foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 10:22 pm

*1*المجلد السابع

*2*بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ

*3* باب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذف التشكيل

وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَآهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي بطريق الإجمال ثم التفصيل‏.‏

أما الإجمال فيشمل جميعهم، لكنه اقتصر فيه على شيء مما يوافق شرطه‏.‏

وأما التفصيل فلمن ورد فيه شيء بخصوصه على شرطه‏.‏

وسقط لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ من رواية أبي ذر وحده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه‏)‏ يعني أن اسم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق عليه اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة‏.‏

ويطلق أيضا على من رآه رؤية ولو على بعد‏.‏

وهذا الذي ذكره البخاري هو الراجح، إلا أنه هل يشترط في الرائي أن يكون بحيث يميز ما رآه أو يكتفي بمجرد حصول الرؤية‏؟‏ محل نظر، وعمل من صنف في الصحابة يدل على الثاني، فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبي بكر الصديق، وإنما ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر وأيام، كما ثبت في الصحيح أن أمه أسماء بنت عميس ولدته في حجة الوداع قبل أن يدخلوا مكة، وذلك في أواخر ذي القعدة سنة عشر من الهجرة، ومع ذلك فأحاديث هذا الضرب مراسيل، والخلاف الجاري بين الجمهور وبين أبي إسحاق الإسفرايني ومن وافقه على رد المراسيل مطلقا حتى مراسيل الصحابة لا يجري في أحاديث هؤلاء لأن أحاديثهم لا من قبيل مراسيل كبار التابعين ولا من قبيل مراسيل الصحابة الذين سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مما يلغز به فيقال‏:‏ صحابي حديثه مرسل لا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة‏.‏

ومنهم من بالغ فكان لا يعد في الصحابة إلا من صحب الصحبة العرفية، كما جاء عن عاصم الأحول قال‏:‏ ‏"‏ رأى عبد الله بن سرجس رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن له صحبة ‏"‏ أخرجه أحمد، هذا مع كون عاصم قد روى عن عبد الله بن سرجس هذا عدة أحاديث، وهي عند مسلم وأصحاب السنن، وأكثرها من رواية عاصم عنه، ومن جملتها قوله‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر له‏.‏

فهذا رأي عاصم أن الصحابي من يكون صحب الصحبة العرفية؛ وكذا روي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد في الصحابة إلا من أقام مع النبي صلى الله عليه وسلم سنة فصاعدا أو غزا غزوة فصاعدا، والعمل على خلاف هذا القول لأنهم اتفقوا على عد جمع جم في الصحابة لم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا في حجة الوداع، ومن اشترط الصحبة العرفية أخرج من له رؤية أو من اجتمع به لكن فارقه عن قرب، كما جاء عن أنس أنه قيل له‏:‏ هل بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غيرك‏؟‏ قال‏:‏ لا، مع أنه كان في ذلك الوقت عدد كثير ممن لقيه من الأعراب‏.‏

ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا، وهو مردود أيضا لأنه يخرج مثل الحسن بن علي ونحوه من أحداث الصحابة، والذي جزم به البخاري هو قول أحمد والجمهور من المحدثين وقول البخاري ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ قيد يخرج به من صحبه أو من رآه من الكفار، فأما من أسلم بعد موته منهم فإن كان قوله ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ حالا خرج من هذه صفته وهو المعتمد‏.‏

ويرد على التعريف من صحبه أو رآه مؤمنا به ثم ارتد بعد ذلك ولم يعد إلى الإسلام فإنه ليس صحابيا اتفاقا، فينبغي أن يزاد فيه ‏"‏ ومات على ذلك‏"‏‏.‏

وقد وقع في مسند أحمد حديث ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي وهو ممن أسلم في الفتح وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وحدث عنه بعد موته ثم لحقه الخذلان فلحق في خلافة عمر بالروم وتنصر بسبب شيء أغضبه، وإخراج حديث مثل هذا مشكل، ولعل من أخرجه لم يقف على قصة ارتداده والله أعلم‏.‏

فلو ارتد ثم عاد إلى الإسلام لكن لم يره ثانيا بعد عوده فالصحيح أنه معدود في الصحابة لإطباق المحدثين على عد الأشعث بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك، وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد، وهل يختص جميع ذلك ببني آدم أو يعم غيرهم من العقلاء‏؟‏ محل نظر، أما الجن فالراجح دخولهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليهم قطعا، وهم مكلفون، فيهم العصاة والطائعون، فمن عرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة وإن كان ابن الأثير عاب ذلك على أبي موسى فلم يستند في ذلك إلى حجة‏.‏

وأما الملائكة فيتوقف عدهم فيهم على ثبوت بعثته إليهم، فإن فيه خلافا بين الأصوليين، حتى نقل بعضهم الإجماع على ثبوته، وعكس بعضهم، وهذا كله فيمن رآه وهو في قيد الحياة الدنيوية، أما من رآه بعد موته وقبل دفنه فالراجح أنه ليس بصحابي وإلا لعد من اتفق أن يرى جسده المكرم وهو في قبره المعظم ولو في هذه الأعصار، وكذلك من كشف له عنه من الأولياء فرآه كذلك على طريق الكرامة، إذ حجة من أثبت الصحبة لمن رآه قبل دفنه أنه مستمر الحياة، وهذه الحياة ليست دنيوية وإنما هي أخروية لا تتعلق بها أحكام الدنيا، فإن الشهداء أحياء ومع ذلك فإن الأحكام المتعلقة بهم بعد القتل جارية على أحكام غيرهم من الموتى، والله أعلم‏.‏

وكذلك المراد بهذه الرؤية من اتفقت له ممن تقدم شرحه وهو يقظان، أما من رآه في المنام وإن كان قد رآه حقا فذلك مما يرجع إلى الأمور المعنوية لا الأحكام الدنيوية فلذلك لا يعد صحابيا ولا يجب عليه أن يعمل بما أمره به في تلك الحالة والله أعلم‏.‏

وقد وجدت ما جزم به البخاري من تعريف الصحابي في كلام شيخه علي بن المديني، فقرأت في ‏"‏ المستخرج لأبي القاسم بن منده ‏"‏ بسنده إلى أحمد بن سيار الحافظ المروزي قال‏:‏ سمعت أحمد بن عتيك يقول قال علي بن المديني‏:‏ من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بسطت هذه المسألة فيما جمعته من علوم الحديث، وهذا القدر في هذا المكان كاف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيَقُولُونَ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ

الشرح‏:‏

حديث جابر بن عبد الله عن أبي سعيد، وهو من رواية صحابي عن صحابي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يأتي على الناس زمان فيغزو فئام‏)‏ بكسر الفاء ثم تحتانية بهمزة وحكي فيه ترك الهمزة أي جماعة، وقد تقدم ضبطه في ‏"‏ باب من استعان بالضعفاء ‏"‏ في أوائل الجهاد، ويستفاد منه بطلان قول من ادعى في هذه الأعصار المتأخرة الصحبة لأن الخبر يتضمن استمرار الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفار وأنهم يسألون‏:‏ هل فيكم أحد من أصحابه‏؟‏ فيقولون لا، وكذلك في التابعين وفي أتباع التابعين، وقد وقع كل ذلك فيما مضى وانقطعت البعوث عن بلاد الكفار في هذه الأعصار، بل انعكس الحال في ذلك على ما هو معلوم مشاهد من مدة متطاولة ولا سيما في بلاد الأندلس، وضبط أهل الحديث آخر من مات من الصحابة، وهو على الإطلاق، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي كما جزم بن مسلم في صحيحه، وكان موته سنة مائة وقيل‏:‏ سنة سبع ومائة وقيل‏:‏ سنة عشر ومائة، وهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر‏:‏ ‏"‏ على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد ‏"‏ ووقع في رواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم ذكر طبقة رابعة ولفظه ‏"‏ يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث فيقولون انظروا هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فيوجد الرجل فيفتح لهم، ثم يبعث البعث الثاني فيقولون انظروا - إلى أن قال - ثم يكون البعث الرابع ‏"‏ وهذه الرواية شاذة، وأكثر الروايات مقتصر على الثلاثة كما سأوضح ذلك في الحديث الذي بعده‏.‏

ومثله حديث واثلة رفعه ‏"‏ لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحبني ‏"‏ الحديث أخرجه ابن أبي شيبة وإسناده حسن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ هو ابن راهويه وبذلك جزم ابن السكن وأبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ والنضر هو ابن شميل، وأبو جمرة بالجيم والراء صاحب ابن عباس وحدث هنا عن تابعي مثله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير أمتي قرني‏)‏ أي أهل قرني، والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، ويقال إن ذلك مخصوص بما إذا اجتمعوا في زمن نبي أو رئيس يجمعهم على ملة أو مذهب أو عمل، ويطلق القرن على مدة من الزمان، واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالسبعين ولا بمائة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل‏.‏

وذكر الجوهري بين الثلاثين والثمانين، وقد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ما يدل على أن القرن مائة وهو المشهور‏.‏

وقال صاحب المطالع‏:‏ القرن أمة هلكت فلم يبق منهم أحد، وثبتت المائة في حديث عبد الله بن بسر وهي ما عند أكثر أهل العراق، ولم يذكر صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ الخمسين وذكر من عشر إلى سبعين ثم قال‏:‏ هذا هو القدر المتوسط من أعمار أهل كل زمن، وهذا أعدل الأقوال وبه صرح ابن الأعرابي وقال‏:‏ إنه مأخوذ من الأقران، ويمكن أن يحمل عليه المختلف من الأقوال المتقدمة ممن قال إن القرن أربعون فصاعدا، أما من قال إنه دون ذلك فلا يلتئم على هذا القول والله أعلم‏.‏

والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحابة، وقد سبق في صفة النبي صلى الله عليه وسلم قوله‏:‏ ‏"‏ وبعثت في خير قرون بني آدم ‏"‏ وفي رواية بريدة عند أحمد ‏"‏ خير هذه الأمة القرن الذين بعثت فيهم ‏"‏ وقد ظهر أن الذي بين البعثة وآخر من مات من الصحابة مائة سنة وعشرون سنة أو دونها أو فوقها بقليل على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل، وإن اعتبر ذلك من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيكون مائة سنة أو تسعين أو سبعا وتسعين، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، وأما الذين بعدهم فإن اعتبر منها كان نحوا من خمسين، فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان والله أعلم‏.‏

واتفقوا أن آخر من كان من أتباع التابعين ممن يقبل قوله من عاش إلى حدود العشرين ومائتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورا فاشيا، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رءوسها، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن، وتغيرت الأحوال تغيرا شديدا، ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن‏.‏

وظهر قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ثم يفشو الكذب ‏"‏ ظهورا بينا حتى يشمل الأقوال والأفعال والمعتقدات والله المستعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم الذين يلونهم‏)‏ أي القرن الذي بعدهم وهم التابعون ‏(‏ثم الذين يلونهم‏)‏ وهم أتباع التابعين، واقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين والتابعون أفضل من أتباع التابعين، لكن هل هذه الأفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد‏؟‏ محل بحث، وإلى الثاني نحا الجمهور، والأول قول ابن عبد البر، والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمانه بأمره أو أنفق شيئا من ماله بسببه لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنا من كان، وأما من لم يقع له ذلك فهو محل البحث، والأصل في ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏(‏لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجه من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا‏)‏ الآية‏.‏

واحتج ابن عبد البر بحديث ‏"‏ مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره ‏"‏ وهو حديث حسن له طرق قد يرتقى بها إلى الصحة، وأغرب النووي فعزاه في فتاويه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف، مع أنه عند الترمذي بإسناد أقوى منه من حديث أنس، وصححه ابن حبان من حديث عمار، وأجاب عنه النووي بما حاصله‏:‏ أن المراد من يشتبه عليه الحال في ذلك من أهل الزمان الذين يدركون عيسى ابن مريم عليه السلام ويرون في زمانه من الخير والبركة وانتظام كلمة الإسلام ودحض كلمة الكفر، فيشتبه الحال على من شاهد ذلك أي الزمانين خير، وهذا الاشتباه مندفع بصريح قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ خير القرون قرني ‏"‏ والله أعلم‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 10:23 pm

