعفر النحاس‏:‏ إن هذا لا يعرف في اللغة، وإنما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها، وقيل‏:‏ من جاوز الثلاثين وقيل ابن ثلاث وثلاثين انتهى‏.‏

والذي يظهر أن مجاهدا فسره بلازمه الغالب، لأن الكهل غالبا يكون فيه وقار وسكينة، وقد اختلف أهل العربية في قوله‏:‏ ‏(‏وكهلا‏)‏ هل هو معطوف على قوله‏:‏ ‏(‏وجيها‏)‏ أو هو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم صغيرا وكهلا، وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل‏.‏

وقال غيره من يولد أعمى‏)‏ أما قول مجاهد فوصله الفريابي أيضا، وهو قول شاذ تفرد به مجاهد، والمعروف أن ذلك هو الأعشى‏.‏

وأما قول غيره فهو قول الجمهور وبه جزم أبو عبيدة وأخرجه الطبري عن ابن عباس، وروى عبد بن حميد من طريق سعيد عن قتادة‏:‏ كنا نتحدث أن الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين‏.‏

ومن طريق عكرمة‏:‏ الأكمه الأعمى‏.‏

وكذا رواه الطبري عن السدي، وعن ابن عباس أيضا، وعن الحسن ونحوهم، قال الطبري‏:‏ الأشبه بتفسير الآية قول قتادة، لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد، والآية سيقت لبيان معجزة عيسى عليه السلام، فالأشبه أن يحمل المراد عليها ويكون أبلغ في إثبات المعجزة والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى الأشعري في فضل مريم وآسية، وقد تقدم شرحه في آخر قصة موسى عليه السلام‏.‏

وحديث أبي هريرة في فضل نساء قريش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن وهب إلخ‏)‏ وصله مسلم عن حرملة عن ابن وهب، وكذلك أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن حرملة، وسيأتي للمصنف موصولا من وجه آخر عن ابن وهب في النكاح، قال القرطبي‏:‏ هذا تفضيل لنساء قريش على نساء العرب خاصة، لأنهم أصحاب الإبل غالبا، وسيأتي بقية شرحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحناه‏)‏ أشفقه، حنى يحنو ويحنى من الثلاثي، وأحنى يحني من الرباعي‏:‏ أشفق عليه وعطف، والحانية التي تقوم بولدها بعد موت الأب، قال‏:‏ وحنت المرأة على ولدها إذا لم تتزوج بعد موت الأب‏.‏

قال ابن التين‏:‏ فإن تزوجت فليست بحانية‏.‏

قال الحسن في الحانية التي لها ولد ولا تتزوج‏.‏

وفي بعض الكتب‏:‏ أحنى بتشديد النون والتنوين حكاه ابن التين وقال‏:‏ لعله مأخوذ من الحنان بفتح وتخفيف وهو الرحمة، وحنت المرأة إلى ولدها وإلى زوجها سواء كان بصوت أم لا، ومن الذي بالصوت حنين الجذع وأصله ترجيع صوت الناقة على أثر ولدها، وكان القياس أحناهن لكن جرى لسان العرب بالإفراد، وقوله‏:‏ ‏"‏ ولم تركب مريم بعيرا قط ‏"‏ إشارة إلى أن مريم لم تدخل في هذا التفضيل بل هو خاص بمن يركب الإبل، والفضل الوارد في خديجة وفاطمة وعائشة هو بالنسبة إلى جميع النساء إلا من قيل إنها نبية، فإن ثبت في حق امرأة أنها نبية فهي خارجة بالشرع لأن درجة النبوة لا شيء بعدها، وإن لم يثبت فيحتاج من يخرجهن إلى دليل خاص لكل منهن، فأشار أبو هريرة إلى أن مريم لم تدخل في هذا العموم، لأنه قيد أصل الفضل بمن يركب الإبل ومريم لم تركب بعيرا قط‏.‏

وقد اعترض بعضهم فقال‏:‏ كأن أبا هريرة ظن أن البعير لا يكون إلا من الإبل، وليس كما ظن بل يطلق البعير على الحمار‏.‏

وقال ابن خالويه‏:‏ لم تكن إخوة يوسف ركبانا إلا على أحمرة، ولم يكن عندهم إبل، وإنما كانت تحملهم في أسفارهم وغيرها الأحمرة، وكذا قال مجاهد هنا‏:‏ البعير الحمار، وهي لغة حكاها الكواشي، واستدل بقوله‏:‏ ‏(‏اصطفاك على نساء العالمين‏)‏ على أنها كانت نبية، ويؤيد ذكرها في سورة مريم بمثل ما ذكر به الأنبياء، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فإن يوسف وصف بذلك مع كونه نبيا، وقد نقل عن الأشعري أن في النساء نبيات‏.‏

وجزم ابن حزم بست‏:‏ حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم، ولم يذكر القرطبي سارة ولا هاجر، ونقله السهيلي في آخر ‏"‏ الروض ‏"‏ عن أكثر الفقهاء‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ الصحيح أن مريم نبية‏.‏

وقال عياض‏:‏ الجمهور على خلافه‏.‏

وذكر النووي في ‏"‏ الأذكار ‏"‏ عن إمام الحرمين أنه نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، ونسبه في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ لجماعة، وجاء عن الحسن البصري ليس في النساء نبية ولا في الجن‏.‏

وقال السبكي‏:‏ اختلف في هذه المسألة ولم يصح عندي في ذلك شيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقول أبو هريرة على أثر ذلك‏:‏ ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط‏)‏ في رواية لأحمد وأبي يعلى ‏"‏ وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مريم لم تركب بعيرا قط ‏"‏ أراد أبو هريرة بذلك أن مريم لم تدخل في النساء المذكورات بالخيرية لأنه قيدهن بركوب الإبل ومريم لم تكن ممن يركب الإبل، وكأنه كان يرى أنها أفضل النساء مطلقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري‏)‏ أما متابعة ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم فوصلها أبو أحمد بن عدي في الكامل من طريق الدراوردي عنه، وأما متابعة إسحاق الكلبي فوصلها الزهري في ‏"‏ الزهريات ‏"‏ عن يحيى بن صالح عنه‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ 7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ )1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: