باب قول الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم
3839 حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قالوا هؤلاء قريش قال من الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء أتحدثني قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال نعم قال فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال فكبر قال ابن عمر تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان اذهب بهذا الآن معك
الشروح
- ص 421 - قوله : إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان اتفق أهل العلم بالنقل على أن المراد به هنا يوم أحد . وغفل من قال : يوم بدر ؛ لأنه لم يول فيها أحد من المسلمين . نعم المراد بقوله تعالى : وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وهي في سورة الأنفال يوم بدر ، ولا يلزم منه أن يكون حيث جاء التقى الجمعان المراد به يوم بدر . قوله : استزلهم أي زين لهم أن يزلوا ، وقوله : ببعض ما كسبوا قال ابن التين : يقال : إن الشيطان ذكرهم خطاياهم فكرهوا القتال قبل التوبة ، ولم يكرهوه معاندة ولا نفاقا ، فعفا الله عنهم . قلت : ولم يتعين ما قال ، فيحتمل أن يكونوا فروا جبنا ومحبة في الحياة لا عنادا ولا نفاقا ، فتابوا فعفا الله عنهم . ثم ذكر حديث ابن عمر في قصة عثمان ، وقد تقدم شرحه في مناقب عثمان ، وقدمت أني لم أقف على اسمه صريحا ، إلا أنه يحتمل أن يكون هو العلاء بن عرار . ثم رأيت لبعضهم أن اسمه حكيم فليحرر . وفي الرواية المتقدمة أنه من أهل مصر ، ثم وجدت الجزم بالعلاء بن عرار وهما بالمهملات وذلك في مناقب عثمان ، ويأتي بأبسط من ذلك في تفسير وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة من سورة البقرة .
وقوله في هذه الرواية : " أنشدك بحرمة هذا البيت " فيه جواز مثل هذا القسم عند أثر عبد الله بن عمر لكونه لم ينكر عليه ، وسيأتي البحث في شيء من هذا في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى .
قوله : ( إني سائلك عن شيء ، أتحدثني ؟ ) زاد في رواية أبي نعيم المذكورة " قال : نعم " .
باب إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون تصعدون تذهبون أصعد وصعد فوق البيت
3840 حدثني عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم
الشروح
- ص 422 - قوله : ( باب إذ تصعدون ولا تلوون على أحد - إلى قوله - بما تعملون ) .
قوله : تصعدون تذهبون ، أصعد وصعد فوق البيت ) سقط هذا التفسير للمستملي ، كأنه يريد الإشارة إلى التفرقة بين الثلاثي والرباعي ، فالثلاثي بمعنى ارتفع والرباعي بمعنى ذهب . وقال بعض أهل اللغة : أصعد إذا ابتدأ السير . وقوله : فأثابكم غما بغم روى عبد بن حميد من طريق مجاهد قال : " كان الغم الأول حين سمعوا الصوت أن محمدا قد قتل ، والثاني لما انحازوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وصعدوا في الجبل فتذكروا قتل من قتل منهم فاغتموا " ومن طريق سعيد عن قتادة نحوه وزاد " وقوله : لكيلا تحزنوا على ما فاتكم أي من الغنيمة ولا ما أصابكم أي من الجراح وقتل إخوانكم " . وروى الطبري من طريق السري نحوه لكن قال : " الغم الأول ما فاتهم من الغنيمة والثاني ما أصابهم من الجراح " وزاد قال : " لما صعدوا أقبل أبو سفيان بالخيل حتى أشرف عليهم فنسوا ما كانوا فيه من الحزن على من قتل منهم واشتغلوا بدفع المشركين " .
ثم ذكر المصنف طرفا من حديث البراء في قصة الرماة وقد تقدم شرحه قريبا .