وقد روى ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير أحد التابعين بإسناد حسن قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير - ثلاثا - ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها ‏"‏ وروى أبو داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة رفعه ‏"‏ تأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين، قيل‏:‏ منهم أو منا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ بل منكم ‏"‏ وهو شاهد لحديث ‏"‏ مثل أمتي مثل المطر‏"‏، واحتج ابن عبد البر أيضا بحديث عمر رفعه ‏"‏ أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ‏"‏ الحديث أخرجه الطيالسي وغيره، لكن إسناده ضعيف فلا حجة فيه‏.‏

وروى أحمد والدارمي والطبراني من حديث أبي جمعة قال‏:‏ ‏"‏ قال أبو عبيدة‏:‏ يا رسول الله، أأحد خير منا‏؟‏ أسلمنا معك، وجاهدنا معك‏.‏

قال‏:‏ قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ‏"‏ وإسناده حسن وقد صححه الحاكم‏.‏

واحتج بأن السبب في كون القرن الأول خير القرون أنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار حينئذ وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم، قال‏:‏ فكذلك أواخرهم إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على الطاعة حين ظهور المعاصي والفتن كانوا أيضا عند ذلك غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الزمان كما زكت أعمال أولئك‏.‏

ويشهد له ما رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه ‏"‏ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ‏"‏ وقد تعقب كلام ابن عبد البر بأن مقتضى كلامه أن يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل من بعض الصحابة، وبذلك صرح القرطبي، لكن كلام ابن عبد البر ليس على الإطلاق في حق جميع الصحابة، فإنه صرح في كلامه باستثناء أهل بدر والحديبية‏.‏

نعم والذي ذهب إليه الجمهور أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما من اتفق له الذب عنه والسبق إليه بالهجرة أو النصرة وضبط الشرع المتلقى عنه وتبليغه لمن بعده فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده، لأنه ما من خصلة من الخصال المذكورة إلا وللذي سبق بها مثل أجر من عمل بها من بعده، فظهر فضلهم‏.‏

ومحصل النزاع يتمحض فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة كما تقدم، فإن جمع بين مختلف الأحاديث المذكورة كان متجها، على أن حديث ‏"‏ للعامل منهم أجر خمسين منكم ‏"‏ لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة، لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وأيضا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل فأما ما فاز به من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم من زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد، فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة، وأما حديث أبي جمعة فلم تتفق الرواة على لفظه، فقد رواه بعضهم بلفظ الخيرية كما تقدم، ورواه بعضهم بلفظ ‏"‏ قلنا يا رسول الله هل من قوم أعظم منا أجرا ‏"‏‏؟‏ الحديث أخرجه الطبراني وإسناد هذه الرواية أقوى من إسناد الرواية المتقدمة، وهي توافق حديث أبي ثعلبة، وقد تقدم الجواب عنه والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة‏)‏ وقع مثل هذا الشك في حديث ابن مسعود وأبي هريرة عند مسلم، وفي حديث بريدة عند أحمد، وجاء في أكثر الطرق بغير شك، منها عن النعمان بن بشير عند أحمد، وعن مالك عند مسلم عن عائشة ‏"‏ قال رجل‏:‏ يا رسول الله أي الناس خير‏؟‏ قال‏:‏ القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث ‏"‏ ووقع في رواية الطبراني وسمويه ما يفسر به هذا السؤال، وهو ما أخرجاه من طريق بلال بن سعد بن تميم عن أبيه قال قلت‏:‏ يا رسول الله أي الناس خير‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ أنا وقرني ‏"‏ فذكر مثله‏.‏

وللطيالسي من حديث عمر رفعه ‏"‏ خير أمتي القرن الذي أنا منهم، ثم الثاني، ثم الثالث ‏"‏ ووقع في حديث جعدة بن هبيرة عند ابن أبي شيبة والطبراني إثبات القرن الرابع ولفظه ‏"‏ خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الآخرون أردأ ‏"‏ ورجاله ثقات، إلا أن جعدة مختلف في صحبته والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم إن بعدهم قوما‏)‏ كذا للأكثر، ولبعضهم ‏"‏ قوم ‏"‏ فيحتمل أن يكون من الناسخ على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب، ويحتمل أن تكون ‏"‏ إن ‏"‏ تقريرية بمعنى نعم وفيه بعد وتكلف‏.‏

