وجع الغربة مؤلم ، أيها القادم من هناك ، رسالة يوجهها الشاعر بالواضح إلى كل العقول المهاجرة ، كي تحترس بأقدامها الناعمة على شوك براري الهجرة حتى لا تدميها منذ الصدمة الأولى ، فخرائط العالم حروب غير عادلة تزكم أنوف الوافدين بلا استئذان.
وبما أن للغربة وجهين ، فالشاعر يمقت الوجه الآخر المدنس لغربته ، ويلعنه بكرة وأصيلا :
أيها القادم من هناك/كيف تسير في جنازة وطننا /وأنت تتلذذ بغنائمك /وتحاصرنا/وتداهمنا بوحشيتك/وتستحوذ لنفسك أكسجين حياتنا/ما أتعسك أيها الصليبي الأبله ص14
باسم الديموقراطية تنتهك حقوق الشعوب العربية” اما الشعر فهو العزاء الوحيد في الغربة ”
كلما اختليت خلسة إلى الشعر
ينساب الانزواء في مساماتي
و يقاسمني مرارة الانكسارات
كأنه غمامة متنكرة” بزي الرذاذ”
عن الكتاب المغاربة ، عن الهجرة والاغتراب ، يروي الشاعر بن يونس ماجن في حوار مثير نقل عبره حسن الوزاني تفاصيل حياة شاعر مغربي ترك بصمات دالة على مستوى الإنتاج الأدبي العربي في بريطانيا ”
يقول ابن ماجن “”جئت إلى بريطانيا كعامل يدوي مهاجر للبحت عن لقمة عيش لأعيل بها عائلتي ، ولتحسين أحوالي المعيشية ، ولأحصل على وضعية اجتماعية أفضل. كانت فلسفتي في الحياة الخبز أولا، الثقافة ثانيا” مضيفا ”
لهذا ، أنا قبل كل شيئ “فكانسي” لفظ يطلقه المغاربة على المهاجرين ابن مرحلة السبعينيات” قبل أن أكون كاتبا وشاعرا”
يعترف الشاعر للوهلة الأولى باعتزازه بوطنيته ” أعيش في لندن مناخا مغربيا محضا، رغم أنني بعيد كل البعد عن التظاهرات الثقافية العربية. لا دخل لي في السجلات الثقافية ، ولا أنتمي إلى نوادي أدبية ، ولا أحضر اللقاءات الشعرية.. أتفاعل مع النت.. بتواصلي مع بقية المبدعين المغاربة والمشارقة.
لكن، كيف يتسنى للشاعر ان ينتج شعرا رفيعا يتسم بالكونية، وهو في شبه عزلة عن العالم؟ يجيب الشاعر ”
أتابع عن كثب إبداعات المغاربة على الشبكة العنكبوتية، وأقرأ عن أنشطتهم الثقافية في الملاحق الثقافية للمجلات والجرائد التي تصلني في مقر عملي.
وعبر الانترنت نتبادل أخبار آخرالاصدارات ونجري الحوارات الثقافية ونناقش أفكار المبدعين والمبدعات في جميع المجالات”.
فالكاتب لا يشعر طوال تجربته الشعرية،” بأن هناك مشكلة لغوية” ، إذ يكتب باللغات العربية والفرنسية والانجليزية . ويؤكد أن الاغتراب أنضجه شعريا ولغويا” فلم ينسلخ عن واقعه المغربي و العربي ,ولم يعان كغيره من أدباء المهجر” من مشكلة الذوبان وفقدان الهوية”
عن نظرته إلى واقع الثقافة والإبداع في موطنه الأصلي يصرح الشاعر ابن ماجن لحسن الوزاني “.
أعتز وأفتخر وأقول – على ما اعلم – أنني “الفكانسي” المغربي الوحيد من الرعيل الأول الذي يبدع في الشعر وتصدر له الدواوين الشعرية من آن لآخر” ويضيف قائلا” رغم أنني أجهل الكثير عن الإبداع في المغرب- ان هناك تجارب شعرية شابة تستحق الاهتمام والتشجيع لأنها في اعتقادي ، تقدم تجربة مثيرة ومبدعة وذائقة شعرية جديدة ”
وفي المغرب شعراء عديدون بطبيعة الحال منهم الجيد ومنهم الرديء وليس كل ما يكتبونه نضعه في خانة الشعر..
لكن مالذي أضافته الغربة في إلى سجل الشاعر المغربي ؟
“منحتني لندن فضاءات واسعة ومناخات إنسانية.. وأتاحت لي النفاذ الى جوهر المنجزات الثقافية الغربية .. ووجدت فيها المناخ الذي يناسب تجربتي الشعرية..
كذلك لعبت لندن دورا هاما في ابداعاتي الشعرية بضبابها وطقسها المتغير وشرائح سكانها المتنوعة الأجناس وبنهرها التايمس الهائم بين الضباب والصقيع،