واستدل بهذا الحديث على تعديل أهل القرون الثلاثة وإن تفاوتت منازلهم في الفضل، وهذا محمول على الغالب والأكثرية، فقد وجد فيمن بعد الصحابة من القرنين من وجدت فيه الصفات المذكورة المذمومة لكن بقلة، بخلاف من بعد القرون الثلاثة فإن ذلك كثر فيهم واشتهر، وفيه بيان من ترد شهادتهم وهم من اتصف بالصفات المذكورة، وإلى ذلك الإشارة بقوله‏:‏ ‏"‏ ثم يفشو الكذب ‏"‏ أي يكثر‏.‏

واستدل به على جواز المفاضلة بين الصحابة قاله المازري، وقد تقدم باقي شرحه في الشهادات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ

الشرح‏:‏

حديث ابن مسعود في المعنى وفد تقدم في الشهادات سندا ومتنا، وتقدم من شرحه هناك ما يتعلق بالشهادات، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10   فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 10:25 pm

*3* باب مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ حذف التشكيل

مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ التَّيْمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ وَقَالَ اللَّهُ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب المهاجرين وفضلهم‏)‏ سقط لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ من رواية أبي ذر، والمراد بالمهاجرين من عدا الأنصار ومن أسلم يوم الفتح وهلم جرا، فالصحابة من هذه الحيثية ثلاثة أصناف، والأنصار هم الأوس والخزرج وحلفاؤهم ومواليهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏منهم أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي‏)‏ هكذا جزم بأن اسم أبي بكر عبد الله وهو المشهور، ويقال كان اسمه قبل الإسلام عبد الكعبة وكان يسمى أيضا عتيقا، واختلف هل هو اسم له أصلي أو قيل له ذلك لأنه ليس في نسبه ما يعاب به أو لقدمه في الخير وسبقه إلى الإسلام أو قيل له ذلك لحسنه أو لأن أمه كان لا يعيش لها ولد فلما ولد استقبلت به البيت فقالت اللهم هذا عتيقك من الموت أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بأن الله أعتقه من النار، وقد ورد في هذا الأخير حديث عن عائشة عند الترمذي، وآخر عن عبد الله بن الزبير عند البزار، وصححه ابن حبان وزاد فيه ‏"‏ وكان اسمه قبل ذلك عبد الله بن عثمان ‏"‏ وعثمان اسم أبي قحافة لم يختلف في ذلك كما لم يختلف في كنية الصديق ولقب الصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وقيل‏:‏ كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء‏.‏

وروى الطبراني من حديث علي ‏"‏ أنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق ‏"‏ رجاله ثقات‏.‏

وأما نسبه فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب، وعدد آبائهما إلى مرة سواء، وأم أبي بكر سلمى وتكنى أم الخير بنت صخر بن مالك بن عامر بن عمرو المذكور، أسلمت وهاجرت، وذلك معدود من مناقبه، لأنه انتظم إسلام أبويه وجميع أولاده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله عز وجل‏:‏ ‏(‏للفقراء المهاجرين‏)‏ الآية‏)‏ ساقها الأصيلي وكريمة إلى قوله ‏(‏هم الصادقون‏)‏ وأشار المصنف بهذه الآية إلى ثبوت فضل المهاجرين لما اشتملت عليه من أوصافهم الجميلة وشهادة الله تعالى لهم بالصدق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الله تعالى‏:‏ ‏(‏إلا تنصروه فقد نصره الله‏)‏ الآية‏)‏ ساق في رواية الأصيلي وكريمة إلى قوله‏:‏ ‏(‏إن الله معنا‏)‏ وأشار المصنف بها إلى ثبوت فضل الأنصار فإنهم امتثلوا الأمر في نصره، وكان نصر الله له في حال التوجه إلى المدينة بحفظه من أذى المشركين الذين اتبعوه ليردوه عن مقصده‏.‏

وفي الآية أيضا فضل أبي بكر الصديق لأنه انفرد بهذه المنقبة حيث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السفرة ووقاه بنفسه كما سيأتي، وشهد الله له فيها بأنه صاحب نبيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس‏:‏ كان أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار‏)‏ أي لما خرجا من مكة إلى المدينة، حديث عائشة سيأتي مطولا في ‏"‏ باب الهجرة إلى المدينة ‏"‏ وفيه ‏"‏ ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور ‏"‏ الحديث‏.‏

وحديث أبي سعيد أخرجه ابن حبان من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عنه في قصة بعث أبي بكر إلى الحج، وفيه ‏"‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنت أخي وصاحبي في الغار ‏"‏ الحديث‏.‏

وحديث ابن عباس في تفسير براءة في قصة ابن عباس مع ابن الزبير، وفيها قول ابن عباس ‏"‏ وأما جده فصاحب الغار ‏"‏ يريد أبا بكر، ولابن عباس حديث آخر لعله أمس بالمراد، أخرجه أحمد والحاكم من طريق عمرو بن ميمون عنه قال‏:‏ ‏"‏ كان المشركون يرمون عليا وهم يظنون أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر فقال‏:‏ يا رسول الله، فقال له علي‏:‏ إنه انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ‏"‏ الحديث‏.‏

وأصله في الترمذي والنسائي دون المقصود منه هنا‏.‏

وروى الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فأنزل الله سكينته عليه‏)‏ قال‏:‏ ‏"‏ على أبي بكر ‏"‏ وروى عبد الله بن أحمد في ‏"‏ زيادات المسند ‏"‏ من وجه آخر عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار ‏"‏ الحديث، ورجاله ثقات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ مُرْ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَيَّ رَحْلِي فَقَالَ عَازِبٌ لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ قَالَ ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنْ الطَّلَبِ أَحَدًا فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ فَقُلْتُ هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَنَا قَالَ نَعَمْ فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنْ الْغُبَارِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ فَقَالَ هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالْأُخْرَى فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقْتُهُ قَدْ اسْتَيْقَظَ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قُلْتُ قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَلَى فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَقُلْتُ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن رجاء‏)‏ هو الغداني بضم المعجمة وتخفيف الدال المهملة وبعد الألف نون بصري ثقة، وكذا بقية رجال الإسناد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال عازب‏:‏ لا حتى تحدثنا‏)‏ كذا وقع في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق، وقد تقدم في ‏"‏ علامات النبوة ‏"‏ من رواية زهير عن أبي إسحاق بلفظ ‏"‏ فقال لعازب‏:‏ ابعث ابنك يحمله معي، قال‏:‏ فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي‏:‏ يا أبا بكر حدثني ‏"‏ وظاهرهما التخالف، فإن مقتضى رواية إسرائيل أن عازبا امتنع من إرسال ولده مع أبي بكر حتى يحدثهم، ومقتضى رواية زهير أنه لم يعلق التحديث على شرط، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن عازبا اشترط أولا وأجابه أبو بكر إلى سؤاله، فلما شرعوا في التوجه استنجز عازب منه ما وعده به من التحديث ففعل، قال الخطابي‏:‏ تمسك بهذا الحديث من استجاز أخذ الأجرة على التحديث؛ وهو تمسك باطل، لأن هؤلاء اتخذوا التحديث بضاعة، وأما الذي وقع بين عازب وأبي بكر فإنما هو على مقتضى العادة الجارية بين التجار بأن أتباعهم يحملون السلعة مع المشتري سواء أعطاهم أجرة أم لا، كذا قال، ولا ريب أن في الاستدلال للجواز بذلك بعدا، لتوقفه على أن عازبا لو استمر على الامتناع من إرسال ابنه لاستمر أبو بكر على الامتناع من التحديث، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا أنا براع‏)‏ لم أقف على تسميته ولا على تسمية صاحب الغنم، إلا أنه جاء في حديث عبد الله بن مسعود شيء تمسك به من زعم أنه الراعي، وذلك فيما أخرجه أحمد وابن حبان من طريق عاصم، عن زر عن ابن مسعود قال‏:‏ ‏"‏ كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال‏:‏ يا غلام هل من لبن‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، ولكني مؤتمن ‏"‏ الحديث وهذا لا يصلح أن يفسر به الراعي في حديث البراء لأن ذاك قيل له‏:‏ ‏"‏ هل أنت حالب‏؟‏ فقال‏:‏ نعم ‏"‏ وهذا أشار بأنه غير حالب، وذاك حلب من شاة حافل وهذا من شاة لم تطرق ولم تحمل، ثم إن في بقية هذا الحديث ما يدل على أن قصته كانت قبل الهجرة لقوله فيه‏:‏ ‏"‏ ثم أتيته بعد هذا فقلت‏:‏ يا رسول الله علمني من هذا القول ‏"‏ فإن هذا يشعر بأنها كانت قبل إسلام ابن مسعود، وإسلام ابن مسعود كان قديما قبل الهجرة بزمان، فبطل أن يكون هو صاحب القصة في الهجرة، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فشرب حتى رضيت‏)‏ وقع في رواية أوس عن خديج عن أبي إسحاق ‏"‏ قال أبو إسحاق فتكلم بكلمة والله ما سمعتها من غيره ‏"‏ كأنه يعني قوله‏:‏ ‏"‏ حتى رضيت ‏"‏ فإنها مشعرة بأنه أمعن في الشرب، وعادته المألوفة كانت عدم الإمعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد آن الرحيل يا رسول الله‏)‏ أي دخل وقته، وتقدم في علامات النبوة ‏"‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألم يأن للرحيل‏؟‏ قلت‏:‏ بلى ‏"‏ فيجمع بينهما بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بدأ فسأل، فقال له أبو بكر بلى، ثم أعاد عليه بقوله ‏"‏ قد آن الرحيل ‏"‏ قال المهلب بن أبي صفرة‏:‏ إنما شرب النبي صلى الله عليه وسلم من لبن تلك الغنم لأنه كان حينئذ في زمن المكارمة، ولا يعارضه حديثه ‏"‏ لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه ‏"‏ لأن ذلك وقع في زمن التشاح، أو الثاني محمول على التسور والاختلاس والأول لم يقع فيه ذلك بل قدم أبو بكر سؤال الراعي هل أنت حالب‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، كأنه سأله هل أذن لك صاحب الغنم في حلبها لمن يرد عليك‏؟‏ فقال‏:‏ نعم أو جرى على العادة المألوفة للعرب في إباحة ذلك والإذن في الحلب على المار ولابن السبيل، فكان كل راع مأذونا له في ذلك‏.‏

وقال الداودي‏:‏ إنما شرب من ذلك على أنه ابن سبيل وله شرب ذلك إذا احتاج، ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وأبعد من قال‏:‏ إنما استجازه لأنه مال الحربي، لأن القتال لم يكن فرض بعد ولا أبيحت الغنائم‏.‏

وقد تقدم شيء من هذه المباحث في هذه المسألة في آخر اللقطة، وفيها الكلام على إباحة ذلك للمسافر مطلقا‏.‏

وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم‏:‏ خدمة التابع الحر للمتبوع في يقظته والذب عنه عند نومه، وشدة محبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وأدبه معه وإيثاره له على نفسه، وفيه أدب الأكل والشرب واستحباب التنظيف لما يؤكل ويشرب، وفيه استصحاب آلة السفر كالإداوة والسفرة ولا يقدح ذلك في التوكل، وستأتي قصة سراقة في الهجرة مستوفاة إن شاء الله تعالى، وأوردها هنا مختصرة جدا وفي علامات النبوة أتم ‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أورد الإسماعيلي هذا الحديث عن أبي خليفة عن عبد الله بن رجاء شيخ البخاري فيه فزاد في آخره ‏"‏ ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه ‏"‏ فذكر القصة مطولة، وسأذكر ما فيها من الفوائد في ‏"‏ باب الهجرة ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تريحون بالعشي، تسرحون بالغداة‏)‏ هو تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون‏)‏ وهو تفسير أبي عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ وثبت هذا في رواية الكشميهني وحده، والصواب أن يثبت في حديث عائشة في قصة الهجرة فإن فيه ‏"‏ ويرعى عليها عامر بن فهيرة ويريحهما عليهما ‏"‏ فهذا هو محل شرح هذه اللفظة بخلاف حديث البراء فلم يجر فيه لهذه اللفظة ذكر، والله تعالى أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ثابت‏)‏ في رواية حبان بن هلال في التفسير عن همام ‏"‏ حدثنا ثابت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس عن أبي بكر‏)‏ في رواية حبان المذكورة ‏"‏ حدثنا أنس حدثني أبو بكر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار‏)‏ زاد في رواية حبان المذكورة ‏"‏ فرأيت آثار المشركين ‏"‏ وفي رواية موسى بن إسماعيل عن همام في الهجرة ‏"‏ فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو أن أحدهم نظر تحت قدميه‏)‏ فيه مجيء ‏"‏ لو ‏"‏ الشرطية للاستقبال خلافا للأكثر واستدل من جوزه بمجيء الفعل المضارع بعدها كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم‏)‏ ، وعلى هذا فيكون قاله حالة وقوفهم على الغار، وعلى القول الأكثر يكون قاله بعد مضيهم شكرا لله تعالى على صيانتهما منهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ لو أن أحدهم نظر تحت قدميه ‏"‏ في رواية موسى ‏"‏ لو أن بعضهم طأطأ بصره ‏"‏ وفي رواية حبان ‏"‏ رفع قدميه ‏"‏ ووقع مثله في حديث حبشي بن جنادة أخرجه ابن عساكر، وهي مشكلة فإن ظاهرها أن باب الغار استتر بأقدامهم، وليس كذلك إلا أن يحمل على أن المراد أنه استتر بثيابهم، وقد أخرجه مسلم من رواية حبان المذكورة بلفظ ‏"‏ لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه ‏"‏ وكذا أخرجه أحمد عن عفان عن همام، ووقع في مغازي عروة بن الزبير في قصة الهجرة قال‏:‏ ‏"‏ وأتى المشركون على الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه، وسمع أبو بكر أصواتهم فأقبل عليه الهم والخوف، فعند ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تحزن إن الله معنا‏)‏ ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه السكينة، وفي ذلك يقول الله عز وجل ‏(‏إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا‏)‏ الآية ‏"‏ وهذا يقوي أنه قال ما في حديث الباب حينئذ، ولذلك أجابه بقوله‏:‏ ‏(‏لا تحزن‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما‏)‏ في رواية موسى ‏"‏ فقال اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ‏"‏ وقوله اثنان خبر مبتدأ محذوف تقديره نحن اثنان، ومعنى ثالثهما ناصرهما ومعينهما، وإلا فالله ثالث كل اثنين بعلمه، وستأتي الإشارة إلى ذلك في تفسير براءة‏.‏

وفي الحديث منقبة ظاهرة لأبي بكر، وفيه أن باب الغار كان منخفضا إلا أنه كان ضيقا، فقد جاء في ‏"‏ السير للواقدي ‏"‏ أن رجلا كشف عن فرجه وجلس يبول فقال أبو بكر ‏"‏ قد رآنا يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ لو رآنا لم يكشف عن فرجه ‏"‏ وسيأتي مزيد لذلك في قصة الهجرة إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ اشتهر أن حديث الباب تفرد به همام عن ثابت، وممن صرح بذلك الترمذي والبزار، وقد أخرجه ابن شاهين في ‏"‏ الأفراد ‏"‏ من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت بمتابعة همام، وقد قدمت له شاهدا من حديث حبشي بن جنادة، ووجدت له آخر عن ابن عباس أخرجه الحاكم في ‏"‏ الإكليل‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (بقيةكِتَاب الْمَنَاقِبِ )10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَنَاقِبِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَنَاقِبِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَنَاقِبِ )3
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَنَاقِبِ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كِتَاب الْمَنَاقِبِ )5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: